حكم ترك صلاة الجمعة في بلاد الكفر

منذ 2016-01-12
السؤال:

أنا شاب مسلم، مُغترب في أنغولا، في بلدٍ نصراني يخلو منَ المساجد، ويكثر فيه الفواحش من الزِّنا وغيره، مشكلتي في هذا البلد أنني في منطقةٍ أنا الوحيد المسلم السُّنِّي فيه، ولا يوجد مسْجدٌ؛ لأنه بلدٌ نصراني، لذلك فأنا أُصَلِّي الجُمُعة 4 ركعات في المنزل بدلاً من ركعتَيْن، فهل هذا صحيح؟ وهل عليَّ إثْمٌ في هذا؟

مع العلم بأنَّني اضطررْتُ للسفَر بعد أن عانَيْتُ الأمرَّين في لبنان في البحث عن وظيفة، ولكن دون جدْوى، مع أنِّي خريج جامعي.

نرجو مِن حضرتكم الرَّد علينا في أقرب فُرصة ممكنة، مع الدُّعاء لي أن يبعدني الله - عزَّ وجل - عن الفواحِش، ما ظهَر منها وما بطَن.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:

فإنَّ إقامة المسلم بين الكفار جائزة، إذا أمِن المسلمُ على دينه، وكان قادرًا على إقامة شعائر الإسلام، وكان عنده من العلم ما يدفع به الشبُهات التي قد ترِد عليه, ومن التقوى ما يدفع به الشهوات، وقد بيَّنَّا ذلك مفَصَّلاً في الفتوى: "حكم اللجوء السياسي لدولة أجنبية"، وفتوى الشيخ العثيمين: "شروط الإقامة في بلاد الكفار".

أما مَن لَم يأمنْ على دينه، أو لا يستطيع أن يؤدِّي شعائر الإسلام، فلا يجوز له الإقامة في تلك البلاد؛ لقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97].

 قال ابن رشد: "لقد وجب بالكتاب والسُّنَّة والإجماع على مَن أسلم ببلد الكفر أن يهجره، ويلحق بدار المسلمين، ولا يسكن بين المشركين، ويقيم بين أظهرهم، وذلك إذا كان لا يتمكَّن من إقامة شعائر دينه، أو يجبر على أحكام الكفر". اهـ.

 قال في "مغني المحتاج": "وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إظْهَارُ دِينِهِ أَوْ خَافَ فِتْنَةً فِيهِ، وَجَبَتْ عَلَيهِ الْهِجْرَةُ؛ رَجُلاً كَانَ أَوْ امْرَأَةً". اهـ.

وعليه؛ فما دُمتَ لا تستطيع صلاة الجمعة - وهي من أعظم شعائر الإسلام - مع ما ذكَرْت من وُجُود الفتَن والفواحش، فلا يَجُوز لك الإقامة في ذلك البلد؛ لأنك قد تتعَرَّض للكثير مِن الفتَن، وقد يؤدي ذلك إلى انعدام الإيمان، والرِّدة عن الدِّين بالكليَّة - والعياذ بالله، نسأل الله السلامة والعافية - ففرَّ بدينك، وانجُ بنفسك، فالسلامة في الدِّين لا يعدلها شيء، ولكن إن استطعت أن تبحث عن جالية مسلمة في تلك البلاد؛ لتكون معهم، وتتقوى بالقرب منهم، وليعاونوك على طاعة الله وأداء الشعائر - فلا بأس من الإقامة حينئذ ما دمت مضطراً لذلك.

ونسأل الله أن يحفظَ عليك دينك، وأن يعصمكَ من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يلهمك رشدك، ويعيذك شرَّ نفسك،،

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 4
  • 2
  • 50,529

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً