44. فاطم بل متعنا هؤلاء واباءهم. حتى طال7(.طار من قصعه ماءده)عليهم8 العمر. .

44. فاطم
بل متعنا هؤلاء واباءهم. حتى طال7(.طار من قصعه ماءده)عليهم8 العمر.
.

جني راحل. واياكم. للفرام. . .. .. قتل13

جني راحل. واياكم. للفرام. . .. .. قتل13

أحلام الجولاني المفتون بالحكم في الوقت الراهن تتجاذب دوائر صنع القرار اليهودي طريقتين للتعامل مع ...

أحلام الجولاني المفتون بالحكم

في الوقت الراهن تتجاذب دوائر صنع القرار اليهودي طريقتين للتعامل مع المشهد السوري الجديد، الطريقة الأولى تتمثل في حسم الملف أمنيا وعسكريا، وعدم الوثوق بالنظام الجديد مهما قدّم من قرابين وعرابين، ومهما التزم بآداب حسن الجوار أسوة بنظيره الأردني والمصري وهلم جرا.

بينما الطريقة الثانية وتؤيدها مراكز أبحاث "الأمن القومي اليهودي" تتمثل في التعامل مع النظام السوري الجديد كحليف محتمل مستقبلا، أسوة بسلفه "الأسد" الذي كان يرفع شعار "المقاومة" في الهواء وعلى الأرض يلتزم التزاما حديديا بحماية الحدود اليهودية! مع فارق أن الطاغوت الجديد لا يرفع أي شعارات سوى "السلام".

لكن تبقى النزعة الأمنية اليهودية حتى الآن متغلبة على غيرها في التعامل مع المشهد السوري، وهو ما يصطدم بالأحلام الجولانية الواعدة لمد جسور السلام والوئام مع العدو التقليدي للمسلمين تشبُّثا بالحكم وليس ثمة شيء آخر.

فالسلوك الرسمي للنظام السوري الجديد بدا واضحا منذ الأيام الأولى لتسلُّمه الحكم، وكان حاسما لا يقبل المواربة بأن "سوريا الجديدة" لن تشكل خطرا على اليهود! ولن تسمح لأحد بذلك! وهذا شيء متوقع ليس في الفترة الانتقالية فحسب، بل حتى لو حكم الجولاني مئة عام فلن يسعى لإغضاب الجار اليهودي!، فالرجل المفتون بالحكم طلّق دينه ثلاثا من أجل هذه "اللحظة التاريخية!" أتراه يغامر باللعب في الملف الأخطر على الإطلاق وهو الأمن اليهودي؟!

افتتاحية النبأ "الجولاني بين جدارين" 488
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC11AR
...المزيد

الجامية؛ أنصار طواغيت الشرق والغرب يظن البعض أن المذهب الجامي والمدخلي محصور في المنسوبين زورا ...

الجامية؛ أنصار طواغيت الشرق والغرب


يظن البعض أن المذهب الجامي والمدخلي محصور في المنسوبين زورا وبهتانا للسلف ونصرتهم لطواغيت العرب.

فهل تعلم أن هنالك جامية "سلفية" في إيران يدعون للسمع والطاعة لخامنئي، وفي العراق يدعون للسمع والطاعة لرؤساء الرافضة المتعاقبين في بغداد، وفي أمريكا يدعون للسمع والطاعة لبوش ومن أتى بعده!!!

وهنالك جامية على المذهب الصوفي والإخواني، ففي روسيا الصوفية يدعون للسمع والطاعة لبوتين، وفي الصين يدعون للسمع والطاعة للرئيس الشيوعي، وفي بريطانيا وعدة دول يدعو الإخوان المرتدون للسمع والطاعة للدول التي هم فيها!!

وهنالك الجامية القواعدجية التي تدعو للسمع والطاعة لحركة طالبان الوطنية التي طردتهم لاحقا!

وهنالك الجامية الهتشية التي تدعو للسمع والطاعة لطاغوت سوريا الجديد! ومن سماتهم؛ ما رآه الطاغوت حسنًا ولو كان كفرًا زيَّنوه، ولو حرَّم الطاغوت شعيرة إسلامية أجازوه.
...المزيد

رسوب طالبان في اختبار التوحيد ومن جملة إخفاقات الإمارة في ترقيع حربها على التوحيد، أنها جمعته في ...

رسوب طالبان في اختبار التوحيد

ومن جملة إخفاقات الإمارة في ترقيع حربها على التوحيد، أنها جمعته في سياق واحد مع اعتراضها على إعلان "المحكمة الجنائية" فرض عقوبات بحق بعض قادتها، واستجدائها رفع "القيود السياسية المفروضة على حكومتها"، فهل هذا خطابُ كافرٍ بالمحكمة الدولية أم خاضع لها معتدٍّ بها متأثرٍ بتقييماتها؟! إنّ هذا نموذج واحد فقط لرسوب طالبان في اختبار التوحيد العملي بعيدا عن خدعة "الحواشي والزيادات" فمشكلتها مع "الأصل" لا الحاشية!


• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 482
" في الأصل لا الحاشية!"
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ مقال: رموز أم أوثان؟! (7) مانزال -يوما بعد يوم- نجد أهمية ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ
مقال:

رموز أم أوثان؟! (7)


مانزال -يوما بعد يوم- نجد أهمية الكلام في تحذير المسلمين من اتباع الرجال على غير هدى، وتقديم أقوالهم أو أفعالهم على كلام الله ورسوله، وهدي السلف الصالح من هذه الأمة المرحومة بإجماعهم على الحق، وذلك لأن الفتنة بالرجال هي من أكبر الفتن في هذا الزمان، بل وفي كل زمان، أودت بخلق كثير من الناس إلى الشرك بالله العظيم، ورد ما أنزله الله من العلم والهدى ليخرج به أولياءه من الظلمات إلى النور، كما قال جل شأنه: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257]، فهم يخرجون من الظلمات باتباعهم النور الذي دعا إليه أنبياء الله، عليهم السلام، أما الذين كفروا فإنهم يُدخلون أنفسهم إلى الظلمات باتباعهم ضلالات رؤسائهم وزعمائهم والمشاهير من الرجال، الذين يتخذونهم طواغيت يعبدونهم من دون الله، بطاعتهم في المعصية، واتباعهم على غير الهدى.
وإن من أخطر ما في هذه القضية، أن أهل الضلالة يجعلون من أفعال "الرموز" الذين يقدسونهم أدلَّة على صحة ما يفعلون، وشعارهم في ذلك أن لو كان في الأمر خطأ ما فعله "الرموز"، فهم في ظنهم الأعلمُ فلا يعتريهم جهل، والأهدى فلا تسري إليهم ضلالة، والأتقى فلا يعقل فيهم اتباع للهوى، وإنهم لا تزري بهم أفعالهم، بل هم يزكون الأفعال التي يقومون بها، فيمنحونها الشرعية، ويكسبونها باقترافهم لها الحكم بالصحة، والمقياس في ذلك كله كثرة المصفقين لهؤلاء "الرموز"، والهاتفين بأسمائهم، والمسبّحين لصفاتهم وأفعالهم، والذين مخالفتهم -عند الضالين- لا تقل بحال عن مخالفة إجماع الصحابة.

فتجد هؤلاء يردُّون الحق، لا جحدا له أحيانا، ولا تكذيبا لمن جاء به، وإنما لمجرد أن في اتباعه مفارقة لما عليه "الرموز" المعظمون، ولما في الإقرار به من طعن في من خالفه من "الرموز"، وهذا الأمر سنة جارية في أهل الضلال على مدى العصور، ولعله من أشد الأمور صدا عن طاعة الله واتباع الهدى، فقد واجهه أنبياء الله -تعالى- المؤيَّدون بوحيه مع أقوامهم، {قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [إبراهيم: 10].

فالمشكلة الأكبر عند هؤلاء كانت في مخالفة الآباء، الذين هم "الرموز" المعظمون عندهم، وفي تلك المخالفة لهم عن ضلالهم إقرار بوقوع أولئك الآباء فيه، وطعن في دينهم، بل وحتى في عقولهم أحيانا، ولذلك فإن فِئاماً منهم كانوا مقرين بأن الحق هو غير ما كان عليه آباؤهم، ورغم ذلك أصروا على أن يبقوا على دينهم، كما في قصة الشيخ الضال أبي طالب، الذي مات وهو يردّد: "هو على ملَّة عبد المطلب"، مخافة أن يعيره أشياخ قريش بالرغوب عن تلك الملة الضالة المنحرفة.


• دين على مقاس "الرموز"

بل إننا نجد في زماننا هذا من يسكت عن بعض المنكرات، ويجهد نفسها في الدفاع عن فاعليها، وذلك كله مخافة أن يسألهم أتباعهم عن حكم من وقع فيها، فيضطرهم الأمر إلى أن يحكموا على مرتكبها بما يستحقه، أو يقعوا في التناقض بين ما يزعمون الإيمان به من الأحكام وبين تطبيقها على الأعيان، أو في التفريق -بغير علة شرعية- بين مرتكبي هذه المنكرات، كما يفعل الهالكون (أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) [متفق عليه].
بل إن منهم من يشط في ضلاله بعيدا، فلا بأس عنده أن تصبح السرقة من المباحات، بل من الأعمال الصالحات، ولا بأس عنده أن يفتري في سبيل ذلك حتى على الأنبياء، عليهم السلام، فينسب إليهم ظلما فعل هذا المنكر، ليجعل لمن وقع في السرقة من "الرموز" الذين يقدسهم سلفا، ولا يستغرب أحد هذا الأمر، فقد فعلوا شرا من ذلك، إذ اتهموا -كاذبين- أحد الأنبياء، وهو يوسف ابن يعقوب -عليه السلام- بما هو أفحش من السرقة، وهو الشرك بالله، وموالاة الكافرين، ليبرروا ما فعلوه هم و"رموزهم" من شرك الديموقراطية، وموالاة الطواغيت الحاكمين بغير ما أنزل الله.

ومن فهم قولنا، أدرك حقيقة أن كثيرا من أهل الضلال اليوم يسكتون عن أعظم المنكرات، فيَوَد لو أن أحدا لا يسأل عن حكمها، أو يجهد نفسه في إعذار من فعلها بأعذار ما أنزل الله بها من سلطان، ليجعل دون "الرموز" الذين وقعوا فيها سدا وحصنا من الشروط -التي ليست في كتاب الله- لتنزيل الأحكام على أعيانهم، والموانع البدعية التي اخترعوها، ليمنعوا الحكم عليهم بما أنزل الله، وما قضية إعذار من فعل الشرك الأكبر بالجهل والتأويل والتقليد وغيرها من الأعذار -غير المعتبرة في هذا الباب- عنا ببعيد.• طاغوت مرتد.. ولا كرامة

ولنا اليوم في النزاع الحاصل حول طاغوت الإخوان المرتدين (أحمد ياسين) خير مثال؛ فالرجل رأس من رؤوس الكفر في فلسطين، خرج من الإسلام بنواقض عديدة، ليس أقلها انتماؤه إلى طائفة كفر وردة هم الإخوان المرتدون، ودعوته إليها، بل هو رأس من رؤوسها، وقد أقر على نفسه بقبوله بكفر الديموقراطية، وبرضاه عن مشاركة أتباعه فيها، بل وبأنه يريد "دولة ديموقراطية، السلطة فيها لمن يفوز في الانتخابات"، واحترامه إرادة من "يرفض إقامة دولة إسلامية"، فمن كان على حاله، أو قال بمقاله، فهو طاغوت مرتد، ولا كرامة لمن يعلن الرضا بحكم غير حكم الله ورسوله، كائنا من كان، كما قال ابن القيم، رحمه الله:

فَإِذا دعوك لغير حكمهمَا فَلَا
سمعا لداعي الكفر والعصيان
قل: لَا كَرَامَة، لَا، وَلَا نعما، وَلَا
طَوْعاً لمن يَدْعُو إلى طغيان

ولو أن رجلا من عوام الناس نطق بمثل ذلك الكفر، لما اختُلف في تكفيره كما نرى اليوم، ولكن لكونه "رمزا" مشهورا بين الناس، وخاصة بين طائفة كبيرة العدد هم الإخوان المرتدون، فإن من يتصدى لتكفيره سيعرض نفسه لردَّة فعل كثير من الطوائف التي لا تقبل بهذا الحكم فيه.

فمنهم الجهلة الذين لا تحتمل عقولهم السفيهة أن يكون رجل قاوم اليهود لعقود من الزمان يكفر بكلمة تخرج من فمه، وهذه من خزايا أهل التجهم والإرجاء الذين يخفون عن الناس حقيقة حبوط أعمال المشركين التي هي من أهم مسائل الإيمان وثوابت الاعتقاد، هذا عدا عن موانع التكفير الأخرى التي اخترعها الأبالسة وراجت بين السفهاء، كشيب لحيته، وانعدام حركته، وطول مدة سجنه.

ومنهم أنصاره وأتباعه، الذين لن يرضوا بتكفير "رمزهم"، وسيردون على من فعله باتهامه بأنه عميل لليهود، أو أنه يضعف صف المقاومين الذين يتبعون هذا "الرمز"، أو أنه بتكفيره لهذا الطاغوت يشق صف المسلمين، أخزى الله من غضِب لأمثاله... ومنهم... ومنهم...


• ظلمات بعضها فوق بعض

والمصيبة لا تقتصر على التوقف في الطاغوت (أحمد ياسين) وأمثاله، فالساكت عنه ينبغي عليه -وبلا شك- السكوت عن كل من فعل فعله من المشركين أو شابه حاله، لأنه مضطر أن يعدل بينهم في الحكم، فلا يقبل منه بحال أن يكفِّر من يعلن رضاه بالديموقراطية من قادة الصحوات في الشام، وهو يعذر من قال بذلك من طواغيت الإخوان، ولذلك لجأ بعضهم إلى حيلة أن يثبت الحكم بالتكفير ثم يمتنع عن إطلاقه على فاعله، بأن يجترح لهم عذرا عاما يبرؤهم جميعا به من هذا الوصف الذي استحقوه.

وليس فيما نقوله افتراء عليه، بل هو السبب الغالب في كثير من الحالات المشابهة، كقولهم بإعذار طواغيت البرلمانات بالتأويل، لأن ممن اقترف هذا الكفر "رموز" كبار لا يجرؤ أئمة الضلال على تحكيم شرع الله -تعالى- فيهم، بتكفيرهم، هم وعبَّادهم، من أمثال (حسن البنا) و(مصطفى السباعي) وغيرهم، فإذا وسعنا البحث في حكم من أباح لهم ولأمثالهم هذا الكفر، أو أعلن الرضا به، أو دعا إلى إعانتهم عليه، فإن قائمة "الرموز" المرتدين ستصبح أطول، وحشد من سترعد أنوفهم لأجلهم أكبر، ولذلك لم يكن عند أئمة الضلال إلا أن يعذروا من ترشح للبرلمانات بالتأويل، ليخرجوا "الرموز" المرتدين وأولياءهم من دائرة التكفير التي أحاطت بهم.

بل امتد إعذار بعض هؤلاء للطواغيت إلى استباحة ما فعلوه من كفر وشرك، تخلصا من التناقض بين ما يعتقدونه وبين ما يحكمون به، ولا زال من يقترفون هذا المنكر يستدلُّون على صحة فعلهم بفعل أسلافهم من "الرموز" الذين اتخذوهم جُنَّة يتصدون بها لإنكار كل منكِر عليهم، ممن ترعبه أسماء "الرموز"، ويحسب ألف حساب قبل أن يقول فيهم كلمة تسخط أتباعهم، وإن كانت من رضا رب العالمين.

إن المسلم الحق يجعل نصب عينيه قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، فلا يجد في نفسه حرجا من الحكم على الناس بما حكم الله -تعالى- فيهم، وإن خالف هواه، فإنه يسلِّم لحكم الله -تعالى- لا لحكم هواه، ليكون على مراد الله لا على مراد نفسه.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 115
الخميس 1 جمادى الأولى 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - قصة شهيد: المعلم عبد الودود "رجل من أهل الخير، هادئ الطبع قليل الغضب ليس ...

الدولة الإسلامية - قصة شهيد:


المعلم عبد الودود

"رجل من أهل الخير، هادئ الطبع قليل الغضب ليس له خصومة مع أحد، صاحب مبدأ وعزيمة وإرادة قوية، يفي بالعهود ولا يُخلفها حتى في أحلك الظروف، ملتزم بقيام الليل" هكذا يصفه أقرب أصدقائه.

إنه الأخ الشهيد -كما نحسبه- المعلم عبد الودود -تقبله الله- واسمه الحقيقي "محسن"، ولد -رحمه الله- في بادية مدينة مانديرا شمال شرقي كينيا، وتربي فيها وأكمل فيها دراسته الابتدائية والثانوية وحفظ فيها كتاب الله، ثم انتقل بعدها إلى مدينة نيروبي حيث أكمل فيها دراسته الجامعية وتلقى فيها العلم الشرعي على أيدي عدد من أهل العلم هناك.

بعد ذلك بدأ -رحمه الله- مرحلة الجهاد، فخرج من كينيا مهاجرا إلى الله والتحق بصفوف المجاهدين في الصومال وتحديدا عام 1429 هـ، وفي نفس العام تخرج -رحمه الله- من معسكر "عبدي طوري" والتحق مباشرة بصفوف المجاهدين في شبيلى السفلى حتى صار أميرا للحسبة في مدينة براوى ثم أميرا للحسبة في مدينة أمبريسا وما حولها من القرى، وبعد فترة قضاها في الحسبة تحول -رحمه الله- إلى الجبهات العسكرية في نفس الإقليم، فتم تعيينه مسؤولا عن الدعوة في الكتيبة التي كان ينتمي إليها وكان ذلك في بداية العام 1430 هـ، وينقل عنه مرافقوه في تلك المرحلة أنه كان مهتما بالدعوة إلى الله فكان يلقي الكلمات في المساجد وكان يدعو الناس -حتى المارة في الشوارع- ويحرضهم على الجهاد، من عرفه منهم ومن لم يعرفه.

ثم نقل مرة أخرى إلى إقليم (بنادر)، وهناك التقى بالمهاجرين وبرزت مهارته في الترجمة، فكان يعمل مترجما بين المهاجرين والأنصار وكان متميزا في ذلك، رحمه الله، إذ إنه يجيد عدة لغات بطلاقة وهي السواحلية والعربية والإنجليزية والصومالية بقسميها "المحاتري والماي" بالإضافة إلى الأورومية، وهي اللغات التي تستعمل في المنطقة التي نشأ فيها شمال شرقي كينيا.

وفي أواخر عام 1430 هـ، اختير لِيَكون من ضمن معسكر تأهيلي للقيادات العسكرية في السرايا فالتحق بالمعسكر الذي استمر ستةَ أشهر متتالية، كان فيه من أمهر الطلاب وأسرعهم فهما واستيعابا، بل كان هو المترجم بين الطلاب والمعلمين أثناء المعسكر بالرغم من كونه طالبا، ولما رأى المعلمون القدرات والمواهب التي حبا الله بها الأخ -رحمه الله- تم اختياره ليكون من ضمن المعلمين في المعسكرات، وقد كان -رحمه الله- متميزا من بين المعلمين ومن أمهرهم، حافظا لكتاب الله عن ظهر قلب وكان يجيد استنباط الأحكام والفوائد من بين الآيات التي يقرأها خلال دروسه وكلماته، كان لينا رحيما بطلابه، حريصا على أن يفيدهم حتى أثناء قيامهم بالتدريبات العسكرية، وكان متميزا في شرحه وتدريسه محبا لعمله ولا يمل من كثرة الشرح والتكرار، يلقي المحاضرات والدروس بكل اللغات التي يعرفها، وكان تخصصه التدريس في مجالات الأمن والإدارة والقيادة وحروب العصابات بالإضافة إلى اهتمامه بالتاريخ عامة، وتاريخ بلاد المسلمين خاصة، وقد ظل -رحمه الله- في قسم المعسكرات معلما ومترجما مساعدا لغيره من المعلمين حتى التحاقه بركب الدولة الإسلامية ودخوله إلى غابات الجنوب متبرءا من التنظيمات والفصائل.التحق -رحمه الله- بركب الخلافة رغم أنه كان يعاني من مرض الكلى، لكن نفسه أبت الجلوس بين الفصائل وهو يرى نور الخلافة قد أشرق من جديد، فعمل قبل دخوله إلى الغابات على إقناع وتحريض الناس على اللحاق بالدولة الإسلامية، وما أن تجمع الإخوة في الجنوب بعد أن نجاهم الله من مطاردات يهود الجهود حتى اختاروه أميرا عليهم، وكلفوه بقراءة البيان الذين نشر على الإنترنت باسم "بيعة ثلة من المجاهدين في الصومال".

وبعد أشهر من المطاردة والتخفي عن أعين يهود الجهاد، أراد المعلم عبد الودود اللحاق بركب إخوانه من جنود الخلافة في شرق الصومال ليشد من أزرهم ويفيدهم ويعاونهم في بناء صرح الخلافة هناك، فتسلل -رحمه الله- إلى مدينة كسمايو وسافر من مطارها متخفيا إلى مطار مقديشو لكن قدر الله أن يراه أحد عملاء يهود الجهاد العاملين في مطار كسمايو وكانت بينهم معرفة سابقة.

ولما وصل عبد الودود -رحمه الله- إلى مدينة مقديشو واختبأ في أحد المنازل، كان بينه وبين زوجته موعد ليلتقيا وكان في أشد شوقه للقاء ابنه الذي سماه "عبد الله السني"، وكان الموعد بينهما عند عصر اليوم الثاني من وصوله، لكن الأخ تأخر ولم يكن من عادته أن يخلف وعده، وعند المغرب وصل الخبر إلى زوجته أن مسلحين أطلقوا عليه النار بالقرب من سوق "بكارة" وأصابوه بطلقات في بطنه ورأسه نقل بعدها إلى أحد مستشفيات المدينة فذهبت إليه وتأكدت من جثته، رحمه الله، وسرعان ما بدأ يهود الجهاد في الصومال يبشرون بعضهم البعض بأنهم تمكنوا من اغتيال المعلم عبدالودود.

وفارق عبد الودود -تقبل الله شهادته- الدنيا وهو في الثلاثين من العمر مقبلا غير مدبر مهاجرا في سبيل الله مبايعا لأمير المؤمنين الشيخ أبي بكر الحسيني القرشي -حفظه الله- ولا يزال إخوانه مستمرين في طريقه من بعده وسيثأرون له في يوم من الأيام، بإذن الله.
 
 


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 115
الخميس 1 جمادى الأولى 1439 ه‍ـ
...المزيد

بغداد... بين صولات الأبرار ووهْم الانتصار مشهد مزعج جدا لكل طواغيت الأرض، ذاك الذي تصدَّر من ...

بغداد... بين صولات الأبرار ووهْم الانتصار


مشهد مزعج جدا لكل طواغيت الأرض، ذاك الذي تصدَّر من جديد عناوين نشرات الأخبار، مذكِّرا إياهم لا بعودة كابوس قديم زعموا نهايته فحسب، ولكن بنهاية أحلام يقظة سعَوا جاهدين إلى أن يعيشوها هم وأتباعهم، وبزوال سكرة انتصار وهمي ادعوه لتستريح أعصابهم من ضغط الحرب التي لا أمل في نهايتها ضد الدولة الإسلامية.

فلم تكن صور الدمار، وحمرة الدماء النجسة التي سالت في "ساحة الطيران" هي السبب في تلك الهبَّة الدولية من طواغيت الأرض لتعزية إخوانهم في العراق، فمن قُتلوا هناك أحقر من أن يلتفت لأمرهم أحد من أسيادهم، ولكنها المخاوف من تكرار مسلسل الأحداث التي وقعت قبل أعوام ثلاث لتسفر عن انهيار في الحكم الطاغوتي في بغداد، الذي كاد أن يتسبب بزوال هذه المنظومة التي أشرف على بنائها الصليبيون طيلة عقد من الزمان.

ولذلك وجدنا تكرارا في التصريحات من الأطراف المختلفة بلغت حد التواتر تصف هذا الهجوم الكبير والنوعي للمجاهدين بأنه "خرق أمني"، في محاولة بائسة من قبل مطلقي هذا الوصف لتطمين أنفسهم وأنصارهم إلى سلامة المنظومة الأمنية المهلهلة لحكومة الرافضة في بغداد، كما وجدنا تهافتا على التصريح بالتضامن والدعم والمساندة لهذه الحكومة في حربها ضد "الإرهاب".

وكما أن هجوم "ساحة الطيران" فضح كذبة سيطرة الحكومة الرافضية على الوضع الأمني، وكشفت لداعميها أن جنود الدولة الإسلامية لا زالوا هم هم، بذلك الإصرار العنيد على ضرب أعدائهم في عقر دورهم، وبتلك الشراسة في سعيهم لإيقاع أكبر نكاية ممكنة في صفوف المشركين، فإن واقع الصراع على السلطة ومكاسبها بين الشركاء المتشاكسين في بغداد فضح أيضا كذب كل الأحاديث عن استقرار سياسي قريب يمهد لقيام نظام حكم قادر على بسط سيطرته الحقيقية على أرض العراق.

فإيران التي تعتبر نفسها صاحب الحصة الأكبر في النصر المزعوم في الحرب ضد الدولة الإسلامية لن تقبل -وبلا شك- بحصة متواضعة في مرحلة حصد الغنائم التي تلت الإعلان المتسرع لذلك النصر من حلفائها في العراق والشام، وبالتالي فإنها لن تعطي لخصومها أي أمل في تحجيم نفوذها عما كان عليه قبل دخولها المباشر في الحرب الشاملة ضد الدولة الإسلامية، وذلك في ظل رضا الولايات المتحدة عن هذا النفوذ الذي لا يعطل المصالح الحيوية لها في السيطرة على النفط، والعقود التجارية والاستثمارية لشركاتها الكبرى.

وكما ضمنت لأتباعها في العراق سيطرة شبه كاملة على القوة العسكرية والأمنية عبر المكانة المركزية التي منحتها لفصائل الحشد الرافضي بزعم أنها رأس الحربة في القتال ضد الدولة الإسلامية، فإنها ستسعى بالتأكيد إلى السيطرة من خلالهم على كامل القرار السياسي وذلك تحت مزاعم ضرورة الحفاظ على مكتسبات "الحرب على الإرهاب"، والتخويف من عودة الحال لما كان عليه قبل تدخل إيران لإنقاذ الحكومة الرافضية في بغداد من الانهيار على أيدي جنود الخلافة.

وبين أكاذيب روافض العراق وإيران والشام بحسمهم للمعارك ضد الدولة الإسلامية، وأكاذيبهم بقدرتهم على تحقيق الاستقرار في المناطق التي يسيطرون عليها، يبقى الثابت الذي يجمع الناس على أنه الحقيقة الوحيدة التي لا تقبل التكذيب هو أن الدولة الإسلامية لا زالت لها اليد الطولى التي تستطيع -بقوة الله- تنغيص عيش الروافض في كل مكان، وأن مسلسل الأحداث الذي جرى من خلاله سحق الجيش الرافضي على مدى سنوات يمكن تكراره بصورة أسهل -بإذن الله- مع أي قوَّة جديدة تحاول أن تحل محل هذا الجيش، سواء كانت من فصائل الحشد الرافضي الفوضوية، أو من جيش إيران الذي لن يكون أحسن حالا من جيوش حلفائه في العراق والشام، بل إننا نجزم أن بنية الحكومة الرافضية في بغداد وكل ما يرتبط بها من مصادر قوة أمنية وعسكرية ومالية، هي أضعف بعشرات المرات مما كانت عليه قبل فتح الموصل، كما أن جنود الدولة الإسلامية -بفضل الله- هم أقوى عزيمة على الفتح، وأكثر ثقة بنصر الله لهم، وأفضل قدرة وخبرة، مما كانوا عليه قبل فتح الموصل.

فلتستعد إيران وأذنابها لهذه الحرب طويلة الأمد، وليعلنوا النصر مرَّات ومرَّات، فإن استمرارهم في هذه الحرب لن يؤدي -بإذن الله- إلا إلى إنهاهكم وهروبهم في النهاية كما فعلوا سابقا، ولن تقف حدود انهيارهم عند بغداد في كل مرَّة، ولن يكون حالهم داخل إيران بأفضل من حالهم خارجها بإذن الله، واللهَ نسأل أن يمن على عباده بالفتح القريب، والحمد لله رب العالمين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 115
الخميس 1 جمادى الأولى 1439 ه‍ـ
...المزيد

فاز من باع نفسه لخالقها إذا حلت المنايا وجاءت الآجال، فالتهرب منها شيء محال، لأن القدر المكتوب ...

فاز من باع نفسه لخالقها

إذا حلت المنايا وجاءت الآجال، فالتهرب منها شيء محال، لأن القدر المكتوب لا بد واقع، ماله من صاد ولا دافع، ثم ينتقل المرء من دار الزوال والفناء، إلى دار الخلود والبقاء، فإما نعيم مقيم، وإما عذاب مُخزٍ أليم.

وإن الموحد إذا علم أن الحياة مرتحلة عنه قسرا، وأن الموت نازل بساحه وإن عاش دهرا، اجتهد في طلب رضى الرحمن، وطمع في عطاء الكريم المنان، فلم يترك باب خير إلا طرقه، ولا طريق بِرٍّ إلا سلكه، ينتقي من الأعمال أصلحها، ومن التجارة أربحها، وليس عمل أصلح عند الله من الجهاد، وليست تجارة أربح من القتل في سبيله والاستشهاد، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 10-13].

وقد علم الله أن النفس عن الجهاد لاهية، وعنه عازفة لأعذار تافهة واهية، إذ فيه ذهاب النفس والمال، وفراق الأهل والأصحاب والعيال، لذلك أجزل لمن أقامه العطاء والثواب، ووعده الفردوس الأعلى مع الصديقين والصالحين والأنبياء والأصحاب، {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:88-89]، فأنعم بطريقهم طريقا، وحسُن أولئك صحبة ورفيقا.

وكما أن الله أعد للمجاهدين نعيما وفيرا، وخَيرا جزيلا كثيرا، خلق لمن تخلف عنهم سعيرا، وبشَّرهم عذابا أليما وحسابا عسيرا، فإذا هم أعرضوا عن الجهاد استبدل بهم أهل خير، وتركهم أهل العصيان جميعا ولا ضير، فأمر الله ماض أبدا، وهو الناصر عونا ومددا، {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} [التوبة: 39-41].

فإذا تيقن المرء أنه إلى الله راجع، وأن ليس له من قضائه من دافع، فضَّل الهداية على الغواية، والثواب على العقاب، والموت في سبيل الله عن الموت في سبيل سواه، فإن للموت في الحالتين سكرات، وهو في كِلتيهما مُرُّ الجرعات، فشمِّر يا باغي الخير عن ساعد الجد تأمن، واسع للعلياء يرفعك الله من حال إلى أحسن.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 115
الخميس 1 جمادى الأولى 1439 ه‍ـ
...المزيد

وقفات عند أحاديث الفتن والملاحم (6) تكلمنا في الحلقات السابقة من هذه السلسلة -بفضل الله- عن منهج ...

وقفات عند أحاديث الفتن والملاحم (6)

تكلمنا في الحلقات السابقة من هذه السلسلة -بفضل الله- عن منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع أخبار الغيب، وبيَّنَّا وجوب الإيمان بما صحَّ نسبته منها إلى الوحي، وأوردنا أمثلة عن تعامل الأنبياء ومن سار على هداهم مع هذه الأخبار.

واليوم نركز في بحثنا على واحدة من أهم المسائل التي زلَّت فيها الأقدام في هذا الباب، وهي مسألة خروج المهدي من آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر الزمان، والفتن التي حلت بالناس بسببها طيلة القرون الماضية.


• يُضلُّ به كثيرا ويهدي به كثيرا

فقد انقسم الناس في موقفهم من هذه القضية طوائف شتَّى، بين منكرين لهذه الأخبار بالكلية، وغلاة فيها، بنَوا عليها أديانا وأحكاما تُخرج من أخذ بها من دين الإسلام، وضالِّين في تأويلها يُسقطونها بشكل خاطئ على واقعهم، وبين مؤمنين بها الإيمان الصحيح الذي أمر به الله -عز وجل- ورسوله الكريم، وعمل به سلف هذه الأمة من أهل القرون المفضَّلة.

فأما الطائفة الأولى، وهم المنكرون لأخبار المهدي بالكلية، المكذِّبون بأنها جاءت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهم في الغالب من "الأهوائيِّين" الذين يطلق عليهم في زماننا خطأً وصف "العقلانيِّين"، فهؤلاء يردُّون كل الأخبار التي جاءت في المهدي، في إطار ردِّهم لأكثر أنباء الغيب التي أخبرت عن أحداث آخر الزمان، فمنهجهم الباطل يقوم على عرض كل النصوص على أهوائهم، فما وافقها صحَّحوه ولو كان ساقط السند والمتن، وما خالفها ردُّوه وإن أجمع أهل السنة على صحته، وما عجزوا عن إنكاره تأوَّلوه بمعنى يخرجه عن حقيقته، أو نفوا أنه يفيد العلم إن لم يكن متواترا، بناء على قاعدتهم الباطلة في هذا الباب.

وزعم بعضهم أن هذه الأحاديث هي من وضع الرافضة الذين غلَوا في هذا الباب حتى جعلوه من ضروريات دينهم، التي يكفر منكرها، وجازف آخرون بالقول بتضعيف كل الأحاديث الواردة في هذا الباب، والكذب على أئمة أهل السنة بنسبة هذا القول الباطل إليهم، ومنهم من أشغل نفسه بضرب هذه الأحاديث ببعضها، بل بضرب الضعيف منها بالصحيح، أملا في أن يضعف متنه، ومنهم من أنكر وجود المهدي كشخص مستقل بهذا الاسم أو الوصف، زاعما أن المقصود بهذا الوصف هو عيسى ابن مريم -عليه السلام- حين نزوله آخر الزمان.


• إيراد أئمة أهل السنة لأحاديث المهدي في كتبهم

أما من زعم أن أحاديث المهدي هي من وضع الرافضة، أو أنها من أحاديثهم، فهذا مردود عليه، بأن هذه الأخبار منثورة في كتب السنة ودواوينها، بل أفرد لها أئمة أهل السنة في أسفارهم كتبا وأبوابا، وترجموا لهذه الأحاديث بما يقطع بأنهم يرَون بأن الأخبار التي أوردوها إنما تشير إلى المهدي المعروف في أخبار الساعة.

ففي سنن الترمذي (باب ما جاء في المهدي)، وفي سنن ابن ماجه (باب خروج المهدي)، وفي سنن أبي داود (كتاب المهدي)، وأفرد ابن حبان عدة أبواب من صحيحه للأخبار الواردة في المهدي مترجما لكل منها على حدة، وكذلك البغوي في شرحه للسنة (باب المهدي).

فهذا ما يخص بعض ما رواه أئمة أهل السنة في هذا الباب، وما هو عند غيرهم كثير، مما يصعب استقصاؤه وحصره.


• تصحيح علماء أهل السنة لبعض أحاديث المهدي

رغم أن البخاري ومسلم لم يخرجا أيّاً من الأحاديث التي تنص على اسم المهدي في صحيحيهما، فهذا لا يعني بحال تضعيف أو تكذيب هذه الأحاديث كما قال بعض من ضلَّ في هذا الباب، فإنه لا يشترط لصحة الحديث أن يروِيَه الشيخان، بل الصحاح خارج الصحيحين أكثر مما فيهما.

ولذلك فإن بعض الأحاديث التي عند غيرهما في هذا الباب حكم عليها علماء الحديث بالصحة، فقال الإمام أبو عيسى الترمذي -رحمه الله- عن بعض أحاديث المهدي التي أوردها في سننه أنه "حسن صحيح"، وكذلك فعل البزار في مسنده.

بل وجزم بعض العلماء أن الخبر بخروج المهدي بلغ حدَّ التواتر، كما في قول الإمام أبو الحسين الآبري -رحمه الله- وهو من أئمة الحديث: "قد تواترت الأخبار، واستفاضت بكثرة رُواتها عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يعني في المهدي" [شرح السنة للبغوي]، وكذا قال السفاريني الحنبلي وهو من المتأخرين: "وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عدَّ من معتقداتهم" [لوامع الأنوار البهية]، أما الأخبار العديدة في أوصافه، وقصته، والأحداث المرافقة لها، فأمرها مختلف من حيث الثبوت.• ربطُ العلماء لأحاديث المهدي مع غيرها من أخبار الساعة

وبالإضافة لذلك، نجد علماء آخرين يحكمون على بعض الأخبار الواردة في الصحيحين أنها تشير أيضا إلى ما يتعلق بقصة خروج المهدي، كما في حديث (يغزو جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض، يخسف بأولهم وآخرهم) [متفق عليه]، إذ يقول الإمام ابن حبان -رحمه الله- في تبويبه لأحد أحاديث المهدي: "ذكر الخبر المصرح بأن القوم الذين يخسف بهم، إنما هم القاصدون إلى المهدي في زوال الأمر عنه".

وأورد الإمام البغوي -رحمه الله- الحديث الذي رواه مسلم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا، لا يعده عددا) في (باب المهدي) من كتابه (شرح السنة) إشارة إلى رأيه أن الخليفة المقصود في هذا الحديث هو المهدي المذكور في الأخبار.

وعن حديث (يتقارب الزمان) [متفق عليه]، قال الخطابي -رحمه الله- بأن ذلك يكون: "زمان خروج المهدي، ووقوع الأمنة في الأرض بما يبسطه من العدل فيها، فيُستلذ العيش عند ذلك، وتُستقصر مدته" [شرح السنة للبغوي].

وقال الإمام ابن كثير -رحمه الله- بعدما ذكر حديث (لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا) [رواه مسلم]: "والظاهر أن منهم المهدي المبشر به في الأحاديث الواردة بذكره" [تفسير ابن كثير].

كما ربط العلماء قصة المهدي بقصة نزول عيسى ابن مريم، التي هي في الصحيحين، وجزم بعض الأئمة بأن المهدي سيكون معه -عليه السلام- في قتاله للدجال، وبهذا قال الإمام البربهاري، رحمه الله: "وبنزول عيسى ابن مريم، ينزل فيقتل الدجال، ويتزوج، ويصلي خلف القائم من آل محمد، صلى الله عليه وسلم، ويموت، ويدفنه المسلمون" [شرح السنة]، وبذلك قال أيضا الإمام أبو الحسين الآبري، رحمه الله: "وأنه يخرج مع عيسى ابن مريم، ويساعده في قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة، وعيسى يصلي خلفه، في طول من قصته وأمره" [مناقب الإمام الشافعي].

ورأى علماء آخرون أن خروج المهدي يكون قبل نزول عيسى ابن مريم، عليه السلام، كما في قول ابن كثير، رحمه الله: "وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى ابن مريم كما دلت على ذلك الأحاديث" [البداية والنهاية].


• ردهم على من زعم أن المهدي هو عيسى ابن مريم

وردَّ العلماء على من أنكر خروج المهدي، معتمدا على حديث (ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم) [رواه ابن ماجه]، فأنكر بعضهم هذا الحديث، وتأوله آخرون بما يجعله موافقا للأحاديث الصحيحة عندهم في هذا الباب.

فقال ابن تيمية -رحمه الله- عنه: "هذا الحديث ضعيف" [منهاج السنة النبوية]، وقال الذهبي: "خبر منكر" [ميزان الاعتدال]، وقال النسائي: "حديث منكر" [العلل المتناهية لابن الجوزي].

وبالإضافة إلى الطعن في سند الحديث، لجهالة بعض رواته على المحدثين، أو لتفرد بعضهم الآخر به، فإن أهل العلم ردُّوا أيضا بأن بعض أوصاف المهدي الواردة في الأحاديث الصحيحة عندهم تمنع من كونه عيسى ابن مريم، كما قال ابن حبان: "ذكر الإخبار عن وصف اسم المهدي واسم أبيه ضد قول من زعم أن المهدي عيسى ابن مريم" [صحيح ابن حبان].

وردَّ بعض العلماء على هذه الشبهة، بأن الحديث ولو صحَّ فإنه لا ينفي خروج المهدي، كشخص مستقل، بل هو يخصُّ وصفا لعيسى ابن مريم، عليه السلام، كما قال ابن كثير: "وهذا الحديث فيما يظهر ببادي الرأي مخالف للأحاديث التي أوردناها في إثبات مهدي غير عيسى ابن مريم، إما قبل نزوله كما هو الأظهر، وإما بعده، وعند التأمل لا ينافيها، بل يكون المراد من ذلك أن المهدي حق المهدي هو عيسى ابن مريم، ولا ينفي ذلك أن يكون غيرُه مهدياً أيضاً" [النهاية في الفتن والملاحم]، وبناء على هذا الرأي نجد الإمام ابن كثير يصف عيسى ابن مريم -عليه السلام- بأنه "المسيح المهدي" في مواضع عدة من كتابه الكبير (البداية والنهاية).

هذا والله أعلم، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 114
الخميس 24 ربيع الثاني 1439 ه‍ـ
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
12 صفر 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً