الاستهزاء بالعلماء والصالحين
ما حكم السخرية بالصالحين بلفظ الجمع؟ وهل هذا التقسيم صحيح؟
مسألة: حكم السخرية بالعلماء وطلبة العلم، هل هو ناقض؟ فيه تفصيل:
1- إن سخر بهم لدينهم، فهذا ناقضٌ، لأنه قصد الدين.
2- إن سخر بهم لعداوةٍ معهم، مثل من يسخر برجال الهيئات، فهذا كفر دون كفر.
3- أن يكون ديدنه السخرية بكل متدين، ويكثر من السخرية بالمتدينين، فهذا ناقضٌ، ويدل عليه: حديث غزوة تبوك، فإنهم قالوا: "ما رأينا مثل قرائنا..." بلفظ الجمع، وأيضاً: السخرية بلفظ الجمع كالسخرية بالأشخاص من حيث الكمية.
الحمد لله،
الاستهزاء، أو السخرية بالعلماء، أو الصالحين بأفراد، أو جماعات منهم ينظر فيه إلى القرائن، والبواعث على السخرية، والاستهزاء فإن كان لتدينهم بالإسلام، وعنايتهم بالكتاب، والسنة فلا ريب أن ذلك كفر وردة عن الإسلام، لأنه استهزاء بآيات الله، وبدينه الذي بعث به رسوله، وهذا لا يكاد يصدر عن مؤمن يؤمن بالله ورسوله، وإنما يصدر عن من هو منافق كما قال سبحانه وتعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ . وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ} [التوبة: 64-65]، وإن كان الباعث على السخرية بالعلماء والصالحين أمور أخرى، مثل: اتهامهم في نياتهم، وأنهم غير صادقين في تدينهم، بل يتظاهرون بالصلاح، وأنهم طلاب دنيا، فهذا الاتهام حرام، وهو من الظن الذي أمر الله باجتنابه، وكذلك السخرية بالمؤمنين حرام، فكيف بالعلماء والصالحين، وقد نهى الله عن ذلك فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ} إلى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}، وقال صلى الله عليه وسلم: "الظن أكذب الحديث"، وقد يكون الباعث على سوء الظن، والسخرية أمور شخصية مثل: النزاعات التي تكون بين الناس على بعض أمور الدنيا، وينبغي أن يعلم أن الذين قال الله فيهم: {لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:66] كان استهزاؤهم بالله، وآياته، ورسوله، فمن استهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم على أي وجه من الوجوه فإنه كافر مرتد عن الإسلام إن كان مسلما، فشرط الإيمان بالرسول احترامه صلى الله عليه وسلم، نسأل الله أن يجعلنا من الذين قال فيهم: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:157]، والله أعلم.
تاريخ الفتوى 14-9-1427 هـ.
- التصنيف:
- المصدر: