{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} - شبهة ورد

منذ 2014-06-14

الكثير من منكري نسبة القرآن الكريم إلى الله عز وجل أو حتى المتشككين في عصمته من التحريف يرفضون الآية الكريمة: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9].

السلام عليكم ورحمة الله..

شبهة قوية:

الكثير من منكري نسبة القرآن الكريم إلى الله عز وجل أو حتى المتشككين في عصمته من التحريف يرفضون الآية الكريمة: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9].

كحجة في إثبات إلهية القرآن الكريم (أنه كلام الله) أو كحجة على عدم تحريفه، ويقولون كلامًا لا يخلو من المنطق أن الآية التي نحتج بها لإثبات إلهية القرآن وعصمته قد تكون جزءًا من التحريف الواقع في الكتاب أو حتى قد تكون جزءًا من كتاب بشري نُعت بانتمائه لله تعالى زورًا.

دحض الشبهة:

فرض جدلي؛ افترض جدلًا أن القرآن الكريم من تأليف بشر.. مُعطيات لا يجادل فيها مجادل:

1- منصوص في القرآن أنه من لدن الله تعالى وليس من لدن بشر.

2- حلاوة أسلوب القرآن وطلاوته وتميزه بأحكام التجويد بالمقارنة بأي نثر أو شعر، بغض الطرف عن محتواه، حتى أن الأديب الكبير طه حسين قد قسم اللغة العربية إلى نثرٍ وشعرٍ وقرآن، فلم يسعه أن يضم القرآن مع النثر أو الشعر في التصنيف لاختلافه البته عن سمت كليهما.

3- احتوى القرآنُ تحديًا للعالَمين على أن يأتوا بمثل أقصر سورةٍ من سوره.

4- العرب الذين لم يعترفوا بإلهية القرآن ظلوا أربعة عشر قرنًا من الزمان يحاولون إجابة التحدي ولم يستطيعوا بالرغم أن اللغة العربية كانت ميدان تفوقهم الرئيسي.

5- لا يوجد نسخ متعدِّدة من القرآن تختلف في محتواها، كما حدث في الكتاب المقدس لليهود والنصارى.

نتائج من الفرض الجدلي والمُعطيات:

أ- لا بد إن صح الفرض الجدلي أن يكون مؤلِّف القرآن هو عبقري لا يُشقُ له غبار في مجال الإبداع اللغوي، وعليه فإن عبقريته سوف تجنبه أن يقع في الأخطاء الخفية التي يمكن أن تكشف أنه هو مؤلف القرآن، ومن باب أولى ستجنبه الوقوع في الأخطاء الجلية لا سيما أنه من لوازم العبقرية الحرص على إتقان عمله وعدم توريط نفسه وفضحها.

ب- لا شك أن واضع القرآن إن كان بشرًا يعلم تمام العلم أنه من اليسير جدًا أن يتم تحريف القرآن بالزيادة أو بالنقصان بعد وفاته -سنستبعد التحريف التغييري لأنه سوف ينكشف عدم اتساقه مع أسلوب صياغة كتاب هذا البشر العبقري لغويًا-.

ج- سنفترض احتمالين:

1- الكاتب لا يهمه أن ينفضح أمره بعد وفاته، مع أن هذا ضد فطرة الناس أن تظل سيرتهم حسنة بعد وفاتهم: وفي هذه الحالة سيكون من الطبيعي بالرغم من عدم أهمية فضيحته هذه ألا يُورِّط نفسه فيها! فالبتأكيد عدم الفضيحة أفضل! إذن لن يُقدِم الكاتب العبقري أبدًا على حماقة كأن يضع آية تقول أن الكتاب من عند الله ولن يتم تحريفه بالزيادة أو النقصان لأن وضع هذه الآية بصددها أن تكشف عدم إلهية القرآن عندما يُحرِّفه البشر، كأمر طبيعي نتيجة لأهوائهم، مما يؤدي إلى ظهور نسخ مختلفة عن بعضها البعض منه بعد فترة من الزمان قصرت أم طالت، وعليه فإن وضعها يُبيِّن أن الآية كاذبة وبالتالي أن الكاتب نفسَه كاذب.

2- الكاتب يهمه ألا ينفضح أمره بعد وفاته: وفي هذه الحالة سيكون من المحال مع عبقريته المُتفقِ عليها وضعه لهذه الآية للأسباب نفسها الموجودة في الاحتمال (1)، وذلك من باب أولى.

الاستنتاج النهائي:

من (أ، ب، ج) نصل لنتيجة أنه من المحال على العبقري الذي ألَّف الكتاب أن يضع فيه تلك الآية المذكورة أعلاه تحديدًا، وهذا عكس الفرض الذي بدأنا به هذه المناقشة العقلية: إذن الفرض خاطئ وعليه فإن القرآن الكريم لا بد وأن يكون كلام إله قدرته لا نهائية بحيث يستطيع حتمًا أن يحفظه من التحريف أبدًا. وبذلك تكون الآية حجة على أمرين:

1- أن القرآن الكريم كلام الله ذي الطول.

2- أن القرآن الكريم آمن من التحريف ما بقيت السماوات والأرض.

والله أعلم.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 0
  • 0
  • 3,014

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً