جنة2 وغرفة كراء دين3 لا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي الكل متساوي/الرزق

جنة2 وغرفة كراء دين3 لا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي
الكل متساوي/الرزق

ووجوه يومءذن عليها غبرة ترهقها قترة اولاءك هم2 كفرة3 فجرة1

ووجوه يومءذن عليها غبرة ترهقها قترة اولاءك هم2 كفرة3 فجرة1

وجوه يومءذن عين لا تاسى مسفرة لا37 ضاحكة مستبشرة

وجوه يومءذن عين لا تاسى مسفرة لا37 ضاحكة مستبشرة

معركة الجسر (13 هـ) لم تكن معارك المسلمين مع الفرس في فتوح العراق بلا ثمن من دمائهم، فقدموا ...

معركة الجسر (13 هـ)

لم تكن معارك المسلمين مع الفرس في فتوح العراق بلا ثمن من دمائهم، فقدموا دماءهم وأشلاءهم لتكون كلمة الله هي العليا، تشهد على ذلك الملاحم التي خاضها الصحابة والمسلمون، ومنها موقعة الجسر الشهيرة التي ارتسمت فيها ملامح الثبات والتضحيات.

وقصة المعركة تبدأ بتولية عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأبي عبيد الثقفي -رحمه الله- قائدا لجيش المسلمين المتوجه إلى فارس، لأنه أول من تطوع للقتال بعد تثاقل الناس عنه، كرها لقتال أعظم دولة في ذلك الزمان، المعروفة ببطشها وقوتها.

وسار جيش المسلمين والتقى مع الفرس في عدة معارك كان النصر حليفه فيها، عندها أرسل ملك الفرس القائد (بهمن جاذويه) لقتال المسلمين، قال ابن كثير: "فأرسلوا: إما أن تعبروا إلينا وإما إن نعبر إليكم. فقال المسلمون لأميرهم أبي عبيد: مُرهم فليعبروا هم إلينا" [البداية والنهاية].

وبعد عبور المسلمين للنهر، لم تستطع خيل المسلمين مواجهة فيلة الأعداء وارتعبت منها، وكانت الفيلة هي سلاح الفُرس النوعي في ذلك الوقت، إلا أن أبا عبيد واجه هذه المعضلة حين أمر بقتل الفيلة.

قال ابن كثير: "وأمر أبو عبيد المسلمين أن يقتلوا الفيلة أولا، فاحتوشوها فقتلوها عن آخرها، وقد قدمت الفرس بين أيديهم فيلا عظيما أبيض، فتقدم إليه أبو عبيد فضربه بالسيف فقطع ذلومه فحمى الفيل، وصاح صيحة هائلة وحمل فتخبطه برجليه فقتله ووقف فوقه فحمل على الفيل خليفة أبي عبيد الذي كان أوصى أن يكون أميرا بعده فقتل، ثم آخر ثم آخر حتى قتل سبعة من ثقيف كان قد نص أبو عبيد عليهم واحدا بعد واحد، ثم صارت إلى المثنى بن حارثة بمقتضى الوصية أيضا".

ومما زاد الطين بلة أن أحد المسلمين قطع الجسر لئلا يفر المجاهدون، إلا أن النتيجة جاءت على الضد فقتل وغرق في النهر على إثر ذلك عدد كبير وصمد المثنى وجماعة من فرسان المسلمين حتى إصلاح الجسر.

ويكمل ابن كثير وصف المشهد فيقول: "وسار المثنى بن حارثة فوقف عند الجسر الذي جاءوا منه... فنادى المثنى، أيها الناس على هينتكم فإني واقف على فم الجسر لا أجوزه حتى لا يبقى منكم أحد ههنا... وقام يحرسهم هو وشجعان المسلمين، وقد جرح أكثرهم وأثخنوا".

وقضى من المسلمين في هذه المعركة أربعة آلاف بين قتيل وغريق، وهرب ألفان، وبقي ثلاثة آلاف، وقُتل من الفرس ستة آلاف، وأُخبر عمر -رضي الله عنه- عمَّن سار في البلاد من الهزيمة استحياء، فاشتد عليه وقال: "اللهم إن كل مسلم في حل مني، أنا فئة كل مسلم، يرحم الله أبا عبيد، لو كان انحاز إلي لكنت له فئة".


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

معركة الجسر (13 هـ) لم تكن معارك المسلمين مع الفرس في فتوح العراق بلا ثمن من دمائهم، فقدموا ...

معركة الجسر (13 هـ)

لم تكن معارك المسلمين مع الفرس في فتوح العراق بلا ثمن من دمائهم، فقدموا دماءهم وأشلاءهم لتكون كلمة الله هي العليا، تشهد على ذلك الملاحم التي خاضها الصحابة والمسلمون، ومنها موقعة الجسر الشهيرة التي ارتسمت فيها ملامح الثبات والتضحيات.

وقصة المعركة تبدأ بتولية عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأبي عبيد الثقفي -رحمه الله- قائدا لجيش المسلمين المتوجه إلى فارس، لأنه أول من تطوع للقتال بعد تثاقل الناس عنه، كرها لقتال أعظم دولة في ذلك الزمان، المعروفة ببطشها وقوتها.

وسار جيش المسلمين والتقى مع الفرس في عدة معارك كان النصر حليفه فيها، عندها أرسل ملك الفرس القائد (بهمن جاذويه) لقتال المسلمين، قال ابن كثير: "فأرسلوا: إما أن تعبروا إلينا وإما إن نعبر إليكم. فقال المسلمون لأميرهم أبي عبيد: مُرهم فليعبروا هم إلينا" [البداية والنهاية].

وبعد عبور المسلمين للنهر، لم تستطع خيل المسلمين مواجهة فيلة الأعداء وارتعبت منها، وكانت الفيلة هي سلاح الفُرس النوعي في ذلك الوقت، إلا أن أبا عبيد واجه هذه المعضلة حين أمر بقتل الفيلة.

قال ابن كثير: "وأمر أبو عبيد المسلمين أن يقتلوا الفيلة أولا، فاحتوشوها فقتلوها عن آخرها، وقد قدمت الفرس بين أيديهم فيلا عظيما أبيض، فتقدم إليه أبو عبيد فضربه بالسيف فقطع ذلومه فحمى الفيل، وصاح صيحة هائلة وحمل فتخبطه برجليه فقتله ووقف فوقه فحمل على الفيل خليفة أبي عبيد الذي كان أوصى أن يكون أميرا بعده فقتل، ثم آخر ثم آخر حتى قتل سبعة من ثقيف كان قد نص أبو عبيد عليهم واحدا بعد واحد، ثم صارت إلى المثنى بن حارثة بمقتضى الوصية أيضا".

ومما زاد الطين بلة أن أحد المسلمين قطع الجسر لئلا يفر المجاهدون، إلا أن النتيجة جاءت على الضد فقتل وغرق في النهر على إثر ذلك عدد كبير وصمد المثنى وجماعة من فرسان المسلمين حتى إصلاح الجسر.

ويكمل ابن كثير وصف المشهد فيقول: "وسار المثنى بن حارثة فوقف عند الجسر الذي جاءوا منه... فنادى المثنى، أيها الناس على هينتكم فإني واقف على فم الجسر لا أجوزه حتى لا يبقى منكم أحد ههنا... وقام يحرسهم هو وشجعان المسلمين، وقد جرح أكثرهم وأثخنوا".

وقضى من المسلمين في هذه المعركة أربعة آلاف بين قتيل وغريق، وهرب ألفان، وبقي ثلاثة آلاف، وقُتل من الفرس ستة آلاف، وأُخبر عمر -رضي الله عنه- عمَّن سار في البلاد من الهزيمة استحياء، فاشتد عليه وقال: "اللهم إن كل مسلم في حل مني، أنا فئة كل مسلم، يرحم الله أبا عبيد، لو كان انحاز إلي لكنت له فئة".


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

مقال / خذوا حذركم • مدخل: لا نعرف المصدر الحقيقي لمصطلح "الأمنيَّات"، ولن نسعى كثيرا لتتبع ...

مقال / خذوا حذركم


• مدخل:

لا نعرف المصدر الحقيقي لمصطلح "الأمنيَّات"، ولن نسعى كثيرا لتتبع أصله، وهو بالتأكيد ليس جمعا لمصطلح (الأمن)، وإنما يفهم من سياق استخدامه العام أنه إشارة إلى مجموع الإجراءات التي تتخذها المنظمات والأفراد لتحقيق "الأمن".

ونظرا لأن العدو الأكبر للمجاهدين منذ عقود يتمثل بأجهزة المخابرات التابعة لحكومات الطواغيت والدول الصليبية، التي تستعمل في الغالب أساليبها المعتادة في العمل من التجسس والاختراق والاغتيالات وجمع المعلومات، فقد حظيت "الأمنيات" بأهمية كبيرة في عمل المجاهدين، ونصائح أمرائهم.

"الأمنيات".. بين الوقاية والدفاع والهجوم

"الأمنيات" التي هي إجراءات وقائية بالدرجة الأولى، أما إذا استطاع العدو كسر هذه الإجراءات فإن الجانب العلاجي (الدفاعي) يكون مكلفا، وقليل الفائدة أو عديمها أحيانا.

وعندما نصف "الأمنيات" بأنها إجراءات وقائية، أي أنها تتخذ لمنع العدو من الوصول إلى الهدف الذي نريد تأمينه، سواء كان هذا الهدف فردا من المجاهدين، أو مقرا لهم، أو معلومة تخصهم، أو موادا محفوظة في مكان ما عندهم، وأنه باتخاذ هذه الإجراءات فإننا نتقي تبعات وصول العدو إلى الهدف.

فالعدو لا يستطيع أن يقصف مقر اجتماع للمجاهدين لم يتمكن من معرفة موقعه الدقيق أو التقريبي، فالوقاية من القصف في هذه الحال قد يكفي لها إخفاء هذا الموقع عن أعين جواسيسه ووسائطه المختلفة لجمع المعلومات، كالطائرات المسيرة، وأجهزة التقاط الإشارات اللاسلكية، وما شابه.

والعدو سيستعد بشكل أفضل لصد هجوم للمجاهدين، إذا بلغته معلومات عن هذا الهجوم، كتوقيته، أو حجمه، أو هدفه... ولوقاية هذا الهجوم من مواجهة قوية مع المدافعين، فإن الإجراءات تقتضي منع العدو من الحصول على معلومات حقيقية عن خطة الهجوم، وذلك من خلال (التعمية) وهي منع الحصول على المعلومات الحقيقية مطلقا، و(التورية) التي تتمثل بالتمويه على المعلومات الحقيقية بأخرى مزورة، تقلل من ثقته بالمعلومات الحقيقية، أو تدفعه إلى الثقة بالمعلومات المزورة.

والعميل للمشركين لن ينجح في استهداف أحد المجاهدين بعبوة ناسفة يضعها في طريقه إن لم يكن لديه معلومات عن خط سير هذا المجاهد وتحركاته اليومية، وبذلك فإن اتخاذ هذا المجاهد لبعض الإجراءات التي تمنع من توقع تحركاته، كتنويع طرق المسير ووسائطه، وتبديل مواعيد التحرك باستمرار، ستجعل قضية تصيُّده بالغة الصعوبة، تحتاج إمكانيات مضاعفة من العدو لتوزيع جهده على كل المواقع التي يمكنه أن يكمن فيها لهذا المجاهد.

ومع أن تركيزنا حاليا سيكون على الجانب الوقائي من العمل الأمني، فلا بأس بالتذكير أن لهذا العمل جوانب دفاعية أيضا، تتمثل بإجراءات يجب اتباعها في حال تمكن العدو من التغلب على إجراءاتنا الوقائية، وبالتالي منعه من الاستفادة من هذا الاختراق في إلحاق الأذى بالمجاهدين أو أعمالهم ومصالحهم، كما أن هناك جانبا هجوميا في العمل الأمني، يقوم على السعي إلى اختراق الإجراءات الأمنية للعدو، وكسر دفاعاته الأمنية، من أجل تحقيق أهداف العمل الجهادي.

أهمية الإجراءات الأمنية

وتزداد أهمية هذه الإجراءات لا لفائدتها الوقائية الابتدائية فحسب، ولكن لقلة إمكانيات المجاهدين، وعدم التوازن في القوى بينهم وبين أعدائهم غالبا، وافتقارهم إلى وسائل الردع، التي تمنع العدو من الاستفادة من المعلومات التي يتوصل إليها في تنفيذ فعل معادٍ، كتدمير المواقع، واغتيال الأفراد، والتحكم بالقرارات والخطط.
فمخابرات الدول تمتلك كثيرا من المعلومات عن تحركات خصومها من رجال المخابرات المعادية لها، ولكنها تقف عاجزة عن القضاء عليهم بالقتل، أو اعتقالهم للحصول على ما بأيديهم من معلومات، لأن هذه الأفعال قد تقود إلى مواجهة مباشرة مدمرة مع الدول الأخرى، وبذلك يمنعها مانع الردع من الاستفادة من المعلومات في اتخاذ قرارات حاسمة، وهذا ما نجده ربما بصورة أوضح في تتبع المخابرات للمعارضين المقيمين في بلدان أجنبية، فإنها تكتفي غالبا بالسعي للتجسس عليهم، ومعرفة نواياهم، وإحصاء المرتبطين بهم، دون قدرة على تنفيذ عمل مادي ضدهم، لما في ذلك من تأثير على العلاقات مع الدول التي تستضيفهم.
كما أن وسائل الحماية المتوفرة بيد المجاهدين ضعيفة نسبيا مقارنة بوسائل الهجوم المتوفرة في يد أعدائها، وخاصة ما يتعلق منها بالوسائل الجوية.

وإذا نظرنا إلى تجربة الجهاز الأمني للدولة الإسلامية، فإنه قد تمكن -بفضل الله- خلال السنوات الماضية من شلِّ قدرة الخلايا الأمنية المعادية على تنفيذ أي هجمات داخل أراضي الدولة الإسلامية إلى حد كبير، ولذلك انحصر عملها بتقديم المعلومات وإرسالها إلى أجهزة المخابرات العالمية لتتولى التنفيذ عن طريق سلاح الجو الذي استهدف بكثافة كل الأهداف التي قدَّم الجواسيس المعلومات عنها، مستهدفين الإخوة بالقتل، ليأسهم من تحقيق اختراق على الأرض يمكنهم من اعتقالهم والحصول منهم على معلومات ثمينة بالنسبة إليهم، وحتى عندما اضطرتهم أهمية بعض الأهداف إلى السعي لتحقيق ذلك، فإنهم اعتمدوا على قوات عسكرية خاصة، محمية بسرب من الطائرات المقاتلة، وكان التنفيذ في المناطق الصحراوية غالبا، ومع ذلك كان النجاح محدودا، لتفضيل الإخوة القتل على الاستئسار للمشركين.

وبذلك تتبين أهمية الإجراءات الأمنية في حماية الأخ المجاهد، وحماية العمل الجهادي، وعموم مصالح الدولة الإسلامية، من اعتداءات المشركين، فهي أهم الأسلحة التي بيده، إن لم تكن السلاح الوحيد أحيانا.

وتزداد أهمية هذا السلاح الوقائي عند المجاهدين العاملين في ديار الكفر، تحت أعين وسمع المخابرات الكافرة، حيث يضطر المجاهد إلى التحرك في أوساط معادية غالبا، تلتقط أي إشارة خطر لتقوم بإيصالها إلى المخابرات، التي حولت عامة الناس في تلك البلدان إلى جواسيس فاعلين لها، ينقلون كل شاردة وواردة إلى عملائها، هذا فضلا عن أجهزة المراقبة والتتبع الكثيرة التي نصبتها أجهزة المخابرات في كل شارع، وعلى كل هاتف، ووسط كل تجمع عام.

فهنا يتحرك المجاهد بلا أي سلاح مادي، منعا للاشتباه به، وبذلك فإن مقتله يكون بمجرد انكشافه للعدو، الذي لن يعجزه اعتقاله بأبسط الوسائل، وأقل التكاليف، فلا يكون للمجاهد في هذه الحالة من سلاح يقي به نفسه من الاعتقال، أو القتل، وعمله الذي يشرف عليه من الانكشاف والتخريب، سوى مجموعة الإجراءات الأمنية التي يمنع بواسطتها عدوه من التعرف عليه، أو الوصول إليه، ومن ثم استهدافه بالقتل أو الاعتقال.

علم الأمن

إن "الأمنيات" هي مزيج بين الفطرة، والفن، والعلم، فالأصل أن يكون المجاهد بفطرته حريصا على أمنه وأمن إخوانه والعمل الذي يقومون به عموما، حذرا من أعدائه، لا يأمن جانبهم، ولا يغفل عن التحسب لصد هجماتهم.

كما يمكن للمجاهد أن يكتسب هذه الصفات الحميدة من خلال التجارب التي يمرُّ بها في حياته، أو يمرُّ بها إخوانه، فتتكون لديه بذلك خبرة في وقاية نفسه وإخوانه وعملهم من مساعي عدوه في اختراق أمنهم وتهديدهم، بل والانتقال من الجانب الوقائي إلى الجانب الدفاعي، أو حتى الهجومي الذي يستهدف كسر "أمنيات" العدو، وتحقيق أهداف العمل الجهادي.

والأفضل أن يستبق المجاهد عمله الجهادي بتعلم هذه الإجراءات، فقد صار (الأمن) علما متكاملا اليوم، يدرس في الجامعات والأكاديميات العلمية، وتعطى فيه الدورات والمحاضرات، وقد دوِّن في الكتب والملخصات، كما هو جارٍ في الأجهزة الأمنية التي تعمل لصالح الدول والحكومات، بل وحتى في المؤسسات العاملة على تأمين الشركات والمصالح الخاصة والأفراد.

وإنه من الأفضل أن يُختار للأعمال الجهادية التي يتعرض العاملون فيها لمخاطر أمنية الأفراد الذين يمتلكون إمكانيات ذاتية (فطرية) ملائمة لهذا العمل، ولديهم القدرة على الاستفادة من الخبرات المكتسبة من قبلهم في هذا الميدان، أو اكتساب المعلومات المنقولة إليهم من غيرهم، وفوق ذلك كله أن يكون لديهم القابلية والقدرة، على تطبيق هذه الخبرات والمعارف، لا أن تحفظ عن ظهر قلب، ويعمل بغيرها أو بخلافها.

فما يميز هذا العلم أنه علم تطبيقي، لا يكفي فيه العلم المجرد عن العمل، ولا يكفي أن يعرف المتعلم أن هذا الإجراء يتخذ في ظرف معين، ولا يتخذ في ظرف آخر، أو أن يقر أن هذا الإجراء صحيح، ويجب العمل به، ولكن يجب أن يطبِّق هذا الإجراء فعليا وبالطريقة الصحيحة، فعندها فقط يكون الإجراء مفيدا، أما أن يعرف للحفظ والاستظهار، فإن صفحات الكتب أكثر فائدة في هذا الباب من صدور الرجال.

وقد كانت هناك محاولات عديدة، لتدوين هذا العلم، من قبل بعض المختصين، وسنحاول في هذه السلسلة من المقالات -بإذن الله- أن نكمل ما نراه ناقصا فيما كتبوه، ونسهل ما صعب فهمه من كلامهم، ونصحح ما نرى فيه من أخطاء، نسأل التوفيق، وأن يهدينا سواء السبيل.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

مقال / خذوا حذركم • مدخل: لا نعرف المصدر الحقيقي لمصطلح "الأمنيَّات"، ولن نسعى كثيرا لتتبع ...

مقال / خذوا حذركم


• مدخل:

لا نعرف المصدر الحقيقي لمصطلح "الأمنيَّات"، ولن نسعى كثيرا لتتبع أصله، وهو بالتأكيد ليس جمعا لمصطلح (الأمن)، وإنما يفهم من سياق استخدامه العام أنه إشارة إلى مجموع الإجراءات التي تتخذها المنظمات والأفراد لتحقيق "الأمن".

ونظرا لأن العدو الأكبر للمجاهدين منذ عقود يتمثل بأجهزة المخابرات التابعة لحكومات الطواغيت والدول الصليبية، التي تستعمل في الغالب أساليبها المعتادة في العمل من التجسس والاختراق والاغتيالات وجمع المعلومات، فقد حظيت "الأمنيات" بأهمية كبيرة في عمل المجاهدين، ونصائح أمرائهم.

"الأمنيات".. بين الوقاية والدفاع والهجوم

"الأمنيات" التي هي إجراءات وقائية بالدرجة الأولى، أما إذا استطاع العدو كسر هذه الإجراءات فإن الجانب العلاجي (الدفاعي) يكون مكلفا، وقليل الفائدة أو عديمها أحيانا.

وعندما نصف "الأمنيات" بأنها إجراءات وقائية، أي أنها تتخذ لمنع العدو من الوصول إلى الهدف الذي نريد تأمينه، سواء كان هذا الهدف فردا من المجاهدين، أو مقرا لهم، أو معلومة تخصهم، أو موادا محفوظة في مكان ما عندهم، وأنه باتخاذ هذه الإجراءات فإننا نتقي تبعات وصول العدو إلى الهدف.

فالعدو لا يستطيع أن يقصف مقر اجتماع للمجاهدين لم يتمكن من معرفة موقعه الدقيق أو التقريبي، فالوقاية من القصف في هذه الحال قد يكفي لها إخفاء هذا الموقع عن أعين جواسيسه ووسائطه المختلفة لجمع المعلومات، كالطائرات المسيرة، وأجهزة التقاط الإشارات اللاسلكية، وما شابه.

والعدو سيستعد بشكل أفضل لصد هجوم للمجاهدين، إذا بلغته معلومات عن هذا الهجوم، كتوقيته، أو حجمه، أو هدفه... ولوقاية هذا الهجوم من مواجهة قوية مع المدافعين، فإن الإجراءات تقتضي منع العدو من الحصول على معلومات حقيقية عن خطة الهجوم، وذلك من خلال (التعمية) وهي منع الحصول على المعلومات الحقيقية مطلقا، و(التورية) التي تتمثل بالتمويه على المعلومات الحقيقية بأخرى مزورة، تقلل من ثقته بالمعلومات الحقيقية، أو تدفعه إلى الثقة بالمعلومات المزورة.

والعميل للمشركين لن ينجح في استهداف أحد المجاهدين بعبوة ناسفة يضعها في طريقه إن لم يكن لديه معلومات عن خط سير هذا المجاهد وتحركاته اليومية، وبذلك فإن اتخاذ هذا المجاهد لبعض الإجراءات التي تمنع من توقع تحركاته، كتنويع طرق المسير ووسائطه، وتبديل مواعيد التحرك باستمرار، ستجعل قضية تصيُّده بالغة الصعوبة، تحتاج إمكانيات مضاعفة من العدو لتوزيع جهده على كل المواقع التي يمكنه أن يكمن فيها لهذا المجاهد.

ومع أن تركيزنا حاليا سيكون على الجانب الوقائي من العمل الأمني، فلا بأس بالتذكير أن لهذا العمل جوانب دفاعية أيضا، تتمثل بإجراءات يجب اتباعها في حال تمكن العدو من التغلب على إجراءاتنا الوقائية، وبالتالي منعه من الاستفادة من هذا الاختراق في إلحاق الأذى بالمجاهدين أو أعمالهم ومصالحهم، كما أن هناك جانبا هجوميا في العمل الأمني، يقوم على السعي إلى اختراق الإجراءات الأمنية للعدو، وكسر دفاعاته الأمنية، من أجل تحقيق أهداف العمل الجهادي.

أهمية الإجراءات الأمنية

وتزداد أهمية هذه الإجراءات لا لفائدتها الوقائية الابتدائية فحسب، ولكن لقلة إمكانيات المجاهدين، وعدم التوازن في القوى بينهم وبين أعدائهم غالبا، وافتقارهم إلى وسائل الردع، التي تمنع العدو من الاستفادة من المعلومات التي يتوصل إليها في تنفيذ فعل معادٍ، كتدمير المواقع، واغتيال الأفراد، والتحكم بالقرارات والخطط.
فمخابرات الدول تمتلك كثيرا من المعلومات عن تحركات خصومها من رجال المخابرات المعادية لها، ولكنها تقف عاجزة عن القضاء عليهم بالقتل، أو اعتقالهم للحصول على ما بأيديهم من معلومات، لأن هذه الأفعال قد تقود إلى مواجهة مباشرة مدمرة مع الدول الأخرى، وبذلك يمنعها مانع الردع من الاستفادة من المعلومات في اتخاذ قرارات حاسمة، وهذا ما نجده ربما بصورة أوضح في تتبع المخابرات للمعارضين المقيمين في بلدان أجنبية، فإنها تكتفي غالبا بالسعي للتجسس عليهم، ومعرفة نواياهم، وإحصاء المرتبطين بهم، دون قدرة على تنفيذ عمل مادي ضدهم، لما في ذلك من تأثير على العلاقات مع الدول التي تستضيفهم.
كما أن وسائل الحماية المتوفرة بيد المجاهدين ضعيفة نسبيا مقارنة بوسائل الهجوم المتوفرة في يد أعدائها، وخاصة ما يتعلق منها بالوسائل الجوية.

وإذا نظرنا إلى تجربة الجهاز الأمني للدولة الإسلامية، فإنه قد تمكن -بفضل الله- خلال السنوات الماضية من شلِّ قدرة الخلايا الأمنية المعادية على تنفيذ أي هجمات داخل أراضي الدولة الإسلامية إلى حد كبير، ولذلك انحصر عملها بتقديم المعلومات وإرسالها إلى أجهزة المخابرات العالمية لتتولى التنفيذ عن طريق سلاح الجو الذي استهدف بكثافة كل الأهداف التي قدَّم الجواسيس المعلومات عنها، مستهدفين الإخوة بالقتل، ليأسهم من تحقيق اختراق على الأرض يمكنهم من اعتقالهم والحصول منهم على معلومات ثمينة بالنسبة إليهم، وحتى عندما اضطرتهم أهمية بعض الأهداف إلى السعي لتحقيق ذلك، فإنهم اعتمدوا على قوات عسكرية خاصة، محمية بسرب من الطائرات المقاتلة، وكان التنفيذ في المناطق الصحراوية غالبا، ومع ذلك كان النجاح محدودا، لتفضيل الإخوة القتل على الاستئسار للمشركين.

وبذلك تتبين أهمية الإجراءات الأمنية في حماية الأخ المجاهد، وحماية العمل الجهادي، وعموم مصالح الدولة الإسلامية، من اعتداءات المشركين، فهي أهم الأسلحة التي بيده، إن لم تكن السلاح الوحيد أحيانا.

وتزداد أهمية هذا السلاح الوقائي عند المجاهدين العاملين في ديار الكفر، تحت أعين وسمع المخابرات الكافرة، حيث يضطر المجاهد إلى التحرك في أوساط معادية غالبا، تلتقط أي إشارة خطر لتقوم بإيصالها إلى المخابرات، التي حولت عامة الناس في تلك البلدان إلى جواسيس فاعلين لها، ينقلون كل شاردة وواردة إلى عملائها، هذا فضلا عن أجهزة المراقبة والتتبع الكثيرة التي نصبتها أجهزة المخابرات في كل شارع، وعلى كل هاتف، ووسط كل تجمع عام.

فهنا يتحرك المجاهد بلا أي سلاح مادي، منعا للاشتباه به، وبذلك فإن مقتله يكون بمجرد انكشافه للعدو، الذي لن يعجزه اعتقاله بأبسط الوسائل، وأقل التكاليف، فلا يكون للمجاهد في هذه الحالة من سلاح يقي به نفسه من الاعتقال، أو القتل، وعمله الذي يشرف عليه من الانكشاف والتخريب، سوى مجموعة الإجراءات الأمنية التي يمنع بواسطتها عدوه من التعرف عليه، أو الوصول إليه، ومن ثم استهدافه بالقتل أو الاعتقال.

علم الأمن

إن "الأمنيات" هي مزيج بين الفطرة، والفن، والعلم، فالأصل أن يكون المجاهد بفطرته حريصا على أمنه وأمن إخوانه والعمل الذي يقومون به عموما، حذرا من أعدائه، لا يأمن جانبهم، ولا يغفل عن التحسب لصد هجماتهم.

كما يمكن للمجاهد أن يكتسب هذه الصفات الحميدة من خلال التجارب التي يمرُّ بها في حياته، أو يمرُّ بها إخوانه، فتتكون لديه بذلك خبرة في وقاية نفسه وإخوانه وعملهم من مساعي عدوه في اختراق أمنهم وتهديدهم، بل والانتقال من الجانب الوقائي إلى الجانب الدفاعي، أو حتى الهجومي الذي يستهدف كسر "أمنيات" العدو، وتحقيق أهداف العمل الجهادي.

والأفضل أن يستبق المجاهد عمله الجهادي بتعلم هذه الإجراءات، فقد صار (الأمن) علما متكاملا اليوم، يدرس في الجامعات والأكاديميات العلمية، وتعطى فيه الدورات والمحاضرات، وقد دوِّن في الكتب والملخصات، كما هو جارٍ في الأجهزة الأمنية التي تعمل لصالح الدول والحكومات، بل وحتى في المؤسسات العاملة على تأمين الشركات والمصالح الخاصة والأفراد.

وإنه من الأفضل أن يُختار للأعمال الجهادية التي يتعرض العاملون فيها لمخاطر أمنية الأفراد الذين يمتلكون إمكانيات ذاتية (فطرية) ملائمة لهذا العمل، ولديهم القدرة على الاستفادة من الخبرات المكتسبة من قبلهم في هذا الميدان، أو اكتساب المعلومات المنقولة إليهم من غيرهم، وفوق ذلك كله أن يكون لديهم القابلية والقدرة، على تطبيق هذه الخبرات والمعارف، لا أن تحفظ عن ظهر قلب، ويعمل بغيرها أو بخلافها.

فما يميز هذا العلم أنه علم تطبيقي، لا يكفي فيه العلم المجرد عن العمل، ولا يكفي أن يعرف المتعلم أن هذا الإجراء يتخذ في ظرف معين، ولا يتخذ في ظرف آخر، أو أن يقر أن هذا الإجراء صحيح، ويجب العمل به، ولكن يجب أن يطبِّق هذا الإجراء فعليا وبالطريقة الصحيحة، فعندها فقط يكون الإجراء مفيدا، أما أن يعرف للحفظ والاستظهار، فإن صفحات الكتب أكثر فائدة في هذا الباب من صدور الرجال.

وقد كانت هناك محاولات عديدة، لتدوين هذا العلم، من قبل بعض المختصين، وسنحاول في هذه السلسلة من المقالات -بإذن الله- أن نكمل ما نراه ناقصا فيما كتبوه، ونسهل ما صعب فهمه من كلامهم، ونصحح ما نرى فيه من أخطاء، نسأل التوفيق، وأن يهدينا سواء السبيل.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

(إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر) عن زيد بن سعنة أنه دفع مالا للرسول -صلى الله عليه ...

(إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر)


عن زيد بن سعنة أنه دفع مالا للرسول -صلى الله عليه وسلم- لقاء تمر يأخذه منه في أجل معلوم، قال: "فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة، خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، ونفر من أصحابه، فلما صلَّى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه، فأخذت بمجامع قميصه، ونظرت إليه بوجهٍ غليظٍ، ثم قلت: ألا تقضيني يا محمد حقي؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب بمَطْلٍ، ولقد كان لي بمخالطتكم علم!

قال: ونظرتُ إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره وقال: أيْ عدو الله! أتقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أسمع، وتفعل به ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحق، لولا ما أحاذر قوته لضربت بسيفي هذا عنقك. ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة، ثم قال: (إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التِّباعة، اذهب به يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعا من غيره مكان ما رعته).

قال زيد: فذهب بي عمر فقضاني حقي، وزادني عشرين صاعاً من تمر، فقلت: ما هذه الزيادة؟ قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أزيدك مكان ما رُعْتُكَ، فقلت: أتعرفني يا عمر؟ قال: لا، فمن أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة، قال: الحَبْر؟ قلت: نعم، الحبر، قال: فما دعاك أن تقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قلت، وتفعل به ما فعلت؟

فقلت: يا عمر، كل علامات النبوة قد عرفتُها في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أختبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً، فقد اختبرتهما، فأُشهدك -يا عمر- أني قد رضيت بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيّاً، وأشهدك أن شطر مالي -فإني أكثرها مالاً- صدقة على أمة محمد، صلى الله عليه وسلم"
[رواه ابن حبان والطبراني وغيرهما].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

(إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر) عن زيد بن سعنة أنه دفع مالا للرسول -صلى الله عليه ...

(إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر)


عن زيد بن سعنة أنه دفع مالا للرسول -صلى الله عليه وسلم- لقاء تمر يأخذه منه في أجل معلوم، قال: "فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة، خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، ونفر من أصحابه، فلما صلَّى على الجنازة دنا من جدار فجلس إليه، فأخذت بمجامع قميصه، ونظرت إليه بوجهٍ غليظٍ، ثم قلت: ألا تقضيني يا محمد حقي؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب بمَطْلٍ، ولقد كان لي بمخالطتكم علم!

قال: ونظرتُ إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره وقال: أيْ عدو الله! أتقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أسمع، وتفعل به ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحق، لولا ما أحاذر قوته لضربت بسيفي هذا عنقك. ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة، ثم قال: (إنا كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التِّباعة، اذهب به يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعا من غيره مكان ما رعته).

قال زيد: فذهب بي عمر فقضاني حقي، وزادني عشرين صاعاً من تمر، فقلت: ما هذه الزيادة؟ قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أزيدك مكان ما رُعْتُكَ، فقلت: أتعرفني يا عمر؟ قال: لا، فمن أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة، قال: الحَبْر؟ قلت: نعم، الحبر، قال: فما دعاك أن تقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قلت، وتفعل به ما فعلت؟

فقلت: يا عمر، كل علامات النبوة قد عرفتُها في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أختبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً، فقد اختبرتهما، فأُشهدك -يا عمر- أني قد رضيت بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيّاً، وأشهدك أن شطر مالي -فإني أكثرها مالاً- صدقة على أمة محمد، صلى الله عليه وسلم"
[رواه ابن حبان والطبراني وغيرهما].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

ستُهزم روسيا بأيدينا لا بأيدي غيرنا... إن شاء الله الحرب في الفكر العسكري الغربي هي شكل من ...

ستُهزم روسيا بأيدينا لا بأيدي غيرنا... إن شاء الله


الحرب في الفكر العسكري الغربي هي شكل من أشكال السياسة، لا يلجأ إليها الخصمان أو أحدهما ما دام هناك وسيلة أخرى لتحقيق الأهداف، وتأمين المصالح، بسبب تكلفتها العالية بشريا واقتصاديا وعسكريا، وخاصة إذا كان الخصوم من القوة بمكان بحيث يتمكن كل منها من إحداث ضرر كبير بعدوه، فلا يخرج المنتصر من الحرب إلا وقد مُنِي بخسائر فادحة، لا تعوضها الفوائد المرجوة من هذه الحرب أحيانا.

فما دام هناك وسائل يأمل الخصوم من خلالها تحصيلَ المطامع أو تأمينَ المصالح، فإن فرص الحرب تتراجع، حتى إذا أحكم كل من الخصمين المنافذ في وجه خصمه، ولم يبق هناك ما يمكن التفاوض عليه، أو التنازل عنه طلبا لبديل، ازدادت احتمالات الحرب بين الطرفين.

وهذا ما نراه اليوم في لعبة السياسة الدولية القائمة بين كل من روسيا وأمريكا، التي ساحتها ليست أرض أي من البلدين ولكن مناطق النفوذ المفترض لكل منهما، حيث يناور الطرفان بما لديه من عوامل قوة لانتزاع النقاط من خصمه، وحرمانه من تحصيلها.

وإذا أخذنا بالاعتبار أن مساحة اللعب بين الطرفين ذات امتداد كبير جدا، يشمل قارتين من قارات العالم، هما آسيا وأوروبا، وهي مرشحة بقوة للتمدد في إفريقيا، علمنا حينها أن خسارة أي من الطرفين لجولة هنا، أو منفعة هناك لا تعني لأي منهما خسارة اللعبة ككل، بل لا ضير عندهما من الاستمرار فيها بأن يتنازل أحدهما للآخر عن قضية يتبناها، لقاء أن يتنازل له خصمه في قضية أخرى لا تزال أوراقها القوية في يده.

وعلى أطراف هذه الحلبة الكبرى للصراع تتموضع حلبات جانبية بين الدول المرتبطة بكل من الخصمين المتصارعين، تخضع صراعاتهم لقواعد الصراع المركزي، وتتأثر بنتائجه.

وبناء على هذا كله، فإن من التهور أن يحسب المتابع للأحداث أن كل تهديد أو تصريح معاد أو استعراض للقوة يبذله المسؤولون الروس أو الأمريكان هو تمهيد لإعلان حرب أو ما شابه ذلك، فالتهديد في العلن قد يكون دعوة إلى المفاوضات في السر، والتصريح المعادي قد يكون إثارة لانتباه الخصم إلى تجاوزه عدد النقاط المقبول تحصيله في إحدى المباريات، واستعراض القوة قد يكون تعريفا بالحدود التي يجب أن يلتزمها كل من الطرفين، والتأكيد على أهمية موقع قد يكون إعلانا لقيمته المرتفعة في أي عملية مقايضة يمكن إجراؤها بينهما، وكل ذلك على اعتبار أن تحقيق التهديدات، أو إيقاع القوة محلَّها، أو الإصرار العنيد على الفوز في كل المباريات، هو الخط الأحمر الوحيد الذي يحرص الطرفان على عدم تجاوزه، دون بقية الخطوط الحمراء الوهمية الكثيرة التي يرسمها كل منهما على خريطة السياسة الدولية.
إن ضغط روسيا الأكبر ليس واقعا على أمريكا، ولكن على الدول الأوروبية التي باتت تشعر أنها مهددة فعلا بالمطامع الروسية التي ليس لها حد، في الوقت الذي تنزوي فيه أمريكا إلى داخل قارتها تلعق جراحها الكثيرة التي أنهكتها على مدى العقدين الماضيَين من الحرب الشرسة ضد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، تاركة دول أوروبا لذاتها، معلنة العجز عن الاستمرار في حمايتها إلى الأبد، حتى لو قررت دفع ثمن هذه الحماية، وهذا ما جرأ روسيا على الحط أكثر من هيبة تلك الدول، والاستفزاز المستمر لها، وتذكيرها بكهولتها وعجزها منفردة أو حتى مجتمعة عن الوقوف في وجه التمدد الروسي الذي بات يهدد دول أوروبا الشرقية كلها، في حين تتجنب دول أوروبا أي مواجهة، بل تسعى جهدها للتخفيف من غضب حكام روسيا، ومنعهم من التهور بالإقدام على أي عمل يفوق طاقة حكام تلك الدول عن التغافل والسكوت عنه، معترفين ضمنيا بكهولة دولهم وأمراضها، التي لن ينفعها على المدى القريب الحجم الكبير من الأجانب الذين قُبلوا لاجئين في تلك الدول.

وإن على المجاهدين في سبيل الله أن يتحسبوا لفترة صراع طويلة مع روسيا وحلفائها في مختلف المناطق، حتى قبل الانتهاء من صراعهم الحالي مع أمريكا، خاصة وأنها تحاول أن تنازع أمريكا والدول الأوروبية الصليبية على زعامة الحرب على المسلمين، وأن يعدّوا العدّة ليحسموا هذا الصراع لصالحهم مهما طال أمده، وقد جربنا روسيا وحلفاءها في الشام، وما تكرار تجربة الأمريكيين في العراق بحقهم بالأمر العسير، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

ستُهزم روسيا بأيدينا لا بأيدي غيرنا... إن شاء الله الحرب في الفكر العسكري الغربي هي شكل من ...

ستُهزم روسيا بأيدينا لا بأيدي غيرنا... إن شاء الله


الحرب في الفكر العسكري الغربي هي شكل من أشكال السياسة، لا يلجأ إليها الخصمان أو أحدهما ما دام هناك وسيلة أخرى لتحقيق الأهداف، وتأمين المصالح، بسبب تكلفتها العالية بشريا واقتصاديا وعسكريا، وخاصة إذا كان الخصوم من القوة بمكان بحيث يتمكن كل منها من إحداث ضرر كبير بعدوه، فلا يخرج المنتصر من الحرب إلا وقد مُنِي بخسائر فادحة، لا تعوضها الفوائد المرجوة من هذه الحرب أحيانا.

فما دام هناك وسائل يأمل الخصوم من خلالها تحصيلَ المطامع أو تأمينَ المصالح، فإن فرص الحرب تتراجع، حتى إذا أحكم كل من الخصمين المنافذ في وجه خصمه، ولم يبق هناك ما يمكن التفاوض عليه، أو التنازل عنه طلبا لبديل، ازدادت احتمالات الحرب بين الطرفين.

وهذا ما نراه اليوم في لعبة السياسة الدولية القائمة بين كل من روسيا وأمريكا، التي ساحتها ليست أرض أي من البلدين ولكن مناطق النفوذ المفترض لكل منهما، حيث يناور الطرفان بما لديه من عوامل قوة لانتزاع النقاط من خصمه، وحرمانه من تحصيلها.

وإذا أخذنا بالاعتبار أن مساحة اللعب بين الطرفين ذات امتداد كبير جدا، يشمل قارتين من قارات العالم، هما آسيا وأوروبا، وهي مرشحة بقوة للتمدد في إفريقيا، علمنا حينها أن خسارة أي من الطرفين لجولة هنا، أو منفعة هناك لا تعني لأي منهما خسارة اللعبة ككل، بل لا ضير عندهما من الاستمرار فيها بأن يتنازل أحدهما للآخر عن قضية يتبناها، لقاء أن يتنازل له خصمه في قضية أخرى لا تزال أوراقها القوية في يده.

وعلى أطراف هذه الحلبة الكبرى للصراع تتموضع حلبات جانبية بين الدول المرتبطة بكل من الخصمين المتصارعين، تخضع صراعاتهم لقواعد الصراع المركزي، وتتأثر بنتائجه.

وبناء على هذا كله، فإن من التهور أن يحسب المتابع للأحداث أن كل تهديد أو تصريح معاد أو استعراض للقوة يبذله المسؤولون الروس أو الأمريكان هو تمهيد لإعلان حرب أو ما شابه ذلك، فالتهديد في العلن قد يكون دعوة إلى المفاوضات في السر، والتصريح المعادي قد يكون إثارة لانتباه الخصم إلى تجاوزه عدد النقاط المقبول تحصيله في إحدى المباريات، واستعراض القوة قد يكون تعريفا بالحدود التي يجب أن يلتزمها كل من الطرفين، والتأكيد على أهمية موقع قد يكون إعلانا لقيمته المرتفعة في أي عملية مقايضة يمكن إجراؤها بينهما، وكل ذلك على اعتبار أن تحقيق التهديدات، أو إيقاع القوة محلَّها، أو الإصرار العنيد على الفوز في كل المباريات، هو الخط الأحمر الوحيد الذي يحرص الطرفان على عدم تجاوزه، دون بقية الخطوط الحمراء الوهمية الكثيرة التي يرسمها كل منهما على خريطة السياسة الدولية.
إن ضغط روسيا الأكبر ليس واقعا على أمريكا، ولكن على الدول الأوروبية التي باتت تشعر أنها مهددة فعلا بالمطامع الروسية التي ليس لها حد، في الوقت الذي تنزوي فيه أمريكا إلى داخل قارتها تلعق جراحها الكثيرة التي أنهكتها على مدى العقدين الماضيَين من الحرب الشرسة ضد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، تاركة دول أوروبا لذاتها، معلنة العجز عن الاستمرار في حمايتها إلى الأبد، حتى لو قررت دفع ثمن هذه الحماية، وهذا ما جرأ روسيا على الحط أكثر من هيبة تلك الدول، والاستفزاز المستمر لها، وتذكيرها بكهولتها وعجزها منفردة أو حتى مجتمعة عن الوقوف في وجه التمدد الروسي الذي بات يهدد دول أوروبا الشرقية كلها، في حين تتجنب دول أوروبا أي مواجهة، بل تسعى جهدها للتخفيف من غضب حكام روسيا، ومنعهم من التهور بالإقدام على أي عمل يفوق طاقة حكام تلك الدول عن التغافل والسكوت عنه، معترفين ضمنيا بكهولة دولهم وأمراضها، التي لن ينفعها على المدى القريب الحجم الكبير من الأجانب الذين قُبلوا لاجئين في تلك الدول.

وإن على المجاهدين في سبيل الله أن يتحسبوا لفترة صراع طويلة مع روسيا وحلفائها في مختلف المناطق، حتى قبل الانتهاء من صراعهم الحالي مع أمريكا، خاصة وأنها تحاول أن تنازع أمريكا والدول الأوروبية الصليبية على زعامة الحرب على المسلمين، وأن يعدّوا العدّة ليحسموا هذا الصراع لصالحهم مهما طال أمده، وقد جربنا روسيا وحلفاءها في الشام، وما تكرار تجربة الأمريكيين في العراق بحقهم بالأمر العسير، ولينصرن الله من ينصره، إن الله لقوي عزيز.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد

الحلم حلة أهل الإيمان والعقل قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأشجِّ عبد القيس: إن فيك ...

الحلم حلة أهل الإيمان والعقل


قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأشجِّ عبد القيس: إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "قيل للأحنف بن قيس: ما الحلم؟ قال: أن تصبر على ما تكره قليلا" [عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين].

ورُوي أن رجلاً سبَّ ابن عباس، رضي الله عنهما، فلما فرغ الرجل قال ابن عباس: "يا عكرمة، هل للرجل حاجة فنقضيها؟" فنكَّس الرجل رأسه واستحى.

ومثلها أن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- قال لعرابة بن أوس: "بم سُدْت قومك يا عرابة؟" قال: "يا أمير المؤمنين، كنت أحلم عن جاهلهم وأعطي سائلهم وأسعى في حوائجهم، فمن فعل فعلي فهو مثلي، ومن جاوزني فهو أفضل مني".

إنه الحِلم -أخي المجاهد- الذي يعتبر من أهم الصفات التي يجب على المسلم التحلي بها إذا ما أراد أن يكون من أصحاب الخلق الحسن، فهو يعني الطمأنينة عند الغضب، والتفكر قبل الحكم على الشيء، والتعقل والروية.

وقال الإمام ابن القيم: "أوثق غضبك بسلسلة الحلم، فإنه كلب إن أفلت أتلف" [الفوائد].

أخي المجاهد، لقد وصف الله -تعالى- نفسه بهذه الصفة فقال عزَّ من قائل: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 235]، وفي آية أخرى: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]، وقال أيضا: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن: 17]. ووصف -تعالى- خليله إبراهيم -عليه السلام- بها فقال: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: 114].

وما نال أحد من النبي -صلى الله عليه وسلم- فينتقم منه إلا إذا انتَهَك محارم الله فينتقم لله، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: خَدَمْتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبع سنين، أو تسع سنين، ما علمتُ قال لشيء صنعتُ: لم فعلت كذا وكذا؟ ولا لشيء تركت: هلا فعلت كذا وكذا [رواه مسلم].

أخي المجاهد، إن الحلم مطلوب في كل الأوقات وفي جميع الظروف وهو كنز ثمين، وهو في زمن الشدائد والفتن أثمن وأحوج، حيث تحار العقول، وتختلج القلوب، وتضطرب المواقف، ولا يسع المرء عند ذلك سوى تقوى الله والحلم.

واعلم أن ذلك ليس دعوة للبلادة في الطباع، تجعل المرء محط تلقي الإهانات والإساءات دون رد، ولكنه تريُّث وتعقُّل، ونظر في العواقب وتدبُّر، وتقدير للمصالح والمفاسد، وما لم يكن هناك تدبر للإساءة وأسبابها، فلن يكون هناك قدرة على تجاوزها أو ردها.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 124
الخميس 5 رجب 1439 ه‍ـ
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
5 ربيع الأول 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً