ولله العزة
العزة لله ولمن والاه.. حقيقة ناصعة لا يراها المنافق الذي طمس الله على قلبه وعينه وبصيرته، فلا يرى إلا ما وافق هواه وشهوته ومرض قلبه.. يرى العزة لغير الله! فيصغر في عينه كل من والى الله من المؤمنين.
العزة لله ولمن والاه..
حقيقة ناصعة لا يراها المنافق الذي طمس الله على قلبه وعينه وبصيرته، فلا يرى إلا ما وافق هواه وشهوته ومرض قلبه.. يرى العزة لغير الله! فيصغر في عينه كل من والى الله من المؤمنين.
لذا تجد المنافق دائمًا يطلب العزة ويرومها في أي طريق يخالف طريق الله، وعند أي بائع سلعة غير الجنة سلعة الله الغالية، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون من الآية:8].
"فجعل العِزَّة صِنْو الإيمان في القلب المؤمن؛ العِزَّة المستمدَّة من عِزَّته تعالى، العِزَّة التي لا تَهُون ولا تَهُن، ولا تنحني ولا تلين، ولا تُــزَايل القلب المؤمن في أحرج اللَّحظات، إلَّا أن يتضَعْضَع فيه الإيمان، فإذا استقرَّ الإيمان ورسخ، فالعِزَّة معه مستقِرَّة راسخة؛ {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، وكيف يعلمون وهم لا يتذوَّقون هذه العِزَّة، ولا يتَّصِلون بمصدرها الأصيل؟!" (في ظلال القرآن لسيِّد قطب).
قال البغوي في تفسيرها :
"فعزة الله: قهره من دونه، وعزة رسوله: إظهار دينه على الأديان كلها، وعزة المؤمنين: نصر الله إياهم على أعدائهم، {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، ذلك ولو علموا ما قالوا هذه المقالة".
وجاء في تفسير القرطبي للآية :
قال: "وروي أن عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول قال لأبيه: والذي لا إله إلا هو لا تدخل المدينة حتى تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأعز وأنا الأذل؛ فقاله! توهموا أن العزة بكثرة الأموال والأتباع، فبين الله أن العزة والمنعة والقوة لله".
قال الشوكاني في فتح القدير :
"ثم رد الله سبحانه على قائل تلك المقالة، فقال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}، أي القوة والغلبة لله وحده ولمن أفاضها عليه من رسله وصالحي (ص:1495)، عباده لا لغيرهم..
اللهم كما جعلت العزة للمؤمنين على المنافقين فاجعل العزة للعادلين من عبادك، وأنزل الذلة على الجائرين الظالمين، ولكن المنافقين لا يعلمون بما فيه النفع فيفعلونه، وبما فيه الضر فيجتنبونه، بل هم كالأنعام لفرط جهلهم ومزيد حيرتهم والطبع على قلوبهم".
وقد أخرج البخاري، ومسلم وغيرهما عن زيد بن أرقم قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصاب الناس شدة، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله، فاجتهد يمينه ما فعل، فقالوا: كذب زيد رسول الله، فوقع في نفسي مما قالوا شدة حتى أنزل الله تصديقي في: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ} [المنافقون من الآية:1]، فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم فلووا رءوسهم، وهو قوله: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ} [المنافقون من الآية:4]، قال: كانوا رجالاً أجمل شيء".
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: