بين الشريعة والشرعية

منذ 2016-11-20

أكثر الإسلاميين النشطين الفاعلين انفضوا ظاهريًا عن رفع شعار الشريعة بدعاوى (تكتيكية) في التحركات والتحالفات والمظاهرات والهتافات والمبادرات، ولم يعد لها صوت بعد أن كانت تعلو على كل الأصوات

مطالب غالبية الإسلاميين في مصرمنذ الإطاحة بحكمهم؛ كانت تتمحور حول (إعادة الشرعية) السياسية؛ مقتنعين بأن عودتها ستعيد كل شيء من المطالب الأخرى المشروعة بما فيها تحكيم الشريعة. لكن مطلب عودة الشرعية اختُلف فيه بعد ذلك فيما بين الإسلاميين، من حيث واقعيته وإمكانيته، وطريقة تحقيقه، حتى انتهى الأمر إلى قناعة الكثيرين بما يشبه استحالة الاجتماع حوله أو الاستمرار فيه، في ظل شراسة الأوضاع المعادية، داخليًا وإقليميًا وعالميًا!
صار معلومًا أن غالبية من اختاروا (مرسي) واجتمعوا عليه رئيسًا؛ لم يفعلوا ذلك إلا لأجل الشريعة التي لمسوا تعظيمه لها، وتقريبه وتعاونه مع الساعين لتحكيمها، ومعلوم كذلك أن تلك الغالبية -برغم اتساع فروقها واختلاف توجهاتها- ما اجتمعت على شيء مثل اجتماعها على تعظيم أمر الشريعة، التي ثبت عندهم أن تآمر كل العلمانيين ضدهم لم يكن إلا لتغييبها وفض تجمعهم حولها؛ كما كان الشأن في كافة التجارب الإسلامية التي وصل الإسلاميون فيها إلى السلطة -أو كادوا- عبر وسائل سلمية أو جهادية.

وقد كان مطروحًا منذ بداية أحداث الثورات في مصر وغيرها أن يظل شعار (تعظيم الشريعة) مقدمًا على غيره، يُدار بضوابطه الصراع، وتُقاس بثوابته المواقف، وتُصنف بأحكامه الأطراف، وتُحشد في سبيله الجهود وتوحد الصفوف، مع كون تعظيم الشريعة هو أعظم المطالب المرفوعة التي تغطي وتوفي بقية المطالب المشروعة، بما فيها مطلب الإسلاميين وحقهم في (شرعية سياسية) ذات مصداقية، ومطالب غيرهم غير المتعارضه من (العيش) و(الحرية) و(العدالة الاجتماعية).

لكن الذي حدث أن أكثر الإسلاميين النشطين الفاعلين انفضوا ظاهريًا عن رفع شعار الشريعة بدعاوى (تكتيكية) في التحركات والتحالفات والمظاهرات والهتافات والمبادرات، ولم يعد لها صوت بعد أن كانت تعلو على كل الأصوات، وظلوا رافعين شعار (الشرعية) وحدها، دون ربطها بالشريعة التي اقترنت بها، حتى خف زخمهما، وخفت صوتهما، وبرد وهَجَهما، وكاد الإسلاميون أن يفقدوا بذلك أي نجاح بعد أن أصبحوا في ميادين المواجهة بغير سلاح!

ستظل المحصلة صفرية في مواجهة الإسلام للعلمانية؛ إذا استمرت تدار بمعاييرغير شرعية، وما دام هناك إسلاميون كثيرون يجهلون أو يتجاهلون في إدارتها الأبعاد العقدية المتعلقة بالهوية! فلا هم أعادوا بتجاهلهم الشرعية السياسية، ولا هم أبقوا على بقاء ونقاء لواء الشريعة الإسلامية معظمًا مكرمًا، ومقدمًا على غيره، ليتم به -وليس بغيره- سبغ (الشرعية) أو نزعها عن أي نظام سياسي، مهما ادعى من شرعية شعبية أو دستورية!
هل نحن في حاجة -بعد تجربة (تحالف دعم الشرعية)- إلى دور إضافي جديد يمثل (تحالف الشريعة) الذي يمثل كافة التجمعات والتوجهات الإسلامية؟
أظن ذلك ضرورة حتمية!

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 0
  • 0
  • 3,791

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً