سحر الفضائيات وما يجهله الناس في زماننا
منذ 2010-11-27
يعيش الناس في زماننا هذا هموما ومواقف تحسب عليهم ويحاسبون عليها بالخير خيرا وبالشر شرا، وقد يلجأ البعض إلى وسائل فيها إغضاب شديد لله سبحانه الذي يملك الضر والنفع لعباده لحكمة هو أعلم بها...
يعيش الناس في زماننا هذا هموما ومواقف تحسب عليهم ويحاسبون عليها بالخير خيرا وبالشر شرا، وقد يلجأ البعض إلى وسائل فيها إغضاب شديد لله سبحانه الذي يملك الضر والنفع لعباده لحكمة هو أعلم بها، ومن هذا الوسائل ظاهرة الفضائيات التي انتشرت تحدث الناس عن حياتهم ومستقبلهم وقدرة المتحدثين على جلب الخير للناس في أيام أو أشهر معدودة، إلى آخر هذا الكلام وضمن اهتمام (الوطن الإسلامي) بهذه الظاهرة كان اللقاء مع الشيخ فايز حمود اللميع، الذي حدثنا عن هذه الظاهرة وسلبياتها فقال: اعلم أخي المسلم وأختي المسلمة أن العالم اليوم أصبح متقاربا وأصبح الذي يحصل في الغرب يصل إلى الشرق بسرعة هائلة، وما يحصل في الشرق يصل إلى الغرب بنفس السرعة، وهذا وإن كان في ظاهره خير فان في بعضه شر، وهي من الفتن التي يُبتلى بها الإنسان فقد قال الله تعالى: { وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء:35]، وقد كثرت في هذا الزمان أنواع الفتن وأصبحت الفتنة تدخل إلى البيوت المغلقة، وظهرت في هذه الأيام بعض القنوات التي أصبحت تظهر لنا الكفر والضلال والعياذ بالله وقد أصبح لها جمهور كثير وواسع، فقد قامت هذه القنوات بالترويج للسحرة والعرافين عن طريق بعض البرامج التي يظهر فيه شخص يقوم بعمل طلاسم وخرافات على الهواء مباشر للمتصلين وكذلك يدعي أنه يعلم الغيب وأنه قادر على شفاء الناس وهو خلف الشاشة، والناس في بيوتهم، بل إنه في إحدى المرات قال لأحد المتصلين -والعياذ بالله-: "إن القرآن لن ينفعك وعليك بما في هذه الورقة" وهو عبارة عن طلاسم شركية، وهناك قناة أخرى تقوم بعرض امرأة تقوم بسؤال المتصلين والمتصلات عن أعمارهم وعن لون بشرتهم وغيرها من الأسئلة ثم تقوم برمي الحصى وتخبرهم بما سوف يحصل لهم في المستقبل، وهذا من الكذب وخداع الناس، لأن هؤلاء الكذابين هم من أعوان الشياطين على الناس، وقد تعددت طرق السحرة والعرافين والدجالين وكذلك حيلهم على الناس لابتزاز أموال الناس وإضلالهم وما زاد كثرتهم في هذه الأيام إلا بسبب جهل الناس بالآيات والأحاديث التي تحذر منهم وتكشف ألاعيبهم، وقد انجرف خلفهم الكثير من الناس وأصبحت بيوت هؤلاء السحرة والدجالين مزدحمة بالناس وأصبح الشخص يحصل على موعد للقاء الساحر بعد عدة أيام لكي يقوم بعمل له سحر أو يفك عنه سحر، بل ذكر أحد المتصلين أنه اتصل على إحدى القنوات التي يعرض عليها برنامج عن السحر وقد تم أخذ رقم هاتفه وقالوا له بأنهم سوف يقومون بالاتصال عليه بعد أسبوع وذلك لكثرة المتصلين، وهذا يدل على كثرة الزحام لديهم وقد جهل الناس أن الذهاب إلى هؤلاء السحرة والدجالين أو الاتصال عليهم محرم شرعا فقد جاء في صحيح مسلم عن إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة»، وجاء في رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم » وقد صرح أهل العلم بأن الذهاب إلى السحرة والعرافين من أنواع الكفر وكذلك الاتصال عليهم هاتفيا آو عن طريق الشبكة العنكبوتية آو قراءة مقالاتهم في الصحف والمجلات والكتب ولا يجوز ذلك لما فيه من فتن قد يفتن البعض بها ومنها طريقة سحر الساحر الشيطانية وهذا آمر خطر فقد يخشى عليه الحرمان من الجنة فقد جاء في الحديث الصحيح: «ثلاثة لا يدخلون الجنة ومنهم: مُصدق بسحر.. الحديث» (رواه احمد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي)، وعلى هذا فقد أحببت أن أبين للمسلمين ما هو السحر؟ وما ذكر في بعض الأحاديث التي تذم السحر والسحرة وحكم الساحر، وحكم تعلم السحر، وحكم الاستعانة بالسحر لفك السحر ثم حكم مشاهدة هذه القنوات الخبيثة والله المستعان.
بعض الأحاديث التي تذم السحر والسحرة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله والسحر... الحديث» (رواه البخاري) الموبقات أي: المهلكات.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد » (رواه أبو داوود وقال الألباني إسناده جيد). معنى زاد ما زاد: أي كلما زاد من تعلم علم النجوم المحرم زاد في الإثم، قال المناوي رحمه الله: وفي الحديث تحريم الآخذ وتحصيل العلم من النجوم وهو من الشرك، لأنهم كانوا يعتقدون أن النجوم والكواكب عندها علم الغيب وعلم الحوادث.
عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من تَطير، ولا تُطير له، أو تَكهن، أو تُكهن له، أو سَحر، أو سُحر له» (رواه البزار وحسنه الألباني في غاية المرام).
والأحاديث في هذا الشأن كثيرة ويكفي قوله الله تعالى: { وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ } ]طه:9] فهذا دليل على أن الساحر لا يحصل له الفلاح والفوز لا في الدنيا ولا في الآخرة.
هل يكفر الساحر؟
الذي عليه جمهور العلماء تكفير الساحر الذي يتعبد بذلك الكواكب أو الشياطين ويتقرب إليهم، واستدلوا بهذه الآية: { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } [البقرة:102]، قال الحافظ بن حجر في فتح الباري: وقد استدل بهذه الآية على أن السحر كفر وتعلمه كفر.
وكذلك قال النووي: عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات ومنه ما يكون كفر ومنه ما لا يكون كفرا بل معصية كبيرة.
حكم تعلم السحر:
وعن حكم تعلم السحر قال: لا يجوز تعلم السحر والدليل قوله تعالى: { وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ} [البقرة:102] وإذا أثبت الله أن السحر ضار، ونفى أنه نافع، فكيف يجوز تعلم ما هو ضار محض لا نفع فيه؟! (أضواء البيان462/4).
حكم الاستعانة بالساحر لفك السحر:
وأضاف: أن السحر الحقيقي لا يمكن الوصول إليه إلا بالكفر، فما دام كذلك فكيف يجوز الاستعانة بالساحر، مع العلم أن عمله باطل واللجوء إليه إقرار بعمله وقد أرشدنا الله عز وجل إلى العلاج الذي نتخلص به من السحر كالأذكار والآيات والدعاء، وبعض الأدوية التي ذكرها أهل العلم في مصنفاتهم، أما الذهاب إلى الساحر لفك السحر عنده فقد قال الشيخ ابن باز: لا يجوز علاج السحر بالسحر لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة فقال: «هي من عمل الشيطان » (رواه أحمد وصححه الألباني)، والنشرة هي حل السحر بالسحر، ولأن حلها بالسحر يتضمن دعوة الجن والاستعانة بهم، وهذا من الشرك الأكبر اهـ.
ما حكم مشاهدة هذه القنوات؟
ليعلم الجميع أن هذه القنوات التي يتم عليها عرض البرامج التي تدعو الناس إلى تعلم السحر أو عرض ساحر يقوم بعمل سحر للناس، بأن مشاهدة هذه القنوات محرم ولا يجوز وكذلك الاتصال عليها، وليعلم جميع المشاهدين أن مشاهدة هذه القنوات لا تخلو من أمرين إما أن يصدق هذا المتصل بان هذا الساحر ينفع ويضر وهذا كفر بالله وانه من نواقض الإسلام، وإما أن يكون من قبيل التسلية وتضييع الوقت وهذا فيه وعيد من الرسول حيث قال صلى الله عليه وسلم: « من أتى عرافا أو كاهنا وسأله فلن تُقبل له صلاة أربعين يوما »، قال الشيخ ابن باز: كل من يدعي علم الغيب باستعمال ضرب الحصى أو الودع أو التخطيط في الأرض أو سؤال المريض عن اسمه أو اسم أمه أو اسم احد أقاربه فكل ذلك دليل على أنه من العرافين والكهان الذين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سؤالهم وتصديقهم. أ.هـ.
وإليك أخي المسلم وأختي المسلمة هذا السؤال الذي ورد إلى اللجنة الدائمة للإفتاء حول موضوع السحر.
السؤال: من كان به سحر هل يجوز أن يذهب إلى ساحر ليزيل السحر عنه؟
الجواب: لا يجوز ذلك، والأصل فيه ما رواه الإمام احمد وأبو داود بسنده عن جابر رضي الله عنه قال: سئل رسول الله عن النشر فقال: « هي من عمل الشيطان»، وفي الأدوية الطبيعية والأدعية الشرعية ما فيه كفاية، فإن الله ما أنزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله، وقد أمر رسول الله بالتداوي، ونهى عن التداوي بالمحرم، فقال صلى الله عليه وسلم: « تداووا ولا تداووا بحرام »، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها»، اللجنة الدائمة للبحوث الإسلامية والإفتاء.
وفي ختام حديثه قال اللميع: وبعد هذا كله أحب أن أذكر جميع الآباء والأمهات، بأن أولادهم أمانة عندهم وأنهم سوف يسألون عنهم يوم القيامة فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته»، رواه النسائي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وفي الختام أسأل الله العظيم أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، فما كان من صواب فهو من الله وحده، وما كان من خطأ فهو من نفسي ومن الشيطان.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الجمعة 6/7/2007 م
المصدر: فايز حمود اللميع - الوطن الكويتية
- التصنيف: