لا تأكل بدينك فتخسر دنياك وأخراك
يا صاحب الدِّين والعلم والقدوة والأسوة: لا تأكل بدينك، ولا تَبذله رخيصًا مُهانًا، ولا تتزلَّف به لنَيل رضا مخلوق؛ طمعًا في دنيا زائلة، ولُقمةٍ عاجلة ومتاعٍ قليل، وما أتاك على هذا الوجه فاصفع به وجه صاحبه؛ فإنه الهَوان في مِسلاخ إكرام، والدَّنيَّة في ثياب عطيَّة!
ذكر الإمام الآجُرّيّ بإسناده إلى عيسى بن سنان، قال:
"سمعتُ وهب بن مُنبّه يقول لعطاء الخراساني: كان العلماء قبلنا استغنَوا بعلمهم عن دنيا غيرهم، فكانوا لا يلتفتون إلى دنياهم، فكان أهل الدنيا يبذلون لهم دنياهم رغبةً في علمهم، فأصبح أهل العلم منّا اليوم يبذلون لأهل الدنيا علمَهم رغبةً في دنياهم، فأصبح أهل الدنيا قد زهدوا في علمهم لِما رأوا من سوء موضعه عندهم..
فإياك وأبواب السلاطين، فإن عند أبوابهم فتنًا كمبارك الإبل، لا تصيب من دنياهم شيئًا إلا أصابوا من دينك مثله!
ثم علَّق الآجريّ قائلًا: فإذا كان يُخاف على العلماء في ذلك الزمان أن تفتنهم الدنيا! فما ظنّك في زمننا هذا؟ الله المستعان! ما أعظم ما قد حلَّ بالعلماء من الفتن وهم عنه في غفلة" (انظر: أخلاق العلماء).
قلتُ:
يرحم الله الإمام الآجريّ المُتوفَّى (360هـ) يقول هذا.. وقد كانت أزمانهم أزمان الدِّيانة والعلم والورع! فكيف لو رأى ما عليه بعض أهل الديانة في زماننا؟! فإلى الله المُشتكَى.
فيا صاحب الدِّين والعلم والقدوة والأسوة: لا تأكل بدينك، ولا تَبذله رخيصًا مُهانًا، ولا تتزلَّف به لنَيل رضا مخلوق؛ طمعًا في دنيا زائلة، ولُقمةٍ عاجلة ومتاعٍ قليل، وما أتاك على هذا الوجه فاصفع به وجه صاحبه؛ فإنه الهَوان في مِسلاخ إكرام، والدَّنيَّة في ثياب عطيَّة!
وكما قال عليَّ رضي الله عنه:
"خذوا العطاء ما كان طُعمةً، فإذا كان عن دينكم فارفضوه أشدَّ الرفض" (مصنَّف ابن أبي شيبة).
فصُن دينك واحفظْه تَسلَم وتَغنم، ومَن يَستعْفِف يُعفّه الله.
- التصنيف: