الجهاد في سبيل الله سبب العز والنصر وتركه سبب الذل! قال الله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ ...

الجهاد في سبيل الله سبب العز والنصر وتركه سبب الذل!
قال الله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾

وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾

وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾

وقال سبحانه: ﴿قُلْ إن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾

وقال سبحانه: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ﴾

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ»
رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني وحسنه الأرنؤوط.

وعَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: غَزَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ نُرِيدُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، وَعَلَى الْجَمَاعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالرُّومُ مُلْصِقُو ظُهُورِهِمْ بِحَائِطِ الْمَدِينَةِ، فَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى الْعَدُوِّ، فَقَالَ النَّاسُ: مَهْ مَهْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ لَتُؤَوِّلُونَ هَذِهِ الْآيَةَ هَذَا التَّأْوِيلَ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةَ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلَامَ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا، فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ فَالْإِلْقَاءُ بِالْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحَهَا وَنَدَعَ الْجِهَادَ [وَتَرْكَنَا الغَزْوَ]»، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: «فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ»
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ ورواه النسائي وابن حبان وصححه الألباني والأرنؤوط.

وعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَرَكَ قَوْمٌ الْجِهَادَ إِلَّا عَمَّهُمُ اللَّهُ بِالْعَذَابِ»
رواه الطبراني وحسنه المنذري والألباني.
...المزيد

نعمة الأمن في الإسلام الحمد لله رب العالمين .. من علينا بنعمة الأمن في القرآن الكريم فقال تعالي ...

نعمة الأمن في الإسلام
الحمد لله رب العالمين .. من علينا بنعمة الأمن في القرآن الكريم فقال تعالي }فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4){ ]قريش[ .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له … جعل الأمن مقرونًا بالإيمان ..فقال تعالي }الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82){ الأنعام .
وأشهد أن محمداً رسول الله صلي الله عليه وسلم … الهادي البشير, المبعوث رحمة للعالمين , والذي ما ترك من خير إلا ودل الأمة عليه وأمرهم بإتباعه ،وما ترك من شر إلا وحذر الأمة منه ونهاهم عن اقترافه ….أشار إلى أن الدنيا تجتمع للعبد في ثلاثة أشياء …منها نعمة الأمن، فإن حاز هذه الثلاث فقد حاز الدنيا بما فيها، فقال صلى الله عليه وسلم}من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها{ ]حسنه الألباني في صحيح الجامع [.
فاللهم صل علي سيدنا محمد, وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين ..
أما بعد : فيا أيها المؤمنـون .
إن نعمة الأمن لا تعادلها نعمة بعد نعمة الإسلام، فلا أمان لأحد إلا بالإسلام، ولا راحة لأحد إلا بطاعة الرحمن، ولا ذهاب للخوف والحزن إلا بالتمسك بطاعة الكريم المنان.
ولقد أراد أعداء الإسلام منذ زمن بعيد زعزعة أمن المسلمين في كل مجالات حياتهم ، زعزعة أمنهم الفكري، والعقائدي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وأمنهم الحياتي ، ولأنهم يعلمون أن الإنسان المسلم لا يستطيع أن يحقق غايته المنشودة إلا في ظل جو من الأمن والطمأنينة ، فقاموا بنشر الثقافات الغربية والدعوات الهدامة لكي يفرقوا كلمة المسلمين والقضاء علي هويتهم ونهب ثرواتهم وخيراتهم، ولابد أن نعلم أننا لا نستطيع أن نقوم بدورنا نحو الدين والوطن إذا فقدنا نعمة الأمن والاستقرار ، لذلك كان موضوعنا ]نعمة الأمن في اٌلإسلام[ وذلك من خلال هذه العناصر الرئيسية التالية …
1ـ مفهوم الأمن.
2ـ استقرار الأوطان ضرورة شرعية ووطنية .
3ـ نظرة الإسلام الشمولية للأمن.
4ـ أسباب تحقق الأمن.
5ـ أثر تحقق الأمن علي المجتمع
العنصر الأول : مفهوم الأمن

الأمن: ضد الخوف . والأَمَنَةُ ، بالتحريك: الأمن , ومنه قوله تعالى }أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَىٰ (154){ ]آل عمران[. واستأمن إليه , أي دخل في أمانه . وقوله تعالى }وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ(3){ ]التين[.
والأمن: طمأنينة النفس وزوال الخوف، وهي نعمة لا تقدر بكنوز الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم}من بات آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها{ ]ابن ماجة وحسنه الألباني[.
ومنه قوله تعالى }وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) { قريش.
ومنه الإيمان والأمانة , وضده الخوف .
ومن أسمائه الحسنى المؤمن في قوله تعالى }هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23){ الحشر.
ومعناه أنه هو المعطي الأمان لعباده المؤمنين حين يؤمنهم من العذاب في الدنيا والآخرة . وقد منح الله سبحانه وتعالى هذا الاسم لعباده الذين صدّقوا به وبرسله وكتبه فسماهم (المؤمنين ).
والأمن مشتق من الإيمان والأمانة، وهما مترابطان، قال الله تعالى: }الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون(82) { ]الأنعام[.

العنصر الثاني : استقرار الأوطان ضرورة شرعية ووطنية

فإن نعمة الأمن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على عباده، ومطلب ضروري من ضروريات الإنسان، ولذلك كان من مقاصد الشرائع السماوية المحافظة على الضروريات الخمس وهي:
حفظ النفس، والدين، والعقل، والعرض، والمال.
فإذا حُفِظ للإنسان هذه الضروريات فقد حصل على أسمى هدف، وأعظم غاية يرجوها الإنسان في هذه الحياة الدنيا وهو الأمن بجميع صوره، ومن فضل الله سبحانه أن هيأ لنا حفظ أمننا، وجعل ذلك مرهونًا ومرتبطًا بالإيمان، وجعل بينهما ارتباطًا قويًا وتلازمًا ضروريًا فلا أمن بدون تطبيق الإسلام، ولا يتحقق تمام الإسلام وكماله، والعمل بشعائره، وإقامة حدوده إلا بالأمن، ولا تقوم مصالح العباد إلا بالأمن، ومن أجل استتباب الأمن في المجتمعات جاءت الشريعة الغراء بالعقوبات الصارمة، وحفظت للأمة في قضاياها ما يتعلق بالحق العام والحق الخاص، بل إن من المسلّم في الشريعة، قطع أبواب التهاون في تطبيقها أياً كان هذا التهاون، سواء كان في تنشيط الوسطاء في إلغائها، أو في الاستحياء من الوقوع في وصمة نقد المجتمعات المتحضرة ، فحفظاً للأمن والأمان؛ غضب النبي على من شفع في حد من حدود الله بعدما بلغ السلطان، وأكد على ذلك بقوله}وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها{ ]رواه البخاري ومسلم[.
فالأمن هو روح الحياة وقلبها النابض ولذلك دعا خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام لما شَيَّد بيت الله الحرام أن يكون آمنا، قال الله تعالى }رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ(126)]{ البقرة[.
فقدم طلب الأمن على طلب الرزق لأن الأمن ضرورة ،ولا يتلذذ الناس بالرزق
مع وجود الخوف بل لا يحصل الرزق مع وجود الخوف .
وقد استجاب الله دعاءه فقال الله تعالى}فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4){ (قريش)..
فالأمن ضرورة لكل مجتمع لأن به تتم المصالح ، وتستقيم الحياة، وتستتم.
وبفقده تضيع الحقوق وتضيع المصالح ويحصل القلق والخوف ، وتحصل الفوضى ويتسلط الظلمة على الناس ،ويحصل السلب والنهب ،وتسفك الدماء ،وتنتهك الأعراض فلا يأمن الإنسان على نفسه وهو في بيته ولا يأمن على أهله وحرمته ،ولا يأمن على ماله ،ولا يأمن وهو في الشارع ،ولا يأمن وهو في المسجد ولا يأمن وهو في مكتبه ،ولا يأمن في أي مكان إذا زالت نعمة الأمن عن المجتمع ، إلى غير ذلك من مظاهر فقد الأمن للمجتمع.
بل هو مطلب الشعوب كافة بلا استثناء، ويشتد الأمر بخاصة في المجتمعات المسلمة، التي إذا آمنت أمنت، وإذا أمنت نمت؛ فانبثق عنها أمن وإيمان، إذ لا أمن بلا إيمان، ولا نماء بلا ضمانات وقائية ضد ما يعكر الصفو في أجواء الحياة اليومية.
وبضعف الأمن وانحلاله؛ تظهر آثار خبث الشيطان، وألاعيبه هو وجنده من الجن والإنس، وإقعاده بكل صراط، يوعد بالأغرار من البشر، ويستخفهم فيطيعونه؛ فيبين حذقه وإغواؤه، محققاً توعده بقوله كما قال الله تعالى} لاقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرٰطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ(16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـٰكِرِينَ (17){ [الأعراف].
فمن البديهيات التي لا يختلف عليها العقلاء أنه لا يمكن أن تقوم حياة إنسانية كريمة إلا في ظلال أمنٍ وافرٍ، يطمئن الإنسان معه على نفسه وأسرته ومعاشه، ويتمكَّن في ظله من توظيف ملكاته وإطلاق قدراته للبناء والإبداع .
ولأهميته قرن سيدنا إبراهيم الدعاء بتحقيق الأمن مع الدعاء بنفي الشرك وتحقيق التوحيد فقال تعالى }وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ
نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ(35){ ]إبراهيم[.
وقرن النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام بالأمن، فقال صلى الله عليه وسلم: }الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ{ ]الترمذي وصححه[.
والأمن أهم سبب في الازدهار الاقتصادي قال تعالى}وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57){ ]القصص[.
وقال تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}(67) [العنكبوت].
ويقول جلَّ وعلا {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(26)} [الأنفال].
ويحكي القرآن الكريم عن دولة سبأ أن الأمنُ كان أحدَ أسباب الازدهار الاقتصادي فقال تعالي }وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ (18){ ]سبأ[.
وقد دلَّت سائر أحداث التاريخ البعيد والقريب على أن الحضارة لا تزدهر، وأن الأمم لا ترتقي ولا تتقدم إلا في ظلال الاستقرار الذي ينشأ عن استتباب الأمن للأفراد وللجماعات وللأمم.

العنصر الثالث : نظرة الإسلام الشمولية للأمن

إن مفهوم الأمن مفهوم واسع , وليس مقتصراً على مفهوم حماية المجتمع من السرقة أو النهب أو القتل ونحوه , بل الأمن مفهوم أعم من ذلك كله , وأول وأعظم مفهوم للأمن ، الأمن الفكري :
الأمن الفكري :
وهو الحفاظ على العقيدة السليمة الصحيحة الخالية من الزيغ والشبهات والتحريفات , والتي تؤدي إلى ارتباط المسلم بربه ارتباطا وثيقا , هذا هو أول الواجبات الأمنية التي يتحقق بها الوازع الديني المانع من كل الممارسات الخاطئة في تطبيق الشريعة الإسلامية وتعاليمها .
إن الأمن على العقول لا يقل خطراً عن أمن الأرواح والممتلكات , فكما أن للأموال والممتلكات لصوصا ينتهزون الفرص لسرقتها ، فللعقول لصوصا محترفين خبثاء مخططين , يتربصون بالمسلمين الفرص لسرقة عقول شبابهم وبناتهم , ومن ثم دفعهم إلى وجهة التغريب والبعد عن دينهم وتراثهم وحضارتهم. فالأمن الفكري أصلٌ تقوم عليه مرتكزات حياة المجتمع ومسيرته , فيجب على الأمة أن لا تنزلق في انحدارات التغريب والتبعية لدعوات هدامة باطلة .
يلاحظ صيانة الإسلام للأمن الفكري داخل المجتمع المسلم عن طريق توحيد مصدر التلقي في العقائد والعبادات والقضايا الكبرى في حياة المسلمين، لا نعتمد في ثقافتنا علي ما يأتي إلينا من الخارج وعندنا المصدر الأساسي وهو القرآن الكريم والسنة المطهرة .
نجد أن النبي صلي الله عليه وسلم غضب على سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ، وما أدراكم ما عمر بن الخطاب ؟ عندما رآه يقرأ في قطعة من التوراة قال: }أفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟! والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي{. فهل يجوز لنا إذن أن نأذن لأبنائنا وبناتنا، أن يتابعوا الشبكة العنكبوتية الانترنت في قراءة كتب السحر وكتب الكهانة، وكتب الإلحاد والزندقة والفساد والانحلال ؟ وأن يتبعوا الكاتب الفلاني والأديب الفلاني ويُسلموا عقولهم لهم ؟
والله تعالي يقول }وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (116){[ الأنعام].
فلا يجوز لنا أن نترك أبنائنا فريسة لهذه الدعوات الهدامة ،الفاسدة المفسدة.
الأمن الاجتماعي :
لقد عظم الاسلام أمر الأمن الاجتماعي، ودعا الى المحافظة عليه بين الناس جميعا افرادا وجماعات، فعلى مستوى الفرد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أن يكون الجار سببا في فزع جاره وتخويفه، بل ازداد الأمر تحذيرا عندما نفى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عمن لا يجد جاره الأمن في جواره، فعن ابن شريح رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم }والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قالوا: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه{ ]البخاري[. ويعيش المسلم بالأمن الاجتماعي في عفو وصفح وتسامح وإحسان مع الآخرين، قال تعالى }خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ (199){ ]الأعراف[. الأمن الاقتصادي :
الأمن الاقتصادي المتمثِّل في عدالة توزيع الثروة حتي لا يكون هناك غني متخم بالشبع وفقير مدقع لا يجد ما يسد به رمقه ، وما يستر به جسده فقال تعالي } كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ۚ(7) ]{الحشر[.
الأمن السياسي :
المتمثل في تحقيق العدالة السياسية ، وبه يحظى الجميع (المسلم وغير المسلم) بالأمن، فيتعامل معه المسلمون بالبر والقسط مادام لا يقاتلهم ولا يؤذيهم، قال تعالى}لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8){ ]الممتحنة[.
وهذه القصة خير شاهد علي ما نقول :اليهودي الذي سرق درع سيدنا عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنه وهو خليفة، ولما رأى سيدنا عليّ الدرع عند اليهودي قال: هذا درعي ، فقال اليهودي: بل هو درعي!!
فاحتكما إلي القاضي شريح ،فمَثُلَ الخليفة مع اليهودي أمام قاضي المسلمين، وقفا في ساحة القضاء أمام شريح رحمه الله رحمة واسعة- ولما دخل عليّ مع اليهودي أمام شريح فنادي شريح على عليّ قائلاً: يا أبا الحسن، فغضب عليّ فظن شريح سوءً قال: ما الذي أغضبك؟
فقال عليّ: يا شريح أما وقد كنيتني أي ناديت عليَّ بكنيتي- وقلت يا أبا الحسن، فلقد كان من واجبك أن تُكَنِّيَ اليهودي هو الآخر.
ما هذا الخلق؟! وما هذا الدين العظيم؟!
وَمَثُلَ عليٌّ واليهودي أمام شريح، فنظر شريح إلى عليّ وقال: يا عليّ ما قضيتك؟ قال: الدرع درعي، ولم أبع ولم أهب، فنظر شريح إلى اليهودي فقال: ما تقول في كلام عليّ؟
فقال اليهودي: الدرع درعي وليس أمير المؤمنين عندي بكاذب!!
فنظر شريح إلى عليّ وقال: هل عندك بَيِّنة؟
قال: لا، وكان شريح رائعًا بقدر ما كان أمير المؤمنين عظيمًا، وقضى شريح بالدرع لليهودي، وأخذ اليهودي الدرع وخرج ومضى غير قليل.
ثم عاد مرة أخرى ليقف أمام عليّ وأمام القاضي وهو يقول: ما هذا الدين وما أروعه؟!
أمير المؤمنين يقف أمامي خصمًا أمام قاضي من قضاة المسلمين، ويحكم القاضي بالدرع لي، والله ليست هذه أخلاق بشر، إنما هي أخلاق أنبياء، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، فَسَعِدَ عليّ، وقال اليهودي: يا أمير المؤمنين الدرع درعك، فقد سقطت منك فأخذتها، فنظر عليّ مبتسمًا وقال: أما وقد شرح الله صدرك للإسلام فالدرع مني هدية لك.
هذا الأمن والأمان لمن؟!
لأبناء يهود تحت ظلال الإسلام الوارفة.
نجد أن أنواع الأمن مرتبطة بعضها ببعض ، فلا أمنَ اجتماعيًّا من غير أمن اقتصادي وأمن سياسي، والعكس بالعكس، فالأمن الاقتصادي المتمثِّل في عدالة توزيع الثروة، والأمن السياسي المتمثل في تحقيق العدالة السياسية لا يتمَّان بغير توافق اجتماعي.. وهكذا.
فلا رأي لخائف، ولا عقل لمستعبَد مُكرَه؛ لأنه حين يشيع الاستبداد، فإنه يقضي على القدرات العقلية للأمة، ويفلُّ إرادتها وعزمها، وحتى لو فكرت فالخائف إذا فكَّر يكون تفكيره مرتعشًا، ورأيه مشوشًا، كما يؤدي الاستبداد إلى اهتزاز العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، فضلاً عن إعطاء الفرصة للمتملِّقين والمداهنين في التسلق والسيطرة على جل أجهزة الدولة.

العنصر الرابع :أسباب تحقق الأمن

في ظلال الأمن تُعَمَّر المساجدُ وتُقام الصلوات، وتُحفَظ الأعراض والأموال، وتُؤمَّن السبل، وتُطَبَّق شريعة الله، وتُنشَر الدعوة إلى الخير.
في رحاب الأمن يسود الاطمئنان، ويعمُّ الخير والرخاء، وتستقيم حياة بني الإنسان، ويَسُود العلم وتستمرُّ عجلة التنمية، ويزدهر الإنتاج، ولو انفرط عقد الأمن ساعةً لرأيت كيف تعمُّ الفوضى، وتتعطَّل المصالح، ويكثر الهرج، ويحكم اللصوص وقطَّاع الطرق، وتأمَّل فيمَن حولك من البلاد ستجد الواقع ناطقًا وعلى هذه الحقيقة شاهدًا.
إن أمرًا هذا شأنه، ونعمةً هذا أثرها، لجديرةٌ بأن نبذل في سبيلها كلَّ غالٍ ونفيس، وأن تُستثمَرَ الطاقات وتُسخَّرَ الجهودُ والإمكانات في سبيل الحِفَاظ عليها وتعزيزها، ومن هنا لا بُدَّ أن ندرك أن نعمة الأمن لا تُوجَد إلا بوجود مقوِّماتها، ولا تدوم إلا بدوام أسبابها، فمن أسباب تحقق الأمن ...
1ـ توحيد الله تعالى وعبادته وطاعته والعمل الصالح :
قال تعالى}وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (55){ ]النور[ .
والشرك أعظم الظلم؛ قال تعالى {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ(13)} [لقمان]، وهو من أسباب مَحْقِ البركات واندثار الخيرات، ولقد زين الشيطان لكثير من المشركين أنهم بدخولهم في الإسلام سيتعرضون لفقد أمنهم، وستتحول حياتهم إلى غربة وعذاب فقال تعالي }وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا(57){ ]القصص[.
فبين لهم سبحانه ما هم فيه من أمن شامل للطمأنينة وزوال الخوف مع أمن غذائي متكامل }أَوَ لَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنٗا يُجۡبَىٰٓ إِلَيۡهِ ثَمَرَٰتُ كُلِّ شَيۡءٖ رِّزۡقٗا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ (57){ ] القصص[
ولله در القائل :
إِذَا الإِيمَانُ ضَاعَ فَلاَ أَمَانٌ وَلاَ دُنْيَا لِمَنْ لَمْ يُحْيِ دِينَا
وَمَنْ رَضِيَ الحَيَاةَ بِغَيْرِ دِينٍ فَقَدْ جَعَلَ الفَنَاءَ لَهَا قَرِينَا.

وإذا تخلَّى أبناء المجتمع عن دينهم وكفروا نعمة ربهم، أحاطت بهم المخاوف، وانتشرت بينهم الجرائم، وانهدم جدار الأمن وادلهمَّ ظلام الخوف والقلق، وهذه هي سنَّة الله التي لا تتخلَّف في خلقه؛ قال تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ(112)} [النحل].
ولقد بين تعالى ان كفر نعمة الأمن كان سببا من أسباب إهلاك من جحد النعمة. وكان من نعم الله تعالى على مملكة سبأ كونهم آمنين، فالأمن في ليلهم كنهارهم ينتقلون لقضاء مصالحهم في أمن واطمئنان قال تعالي}وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين (18){ ]سبأ[.
بل لم يكن الحديث عن فتح مكة حديثا عن الفتح وحده، بل الفتح حال كونهم آمنين، إذ أن الفتح من دون أمن لا خير يُرْجى منه، قال الله سبحانه وتعالى}لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡيَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتۡحٗا قَرِيبًا (27){ ]الفتح[.
فالأمن التامُّ هو في توحيد الله وطاعته، ولزوم شكره وذكره وحسن عبادته؛ قال سبحانه وتعالي{الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب (28)} [الرعد].
2ـ الاستقامة :
وحتى نحافظ على الأمن في البلاد؛ فلا بُدَّ من تربية الأمَّة على طاعة الله تعالى والاستقامة على شرعه والبعد عن معصيته؛ ذلكم أن النفوس المطيعة لا تحتاج إلى رقابة القانون وسلطة الدولة لكي تردعها عن الجرائم والموبقات؛ لأن رقابة الله والوازع الإيماني في قلب المؤمن يَقِظٌ لا يغادره في جميع الأحوال.
والاستقامة سبب للأمن في الدنيا و الآخرة قال تعالى }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ(13){ ]الاحقاف[.فالاستقامة تُحًقق لصاحبها الأمن في الدنيا والآخرة.
قال ابن القيم: "فإن الطاعة حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين من عقوبات الدنيا والآخرة
ومن خرج عنها أحاطت به المخاوف من كل جانب فمن أطاع الله انقلبت المخاوف في حقه أماناً".
ولقد كانت الاستقامة هي الأمان للذرية بعد الموت فقال تعالي {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا(9)} [النساء].
3ـ التمسك بالكتاب والسنة :
نحافظ على الأمن بالتمسُّك بالكتابِ والسنَّة، والعناية بفريضة العلم والبحث العلمي؛ فالعلم عصمةٌ من الفتن، والتعليم الشرعيُّ أساسٌ في رسوخ الأمن والاطمئنان.
قال ابن القيِّم رحمه الله في (إعلام الموقعين): "وإذا ظهر العلمُ في بلدٍ أو محلَّة قلَّ الشرُّ في أهلها، وإذا خفي العلمُ هناك ظهَر الشرُّ والفساد".
4ـ إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخذ علي يد المعتدين:
إن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ صِمام أمان يمنع الشرور والآفات عن المجتمعات، وبه يحصل العز والتمكين؛ قال تعالي:{وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ(40)} [الحج].
ولقد قرر الإسلام حفظ النفس من مقاصد الشريعة الغراء ،والاعتداء عليها اعتداءً علي البشرية جمعاء ، فحَرَّم الاعتداء عليها ،بل جعل عقوبة من يزهقها النار في الآخرة تكريمًا وصيانة لهذه النفس المسلمة، قال تعالى}مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) 32){ [المائدة].
وقال جل من قائل :}وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93){ [النساء].
وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ }لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ{ ]رواه الترمذي ،وصححه الألباني[
وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : }أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك ، عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى{ ]رواه البخاري ومسلم[ .
يتبين لنا أن الإسلام حرم كافة أشكال التخويف للمسلم، بدءًا من تحريم تخويفه وتهديده بالقتل، وانتهاءً بتحريم ترويعه ولو على سبيل الهزل والمداعبة، فقال صلى الله عليه وسلم: }لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا{ ]أبو داود[.
ولقد أراد الإسلام من ذلك كله تحقيق الحياة الآمنة المستقرة الهادئة لأتباعه أفرادًا ومجتمعات، والتي لا يعكرها سلوك العابثين والمنحرفين والمجرمين، ولذلك شرع الله سبحانه وتعالى الحدود والتعزيرات الزاجرة لكل من يحاول العبث والإخلال بأمن المجتمع المسلم، وجعل سبحانه وتعالى عقوبة المفسدين في الأرض المحاربين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وجماعة المسلمين عقوبةً شديدة لِمَا يسببونه من ترويع للآمنين وإخافة للمسلمين والمستأمنين ونشر للفساد في الأرض، قال جل وعلا: }إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) [المائدة[
5ـ الحرية والعدل مفتاح الأمن :
إن غياب العدل والحريات هو الذي يفتح أبواب الفساد والفوضى على مصاريعه، وأنه لم تحلّ أي إشكالات في الماضي، ولن تحلَّ في الحاضر والمستقبل إلا إذا ساد العدل والحرية، فإذا ساد الظلم وشاع الطغيان فالأمة على موعدٍ قريبٍ مع الهلاك والسقوط، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: }كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لاَ يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ؟{ ]ابن ماجه وابن حبان[.
أي أن الأمة التي لا مجال فيها لأخذ الحق للضعيف من القوي، فلا مجالَ لها بين الأمم، ولا بد أن تذلَّ وتخزى ، ويظن البعض أن هيبة الدولة لا تحفظ إلا بالقهر والشدة علي الناس وهذا مفهوم خاطئ ، فإن العدل والحرية هما ما يحفظان هيبة الدولة .
يقول الإمام التابعي الجليل عامر الشعبي رحمه الله: }كانت دِرَّةُ عمر رضى الله عنه أهيب من سيف الحجاج{، "أي عصاه الصغيرة التي كان يؤدب بها المخالفين "، حققت من الهيبة وحفظ النظام ما لم يحققه سيف الحجاج الباطش الذي حصد رؤوسا كثيرة، وسفك دماء طوائف شتى من العلماء والفضلاء والعامة؛ إذ كان من منهج عمر رضي الله عنه ألا يقهر الناس أو يتجبر عليهم، بل يقول لكبار موظفيه وولاته الذين يبعثهم على البلاد المختلفة: }أَلَا لَا تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ، وَلَا تُجَمِّرُوهُمْ- أي لا تحبسوهم في الرباط والثغور عن العودة لأهليهم- فَتَفْتِنُوهُمْ، وَلَا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ{ ]رواه أحمد[.
ويقول لهم: }أدِرُّوا على المسلمين حقوقهم{، وبهذا انتظمت أمور الدولة، وملأت هيبتها القلوب.
أما سيف الحجاج فكان له أكبر الأثر في حصول الثورات على الدولة الأموية التي استخدمته، وكان من نتائج ذلك سقوط الدولة بعد سنوات قليلة.
وهذا الخليفة الكريم العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كان واليًا على المدينة، وقد ساس أهلها سياسة حسنة، وجاء الحجاج بن يوسف الثقفي وكان واليًا على العراق، فسأل أهل المدينة عن عمر: كيف هيبته فيكم؟ قالوا: ما نستطيع أن ننظر إليه هيبةً له.
قال: كيف محبتكم له؟ قالوا: هو أحب إلينا من أهلنا، قال: فكيف أدبه فيكم (يعني: تأديبه للرعية وعقابه للمخطئين) قالوا: ما بين الثلاثة الأسواط إلى العشرة، قال الحجاج: هذه هيبته، وهذه محبته، وهذا أدبه؟!
هذا أمر من السماء!. وكتب إليه اثنان من ولاته: نرى أن الناس لا يصلحهم إلا السيف! فكتب عمر رضي الله عنه إليهما: }خبيثين من الخبث، ورديئين من الرديء ، أتعرضان لي بدماء المسلمين؟ والله لَدَمُكُما أهون عليَّ من دماء المسلمين" .
وكتب إليه والي حمص: إن مدينة حمص قد تهدمت واحتاجت إلى الإصلاح، فكتب إليه عمر رضي الله عنه: }إذا قرأت كتابي هذا فحصِّنها بالعدل، ونَقِّ طريقها من الظلم؛ فإنه عمارتها….. والسلام{.
وكتب لأحد ولاته: }خذ الناس بالبينة وما جرت عليه السُّنَّة، فإن لم يصلحهم الحق فلا أصلحهم الله{.
ولهذا كانت المدة اليسيرة التي تأمَّر فيها عمر رضي الله عنه سنتين وخمسة أشهر وبضعة أيام؛ كفيلةً بأن ترفع لواء الأمة، وأن تُعيد لها نهضتها من جديد ، ومتى تحقِّق العدل دامَ الأمن بإذن الله تعالى.
6ـ تهيئة المحاضن التربوية للشباب والناشئة ،وإحياء دور العلماء والمربين :
لكي نُرْسِي دعائم الأمن ونُرَسِّخ قواعده بعيداً عن الفتن واستخدام العنف نحو المجتمع ، لابد من تهيئة المحاضِن التربوية للشباب والناشئة، ودعم كلِّ المؤسَّسات العاملة في تربية الناشئة التي تعمل وَفْقَ الكتاب والسنَّة وما عليه سلف الأمة ، والتي تقوم بمعالجة أسباب انحراف الأبناء، بسبب ما تعيشه بعض البيوت من فقر، أو نزاعات وشقاق، وما ينتج عنها من حالات طلاق وتشرُّد للأولاد.
وإحياء دور العلماء والمربين في احتواء الشباب ومعالجة الأحداث وتقريب
وجهات النظر وتهدئة الانفعالات، وفتح قنوات الحوار الهادف الهادئ مع الشباب؛ لترشيد حماسهم، وتوجيه انفعالهم، وتسخير طاقاتهم في خدمة الأمَّة، لا في هدمها. إن أمن الوطن لا يتحقَّق إلا بوجود الأمن الفكري بحماية الأجيال الناشئة، وشباب الأمة، وتحصين أفكارهم من التيارات والدعوات المشبوهة التي تُسمِّم العقول، وتحرف السلوك؛ من دعوات التغريب، والإلحاد ودعايات الفساد والإفساد والإباحية ، والشذوذ ، وغيرها.

العنصر الخامس : أثر تحقق الأمن علي المجتمع

بِتَحقق الأمن يحقق الإنتماء والولاء للوطن والشعور بالمسئولية والإيمان بالنظام والقانون ، مما يدفع الشخص إلى الإيجابية، والمشاركة الفاعلة، والإبداع في عملية التنمية، وبذل أقصى الجهد، وتقديم أنْفَس التضحيات لحماية الدولة التي يعيش فيها.
وهذا الشعور إذا تحقَّق للأفراد والهيئات داخل دولة ما؛ كفيل بالحفاظ على السيادة الوطنية، وتحقيق التقدم العلمي والاقتصادي، وتمكين التفوق العسكري، وحريٌّ بأن يدفع الأمة إلى موقع الصدارة، ويحقق لها كل الآمال في النهضة والتقدم. فأصبح لزاما علي الجميع المسارعة إلى الإسهام في تحقيق الأمن والرفاهية للمجتمع، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم اشتراك الجميع في المسئولية، فقال صلى الله عليه وسلم: }كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالأَمِيرُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهْيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ{ ]متفق عليه[.
الخاتمة :
هذا هو الاسلام دين السلام، السلام الذي يتحقق به الأمن، فيعيش العبد آمنا في حياته، يؤدي ما افترضه الله عليه حتى ينقضي وقته في الدنيا، فينتقل من أمن في دنياه الى أمن في آخرته كما قال تعالي }وهم من فزع يومئذ آمنون (89){ ]النمل[.
فالمسلم ينشر الأمن في الدنيا، ويعمل على ترسيخه، ويجتهد للحفاظ عليه، حتى يلقى الله تعالى وتقول له الملائكة كما قال تعالي}ادخلوها بسلام آمنين(46){ ]الحجر[ . فاللهم آمنا في أوطاننا، واصرف عنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رب العالمين.
...المزيد

﴿ وَ أذكر رَبّك إذا نسِيت ﴾ - أستغفرالله . - سبحان الله . - الحمدلله . - لا إله إلا الله . - ...

﴿ وَ أذكر رَبّك إذا نسِيت ﴾
- أستغفرالله .
- سبحان الله .
- الحمدلله .
- لا إله إلا الله .
- الله أكبر .
- لاحول ولاقوة إلا بالله .

ما أشرف نِعال المجاهدين في سبيل الله الواحد القهار.

ما أشرف نِعال المجاهدين في سبيل الله الواحد القهار.

اتباع وتحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم شرط لصحة الأعمال وقبولها عند الله إالكاتب / براهيم بن ...

اتباع وتحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم شرط لصحة الأعمال وقبولها عند الله

إالكاتب / براهيم بن أحمد الشريف

تاريخ الإضافة: 10/6/2021 ميلادي - 29/10/1442 هجري

اتباع وتحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم شرط لصحة الأعمال وقبولها عند الله


فالواجب على كل مسلم أن ينقاد ويسلم كمال التسليم للرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يحكم منهج النبي صلى الله عليه وسلم في كل كبيرة وصغيرة في حياته، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 71]، وقال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

يقسم الله سبحانه بذاته العلية أنه لا يؤمن مؤمن حتى يحكم رسول صلى الله عليه وسلم في أمره كله ثم يمضي راضيًا بحكمه مسلمًا بقضائه ليس في صدره حرج منه ولا في نفسه تلجلج في قبوله، ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ هذا هو شرط الإيمان وحد الإسلام يقرره الله بنفسه ويقسم عليه بذاته.

وقال الشيخ عبد الله جار الله: أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا الرسول صلى الله عليه وسلم ﴿ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾ أي في كل شيء يحصل فيه اختلاف بخلاف مسائل الإجماع فإنها لا تكون إلا مستندة إلى الكتاب والسنة ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق من نفوسهم ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى يسلموا لحكمه تسليمًا بانشراح صدر وطمأنينة نفس وانقياد في الظاهر والباطن.

فالتحكيم في مقام الإسلام وانتفاء الحرج في مقام الإيمان والتسليم في مقام الإحسان فمن استكمل هذه المراتب وكملها فقد استكمل مراتب الدين كلها ومن ترك هذا التحكيم المذكور غير ملتزم له فهو كافر ومن تركه مع التزامه فله حكم أمثاله من العاصين[1].

وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى"، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: " من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " [2].

فإن آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم قرنت طاعة الله سبحانه وتعالى بطاعة النبي وبين معصية الله سبحانه ومعصية نبيه صلى الله عليه وسلم، وليس هناك مجال للوهم أو الإيهام بأن تحكيم رسول الله هو تحكيم شخصه صلى الله عليه وسلم وإنما هو تحكيم شريعته ومنهجه وإلا لم يبق لشريعته وسنته مكان بعد وفاته - عليه الصلاة والسلام - هذا هو حد الإسلام وهذا هو الإيمان فلتنظر نفس أين هي من الإسلام؟

وأين هي من الإيمان؟ قبل ادعاء الإسلام وادعاء الإيمان.

مما سبق يتضح أن:

1) من مقتضيات لؤلؤة التوحيد العظيمة الإيمان الصادق الصحيح برسول الله صلى الله عليه وسلم ومحبته أكثر من النفس والمال والولد.

2) أن إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وقبول حكمه والرضى به دون وجود حرج ولا تلجلج في الصدر شرط لصحة الأعمال وقبولها عند الله.

3) تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمر شجر بين المؤمنين والتسليم المطلق من مقتضيات لا إله إلا الله.

4) محبة النبي صلى الله عليه وسلم تستلزم طاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر. وتصديقه في كل ما أخبر به عن ربه.

5) من لوازم محبة الله وطاعته جل وعلا محبة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته واقتفاء أثره والتمسك بسنته.

6) تحكيم الرسول هو تحكيم شريعته وسنته وليس تحكيم شخصه صلى الله عليه وسلم ولو كان كذلك ما كانت لسنته مكان بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.

7) عدم إيمان من لم يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم فيما اختلف فيه[3].

8) فضل من استسلم لحكم الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه قد استكمل مراتب الدين كلها[4].

[1] تذكرة المسلمين بإتباع سيد المرسلين (ص: 31-32) الشيخ عبد الله آل جار الله مطبعة سفير- الرياض.

[2] رواة البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة (7280).

[3] تذكرة المسلمين بإتباع سيد المرسلين (ص:32).

[4] تذكرة المسلمين بإتباع سيد المرسلين (ص:32).

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/147433/#ixzz6zuzRbxat
...المزيد

ما هي السورة التي تسمى نصف القرآن الكريم ذلك الكتاب الذي هو معجزة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في ...

ما هي السورة التي تسمى نصف القرآن الكريم ذلك الكتاب الذي هو معجزة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في رسالته الإسلام الذى جاء بها لهداية الناس أجمعين وهو القرآن الكريم الذي حفظه الله تعالى من كل سوء وسيظل محفوظ الى يوم الدين، وقد جاء في القرآن الكريم آيات كريمة، رسمت خيوط الهداية لكافة البشر بجانب سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وجاء فى العديد من الأيات والسور فضل خاص فى بعضها ومعانيها نحو المسلمين. ماذا سبب تسمية كتاب الله بالقرآن : كتاب الله الذى أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، هو كتاب جامع لكل المعانى والقيم فى الدنيا، ويجمع عقيدة كاملة تسير عليها الحياة، وذلك من خلال مجموعة سور وآيات. وأصل كلمة “القرأن” يدل على الجمع، حيث أن الكلمة تشمل معانى جمع الأشياء وقرأة الأشياء، وضم بعض الأشياء لبعضها البعض، ومن هنا جاءت كلمة قرأن
السورة التي تسمى نصف القران
نحن فى هذا الزمان لا نعلم دليل صحيح في فضل سورة معينة على أنها تعدل نصف القرآن، إلا أن بعض الأحاديث التى جاءت الينا تُشير الى أنها سورة الزلزلة. ولذلك يعتبر الكثير من العلماء أن هناك فى القرآن الكريم سورة تسمى نصف القران الكريم، وهى سورة الزلزلة.. والله أعلم. ولكن لماذا تم اعتبار سورة الزلزلة نصف القرآن؟، أهل العلم اعتبروا أن سورة الزلزلة تعتبر نصف القرأن لأنها تتحدث عن أهوال يوم القيامة، ونصف القرأن تقريبا يتحدث فى هذا الأمر، ولذلك اعتبر الكثير منهم أن سورة الزلزلة هى نصف القرأن.
سورة الزلزلة
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا(1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا(2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا(3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا(4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا(5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أعمالها(6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ(7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
صدق الله العظيم
...المزيد

السلام عليكم ورحمة الله انا عضو جديد في هذا الموقع كيف لي أن اسأل اسئلة شرعيه في هذا الموقع وجزاكم ...

السلام عليكم ورحمة الله انا عضو جديد في هذا الموقع كيف لي أن اسأل اسئلة شرعيه في هذا الموقع وجزاكم الله خيراً

الحكم بين المتخاصمين في أحكام النكاح والطلاق يقول سبحانه {{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ ...

الحكم بين المتخاصمين في أحكام النكاح والطلاق
يقول سبحانه {{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }} " النساء , 1 "
الآية تهدينا وترشدنا إلى تقوى الله وأن الله شرع لنا الزواج في قوله {{ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءاً }} " النساء , 1 "
وهذا الزواج له أحكام كثيرة من الكتاب والسنة يجب على القاضي معرفتها والحكم بين المتخاصمين على أساسها كقوله سبحانه {{ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }}
" البقرة , 237 "
يستنبط من الآية أن المرأة إذا طلقت قبل الدخول بها لها نصف الصداق ولها أن تعفو عنه وعلى القاضي أن يحكم بهذا وكقوله سبحانه {{ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ }}
" الطلاق , 7 "
يستنبط من الآية أن للمطلقة السكن حتى تنقضي عدتها وهذا السكن مشروط بأن لا تأتي بفاحشة مبينة وذلك في قوله سبحانه {{ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ }} " الطلاق , 1 " ولها النفقة إن كانت حاملا حتى تضع حملها ثم لها حق الرضاعة بعد ذلك على أب الطفل وعلى القاضي رعاية حقها ومن الأمثلة التي قد تأتي القاضي من الكتاب والسنة حديث عائشة رضي الله عنها قالت اختضم سعد ابن أبي وقاص وعبد ابن زمعة في غلام فقال سعد هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة ابن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه انظر إلى شبهه وقال عبد ابن زمعة هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي من وليدته فنطر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شبهه فرأى شبها بينا بعتبة فقال {{ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ , وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ , فلم تره سودة قط }}
" الصجيجين "
يستنبط من الحديث أن الولد للفراش أي أن من ثبت وطئه بنكاح صحيح أو ملك يمين كان الولد تابعا له سواءا شبهه أم لم يشبهه وهذا ما أشار إليه البخاري في صحيحه قال : " باب الولد للفرش قرة كانت أو أمة " وأورد هذا الحديث وخلاصة قصتة : أن عتبة ابن أبي وقاص كان قد عهد إلى أخيه سعد ابن أبي وقاص وهو بمكة أنه وطيء أمة لزمعة وأن الولد الذي سيكون منها ابنه ثم شاء الله أن الولد ولد وترعرع حتى كبر ثم رأه سعد بعد موت زمعة ورأى شبهه بأخيه فعرف أنه من صلبه فأراد أن يأخذه ولكن عبد ابن زمعة خاصمه فيه وأبى أن يعطيه له فتخاصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى به لعبد ابن زمعة أنه أحق به وقال {{ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ . الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ }}
العاهر : هو الزاني وليس له من صلبه شيء
ولما كان الولد شبيها بعتبة أدرك أنه من صلبه ولكن مالك الأمة زمعة أحق به فقضى به تابعا له ثم قال لسودة {{ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ }} , وهي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه سودة بنت زمعة ليدل ذلك على أنه ليس أخاها .
وهذه الأمثلة ليست إلا خرزات في عقد منظوم وكثير من أحكام النكاح والطلاق في الكتاب والسنة وننصح المهتم بمعرفتها بالرجوع إلى الآيات التي تتضمن ذلك من الكتاب والأحاديث الصحيحة وفتاوي ابن تيمية رحمه الله في ذلك .
...المزيد

✍🏻 فضل نشر العلم📔 ⤵📋⤵ قال ابن المبارك - رحمه الله : « لا أعلم بعد النبوة درجة أفضل من بث العلم ...

✍🏻 فضل نشر العلم📔
⤵📋⤵

قال ابن المبارك - رحمه الله :
« لا أعلم بعد النبوة درجة أفضل من بث العلم » .
📚 تهذيب الكمال ١٦ / ٢٠

قال ابن القيم - رحمه الله :
« الجود بالعلم وبذله !
وهو من أعلىٰ مراتب الجود ، والجود به أفضل من الجود بالمال ،
لأن العلم أشرف من المال » .
📚 مدارج السالكين ٢٨١/٢

قال ابن الجوزي رحمه الله :
« من أحب أن ﻻ ينقطع عمله بعد موته فلينشر العلم » .
📚 التذكرة : ٥٥

قال العلامة عبد الرحمن آل الشيخ - رحمه الله - :
« اجتهد في نشر التوحيد بأدلته للخاصة والعامة ،
فإن أكثر الناس قد رغبوا عن هذا العلم » .
📗 المطلب الحميد : ٢٧٣

قال الإمام ابن باز رحمه الله :
« يجب ان تحرص علىٰ نشر العلم بكل نشاط وقوة ،
وألا يكون أهل الباطل أنشط في باطلهم ،
وأن تحرص علىٰ نفع المسلمين في دينهم ودنياهم » .
📚 مجموع الفتاوىٰ : ٧ / ٦٧

وﻗَـﺎﻝَ أيضاً :
« ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺃﻥ ﻳﺒﻠﻐﻬﺎ ﻏﻴﺮﻩ ،
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﺗُﺒﻠﻎ ﻏَﻴﺮَﻫﺎ ﻣﺎ ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ ،
ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﷺ :
« ﺑﻠﻐﻮﺍ ﻋﻨﻲ ﻭﻟﻮ ﺁﻳﺔ » ،
ﻭﻛﺎﻥ النبي ﷺ ﺇﺫﺍ ﺧﻄﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻘﻮﻝ :
« ﻟﻴﺒﻠﻎ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻐﺎﺋﺐ !
ﻓﺮﺏ ﻣﺒﻠﻎ ﺃﻭﻋﻰٰ ﻣﻦ ﺳﺎﻣﻊ » .
📚 ﻣﺠﻤﻮﻉ ﻓﺘﺎﻭﻳﻪ : ٤ / ٥٤

وقال أيضاً :
« ومعلوم أن من نشر قولا يضر الناس ، يكون عليه مثل آثام من ضل به ، كما أن من نشر ما ينفع الناس ! يكون له مثل أجور من انتفع بذلك » .
📚 الفتاوىٰ : 6 / 230

قال الإمام الأوزاعي رحمه الله
« إذا جهر أهل البدع ببدعهم وكثرت دعوتهم ودُعاتهم إليها ، فنشر العلم حياة !
والبلاغ عن رسول الله ﷺ !
رحمة يُعتَصمُ بها علىٰ كلّ مُصِرٍ مُلحد » .
📗 البدع لإبن وضّاح : 524

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
« ولقد أوصاني رجل من عامة الناس فقال لي :
يا بني احرص علىٰ نشر العلم حتىٰ في المجالس ! كمجالس القهوة ، أو الغداء ، أو ما أشبه ذلك ، ولا تترك مجلسا واحدا إلا وأهديت إلىٰ الجالسين ولو مسألة واحدة ،
أوصاني بذلك وأنا أوصيكم بذلك ؛ لأنها وصية نافعة » .
التعليق علىٰ صحيح مسلم
حديث : 152 ، 7114 ، 1154

🏷قال الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله - :
« أعظم ما تجاهد به أعداء الله جل وعلا والشيطان !
نشر العلم ، فانشره في كل مكان بحسب ما تستطيع » .
📗 الوصايا الجلية : ٤٦

🔲📔📢📔🔲
...المزيد

شبهةُ منعِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عليّاً رضي الله عنه من الزواج بجويرية بنتِ أبي جَهلٍ* لن ...

شبهةُ منعِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عليّاً رضي الله عنه من الزواج بجويرية بنتِ أبي جَهلٍ*

لن يهدأ المشكّكُون في دين الله ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربُّك.. يدفنون من الدين كلَّ مُحْكم ولا ينبشون إلا عمَّا يشتبه على بعضٍ ممن لم يتبحَّرْ في علوم الشريعة.. يفتحون القنوات، وينفُثون الشبهات، بل ويُنفقون الأموال.. فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً.. ثُمَّ يُغْلَبُون.

ولا أُراهم لو اجتمعوا جميعاً وتكاثفوا وتكدسوا إلا مثلَ قطٍّ جاء مُتبخْتِرا مزهوّاً كأنَّهُ يحكي انتفاخاً صَولةَ الأسدِ..! ونظر إلى جبلٍ باسق باذخ.. يُطاول أَعْنَانَ السَّماء بغَاربِ(١).. فجاءت لرأسه فكرةٌ طائشةٌ.. أن يُسقِط الجَبَلَ...!!! فقرَّب ما بين قوائمه، وتسنَّم بظهره وتشامخ وأخذ يموء، وجاء لأصل الجبل يخمِشه بأظفاره..! حتى إذا ما أوجعته أظفاره ضَغَا)٢( وانزعج وعلم أنه لا يُحسِنُ إلا مُعابثَة الفراريج ..!!

وتالله لو كان بحَضِيضٍ ما أثّر فيه ولو بعد دُهُور فَكَيْف بالجبل..؟!!

كنت أُحادث رَجُلاً تلوحُ عليه علاماتُ العقلِ والإنصافِ فقال لي: لِمَ يَمْنَعُ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) عليَّ بن أبي طالب من الزواج بجويرية بنت أبي جهلٍ وذلك بعد زواجه من فاطمة مع أن الله أحلَّ التعدد..؟
ومع أنَّه قال (لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا))٣( لماذا استثناها فيما كتبه الله على غيرها من بنات آدم..؟
أليست هذه مُحاباةً..؟

فقلتُ في نفسي.. أوَقَدْ تسرَّب إليك هذا الوَضَرُ)٤( يا رجُل..؟!

توضيحُ الإبهام في هذا الأثر يكون من وُجوه:

أولا: صحّةُ الخبر.

الأثرُ قد جاء في البخاري في باب (ذبَّ الرجل عن ابنته في الغَيرةِ والإنصاف) ومسلمٌ في باب (فضائل فاطمة بنت النبي) عن المِسْوَر بن مَخْرَمة)٥(رضي الله عنه فهو حديثٌ صحيح، وله روايات أخرى في كتب السنة.

ولفظُ البخاريّ (عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ إِنَّ بَنِي هِشَام بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَلَا آذَنُ ثُمَّ لَا آذَنُ ثُمَّ لَا آذَنُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا هَكَذَا قَالَ).
ولفظُ مُسلم (حدَّث عبدُالله بن عُبيد الله بن أبي مُليكة أَنَّ المِسوَرَ بن مَخْرمة حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَهُوَ يَقُولُ : إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، فَلَا آذَنُ لَهُمْ ، ثُمَّ لَا آذَنُ لَهُمْ ، ثُمَّ لَا آذَنُ لَهُمْ ، إِلَّا أَنْ يُحِبَّ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ ، فَإِنَّمَا ابْنَتِي بَضْعَةٌ مِنِّي ، يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا).

وجاء عند أحمد في المُسند عن المسور بن مخرمة أيضاً وفيه (وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلالا وَلا أُحِلُّ حَرَامًا وَلَكِنْ وَاللهِ لا تَجْتَمِعُ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنَةُ عَدُوِّ اللهِ مَكَانًا وَاحِدًا أَبَدًا) قال شعيب الأرنؤوط: صحيح على شرط الشيخين.

الرد على الالتباس من وجوه..

أولها: أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الشيطان وكلامه وحيٌ من الله فهو لا ينطق إلا بالحق صلى الله عليه وسلم..

ثانيها: خشيةُ رسولِ الله أن تُفتن فاطمةُ رضي الله عنها في دينِها.

ثالثها: أن هذا الزواج يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يؤذي فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رابعُها: كيف تجتمعُ بنتُ رسول الله وبنتُ أبي جهل ألدِّ أعداء الله ورسوله تحت سقفٍ واحد..؟!
أبو جهل..!! رأسُ المشركين وسَنَدُهم، ورُكنُهم إذا شَرَدُوا وعِمادُهم.. الذي ما فتئ يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم طِيلةَ حياته.. عَلم بصدق رسول الله وجحد، وأغرى ابن أبي مُعيطٍ بإلقاء سَلَى الجَزُور بين كتفي رسول الله)٦(، بل واستحثّ القوم على قتله، ولم يأْلُ جُهداً في الصدِّ عن الإسلام بين الناس)٧(، ولَفَظَ آخرَ نفَسٍ في صدره وهو يَهمِزُ ويَلمِزُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ودعوتَه والصحابة..
أوَليس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بشرًا.. يأكلُ ويشرب، يبكي ويضحك، يحزنُ ويفرح، ويُشَجُّ رأسُه، وتُكسرُ أسنانه، ويطلُبُ الدواء ليبرأ..؟؟
أوَلم يخاطبه الله في القرآن (قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ))٨(..؟
أوَلَيْسَ رسولُ الله بشرًا يجدُ شيئاً في نفسه من هذا الرجل الذي نذر حياته كلَّها لإيذائه حتى خَبَتْ جذوتُه وهَلَكَ..؟
كيف يقبلُ أن تجتمعَ ابنتُهُ وريحانتُهُ من الدنيا، سيِّدةُ نساء العالمين، التي أزالت سَلَى الجزور عنه يومَ ابتَدَرهُ القوم بفُحشهم وسَفَهِهِم، التي مسحت الدمَ عن وَجهه الشَّريف يوم جُرح) ٩(.. كيف يقبلُ أن تجتمع مع ابنة أبي جهل تحت سقفٍ واحد عند رجُلٍ واحدٍ..؟

كيف يقبلُ أن يتسلَّلَ إلى نفسِها أيُّ أذىً وهي التي كان إذا دخل عليها قامت إليه وقبَّلَتْهُ، وإذا دخلَتْ عليهِ قام إليها وقبّلها)١٠ (، التي كان من حُبِّه لها يقول (فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنّي)، التي عانت ما عانت بعد البعثة من حصار في الشِّعب)١١(، ولما خرجت بعد ثلاث سنوات من الحصار الخانق فقدتْ أُمَّها خديجة)١٢(، ثم تتابع الفقدُ بعد الهجرة فماتت رقيةُ ثم زينبُ ثم أمُّ كلثوم)١٣( فليس لفاطمةَ أنيسٌ ولا جليسٌ ولا مُلاطفٌ من أمٍّ أو أخت..!
فكان المنعُ تعظيماً لحقِّ فاطمة لا تحريماً.

وكيف لو تزَوّجها عليٌّ وغارت فاطمة – وهذه طبيعة النساء – فذكرت أبا جهل بسوءٍ ونمَاَ إلى علم جويرية ما قالت فاطمةُ وفي قلبها من غيرة الضرائر ما فيه.. كيف سيكون الحال..؟
ومعلومٌ أن عداوة الآباء قد تؤثر في الأبناء..
فكان من الأَوْلى وَأدُ الصِّراع قبل أن يولد، فدَرءُ المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح.

خامسُها: أن التعدد في الزواج ليس فريضةً من الفرائض فمنعُهُ صلى الله عليه وسلم عليًّا لم يثلُم من دين عليٍّ شيئًا.
ثمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أَمَا إِنِّي لا أُحرِّمُ حَلالا وَلا أُحِلُّ حَرَامًا) فالتشريعُ باق، والتعدد ثابت ولا خلاف فيه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلمه بمضارِّه هُنا وخشيته على فاطمة الفتنة (وَأَنَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْهَا أَنْ تُفتَنَ فِي دِيْنِهَا) رغب عنه ولم يأذن به.
بل إنَّه ُكان مُباحاً لهُ أن يتزوج بها كما صرَّح ابنُ حبان)١٤(.. إلا أنه سيكون مقروناً بشيء في نفس المُصطفى صلّى الله عليه وسلم.


سادسُها: هل كَبَتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبةً في نفس علىٍّ رضي الله عنه..؟
حاشاه صلى الله عليه وسلم وهو الذي كان إذا نظر في وجه المرء قرأ مكنونات صدْرِه، وخَلَجاتِ فؤاده..
ولو كانت هناك رغبةٌ في نفس عليٍّ رضي الله عنه لراجع رسول الله في امرأةٍ غيرِها ولكنَّ عليّا لم يخطبْ أو يتزوجْ مع فاطمة في حَيَاتها حتى ماتت.

سابعُها: هل ينتقص هذا من شأن جويرية بنت أبي جهل رضي الله عنها.؟
كلا ولا قيد أُنمُلة..! فلقد كانت جويرية رضي الله عنها قد أسلمت يوم الفتح وحَسُن إسلامُها وكانت لها صُحبةٌ، وروت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوجت من ابن خالها عتاب بن أسيد وهو يومئذ أمير مكة، وأنجبت له عبدَالرحمن، رضي الله عن الجميع.)١٥(




الهوامش:
* كان لأبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة من الأولاد: عكرمة وله صحبة وبلاء حسن في الإسلام، أسلم بعد فتح مكة، قتل رضي الله عنه في أجنادين على الأصح، وجويرية التي خطبها علي، وقيل هي جميلة، وقيل العوراء، وجميلة التي سقت النبي صلى الله عليه وسلم ماءً يوم حجة الوداع، وأم حكيم أسلمت يوم الفتح هي وأختيها الحولاء وقيل الحنفاء وصخرة، وكان له من الولد ممن ليس له صحبة زرارة وتميم وعلقمة. انظر نسب قريش لمصعب الزبيري، الإصابة لابن حجر، أسد الغابة لابن الأثير، الطبقات لابن سعد.
)١( الغارب: الكاهل، ومنه قولهم: حبلُكِ على غاربِك. اللسان (غ ر ب).
(٢) ضغا الذئب والسِّنَّورُ والثعلب: صوّت وصاح. اللسان (ض غ و).
)٣( الحديث أنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ في عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ الفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُها (بنُو مخزومٍ ، وكان لهم عزَّةٌ ومَنَعَةٌ) إلى أُسامَةَ بنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ، قالَ عُرْوَةُ(يعني ابنَ الزبير): فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسامَةُ فيها، تَلَوَّنَ وجْهُ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( من الغضب)، فقالَ: أتُكَلِّمُنِي في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ، قالَ أُسامَةُ: اسْتَغْفِرْ لي يا رَسولَ اللَّهِ، فَلَمَّا كانَ العَشِيُّ قامَ رَسولُ اللَّهِ خَطِيبًا، فأثْنَى علَى اللَّهِ بما هو أهْلُهُ، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّما أهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ: أنَّهُمْ كانُوا إذا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عليه الحَدَّ، والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لو أنَّ فاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها ثُمَّ أمَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتِلْكَ المَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُها، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُها بَعْدَ ذلكَ وتَزَوَّجَتْ قالَتْ عائِشَةُ (بنتُ الصدَّيق): فَكانَتْ تَأْتي بَعْدَ ذلكَ فأرْفَعُ حاجَتَها إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.. الحديث في صحيح البخاري: كتاب احاديث الانبياء / بابُ حديث الغار) ، (وكتاب الشهادات / بابُ الشهادة القاذف والسارق) ، (كتاب المناقب / بابُ ذكر اسامة بن زيد) وكتاب المغازي / بابٌ: وقال الليث)،(وكتاب الحدود / بابُ إقامة الحدود على الشريف والوضيع) ،(وبابُ كراهية الشفاعة في الحد اذا رفع الى السلطان، وبابُ توبة السارق)
(٤( الوَضَرُ: الدّرَن. اللسان (و ض ر).
)٥( المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَة: صحابي جليل، ولد بعد ابن الزبير، قيل بأربعة أشهر (الاستيعاب)، كان فقيها وَرِعًا حتى روت عنه أمُّه أنه كان لا يشرب الماء من المساجد ويرى أنه صدقة، روي أحاديث، لزم خاله عبد الرحمن بن عوف يوم الشورى، وكان لصيقاً بعمر ابن الخطاب، وشهد له الناسُ بالفضل والدين حتى وفاته سنة أربع وستين من الهجرة رضي الله عنه. للاستزادة: نسب قريش لمصعب الزبيري، والإصابة لابن حجر، وسير أعلام النبلاء للذهبي، والاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر.
)٦ ( عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ، وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بالأمْسِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلى جَزُورِ بَنِي فُلانٍ، فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ فِي كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ؟ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَأَخَذَهُ ، فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، قَالَ : فَاسْتَضْحَكُوا ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ ، لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ ، فَجَاءَتْ وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ ، فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ. الحديث في الصحيحين واللفظُ لمسلم في بابِ ما لقي النبيُّ صلّى الله عليه وسلم من أذى المُشركين، والسّلَى "بفتح السين واللام بعدهما ألفٌ مقصورة": الجلدةُ الرقيقةُ التي يكون فيها الولد اللسان (س ل و).
)٧( حديث وفاة أبي طالب وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرجو أن ينطق أبوطالب بكلمة التوحيد وكان أبو جهل وعبدُالله بنُ أميةَ يصُدَّانه حتى مات على غير ملَّة التوحيد.. الحديث في البخاري بابٌ إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله عن المسيب بن حَزْن المخزوميّ.
)٨( الكهف: آية ١١٠، فصلت: آية ٦.
) ٩( حديث.." لَمَّا كُسِرَتْ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَيْضَةُ (قلنسوة من حديد يلبسُها المقاتل) ، وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ (رباعِيَة بفتح الراء بدون تشديد بوزن ثمانية هي السنُّ بين الثنيَّة والناب)، وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي المِجَنِّ (التُّرس)، وَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى المَاءِ كَثْرَةً ، عَمَدَتِ الى حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا ، وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَقَأَ(سكن) الدَّمُ.. الحديث في صحيح البُخاري بابُ حرق الحصير ليسد به الدم.
)١٠( حديث كانَتْ فاطمةُ إذا دخلَتْ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قام إليها فقبَّلها وأجلَسها في مجلِسِه، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دخَل عليها قامَتْ مِن مجلِسِها فقبَّلَتْه وأجلَسَتْه في مجلِسِها الحديث.. رواه الترمذيُّ وأبو داوود والنسائي واللفظُ للترمذي.
)١١( للاستزادة من خبر الحصار " سيرة ابن هشام " (الجزء الأول ٣٧٤)،" الدرر في اختصار المغازي والسير" لابن عبد البر/ ٥٩-٦٠) و"نسب قريش "لمصعب الزبيري/٤٢٩ ، "الإكمال لابن ماكولا" (٢/٢٩٨) ،"أُسد الغابة "( ٤/٦٢٨) ، الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (١١/٢٣٤).

)١٢( تُوُفّيت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بعد الخروج من الحصار بأشهر قيل بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام.. في السنة العاشرة من البعثة النبوية.. أُسد الغابة لابن الأثير، البداية والنهاية (٣/ فصل موت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها).
)١٣(كانت وفاة رقية مُنصرفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر في العام الثاني من الهجرة النبوية ولها اثنتان وعشرون سنة، ووفاة زينب.. أكبرُ بنات النبي صلى الله عليه وسلم كانت في العام الثامن من الهجرة ولها إحدى وثلاثون سنة، ووفاة أم كلثوم كانت في العام التاسع من الهجرة.
)١٤( قال ابن حبان: " هذا الفعل لو فعله عليٌّ كان ذلك جائزاً، وإنما كرهه صلى الله عليه وسلم تعظيماً لفاطمة، لا تحريما لهذا الفعل" صحيح ابن حبان (٦٩٥٥).
)١٥( الإسلام يهدِمُ ما كان قبله ( رواه مسلم في قصّة إسلام عمرو بن العاص) فإذا اهتدى الكافرُ للإسلام محا الله ما كان في صحائفه قبل الإسلام وغدا كالمُسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم وما إسلام خالد بن الوليد ببعيد وهو الذي كان سيفاً ممشوقا في وجه المسلمين فلما أسلم أصبح سيفًا من سيوف الله ( البخاري باب غزوة مؤتة من أرض الشام) ووحشيُّ بن حرب قاتلُ عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة لمَّا أسلم في الفتح مع وفد الطائف أجلسَه رسول الله بين يديه ليَسرد له كيف قتل حمزة ثمّ طلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُغيِّب وجهه عنه (سرد قصّتَه البُخاريُّ في صحيحه بابُ قتل حمزة بن عبد المطّلب رضي الله عنه) وعاش وحشيٌّ بحمص وبها مات رضي الله عنه.. وإنَّ من الغفلة بمكان أنْ يُفهم من هذا الكلام أن الصَّلاح في الدين يرادف الملاءمةَ في الزواج، أو أن عدم التناسُب في الزواج يعني قدحًا في أحد طرفيه..! وهذا ملموس تُبصره العيون من حولنا.
...المزيد

خطبة جمعة بعنوان : إحذر أن تلقى الله بغير زاد إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من ...

خطبة جمعة بعنوان : إحذر أن تلقى الله بغير زاد
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من أنفق زوجين في سبيل الله, دعي في الجنة: يا عبد الله هذا خير, فمن كان من أهل الصلاة, دخل من باب الصلاة, ومن كان من أهل الجهاد, دخل من باب الجهاد, ومن كان من باب الصدقة, دخل من باب الصدقة, ومن كان من أهل الصيام دخل من باب الريان}. قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله, ما على أحد يدعى من تلك الأبواب من ضرورة, فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {نعم. وأرجوا أن تكون منهم} –رواه البخاري ومسلم-.
يقول عليه الصلاة والسلام: {من أنفق زوجين في سبيل الله...} يعني من تصدق بشيئين من صنف واحد, إبتغاء وجه ربه الأعلى, من تصدق بثوبين, أو كيسين من طعام –هذه أمثلة-, أو درهمين, أو كتابين مثلا يهديهما إلى طالب علم, أو عقارين, أو غير ذلك من وجوه الإحسان, المقصود تشفيع صدقة بأخرى, والمقصود من الحديث, الاستكثار من الصدقات, ويلحق بذلك جميع أعمال البر, من صلاة وصيام, وحج, وغير ذلك, لذلك قال في الحديث: {...فمن كان من أهل الصلاة, دخل من باب الصلاة, ومن كان من أهل الجهاد...-وهكذا-}, والمسلم إذا أكثر من الصدقة, وسائر أعمال البر, عود نفسه البذل والعطاء, ودربها على الطاعة, فألفت نفسه ذلك, فصار طبيعة لها وعادة, والمال أيها المسلمون شقيق الروح, إذ كثيرا ما يرد في كتاب الله قول الله تعالى: [جاهدوا بأموالهم وأنفسهم] فمن أنفق مما جعله الله مستخلفا فيه, فذلك برهان على صدق إيمانه, ألم تسمعوا إلى قول البشير النذير صلى الله عليه وسلم: {...والصلاة نور, والصبر ضياء, والصدقة برهان...} –رواه مسلم-. الصدقة برهان: أي على صدق الإيمان, فمن أكثر من فعل الخير, نادته خزنة الجنة من باب العمل الذي كان يكثر منه, فقالت: يا عبد الله, هلم, أقبل, تعال فادخل من هذا الباب فهو خير لك, المقصود هنا بالأعمال الصالحة نوافل الطاعات, إذ هي التي يتفاوت فيها الناس, فمن مستقل منهم ومستكثر, وأما الواجبات فيستوي في القيام بها المسلمون جميعا, ومن ترك شيئا من الواجبات يخاف عليه أن يدعى من أبواب جهنم, وإنما يتفاضل الناس بعد أداء الواجبات بكثرة النوافل, التي تؤهلهم إلى أن ينادوا من تلك الأبواب. ولما فهم الصديق رضي الله عنه هذا المعنى قال: يا رسول الله هل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ يعني تكريما له وتشريفا, لأن الإنسان لا يمكن أن يدخل إلا من باب واحد. سؤال أبي بكر الصديق: هل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها يعني تكريما له وتشريفا, هو الذي يختار. وأبو بكرمن السابقين إلى الخيرات, وقد جمع كثيرا من خصال الخير, لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم مجيبا عن سؤاله: {نعم يا أبا بكر, وأرجو أن تكون منهم} والله عز وجل لا يخيب رجاء نبينا صلى الله عليه وسلم. وفي الحديث أن أبواب الجنة تسمى بالأعمال الصالحة, باب الصلاة, الصدقة, الجهاد, الريان, ترغيبا للعاملين في الجد والتشمير. وقد سمي الباب الذي يدخل منه الصائمون, بالريان, تنبيها على أن العطشان بسبب الصوم لاسيما في أيام الحر الشديد, سيروى, واكتفي بذكر الري عن الشبع, لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه. الحديث ذكرت فيه أربعة من أبواب الجنة, وقد دلت السنة على أن للجنة ثمانية أبواب, كما أن للنار سبعة أبواب, [لها سبعة أبواب لكل منهم جزء مقسوم]. ومن أبواب الجنة التي اطلعت عليها: باب الحج, وباب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس, وباب المتوكلين الذي يدخل منه من لا حساب عليه ولا عذاب, وقيل الباب الثامن هو باب الذكر, وقيل باب العلم, والله تعالى أعلم. قال الصديق: يا رسول الله, ما على أحد أن يدعى من تلك الأبواب من ضرورة, فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ يعني: ليس على الشخص الذي يدعى من باب واحد ضرر يلحقه, ما دام مصيره الفوز العظيم, فلا يهمه أن يدخل من باب واحد, ولكن يقول له: يا رسول الله هل يمكن أن ينادى أحد من تلك الأبواب كلها تكريما له وتشريفا لقيامه بالأعمال الموجبة لها؟, قال نبينا صلى الله عليه وسلم: {نعم. وأرجوا أن تكون منهم}. من فوائد هذا الحديث بيان فضل كثرة الطاعات, والإنفاق في سبيل الله, إذ العمل الصالح سبب لدخول الجنة, قال الله تعالى: [وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون]. وفي الحديث حث على التنافس في فعل الخيرات, والاستباق إليها, وقد ورد في كتاب الله عز وجل, آيات بينات ترغب في التنافس على فعل الخير, قال الله تعالى: [إن الأبرار لفي نعيم[] على الأرائك ينظرون[] تعرف في وجوههم نضرة النعيم[] يسقون من رحيق مختوم[] ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون]. [إن الأبرار لفي نعيم] إن أهل البر والإحسان لفي نعيم, وجنات فيها فضل عميم, وخير عظيم, [على الأرائك ينظرون] أي عل السرر المزينة بالفرش الحسان, ينظرون إلى ما أعده الله من الملك الكبير, ينظرون إلى وجه ربهم الكريم, وهذا في مقابل ما وصف به الفجار, قال الله تعالى: [كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون] هذه الآية تقول: [تعرف في وجوههم نضرة النعيم], يعني تعرف أيها الناظر إلى وجوههم وجوه أهل الجنة, بهاءها وحسنها, ورونقها, فإن توالي النعم والمصرات, والملذات, تكسب الوجوه نورا وبهاءا, وبهجة. قال الله تعالى: [يسقون من رحيق مختوم] أي من أطيب ما يكون من الأشربة, وألذها, وقيل هو خمر الجنة, قد طيبه الله بالمسك الأذفر, [...وفي ذلك فليتنافس المتنافسون] في ذلك النعيم الذي لا يعلم مقداره, وحقيقته إلا عالم الغيب والشهادة, فليتسابق المتسابقون. فهذا أحق ما بذلت فيه الجهود, وأنفقت في الأموال, ومن فوائد هذا الحديث: أن من أكثر من شيء عرف به, من كان من أهل الجهاد دخل من باب الجهاد, ومن كان من أهل الصدقة دخل من باب الصدقة, من أكثر من شيء عرف به, ومن فوائد هذا الحديث أن أعمال البر جميعا لا يمكن أن تتوفر في شخص واحد, ولا تفتح إلا للقليل من الناس. ومما يستفاد من هذا الحديث: أن الملائكة يحبون صالحي بني آدم, ويفرحون بهم, ويبشرونهم بفضل الله ورضوانه, ومن فوائد الحديث: جواز مدح الإنسان في وجهه إذا لم يخف عليه الفتنة, ألم تسمعوا إلى قول نبينا صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: {...وأرجوا أن تكون منهم}. أما إن خفت على أخيك أن تدخل عليه الغرور, فلا تمدحه في وجهه, ولذلك لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يمدح اخاه, قال: {ويلك, أو ويحك, قسمت ظهر صاحبك}, أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين,ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من أصبح منكم اليوم صائما؟} قال أبو بكر: أنا. قال: {من تبع منكم اليوم جنازة؟}, قال أبو بكر: أنا. قال: {فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟}, قال أبو بكر: أنا. قال: {فمن عاد منكم اليوم مريضا}, قال أبو بكر: انا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما اجتمعن –أي هذه الخصال- في امرئ إلا دخل الجنة} –رواه مسلم- الحديث يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفقد أحوال أصحابه, ويحثهم على التنافس على فعل الخيرات, ويبين الحديث أن الإنسان إذا قال: انا ليجيب عن استفسار, عن استيضاح فلا حرج عليه, لأننا دائما نسمع من يقول: أعوذ بالله من قول أنا, نعم إذا قالها الإنسان مباهاة وتفاخرا فهذا مذموم, والدليل على ذلك قول إبليس لما أمره الله تعالى بالسجود لآدم: [قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين]. وفي الحديث بشارة عظيمة لمن اجتمعت فيه هذه الخصال الأربعة في يوم واحد, فليحاول كل منا أن يحقق هذه الأمنية العزيزة لأن وراءها الثواب العظيم, ولو مرة واحدة, وإن كان الحديث فيه حظ وحث على المواظبة على المداومة على كثرة الطاعات, وفيه الدعوة إلى مجاهدة النفس, بحيث لو تيسر للإنسان أن تجتمع فيه هذه الخصال وغيرها في أيام متفرقة مرات وكرات, فينبغي أن يغتنم الفرصة ولا يضيعها, فلا ينبغي أيها المسلم أن يكون حظك من هذه الأحاديث مجرد سماعها والعلم بها, ويستفاد من هذا الحديث أن العمل الصالح من أعظم أسباب تجديد الإيمان في القلوب, الإنسان محتاج من حين لآخرأن يجدد إيمانه, لا سيما في زمن الفتن الذي نحن فيه, قال نبينا صلى الله عليه وسلم: {إن الإيمان ليخلق –يعني ليبلى- كما يخلق الثوب, فسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم}. ثم ينبغي على المسلم أن يحول إيمانه إلى واقع عملي, الإيمان ليس مجرد اعتقاد, ينبغي أن تحوله إلى واقع عملي, في حسن خلقك, في محافظتك على الصلاة, في الإحسان إلى جارك, ينبغي أن تحول إيمانك الذي في قلبك إلى منهج حياة, أنظر إلى الصحابة رضي الله عنهم كيف استطاعوا أن يحولوا إيمانهم إلى منهج حياة, ويتحولوا من رعاة للإبل والغنم إلى سادة, وإلى قادة للعالم.
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم, اللهم اغفر لنا هزلنا وجدنا وخطأنا وعمدنا وكل ذلك عندنا, اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا مستقرا وسائر بلاد المسلمين, اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, آمين والحمد لله رب العالمين.
أبو أنس الجزائري
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
11 محرم 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً