تغافل يا كريم!
قال ابن الجوزي: "ما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكَرام؛ فإن الناس مجبولون على الزلات والأخطاء! فإن اهتم المرء بكل زلة وخطيئة تعِب وأتعب".
فلان أخطأ في حقي، فلان رفع صوته، فلان تعصب علي! اغتابني! ظلمني! ثم قطيعة طويلة، ثم جفاء قد يصل للعداء. ولو كان الرفق والصفح والتسامح وقبلهم التغافل عن الزلات وتجاوز الأخطاء لما وصلنا لكل تلك النتائج الكارثية.
قال ابن الجوزي: "ما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكَرام؛ فإن الناس مجبولون على الزلات والأخطاء! فإن اهتم المرء بكل زلة وخطيئة تعِب وأتعب".
قال الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم لما أخطأت بعض أزواجه: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ} [التحريم:3].
يقول الحسن البصري رحمه الله: "ما زال التغافل من فعل الكرام".
ويقول الإمام أحمد رحمه الله: "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل".
وقال الأعمش: "التغافل يطفئ شرًا كثيرًا".
وقال سفيان: "ما زال التغافل من شِيَم الكرماء".
وجاء في لامية ابن الوردي الشهيرة:
وتغافل عن أمورٍ إنهُ *** لم يفزْ بالحمدِ إلا مَن غفلْ
قال أبو علي الدقاق: جاءت امرأة فسألت حاتمًا عن مسألة ، فاتفق أنه خرج منها صوت في تلك الحالة فخجلت، فقال حاتم: ارفعي صوتك. فأوهمها أنه أصمّ فسرّت المرأة بذلك، وقالت : إنه لم يسمع الصوت. فلقّب بحاتم الأصم. انتهى. [مدارج السالكين: ج2ص344] .
من كان يرجو أن يسود عشيرة *** فعليه بالتقوى ولين الجانب
ويغض طرفًا عن إساءة من أساء *** ويحلم عند جهل الصاحب
دخل رجل على الأمير المجاهد قتيبة بن مسلم الباهلي، فكلمه في حاجة له، ووضع نصل سيفه على الأرض فجاء على أُصبع رجلِ الأمير، وجعل يكلمه في حاجته وقد أدمى النصلُ أُصبعه، والرجل لا يشعر، والأمير لا يظهر ما أصابه وجلساء الأمير لا يتكلمون هيبة له، فلما فرغ الرجل من حاجته وانصرف دعا قتيبة بن مسلم بمنديل فمسح الدم من أُصبعه وغسله، فقيل له: ألا نحَّيت رجلك أصلحك الله، أو أمرت الرجل برفع سيفه عنها فقال: خشيت أن أقطع عنه حاجته.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: