الآلة الحاسبة!

منذ 2018-12-30

ولو وعى هؤلاء درس القدر، لاطمأنت نفوسهم، ولهدأ روعهم لما يصيبهم!

كتب :هاني مراد

كثير من الناس من يعامل الله بمنظور عقله القاصر، وبمدى وعيه الغائب.

يحسب ذلك علاقته مع الله، ومع القدر، ومع الدنيا، ومع الناس، وكأنه يمسك آلة حاسبة، فيحوّل الأقدار إلى أرقام.

ويضع أمام ما يراه من النعم علامة زائد، وأمام ما يحسبه من النقم علامة ناقص! فتغدو الحياة له حسابات ومعادلات.

يبني علاقته مع القدر بحساب المادة، فيقول: لو لم يحصل لي كذا، لكان كذا! فلا يكتفي بغرس أنفه في قدر الله، بل يسخط على ما غاب عنه ولم يدركه.

يقول: لم لم أحظ بملايين من النقود؟ لم لم أمتلك سيارة أو منزلا أو أرضا مثل فلان؟ لم لم أعمل في وظيفة فلان؟ فهو ينصب نفسه حكما على الأقدار، ومقسما للأرزاق!

ولم يكلف ذلك نفسه عناء سؤال نفسه: ماذا لو ملكت ذلك، ثم أصبحت صفر اليدين من البركة؟ ماذا لو مرض الجسد؟ ماذا لو تحوّل كل ذلك من نعماء إلى ضراء؟

فيخطئ في الحساب!

ويقول آخر: لم لم أتزوج تلك المرأة الحسناء؟ تلك المرأة الثرية؟ لم لم أنجب الأولاد؟ وإن أنجب الأولاد، يسأل: لم لا يكونون مثل أولاد فلان أو فلان؟

فيخطئ في الحساب!

إن هؤلاء لم يتعلموا الإيمان بالقدر! فكأنهم يمسكون بالقلم يطلبون رسمه وفق أهوائهم، وعقولهم، بل وأمراضهم!

وكان أجدر بهم، أن يعوا أن الحياة ليست مسألة حساب! وأن قدر الله للإنسان هو الخير له، وإن بدا غير ذلك! وأن الحكيم قد يحكم في أقداره بما لا نعي ولا نفهم!

وكان أجدر بهم، أن يدركوا أن الحياة ليست نهاية الرحلة، بل مبدأها!

ولو وعى هؤلاء درس القدر، لاطمأنت نفوسهم، ولهدأ روعهم لما يصيبهم!

  • 5
  • 0
  • 4,541

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً