وقفة مع الأحداث (1)
{فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أطيب المرسلين .. ثم
أما بعد ..
فهذه وقفات مع الأحداث
الوقفة الأولى :
كم كان الحكم الظالم الغاشم المبغض لشرع الله المحارب لأوليائه يحذَر
ويحذّر من الجماعات الإسلامية ويبالغ في التضييق على الدعوة والدعاة ،
ويزجون بهم خلف الأسوار ؛ خوفا على السلطان المهزوز ، وحفاظا على
عروشهم وقروشهم : {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ
يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ
بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا
يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر:
2] فإذا بالثورة تبدأ بشباب وفتيات الانترنت ثم تتابع كل طوائف الأمة
، فتثور على الظلم والاستبداد والقهر والفساد ، ويصر على رحيل النظام
، ولا يهدأ حتى تتحقق مطالبه .
الوقفة الثانية :
نلاحظ أن أشد الأنظمة العربية ظلما وقهرا النظام التونسي ثم المصري ،
فكان الأول أول الأنظمة الغاشمة سقوطا هو النظام التونسي ثم المصري ،
ولا ندري من الثالث والرابع ، فتحققت مقولة شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله : " إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم
الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة "
فهذه الأنظمة كانت تبدو قوية مستقرة في الظاهر لما فيها من قمع
وأحكام بوليسية ، إلا أن الظلم و الفساد والاستبداد كان ينخر في
عظامها ، ولذلك كان انهيارها سريعا دفعة واحدة ، ثم انكشفت عورة هذه
الأنظمة ولم يكن أحد يتصور مدى فسادهم وظلمهم فإذا الخيانة والسرقة
والعمالة للكفار ، كما قال تعالى : {
وَفِرْعَوْنَ ذِي
الْأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ . فَأَكْثَرُوا
فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ .
إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}
[الفجر : 10 - 14] .
الوقفة الثالثة :
استهانة السلطات بالدماء كان من أعظم أسباب البلاء ؛ فمقتل خالد سعيد
، وسيد بلال وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين خاصة في يوم الأربعاء
الدامي - أشعل نار الثورة وصار بين الناس والسلطات دماء وذلك لجهلهم
بحرمة الدماء وكيف أن الله عز وجل عظم حرمتها فقال تعالى : {
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً
فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً
} [النساء: 93]
وقال صلى الله عليه وسلم:" لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن
بغير حق " رواه ابن ماجه وصححه الألباني فاستهانتهم بدماء المسلمين
فوت عليهم معالجة الأمور .
فهذه ثلاث وقفات مع الأحداث ولعلنا نتابع ذلك بوقفات أخرى ، والله
الهادي إلى الدرجات ، والموفق للطاعات ، والحمد لله رب العالمين
.
- التصنيف: