الرياء : خطورته وبعض وسائل العلاج
«إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ، قالوا يا رسول الله: وما الشرك الأصغر؟ قال: (الرِّياءُ)»
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
الأعمال ليست بكثرتها وإنما بمدى الإخلاص فيها وعدم تلوثها برياء أو عجب أو كبر، فأول من تسعر بهم النار ثلاثة عملوا أعمالاً كبيرة ولكنهم لم يخلصوا هذه الأعمال لله رب العالمين، فلما دخل عليها المرض المدمر صارت تلك الأعمال الكبيرة سبباً لسوق أصحابها إلى جهنم.
روى الإمام أحمد من حديث محمود بن لبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ، قالوا يا رسول الله: وما الشرك الأصغر؟ قال: (الرِّياءُ)» .
و الرياء الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أُمَّتِه معناه: مشتق من الرؤية، وهو طلب المنزلة عند الناس بإظهار عمله لهم، ويُوضِّحه النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي سعيد الخُدْري مرفوعًا عند أحمد وغيره: «((ألَا أخبرُكم بما هو أخوفُ عليكم عندي من المسيحِ الدَّجَّال؟)) قالوا: بلى، قال: ((الشِّركُ الخفيُّ، يقوم الرجلُ فيُصلِّي فيُزيِّن صلاته لما يرى من نظر رجل إليه))» .
وحقيقته: أن يعمل الإنسان العمل من أجل أن يراه الناس فيمدحوه.
ومن علاماته: أن ينشط الإنسان في العمل إذا كان يراه الناس، وإن كانوا لا يرونه ترك العمل.
وترجع خطورة الرياء إلى:
1- أن الله تعالى ذمَّ المرائين في كتابه؛ كما قال تعالى: { ﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴾} [الماعون: 6]، وقال تعالى عن المنافقين: {﴿ يُرَاءُونَ النَّاسَ ﴾ } [النساء: 142].
2- وبيَّن الله تعالى أنه لا يقبل أعمال المرائين؛ كما في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: أنا أغْنَى الشُّركاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَن عمِلَ عملًا أشركَ فيه معي غيري تركتُه وشركه» .
وعلاج ذلك بأن تخلص لله تعالى في جميع أقوالك وأفعالك؛ كما قال تعالى: {﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ ﴾} [البينة: 5]، وقال تعالى: {﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾} [الزمر: 2]، فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا له سبحانه وتعالى؛ فقد روى النسائي عن أبي أمامة، قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت رجلًا غزا يلتمس الأجر والذكر، ما له؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا شيءَ له)) وأعادها ثلاث مرات، ثم قال: ((إنَّ اللهَ لا يقبل من العملِ إلَّا ما كان له خالصًا وابتُغي به وجْهُه))» .
ومِمَّا يُعين على الإخلاص:
(أ) أن تستعن بالله تعالى أولا فلا حول ولا قوة لك إلا به سبحانه فتسأل الله تعالى أن يرزقك الإخلاص، وأن يُطهِّر أعمالك من الرياء.
(ب) أن تستحضر عظمة الله تعالى دائما فتجعل الله تعالى هو الأول في كل شيئ تُعظِّم الله تعالى في قلبك حتى لا يتعاظم غيرُه في قلبك.
(ج) أن تجعل لك خفايا من الأعمال لا يطَّلِع عليها أحدٌ إلا الله تعالى كصلاة في جوف الليل أو صدقة سر .
(د) أن تعلم أنه ليس أحدٌ ينفعُ مدحُه أو يضرُّ ذمُّه إلَّا الله تعالى فلا تجعله أهون الناظرين إليك.
(هـ) أن تقطع الطمع فيما عند الناس وتُعلِّق القلب فيما عند الله تعالى من ثواب وجزاء وأجر عظيم ونعيم مقيم.
----------------------
مستفاد من مقال ثلاثة أمور خافها النبي صلى الله عليه وسلم على أمته
أبو الهيثم
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف:
عنان عوني العنزي
منذ