الطلاق فى الإسلام
الطلاق الحرام: وهو ان يطلق الرجل امرأته ثلاثا فى كلمة واحدة أو فى ثلاث كلمات فى المجلس كأن يقول عبارة: (أنت طالق ثلاثا) أو يقول أنت طالق. طالق . طالق فهذا الطلاق محرم بالإجماع.
الطلاق لغة: مشتق من الإطلاق وهو الإرسال والترك ومنه طلقت البلاد أى تركتها ويقال طلقت الناقة إذا سرحت حيث شاءت.
وشرعا: هو حل قيد النكاح أو بعضه وهو جائز بنص الكتاب العزيز ومتواتر السنة المطهرة وإجماع المسلمين وهو قطعى من قطعيات الشريعة ولكنه يكره مع عدم الحاجة وأخرج ابو داود والحاكم وصححه بن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم «أبغض الحلال الى الله الطلاق».
والطلاق يخص أمر العلاقات الزوجية التى تمس صميم الحياة الإجتماعية والذى ينظم علاقة الرجل بالمرأة ويمتد أثره إلى الأبناء، وعدم تنظيم هذا الأمر يؤدى إلى خلل بالغ يصيب المجتمعات بالإضطراب.
والطلاق مأخوذ من الإنطلاق والتحرر وتشريع الطلاق حد من حدود الله فإن حاولت أن تأتى بأمر لا يناسب ما أمر الله به فى تنظيم إجتماعى فقد نقلت المأمور به إلى حيز المنهى عنه و بذلك تحدث ظلما.
والطلاق عملية صعبة تأتى والنفس فيها غضب وتأتى والزوج والزوجه وأهل الزوج والزوجة فى كدر.
والزواج صلة مبناها السكن والمودة والرحمة وفى ذلك يقوله الله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الروم -21 ] فإذا انعدمت هذه العناصر فكيف يستمر الزواج إن التفريق بينهما فى مثل هذه الحالة قد يكون وسيلة أرادها الله سبحانة وتعالى ليرزق الزوج خيرا منها ويرزق الزوجه خير منه.
و للطلاق ثلاثة أركان وهى:
1- الزوج المكلف فليس لغير الزوج أن يوقع طلاقا لقوله صلى الله عليه وسلم «إنما الطلاق لمن اخذ بالساق» (أبن ماجه والدارقطنى) كما ان الزوج ان لم يكن عاقلا بالغا مختارا غير مكره لا يقع منه طلاق لقوله صلى الله عليه وسلم «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبى حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل» (أبن ماجه والدارقطنى) لقوله صلى الله عليه وسلم «رفع عن امتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (الطبرانى وهو صحيح).
2- الزوجة التى تربطها بالزوج المطلق رابطة الزواج حقيقة بأن تكون فى عصمته لم تخرج عنه بفسخ أو طلاق أو حكما: كالمعتده من طلاق رجعى أو بائن بينونه صغرى فلا يقع الطلاق على أمرأة بانت منه بالطلاق الثلاث أو بالفسخ أو ببطلانها قبل الدخول بها وإذا لم يصادف الطلاق محله فهو لاغ لقوله صلى الله عليه وسلم «لا نذر لإبن أدم فيما لا يملك ولا عتق له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك» (الترمذى وحسنه).
3- اللفظ الدال على الطلاق صريحا كان أو كناية فالنية وحدها بدون تلفظ بالطلاق لا تكفى ولا تطلق بها الزوجة لقوله صلى الله عليه وسلم «إن الله تجاوز لأمتى عما حدثت بها أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به» (متفق عليه).
والطلاق الصريح هو ما لا يحتاج المطلق معه إلى نية الطلاق بل يكفى فيه لفظ الطلاق وذلك بان يقول (أنت طالق) أو (مطلقة) أو طلقتك أو نحو ذلك.
وطلاق الكناية وهو ما يحتاج فيه الى نية الطلاق إذ اللفظ غير صريح فى الدلاله عليه كأن يقول (ألحقى بأهلك أو أخرجى من الدار أو لا تكلمينى )، وما أشبه مما لا يذكر فيه الطلاق ولا معناه مثل هذا لا يكون طلاقا إلا إذا نودى به الطلاق هذا فى الكناية الخفيه.
أما الكناية الظاهرة كقوله: انت خليه اى انها بينونة كبرى لا تحل إلا بعد نكاح زوج أخر. أو بائن فهذه الكنايه لا تحتاج الى نية بل يقع الطلاق بمجرد التلفظ بها.
أما الطلاق الحرام: وهو ان يطلق الرجل امرأته ثلاثا فى كلمة واحدة أو فى ثلاث كلمات فى المجلس كأن يقول عبارة: (أنت طالق ثلاثا) أو يقول أنت طالق. طالق . طالق فهذا الطلاق محرم بالإجماع لقوله صلى الله عليه وسلم وقد أخبر أن رجلا طلق أمرأته ثلاثا جمعا فقام غضبان وقال «أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟» حتى قام رجل فقال: يا رسول الله ألا أقتله.
كما يمكن الطلاق بالوكاله أو الكتابة فالوكالة فى الحقوق والكتابة تقوم مقام النطق عند تعذره لغيبة أو خرس مثلا.
وقد افرد الله سورة من سور القرآن الكريم للطلاق وهى سورة الطلاق والتى تسمى سورة النساء الصغرى أو القصرى وهى السورة رقم 96 فى ترتيب النزول أما ترتيبها فى المصحف فهو 65. و عدد آياتها اثنى عشر ايه.
وفى مطلع هذه السورة يقول سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [سورة الطلاق-1] تبدأ الايه بخطاب النبى صلى الله عليه وسلم فقالت {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} فمن عظمة نبينا ورسولنا محمد وعلو مكانته عند من اصطفاه خاتما لرسالته فى الأرض أن الله ذكر الرسل والأنبياء فى خطابه لهم بنداء أسمائهم فقط كقوله: {قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [سورة البقرة-من الايه 33]، وقوله {أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [سورة القصص -من الايه30].
ونلاحظ هنا أن كلمة (النبى) مأخوذه من النبأ وهو الخبر الهام فالخبر يكون من البشر للبشر فإن كان من خالق البشر فهو نبأ. أى أمر عظيم ينبغى الإهتمام به والله تعالى يخاطب الأمة تبعا لخطابه لرسول الله وهو تكريم وتشريف لرسول الله ولكن أيضا فإن الموضوع التى تتعرض له سورة الطلاق موضوع يمس حياة الناس وينظم العلاقات الزوجية زواجا وطلاقا إنها تتحدث فى أمر تنهدم به الأسر والمجتمعات لذلك كان لابد من تنظيم أمر الطلاق حتى لا تكون فوضى منعا لظلم المرأة أو الرجل ومنعا لإختلاط الأنساب فالأمر ليس متروكا لآحاد الناس ينظمونه كما يشاؤون بل هو منوط بولى الأمر أو من ينوب عنه من القضاه لذلك خاطب الله هنا رسول الله كولى لأمر المسلمين والقاضى بينهم فى أقضيتهم فى زمن وجوده صلى الله عليه وسلم فأمر الطلاق تقوم الدولة على إلزام الناس بأحكام الشرع فيه.
لذا ناسب هنا أن ألا يخاطب الذين آمنو بل يخاطب ولى الأمر فليس لإنسان ان يتزوج هكذا مع نفسه دون ولى للمرأة ودون عقد ودون إشهار وصداق وليس له أن يطلق دون أن يسجل طلاقه أو يشهد عليه الثقات من الناس وبالتالى ليس له أن يراجع إمرأته إلا أن يشهد الناس على مراجعته لإمرأته وذلك حفظا لحقوق المرأة وعدم الوقوع فى الإثم وبعد ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء} [سورة الطلاق – 1].
فاستخدم سبحانه لفظ " إذا " الشرطية اى إذا حدث وطلقتم النساء وهى تعطى معنى أنه ليس القاعدة ففعل الشرط هنا (طلقتم) وجوابه {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فالطلاق يكون لعدة محددة ولأجل محدد مسمى ونظام العدة له حالات:
الحالة الأولى:
إذا كانت المطلقة غير حامل فعدتها ثلاثة قروء أى ثلاثة أطهار إن كانت ممن يحضن يقول تعالى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [سورة البقرة -228]. أى ثلاثة أطهار متواليات.
الحالة الثانية:
فهى المطلقة التى تطلق وهى حامل فعدتها أن تضع حملها فيقول تعالى {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [سورة البقرة -228]. وعليها ألا تكتم ذلك فقد يجوز أن تكون حاملا وتكتم ما فى بطنها حتى لا تنتظر طول مدة الحمل وتتزوج رجلا اخر فينسب الولد لغير أبيه.
الحالة الثالثة:
فهى المطلقة التى بلغت سن اليأس ولم تعد تحيض ولم تكن حاملا أو كانت صغيره لم تصل لسن الحيض فهذه عدتها ثلاثة أشهر، وكلمة النساء فى قوله {إِذَا طَلَّقْتُمُ النسَاء} [سورة الطلاق – 1] تشمل كل هذه الأصناف من المطلقات والمطلقات هنا أى المطلقات رجعيا فمن حق الزوج أن يراجع زوجته فى أثناء فترة العدة فى الطلاق الرجعى فإن انتهت عدتها فقد سقط حقه فى مراجعة الزوجة بنفسه وله ان يراجعها ولكن بمهر وعقد جديدين ما دام قد بقى له حق أى لم يستنفذ مرات الطلاق.
الحالة الرابعة:
هى عدة المرأة التى توفى عنها زوجها وهى حامل وقد يكون حملها فى بدايته هل تعتد عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا أم عدة الحامل بوضع حملها؟ يقول تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ۖ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلونَ خَبِيرٌ } فعدة المتوفى عنها زوجها أنها تتربص بنفسها أربعة أشهر وعشرا هذا إذا لم تكن حاملا فإن كانت فعدتها أبعد الأجلين فإن كان الأجل الأبعد هو اربعة أشهر وعشرا فتلك عدتها.
و قوله تعالى{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [سورة الطلاق – 1]، أى طلقوا كل واحدة منهن بحسب حالتها ولعدتها التى حددها الله لكل حالة وذلك معناه ان الطلاق يكون للعده بمعنى ألا يطلقها وهى حائض ولا يطلقها فى طهر قد جامعها فيه ثم يقول تعالى {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [سورة الطلاق – 1].
أى احفظوها أى: احفظا الوقت الذى وقع فيه الطلاق حتى إذا بلغن اجلهن أى عدتهن بسبب حالتها حلت للأزواج. فالأحصاء معرفة إبتداء وقت العدة ومعرفة انتهاء وقتها لئلا تطول فترة العدة على المرأة فتمتنع من الأزواج فإن لم يحصوا العدة ومضت المدة قد يراجعون بينما كان الوقت قد فات ولزمهم حينها عقد جديد بمهر جديد.
ففى الإحصاء فوائد منها مراعاة الرجعه وزمان النفقة والسكن والإحصاء معرفة العد وضبطه ولاحظ ان الله لم يقل أحسبوا العدة ولكنه قال (وأحصوا) والإحصاء فيه تدقيق أكثر فى حساب الشئ لأن التساهل قد يؤدى الى أحد أمرين:
- إما التزويج قبل إنتهائها فربما أختلط النسب .
- وإما تطويل المدة على المطلقة فى أيام منعها من التزويج لأنها فى مدة العدة لا تخلوا من حاجة الى من يقوم بها.
و قوله تعالى {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} [سورة الطلاق – 1].
أى لا تعصوه فيما أمركم به فلا تطلقوا النساء فى الدم ولا فى الطهارة وقد جامعتموهن إلا فى الطهارة بعد ما يغتسلن من الحيض من قبل أن تجامعوهن، وهى دعوة للرجال خاصة الى تقوى الله فى هذا الموقف وألا يكون عن عدوان أو انتقام أو اتباع شهوة عارضة او نزوة طارئة ثم يقول تعالى {لَا تُخْرِجوهُنَّ مِن بُيوتِهِنَّ} (سورة الطلاق – 1).
أى لا تخرجوهن من بيوتهن حتى تنقضى عدتهن وليس لها أن تخرج إلا بإذنه وليس للزوج أن يخرجها ما كانت العدة فإن خرجت فلا سكن لها ولا نفقه وهذا نهى للرجال عن أن يخرجوا مطلقاتهم قبل انقضاء العدة بل ينبغى أن يمسكوهن فى بيت الزوجية فإنها زوجة الى أن تنقضى العدة ويقول تعالى {إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ} (سورة الطلاق – 1).
والمتبع لآيات القرآن سيجد أن الزنا هو الذنب الوحيد الذى سماه القرآن فاحشة فهى إذن الزنا والبعض من العلماء قالوا: الفاحشة البغض والنشوز ومن العلماء من قال: خروجها قبل انقضاء العدة من بيتها الفاحشة المبينه ومنهم من رأى ان فاحشة المراة هنا هى ان تبذوا أى تجئ بالكلام القبيح والفحش فإذا بذت عليهم بلسانها فقد حل لهم إخراجها " وكلمة (مبينة) تعتبر عن مجاهرة المرأة بفاحشتها أو ببذاوتها مجاهرة لا يحتملها أحد او تطاولها على زوجها بالسباب والنشوز والإرتفاع عليه والتمرد عليه وعلى اهله {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} [سورة الطلاق – 1].
وما دامت الحدود تشمل مناهى الله وتشمل أوامر الله فكل شئ مأمور به وكل شئ منهى عنه بحب أن يظل فى مجاله من الفعل ومن النهى فى (لا تفعل) {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [سورة الطلاق – 1].
فإياكم ان تتعدوا هذه الحدود لأن الإنسان إذا ما تعدى هذه الحدود يقع فى ظلم نفسه وهو ظلم من يعول فمن يتعدى حدود الله فى احكام الطلاق والرجعه والعدة وعدم إخراج المطلقة طلاقا رجعيا من الزوجية فقد ظلم نفسه قبل أن يظلم غيره. فقوله تعالى {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا} [سورة الطلاق – 1].
فلعل الله يحدث في قلب المطلق الرحمة والمودة فيراجع من طلقها ويستأنف عشرتها فيتمكن من ذلك مدة العدة أو لعله طلقها بسبب منها فيزول ذلك السبب فى مدة العدة فيراجعها لإنتهاء سبب الطلاق، ويقول تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [سورة الطلاق – 2].
أى قاربن بلوغ الأجل فإن الحق سبحانه وتعالى يريدنا أن نتمسك بأسعاد الحياة الزوجية الى أخر فرصةز تتسع للإمساك والمعروف مقابل المنكر والأمر الخير متعارف عليه بالسجية {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [سورة الطلاق – 2].
فيستخدم الحق سبحانة وتعالى لفظ التفريق لا التسريح وكأن الله يذكره بما كان بينه وبينها من حميم العلاقات ومن حبهما لبعضهما فيستخدم لفظا شديدا {فَارِقُوهُنَّ} فليكن فراقا لا محذور فيه.
ويقول الله تعالى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} [سورة الطلاق – 2] .
ومن المفارقة بالمعروف الإشهاد على الرجعة فإذا أراد مراجعتها قبل أن تنقضى عدتها أشهد على ذلك رجلين عند الطلاق وعند المراجعه فإن راجعها فهى عنده على تطلقتين وإن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت منه واحدة وهى أملك بنفسها ثم تتزوج من شاءت هو أو غيره، وكل من راجع فى العدة فإنه لا يلزمه شئ من احكام النكاح غير الإشهاد على المراجعه فقط. فذكر الإشهاد فى المراجعه ولم يذكره فى النكاج ولا فى الطلاق.
وفائدة الإشهاد ألا يقع بينهما التجاحد وألا يتهم فى إمساكها لئلا يموت أحدهما فيدعى الثانى ثبوت الزوجية ليرث. ومعنى ذوى عدل "منكم" اللذان يرضى دينهما وأمانتهما وعدالتهما والعدالة هى الإعتدال فى الأحوال الدينية وذلك بان يكون مجتنبا للكبائر محافظا على مروءتة وعلى ترك الصغائر ظاهر الأمانة غير مغفل وأن يتسم بصفاء السريرة وإستقامة السيرة {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} [سورة الطلاق – 1] .
هدانا الله الى طاعة اوامره و إقامة حدوده.
الكاتب: جلال عبد الله المنوفي