فوائد كتاب من حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم:3

منذ 2019-09-22

في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن ناساً قالوا: يا رسول الله « هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل تضارُّون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ ) قالوا: لا يا رسول الله, قال: ( هل تضارُّون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ؟ ) قالوا: لا, قال: ( فإنكم ترونه كذلك )»

تأمل فرش أهل الجنة, ونمارقهم, وزرابيهم

قال تعالى:  {وفرش مرفوعة} [الواقعة:34]وقال تعالى {فيها سُرُر مرفوعة*  وأكواب موضوعة *ونمارق مصفوفة *وزرابي مبثوثة} [الغاشية:13-16] تأمل كيف وصف سبحانه وتعالى الفُرش بأنها مرفوعة والزرابي بأنها مبثوثة والنمارق بأنها مصفوفة فرفُعُ الفرش دال على سمكها ولينها وبثُّ الزرابي دال على كثرتها وأنها في كل موضع لا يختص بها صدر المجلس دون مؤخره وجوانبه, ووصف المساند يدلُّ على أنها مهيأة للاستناد دائماً, ليست مُخبأة تُصفُّ في وقتٍ دون وقتٍ, والله أعلم.

خيام أهل الجنة في البساتين, وعلى شواطئ الأنهار:

قال الله تعالى:  {حُور مقصورات في الخيام}  [الرحمن:72]

وهذه الخيام غير الغُرف والقصور, بل هي خيام في البساتين, وعلى شواطئ الأنهار.

جزاء من قام الليل والناس نيام:

قال تعالى:  { تتجافي جُنُوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم يُنفقون * فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قُرةٍ أعين جزاء بما كانوا يعملون}  [السجدة:16-17] وتأمل كيف قابل ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاهُ لهم مما لا تعلمه نفس, وكيف قابل قلقهم وخوفهم واضطرابهم على مضاجعهم حتى يقوموا إلى صلاة الليل بقُرة الأعين في الجنة.

أفضل أنواع الفاكهة وأطيبها:

وقال تعالى:  { فيهما من كُلِ فاكهة زوجان }  [الرحمن:52] وفي الجنتين الأخريين:  { فيهما فاكهة ونخل ورمان}[الرحمن:68] وخصَّ النخل والرُّمَّان من بين الفاكهة بالذكر لفضلهما وشرفهما, كما نصَّ على حدائق النخل والأعناب في سورة النبأ, إذا هما من أفضل أنواع الفاكهة, وأطيبها وأحلاها.

رؤية أهل الجنة لربهم تبارك وتعالى وتجليه لهم ضاحكاُ إليهم

هذا الباب أشرف أبواب الكتاب, وأجلها قدراً, وأعلاها خطراً, وأقرُّها لعيون أهل السنة والجماعة, وأشدُّها على أهل البدعة والفرقة, وهي الغاية التي شمر إليها المشمرون, وتنافس فيها المتنافسون, وتسابق إليها المتسابقون, ولمثلها فليعمل العاملون, إذا ناله أهل الجنة نسوا ما فيه من النعيم.

وحِرمانه والحجاب عنه لأهل الجحيم أشدُّ عليهم من عذاب الجحيم, اتفق عليها الأنبياء والمرسلون, وجميع الصحابة والتابعون, وأئمة الإسلام على تتابع القرون, وأنكرها أهل البدع المارقون, والجهمية المتهوكون, والفرعونية المبطلون, والباطنية الذين هم من جميع الأديان منسلخون, والرافضة الذين هم بحبائل الشيطان مُتمسَّكون, ومن حبل الله منقطعون, وعلى مسبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عاكفون, وللسنة وأهلها محاربون, ولكل عدو لله ورسوله ودينه مسالمون, وكل هؤلاء عن ربهم محجوبون, وعن بابه مطرودون, أولئك أحزاب الضلال, وشيعة اللعين, وأعداء الرسول وحزبه.   

قال تعالى:  {والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم * للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون}  [يونس:25-26]

فالحسنى: الجنة, والزيادة: النظر إلى وجهه الكريم, كذلك فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أُنزل عليه القرآن, والصحابة من بعده, كما روى مسلم في صحيحه من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن صهيب رضي الله عنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :  {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة }  «قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة, وأهل النار النار, نادى منادٍ: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريدُ أن ينجزكموه, فيقولون: ما هو ؟ ألم يثقل موازيننا, ويُبيّض وجوهنا, ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار ؟! فيكشف الحجاب فينظرون إليه فما أعطاهم شيئاً أحبَّ إليهم من النظر إليه, وهي الزيادة» .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن ناساً قالوا: يا رسول الله « هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل تضارُّون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ ) قالوا: لا يا رسول الله, قال: ( هل تضارُّون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب ؟ ) قالوا: لا, قال: ( فإنكم ترونه كذلك )»

وأما حديث جرير بن عبدالله: ففي الصحيحين من حديث إسماعيل بن أبي خالد, عن قيس بن أبي حازم, عنه قال: كنا جوس مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال: ( «إنكم سترون ربكم عيناً كما ترون هذا, لا تضامون في رؤيته, فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فافعلوا, ثم قرأ:» {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب}  [ق:39]

قال الأعمش وسعيد بن جبير: إن أشرف أهل الجنة لمن ينظر إلى الله تبارك وتعالى غدوةً وعشية.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ونختم هذا الكتاب بما ابتدأناه به أولاً, وهو خاتمة دعوى أهل الجنة, قال تعالى:{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم* دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وأخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين }  [يونس:9-10]

                                 كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

 

  • 3
  • 0
  • 4,446

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً