كلمات في مفهوم المسؤولية
يجب التذكير بأن فوز الدنيا والآخرة مرتهن بالقيام بالمسؤوليات على الوجه الأكمل، وخسارة الدنيا والآخرة في التهرب من المسؤوليات، فمن شمر عن ساعد الجد أعانه الله ووفقه فكان من القائمين بما أوجب الله عليهم المفلحين في الدنيا والآخرة.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
كلمات في مفهوم المسؤولية:
المسؤولية: مصدر صناعي من كلمة (مسؤول)،
مثل الوطنية: مصدر صناعي من كلمة وطن، والقومية: مصدر صناعي من كلمة قوم[1]
وبما أن المسؤولية مصدر من مسؤول، فلا يتصور فاللفظ المتداول لمفهوم المسؤولية عند السابقين هو
أهلية مسؤول من غير سؤال يُسأل عنه، وعليه فأركان المسؤولية: سؤال ومسؤول وسائل، ولذا فإن هذا التعريف اللغوي يلزم منه أن كل ما يسأل عنه ويحاسب المرء عليه في الدنيا أو الآخرة أو في كليهما هو مسؤولية.
ولم ترد كلمة مسؤولية فيما وقفتُ عليه من كتب الأقدمين بالمعنى الذي استُعملت فيه حديثًا، وإن كان معناها شائعًا عندهم.الأداء"،
وهي: صلاحية الإنسان لأن تعتبر أقواله وأفعاله، قال السرخسي رحمه الله في أهلية الأداء: "هذه الأهلية نوعان: قاصرة وكاملة؛
فالقاصرة: باعتبار قوة البدن وذلك ما يكون للصبي المميز قبل أن يبلغ أو المعتوه بعد البلوغ؛ فإنه بمنزلة الصبي من حيث إن له أصلَ العقل وقوة العمل بالبدن، وليس له صفة الكمال في ذلك حقيقة ولا حكمًا،
والكاملة: تبتنى على قدرتين قدرة فهم الخطاب وذلك يكون بالعقل وقدرة العمل به وذلك بالبدن. ثم يبتنى على الأهلية القاصرة صحة الأداء، وعلى الكاملة وجوب الأداء وتوجه الخطاب به؛ لأن الله تعالى قال: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 256] وقبل التمييز والتمكن من الأداء لا وجه لإثبات التكليف بالأداء لأنه تكليف ما لا يطاق وقد نفى الله تعالى ذلك بهذه الآية" [أصول السرخسي: 2/340].
فيفهم من قول السرخسي: "ثم يبتنى على الأهلية القاصرة صحة الأداء وعلى الكاملة وجوب الأداء وتوجه الخطاب به" أن الطفل غير المكلف بالمسؤولية أي من ليست له أهلية أداء قد يقوم بالمسؤولية على أتم وجه، وهذا كثير مشاهد، وهو ما لا تمنعه الشريعة، ولكن لا توجبه عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة؛ عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر» (أخرجه أبو داود، 2/544، (4398)، والترمذي، 4/32، (1423)، والنسائي: 6/156،(3432)، وصححه الألباني).
كما أن أناسًا وجب عليهم القيام بالمسؤولية فضيعوها ولم يؤدوا الواجب الذي أداه بعض من لم يكلف به.
ومن التعريف السابق للمسؤولية المتعارف عليها بأهلية الأداء نرى أن من تصرف كما ينبغي أن يتصرف من أناط بهم الشارع المسؤولية (أهلية الأداء) بأن اعتبر أقوالهم وأفعالهم وأنفذ أثرها فقد تصرف بمسؤولية، ومن لمم يتصرف كما ينبغي أن يتصرف من أناط بهم الشارع أهلية الأداء فقد تصرف بغير مسؤولية.
ويفهم أن من تصرف بغير مسؤولية مع إناطتها به فإنه محاسب على تخليه عن المسؤولية وسوء تصرفه فيها؛ لأن تركه للمسؤولية وتفريطه فيها لا يعفيه منها.
وكما أن المسؤوليات الواجب أداؤها شرعًا قسمان، قسم عيني وقسم كفائي أو مجتمعي، وذلك أن الفرد مكلف بمسؤوليات يجب عليه القيام بها بصفته الشخصية، ومسؤوليات يجب عليه أداؤها مع بقية أفراد المجتمع، فيلزم من هذا أن المجتمع مسؤول وعليه ما يجب القيام به.
المسؤولية في القرآن والسنة:
لم ترد كلمة مسؤولية في القرآن والسنة بهذا اللفظ، ولكن ورودها في القرآن بمعناها كثير جدًّا، بل المسؤولية من أكثر المعاني تكررًا في القرآن على الإطلاق، فالشرع الحنيف يعد كل ما يجب على العبد أداؤه تجاه خالقه، أو ما يجب عليه أداؤه تجاه نفسه، أو ما يجب عليه أداؤه تجاه بني جنسه، بل ما يجب عليه أداؤه تجاه غير بني جنسه من الدواب وغيرها مسؤولية.
بعض الأمثلة لورود المسؤولية في القرآن:
1 -وردت المسؤولية بلفظ الأمانة؛ قال الله تعالى: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]. فهذه الآية تدل على المسؤولية بمعناها العريض، فقد جاءت عبارة الأمانة في هذه الآية بمعنى المسؤولية تمامًا.
2 -قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27]. وفي هذه الآية سمى الله تعالى التقصير في تحمل المسؤولية الأمانة بالخيانة وهذا كالاستعمال في الآية السابقة.
3 -قال الله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} } [الإسراء: 36]، ورد في هذه الآية التصريح بمسؤولية الإنسان عن جوارحه، فهو محاسب على ما اجترح بها.
4 -قال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34]، هذه الآية تدل على مسؤولية الإنسان عما يقطعه على نفسه من العهود ويلزم به نفسه من المواثيق مع الآخرين.
5 -قال الله تعالى: {وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 93]، وفي سورة يوسف: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72]، فهذا المؤذن الذي انبعث إلى إخوة يوسف يخبرهم أنه فقد صواع الملك وأنه يتهمهم بسرقته، ثم بين لهم أن رده من مسؤولياته التي لا يصح أن يفرط فيها.
6 -قال الله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف: 6]، قال السدي: "فلنسألن الأمم: ما عملوا فيما جاءت به الرسل؟ ولنسألن الرسل: هل بلغوا ما أرسلوا به؟" [تفسير الطبري: 5/430]. فهذه الآية تدل على أن المحاسبة على المسؤوليات تعم الرسل والمرسل إليهم كل حسب ما ألقي عليه من التبعات والمسؤوليات.
وقد سبقت الإشارة إلى أن المسؤولية من أكثر المعاني تكرارًا في القرآن، فما ذكر ما هو إلا أمثلة لورود معنى المسؤولية في الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وورد معنى المسؤولية في السنة النبوية على نحو ما وردت به في القرآن الكريم فقد صورت لنا الأحاديث النبوية أن المسؤولية لا يخلو منها مكلف، وأنها تشمل جميع مناحي الحياة، ونكتفي هنا بحديث واحد أحاط بالمسؤولية من جوانبها وجلاها؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « كلكمم راع ومسؤول عن رعيته؛ فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته،، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته»، قال: فسمعت هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والرجل في مال أبيه راع وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» [البخاري، 2/848، (2278)، مسلم،3/1459،(1829)].
قال ابن حجر رحمه الله: "قوله (كلكم راع) يعم جميع الناس فيدخل فيه المرعي أيضًا، فالجواب أنه مرعي باعتبار راع باعتبار، حتى ولو لم يكن له أحد كان راعيًا لجوارحه وحواسه؛ لأنه يجب عليه أن يقوم بحق الله وحق عباده"" [فتح الباري، 2/381].
فالمسؤولية أمر لا يخلو منه مكلف أبدًا، بل التكليف أصلا عبارة عن المسؤوليات، وهذا ما يقرره الحديث السابق.
من صور المسؤولية:
المسؤولية كما سبق تشمل كل جوانب الحياة، ولذا فإن حصرها لا يتأتى، وقد أشار حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إلى بعض صورها، فبيان الصور التي أشار إليها الحديث وغيرها من الصور المهمة التي نعرضها ليس للحصر بل لأنها من أهم صور المسؤولية.
مسؤولية الإمام تجاه الرعية ومسؤولية الرعية تجاه الإمام:
مسؤولية الإمام تجاه الرعية والرعية تجاه الإمام تأتي في مقدمة المسؤوليات، ولذا فقد ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم أولا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما المذكور آنفا فقال: «الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته».
وقد بينت آيات الكتاب الكريم حقوق الراعي وحقوق الرعية، ففي حقوق الراعي قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59].
فبين أن من أوجب الواجبات تجاه الإمام طاعته في المعروف، قال الطبري رحمه الله في تفسيره: "فإذ كان معلومًا أنه لا طاعة واجبة لأحد غير الله أو رسوله أو إمام عادل، وكان الله قد أمر بقوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُم}، بطاعة ذوي أمرنا، كان معلومًا أن الذين أمر بطاعتهم تعالى ذكره من ذوي أمرنا هم الأئمة ومن ولَّوه المسلمين دون غيرهم من الناس.[تفسير الطبري: 4/149].
وفي البخاري "باب السمع والطاعة للإمام" وأورد فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بالمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» [البخاري، 3/1079].
من المسؤوليات تجاه الإمام النصح له وإعانته:
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل رضي لكم ثلاثًا وكره لكم ثلاثًا؛ رضي لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تنصحوا لمن ولاه الله أمركم، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال» [أحمد: 2/360، (8703)].
من مسؤوليات الإمام تجاه رعيته:
قال شيخ الإسلام: "الواجب بالولايات: إصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسرانًا مبينًا ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا، وإصلاح ما لا يقوم الدين إلا به من أمر دنياهم" [السياسة الشرعية: 1/377].
فمتى ما قام كل من الأمراء والرعايا بالمسؤوليات الموكلة لهم صلح الأمر واستقام.
مسؤولية الرجل في بيته:
من المسؤوليات العظيمة مسؤولية الرجل في بيته، وعلى أهله وهي تلي مسؤولية الحاكم في رعيته، ولذا عقب النبي صلى الله عليه وسلم بذكر هذه المسؤولية بعد مسؤولية الإمام: «والرجل في بيته راع وهو مسؤول عن رعيته»، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول» [المستدرك، 4/545، (8526)].
فعلى الأب تقع مسؤولية رعاية الأبناء رعاية مادية ومعنوية، ومتى قصر في ذلك فقد ضيع المسؤولية وخانها.
وقد ذكر الله تعالى خبر لقمان عليه السلام وقيامه بمسؤوليته تجاه ابنه ليقتدى به في نصحه وإرشاده.
فمسؤولية الوالد تجاه أولاده مسؤولية عظيمة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]، قال الطبري رحمه الله: "يقيهم؛ «أن يأمرهم بطاعة الله، وينهاهم عن معصيته، وأن يقوم عليهم بأمر الله يأمرهم به ويساعدهم عليه فإذا رأيت لله معصية ردعتهم عنها وزجرتهم عنها» [تفسير الطبري: 12/156].
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الوالدين بإرشاد أبنائهم وتوجيههم وحمّلهم هذه المسؤولية فقال: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع» [أخرجه أحمد،2/187، (6756)، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن].
مسؤولية المرأة في بيت زوجها:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها"، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن مسؤولية المرأة: حفظ الرجل، والقيام على أولاده إرشادًا وتوجيها وتربية، وحفظ ماله، وصون عرضه، وهذه من أعظم المهام والمسؤوليات؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: "ألا أخبرك بخير ما يكنز؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرته، و إذا أمرها أطاعته، و إذا غاب عنها حفظته" [المستدرك: 1/576، (1487)، قال الذهبي في التلخيص: على شرط الصحيحين].
فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم بأسلوب مشوق لعمر رضي الله عنه مسؤولية المرأة تجاه زوجها وأسرتها، فأولها إدخال السرور على البيت وتقوية عوامل السكينة فيه، وثانيها حفظ نفسها ومن في يدها من أبنائها ورعايتهم ماديا ومعنويا.
نماذج مشرقة:
لم ينضب معين الأمة ولم تزل أرحام نسائها تخرج الأفذاذ رجال ونساء من الذين يعرفون للمسؤولية قدرها ويؤدونها على أحسن وجه وأتمه ومن أولئك من حكى عنها أنس رضي الله عنه فقال:"مات ابن لأبي طلحة من أم سليم فقالت لأهلها لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه قال فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب فقال ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك فوقع بها فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها قالت يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟
قال لا قالت فاحتسب ابنك قال فغضب وقال تركتني حتى تلطخت ثم أخبرتني بابني فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بارك الله لكما في غابر ليلتكما قال فحملت قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقا فدنوا من المدينة فضربها المخاض فاحتبس عليها أبو طلحة وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول أبو طلحة إنك لتعلم يا رب إنه ليعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج وأدخل معه إذا دخل وقد احتبست بما ترى قال تقول أم سليم يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد انطلق فانطلقنا قال وضربها المخاض حين قدما فولدت غلاما فقالت لي أمي يا أنس لا يرضعه أحد حتى تغدو به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح احتملته فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصادفته ومعه ميسم فلما رآني قال لعل أم سليم ولدت؟ قلت نعم فوضع الميسم قال وجئت به فوضعته في حجره ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعجوة من عجوة المدينة فلاكها في فيه حتى ذابت ثم قذفها في في الصبي فجعل الصبي يتلمظها قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انظروا إلى حب الأنصار للتمر قال فمسح وجهه وسماه عبدالله [رواه مسلم، 4/1908،(2144)].
فانظر إلى حرصها على القيام بمسؤوليتها في إسعاد زوجها وتخفيف أحزانه في أحلك الأزمات وأشد الابتلاءات.
ومن النماذج الحية لتحمل المسؤولية تحمل خديجة رضي الله عنها لواجباتها وقيامها بمسؤولياتها خير قيام من نصرة زوجها صلى الله عليه وسلم وتثبيته وقد كانت كلماتها الخالدة لزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عائد من غار حراء يرتجف فؤاده "كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق"[البخاري، 1/4، (3)، ومسلم، 1/139، (160)].
خير معين له في ذلك الموقف الحرج، ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يذكر لها قيامها بحقه فعن عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء قالت فغرت يوما فقلت ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق قد أبدلك الله عز وجل بها خيرا منها قال ما أبدلني الله عز وجل خيرا منها قد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء» [أحمد،6/117،24908]
مسؤولية المعلم:
من المسؤوليات العظام مسؤولية المعلم، فهو المربي الذي على يده تتخرج الأجيال، وعلى يده يبنى مستقبل الأمة.
أرأيت أشرفَ أو أجلَّ من الذي ** يبني وينشئ أنفسًا وعقولا
فعلى المعلم أن يبذل علمه وألا يبخل به على طلابه، وبذا يكون قد أدى الأمانة وقام بالمسؤولية، وما أحسن ما قاله الشافعي رحمه الله:
ومن منح الجهال علما أضاعه ومن منع المستوجبين فقد ظلم
فترك تعليم المستحقين ظلم وخيانة للمسؤولية واستهتار بها.
وكان علي رضي الله عنه يستشعر مسؤولية التعليم فيقول: «هاه! إن هاهنا وأشار بيده إلى صدره علمًا لو أصبت له حملة» [حلية الأولياء: 1/80].
كما أن على المعلم أن يقوم بواجب التربية، وأن يعلم أنها من الأهمية بالمكان الذي لا يجهل، وأن مسؤوليته ليست قاصرة على إعطاء المعلومات للطالب فقط بل لا بد من تربيته.
وقد كان السلف يهتمون بأمر السلوك والتهذيب جدا، وكان المعلم يدرك أن من أول مسؤولياته أن يتمثل الخلق الرفيع ليدل الطلبة بعمله على الأدب، وقد كان بعض الطلاب يجالسون مالكًا ليتعلموا منه الأدب والسمت.
مسؤولية رجال الإعلام:
الإعلام يقوم بدور كبير في توجيه الرأي العام، وفي ترسيخ القناعات حسنها وقبيحها، وعلى أهل الإعلام أن يعوا هذا الخطر العظيم، وأن يعرفوا أن على عاتقهم مسؤولية عظيمة، إن لم يقوموا بها حق القيام فإن كثيرًا من المبادئ ستتزعزع في نفوس بعض المسلمين بسبب الإعلام المضاد.
لقد كان الشعر هو أقوى وسيلة إعلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذا فقد تفرغ من وهبه الله تعالى ملكة نظم الشعر لجهاد الكافرين باللسان كحسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن زهير رضي الله عنهم.
وقد كان الإعلام الإسلامي المتمثل في أولئك الشعراء وسيلة فاتكة؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اهجوا قريشًا؛ فإنه أشد عليهم من رشق بالنبل، فأرسل إلى ابن رواحة، فقال: اهجهم فهجاهم، فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه، فقال: والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعجل؛ فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبًا، حتى يلخص لك نسبي، فأتاه حسان ثم رجع فقال يا رسول الله قد لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين، قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان: إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله» [مسلم،4/1935].
فعلى رجال الإعلام أن ينافحوا عن الإسلام في زمن سخر فيه الأعداء من تعاليمه وهجوا نبيه وحاولوا تشويه صورته ولهم في حسان بن ثابت وكعب وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم أسوة حسنة.
كما أن من القيام بالمسؤولية تجويد الأداء وابتكار ما يشد المشاهد والسامع، وقد كان الإعلام الإسلامي إعلامًا منافسًا، بل كان يتفوق على إعلام الآخرين.
ولما قدم وفد تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبوا المفاخرة قام خطيبهم فافتخر، ثم قام ثابت بن قيس رضي الله عنه وهو خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب خطبة بليغة جزلة فغلبهم، وقام شاعرهم وهو الأقرع بن حابس فأنشد
أتيناك كيما يعرف الناسُ فضلَنا ** إذا خالفونا عند ذكر المكارمِ
وإنا رؤوسُ الناس من كل معشر ** وأن ليس في أرض الحجاز كدارمِ
وإن لنا المرباعَ في كل غارة ** تكون بنجد أو بأرض التهائمِ
فقام حسان فقال:
بني دارم لا تفخروا إن فخرَكم ** يعود وبالا عند ذكر المكارمِ
هبلتم علينا تفخرون وأنتم ** لنا خَوَل من بين ظِئر وخادمِ؟!
في أبيات لهما، فقالوا: خطيبهم أخطب من خطيبنا، وشاعرهم أشعر من شاعرنا [انظر تفسير القرطبي، 16/257].
وعلى أصحاب الأقلام أن يعلموا أنهم مسؤولون عما يكتبون ومحاسبون على ما يخطون، وما أحسن قول القائل:
وما من كاتب إلا سيفنى ** ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه
فالكلمة والمقالة مسؤولية عظيمة؛ لأنها تؤثر في القراء وتوجههم، فإن استعملت في الخير كانت سلاحًا ماضيا يقيم الحق وينصر العدل، وإن استعملت في الشر كانت معول هدم ودمار.
مسؤولية الدعاة وأهل الحسبة:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صمام أمان المجتمع، فالمجتمع الذي لا يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهدد بالمخاطر، قال الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 7879].
كما أن أهل العلم بصفة خاصة تقع على عاتقهم هذه المسؤولية العظيمة قال الله تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 187].
وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 159160].
وعلى أئمة المساجد وخطباء المنابر تقع مسؤولية عظيمة، فإن خطبة الجمعة أداة فاعلة في توجيه المجتمع وتحريكه، فمتى ما كان الخطيب موفقًا في اختيار الموضوع متفاعلا معه مؤمنا بقضيته ويهمه أن يحرك لها الناس، كان قائما بالمسؤولية، ومتى جعل من خطبة الجمعة وظيفة يؤديها وهو غير مكترث لها، كان مضيعًا للمسؤولية.
مسؤولية الوظيفة:
عندما تصل بعد عناء إلى مرفق عام لإجراء معاملة ما فتجد أن الموظف لم يحضر، مع أن الدوام قد بدأ منذ ساعات، فعندئذ ستضطر إلى التضحية بوقت ثمين، وربما يطول ويكثر مجيئك ورواحك، وكل ذلك بسبب من لا يقدر قيمة العمل ولا يتحمل مسؤولية الوظيفة التي وقع عقدًا على تحملها وتقاضى عليها أجرًا.
عن عبد الرحمن بن شماسة قال: «أتيت عائشة أسألها عن شيء، فقالت: ممن أنت؟ فقلت: رجل من أهل مصر، فقالت: كيف كان صاحبكم لكم في غزاتكم هذه؟ فقال: ما نقمنا منه شيئا، إن كان ليموت للرجل منا البعير فيعطيه البعير والعبد فيعطيه العبد ويحتاج إلى النفقة فيعطيه النفقة، فقالت: أما إنه لا يمنعني الذي فعل في محمد بن أبي بكر أخي أن أخبرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به» [مسلم، 3/1458].
فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لمن يقوم بمسؤوليته تجاه الآخرين، كما دعا على من يشق على الناس فيما كلف من أمرهم.
مسؤولية التكاليف الشرعية:
هذه المسؤولية هي أصل المسؤوليات بل كل المسؤوليات تندرج تحتها، وإنما أفردتها بالذكر هنا إجمالا بعد التفصيل، فالصلاة مسؤولية قال الله تعالى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 46]، والصوم مسؤولية قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183]، وكذا سائر التشريعات.
إن من الملاحظ إهمال كثير من المسلمين لهذه المسؤوليات، فكثير ممن توفرت لهم القدرة على الحج لا يحجون، وكثير من المسلمين عن الصلاة يتشاغلون ولها يضيعون.
كما نشهد كثيرا حالة الانتكاسة بين صفوف الملتزمين والتخلي عن مظاهر التدين وشعائره، وما ذاك إلا لفقدنا الإحساس بالمسؤولية، مسؤوليتنا تجاه الفرائض.
لقد استشعر السلف عظم مسؤولية التكاليف الشرعية؛ قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: { ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادَى بين الرجلين حتى يُقام في الصف} [مسلم، 1/453، (654)].
ولما نزل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59]، التزمت نساء الأنصار بهذا الحكم وطبقنه؛ فعن صفية بنت شيبة قالت: بينا نحن عند عائشة، فذكرنا نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة رضي الله عنها: إن لنساء قريش لفضلا، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار؛ أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] انقلب إليهن رجالهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به تصديقًا وإيمانًا بما أنزل الله من كتابه، فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان" [تفسير القرآن العظيم، 2/378].
فأين كثير من نساء المسلمين ممن تخلين عن هذه المسؤولية الشرعية العظمى وخرجن متبرجات كأن آية الحجاب لم تنزل وكأن الله تعالى لم يأمرهن به.
ولما نزل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 9091] فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: انتهينا انتهينا!!
فأين شبابنا الذين أدمن بعضهم على تناول المخدرات من مثل هذه الهمة العالية في تحمل التكاليف الشرعية والقيام بها على أتم وجه وفي أسرع ما يكون.
فهذه بعض صور المسؤولية التي يجب مراعاتها والقيام بها وعدم التقصير فيها.
إذا أديت ما عليك فلا عليك:
أحيانا يقوم المسؤول بالمسؤولية ويؤدي ما عليه منها بلا كسل ولا تقاعس ويبذل وسعه وجهده ثم يقدر الله تعالى له عدم حصول النتائج المرجوة لحكمة يعلمها سبحانه.
فمثلا نبي الله نوح عليه السلام لا شك أنه قام بمسؤوليته في الدعوة إلى الله عزوجل قال الله تعالى عنه: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} [نوح: 56].
فنوح عليه السلام ما قصر في المسؤولية الملقاة على عاتقه ولكن الله سبحانه قدر ألا يؤمن به إلا القليل قال الله تعالى: {وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [هود: 40]، فليس عيبا على نوح عليه السلام بعد قيامه بمهمته ألا يؤمن قومه.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه ليرد على الحوض أكثر مما بين صنعاء وأيلة ثم يقال ادعوا الصديقين فيشفعون ثم يقال ادعوا الأنبياء قال فيجيء النبي ومعه العصابة والنبي ومعه الخمسة والستة والنبي وليس معه أحد» [أحمد:1/4، (15)].
فليس من العيب ألا يؤمن مع الأنبياء قومهم بعد أن أدوا مهمتهم على أتم وجه.
ومثل هذا عدم إسلام ابن نوح عليه السلام فإن ذلك لا يضر أباه عليه السلام بعد أن محض له النصح حتى آخر لحظات حياة ذلك الولد العاق فقال له كما أخبر الله عنه: { يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الكَافِرِينَ} [هود: 42].
وهذا التنبيه مهم لأن كثير من الناس يعيب على بعض أهل الخير عدم استقامة ذويهم وفساد بعض أقاربهم أو عدم استجابة الناس لهم وهو خطأ فاحش.
لا تتحمل ما لا تحتمل:
كثير من الناس يحمل نفسه مسؤوليات لا يطيقها، ويلزم نفسه ما لا يلزمه به الله تعالى وفي هذا يقول الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى المَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:91].
فقد كانت مهمة الضعفاء والمرضى والذين لا يجدون ما ينفقون أن ينصحوا لله ورسوله وقد فعلوا فلا حرج عليهم فوق ذلك ولا مسؤولية.
والخضر عليه السلام لما علم أن وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا لم يذهب لقتاله بل اكتفى بأن أحدث في السفينة ما يجعلها غير موافقة لمواصفات ذلك الظالم فتنجو من المصادرة قال الله تعالى مخبرا عنه: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79].
غاية الأمر أن المسلم لا يحمل نفسه ما لا يطيق ففي هذا مشقة عليه وربما كانت آثار ذلك مضرة وتأتي بنتائج عكسية، فكثير من الشباب الذين حملهم الحماس إلى التغيير باليد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأيديهم ولم يكونوا من أهل التغيير بأيدي كانت نتائج أفعالهم مدمرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» [مسلم، 1/69، (49)]، فهذا بيان واضح بألا يتجاوز المسلم لأي سبب فيحمل نفسه من المسؤولية ما ليس له.
وفي هذا المعنى قول الله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجَحِيمِ} [البقرة: 119] قال الواحدي: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالحَقِّ} بالقرآن والإسلام أي: مع الحق {بَشِيرًا} مبشرا للمؤمنين { وَنَذِيرًا} مخوفا ومحذرا للكافرين { وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الجَحِيمِ} [البقرة: 119] أي: لست بمسؤول عنهم وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أن الله عز وجل أنزل بأسه باليهود لآمنوا فأنزل الله تعالى هذه الآية أي: ليس عليك من شأنهم عهدة ولا تبعة" [الوجيز، 1/129].
فهاهو النبي صلى الله عليه وسلم يذكره الله تعالى بأن مهمته تقف عند البلاغ ولا مسؤولية عليه في إيمان أو كفر المدعويين فلا يشغل نفسه بما لا تقع مسؤوليته عليه.
حالة صحية:
التخلي عن المسؤولية أحيانا يكون حالة صحية متى ما كان للمسؤولية حظ من حظوظ النفس ووجد من يسد الحاجة ويقوم بالمهمة.
فقد رفض كثير من أهل العلم القضاء خوفا من تبعاته وإشفاقا من أمانته وتجنبا للوقوف بين يدي الله تعالى للسؤال عنه ولكن بعد علمهم أن هنالك من يكفيهم من المسلمين هذا الواجب فلو تعين لما صح أن يهرب المسلم منه أو يتخلى عنه.
ومثل هذا هربهم من الفتيا قال عبد الرحمن بن ابي ليلى: "أدركت مائة وعشرين من الأنصار من أصحاب رسول الله أحدهم المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول ما منهم من أحد إلا ود أن أخاه كفاهه الفتيا" [بدائع الفوائد لابن القيم، 3/7922].
ولكن كل هذا إذا لم تتعين المسؤولية عليهم فإن السائل في زمانهم كان يجد من يجيبه وكان القضاء قائما كذلك ولا بد للناس ممن يجيبهم إذا سألوا ويحكم بينهم إذا اختصموا.
بعض مظاهر التخلي عن المسؤولية:
1 - المشردون والمتشردون، إن كثيرا من بلاد المسلمين تعاني مشكلة المتشردين، وهذه الظاهرة تتفاقم يومًا بعد يوم، بل صارت أمرًا ملحوظًا يلحظه المار على الطرقات، ولم تستطع دور الرعاية أن تحتوي هذه المشكلة وآثارها.
إن وراء كل مشرد كما يؤكد الباحثون الاجتماعيون قصةً غالبًا ما يكون بطلَها أب مستهتر أو أم عاجزة أو غير مسؤولة، وصدق شوقي رحمه الله:
ليس اليتيم من انتهى أبواه مِنْ ** هم الحياة وخلَّفاه ذليلا
إن اليتيمَ هو الذي تلقى له ** أُمًّا تخلت أو أبًا مشغولا
2 - اختلاط الأعمال بين النساء والرجال، في كثير من مجتمعات المسلمين تجد المرأة تخرج باكرة لتعمل وتكدح، وتشارك الرجل في ميدان عمله، فمن لتربية الأبناء؟ ومن للقيام على سكينة البيت وطمأنينته؟ ومن يراقب سلوك الأولاد؟ الرجل خرج لعمله وكذا المرأة خرجت للعمل، فمن يقوم بعمل المرأة وأعبائها؟
إنه التخلي عن المسؤولية، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32].
3 - التردي الأكاديمي، كثير من كبار السن خاصة ممن نال حظا من التعليم ينقمون على جيل اليوم ضحالة المعرفة وقلة التجربة وعدم الكفاءة، وهذا التردي أمر ملاحظ، فإنك تجد المتخرج من الجامعة اليوم بمستوى طالب الثانوي قديمًا، لقد تخلى بعض المعلمين عن مسؤولياتهم وكثير من الطلاب كذلك.
4 - ارتفاع نسبة الطلاق، وهذا من مظاهر التقصير في تحمل المسؤولية، إن قيام وتأسيس أسرة يحتاج إلى قدر كبير من المسؤولية، ولما كانت هذه المسؤولية لا يتمتع بها كثير من شبابنا المقبلين على الزواج كانت نسبة الطلاق بين المتزوجين حديثًا مرتفعة؛ لأن الشاب لم يعود نفسه تحمل ما يجب عليه من أعباء، والتفكير الجاد في تخطي العقبات والصبر على المتاعب والمشاق، فعمد إلى رفع الحمل عن كاهله معلنا عجزه واستسلامه.
5 - العزوف عن الزواج، فكثير من شبابنا لا ينقصه شيء مما يجب لتكوين أسرة، ولا يحول بينه وبين الزواج إلا أنه لا يريد لنفسه أن يلتزم بمسؤوليات ولا أن يقوم بأعمال تكلفه بعض الالتزامات، فكثرت العنوسة وتعاظمت مشاكلها.
6 - المخدرات: وهي من أبرز مظاهر التخلي عن المسؤولية، فكثيرون هم الذين يعتقدون أن أنجع وسيلة لحل المشاكل هي الهرب منها إلى عالم المجهول، لقد تفاقمت مشكلة المخدرات وكثر مدمنيها حتى بين المتزوجين، والسبب هو التخلي عن المسؤولية والهرب منها.
7 - الزواج العرفي، هذا النوع من الزواج الذي لا يقره شرع ولا يرضاه عرف هو عين التهرب من المسؤولية، فبدلا من أن يأتي أحدهم الأمرَ من بابه يذهب لهذه المداخل غير المأمونة هربا من تبعات الزواج ومسؤولياته.
8 - عقوق الوالدين والانشغال عنهما بالزوجة والأولاد،
فهل يرضى أولئك الذين تخلوا عن والديهم أن يتخلى عنهم أبناؤهم ويتركوا واجبهم تجاههم منشغلين بزوجاتهم؟بل بعضهم قد تخلى عن والديه لدور المسنين والعجزة،
فهل يا ترى يوجد في تلك الدور من يقوم بالمسؤولية ويعطف على الوالدين ويسعى في حاجاتهم أكثر من أولادهم؟ بالطبع لا،
ومتى وجدت هذه الدور علم أن من أسباب وجودها تخلي بعض أفراد المجتمع عن المسؤولية.
9 - الانتكاسة، تجد الشاب وقد علته أنوار الهداية، فحافظ على الصلاة وطلب العلا وأدى الشعائر وتمسك بالسنة ثم لا تلبث أن تسمع عن تخليه عن الالتزام أو تراه يتراجع عما كان عليه من الخير والصلاح والسبب هو الهرب من المسؤولية الشرعية.
فهذه بعض مظاهر التخلي عن المسؤولية لا كلها وهي للأسف كثيرة وتزداد يوما بعد يوم والله المستعان.
ومن أسباب التخلي عن المسؤولية أيضًا:
1 - ضعف الوازع الديني: فمن عمر الإيمان قلبه، وتمكنت مراقبة الله من نفسه، علم أنه غدا موقوف أمام الله تعالى وسيسأله عما كلفه من تكاليف، ولا نجاة له إلا بالقيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقه، وأداء الأمانات المؤتمن عليها، والوفاء بما يجب عليه من الواجبات، فيكون المعين الأول له خوفه من الله تعالى وسعيه في مرضاته.
2 - ضعف الهمة: إن مسؤوليات يسيرة يعجز عنها كثير من الغلاظ الشداد، وما ذلك إلا لأن الهمم قد ماتت والعزائم قد خارت، فتجد الصغار وقد اجتازوا العقبات وحققوا النجاحات وتحملوا المسؤوليات، وغيرهم ممن أوتي أكثر مما أوتوا يقوى على أكثر مما تحملوا وقد خذله الكسل الذي استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم.
3 - التربية غير الرشيدة: فتعليم الطفل منذ صغره تحمل ما يستطيع من المهام، والقيام بما يجب عليه من واجبات مدرسية أمر له بالغ الأثر في شخصيته، ومن الأخطاء الشائعة قيام بعض أولياء الأمور بحل الواجبات الدراسية لأبنائهم، مما يدفعهم للتسيب ويبعدهم عن الاستعداد لتحمل المسؤوليات في كبرهم.
4 - الاتكالية: فكل واحد منا مسؤول مسؤولية مباشرة عن كثير مما وقعت فيه الأمة في الحاضر من تخلف مادي وفكري، ولكنا نتكل على بعضنا في تغيير هذا الواقع، فالعامة يلقون بالمسؤولية على النخبة والعلماء، والعلماء يلقون باللائمة على الحكام، والحقيقة أن الكل له مسؤوليته التي يلزمه القيام بها.
5 - الإحباط: الإحباط من أبرز أسباب القعود عن العمل وترك المهام والتقصير في المسؤوليات، وما جنى محبط غير الخسران والإخفاق، والتفاؤل هو روح الإنجاز، فالمسؤوليات لا يقوى عليها المحبطون لأن نظراتهم المتشائمة تمثل حجابا يمنعهم من الإقدام ويحجبهم عن التقدم وإنجاز ما هو من واجباتهم.
6 - عدم وضوح الرؤية، فكثير من الناس لا يعرف المسؤوليات الموكلة له أصلا حتى يقوم بها، فمن الآباء من يظن أن مسؤوليته تجاه أولاده تنتهي بتوفير المأكل والمشرب والمسكن، وأن التوجيه والإرشاد ليس من مهمته ولا مسؤوليته، وكثير من المسلمين لا يعرف أن عليه مسؤولية تجاه أمته ودينه.
7 - تعاظم المسؤوليات، نعم لقد صار الجميع يصارع في كل الأصعدة، وقديمًا قيل: إذا عظم المطلوب قل المساعد، لقد كان الناس في السابق لا يعانون كثيرا مما يعانيه أهل زماننا؛ فمثلا مسؤولية تربية الأبناء ومتابعتهم كانت في السابق أسهل بكثير منها في هذا الزمان الذي كثرت فيه وسائل الإفساد، ولكن هذا ليس مسوغًا لعدم القيام بما يجب القيام به من المسؤوليات، وعلى المرء أن يبذل وسعه، وأن يؤدي ما يستطيع، وإذا أديت ما عليك فلا عليك، وبقدر البذل تحصل النتائج، وبقدر الاستعداد يكون الإمداد.
8 - الغزو الفكري، الذي صور لكثير من شرائح المجتمع أن خروج المرأة ضرورة لا بد منها، وأنها لن تحصل على حقوقها وهي قابعة في بيتها، فتخلت بعض نساء المسلمين من أجل هذه الدعوى عن مسؤولياتها في البيت وخرجت لتتسلم مسؤولية غيرها.
كما زين هذا الغزو المسموم لكثير من النساء التخلي عن المسؤوليات الشرعية كالحجاب وغيره، واصفًا هذه التكاليف الشرعية بالتخلف والرجعية، وبالقدر نفسه حبب إلى الرجال والنساء على حد سواء الخلاعة والمجون، وهذا الغزو قامت عليه كثير من وسائل الإعلام ودعمته.
9 - عدم وجود المحاسبة الجادة في كثير من المرافق والمؤسسات، فمن الناس من لا رقيب عليه من داخله ولا ضمير يؤنبه إذا تخلى عن مسؤولياته الموكلة له، فلا بد من وجود المحاسبة الخارجية من رؤسائه ومديريه، ومتى وجدت هذه المحاسبة اضطر المتسكع للقيام بمسؤولياته الوظيفية على أتم وجه وأكمله.
10 - عدم تقدير من يقوم بمسؤولياته: إن المساواة بين الذين يعملون والذين لا يعملون ميزان مختل، قال الله تعالى: { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا} [الجاثية: 21] وهو من عوامل التقصير في أداء المهمة والقيام بالمسؤولية، فمثلا المعلم الذي لا يتوفر له من الكسب المادي ما يتناسب مع أمانته ومسؤوليته يشعره ذلك بالدونية ويصرفه عن تحمل المسؤولية.
سبل علاج التخلي عن تحمل المسؤولية:
1 - التبصير بالمسؤوليات والتعريف بالتكاليف: إن المرحلة الأولى من مراحل تحمل المسؤولية أن يعرف المرء ما يجب عليه؛ لأنه لا يمكنه القيام بما يجب عليه إذا جهله، وحتى التكاليف الشرعية لا بد من معرفتها ووضوحها ليسهل بعد ذلك على المكلف تطبيقها، ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: « كف عليك هذا: وأخذذ بلسان نفسه، قال: فقلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يَكُبُّ الناسَ في النارر على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائدُ ألسنتهم» [الترمذي 5/11، (2616)]
فمعاذ بن جبل رضي الله عنه مع أنه أعلم الأمة بالحلال والحرام، إلا أنه احتاج لبيان أن الكلمة مسؤولية.
2 - التحريض على تحمل المسؤوليات، فإن التحريض يؤدي إلى علو الهمة ويرفع الإحباط ولذا فهو نهج تربوي قويم في تحمل المسؤوليات، وقد استخدمه أبو سفيان يوم أحد ليرفع من همة جنوده، وإن كان قد استعمله في باطل إلا أنه يبقى وسيلة نافعة، قال ابن إسحاق: « وقد قال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بني عبد الدار: قد وليتم لواءناا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم، وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم إذا زالت زالوا، فإما أن تكفونا لواءنا وإما أن تخلواا بيننا وبينه فنكفيكموه، فهموا به وتواعدوه وقالوا: نحن نسلم إليك لواءنا، ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع؟ وذلك الذي أراد أبو سفيان» [البداية والنهاية: 4/15].
وقد استبسل حملة اللواء وكانت لكلمات أبي سفيان دورها في تحملهم ما أوكل إليهم.
3 - مواجهة الغزو الفكري وبيان تفوق الإسلام الحضاري، وملاءمة تعاليمه السمحة لفطرة الإنسان، وفضح الواقع المرير الذي يعيشه غير المسلمين من انحلال وتفكك، وهو ما يحاولون جهدهم جر المسلمين إلى مستنقعه.
4 - العناية ببرامج التزكية التي تدفع إلى تحمل التكاليف الشرعية بانشراح صدر وقبول ورغبة وبيان الثواب الجزيل الذي ينتظر الملتزم القائم بمسؤولياته الشرعية في الدنيا والآخرة.
5 - المحاسبة والرقابة لمن يتخلى عن مسؤولياته ويقصر فيما يجب عليه تجاه المجتمع والضرب على أيدي العابثين بالوظائف العامة.
6 - تقدير من يقومون بالمهام والمسؤوليات والتنويه بدورهم وتقديم الجزاء الأوفى لهم الذي يستحقونه.
7 - تعويد الأطفال منذ الصغر تحمل المسؤولية والقيام بمهامهم الصغيرة التي تتناسب مع أعمارهم وتبغيض الاتكالية إليهم فإنها داء خطير.
8 - بث روح التفاؤل وإشاعة الأمل بانقضاء زمن الضعف الذي يعيشه المسلمون وبزوغ فجر الإسلام من جديد وأن المستقبل لهذا الدين وما علينا إلا أن نسعى لخير أمتنا بالقيام بمهامنا فيتحقق لنا النصر المنشود.
9 - إبراز النماذج المعاصرة التي تخطت العقبات وقامت برغم العوائق بالمسؤوليات فسعدت ونجحت وصارت مثلا يحتذى وقدوة تؤتسى، فإن للأمثلة العملية تأثيرًا كبيرًا على النفوس.
10 - ترسيخ مفهوم السعادة في القيام بالمهام والنهوض بالمسؤوليات ليقدم المقدم على المسؤولية إقدام المتشوق الذي يطلب فيها السعادة والراحة.
وأخيرًا:
يجب التذكير بأن فوز الدنيا والآخرة مرتهن بالقيام بالمسؤوليات على الوجه الأكمل، وخسارة الدنيا والآخرة في التهرب من المسؤوليات، فمن شمر عن ساعد الجد أعانه الله ووفقه فكان من القائمين بما أوجب الله عليهم المفلحين في الدنيا والآخرة.
الكاتب: مروان محمد أبو بكر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] المصدر الصناعي: هو اسم زيد في آخره ياء مشددة بعدها تاء مربوطة للدلالة على ما فيه من الخصائص مثل [الإنسانية] تدل على خصائص الإنسان.
- التصنيف:
- المصدر: