مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ * قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ * فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ * فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ * فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ } [يس 27-34]
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} :
مشهد الحسرات المتتالية و الحوار غير المجدي بين المجرمين المتباعدين عن الله و كلماته و رسله المعادين لأوليائه المشركين معه أهواءهم أو أوثانهم باختلاف أنواعها وأشكالها .
إذ يتهم الأتباع متبوعيهم بأنهم كانوا سبب الضلال و الغواية و سبب الهلاك الواقع عليهم, فكان ردهم : بل كنتم طغاة صغار استبحتم لأنفسكم تصديق دعاوينا مهما كانت فارغة, فحق عليكم العذاب كما حق علينا , فغوايتنا لكم وافقت هواكم وأفئدتكم الخربة, و هاهو الاشتراك في العذاب قد حل و هكذا يفعل الله بالمجرمين.
قال تعالى :
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ * قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ * فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ * فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ * فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ * إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ } [يس 27-34]
قال السعدي في تفسيره :
لما جمعوا هم وأزواجهم وآلهتهم، وهدوا إلى صراط الجحيم، ووقفوا، فسئلوا، فلم يجيبوا، وأقبلوا فيما بينهم، يلوم بعضهم بعضا على إضلالهم وضلالهم.
فقال الأتباع للمتبوعين الرؤساء: { { إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ } } أي: بالقوة والغلبة، فتضلونا، ولولا أنتم لكنا مؤمنين.
{ { قَالُوا } } لهم { { بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} } أي: ما زلتم مشركين، كما نحن مشركون، فأي: شيء فضلكم علينا؟ وأي: شيء يوجب لومنا؟
{ و } الحال أنه { مَا كَانَ لنا عليكم مِنْ سُلْطَانٍ } أي: قهر لكم على اختيار الكفر { {بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ } } متجاوزين للحد
{ {فَحَقَّ عَلَيْنَا } } نحن وإياكم { {إِنَّا لَذَائِقُونَ } } العذاب،.أي: حق علينا قدر ربنا وقضاؤه، أنا وإياكم سنذوق العذاب، ونشترك في العقاب.
{ فـ } لذلك { {أَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ} } أي: دعوناكم إلى طريقتنا التي نحن عليها، وهي الغواية، فاستجبتم لنا، فلا تلومونا ولوموا أنفسكم.
قال تعالى: { {فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ } } أي: يوم القيامة { {فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} } وإن تفاوتت مقادير عذابهم بحسب جرمهم.
كما اشتركوا في الدنيا على الكفر، اشتركوا في الآخرة بجزائه، ولهذا قال: { { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ} }
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: