تذوق المعاني - [21] أذكار الاستيقاظ

منذ 2016-06-26

فالاستيقاظ فى الصباح بعد النوم مثل الحياة بعد الموت، فما النوم إلا موت مؤقت قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر:42].

كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يُعلِّمُ أصحابَهُ يقولُ: «إذا أصبحَ أحدُكُم فليقُلْ: اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور» [ صحيح الترمذي [3391]).

«اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا»: فبقدرتك وأمرك رُدت إلينا أرواحنا، فبلغنا الحياة مصبحين بحولك وقوتك لا بحولنا وقوتنا.

«وبك نحيا وبك نموت»: بأمرك وقدرتك تستمر حياتنا حتى يحين الأجل، وبقوتك وقدرتك نموت وقت أن يحين الأجل.

«وإليك النشور»: ثم نعود إلى الحياة مرة آخرى بأمرك فنحيا بعد الموت.

فالاستيقاظ فى الصباح بعد النوم مثل الحياة بعد الموت، فما النوم إلا موت مؤقت قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر:42].

أما فى الليل فنقول إليك المصير، لأننا بعد يوم ننعم فيه بالحياة والنشاط نرد إلى النوم الذي هو الموت مرة ثانية.

 2. فى كتاب السني بإسناد صحيح، عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استيقظ أحدكم فليقل: الحمد لله الذى رد عليّ روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره»

«الحمد لله»: الثناء الكامل والشكر العميق لله تعالى.

«الذى رد علي روحي»: فأحياني بعد موتي ورد علي روحي، فاقترنت بجسدي مرة أخرى.

«وعافاني فى جسدي وأذن لي بذكره»: وهبني الصحة والعافية فى بدني حتى استطيع عبادته وذكره مرة أخرى، فليس ذلك إلا بأمره ومشيئته.

وذكر الله من أعظم النعم التي امتن الله على عباده بها، ومن تذوق معاني الذكر عرف، ومن عرف اغترف.

والله إن الإنسان ليمر بلحظات صعبة، ثم يُذكره الله أنه لم يقل أذكاره الصباحية أو المسائية -على حسب- ثم يبدأ فيها؛ وما إن ينتهي حتى يكون قد نسي همه.

ومثلها سائر الذكر فهو حياة القلوب بحق، يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» (رواه البخاري)! مثل الحي والميت! فلماذا يبدأ يومنا وينتهى دون تركيز منا أن نحي قلوبنا؟

ليس هكذا فقط.. إذ ذكرت الله عزوجل يكون معك حافظًا ومعينًا.. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي».. أنا معه إذا ذكرني! فما تريد أكثر من أن تكون في معية الله عزوجل!

يكمل النبي عن الرب عزوجل فيقول: «فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ».. فما تريد أفضل من ذلك؟

«وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» (متفق عليه).. هل رأيت ماذا نُضيع؟ وكم من أوقات وأنفس تذهب دون أن تعود.. كانت ممكن أن ستثمرها في التقرب ونحيي بها قلوبنا؟

جاء رجل لرسول الله يشتكي له أن شرائع الإسلام كثرت عليه، يريد أن يوصيه الرسول بشيء يتشبث به.. يتشبث به! فقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «لا يزالُ لسانُك رطبًا من ذكرِ اللهِ» (صحيح الترمذي)، هذا كان رده صلى الله عليه وسلم.. أن يتشبث بالذكر.. ويجعل لسانه رطبًا به، وذلك من كثرة الذكر.. فأين نحن؟!

من السنن المؤكدة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أذكار كان يقوله صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة، أذكار الصباح والمساء، التي يغفل فضلها الكثير منا ونغفل أن نقولها كل يوم أو نقولها غير مستحضرين معانيها في قلوبنا!

وذكرت في كثير من المواضع في القرآن الكريم: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف:205] ، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ ق من الآية:39 ]، {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم :17].. وغيرها من الآيات.

3. ومن سنن أبى دودود عن عائشة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من الليل قال: لا إله إلا أنت سبحانك فاغفر لي ذنبي، واسألك رحمتك، اللهم زدني علماً، ولا تزغ قلبي وهب لى من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب".

"لا إله إلا أنت سبحانك": لا إله يستحق العبادة إلا أنت، فأنت منزه عن كل نقيصة.

"فاغفر لي ذنبي": فاعفُ عنى وتجاوز عن إثمي واستره بسترك الجميل.

"اسألك رحمتك": اتوسل إليك أن تنعم علي بالرحمة.

"اللهم زدني علماً": وذلك لفضل العلم عند الله سبحانه وتعالى، فمن يعبد الله على بصيرة خير من سواه، قال الله تعالى: ‏ {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} ‏[‏الزمر من الآية‏:‏9‏]‏‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} ‏[‏المجادلة‏ من الآية:‏11‏]‏.

"ولا تزغ قلبي": ثبتني على الهداية وطريق الحق.

"وهب لي من لدنك رحمة": فأنا العبد الضعيف، التوسل إليك بأن ترحمنى.

"إنك أنت الوهاب": إنك أنت أهل العطاء، والجود والكرم.

بذلك يبدأ المسلم يومه مقبلًا على الله مقبلًا على الحياة شاعرًا بالنشاط والهمة مؤملاً عون الله وتوفيقه سلفًا.

 

Editorial notes: شارك في التنسيق: رانيا قنديل

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.

  • 8
  • 0
  • 38,979
المقال السابق
[20] سورة الناس
المقال التالي
[22] أذكار الصباح والمساء

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً