أريد أن أخطب صديقتي في الجامعة، فماذا أفعل؟!

منذ 2013-04-12
السؤال: أنا طالبٌ في الفرقة الثالثة الجامعيَّة، والحمد لله متفوِّق في دروسي، وموظَّف في نفس الوقت، في الفرقتين الأولى والثانية لم تكنْ لي علاقةٌ وطيدة مع فتيات القسم الذي أردس فيه، سِوى السلام، وبعض الحوارات الخفيفة التي تدور حول الدراسة.
في الفرقة الثالثة تعرفتُ على فتاتين مِن نفس قسمي، ونفس شعبتي، وربطتني بهما علاقةٌ جميلة في بداية السنة، حتى إني كنتُ أقرأ معهما المواد الدراسيَّة على "الإنترنت"، أحببتُ واحدةً منهما؛ وذلك لأنها تملك قلبًا طيبًا، ولكن شخصيتها ضعيفة، فأردتُ أن أصنعَ منها شخصيَّة قوية!
كان حديثُنا على الإنترنت يدور حول المستقبل، وما يكمن في أذهاننا، وشعرتُ أنها أُعجبتْ بي، واتفقنا أن نكونَ أصدقاء أوفياء، وبعد مدة صارحتُها بحبي لها، وأني أريدها أن تكونَ زوجةً لي، ثم طلبتُ منها أن أعرف طلباتها المادية الخاصة بالزواج؛ لأنها بالنسبة لي أمانة؛ وعليَّ الحفاظ عليها، وإذا لم أستطع حمل الأمانة، فلا أقترب منها.
فاتصلتْ بي والدتُها، وأخبرتني أن الوقت ليس مناسبًا، وأنك لا بد أن تتطور ماديًّا، وأن طلبي فيه نوعٌ من التهوُّر والاستعجال.
الآن بدأت الفتاةُ تنسحب من علاقتنا، وهبطتْ علاقتي بها لأدنى مستوى، مع أني كنتُ أنصحها دومًا بالالتزام، وحضور المحاضرات، ولكنها بدأتْ تُقابلني بجفاء! فكيف أكسر هذه الحواجز التي بيني وبينها؟ وكيف أعرف أن البنت تريدني زوجًا لها في المستقبل؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فثِق أخي الكريم أننا نفتح قلوبنا لكلِّ من وثق بنا بعرض مشكلته علينا، ونُحسن الإصغاء إليه، ونأمل أن تقعَ مشورتنا منك موقعًا حسنًا، يأخذ بيديك للعمل بها؛ فقولك: "تعرفتُ على فتاتين من نفس قسمي، ونفس شعبتي، وربطتني بهما علاقة جميلة في بداية السنة، حتى إني كنت أقرأ معهما المواد الدراسية على الإنترنت، واتفقنا على أن نكون أصدقاء أوفياء... وبعد مدة صارحتُها بحبي لها، وأني أريدها أن تكونَ زوجةً لي... إلخ".
هذه حقًّا مشكلةٌ نعيشها ونعانيها في مجتمعاتنا الإسلامية، وفي عالمنا العربي والإسلامي؛ مصيبة الاختلاط بين الرجال والنساء وشيوعها، حتى صرنا لا نستقبحه، وصرنا نتعامل مع الأمر وكأنه حلال محْض؛ الشابُّ والشابة يحدِّث نفسه بالانتقال للمرحلة الجامعية، وهو متعطِّش لإقامة علاقات صداقة، وحب، وغير هذا، ولا يخطر بباله مطلقًا هل هذا يوافق ديننا؟ أو يناسب قيمنا وعاداتنا؟ أو هل نرضاه لأخواتنا وبناتنا في المستقبل؟ وتمادى الشيطانُ بنا حتى ظننا أن البيوت والأسر والزواج الذي سمَّاه الله ميثاقًا غليظًا يتم بتلك المقدمات المحرَّمة، وبهذا التهريج المنافي للجديَّة، فما تظنه مباحًا مشروعًا، وتتحدث عنه بلهفةٍ وإنكار على أمِّ زميلتك كان ومع الأسف في مجتمعاتنا سببًا لمشاكل لا يعلم قبحَها إلا اللهُ؛ من البلايا والمصائب، فأنت يا أخي العزيز إن كان قد رزقك الله دينًا يمنعك من التمادي من الوقوع في الكبائر، ولكن كم غيرك يقف على الحُدود؟ وهل تضمن نفسك ألا تنجرف أكثر وأكثر؟ لأن هذه طبيعة الفتَن أنَّ مَن تعرض لها أهلكتْه، وأنت تعلم أن العاطفة الجيَّاشة والقوية لا يقف أمامها شيءٌ، وتعلم مدى انتشار العلاقات المحرَّمة في محيط الجامعات؛ فاحمد الله أنك لم تنجرفْ أكثر حتى الآن، واعمل بنصيحة والدة الفتاة، ولا تَجْرِ وراء وهْمٍ وسراب الحب، والعلاقات المشبوهة بين الشباب والفتيات التي أطلَّت علينا في هذا الزمان، وأقبِل على تعليمك، ولا تتعرَّض للفتيات بدعوى الحب المزعوم، أو الصداقة، أو البحث عن شريكة حياة؛ فكلُّ هذه مهاوٍ مهلكة، يفقد فيه المسلمُ دينه، وحياءَه؛ فالإسلامُ يحرِّم كل علاقة بين الشابِّ والشابة خارج نطاق الزوجيَّة، وليس عندنا في ديننا وشِيَمنا العربية ما يُعرف بالحبِّ بين الجنسين على النحو المصطلح عليه الآن، وهذه الصداقة أو العلاقة بين الشباب والشابات، وما يترتب عليها من مفاسد - هي نتيجة حتميَّة للتعليم المختلط في الجامعات أو المدارس المنتشرة في كثير من بلاد المسلمين.
وقد أحسنتْ والدةُ الفتاة في موقفها من تلك العلاقة؛ فهي تعيش مسؤولية ابنتها، وتؤدِّي الأمانة، وهذا واجبٌ عليها، وهي تُدرك قلة خبرتكما، ومن ثَمَّ قطعت الطريق على ابنتها، وتُدرك أن البيوت لا تُبنى على هذا، وتعلم أنَّ كلَّ فتاة سلكتْ هذا الطريق الوعر تُسيئ لنفسها ولأسرتها، ولو جاءها أيُّ خاطب سارعت بقبوله تاركة حبيب القلب؛ لعلمها أن ما يفعلانه لا يُبنى عليه بيتٌ، وأنه ينافي الجدية.
والحاصلُ أنه يجب عليك نسيان الأمر، والابتعاد عن تلك الفتاة، وغيرها، ولا تعجل على نفسك، فأكمل تعليمك، وابحثْ عن عمل مناسبٍ، ثم ابحث بعد ذلك عن شريكة حياتك وَفْق النصائح النبوية؛ فالجامعاتُ لم تبنَ للصداقة بين الجنسَيْن، وليست أماكن للبحث عن زوجة، وإنما هي أماكن لطلب العلم، نسأل الله عزَّ وجل أن يعيدَ للمسلمين عزهم وتمكينهم، وأن يهدي حُكَّامهم لتطبيق أحكام الله تعالى على خلقِه.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 6
  • 0
  • 23,128

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً