لا تحزن - اتخاذُ القرار (2)

منذ 2014-06-08

إنَّ منْ طبيعةِ المنافقين إفشال الخطَّةِ بكثرةِ تكرارِ القولِ، وإعادةِ النظرِ في الرأي: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ}. {الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}.

وقف أبو بكر الصدِّيق يستشيرُ الناس في حروبِ الردةِ، فأشار الناسُ كلهم عليه بعدمِ القتالِ، لكنَّ هذا الخليفة الصدِّيق انشرح صدرُه للقتالِ، لأن هذا إعزازٌ للإسلامِ، وقطْعٌ لدابر الفتنةِ، وسحقٌ للفئاتِ الخارجةِ على قداسةِ الدينِ، ورأى بنورِ اللهِ أن القتال خيرٌ، فصمَّم على رأيه، وأقسم: والذي نفسي بيدهِ، لأُقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاةِ والزكاةِ، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدُّونه لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتُهم عليه. قال عمر: فلما علمتُ أن الله شرح صدر أبي بكر، علمتُ أنه الحقُّ. ومضى وانتصر وكان رأيهُ الطيب المبارك، الصحيح الذي لا لُبْس فيه ولا عِوَجَ.

إلى متى نضطربُ ؟ وإلى متى نراوحُ في أماكنِنا ؟ وإلى متى نتردَّد في اتخاذِ القرارِ ؟ 

إذا كنت ذا رأي فكنْ ذا عزيمةٍ *** فإنَّ فساد الرأي أنْ تتردَّدا

إنَّ منْ طبيعةِ المنافقين إفشال الخطَّةِ بكثرةِ تكرارِ القولِ، وإعادةِ النظرِ في الرأي: {لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ}. {الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}.

إنهم يصطحبون "لو" دائماً، ويحبون "ليت" ويعشقون "لعلَّ" فحياتُهم مبنيةٌ على التسويقِ، وعلى الإقدامِ والإحجامِ، وعلى التذبذبِ،
{مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء}.
مرةً معنا ومرةً معهم، مرةً هنا ومرةً هناك. 

كما في الحديثِ: «كالشاة العائرةِ بين القطيعين من الغنمِ» وهو يقولون في أوقاتِ الأزماتِ: {لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ}. وهم كاذبون على اللهِ، كاذبون على أنفسهم، فهم يسرون وقت الأزمةِ، ويأتون وقت الرخاءِ وأحدُهم يقول: {ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي}. إنه لم يتخذ إلا قرار الإخفاقِ والإحباطِ. ويقولون في الأحزابِ: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ}. ولكنَّه التخلصُ من الواجبِ، والتملُّصُ من الحقِّ المبينِ.

 

عائض بن عبد الله القرني

حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة الإمام الإسلامية

  • 0
  • 0
  • 4,035
المقال السابق
اتخاذُ القرار (1)
المقال التالي
اثبتْ أُحُـدُ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً