أجور عظيمة لعبادات لن تستغرق وقتاً
لو نظرت إلى عظيم الجزاء وتأملت المجهود البسيط المبذول في كل عمل لعجبت من سعة كرم الله وعطائه سبحانه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
من الأحاديث العظيمة الدالة على سعة رحمة الله وسعة كرمه سبحانه، هذا الحديث العظيم الذي وعد الله فيه عباده على لسان حبيبه صلى الله عليه وسلم من مشي إلى صلاة الجماعة وهو متطهر بأجر الحاج المحرم، كما وعد من صلى صلاة الضحى بأجر المعتمر، ووعد المحافظين على الصلوات مع حفظ اللسان من اللغو بكتاب في عليين.
لو نظرت إلى عظيم الجزاء وتأملت المجهود البسيط المبذول في كل عمل لعجبت من سعة كرم الله وعطائه سبحانه.
فاللهم ارزقنا ولا تحرمنا.
قال صلى الله عليه وسلم :
«مَن مَشى إلى صَلاةٍ مَكتوبةٍ وهو مُتطهِّرٌ، كان له كأجْرِ الحاجِّ المُحرِمِ، ومَن مَشى إلى سُبْحةِ الضُّحى، كان له كأجْرِ المُعتمِرِ، وصَلاةٌ على إثرِ صَلاةٍ لا لَغوَ بيْنَهما كِتابٌ في عِلِّيِّينَ، وقال أبو أُمامةَ: الغُدوُّ والرَّواحُ إلى هذه المساجدِ مِن الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ. » [ الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب الصفحة أو الرقم: 22304 | خلاصة حكم المحدث : صحيح التخريج : أخرجه أبو داود (558)، وأحمد (22304) واللفظ له]
الشرح من الموسوعة الحديثية : يُرشِدُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في هذا الحَديثِ إلى فَضلِ الذَّهابِ إلى المساجِدِ لأداءِ صَلاةِ الجَماعةِ، ويُبيِّنُ الثَّوابَ المُعَدَّ لِمَن اعتادَ الذَّهابَ إليها، فيُخبِرُ أبو أُمامةَ الباهِليُّ رضِيَ اللهُ عنه عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قالَ: "مَن مَشى إلى صَلاةٍ مَكْتوبةٍ" خرَجَ من بَيتِهِ، أو سُوقِهِ، أو شُغلِهِ قاصِدًا صَلاةَ الفَريضةِ في المَسجِدِ، "وهو مُتطهِّرٌ" بالوُضوءِ أو الاغتِسالِ لِمَن عليه غُسلٌ، "كان له كأجْرِ الحاجِّ المُحرِمِ"يَستوفي أجْرَ مَن قَدَّمَ حَجَّةً، وشُبِّه بالحاجِّ المُحرِمِ لِكَونِ التَّطهُّرِ من الصَّلاةِ بمَنزِلةِ الإحْرامِ من الحجِّ؛ لعَدَمِ جَوازِهِما بدُونِهِما ثُمَّ إنَّ الحاجَّ إذا كان مُحرِمًا كان ثوابُهُ أتمَّ، فكذلِكَ الخارِجُ إلى الصَّلاةِ إذا كان مُتطهِّرًا كان ثوابُهُ أفضَلَ، "ومَن مَشى إلى سُبْحةِ الضُّحى" يُريدُ به صَلاة الضُّحَى، وكُلُّ صَلاةٍ يَتطوَّعُ بها فهي تَسبيحٌ وسُبْحةٌ، "كان له كأجْرِ المُعتَمِرِ"، فيَسْتَوفي أجْرَ من قَدَّمَ عُمْرةً، "وصَلاةٌ على إثْرِ صَلاةٍ" وانتَظَرَ الصَّلاةَ بعدَ الصَّلاةِ حتى يؤديها، "لا لَغْوَ بيْنَهما" يعني لم يَشغَلْهُ شيءٌ من شَواغِلِ الدُّنيا عنها، بل يجتهدُ في الذِّكرِ والدُّعاءِ، "كِتابٌ في عِلِّيينَ"، أي: إنَّ مُداوَمةَ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ من غَيرِ تَخلُّلِ ما يُنافيها من الباطِلِ، عمَلٌ مَكْتوبٌ تَصعَدُ به الملائِكةُ المُقرَّبونَ إلى عِلِّيينَ لكَرامةِ المُؤمِنِ وعَمَلِهِ الصَّالِحِ، وإشارةٌ إلى رَفعِ دَرَجةِ الصَّلاةِ وقَبولِها، وعِلِّيونُ: عُلوٌ في عُلوٍ مضاعف ، كأنَّه لا نهاية له.
قال أبو أُمامةَ رضِيَ اللهُ عنه: "الغُدُوُّ والرَّواحُ إلى هذه المساجِدِ من الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ"، والغُدُوُّ هو الوَقتُ بيْنَ صَلاةِ الصُّبحِ إلى شُروقِ الشَّمسِ، والرَّواحُ مِن زَوالِ الشَّمسِ إلى اللَّيلِ، والمَقْصودُ ليس هَذَينِ الوَقتَينِ بخُصوصِهِما، وإنَّما المَقْصودُ المُداوَمةُ على الذَّهابِ إلى المَسجِدِ، والمَعْنى: أنَّ مَنِ اعتادَ الذَّهابَ إلى المَساجِدِ؛ فإنَّ اللهَ تَعالى يَكتُبُ له بذلِكَ أجْرَ المُجاهِدِ في سَبيلِ اللهِ تَعالى.
وفي الحَديثِ: حَثٌّ على شُهودِ الجَماعاتِ، والمُواظَبةِ على حُضورِ المَساجِدِ للصَّلواتِ.( الدرر السنية )
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: