المرأة بين الحرية والتحرُّر!

منذ 2014-03-20

أتكلَّم الآن عن تلك الدعاوى الباطلة؛ فالغرب يريدون المرأة عارية تبيع عِفَّتها وطهارتها بعَرض الدنيا، تُصاحِب من تُصاحِب! وتُرافِق من تُرافِق!

الحرية مصطلح يفهمه الكثير بطريقةٍ خاطئة! يعتقد أنه حُرٌ في كل شيءٍ وأي شيء؛ حتى وإن أضرَّ بالآخرين حتى وإن تخطى القيم والأخلاق!

ولكن الحرية في رأيي: أن آكل ما أريد، أشرب ما أريد، ألبس ما أريد، أنفق أموالي فيما أريد، أتزوج بمن أريد، أتعلَّم ما أشاء، أُربِّي أولادي كما يحلو لي طالما أن كل هذه الأشياء تدور في إطار من الشرع والمباح، وطالما أنها تحافظ على كرامتي وعِفَّتي وحيائي، وعلى أسرتي وكياني.. ولا ثؤثر على غيري بالسلب أو تضرُّ به.

هناك مصطلح آخر هو التحرُّر؛ وهو ما يُروِّج له الغرب الآن بدعوى حقوق المرأة المسلمة، وإعطائها الحرية المسلوبة منها على حدِّ زعمهم وعدم التمييز ضدها، لكن التحرُّر في رأيي التخلي عن القيم والأخلاق، التخلي عن العِفَّة والطهارة تكسير كل القيود التي تحفظ كرامتي وتُحصِّنني من الذئاب، محاربة الخالق جل وعلا والخلاص من الخصائص التي خصَّني بها...

هذا هو رأيي في معنى الحرية والتحرُّر ومن له رأي آخر فأتمنى أن يفيدنا به...

إن الله تعالى خلقنا وأحسن خْلْقنا، ووضع لنا سبحانه وتعالى الأساس والمنهج الذي يجب أن نسير عليه؛ لنهنأ في الدنيا والآخرة.

وجعل الإنسان مُخيَّر في أن يسير على هذا المنهج الرباني أو يَحيد عنه، فمن أراد رضا الله سار وِفق منهجه وارتضى شريعته، ومن أراد أن يسير في رِكاب إبليس وأراد التحرُّر من تلك الأوامر الربانية فله ما شاء وفي الآخرة الكل عائد إلى الله... فإما جنة كتبها الله لنا جميعًا وإما نار أعاذنا الله منها.

والله سبحانه وتعالى خلقنا من نفسٍ واحدة، ولم يخلق الرجل من نفسٍ أعلى مرتبة من التي خلق منها المرأة. وما يؤكد كلامي قوله تعالى موجِّهًا الكلام للناس جميعًا الذكر والأنثى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء من الآية:1].

فلِلَّه الحمدُ والمِنَّة أن ساوى بين الذكر والأنثى في كل شيء؛ في الخَلق والحياة والمعاملات في الثواب وفي العقاب، وجعل لكل واحد منهما شخصيته المستقلة بعيدًا عن التبعية والعبودية فلا عبودية إلا لله تعالى، بل أنه سبحانه وتعالى كرَّم المرأة بأن جعلها الأم والحاضِن لجنس الإنسان، وهو أكرم المخلوقات على الأرض...

فما بال تلك الدعاوى الغربية التي تُطلُّ علينا بين الحين والآخر بدعوى تحرير المرأة وإعطائها حقوقها المسلوبة؟!

أي تحرير يريدونه وأي حق يحفظونه لها؟!

لقد خلق الله المرأة حُرّة لها شخصيتها التي تُميِّزها، ولها حق الاستقلال في مالها واختياراتها.. حُرَّةٌ في أن تدير أموالها بنفسها أو تُوكِّل به أحد، وأعطاها حق الاختيار فهي من تختار شريك حياتها، وتتفق معه على الأسلوب الأمثل الذي يسعدهم.

لا أحد يفرض عليها شيء إلا بشرع الله وحكمه، تلك هي الحرية الحقة أما ما يريده هؤلاء الأدعياء، فليس بحرية؛ بل تحرُّر من القيم والأخلاق! تحرُّر من البيت والزوج والأولاد... تحرُّر من الحلال الطيب للحرام الخبيث!

أنا لن أُعدِّد حقوق المرأة التي كفلها الإسلام لها فالكل يعلمها جيدًا، ولن أتكلم عن الإسلام كيف أعاد للمرأة حقها المسلوب، بعد أن كانت في الجاهلية قبل الإسلام مثل أي شيء يمتلكه الرجل تُورث من بعده للورثة ليس لها قيمة أو حق في أي شيء فالكل أيضًا يعلم ذلك...

أنا أتكلَّم الآن عن تلك الدعاوى الباطلة؛ فالغرب يريدون المرأة عارية تبيع عِفَّتها وطهارتها بعَرض الدنيا، تُصاحِب من تُصاحِب! وتُرافِق من تُرافِق! ليس عليها ولاية لا من زوجٍ أو أب أو شرع! يريدونها مسخ ترتدي زِي الرجال تحلق رأسها... تطيل شعرها ليس مهم،! تكون صاحبة عضلات مفتولة أو سبَّاحة ماهرة، أو مصارِعة في حلبة الثيران، وليس مهم أن تضيع أنوثتها وعِفَّتها ويَضيع كل ما هو ناعم ورقيق يُميزها!

المهم هو هدم المجتمع من خلالها محاربة الإسلام عن طريقها، فماذا سيخرج من تلك المرأة الممسوخة إلا جنين مُشوَّه لا يحمِل قيمة، ولا يُحِلّ حلال ولا يُحرِّم حرام.. ولا ينهض بمجتمعه وأمته...!

يريدون مسخها وتدنيسها لأنها ببساطة هي أساس المجتمع؛ فبها الصلاح للأمة وبها الفساد يجعلون من أنفسهم المنجِد والمخلِّص للمرأة المسلمة.

نصَّبوا أنفسهم بأن يكونوا حماة لحقوق الإنسان! ونسوا أنهم انتهكوا كل المعاني السامية لحقوق الإنسان؛ نسوا أنهم هم من يقتلون المسلمين في كل مكان، ويُشرِدونهم ويغتصبون أراضيهم! نسوا سجونهم التي يُعذِّبون فيها المسلمين ويغتصبون فيها النساء.

أليست هذه هي المرأة التي يريدون تحريرها والحفاظ على حقها؟!

أين حقها وهم ينتهكون عِرضها ويُدنِّسون شرفها؟ ويقتلون طفلها وزوجها؟!

أي حق هذا الذي يدَّعونه؟ وأي حرية يريدونها للمرأة المسلمة؟!

وللأسف؛ هناك من بني جلدتنا من باع دينه، واتبع هواه، وغرَّته الدعاوى البراقة، يُعين هؤلاء في نشر أغراضهم الدنيئة والدعوى لهم في كل مكان!

وللأسف أيضًا؛ هناك من النساء من صدَّقت تلك الدعاوى؛ وأصبحت تبارز الرجال ندٌ بندٍ... تحمل الحديد وتُربِّي العضلات! تعرَّت وأصبحت سبَّاحة يُشار لها بالبنان! مسخت جسدها، وأضاعت إنوثته ورِقَّته التي تُميِّزها عن الرجال!

أصبحت تعابير وجهها قاسية مثل الرجل بسبب تلك الرياضات العنيفة، جرت وراء دعاوى كاذبة وصدَّقتها دعاوى ما أرادت إلا هدمها وصوَّرت لها الهلاك على أنه نجاح!

أختي المسلمة! انتبهي لا تجعلي تلك الشعارات البرَّاقة من الخارج تؤثر فيكِ، لا تنجرفي في تيارها جاهدي كل من يريد إيصال تلك الدعاوي لكِ ولمن حولكِ، لا تجعليهم يصلون لكِ أو لابنتكِ أو لأختكِ أو أمكِ.

كوني حائط صدٍ لهم، هم يريدون أن يقضوا على الإسلام من خلالكِ؛ فأنتِ الأسرة التي هي نواة المجتمع، أنتِ كيان الأمة...

فاللهم احفظ المسلمين ونسائهم، اللهم عليك بمن يريد السوء للإسلام والمسلمين.

أعتذر في الإطالة في الحديث؛ ولكن أصبح الأمر صعب بتلك الوثائق التي تخرج علينا كل وقت. وللأسف يُهلِّل ويُروَّج لها مسلمون لا يُحكِّمون عقولهم وجرفتهم الأهواء...!

والله المستعان.


 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أم سارة

كاتبة إسلامية من فريق عمل موقع طريق الإسلام

  • 30
  • 5
  • 64,423

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً