مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا
{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا ۗ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) } [المنافقون]
{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا} :
من غباء المنافقين في كل العصور وضيق أفهامهم وانتكاس فطرتهم أنهم يظنون أن أي خير في أيدي المؤمنين إنما هو بسبب وجودهم وما يقدمونه للمؤمنين من عطاء رغم أنهم دائماً أشح الناس وأقلهم عطاء وأبعدهم عن البذل في سبيل الله ودعم أوجه الخير.
ولهذا قال المنافقون في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لا تنفقوا على فقراء الصحابة كرهاً وبغضاً للمؤمنين, وكأن حياة هؤلاء متوقفة على عطائهم المعدوم , ولم تفهم تلك العقول الناقصة ان خزائن السماوات والأرض بيد الله وحده وأن العطاء والمنع بيده يختبر بهما عباده.
قال تعالى :
{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا ۗ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) } [المنافقون]
قال السعدي في تفسيره:
وهذا من شدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمين، لما رأوا اجتماع أصحابه وائتلافهم، ومسارعتهم في مرضاة الرسول صلى الله عليه وسلم، قالوا بزعمهم الفاسد:
{ { لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} } فإنهم - بزعمهم - لولا أموال المنافقين ونفقاتهم عليهم، لما اجتمعوا في نصرة دين الله، وهذا من أعجب العجب، أن يدعى هؤلاء المنافقون الذين هم أحرص الناس على خذلان الدين، وأذية المسلمين، مثل هذه الدعوى، التي لا تروج إلا على من لا علم له بحقائق الأمور ولهذا قال الله ردًا لقولهم: { {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} } فيؤتي الرزق من يشاء، ويمنعه من يشاء، وييسر الأسباب لمن يشاء، ويعسرها على من يشاء، { {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} } فلذلك قالوا تلك المقالة، التي مضمونها أن خزائن الرزق في أيديهم، وتحت مشيئتهم.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: