الحب بين الموت والحياة!

منذ 2014-12-11

هل فكرتم من قبل أن دوران الكواكب حول الشموس هو حنين دائم للأم الكبيرة الشمس التي في الوسط؟.. ولكن ماذا لو أن دوران أحدهم توقف ماذا يكون مصير الكوكب الصغير؟


الجاذبية والحب.. هل من علاقة؟

هل فكرتم من قبل أن الأجسام الكونية تجذب بعضها البعض لحنين قديم كان ومازال موجودًا بينهم من لحظة أن كانوا جسمًا واحدًا، لحظة الانفجار العظيم؟ وما قوانين الجاذبية إلا صياغة رياضية لهذا الحنين وتغيره مع الكتلة والمسافة والسرعة؟

هل فكرتم من قبل أن دوران الكواكب حول الشموس هو حنين دائم للأم الكبيرة الشمس التي في الوسط؟.. ولكن ماذا لو أن دوران أحدهم توقف ماذا يكون مصير الكوكب الصغير؟ سيقط متهافتا على حبيبته الشمس ويذوب فيها تماما!.. الذوبان الكلي في المحبوب وما هو الموت بذاته!

الحب قد يفضي للهلاك؟!

هل فكرتم من قبل لو أن أحدكم سقط من علوٍ رهيب على أمه الأرض التي خرج منها حيًا والتي تتمنى أن يعود إليها دائمًا (التمني يتمثل في جاذبيتها المستمرة له!) ماذا تكون النتيجة؟ إنه الموت المحتم... فيكون هذا هو الحب الذي قتل.

هل فكرتم من قبل أننا حتى ونحن نمشي على الأرض مستقرين تجذبنا الأرض دومًا وتكون حياتنا رهنًا بأننا لا ننزل إلى أسفل سطحها عندما يتحقق غاية هذا الحب؟! إنه القبر، بطن الأرض الذي يحن إليك منذ أن خلقت من ترابه!.. فيكون هذا هو الحب الذي ينتهي بالموت!

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [غافر:67].

هل أدركتم كيف يمكن أن يكون حب البشر مُهلكا؟!..

إنه عندما يذوب المحب في محبوبه الأرضي ذوبانا فهذا هو الموت مقنع.. أتعلمون لماذا؟ إنه حب قد يمنع الإنسان من طاعة أو يدفعه إلى معصيته إرضاءً للمحبوب، بل يلهيه عن تذكر ربه وذكره.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [التغابن:14].

وقال تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة:24].

التوازن من أسرار الحياة!

إن خير الأمور الوسط. ويخلق الله دائمًا للتأثيرات تأثيرات معاكسة حتى يحصل التوازن.

هل فكرتم من قبل لماذا يتسع الكون دومًا؟! هل تعلمون أنه لولا هذا الاتساع لانتهت قصة حب الأجسام الكونية لبعضها نهاية أليمة؟ وهو رجوع الكون كله إلى سباته التام.

فقضى الله التوسع لذلك: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:47]، صدق الله العظيم.

فالاتساع الكوني هو تحرير محسوب للأجرام من جذبها بعضها البعض بحيث لا تصبح الجاذبية هي المهيمنة.

وأيضًا حافظ الله على الأجرام في حالة دوران دائب في فللك بعضها البعض كي يمنعها من التساقط بتأثير الجاذبية (الحب) وتستمر الحياة الدائبة المتوازنة بينهم  {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء:33].

وكذلك في عالم الإنسان فعندما يتصل الإنسان بربه فإنه ينطلق في آفاق الارتقاء الروحي فيبعد عن الطين بعدنا معنويا -بالرغم من كونه مجذوب له- ويقترب من السمو

قال تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب} [العلق:19].

وبالرغم من أن الأرض تشده إلى ذل الشهوات الأرضية إلا أنها هي نفسها تساعده في السمو إلى ربه وجعل الشهوات في اتجاه طاعة الله حريةً لا ذلًا!

ومن العجيب أن ذلك يحدث تمامًا في الكون، فالتوسع نفسه ظهر لعلماء الكونيات مضمرًا في معادلات الجاذبية!

وهنا تأتي نتيجة التوازن.. إن الحب المقنن بين البشر مفيد كالجاذبية المقننة بين الكواكب.. يحفظهم متآلفين في مجتمع واحد متحابين.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13].


وهو الحب بين الذكر والأنثى الذي قننه الله بالزواج ويكون نتيجته النسل والتعارف بين الشعوب ليستفيدوا جميعًا..


الخلاصة:

أحبب البشر ما شئت ولكن اجعل حبهم بما شرعه الله وفي طريق حب الله ومُوصلًا إليه ومُسخرًا له، والله أعلم.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 3
  • 1
  • 7,706

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً