لا تنس في الغربة
لا تنس في الغربة.. (تركْنا الناس أحوج ما كنا اليهم..)
وإذا طالت بك الغربة، وأوجعتك آلامها، ولم تعرف من الناس عظيم أمر يربطك بهم، وتنكرَت لك توجهاتهم وعقائدهم ومناهجهم، فرحهم وصخبهم، ضجرهم وغضبهم..
وإذا عاملتهم بخير لكن قلبك لا يعرفهم لما بينك وبينهم من البُعد والبون الشاسع اهتماما وغاية ومنهجا وسبيلا..
وإذا تتابعت آلام الغربة والنكران، والتفرد بينهم والوحدة بين السائرين..
حينها تذكر هذه الكلمة عظيمة الوقْع، وثقيلة المعنى، وهي محملة بآلام سنوات وتجربة حياة وثقل مواقف وتفرد مناهج أهل النجاة يوم القيامة، حينما يتعرف اليهم ربهم تعالى «.. أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال: فماذا تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: يا ربنا، فارقْنا الناسَ في الدنيا أفقر ما كنا إليهم..» فيتعرف اليهم ربهم حتى يسجدوا له، وحينها يُضرب الجسر وتحل الشفاعة..
لقد كانت كلمة المؤمنين لربهم تعالى يوم القيامة هي أنهم تركوا الناس أحوج ما كانوا اليهم، وتحملوا غربة لله.. فيوم القيامة يجازون أن يتعرف اليهم ربهم وينجيهم ويتولى أمرهم حين يهلك الكثير..
لا تكن مع الكثرة بل كن مع من سيبقى معهم الحي الذي لا يموت..
- التصنيف: