شرح حديث: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"

منذ 2023-06-05

قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ»

أخرج مسلم عَنْ عبدالله بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ.

 

وأخرجه الترمذي (1999) وابن ماجه (4173) وأحمد (3789) (4058).

 

معاني المفردات:

مثقال: وزن.

ذرة: هي النملة الصغيرة، أو ما يرى من هباءٍ في ضوء الشمس.

حسنًا: جميلًا.

النعل: ما وَقَيْتَ به القَدَمَ من الأرضِ، أو ما يلبس في القدمين ولا يستر الكعبين.

الكبر: هو الزهو والتيه والتعاظم والخيلاء.

بطر: رفض ورد.

غمط: احتقار وازدراء.

 

فوائد الحديث:

الفائدة (1):

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ».

 

قال الزَّبيدي: الكِبْر: حالةٌ يتخصَّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، وأن يرى نفسَه أَكْبَر من غيره[1].

 

والكبر حرام؛قال تعالى: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل: 23] وكُلُّ ذنب يمكن التَّسَتُّرُ به وإخفاؤه إلا التَّكَبُّر؛ فإنَّه يَلْزَمُهُ المجاهرة والإعلان إما بالقول أو الفعل.

 

الفائدة(2):

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ؛ أي: لا يدخل الجنة ابتداءً؛ لأن الكبر ليس كفرًا يخرج من الإسلام؛ بل هو معصية وليس كفرًا؛ إلا أن يكون كبر الإباء والإعراض؛ ككبر إبليس؛ قال تعالى:  {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34]، وكذا كبر فرعون وقومه؛ قال تعالى:  {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: 14].

 

وقد لا يدخل الجنة إلا بعد نزع ما في قلبه من الكبر حتى يدخلها بلا كبر ولا غل في قلبه؛ كقوله سبحانه:  {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 45 - 48].

 

الفائدة (3):

قول الرجل: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً يفيد إباحة الله تعالى طيبات الطعام والشراب اللباس بغير سرف ولا مخيلة، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقره على ذلك، قال تعالى:  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} [المائدة: 87، 88]، وقال تعالى:  {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 32].

 

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» ؛ (أخرجه أحمد والترمذي وحسَّنَه).

 

الفائدة (4):

النهي عن الغلوِّ في المظهر؛ فقد روى أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان» والبذاذة: هي التواضع في اللباس.

 

والمقصود من التجمل إظهار نعمة الله، والتنعم والتجمل بها من غير إسراف ولا خيلاء، والمقصود بالبذاذة الحث على التواضع الذي يؤدي إلى عدم الانغماس في زينة الدنيا، والانشغال الزائد بها، وغلو الشخص بمظهره.

 

وأخرج أبو داود وابن ماجه عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ».

 

وعن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ» ؛ (أخرجه أحمد وابن ماجه وحسنه الألباني).

 

وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم أو قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: «بينما رجل يمشي في حُلَّة تعجبه نفسه مُرَجِّل جُمَّته إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة» ؛ (رواه البخاري (3297 ) ومسلم (2088).

 

الفائدة (5):

استحباب تجميل الثوب والنعل: قال تعالى:  {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 31، 32].

 

وعن قَتادةَ، عن أنسٍ رضِيَ اللهُ، عنه قال:قلتُ له: أيُّ الثيابِ كان أحَبَّ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يلَبَسَها؟ قال: الحِبَرةُ؛ متفق عليه؛ والحِبَرة: ثوب من قطن أو كتَّان مخطط.

 

وفي الصحيحين عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا، بَعِيدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ، رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ.

 

وكان صلى الله عليه وسلم يحب من الثياب ما كان أبيض اللون، وقال في ذلك: «البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم» ؛ (أخرجه أبو داود).

 

وقال الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 26].

 

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  «خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، وقص الشارب».

 

وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ الله عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:  «لَوْلا أنْ أشُقَّ عَلَى أمَّتِي، أوْ عَلَى النَّاسِ، لأمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاةٍ» ؛ (متفق عليه).

 

الفائدة (6):

قوله: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ» فيه إثبات اسم الجميل لله تعالى، والجمال صفة ثابتة لله تعالى، والجميل؛ أي: بلغ الغاية في الحُسْن.

 

قال الشيخ الهراس في شرح نونية ابن القيم (2/ 69 - 70): وأما الجميل فهو اسم له سبحانه من الجمال، وهو الحسن الكثير، والثابت له سبحانه من هذا الوصف هو الجمال المطلق الذي هو الجمال على الحقيقة؛ فإن جمال هذه الموجودات على كثرة ألوانه وتعدد فنونه هو من بعض آثار جماله، فيكون هو سبحانه أولى بذلك الوصف من كل جميل؛ فإن واهب الجمال للموجودات لا بد أن يكون بالغًا من هذا الوصف أعلى الغايات، وهو سبحانه الجميل بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.

 

أما جمال الذات فهو ما لا يمكن لمخلوق أن يعبر عن شيء منه أو يبلغ بعض كنهه، وحسبك أن أهل الجنة مع ما هم فيه من النعيم المقيم وأفانين اللذات والسرور التي لا يقدر قدرها، إذا رأوا ربهم، وتمتعوا بجماله؛ نسوا كل ما هم فيه، واضمحل عندهم هذا النعيم، وودوا لو تدوم لهم هذه الحال، ولم يكن شيء أحب إليهم من الاستغراق في شهود هذا الجمال، واكتسبوا من جماله ونوره سبحانه جمالًا إلى جمالهم، وبقوا في شوق دائم إلى رؤيته، حتى إنهم يفرحون بيوم المزيد فرحًا تكاد تطير له القلوب.

 

وأما جمال الأسماء، فإنها كلها حسنى، بل هي أحسن الأسماء وأجملها على الإطلاق، فكلها دالة على كمال الحمد والمجد والجمال والجلال، ليس فيها أبدًا ما ليس بحسن ولا جميل.

 

وأما جمال الصفات فإن صفاته كلها صفات كمال ومجد، ونعوت ثناء وحمد، بل هي أوسع الصفات وأعمها، وأكملها آثارًا وتعلُّقات، لا سيما صفات الرحمة والبر والكرم والجود والإحسان والإنعام.

 

وأما جمال الأفعال فإنها دائرة بين أفعال البر والإحسان التي يحمد عليها ويشكر، وبين أفعال العدل التي يحمد عليها لموافقتها للحكمة والحمد، فليس في أفعاله عبث ولا سفه ولا جور ولا ظلم، بل كلها خير ورحمة ورشد وهدى وعدل وحكمة، قال تعالى:  {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: 56]، ولأن كمال الأفعال تابع لكمال الذات والصفات، فإن الأفعال أثر الصفات، وصفاته كما قلنا أكمل الصفات، فلا غرو أن تكون أفعاله أكمل الأفعال؛ انتهى.

 

فَأَخبَرَ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّجَمُّلَ فِي اللِّبَاسِ الذِي لَا يَحصُلُ إلَّا بِالغِنَى، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيسَ مِنَ الكِبرِ.

 

وَفِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «ثَلَاثةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيهِم يَومَ القِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِم، وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ: فَقِيرٌ مُختَالٌ، وَشَيخٌ زَانٍ، ومَلِكٌ كَذَّابٌ».

 

وأخرج أبو داود والنسائي وصححه الألبانيعَنْ أَبِي الأَحْوَصِ الجُشَمِيِّ قَالَ: رَآَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيَّ أَطْمَارٌ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ؟ قُلتُ: نَعَم، قَالَ: مِنْ أَيِّ المَالِ؟ قُلتُ: مِنْ كُلِّ مَا آتَى اللهُ مِنَ الإِبِلِ وَالشَّاءِ، قَالَ: فَلْتُرَ نِعْمَتُهُ وَكَرَامَتُهُ عَلَيكَ.

 

قال شيخنا الدكتور وحيد بالي وفقه الله: فَعُلِمَ أَنَّ مِنَ الفُقَرَاءِ مَنْ يَكُونُ مُختَالًا، لَا يَدخُلُ الجَنَّةَ، وَأَنَّ مِنَ الأَغنِيَاءِ مَنْ يَكُونُ مُتجَمِّلًا غَيرَ مُتَكَبرٍ، يُحِبُّ اللهُ جَمَالَهُ، مَعَ قَولِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إِنَّ اللهَ لَا يَنظُرُ إلى صُورِكُم، وَلَا إلى أَموالِكُم، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُم وَأَعْمَالِكُم» [2]؛ انتهى.

 

الفائدة (7):

قوله: الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ ومن الكبر رفض الحق ورده؛ ومنه كفر الإعراض، قال سبحانه عن فرعون وقومه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14]، وقال تعالى:﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 146]، قال تعالى عن إبليس: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34]، وقال تعالى عن فرعون: ﴿ وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 39] وفي قوم صالح قال تعالى: ﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾ [الأعراف: 76]، وقال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأحقاف: 3]، وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60]، وقال: ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [السجدة: 15]، وقَولُه تعالى:﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124]، وقَولُه تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾ [النساء: 61].

 

وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أن رجلًا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: كُلْ بيمينك، قال: لا أستطيع! قال: لا استطعت ما منعه إلا الكِبْر، قال: فما رفعها إلى فيه؛ رواه مسلم.

 

وأخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى.

 

وعن عبدالله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذَّرِّ في صورة الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال؛ رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وحسنه البغوي.

 

الفائدة (8):

من الكبر غمط الناس: ومن الكبر احتقار الناس؛ قَالَ الله تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].

 

قال ابن كثير في تفسيره: ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم.

 

قال تعالى مبينًا عاقبة المستهزئين المحتقرين للمؤمنين:﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ﴾ [المطففين: 29 - 34]، وقال تَعَالَى: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1].

 

والهُمَزَة الذي يهمز الناس بفعله، ويلمزهم بقوله، فالهماز: الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز: الذي يعيبهم بقوله.

 

وروى أبو داود في سننه (4875) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: حسبُك من صفية كذا وكذا -تعني قصيرة- فقال: لقد قلتِ كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته.

 

وروى البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: المسلِمُ أخُو المسلِمِ، لا يَظلِمُهُ ولا يَخذُلُهُ، ولا يَحقِرُهُ، التَّقْوى ههُنا –وأشارَ إلى صدْرِهِ – بِحسْبِ امْرِئٍ من الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخاهُ المسلِمَ.

 

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قال: لقيتُ أبا ذَرٍّ بالربذة وعليه حلَّة وعلى غلامه حلَّة، فسألته عن ذلك، فقال: إنِّي ساببتُ رجلًا فعيَّرته بأمِّه، فقال لي النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: يا أبا ذَرٍّ، أعيَّرتَه بأمِّه؟ إنَّك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمَنْ كان أخوه تحت يده فليطعمه ممَّا يأكل، وليلبسه ممَّا يلبس، ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإن كلَّفتموهم فأعينوهم.

 

ومنه ما كان من ذلك الرجل صاحب الجنة الذي قال الله تعالى فيه: ﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴾ [الكهف: 34].

 

الفائدة (9):

الحث على التواضُع والأمر به:

قال تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم:﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215]، وقال: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر: 88].

 

ونهى سبحانه وتعالى عن أضداد التواضع من الكِبْر والعجب والخيلاء، فقال تعالى: ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ﴾ [لقمان: 18، 19]، وقال الله تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا ﴾ [الفرقان: 63] وفي تفسير الآية يقول ابن القيِّم في مدارج السَّالكين (3 /108): أي: سكينة ووقارًا، متواضعين غير أشرين ولا مَرِحين ولا متكبِّرين، قال الحسن: علماء حلماء.

 

وقال محمَّد بن الحنفيَّة: أصحاب وقار وعفَّة، لا يسفِّهون، وإن سُفِه عليهم حلموا. والهَوْن -بالفتح- في اللُّغة: الرِّفق واللِّين، والهُون -بالضَّم-: الهَوَان فالمفتوح منه: صفة أهل الإيمان، والمضموم صفة أهل الكُفْران، وجزاؤهم مِن الله النِّيران؛ انتهى.

 

وقال تعالى مخاطبًا رسوله: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215]، وقال سبحانه:﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الحجر: 88].

 

قال القرطبيُّ في تفسير هذه الآية: أي: أَلِن جانبك لمن آمن بك، وتواضعْ لهم.

 

وقال تعالى:﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، وقوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24].

 

قال السعدي في تفسيره تيسير الكريم الرَّحمن (1/456): حيث أمر الله بالتَّواضُع للوالدين ذلًّا لهما ورحمةً واحتسابًا للأجر.

 

وقال سبحانه:﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83]، وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة قوله صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة مِن مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا، وما تواضَعَ أحدٌ للهِ إلَّا رفَعَه الله.

 

وقوله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله أوْحَى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ؛ رواه مسلم من حديث عياض بن حمار رضي الله عنه.

 

وعن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن ترك اللِّباس تَوَاضِعًا للَّه، وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيِّره مِن أيِّ حلل الإيمان شاء يلبسها؛ رواه الترمذي وصححه الألباني.

 

وأخرج البخاري ومسلم عن حارثة بن وهب رضي الله عنه أنَّه سمع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:ألا أخبركم بأهل الجنَّة؟ قالوا: بلى، قال صلى الله عليه وسلم: كلُّ ضعيف متضعِّف، لو أقسم على الله لأبرَّه. ثمَّ قال: ألا أخبركم بأهل النَّار؟ قالوا: بلى، قال: كلُّ عتلٍّ جوَّاظٍ مستكبر.

 

وروى أبو داود والترمذي عن أبي الدَّرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ابغوني في ضعفائكم، فإنَّما تُرْزَقون وتُنْصَرون بضعفائكم.

 

الفائدة (10):

المتكبرون ينازعون الله في صفة من صفاته، فهو كما قال سبحانه: ﴿ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]، وفي حديث الإمام مسلم برقم (2620) فقال: عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْعِزُّ إِزَارُهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ.

 

فالمتكبر اسم لله تعالى، ومعناه أي الذي تَكَبَّرَ عن كُلِّ ظلم وسوء وشر ونقص، والذي تَكَبَّرَ عن صفات الخَلْق فلا شيءَ مثله.

 

علاج الكبر:

ومن علاج الكبر معرفة نعم الله على العبد؛ قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78].

 

ومن طرق علاج الكبر أن يرى الإنسان نفسه كالناس، وأنهم مثله ولدوا من أم وأب كما ولد، وأن التقوى هي المعيار الحق؛ قال الله تعالى:﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وقال الله تعالى: ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: 18، 19].

 

قال القرطبي في تفسيره ( 10 / 260): قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ﴾ وهذا نهي عن الخيلاء وأمر بالتواضع، والمرح: شدة الفرح، وقيل: التكبُّر في المشي، وقيل: تجاوز الإنسان قدره.

 

وقال قتادة: هو الخيلاء في المشي، وقيل: هو البطر والأشر، وقيل: هو النشاط.

 

وهذه الأقوال متقاربة ولكنها منقسمة إلى قسمين:

أحدهما: مذموم، والآخر: محمود.

فالتكبر والبطر والخيلاء وتجاوز الإنسان قدره: مذموم.

والفرح والنشاط: محمود؛ انتهى.

 

وليعلم الإنسان أن أسباب الكبر مالًا كان أو علمًا فهو إلى زوال؛ قال تعالى: ﴿ فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 49]، وقال عن قارون: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [القصص: 78].

 

وكذلك القوة فهي زائلة؛ قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ [فصلت: 15]، ولوكان الداعي للكبر النسب أو المنصب فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه؛ رواه مسلم برقم (2699)؛ وقد قال كذلك صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ عِبَادُ اللَّهِ قِيَامًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.

 

فالعلم والقوة والنسب والمنصب والجاه وما سوى ذلك كل إلى زوال وفناء لا محالة، وخير الزاد التقوى.

 

هذا ما تيسَّر والله وحده من وراء القصد.

 


[1] تاج العروس (14/ 8).

[2] المادة الحاضرة (1/ 403).

___________________________________________________
الكاتب: أبو عاصم البركاتي المصري

  • 0
  • 0
  • 903

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً