حكم النظر في الأبراج
لا يجوز الأخذ بكلام الأبراج، ولا قراءه هذه الطوالع، ويخشى على من يُصَدِّقُ بها أن يقع -والعياذ بالله- في الكفر؛ لظنه أنه بمقدور أحد علم الغيب.
هل كلام الأبراج حرام نأخذ بها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالاستدلال بالأبراج لمعرفة شيء خفي لا يمكن أن يُدركه الإنسان، هو من دَعْوَى علم الغيب، وهو منَ الكهانة، فالغيب مما استأثر الله بعلمه، فلا يجوز للإنسان أن يستدل بالأبراج على أمور غيبية، على معرفة صفات الإنسان الأساسية، أو معرفة سعادته، أو ما يؤول إليه أمره، أو ما يحصل عليه في المستقبل، أو ما يحصل لأولاده وأهله، كل هذا مِنِ ادعاء علم الغيب، وادعاءُ علم الغيب منازعة لله سبحانه وتعالى في إلهيته قال تعالى: {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} [النمل: 65]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34]، وقال تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام: 59].
وَقَدْ حَذَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ التصديق والركون لهذه الوسائل الكاذبة فقال: "من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد" (رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوم يكتبون أبا جاد، وينظرون في النجوم - يعني يستدلون به على دعوى علم الغيب والخفي- قال: "ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق" (رواه عبد الرزاق في المصنف). وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "تعلموا من النجوم ما تعرفون به القبلة والطريق ثم أمسكوا" (رواه حرب الكرماني).
قال الحافظ ابن حجر: "والمنهي عنه من علم النجوم ما يدعيه أهلُها من معرفة الحوادث الآتية في مستقبل الزمن؛ كمجيء المطر، وهبوب الريح، وتغير الأسعار، ونحو ذلك ، ويزعمون أنهم يدركون ذلك بسير الكواكب، واقترانها وافتراقها، وظهورها في بعض الأزمان، وهذا علم استأثر الله به، لا يعلمه أحدٌ غيره، فأما ما يدرك من طريق المشاهدة من علم النجوم، والذي يعرف به الزوال وجهة القبلة، وكم مضى من الليل والنهار وكم بقى فإنه غير داخل في النهي.
وعليه؛ فلا يجوز الأخذ بكلام الأبراج، ولا قراءه هذه الطوالع، ويخشى على من يُصَدِّقُ بها أن يقع -والعياذ بالله- في الكفر؛ لظنه أنه بمقدور أحد علم الغيب.
ولتعلم -رعاك الله- أنه في بعض الأحيان قد يَصْدُقُ كلام الأبراج، ويكون هذا الأمر فتنة وامتحانًا، وليس دليلاً على صدقهم ولا على إبطال الشرع؛ فإن الدجال الأكبر يقول للسماء: أمطري فتمطر، وللأرض: أنبتي فتنبت، وللخربة: أخرجي كنوزك فتخرج كنوزها تتبعه، ويقتل رجلاً ثم يمشي بين شِقَّيهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قُمْ فيقوم، ومع هذا فهو دجال ملعون، كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: يكون لأحدهم القرينُ من الشياطين يخبره بكثير من المغيبات بما يستَرِقُه من السمع وكانوا يخلطون الصدق بالكذب". فالواجب عدم التعلُّقِ بقول هؤلاء، فَمَنْ تَعَلَّقَ بأقوالهم وَكَلَه الله إليهم، وحَرَمَهُ من توفيقه وهدايته. وقد ورد في ذلك الوعيدُ الشديدُ. قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَتَى كاهِنًا أوْ عرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بما أَنْزِلَ على مُحَمَّدٍ" (رواه أحمد)،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: