أهلُك أوَّلًا... لا تَهْلَك!
نعم، احمل هَمَّ المسلمين في العالم، ولكن أوّل المسلمين أهلُك.. واعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه ومستحقَه.. صرفَتْنا ميادينُ كنا نظنها بتلك الأهمية، وأن نتائجها بذلك المنظور، فإذا بنا لم نحقق ما صبونا إليه على حساب من فرطنا فيه.. ميادين تداعى لها جسد الأمة كلها، حتى لكأننا نسينا أنفسنا وأذهلت مرضعتنا عما تُرضِع.. وحُقَّ لنا، ولكن!
أهلُك أولا، ولو في أتون المعركة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ}[التحريم:6]، فرض عين عليك ذلك..
بعد التأمل الأليم والعميق، ظهر لي أن ميدانا في حياتك، ينبغي ألا يشغلك عنه أحد، ولا يجرفك عنه نهرٌ جارٍ ولو كان فيضانا يبلغ رؤوس الجبال.. ألا وهو ميدان الأسرة والولد!
نعم، صرفَتْنا ميادينُ كنا نظنها بتلك الأهمية، وأن نتائجها بذلك المنظور، فإذا بنا لم نحقق ما صبونا إليه على حساب من فرطنا فيه.. ميادين تداعى لها جسد الأمة كلها، حتى لكأننا نسينا أنفسنا وأذهلت مرضعتنا عما تُرضِع.. وحُقَّ لنا، ولكن!
تَحْمِلُ همّ الكرة الأرضية على رأسك، فإذا بك تفشل في إدارة دويلة تتكون من زوجتك وزيرة داخليتك، وشعب قِوامه أبناؤها من أفراد أسرتك!
أغاظ قلوبَنا الكفارُ، نعم، ولكن:{فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[فاطر:8]، تذهب نفسك حسرات ويسيل ماء حياة قلبك ويذوب ذوبان ملحةٍ في ماء، ويجف ماء مشاعرك، فإذا دخلت بيتك أو خرجت من مغناطيس حاسوبك فإذا بك بلا مشاعر ولا حنان، وربما بلا عقل!
{وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}[سوف: 84]، هذا إذا ابيضّت عينا رأسك حُزنا وسالت أسًى وأسفًا وذهبت حسرةً فكيف تُبصر طريقك إلى الله، وإلى أداء حقوق خلقه، فكيف إذا اسودَّت عين بصيرتك؟!
نعم، احمل هَمَّ المسلمين في العالم، ولكن أوّل المسلمين أهلُك.. فاعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه ومستحقَه.
قال أرحم الراحمين-سبحانه-:{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}[الكهف:6]، وقال:{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[الشعراء:3]
دعْ مِن نفسك لنفسك بما تقوم به بواجبك، فلا تُذهبها حسرات..
دعْ من نفسك لأَهْلِكَ، فلعلك مُهلكها أسفًا...
وتذكر أن الله معنا ما دمنا معه: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة:40].
أبو محمد بن عبد الله
باحث وكاتب شرعي ماجستير في الدراسات الإسلامية من كلية الإمام الأوزاعي/ بيروت يحضر الدكتوراه بها كذلك. أستاذ مدرس، ويتابع قضايا الأمة، ويعمل على تنوير المسيرة وتصحيح المفاهيم، على منهج وسطي غير متطرف ولا متميع.
- التصنيف:
- المصدر: