تدبر - [293] سورة العنكبوت (2)

منذ 2014-08-02

إنهم قوم يزعمون الإيمان، ويتلبسون بزيه، ويتسننون بسمته {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة من الآية:8]، لكنه إيمان مشروط بالأمن والأمان، والسلامة الكامل، وهو اتباع مؤقت وادعاء لا يلبث إلا وينكشف عند أول محك من محكات الأذى في سبيل ما يؤمن به {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت من الآية:10].

وتعرض لنا سورة العنكبوت تفصيلًا دقيقًا لنمط مشاهد، ومألوف ونراه بشكل مطرد في حياتنا، إنه نمط الجبان الجشع، قد تأتي كل صفة منهما منفردة في بعض الشخصيات، لكن النموذج الذي تعرضه العنكبوت يلخص مدى دناءة اجتماع الصفتين معًا. 

إنهم قوم يزعمون الإيمان، ويتلبسون بزيه، ويتسننون بسمته {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة من الآية:8]، لكنه إيمان مشروط بالأمن والأمان، والسلامة الكامل، وهو اتباع مؤقت وادعاء لا يلبث إلا وينكشف عند أول محك من محكات الأذى في سبيل ما يؤمن به {فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت من الآية:10]. 

إنه لا يطيق الأذى العاجل، ويرسب في ابتلاء فتنة الضراء، وينسى أن تنازله عن الحق الذي عرفه سيورث عذابًا من نوع آخر لا يمكن مقارنته أبدًا بما جبن عن مواجهته عاجلًا ولم يستطع الصبر عليه.

المشكلة أنه لا يكتفي بجبنه ولا يتوارى بخذلانه وضعفه، بل سرعان ما يزاحم الصابرين عندما يتبدى المغنم ويأتي النصر، فيحرك مكامن الطمع في نفسه ويوقد نيران الجشع في قلبه {وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُم} [العنكبوت من الآية:10]، معكم!! ألم يكن مختفيًا حال المغرم، لم يسمع له أحد صوتًا، ولم يرع الحق الذي كان يحمله؟! بلى، لكنه الطمع حين يلتقي بالجبن فيورثا مزيجًا قميئًا من الخسة التي ربما لا تظهر للعامة لكن {أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت من الآية:10]، {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [العنكبوت:11].

 

  • 0
  • 0
  • 4,236
المقال السابق
[292] سورة العنكبوت (1)
المقال التالي
[294] سورة العنكبوت (3)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً