مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا
{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)} [نوح]
{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } :
بعد ألف سنة إلا خمسين عاماً ظل فيهم نوح عليه السلام يدعوهم إلى التوحيد صابراً محتسباً حليما عليهم رفيقاً بهم, ولم تثمر دعوته إلا إيمان القليل منهم وكفر وإعراض الأكثرية عن رسالة السماء وشرائع الحق ورأى جيلاً بعد جيل يتواصى بالكفر ويورث أبناءه العناد والجحود , هنا رفع نوح عليه السلا أكفه إلى السماء ضارعاً بأن يهلك الله الظالمين ولا يبق لهم ولديارهم على الأرض من أثر , فإن المهلة لم تنفعهم ولم تنفع ذريتهم من بعدهم , ثم ختم بالدعاء بالنجاة والمغفرة له ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات وختم دعاءه بالتأكيد على طلب الهلاك للظالمين.
قال تعالى:
{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)} [نوح]
( {وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا } ) أي : لا تترك على وجه الأرض منهم أحدا ولا تومريا وهذه من صيغ تأكيد النفي .
قال الضحاك : ( { ديارا} ) واحدا . وقال السدي : الديار : الذي يسكن الدار .
فاستجاب الله له ، فأهلك جميع من على وجه الأرض من الكافرين حتى ولد نوح لصلبه الذي اعتزل عن أبيه ، وقال : ( {سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين} ) [ هود : 43 ] .
وقوله : ( { إنك إن تذرهم يضلوا عبادك} ) أي : إنك إن أبقيت منهم أحدا أضلوا عبادك ، أي : الذين تخلقهم بعدهم ( { ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} ) أي : فاجرا في الأعمال كافر القلب ، وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاما .
{ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا} } خص المذكورين لتأكد حقهم وتقديم برهم، ثم عمم الدعاء، فقال: { {وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا } } أي: خسارا ودمارا وهلاكا.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: