العلماء صمام الأمان

منذ 2016-11-03

العلماء صمام الأمان للأمة وطاقم القيادة في سفينة الحياة

العلماء صمام الأمان للأمة وطاقم القيادة في سفينة الحياة، كيف لا وهم من ورثوا أعظم الخلق وأشرفهم.

قال صلى الله عليه وسلم: «إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر» (رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني).

قال أبو حاتم بن حبان رضي الله عنه: "في هذا الحديث بيان واضح أن العلماء الذين لهم الفضل الذي ذكرناهم الذين يعلمون علم النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره من سائر العلوم، ألا تراه يقول: «العلماء ورثة الأنبياء». والأنبياء لم يورثوا إلا العلم، وعلم نبينا صلى الله عليه وسلم، سنته، فمن تعرى عن معرفتها؛ لم يكن من ورثة الأنبياء" (صحيح ابن حبان).

قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة:

"قوله: «إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما، وأورثوا العلم». هذا من كمال الأنبياء، وعظم نصحهم للأمم، وتمام نعمة الله عليهم وعلى أممهم أن أزاح جميع العلل، وحسم جميع المواد التي توهم بعض النفوس أن الأنبياء من جنس الملوك الذين يريدون الدنيا وملكها، فحماهم الله سبحانه وتعالى من ذلك أتم الحماية.

ثم لما كان الغالب على الناس أن أحدهم يريد الدنيا لولده من بعده، ويسعى ويتعب ويحرم نفسه لولده؛ سد هذه الذريعة عن أنبيائه ورسله، وقطع هذا الوهم الذي عساه أن يخالط كثيرًا من النفوس التي تقول: فلعله إن لم يطلب الدنيا لنفسه؛ فهو يحصلها لولده، فقال: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا هو صدقة». فلم تورث الأنبياء ديناراً ولا درهما، وإنما ورثوا العلم.

وأما قوله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل:16]. فهو ميراث العلم والنبوة لا غير، وهذا باتفاق أهل العلم من المفسرين وغيرهم؛ وهذا لأن داود عليه السلام كان له أولاد كثيرة سوى سليمان، فلو كان الموروث هو المال؛ لم يكن سليمان مختصًا به.

وأيضًا؛ فإن كلام الله يصان عن الإخبار بمثل هذا؛ فإنه بمنزلة أن يقال: مات فلان، وورثه ابنه، ومن المعلوم أن كل أحد يرثه ابنه، وليس في الإخبار بمثل هذا فائدة.

وأيضًا؛ فإن ما قبل الآية وما بعدها يبين أن المراد بهذه الوراثة وراثة العلم والنبوة، لا وراثة المال. قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ . وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل:15-16].

وإنما سيق هذا لبيان فضل سليمان، وما خصه الله به من كرامته وميراثه ما كان لأبيه من أعلى المواهب، وهو العلم والنبوة: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} [النمل:16].

وكذلك قول زكريا عليه الصلاة والسلام: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم:5-6].

فهذا ميراث العلم والنبوة والدعوة إلى الله، وإلا فلا يظن بنبي كريم أنه يخاف عصبته أن يرثوا ماله، فيسأل العظيم ولداً يمنعهم ميراثه، ويكون أحق به منهم.

وقد نزه الله أنبياءه ورسوله عن هذا وأمثاله، فبعدًا لمن حرف كتاب الله ورد على رسوله كلامه، ونسب الأنبياء إلى ما هم برآء منزهون عنه، والحمد لله على توفيقه وهدايته".

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 0
  • 0
  • 3,790

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً