مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)} [ القلم ]
يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ :
في هذا تذكرة وزجر لكل مبتعد عن طريق الله معاند لشرائعه ممتنع عن العبادة معرض عنها وعن الإذعان لأحكام الله , كما فيه وعيد وتحذير لتاركي الصلاة خاصة.
يوم القيامة يرى الخلق من الأهوال والشدائد والوقائع التي تنكشف وتتوالى ما الله به عليم وساعتها يكشف الرحمن سبحانه عن ساقه الكريمة ليسجد من كان يسجد له في الدنيا مطمئنا ويمتنع عن السجود من المعرضين عن الله وشرائعه ورسالاته في الدنيا , جزاء وفاقاً بما قدمت أنفسهم الشح من الامتناع عن السجود والخضوع والاستسلام في الدنيا, ها هم يحاولون الخضوع في الآخرة ويتمنون السجود وقت الشدة وتمتنع أعضاؤهم بأمر الله.
قال تعالى:
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)} [ القلم ]
قال السعدي في تفسيره:
أي: إذا كان يوم القيامة، وانكشف فيه من القلاقل والأهوال ما لا يدخل تحت الوهم، وأتى الباري لفصل القضاء بين عباده ومجازاتهم فكشف عن ساقه الكريمة التي لا يشبهها شيء، ورأى الخلائق من جلال الله وعظمته ما لا يمكن التعبير عنه، فحينئذ يدعون إلى السجود لله، فيسجد المؤمنون الذين كانوا يسجدون لله، طوعًا واختيارًا، ويذهب الفجار المنافقون ليسجدوا فلا يقدرون على السجود، وتكون ظهورهم كصياصي البقر.
لا يستطيعون الانحناء، وهذا الجزاء ما جنس عملهم، فإنهم كانوا يدعون في الدنيا إلى السجود لله وتوحيده وعبادته وهم سالمون، لا علة فيهم، فيستكبرون عن ذلك ويأبون، فلا تسأل يومئذ عن حالهم وسوء مآلهم، فإن الله قد سخط عليهم، وحقت عليهم كلمة العذاب، وتقطعت أسبابهم، ولم تنفعهم الندامة ولا الاعتذار يوم القيامة، ففي هذا ما يزعج القلوب عن المقام على المعاصي، و[يوجب] التدارك مدة الإمكان.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: