حماس وفقدان الحماس...!
لِننقُد حماس دون نقضها.. وننصح لها دون فضحها... خاصة وأنه ليس هناك اليوم غيرها، والناقدون يمكنهم مطالبتها بضبط المسيرة التي لاتزال طويلة دون هدر لجهدها وجهادها. ولا هدم لرموزها.
من حق الناقدين لحركة حماس أن يأخذوا عليها انحناءتها الأخيرة؛ قبل العاصفة الهوجاء القادمة، بينما كان المطلوب منها ومن الأمة معها مضاعفة التأهب واليقظة والحماس، حتى لا ينصرف عموم الناس عن قضية فلسطين كما انصرفوا عن غيرها.
♦ ومن حق النقاد رفض ذلك التراجع الحاد في الخطاب الإسلامي للحركة، بتكرار مقولة عبد الناصر التي طالما رفضها الإخوان قبل غيرهم، عندما قال: (نحن لا نعادي اليهود ولكن نعادي الصهيونية !). رغم علم حماس وعلم كل أصحاب الفهم من الناس أن الصهيونية هي الأداة التنفيذية العملية؛ للمنظومة اليهودية المحرفة المخرفة العدائية.. وأن عداءنا لليهود ليس مجرد تناحر سياسي، بل هو من عقيدة الولاء والبراء في صميم معتقدنا الأساسي.
♦ ومن حق الناقدين التحفظ على تماهي الحركة وتساهلها مع التسلل والتسلسل العلماني الماكر في تحويل القضية الفلسطينية من قضية ذات صبغة إسلامية عالمية.. إلى قضية صراع إقليمي بين (القومية العربية) وبين الدولة الصهيونية.. لتنتهي إلى مجرد قضية (وطنية) فلسطينية...استرضاءً لمن لا يرضون، واستجابة لضغوط العلمانيين الوقحين الذين لن يقبلوهم حتى يمسخوهم.
♦ ومن حقهم أن يأخذوا على الحركة القبول الرسمي بدولة على حدود 67 (تحت قيادة منظمة فتح العلمانية طبعًا) بعد ثلاثين عامًا من انتقادها ورفض التعامل مع فتح لأجلها.. ومن حق الناقدين؛ بل من واجبهم وواجب كل المسلمين معهم أن يتساءلوا.. لماذا وإلى متى.. هذا المُضي غير المحسوب لا شرعيًا ولاواقعيًا في تحسين وتمتين العلاقات مع من عرفوا بالعداوة للدين، وقبلهم مَنْ عادوا الصحابة وعموم الأمة من أهل السنة أجمعين!.
ولكن مع كل هذا أرى... أنه ليس من الكياسة تبريد الحماسة لقضية فلسطين لهذا العارض (الحماسي) الذي سيزول، وهذه الكبوة التي لن تطول.. لأن قضيتهم وقضيتنا في بيت المقدس مقبلة على مرحلة قادمة صادمة من التسخين؛ تحتاج لإقدام ويقظة كافة المسلمين... فليس من حقي ولاحق الناقدين والناقمين أن يحولوا هذا التحول (غير المدروس) إلى مناحة تصرف القلوب عن تلك القضية التي لاتزال هي المركزية؛ والتي يجري منذ عقود تصغيرها بتكبير غيرها، وبتهوين خطر إرهاب اليهود داخلها وخارجها؛ من خلال التهويل في خطر ما أسموه (الإرهاب الإسلامي) حولها.
وكذلك القدس لا يصح أن يفقد الناس الحماس لقضيتها، وهي على أبواب الوصول إلى الغرض الحقيقي من (وعد بلفور) بتنفيذ (وعد ترامب) بنقل السفارة الأمريكية إليها لإضفاء الصبغة والصفة الرسمية اليهودية عليها.. وهكذا قضية (الأقصى) الذي خذلته الأمة كلها باستمرار تركه أسيرًا لدى اليهود خمسين عامًا أو يزيد... في تهديد حقيقي بتهويده.. وإصرار عنيد متزايد على هدمه.
لِننقُد حماس دون نقضها.. وننصح لها دون فضحها... خاصة وأنه ليس هناك اليوم غيرها، والناقدون يمكنهم مطالبتها بضبط المسيرة التي لاتزال طويلة دون هدر لجهدها وجهادها. ولا هدم لرموزها.
ولنتذكر ولا نتنكر لتاريخ الكرامة والفداء لرموزها وشهدائها.
فاللهم تقبل الشيخ أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وعبد الله عزام ونزار ريان، وسعيد صيام، وصلاح شحادة، ويحيى عياش، وغيرهم غيرهم.. ممن سبقهم ومن سيلحق بهم؛ من شهداء القدس والأقصى.. الذين كان لهم شرف البدء في إعادة تلك القضية المصيرية القضية إلى وجهتها الإسلامية العالمية.. التي ستعود قريبًا.. وستكون حماس وغيرها بإذن الله. لها وأهلها.
- التصنيف: