وفيتَ إذ غدروا، وأقبلتَ إذ أدبروا
"جاء عدي بن حاتم إلى عمر وهو يعطي الناس فقال: يا أمير المؤمنين أما تعرفني؟ قال: بلى، بأحسن المعرفة أعرفك. أسلمتَ إذ كفروا، وأعطيتَ إذ منعوا، ووفيتَ إذ غدروا، وأقبلتَ إذ أدبروا "
إلى المنشغلين بالرموز الدعوية التي سقطت، ثم رموز الحركة الإسلامية الذين نكصوا.. إلى التافهين الذين شغلوا الناس.. إلى كل المنشغلين بالقوم.. دعك منهم واسأل نفسك أين أنت وماذا تريد أن تسمع يوم القيامة..؟
إلى كل مسلم ومسلمة .. إليكم أسوق قصة "إنسان" اختار طريقا تُوّج بخير وسْم..
حاتم الطائي المشهور بالكرم، كان ابنه "عَدي" على النصرانية، وساد قومه بعد أبيه..
وبعد أن جاء الإسلام جاءتهم جيوش المسلمين إلى قومه ـ طيء ـ فهرب إلى الشام، وأُسرت أخته، فمَنّ عليها رسول الله وأكرمها، فأرسلت إلى أخيها أن أسلِم فإن سول الله أكرمني كرما ما كان ليفعله أبوك حاتم لو كان حيا..!
جاء عَديّ وأسلم، وفسر له رسول الله آيات في العقيدة، وكان عدي حسن الإسلام صادق العهد..
كان سببا في أحاديث في الأحكام، وتفسير آيات الأحكام، في الصيام، والصيد، وغيرها.. رضي الله عنه.
لما جاءت حروب الردة بعد وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، انطلقت جيوش المسلمين نحو طيء وأسد وغيرها، لمواجهة طليحة الأسدي وغيره من المتنبئين كمسيلمة؛ فقال عدي للصّدّيق دع لي أمر "طيء وبزاخة"، فكان قد ذهبت منهم بطون، كـ "جديلة" و"غوث" وآخرون مع جيش طليحة الأسدي.
وقد أقنعهم عدي بالرجوع وخوفهم اللهَ وخوفهم أيضا جيوش المسلمين.. فنجح الأمر وانسحبوا من جيش "طليحة الأسدي" المرتد. ونجوا من خزي الدنيا والآخرة، وخففوا عن المسلمين.
كان وفيّا حيث خان الناس، واختار صف الأوفياء وصف الفئة التي وعد الله أن يبعثها إبّان كل حركة ردة ﴿ {من يرتد منكم عن دينه، فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، أذلةٍ على المؤمنين، أعزة ٍعلى الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم} ﴾.
مرت الأيام وعاد عدي الى المدينة في خلافة عمر، وهناك كان ما جعله الله له في القلوب.. فكان هذا الموقف..
جاء في مسند البزارعن الشعبي، وقيس بن أبي حازم قال:
"جاء عدي بن حاتم إلى عمر وهو يعطي الناس فقال: يا أمير المؤمنين أما تعرفني؟ قال: بلى، بأحسن المعرفة أعرفك. أسلمتَ إذ كفروا، وأعطيتَ إذ منعوا، ووفيتَ إذ غدروا، وأقبلتَ إذ أدبروا "
وروى ابن أبي شيبة عن عدي بن حاتم قال:
"أتيت عمر في ناس في قومي فجعل يفرض لرجال من طيئ في ألفين ويعرض عني فقلت: يا أمير المؤمنين أما تعرفني؟ فضحك حتى استلقى لقفاه، ثم قال: والله إني لأعرفك؛ قد آمنتَ إذ كفروا وأقبلتَ إذ أدبروا ووفيتَ إذ غدروا وإن أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة طيئ، ثم أخذ يعتذر ثم قال: إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة وهم سراة عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق"
قِف حيث تفُز وحيث يقال لك يوم القيامة "آمنتَ إذ كفروا، وأعطيتَ إذ منعوا، ووفيتَ إذ غدروا، وأقبلتَ إذ أدبروا"
انظر ما تريد أن تسمع يوم القيامة، لا من عمر، بل من رب عمر، ثم من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا لقيتهم أمينا وفيّا..
قل إن شاء الله، وبالله.
- التصنيف: