القلب الذي يعمره الحب

منذ يوم

أليس من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، الاقتداءُ بأخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم، ومعاملة الناس بما يعاملهم به ؛ من اللين وحسن الخلق والتأليف؛ امتثالًا لأمر الله، وجذبًا للناس لدين الله؟!

هو القلب الذي يحب صاحبه للآخرين مِن حوله ما يحبه لنفسه، من الخير والسعادة والهناء؛ فتجد صاحبه كما وصف اللهُ رسولَه صلى الله عليه وسلم لينًا محبًّا للآخرين من حوله، خافضًا لهم جناحه، رقيقًا في تعامله، متميزًا في أخلاقه؛ فاجتمع عليه أصحابه ومن حوله من أصحاب الفطرة السوية؛ فأحبوه، وانقادوا له طوعًا؛ قال تعالى واصفًا رسوله صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].

 

قال السعدي رحمه الله في تفسيره بتصرف: "أي: برحمة الله لك ولأصحابك، منَّ الله عليك أنْ ألنتُ لهم جانبك، وخفضتُ لهم جناحك، وترقَّقت عليهم، وحسنت لهم خُلقك، فاجتمعوا عليك وأحبوك، وامتثلوا أمرك".

 

فالأخلاق الحسنة في طباع المسلم وسلوكياته مما يجذب الناس إليه، ويحبِّبهم في دين الله، ويرغِّبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص، والأخلاقُ السيئة مما تنفر الناس عن الدين، وتبغِّضهم إليه، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص، فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول، فكيف بغيره؟

 

أليس من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، الاقتداءُ بأخلاقه الكريمة، ومعاملة الناس بما يعاملهم به صلى الله عليه وسلم؛ من اللين وحسن الخلق والتأليف؛ امتثالًا لأمر الله، وجذبًا للناس لدين الله؟!

 

بلى، ولا يكون هذا، ولا يتحقق إلا بالتوجيه الرباني لرسوله صلى الله عليه وسلم في ختام الآية، بأن يعفو عما صدر منهم من التقصير في حقه صلى الله عليه وسلم، ويستغفر لهم في التقصير في حق الله، فيجمع بين العفو والإحسان.

 

وهذا التوجيه الرباني في ختام الآية من متطلبات أصحاب القلب المغمور بالحب للآخرين، ولا حياة تقوم وتستمر في هدوء واجتماع، وتآلف بين الناس في العموم، والمتقاربين في الخصوص - إلا بالعفو والتسامح، والتغافل ولين الجانب، وهذا كله لا يمنع من الحزم فيما يستدعي الحزم في وقته وزمانه؛ ولذا حثَّ الله رسوله صلى الله عليه وسلم، بعد التشاور مع من حوله من الأصحاب على العزم، مع التوكل على الله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].

  • 2
  • 0
  • 74

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً