مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون
بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ .الزخرف
{وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ} :
ألهتمهم متع الدنيا وألهاهم استقرارهم الدنيوي عن قبول أي تغيير, فأخلدوا إلى الأرض , ولما كان القبول بالرسالة هو تغيير كلي في الاعتقاد والحياة , فلا أوثان ولا ربا ولا خمر ولا زنا وستحل النظافة الاعتقادية والأخلاقية والبدنية محل الخبائث, فكانت الإجابة المباشرة على الرسل وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم هي الرفض وإلقاء الشبهات على رسالة السماء وتكذيبها والمجاهرة بالكفر بها بالعداء للرسول والرسالة والأتباع.
قال تعالى:
{بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ * وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ } [الزخرف 29-30]
قال السعدي في تفسيره:
قال تعالى: { {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ} } بأنواع الشهوات، حتى صارت هي غايتهم ونهاية مقصودهم، فلم تزل يتربى حبها في قلوبهم، حتى صارت صفات راسخة، وعقائد متأصلة. { {حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ} } الذي لا شك فيه ولا مرية ولا اشتباه. { {وَرَسُولٌ مُبِينٌ } } أي: بين الرسالة، قامت أدلة رسالته قياما باهرا، بأخلاقه ومعجزاته، وبما جاء به، وبما صدق به المرسلين، وبنفس دعوته صلى اللّه عليه وسلم.
{ {وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ} } الذي يوجب على من له أدنى دين ومعقول أن يقبله وينقاد له. { { قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ} } وهذا من أعظم المعاندة والمشاقة، فإنهم لم يكتفوا بمجرد الإعراض عنه، بل ولا جحده، فلم يرضوا حتى قدحوا به قدحا شنيعا، وجعلوه بمنزلة السحر الباطل، الذي لا يأتي به إلا أخبث الخلق وأعظمهم افتراء، والذي حملهم على ذلك، طغيانهم بما متعهم اللّه به وآباءهم.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: