مع القرآن - لكان لزاماً و أجل مسمى

منذ 2017-06-03

{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى}  [طه 129-130] .

سبقت كلمة الله تعالى بإمهال المكذبين المعرضين عن رسالته حتى إذا أصروا و أتى الأجل المحتوم أخذهم أخذ عزيز مقتدر في وقت غلب على ظنهم أنهم خالدون أو أنه نسيهم و حاشاه سبحانه لا يضل و لا ينسى و إنما يمهل رحمة منه بعبيده و إعطاء للفرصة تلو الأخرى عسى أن يتوبوا و يرجعوا قبل أن يأتيهم عذاب مستحق لا قبل لهم به .

و على الرسل و الأنبياء و من تبعهم من الربانيين و الصالحين الصبر على إيذاء المعاندين و سخريتهم و استهزائهم و مقولاتهم المعادية للرسالة و أهلها و الانشغال و الاستعانة بذكر الله من طلوع الشمس إلى آناء الليل مروراً بالنهار و لحظات الغروب فهذا أجدر أن تتعلق قلوبهم بالله و بذكره و تتحمل الأعباء و تتخفف من ضغوط الدنيا و أهلها .

{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى * فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى}  [طه 129-130] .

قال السعدي في تفسيره :

هذا تسلية للرسول، وتصبير له عن المبادرة إلى إهلاك المكذبين المعرضين، وأن كفرهم وتكذيبهم سبب صالح لحلول العذاب بهم، ولزومه لهم، لأن الله جعل العقوبات سببا وناشئا عن الذنوب، ملازما لها، وهؤلاء قد أتوا بالسبب، ولكن الذي أخره عنهم كلمة ربك، المتضمنة لإمهالهم وتأخيرهم، وضرب الأجل المسمى، فالأجل المسمى ونفوذ كلمة الله، هو الذي أخر عنهم العقوبة إلى إبان وقتها، ولعلهم يراجعون أمر الله، فيتوب عليهم، ويرفع عنهم العقوبة، إذا لم تحق عليهم الكلمة.

ولهذا أمر الله رسوله بالصبر على أذيتهم بالقول، وأمره أن يتعوض عن ذلك، ويستعين عليه بالتسبيح بحمد ربه، في هذه الأوقات الفاضلة، قبل طلوع الشمس وغروبها، وفي أطراف النهار، أوله وآخره، عموم بعد خصوص، وأوقات الليل وساعاته، لعلك إن فعلت ذلك، ترضى بما يعطيك ربك من الثواب العاجل والآجل، وليطمئن قلبك، وتقر عينك بعبادة ربك، وتتسلى بها عن أذيتهم، فيخف حينئذ عليك الصبر.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 0
  • 0
  • 7,908
المقال السابق
الاعتبار بما جرى للأولين
المقال التالي
أمر الأهل بالصلاة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً