لماذا لم يؤثر الدعاة؟

منذ 5 ساعات

فمن أسباب عدم نجاح الدعاة: عدم الالتفات لنظريةٍ مهمةٍ جدًّا في التربية، وهي نظرية المؤثرات الخارجية في بث السموم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد:

فمن أسباب عدم نجاح الدعاة: عدم الالتفات لنظريةٍ مهمةٍ جدًّا في التربية، وهي نظرية المؤثرات، بمعنى أن المدعوَّ يكون تحت تأثير عدة قوى مؤثرة داخل المجتمع، مثل: الأسرة، الأصدقاء، ثم جاء الإعلام، ومواقع التواصل، وهذه الأخيرة هي الشر الأكبر، وسأتعرض لها باختصار.

فالواقع المر يصرخ محذرا: إن قوةَ تأثير الداعية أضعف بكثير من القوى المؤثرة على المدعو، بسبب هذه المؤثرات الخارجية، ونشاطهم وجلَدهم في بث السموم.

أما دعاتنا فمع كسل الكثير منهم زادوا الطينة بِلة بجهلهم بهذه النظرية ويظن أنهم أنهم لو ألقى كلمة ورأى التأثر في الوجوه أن ذلك يدوم وما علم أنه اذا انفصل الناس عن مجلسه وعاد أحدهم لجواله،  عادت القسوة والغفلة، وتدبر ابن الجوزي السبب في ذلك، فذكر وجهان، والثاني:  أن "حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاح العلة (أي: خليٌّ عن الشواغل)، قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا، وأنصت بحضور قلبه؛ فإذا عاد إلى الشواغل، اجتذبته بآفاتها".صيد الخاطر (ص٢٤).
فكيف بزمننا الذي لا يفارقنا هذا الجوال.

ونظرية المؤثرات لها علاقة وطيدة بالصحبة، وفي الحديث: " «المرءُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم مَن يُخاللُ» ". 
فجُلساء السُّوء كانوا سبب ضلال أبي طالب عم النبي ﷺ، ففي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: «لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل. فقال له: " «يا عم: قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله» "، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله...".

قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب في مسائل الباب: "الثامنة: مضرة أصحاب السوء على الإنسان".

ومن أضر الأصحاب على الإنسان: هذا الجوال...

فالواجب على الدعاة في عصر التسمم الرقمي: 
تكثيف الوعظ في المساجد والتجمعات، وفي المواقع، ونشر المقاطع القصيرة لاستهداف العوام.

تكثيف الدروس التكوينية الطويلة والمركزة لدعوة النخب.

إيجاد البيئة الطيبة للشباب، والمشاركة في النوادي ومزاحمة أهل الباطل.

التحذير من رفقاء السوء في الواقع والمواقع، والنركيز على ذلك.

إحتقار هؤلاء المشاهير وعدم تسميتهم أمام العامة بحجة التفتح، وأنه واقع معاش فرض نفسه كما يزعم البعض. وهذا لا يمنع من نصحهم في السر بل وزيارتهم وفيهم الطيب ومن يحب الخير، ولعل شرهم يزول أو ينقص.

إبراز القدوات الحقيقيين أهلَ الاستقامة، وعلى رأسهم الصحابة، والتابعين، وتابعيهم، والأئمة، والعلماء ونحوهم.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتبه أحسن موسي

  • 0
  • 0
  • 37

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً