لماذا بُهِت النمرود؟!
عندما ادعى النمرود أنه يحيي ويميت، كان ادعاؤه بإحياء الموتى تحديدًا هو الفرية التي قد يخادع بها نفسه قبل الناس بأنه إله!
مقدمة:
العملية العكوسية reversible process في الفيزياء هي تلك التي لو صورتها في ملف فيديو، ثم أجريت هذا الملف بالعكس، من النهاية للبداية، لظهر ما تراه ممكنًا حدوثُه في الواقع.
مثل أن تصور قذفك لحجر بعيدًا عنك، ثم تجري الفيديو بالعكس، سترى ما يظهر لك ممكنًا جدًا، فإنه بإمكانك أن تقذف حجرًا آخر بالعكس بحيث تكون زاوية انطلاقه هي نفسها زاوية سقوط الحجر الأول، فتجد أن زاوية سقوطه هي نفسها زاواية انطلاق الحجر الأول!.
العملية اللاعكوسية irreversible process في الفيزياء هي تلك التي لو صورتها في ملف فيديو، ثم أجريت هذا الملف بالعكس، من النهاية للبداية، لظهر ما تراه مستحيلًا حدوثُه في الواقع.
مثل أن تصور انكسار كوب زجاجي وتفتته إلى أجزاء، فإنك لو أجريت فيديو هذا الحدث بالعكس لظهر لك هذا مستحيلًا.
لماذا بُهِت النمرود؟!
عندما ادعى النمرود أنه يحيي ويميت، كان ادعاؤه بإحياء الموتى تحديدًا هو الفرية التي قد يخادع بها نفسه قبل الناس بأنه إله! وذلك أن ظاهرالإماتة قد يُتَوَهَّم بيسرانه ممكن، وذلك باختلاط الأمر على الناس بين القتل والإماتة، وعليه فليس في الإماتة - إن تُوُهِمَ أنها هي نفسها القتل - أي قدرة خارقة! لكن إحياء الموتى ليس كذلك، فحمله مجازيًا - بإنقاذ من هو على وشك الموت من الموت مثلًا - لا قدرة خارقة فيه، أما ادعاء القدرة على إحياء الموتى، هو الذي فيه احتياج لقدرة خارقة، وهو الذي يمكن أن يُضَل به الناس، ذلك أنه ادعاءٌ للقدرة على عكس أكثر العمليات لاعكوسية على الإطلاق، وهي "الموت"! نعم، فإن انتقال الحي من الحياة إلى الموت هو أمر- لو نُظِر إليه بعين الفيزياء فقط، بعيدًا عن أمر الروح الغيبي - لا يستطيع فعله إلا الله.
حينها جاءت هداية الله تعالى لإبراهيم أبي الأنبياء بأن المهمة الحجة البالغة، فلم يناقش إبراهيم النمرود في أمر عكس هذه الظاهرة الكونية المعقدة البالغة اللاعكوسية، وهي ظاهرة الموت، لكنه نقل الحجة بأن تحداه بأن يقوم بعكس ظاهرة كونية عكوسية في طبيعتها وهي عملية دوران الأرض حول نفسها، فانتقال الشمس من المشرق إلى المغرب هو - فيزيائيًا - نفسه دوران الأض حول نفسها!
ولو أنك صورت الأرض وهي تدور حول نفسها ثم عكست جريان الفيديو لظهر لك أن هذا ليس مُستَغربا من حيث المبدأ الفيزيائي. حينها ظهر للنمرود مدى ضعفه وضعف حجته بأنه لا يستطيع عكس حتى العمليات العكوسية الكونية كدوران الكواكب، فكيف به أن يدعي القدرة على عكس أكثر العمليات اللاعكوسية في الكون وهو انتقال الكائن من الحياة إلى الموت؟!!.
إنها الحجة البالغة التي آتاها الله لإبراهيم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّـهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّـهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 258]، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: