الظلم ظلمات
الظلم عواقبه سيئة على الأمم والأفراد، وهو خُلق ذميم، وذنب عظيم، يحيل حياة الناس إلى شقاء وجحيم، ويأكل الحسنات، ويجلب الويلات على المجتمعات، قال الله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً}، ولشدة خطره وعظيم أثره كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستعاذة منه فيقول: «وأعوذ بك أن أَظلِم أو أُظلم».
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
الظلم عواقبه سيئة على الأمم والأفراد، وهو خُلق ذميم، وذنب عظيم، يحيل حياة الناس إلى شقاء وجحيم، ويأكل الحسنات، ويجلب الويلات على المجتمعات، قال الله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً} [الكهف:59]، ولشدة خطره وعظيم أثره كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستعاذة منه فيقول: « » (رواه النسائي).
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}»[هود:102].
وقال ابن تيمية: "إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام".
وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مليئة بالأحاديث والمواقف التي حرص النبي صلى الله عليه وسلم من خلالها على ترسيخ خطورة الظلم في نفوس أصحابه والمسلمين من بعدهم، وتحذر من الظلم وشره، وتبين آثاره على الأفراد والأمم، ومنها:
عن جابر رضي الله عنه قال: "لما رجع مهاجرو البحر –الحبشة- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: « » قال فتية منهم: بلى يا رسول الله! بينما نحن جلوس، إذ مرت عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قُلَّةً من ماء، فقام إليها فتىً من فتيانهم فوضع إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها، فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت: سوف تعلم يا غُدر –غادر- إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف يكون أمري وأمرك عنده غداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « »" (رواه ابن ماجه).
قال السِّندي: "« » أي: يُطَهِّرهم من الدَّنس والآثام".
وقال المناوي: "« »، استخبار فيه إنكار وتعجُّب، أي: أخبروني كيف يُطهِّر الله قومًا لا ينصرون العاجز الضَّعيف على الظَّالم القويِّ، مع تمكُّنهم من ذلك؟! أي: لا يطهِّرهم الله أبدًا، فما أعجب حالكم إن ظننتم أنَّكم مع تماديكم في ذلك يُطهِّركم!".
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه: "أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض الموهبة من ماله لابنها فالتوى بها سنة ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تُشْهِدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وهبتَ لابني، فأخذ أبي بيدي وأنا يومئذ غلام فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إن أم هذا بنت رواحة أعجبها أن أُشْهِدك على الذي وهبتُ لابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » قال: نعم، فقال: « » قال: لا، قال: « » -ظلم-" (رواه مسلم).
وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: "كنتُ أضرب غلامًا لي بالسَّوط، فسَمِعتُ صوتًا من خلفي: « »، فلم أفهم الصَّوت من الغضب، قال: فلمَّا دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: « »، قال: فألقيتُ السَّوط من يدي، فقال: « » ، قال: فقلتُ لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا، فقال صلى الله عليه وسلم: « »" (رواه مسلم).
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « »، فقال رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟! فقال صلى الله عليه وسلم: « »" (رواه مسلم).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: « » (رواه البخاري).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « » (رواه مسلم)، قال النووي: "قال القاضي: قيل هو على ظاهره فيكون ظلمات على صاحبه لا يهتدي يوم القيامة سبيلاً حتى يسعى نور المؤمنين بين أيديهم وبأيمانهم".
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا إلى اليمن، فقال: « » (رواه البخاري)، قال ابن حجر: "أي تجنب الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم، وفيه تنبيه على المنع من جميع نوازع الظلم"، وعن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (رواه الطبراني).
لا تظلمن إذا ما كنتَ مُقتدِرا *** فالظلم يرجع عقباه إلى الندمِ
تنام عينك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم
نسأل الله تعالى أن يجنبنا الظلم ما ظهر منه وما بطن والله تعالى أعلى وأعلم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
- التصنيف:
- المصدر: