رسالة مهمة في التعاون والتناصح بين أهل الإسلام على اختلافهم
فعلينا أهل الإسلام ألا نتفرق ببدعة ولا معصية فإنا نواجه كفرا،وقد قاتل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ،التتار ومعه أهل بدع.
المقدمة :
بسم الله والحمد لله وبعد، فمقصود هذه الرسالة بيان أهمية التعاون بين أهل الإسلام على اختلافهم.
وهم من آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا.
أولاً -الأخوة الإيمانية :
- مقتضى الأخوة الإيمانية من المحبة والنصرة لا ينتفي إلا بانتفاء الإيمان بالكلية،ولا ينتفي بالبدعة والمعصية.
ويقول في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: على المؤمن أن يعادي في الله ويوالي في الله، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه – وإن ظلمه. فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية.
قال تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات:٩].
فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي، وأمر بالإصلاح بينهم، فليتدبر المؤمن: أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك. فإن الله سبحانه بعث الرسل، وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه، والإكرام والثواب لأوليائه والإهانة والعقاب لأعدائه.
وإذا اجتمع في الرجل الواحد: خير وشر، وفجور وطاعة، ومعصية وسنة وبدعة استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة كاللص تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته. هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة، وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم .مجموع الفتاوى(٢٠٨،٢٠٩/٢٨).
ثانياً- حال أهل الإسلام وأقسام الجماعات :
حال أهل الإسلام اليوم لا يخفى،من ضعف وتشرذم وتفرق وظهور للبدعة وغربة للسنة.
وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء» [صحيح مسلم] .
- بعض أقسام الجماعات في التعامل مع الاختلاف:
القسم الأول أخذ ذات الشمال فهو يرى اعتزال كل هذه الجماعات وعدم التعاون معها حتى ولو كان مما فيه خير ومصلحة للجميع من الإسلام والمسلمين!
والقسم الثاني بعكسه، يرى التعاون مع الجميع وبدون إنكار منكر والاعذار مما لا يصح فيه الاعذار و السكوت!
والقسم الثالث وهو الوسط وهو من يدعو إلى التعاون على البر والتقوى مع أي أحد كان ،ويرى عدم السكوت على البدع والمخالفات وإصلاح البيت الداخلي.
و بسبب عدم فقه كثير من الجماعات والأفراد لفقه الاختلاف أو مخالفة ذلك عن هوى !
استغل هذا الخلاف أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين فجعلوا هذا لصالحهم!
ويتم التعاون والتمكين لأهل العلمنة والفساد !
ومحاربة جماعة إسلامية لها وعليها!
ثالثاً- التعاون على البر والتقوى :
التعاون بين أهل الإسلام جميعا
بما فيه خير ومصلحة للجميع مما لا ينبغي أن يختلف عليه اثنان.
وهو من التعاون على البر والتقوى،قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰنِۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلعقاب}[سورة المائدة ٢].
وهذا أمر بالتعاون على البر والتقوى بغض النظر عن المتعاون معه،حتى ولو كان مع غير المسلمين.
وشهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حلفاً مع المشركين قبل البعثة، وقال بعد أن أكرمه اللَّه بالرسالة «لقد شهدت في دار عبد اللَّه بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت» [رواه أحمد] .
وفي قصة الحديبية مع كفار قريش : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها» [رواه البخاري] .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى معلقاً:
ومنها: أن المشركين وأهل الفجور إذا طلبوا أمراً يعظمون به حرمة من حرمات الله، أُجيبوا إليه، وإن منعوا غيره، فيعانون على تعظيم ما فيه تعظيم حرمات الله تعالى، لا على كفرهم وبغيهم، ويمنعون ما سوى ذلك، فمن التمس المعاونة على محبوبٍ لله تعالى أجيب إلى ذلك كائناً مَنْ كان، ما لم يترتب على ذلك المحبوب مبغوض لله أعظم منه.زاد المعاد( ٢١٩/٣).
رابعاً- مواقف وكلمات لشيخ الإسلام ابن تيمية:
- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ...فإذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب،كان تحصيل مصلحة الواجب مع مفسدة مرجوحة معه خيراً من العكس...
مجموع الفتاوى( ٢١٢/٢٨).
ويقول في حق مخالفيه في المعتقد: وابن مخلوف لو عمل مهما عمل ،والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه، ولا أعين عليه عدوه قط،ولا حول ولا قوة إلا بالله هذه نيتي وعزمي مع علمي بجميع الأمور ،فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين ،ولن أكون عوناً للشيطان على إخوتي المسلمين ،ولو كنت خارجاً لكنت أعلم بما أعاونه.مجموع الفتاوى( ٢٧١/٣).
خامساً- إصلاح البيت الداخلي:
التعاون بين أهل الإسلام لا يعني ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإنكار البدع والمخالفات بل هذا من الواجبات المحتمات.
قال تعالى: { {كُنتُمۡ خَیۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ } }[سورة آل عمران ١١٠].
الخاتمة:
فعلينا أهل الإسلام ألا نتفرق ببدعة ولا معصية فإنا نواجه كفرا،وقد قاتل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ،التتار ومعه أهل بدع.
فإن لم نجتمع على كمال في الحق فلا نتفرق بسبب نقص بعضنا البعض، بل علينا التعاون على ما فيه خير ومصلحة للإسلام والمسلمين.
والله أسأل أن ينفع بها، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه يزن الغانم أبو قتيبة.
- التصنيف: