مفاهيم مهمة حول الشريعة والأمة 4

منذ 2016-12-09

فليعلم كل مسلمٍ إذن؛ أن أمر تحكيم الشريعة ليس ترفاً فكرياً، ولا جدلًا نظريًا، ولا خيارًا يسع تركه، أو عِلْمًا يسوغ جهله؛ بل لا يسلم للمرء إسلامه، ولا يقبل إيمانه، بل لا يكمل توحيده؛ إلا بأن تكون الشريعة عنده هي دينه..كل دينه.

لا توحيد بلا شريعة
• إذًا تقرر أن الشريعة بمعناها العام - كما قال أهل العلم - يدخل فيها صحيح الاعتقاد الذي لا يتحقق إلا بكمال التوحيد؛ فإن هذا التوحيد قد قسَّمه علماء الاعتقاد وأصول الدين إلى الأقسام الثلاثة المعروفة: ( توحيد الربوبية – توحيد الإلهية – توحيد الأسماء والصفات) وتوحيد الله حاكمًا، يدخل في أنواع التوحيد الثلاثة، ولابد للمكلَّف من أن يجمع بينها ، فيجمع أولًا (توحيد الربوبية) بأن يشهد قيومية الرب تعالى فوق عرشه، يدبر أمر عباده وحده، فلا خالق ولا رازق ولا معطي ولا مانع ولا مميت ولا محيي ولا مدبر لأمر المُلك ظاهرًا وباطنًا غيره، فلا يدبر الأحكام القدرية الكونية غيره سبحانه. واجب العبد أن يجمع إلى جانب ذلك (توحيد الإلهية) بأن يوجِّه قلبه وهمَّه وعزمه وإرادته وحركاته وسكناته إلى أداء حق الله تعالى، والقيام بعبوديته سبحانه، من خلال الامتثال لاحكامه الشرعية الدينية. وواجب المكلف مع ذلك الإقرار لله تعالى بصفاته العُلى التي دلت عليها أسماؤه الحُسنى. (راجع شرح العقيدة الطحاوية - ص 26). وهذا المعنى يعني إقامة الدين؛ الذي هو إقامة الشريعة بمعناها العام.

• وكما أن تحقيق التوحيد بأقسامه واجب كل عبدٍ مكلف حتى يصير موحِّداً؛ فإن كل عبد مأمور بأن يجتنب الشرك بأقسامه. وقد قسَّم علماء أصول الدين أنواع الشرك إلى ثلاثة أقسام: (الأول): شرك في العبادة والتأله، ويكون بتقديم الدعاء والنسك والشعائر للشركاء والأنداد. (الثاني): شرك في الإيمان والقبول، ويكون بتصديقهم في الكذب على الله بلا بينة ولا برهان و(الثالث): شرك في الطاعة والانقياد، ويكون بطاعتهم في الحكم والتشريع؛ فهو شرك متعلق بالتحاكم لغير شريعة الله تحليلاً وتحريماً؛ وهذا الشرك هو المشار إليه في قوله تعالى: {قُلِ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [الكهف:26]، والمعنى – كما قال الشيخ الشنقيطي في تفسيره للآية : "ولا يشرك اللهُ جل وعلا أحدًا في حُكمه، بل الحكم له وحده جل وعلا لا حكم لغيره ألبتة، فالحلال ما أحله تعالى، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه، والقضاء ما قضاه، وقرأها ابن عامر من السبعة: (ولا تُشرك) بضم التاء المثناة الفوقية وسكون الكاف بصيغة النهي، أي: لا تُشركْ يا نبي الله، أو لا تُشركْ أيها المخاطَب أحدًا في حكم الله جل وعلا، بل أخلِص الحكم لله من شوائب شرك غيره في الحُكم. وحُكمُه جل وعلا المذكور في قوله: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا}؛ شامل لكل ما يقضيه جل وعلا، ويدخل في ذلك التشريع؛ دخولًا أولياً" انتهى كلامه.

فليعلم كل مسلمٍ إذن؛ أن أمر تحكيم الشريعة ليس ترفاً فكرياً، ولا جدلًا نظريًا، ولا خيارًا يسع تركه، أو عِلْمًا يسوغ جهله؛ بل لا يسلم للمرء إسلامه، ولا يقبل إيمانه، بل لا يكمل توحيده؛ إلا بأن تكون الشريعة عنده هي دينه..كل دينه.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
  • 2
  • 0
  • 125,602

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً