(إنما الصبر عند الصدمة الأولى) قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنما الصبر عند الصدمة ...

(إنما الصبر عند الصدمة الأولى)


قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) [رواه البخاري]، وفي رواية أخرى عند ابن ماجه عن أبي أمامة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يقول الله سبحانه: (ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى، لم أرض لك ثوابا دون الجنة).

ولحديث الإمام البخاري قصة حدثت مع امرأة، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بامرأة تبكي عند قبر فقال: (اتقي الله واصبري)، قالت: إليك عنِّي فإنك لم تُصب بمصيبتي ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي، صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي، صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) [رواه البخاري].

والمعنى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما أمر المرأة بالصبر أنكرت عليه ذلك، لكنها لما عرفت أن الذي خاطبته هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءت إلى بيته معتذرة، فأعلمها أن تحقيق الصبر، الذي يؤجر عليه المسلم أجرا عظيما هو ما يظهره المسلم من التسليم بقدر الله عندما يلقى صدمة المصيبة بالصبر، فقد يبكي الإنسان وهو صابر وقد يكون غير ذلك.

ولذا فليكن المسلم حريصا على تمثل الصبر عند وقوع المصائب، وليحرص على ألا يقول كلمة أو يفعل فعلاً ينقص من أجره، وما عند الله خير وأبقى، وليعلم أن الله -عز وجل- بشَّرَه فقال: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 120
الخميس 6 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

وقفات عند أحاديث الفتن والملاحم (8) ذكرنا في الحلقة الماضية أن قضية المهدي من أكثر القضايا التي ...

وقفات عند أحاديث الفتن والملاحم (8)

ذكرنا في الحلقة الماضية أن قضية المهدي من أكثر القضايا التي استغلها أهل الضلال في تسويق ضلالهم، واجتذاب الأنصار والأتباع إليهم، وفي هذه الحلقة -بإذن الله- سنذكر نماذج من التاريخ، تُبيِّن بعض أهم الحالات لأدعياء المهدوية أو من ألبسهم الناس هذا الثوب، فدفعوهم إلى ذلك، ببيعتهم لهم، ومناداتهم بهذا اللقب، دون رضا منهم أحيانا، ولا نعني بنسبة كل منهم إلى طائفته أن كل هذه الطائفة يدعونه بذلك، ولكن لبيان أنه قد ظهر في كل هذه الطوائف المبتدعة من نُودِيَ بالمهدية.


• مهدي الكيسانية: محمد بن علي (رضي الله عنهما)، توفي عام 83 هـ

"السيد الإمام أبو القاسم وأبو عبد الله، محمد بن الإمام علي بن أبي طالب، وأمه من سبي اليمامة زمن أبي بكر الصديق، وهي خولة بنت جعفر الحنفية. وكانت الشيعة في زمانه تتغالى فيه، وتدَّعي إمامته، ولقَّبوه بالمهدي، ويزعمون أنه لم يمت" [سير أعلام النبلاء].

وقال ابن كثير، رحمه الله: "وصارت الشيعة فرقتين، الجمهور منهم مع سليمان يريدون الخروج على الناس ليأخذوا بثأر الحسين، وفرقة أخرى مع المختار يريدون الخروج للدعوة إلى إمامة محمد بن الحنفية، وذلك عن غير أمر ابن الحنفية ورضاه، وإنما يتقولون عليه ليروجوا على الناس به، وليتوصلوا إلى أغراضهم الفاسدة" [البداية والنهاية].

وروي عن عبد الله بن محمد بن الحنفية قال: "قالوا لأبي: يا مهدي، السلام عليك، قال: سبحان الله، ألم أنهكم عن هذا؟ إنما المهدي من هدى الله، عز وجل" [المستدرك].


• مهدي الرافضة: محمد بن الحسن العسكري

وهو أسطورة اخترعها غلاة الرافضة، عندما انقطعت السلسلة التي كانوا ينقلون فيها الإمامة في نسل علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وذلك بوفاة إمامهم الحسن العسكري ولم يعقب، فزعموا أن له ولدا، أخفته أمه في سرداب خوفا عليه من أعدائه، في القرن الثالث الهجري، ثم اختفى وغاب عن الأنظار، وأنه لا زال حيا إلى يومنا هذا، بل سيبقى حيا حتى قبيل قيام الساعة، ليظهر على أنه المهدي، فيقيم دينهم، ويقتل أعداءهم.


• مهدي الخوارج: صاحب الزنج، هلك سنة 270 هـ

"هو طاغية الزنج، علي بن محمد بن عبد الرحمن العبدي، من عبد القيس. افترى وزعم أنه من ولد زيد بن علي العلوي، وكان منجما طرقيا ذكيا حروريا ماكرا داهية منحلا على رأي فجرة الخوارج يتستر بالانتماء إليهم، وإلا فالرجل دهري فيلسوف زنديق" [سير أعلام النبلاء].

قال ابن كثير: "وقد كان هذا اللعين -أعني صاحب الزنج المدعى إلى غير أبيه- يقول لأصحابه: لقد عُرِضَتْ عليَّ النبوة فخفت أن لا أقوم بأعبائها، فلم أقبلها" [البداية والنهاية].

قال بعض المؤرخين "وكانت أيامه مذ نجم إلى أن قتل أربع عشرة سنة وأربعة أشهر، وتنوزع في عدة من قتل من أصحاب السلطان، وغيرهم من الرجال والنساء والصبيان، بالسيف والحرق والغرق والجوع، فمنهم من يقول أن ذلك ألف ألف، وأكثرهم يرى أن ذلك لا يحيط به الإحصاء، ولا يحصره العدد كثرة وعظما" [التنبيه والإشراف].


• مهدي الباطنية: عبيد الله الباطني، هلك سنة 322 هـ

"أول من قام من الخلفاء الخوارج العبيدية الباطنية، الذين قلبوا الإسلام، وأعلنوا بالرفض، وأبطنوا مذهب الإسماعيلية، وبثُّوا الدعاة، يستغوون الجبلية والجهلة. وادعى هذا المدبر، أنه فاطمي من ذرية جعفر الصادق فقال: أنا عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن ميمون بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد. وقيل: بل قال: أنا عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق. وقيل: لم يكن اسمه عبيد الله، بل إنما هو سعيد بن أحمد" [سير أعلام النبلاء].


• مهدي الأشاعرة: محمد بن تومرت، هلك سنة 524 هـ

"أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت البربري، والمصمودي، الهرغي، الخارج بالمغرب، المدعي أنه علوي حسني، وأنه الإمام المعصوم المهدي.

كان يقول لأصحابه: ما في الأرض من يؤمن إيمانكم، وأنتم العصابة الذين عَنَى النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "لا يزال أهل الغرب ظاهرين"، وأنتم تفتحون الروم، وتقتلون الدجال، ومنكم الذي يؤم بعيسى، وحدثهم بجزئيات اتفق وقوع أكثرها، فعظمت فتنة القوم به حتى قتلوا أبناءهم وإخوتهم لقسوتهم وغلظ طباعهم، وإقدامهم على الدماء، فبعث جيشا، وقال: اقصدوا هؤلاء المارقين المبدلين الدين، فادعوهم إلى إماتة المنكر وإزالة البدع، والإقرار بالمهدي المعصوم، فإن أجابوا، فهم إخوانكم، وإلا فالسنة قد أباحت لكم قتالهم.

قال اليسع بن حزم: سمَّى ابن تومرت المرابطين بالمجسمين، وما كان أهل المغرب يدينون إلا بتنزيه الله -تعالى- عما لا يجب وصفه بما يجب له، مع ترك خوضهم عما تقصر العقول عن فهمه.

إلى أن قال: فكفَّرهم ابن تومرت لجهلهم العرض والجوهر، وأن من لم يعرف ذلك، لن يعرف المخلوق من الخالق، وبأن من لم يهاجر إليه، ويقاتل معه، فإنه حلال الدم والحريم، وذكر أن غضبه لله وقيامه حسبة.

وقد بلغني -فيما يقال: أن ابن تومرت أخفى رجالا في قبور دوارس، وجاء في جماعة ليريهم آية، فصاح: أيها الموتى أجيبوا، فأجابوه: أنت المهدي المعصوم، وأنت وأنت، ثم إنه خاف من انتشار الحيلة، فخسف فوقهم القبور فماتوا" [سير أعلام النبلاء].

• مهدي البهائية: علي محمد رضا الشيرازي، هلك سنة 1266 هـ

كان هذا الطاغوت من أتباع الطريقة (الشيخية) التي يدين أتباعها بدين الرافضة المشركين، خرج على أصحابه بادعاء المهدوية، فلما وجد فيهم تصديقا لذلك، واتباعا له على هذا الباطل، زاد في غيِّه، فزعم أنه نبي موحى إليه مثل محمد وعيسى، عليهما السلام، ثم زعم أنه إله، وأن الله -تعالى- قد حل في جسده، تعالى الله عما يقول علوا كبيرا، وأطلق على نفسه لقب (الباب)، قيل "باب المهدي"، وقيل "باب الحقائق".

وخلفه في دينه الباطل أتباع يطلق على أكثرهم اليوم اسم (البهائية) نسبة إلى أحد خلفائه اسمه (حسين البهاء)، الذي جمع لهم دينا ملفقا من كل ما وافق هواه من العقائد والأديان، وكتب لهم كتبا هو وخلفاؤه، هي أقدس عندهم من الكتاب المنزل من رب العالمين ويربط كثيرون بين أتباع هذا الدين والمنظمات اليهودية والماسونية العالمية.


• مهدي الصوفية: أحمد بن عبد الله الفحل، هلك سنة 1302 هـ

ينتسب إلى آل بيت رسول الله، عليه الصلاة والسلام، كان في صغره من أتباع إحدى الطرق الصوفية، قاد واحدة من أكبر حركات المقاومة ضد الإنكليز في وادي النيل، تمكنت من بسط سيطرتها على مناطق واسعة من السودان.

زعم أنه هو المهدي، وفتن الناس باسمه ونسبه وزهده وقتاله للصليبيين وانتصاره عليهم، ويروى عنه أنه كان يزعم أنه مؤيد في معاركه ضد أعدائه بالنبي، عليه الصلاة والسلام، والخلفاء الراشدين، والخضر، وستين ألفا من الأولياء الميتين، وبملك الموت يرسله الله معه لأخذ أرواح أعدائه، كما ينقل عنه قوله: "فيأتي النبي ويجلس معي، ويقول للأخ المذكور: شيخك هو المهدي، فيقول: إني مؤمن بذلك، فيقول، عليه الصلاة والسلام: من لم يصدق بمهديته كفر بالله ورسوله، قالها ثلاث مرات"، ويروى أن أتباعه (الدراويش) استباحوا بهذه الدعوى دماء من لم يؤمن بدينهم، وأموالهم وأعراضهم.


• مهدي القاديانية: غلام أحمد الهندي، هلك سنة 1326 هـ

ظهر في منطقة البنجاب، إبان الاحتلال البريطاني لها، وكان والده من عملاء الإنكليز، الذين أعانوا ابنه (ميرزا غلام أحمد) وساعدوا في اشتهاره بالعلم والتقوى، ليلتف الناس حوله، ويكون منهم طائفة، أساس دعوتها تثبيط المسلمين في الهند عن قتال الإنكليز.

ثم تطور به الحال بعد أن جعله أتباعه من أولياء الله الصالحين، أن زعم أنه المهدي المذكور في الأخبار، ثم أضاف إلى ذلك الزعم أن الله جمع له بالإضافة إلى المهدوية أنه هو عيسى بن مريم، عليه السلام، فادعى النبوة، ونفى أن يكون محمد -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم النبيين، ثم تطور به الأمر وزعم أن الله –تعالى- أحيا رسول الله ليحل في بدنه، فلا يكون بذلك خلاف بين كونه -عليه الصلاة والسلام- خاتما للنبيين، وبين ادعائه للنبوة.

وكان يزعم أنه يوحى إليه من الله تعالى، وأن جبريل يتنزل عليه بالوحي، وأن شريعته ناسخة لشريعة محمد، عليه الصلاة والسلام، وكلامه مقدم عند أتباعه على القرآن، ولا زال لأتباع هذا الدين (القاديانية) انتشار في الهند، وبعض المناطق الأخرى، وهم يسمون أنفسهم (الأحمدية) نسبة إلى طاغوتهم الهالك (ميرزا غلام أحمد).


• كل الأمم تنتظر مهديا ينصر دينها

قال ابن القيم -رحمه الله- بعد حديثه عن بعض فرق أهل الضلال وما تقوله كل منها في مهديها المزعوم: "فكل هذه الفرق تدعي في مهديها الظلوم الغشوم، والمستحيل المعدوم، أنه الإمام المعصوم، والمهدي المعلوم، الذي بشر به النبي، صلى الله عليه وسلم، وأخبر بخروجه. وهي تنتظره كما تنتظر اليهود القائم الذي يخرج في آخر الزمان، فتعلو به كلمتهم، ويقوم به دينهم وينصرون به على جميع الأمم. والنصارى تنتظر المسيح، يأتي قبل يوم القيامة فيقيم دين النصرانية، ويبطل سائر الأديان، وفي عقيدتهم نزع المسيح الذي هو إله حق من إله حق من جوهر أبيه الذي نزل طامينا، إلى أن قالوا: وهو مستعد للمجيء قبل يوم القيامة.

فالملل الثلاث تنتظر إماما قائما يقوم في آخر الزمان" [المنار المنيف].

فهذه عينة مختارة من أبرز من ادعى المهدوية، أو لُقبوا بذلك، وقد رأينا كم كان وراء تلك المزاعم من فتن كبيرة في الدين، فعلى أساس هذا الزعم نشأت طوائف وأديان، وسفكت دماء، واستبيحت أموال وأعراض.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 120
الخميس 6 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

ثباث أهل (جُوَاثَا) على الإسلام بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب أجمعين إلا مكة ...

ثباث أهل (جُوَاثَا) على الإسلام

بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب أجمعين إلا مكة والمدينة والطائف، وقرية بالبحرين، هذه القرية هي (جُوَاثَا) التي ثبت أهلها على الإسلام، ولاقَوا في ذلك ما لاقَوا من أذى المرتدين المحيطين بهم من كل مكان، إلى أن أرسل إليهم الصديق -رضي الله عنه- العلاء بن الحضرمي الذي قضى على أهل الردة، بفضل الله.

قال ابن كثير في البداية والنهاية: "فلما مات المنذر ارتد أهل البحرين وملَّكوا عليهم الغَرور، وهو المنذر ابن النعمان بن المنذر. وقال قائلهم: لو كان محمد نبيا ما مات، ولم يبق بها بلدة على الثبات سوى قرية يقال لها (جُوَاثَا)، كانت أول قرية أقامت الجمعة من أهل الردة كما ثبت ذلك في البخاري عن ابن عباس وقد حاصرهم المرتدون وضيقوا عليهم، حتى مُنعوا من الأقوات وجاعوا جوعا شديدا حتى فرَّج الله.

وهكذا صبرت هذه القرية المسلمة في محيطٍ كافر مرتد، صبرت وثبتت على دينها لما أعلن الجميع عودتهم إلى الجاهلية والردة، حتى أذن الله بالفرج والنصر بدحر المرتدين واقتلاع شأفتهم.

قال ابن الأثير في الكامل: "وخندَقَ المسلمون على أنفسهم والمشركون، وكانوا يتراوحون القتال ويرجعون إلى خندقهم، فكانوا كذلك شهرا، فبينا هم كذلك سمع المسلمون ضوضاء هزيمة أو قتال، فقال العلاء: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال عبد الله بن حذف: أنا، فدخل عسكر المسلمين فأخبرهم أن القوم سكارى، فخرج المسلمون عليهم، فوضعوا فيهم السيف كيف شاءوا، وهرب الكفار، فمن بين مرتد وناج ومقتول ومأسور، واستولى المسلمون على العسكر، ولم يفلت رجل إلا بما عليه".



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 120
الخميس 6 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

لا تَعجلنَّ لأمر أنت طالبه أخي المجاهد، لتكن الأناة مركبك ورفيقك، وإياك والعجلة فإنها تورث ...

لا تَعجلنَّ لأمر أنت طالبه

أخي المجاهد، لتكن الأناة مركبك ورفيقك، وإياك والعجلة فإنها تورث الندامة، واعلم أن الأناة خلق يحبه الله تعالى، ويرضاه من عبده.

لا تعجلنَّ لأمرٍ أنت طالبُه
فقلَّما يدركُ المطلوبَ ذو العَجلِ
فذو التَّأنِّي مصيبٌ في مقاصدِه
وذو التَّعجلِ لا يخلو من الزَّللِ

والأناة هي "التمهل في تدبير الأمور ومفارقة التعجل"، فكلما منح المرء نفسه وقتا للتمعن في الأمور والأحداث وتفاصيلها، وصل إلى نتائج أقرب إلى الصواب.

وكلما تأنَّى المرء في تصرفاته وردود أفعاله، سما بنفسه عن الصغائر وجنَّبها السفاسف، فأصبح من الذين يلتمسون الأعذار للآخرين، لا من الذين يفتشون عن إدانتهم.

ولقد مدح الرسول -صلى الله عليه سلم- صفة الأناة، عند أشج عبد القيس فقال له: (إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة) [رواه مسلم].
ولنا في أناة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما أشاع المنافقون في المدينة خبر الإفك خير مثال نقتدي به، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يحدِّث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في الأمر إلا بعد إشاعته بأكثر من شهر حيث كانت -رضي الله عنها- مريضة.

وما سمعَت بالأمر إلا من أم مسطح، ثم استشار -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد، وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- في الأمر، ثم سأل خادمتها بريرة عن طباعها وأخلاقها، وبعد ذلك كله ذهب رسول الله -صلى الله عليه سلم- وتحدث إلى أمنا عائشة -رضي الله عنها- وسمع منها، فلم يتسرَّع -صلى الله عليه وسلم- بالحكم من دون تبيُّن، ولم يتخذ قرارا بمجرد سماعه للإشاعة، ثم نزلت براءتها من فوق سبع سماوات.

إنها أخلاق نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي أثنى عليه الله -تعالى- بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، فلنتشبه -أخي المجاهد- بها ونتأسى بصاحبها -عليه الصلاة والسلام- فنحن أحق وأولى بها.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - افتتاحية العدد 121: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ بدأ إعلام فصائل ...

الدولة الإسلامية - افتتاحية العدد 121:
وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ

بدأ إعلام فصائل الصحوات المرتدة بتراشق أخبار الاقتحامات للقرى والبلدات، وتبادل السيطرة بالقوة عليها بين المتقاتلين، ولكنها أخذت منحى آخر خلال الأيام الماضية، فباتت أخبار المرتدين من تحالف "جبهة تحرير سوريا" تميل إلى التواتر، بنسبة سيطرتهم على القرى والبلدات في ريف حلب الغربي وشمال إدلب إلى سكانها الذين تعاونوا معها في إخراج المرتدين من فصيل "هيئة تحرير الشام"، فيما يعترف الأخير بخسارته لهذه المناطق لصالح خصومه، مُقرا بشكل ضمني أن انسحابه جاء بسبب مطالبة الأهالي بذلك، لمنع "تحرير سوريا" من استخدام القوة في طرد "تحرير الشام" من هذه المناطق، وبالتالي إجبارها على التخلي عن هذه المناطق دون قتال.

وكذلك الأمر يحدث اليوم في ريف دمشق، وذلك بمجرد أن أعلن المشركون من النصيرية والروس، أنه لا هدنة في المناطق التي ينتشر فيها المرتدون من "تحرير الشام"، سارعت كل الفصائل المرتدة الموجودة في الغوطة إلى إعلان موافقتها على إجبار مرتدي "تحرير الشام" على الخروج منها، بعد اتفاق حلفائهم وأعدائهم على ذلك، بزعم تجنيب الغوطة مآسي القصف والقتل، الذي يحسبون أنه سيتوقف بإذعانهم لأي من شروط المشركين.

وبالتالي باتت المعادلة مفهومة للقضاء على مرتدي تنظيم القاعدة في الشام، هم وحلفاؤهم، وهي سهلة التطبيق على أعدائهم، بانكشاف أهم القواعد التي ركنوا إليها من دون الله أمام أعدائهم، فاستهدفوها بالضرب ليهوي كل بنيان أولئك المرتدين على رؤوسهم، ويجدوا أنفسهم عراة من كل درع، معزولين عن كل سند، فهم يضربون اليوم أخماسهم بأسداسهم، يدورون في تيههم بلا هدى، أملا في حدوث تغيير ينقذهم مما أوقعوا أنفسهم فيه.

وهذا الأمر ليس خاصا بمرتدي القاعدة في الشام فحسب، بل وجدنا أمثلته الواضحة أيضا عند إخوانهم في اليمن وليبيا وخراسان، إذ جرى تحطيم قدراتهم، ونزع أسلحتهم لا بأيدي أعدائهم من المشركين فحسب، بل كان الدور الأكبر في ذلك لمن حسبوهم أنصارا لهم من أهل المناطق التي احتموا بها، وزعموا أنها حاضنتهم المنيعة، وأمهم الرؤوم، فإذا بها تنكشف بعد أول زلزلة، فخّا قاتلا، وعدوا لدودا.

لقد كان شعار تنظيم القاعدة منذ انكساره الأول بعد الغزو الأمريكي لخراسان، هو إرضاء الحاضنة الشعبية، وكان بعض أئمتهم المفتونين بالتنظيرات الماركسية لحرب العصابات، تبنوا سياسة إن تنصركم الحاضنة الشعبية فلا غالب لكم، وإن تخذلكم فلا ناصر لكم، فجعلوا بذلك طاعة هذه الحاضنة فوق طاعة رب العالمين، واتباع أهواء زعمائها مقدما على اتباع رسوله الكريم، ثم استحكم هذا الأمر فيهم وأصبح ظاهرا لكل ذي عينين.

وبانكشاف حقيقة هذا الأمر أمام أعداء التنظيم سهُل عليهم ضربه واجتثاثه بسهولة، وذلك بمجرد استهداف هذه "الحاضنة" بالقصف والتدمير، أو إغراء زعمائها بالأموال والمناصب، وبذلك تتجه هذه "الحاضنة" إلى العناصر غير المرغوب فيهم بالقول: أن اخرجوا من بيننا لتجنبونا القتل والدمار، أو لتأمنوا لنا تحقيق ما وعدنا المشركون بتحقيقه إن قضينا عليكم.

في حين كان وضوح الراية وصحة المنهج عامل وقاية -بفضل الله- لكلٍّ من الدولة الإسلامية ورعيتها الذين حكمتهم بشريعة الله سبحانه، وذلك بإعطائهم ما لهم من واجب حمايتهم والذب عنهم وتعليمهم دينهم، وفي الوقت نفسه طلبت منهم أداء ما توجب عليهم من جهاد في سبيل الله، وطاعة لإمامهم الذي ولاه الله أمرهم، وبذلك لم يدُر في خلد أحد من أبناء هذا المجتمع أن يطلب من الدولة الإسلامية أن تترك تحكيم الشريعة، أو أن تسلم المناطق للمشركين.

وكذلك فإن المشركين لما عرفوا أنهم لا يستطيعون الضغط على الدولة الإسلامية من خلال رعيتها، وعرفوا أنه يستحيل أن يتحول الرعية إلى أداة يستخدمونها في حربهم عليها، كان أكبر همهم أن يحيدوا أفرادها ويعزلوهم عن الدولة الإسلامية، وأن لا يُمعنوا في استعدائهم خوفا من زيادة ارتباطهم بها، ولذلك وجدنا أن قصف رعايا الدولة الإسلامية رغم كثافته لم يبلغ بحال قصف الأهالي في مناطق سيطرة الصحوات المرتدين.

وبهذا وَقَت الدولة الإسلامية نفسها من الخضوع لغير رب العالمين، وحافظت على دين رعيتها وأنفسهم، من أن يصبحوا نقطة ضعف يستغلها المشركون لإرهاب الدولة الإسلامية عن طريق الضغط عليهم، واستهدافهم في أنفسهم وأموالهم، ومنعت الكفار بذلك من مساومتهم على دينهم أو حياتهم ومعيشتهم، ومن يجتهد في تحقيق رضا رب العالمين يهده سواء السبيل، ومن يجتهد لاسترضاء الناس يوله الله ما تولى، والله لا يهدي القوم الظالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

• سبب نزول (آية التيمم) قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ ...

• سبب نزول (آية التيمم)

قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43].

قال ابن كثير في تفسيره: "ومن عفوه عنكم وغفره لكم أن شرع التيمم، وأباح لكم فعل الصلاة به إذا فقدتم الماء توسعة عليكم ورخصة لكم".

وأما سبب نزول آية التيمم، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، حتى إذا كنا في البيداء -أو بذات الجيش- انقطع عقد لي، فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبالناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء! فجاء أبو بكر، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واضعُ رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبستِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء! قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي، ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فخذي، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم فتيمموا، فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فوجدنا العقد تحته [متفق عليه].

وهكذا نزلت رخصة التيمم بسبب أمر ظنَّه المسلمون شرّاً، فكان خيرا عظيما، وفيه بيان مكانة بيت الصديق، رضي الله عنه، وما أجرى الله بسببه من خير وتيسير للمسلمين، وفيه حسن رعاية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأهل بيته، إذ حرص على أن يجد عقدا أضاعته زوجه، لما يعلمه من أثر فقده عليها، وهكذا يعلمنا رسول الله الرفق بأهلينا والاهتمام بهم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - قصة شهيد: أقدم على عمليتين استشهاديتين ولم يُكتب له تنفيذ أيٍّ منهما أبو ...

الدولة الإسلامية - قصة شهيد:

أقدم على عمليتين استشهاديتين ولم يُكتب له تنفيذ أيٍّ منهما

أبو الخير القرشي:
حافظٌ لكتاب الله.. رفيعُ الأخلاق.. شديدُ الحياء.. سخيٌّ


أقدم على عمليته الاستشهادية مرتين ولكن الله -تعالى- لم يكتب له تنفيذها، وكان رحيله عندما شارك في توثيق عملية انغماسية ضد أولياء الشيطان في منطقة "شبام" في اليمن، فلما اشتد الأمر على إخوانه، وضع آلة التصوير التي يستخدمها جانبا، وقذف بنفسه إلى مجموعة الانغماسيِّين، وبايعهم على الموت في سبيل الله، ونكل بالمرتدين، إلى أن قُتل، تقبله الله.

كان رفيع الأخلاق، سامي الروح، سخياً كريماً، كثير التصدق، كثير الصمت، شديد الحياء، شديد التواضع، هادئا، نصوحا، مُتقنا لكتاب الله، مكثرا لقراءته، حافظا له، جاهد بماله ونفسه إلى أن لقي ربه، نحسبه والله حسيبه.

سأله أحد إخوانه يوما عن أمنيته فأجاب: رؤية وجه ربي الكريم، ومرافقة نبيه، صلى الله عليه وسلم، والفوز بالفردوس الأعلى.

إنه أبو الخير القرشي، من مدينة الحديدة غربي اليمن، ولد في أبها، ونشأ وترعرع في الرياض بنجد، وقُتل ولم يتجاوز الحادية والعشرين من عمره.

• نشأته وشبابه:

نشأ في بيت صلاح وتقى، لكن ألهته الملهيات التي أضاعت كثيراً من الشباب، أحب الألعاب القتالية وتمرس بها، وكادت تودي به لولا أن صرفه الله عنها، ثم شُغل بمُلهٍ آخر وهو عالم كرة القدم حتى أنه احترفها، وعُرض عليه أن يلعب في أحد الأندية الخليجية، وصرفه الله مرة أخرى عنها، لم يكن بعيدا عن طريق الصلاح والصالحين، حيث كان ملتزما بحلقات القرآن الكريم، وبفضل الله -سبحانه- ثم بفضل أحد رفاقه الذين كانوا معه في الحلقة التزم فارسنا، وجَدَّ في حفظ كتاب الله، ثم بعد فترة من الالتزام والعكوف عليه حفظه بحمد الله، فأصبح مدرساً في إحدى الحلقات وإماما لأحد المساجد، وما زال رفيقه -الذي كان له الفضل بعد الله في هدايته- سببا في إرشاده إلى طريق الحق، طريق الجهاد والموحدين.

• قصة نفيره:

بعد أن أرشده صديقه إلى هذا الطريق وبعد مرور فترة من حياته، سافر رفيقه إلى ماليزيا ليتخصص في مجال الحاسوب، ورغم انشغاله في أمور الدراسة، إلا أنه ما فتئ ينسق ويبحث عن طريق يوصله لديار الإسلام، فمنَّ الله عليه أن وجد طريقاً لأرض الشام، ولكن الطواغيت المرتدين عرقلوا عليه طريق هجرته، وكان هذا الأمر في ظاهره شرَّاً، ولكنه في باطنه يحمل الخير الكثير، فكأنما أراد الله لهما وجهةً أخرى لتكون منطلق حياتهما الجهادية، فتم التنسيق والتخطيط للهجرة البديلة، حتى التقيا في ولاية صنعاء ثم اتجها نحو ولاية اللواء الأخضر (مدينة إب)، منطلق الموحدين آنذاك.

ثم بعد ذلك، انتقل فارسنا مع المجاهدين إلى ولاية شبوة، وأُمِّر على إحدى المضافات هناك، فلم يزده ذلك إلا تواضعا وتحملاً للمسؤولية، فكان يوزع المهام بين الإخوة ولا ينسى نفسه وهو أحرصهم على الخدمة، فكان لذلك الأثر الكبير على إخوانه، ومن المواقف التي حصلت أنه رسم جدولاً لعمل الإخوة في المطبخ، فاعترض الإخوة على هذا الجدول، كل منهم يريد أن يستأثر بالأجر في خدمة إخوانه، حتى رُفع ذلك إلى الأخ المسؤول ليفصل فيها.

ومما امتاز به الحرص على الجانب التوعوي للإخوة، فكان يُدرِّسهم في المضافةِ القرآنَ الكريم، ويعطيهم المواعظ الهامة وينصحهم ويبذل لهم مما منَّ الله به عليه في هذا الباب.

وأثناء وجوده في ولاية شبوة كُلِّف من قِبل الإخوة بالتدريب في أحد معسكرات الخلافة، حيث أنه كان يتمتع ببنية جسدية رياضية، فكان نِعم المدرب والمربي، تقبله الله.

• العمليتان الاستشهاديتان:

ثم عجِل إلى الله، كما نحسبه والله حسيبه، وطلب من الإخوة أن ينفذ عملية استشهادية ضد الحوثة المشركين، فوافق الإخوة على طلبه، وعندما أعدُّوا له السيارة، قدَّر الله لها أن تنفجر بسبب خلل فني قبل وقت العملية، فما يئس فارسنا وأراد الثانية، فجهَّز الإخوة له السيارة الثانية، ثم ركب فارسنا جواده وانطلق به مقبلا غير مدبر يبتغي القتل في سبيل الله مظانه، فقدر الله له تأخير أجله فلم يُوَفَّق بإيجاد هدفه، فانتظر يومين عسى الله أن ييسر له مبتغاه، حتى عاد فارسنا والحزن يعصر فؤاده، بعد أن ودع صحبه وأحبابه ليعيش معهم مرة أخرى.

• لكلِّ أجلٍ كتابٌ:

تعلم فارسنا من هذا الدرس الكبير أن الإنسان له أجل محتوم ويوم معلوم، وأن عمله في الدنيا زادٌ له يوم النعيم، فلم يكل أو ييأس، ولم يقعد لكونه استشهاديا وينتظر موعد عمليته، بل كان يحرض الاستشهاديين، وكان أكثرهم خدمة لإخوانه، ويُجدُّ ويجتهد حتى يتقبله الله، فبدأ العمل في مجال الإعلام.

انتقل فارسنا لولاية حضرموت، والتحق بالمجال الإعلامي فاختير إعلامياً ميدانياً، ولزم ذلك أن ينتدبه الاخوة ليأخذ دورة عسكرية لما يتطلب ذلك من لياقة ومرونة.

وكما يحكي إخوانه الذين رافقوه في الرحلة إلى المعسكر أنه كان مؤنساً لهم في الطريق، ينشد لهم بعض الأبيات المحرضة، ويسليهم ويذهب عنهم عناء الطريق، مضيفا أنه كان مشجعاً لإخوانه رافعا لهممهم، وكان نشيطاً في أول الصفوف، فكلفه الإخوة بإمارة إحدى السرايا.

• رحيله (تقبله الله):

كان -تقبله الله- قد أمضى ليله في تلاوة القرآن والدعاء والقيام، ثم صلى فجر صبيحة ذلك اليوم بإخوانه واستعانوا بالله ثم انطلقوا لغزوتهم.

قسمهم القائد العسكري إلى سريتين: سرية تغزو منطقة "سر" والأخرى منطقة "شبام"، وانطلق فارسنا مع سرية شبام "إعلامياً ميدانياً"، ويُذكِّر إخوانه بالله ويحرضهم ويحثهم على الإثخان في أعداء الله.

وأثناء تصويره للمعارك بين جند الرحمن وجند الشيطان، انطلق فارسنا مع الإخوة الانغماسيين ليصورهم، فانغمس الموحدون في أوكار المرتدين، وأثخنوا فيهم القتل والجراح، ثم انحازوا إلى موقع آخر قريب من المرتدين بعدما وصلت تعزيزاتهم، فاشتد الأمر على الإخوة، فأعطى فارسنا آلة التصوير التي كانت معه لأحد الإخوة وصاح بإخوانه يثبتهم ويشد من أزرهم، ثم قال: "لنتبايع على الموت"، فتبايعوا جميعا على الموت وانغمسوا، فخرج أحد المرتدين من مخبئه فانبرى له فارسنا فقتله، ثم انغمس فيهم وتقدم، لينال ما تمناه مقبلاً غير مدبر، تقبله الله.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

اسم الله (الغني) تكملة للكلام عن أسماء الله جل وعلا، نتدبر في هذا المقال اسم الله ...

اسم الله (الغني)


تكملة للكلام عن أسماء الله جل وعلا، نتدبر في هذا المقال اسم الله (الغني).

قال تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [يونس: 68] هذا الاسم من أسماء الله تعالى، يظهر جانباً من عظمة الله -تعالى- القائم بنفسه القيوم على عباده، فلله -سبحانه- الملك التام، وله خزائن السماوات والأرض، وهو على كل شيء قدير، وعباده لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، وليس لله منهم شريك في ذرة من خلقه، ولا حاجة به إلى عون من مخلوقاته فقد استغنى الله -تعالى- عنها، هو الذي خلقها، وبقاؤها مفتقر إليه، هو الذي يدبر أمرها ويصلح شؤونها، لا يملك المخلوق لنفسه ضراً ولا نفعاً إلا ما شاء الله، كما أن إحسان الطائعين لا ينفع الله شيئاً ومعصية المسيئين لا تضر الله شيئاً، بل الطاعة تنفع صاحبها والمعصية تضر فاعلها، كما علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نقول في دعائنا: (ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، أي لا ينفع صاحب الغنى غناه وإنما ينفعه فضل الله ورحمته، وتنفعه طاعته إذا تقبلها الله عز وجل، والذي يوفق الطائعين هو ربهم ذو الفضل العظيم، والذي يضل الظالمين هو ربهم الحكيم العليم سبحانه، قال تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الزمر: 7]، فالله -تعالى- غني عن عباده ولكنه -سبحانه- يجازيهم بأعمالهم، فيرضى عن المتقين ويثيبهم ويغضب على الكافرين ويعاقبهم.


• من كمال غناه سبحانه وتعالى:

أنه ما اتخذ صاحبة أي زوجة ولا ولداً، فهذان إنما يحتاجهما العباد الضعفاء الفقراء إلى الله المحتاجون إلى من يؤنسهم ويعينهم في قضاء حاجاتهم، قالت الجن: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدً} [الجن: 3]، جد ربنا أي غناه سبحانه.

وحاجة العباد إلى الله -تعالى- دائمة مستمرة، لا غنى بهم عن رحمة الله وعونه طرفة عين، يستجيب دعاءهم ويكشف ضرهم ويهدي بفضله ورحمته من يشاء منهم صراطه المستقيم في الدنيا، ويهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم.

ومن غناه -سبحانه- أنه لم يلد ولم يولد، وأنه هو الأحد الصمد الذي استغنى عن الطعام والشراب وسائر ما يحتاج إليه الخلق.

ويخبرنا الله -سبحانه- عن غناه وعن امتنانه علينا فيقول: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} [النجم: 48]، أي هو -سبحانه- الذي يغني عباده ويملكهم أنواع المقتنيات.

وقال -تعالى- مذكراً لعباده بحقيقة افتقارهم إليه غاية الفقر، لا يستغنون عن فضله ورحمته ولطفه ومعونته وتدبيره لأمورهم طرفة عين ولا أقل من ذلك، وهو -سبحانه- الغني الغنى التام المطلق، ولا يشغله غناه عن حاجات خلقه وقيامه بشؤونهم، ولذلك هو -تعالى- الحميد أي المحمود على أسمائه الحسنى وصفاته العليا وأفعاله، التي منها اسمه الغني وصفة الغِنى وأنه المغني لعباده الذي يربيهم التربية العامة ويربي أولياءه الصالحين التربية الخاصة.


• سنة الاستبدال وعلاقتها باسم الله الغني:

وقد بين الله -تعالى- لخلقه كمال غناه، بأنه قادر على أن يذهبهم ويأتي بمن يخلفهم، كما جاء بهؤلاء المخاطبين من آبائهم، {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} [الأنعام: 133].

وهو -سبحانه- مع غناه رحيم، ومن رحمته أنه أنذر من لم يلبِّ دعوة الإنفاق في سبيله فسيستبدله بمن لا يكون مثله في التقصير في طاعة الله، {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38].
وأنذر -سبحانه- عباده المؤمنين حاثاً لهم على مواصلة طريق الجهاد لنصرة دين الله أنه غني عن جهاد المجاهدين، وأن من يجاهد فإنما يجاهد لنفسه كما قال سبحانه: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت: 6]، وأن من ارتد عن دينه أو قعد عن نصرته فإن الله -تعالى- سوف يستبدل به غيره، يكونون على ما يحب الله من الصفات، فيجعل لهم الغلبة على أعدائه، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ

فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54]، فالله -تعالى- غني وذو فضل عظيم يؤتيه من يشاء على مقتضى حكمته وعلمه بمن يستحق ذلك.


الذي أغناك -سبحانه- يأمرك بالإنفاق:

ومن حكمة الله -تعالى- أنه حين يأمر عباده بالإنفاق في سبيله يذكرهم بأن هذا الرزق من عنده {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3]، فتطيب نفوسهم ويذهب الشح عنهم خاصة وأن ربهم الغني -سبحانه- يعدهم بالخلف الحسن: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39] .

قال ابن جرير في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267]، "واعلموا أيها الناس أن الله -عز وجل- غنيٌّ عن صدقاتكم وعن غيرها، وإنما أمركم بها وفرضها في أموالكم رحمة منه لكم ليغني بها عائلَكم ويُقَوِّيَ بها ضعيفكم، ويجزل لكم عليها في الآخرة مثوبتكم، لا من حاجة به فيها إليكم".

وقرن الله -عز وجل- اسمه الكريم باسمه الغني في قوله: {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [سبأ: 40] أي غني عن أعمال من يكفر به، وهو -سبحانه- كريم عمَّ خيرُه الكثيرُ المؤمنَ والكافرَ في الدنيا، ومن يشكر نعم الله يكرمه الله بزيادتها ومباركتها، وهو -سبحانه- واسع العطاء، وحتى نفهم سبب اقتران اسم الغني بالكريم، نتذكر أن كثيراً من الناس يقترن الغنى عندهم باللؤم، وقد تعالى الله عن ذلك فله -سبحانه- المثل الأعلى، أي الوصف الأعلى فهو الغني الكريم.


هو الغني سبحانه:

ويصف الله -عز وجل- عدله وغناه وكرمه في حديث قدسي عظيم، فعن أبي ذر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما روى عن الله -تبارك وتعالى- أنه قال: (يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم مُحرماً، فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع، إلا من أطعمته، فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي كلكم عار، إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أوَّلكم وآخركم وإنسكم وجِنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أوَّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه) [رواه مسلم]. وكان أبو إدريس الخولاني الراوي عن أبي ذر إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه، وقال أحمد بن حنبل: ليس لأهل الشام حديث أشرف من هذا الحديث. وحتى يتضح لنا اقتران صفة العدل بصفة الغنى لله -عز وجل- نتذكر قول الله -تعالى- عن أكثر أصحاب الغنى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: 7] تعالى الله ذو الجلال والإكرام عن كل نقص وعيب، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 121
الخميس 13 جمادى الآخرة 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 508 الافتتاحية: • عراق المراغمة عقدان أو يزيد لم توقف ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 508
الافتتاحية:

• عراق المراغمة

عقدان أو يزيد لم توقف فيهما الحكومات الرافضية المتعاقبة على العراق حملاتها بحثا عن الأمن المفقود، بينما يعيش مبدِّدو أمنها فصولا متتابعة من الجهاد والعطاء، لم يكلّوا ولم يملّوا رغم طول الطريق وشدة الخذلان وكثرة المناوئين وثقل المحنة التي ناءت بحملها الجبال، وحملها أولئك الأبطال الذين هضمت الأمة حقهم وتواصى الجميع بحربهم.

ونحسب أنهم كانوا قطب الرحى في إشعال جذوة الجهاد الأصيل الذي غيّر وجه المنطقة وغزا العالم، ودشّن عصرا جديدا من المراغمة والمفاصلة، بعد أن كاد الجهاد يضيع بين مشاريع الضرار الإخوانية والمتأخونة التي أرادوها بديلا لمشروع الدولة الإسلامية والخلافة على منهاج النبوة.

وخلافا لانتصاراتهم الكثيرة، انتصر أجناد العراق في موقعتين ضمن حروب المراغمة، كان لهما بالغ الأثر في حفظ مسيرة الجهاد من الزيغ والانحراف؛ الأولى كانت على "صحوات باتريوس" في العراق، والثانية على "صحوات توماس" في الشام، وبين هذه وتلك كادت صورة الجهاد النقي أن تختفي وتضمحل بين نموذجي "الضاري" و "الجولاني" لولا أنّ الله هيّأ له من يصونه ويحرسه، وهذا يحسب لأجناد العراق الذين تمالأ المنافقون قديما وحديثا على محاربة مشروعهم، فخيّب الله سعيهم وكشف سوأتهم وصاروا مضرب المثل في الخيانة والانتكاس، وتأمل عندما تذكر الخيانة والانتكاس، من يتبادر إلى ذهنك؟

ومع كل ما يحيط بهم، لم يحد أجناد العراق عن دربهم، صُبُر أباة يكابدون من المحن أشدّها ومن الظروف أمرّها، وثمرات جهادهم ما تزال تتصدر ميدان الصراع العالمي بين الإسلام والكفر، واذكروا إنْ شئتم يوما واحدا خلا من تقارير العدو، تحذّر وتنذر من أجناد العراق.

إنْ حضروا ارتعدت فرائص الأعداء وعاد الرافضة والصليبيون شركاء حلفاء، وإن غابوا لم تغب آثارهم ولم ينس الرافضة فعالهم فعكفوا يتذاكرونها في لطميات لا تنتهي، تحسب لهم أمريكا ألف حساب ووفقا لمقياس خطرهم تؤقّت جداول الانسحاب، ويشارك اليهود الملاعين في حربهم مكرا وتجسُّسا من وراء حجاب، لقد نُصروا بالرعب حقا ولا عجب بعد أنِ اقتفوا هدي نبيهم وساروا عليه، ووالوا وعادوا فيه، وعاشوا وقتلوا تحت لوائه، ولم يبالوا بكل من ناوأهم.

قوافل شهدائهم ماضية، ومحن أسراهم في السجون لا يضاهيها محنة ومعهم ذووهم الكرام البررة المغيبون عن ذاكرة الأمة، وجلَد جنودهم في القفار والوديان لا يطيقه الرجال، ولولا الموانع لسردنا ما تشيب له مفارق الرأس من الأهوال، ومع ذلك لم يتهاونوا في دينهم، ولم يبخلوا على أمتهم ولم يبادلوها الخذلان بالخذلان، يستعذبون الموت في سبيل الله تعالى، ويقدّمونه على التنازلات والمساومات، شعارهم التجلُّد خير من التبلُّد، والمنية خير من الدنيا، صمتوا ولم تصمت بنادقهم بعيدا عن عدسات الإعلام في ثبات ملحمي لم تُحط به الطبقات ولا سير الأعلام، وعذرا أجناد العراق فمؤرّخو زماننا لم يعتادوا سوى تأريخ النكبات والخيانات، لا المفاخر والمكرمات، أما الملائكة الكرام فقد فعلوا، فأبشروا وقروا عينا فوارس العراق، فما عند الله خير وأبقى.

شكّلوا نواة جيوش الفتح التي انطلقت قبل أكثر من عقدين وشيّدت صرح المشروع المقدس الذي اجتمع الروم والفرس والمنافقون على حربه منذ أول يوم أُسس فيه على التقوى، وما زال الكافرون والمنافقون يتواصون بحربه حتى هذه اللحظة، بينما واصلت جيوش الفتح طريقها منذ ذلك الحين لم تذل خيولها حتى وصلت سنابكها بلاد إفريقية وخراسان وما زالت مسيرتها ماضية بفضل الله تعالى.

تتسابق الجيوش والحكومات على مطاردة جنودهم قبل قياداتهم، وتُفتح قنوات التنسيق بين أجهزة المخابرات إنْ وردت إشارة ساخنة عن أحدهم، وتطير الوكالات والقنوات بنبأ مقتل عراقي في نزال، وأسر عراقي في إنزال، كأنّ أجناد العراق مادة الرعب ومنتهى الإرهاب الذي يحاول كل هؤلاء عبثا الخلاص منه وهيهات.

لأجل ما سبق، يتعرض مسلمو العراق لأبشع الجرائم الرافضية في السجون والمخيمات المنسية، وسط تغييب إعلامي ممنهج يمارسه إعلام الدجال، وهو نهج مقصود غير مستغرب، لكن ما يكرّسه ويفاقمه تجاهل عامة المسلمين لجرح إخوانهم في العراق كأنهم لا يرون فيه بأسا، مع أنّ ما فيه يفوق ما في كثير من الجراح مجتمعة، لكن الأحرار لم يعتادوا النواح والشكوى ولو بقوا في المحنة مئة عام! نتحدث بلسانهم لا نيابة عنهم، فمن ينوب عن هؤلاء ومن يطيق ما يطيقون؟

إننا نذكّر المسلمين بنصرة إخوانهم أهل العراق تحت مظلة الإسلام الذي يوجب عليهم ذلك، وتيقنوا أن من خذل أهل العراق لن ينصر أهل فلسطين، ومن باع بغداد الرشيد لن يشتري الأقصى.

ولأنه يُبتلى المؤمن على قدر دينه، فقد جاءت المحنة العراقية على قدر الجهد الذي بذله مجاهدو العراق في حفظ مسيرة الجهاد وتدويله وإخراجه من قمقم السواتر والحدود، وردفه بالرجال والمال، وقبل ذلك أطره على منهاج النبوة الذي انتصر على مناهج التمييع والترقيع التي اخترقت ساحات الجهاد وأنتجت مسوخا جهادية وخلائط منهجية لم تعرفها القرون المفضلة.

وإنّ لفوارس العراق حبا في قلوب المؤمنين، وغيظا ورعبا في قلوب الكافرين، وحسدا وحقدا في قلوب المنافقين، وما ذلك إلا لشدتهم على الكافرين وتقديمهم مصلحة العقيدة على كل المصالح الموهومة، ووقوفهم سدا في وجه المؤامرات التي تستهدف العقيدة والجهاد، حتى صار أجناد العراق مضرب المثل في الولاء والبراء، نحسبهم والله حسيبهم.

وننتهز الفرصة لنخاطب أجناد العراق خطاب الأخوة الإيمانية، ونرسل إليهم تذكيرا ووصية، فخذوها عنا واسمعوا وتدبروا بشارة ربكم لمن سبقكم: {فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}، لن يضيّعكم الله يا فوارس العراق، ولن يتركم أعمالكم سبحانه، لن يضيّع إيمانكم وصبركم وتضحياتكم قديما وحديثا سرا وعلانية، وحسبكم أنكم كنتم أهل السبق إلى الجادة، وها أنتم اليوم أهل الصبر والمراغمة، فهنيئا لكم السابقة وهنيئا لكم اللاحقة، فالثبات الثبات والاحتساب الاحتساب، ونسأله تعالى لنا ولكم حسن العاقبة.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 508
السنة السابعة عشرة - الخميس 20 صفر 1447 هـ
...المزيد

صحيفة النبأ - مقتطفات نفيسة 50 من كلام الشيخ المجاهد أبي حذيفة الأنصاري -حفظه الله ...

صحيفة النبأ - مقتطفات نفيسة 50

من كلام الشيخ المجاهد أبي حذيفة الأنصاري -حفظه الله تعالى-

إلى هيئة الردة والدياثة
لقد بلغتم من الخسة والعمالة مبلغا لم يسبقكم إليه أحد، وغدوتم شركة أمنية تتجسس على المسلمين وتقدّم خدماتها الأمنية لكل الراغبين، ولهذا أبقاكم الصليبيون وكفوا أيديهم عنكم! وأغمضت مسيّراتهم عيونها عن قادتكم! فلقد صرتم لهم عيونا تتجسس، وأيادي غدر تتحسس، ولم يعد بخاف على أحد أمركم، فلقد بعتم الدين بالدنيا، والآخرة بالفانية، فبئس البائع والمشتري، وشتان شتان بين صفقتكم وصفقة المؤمنين المستبشرين ببيعهم، وعاجلا أو آجلا ستلقون مغبة ما صنعتم فإن لم يكن على أيدي أسيادكم بعد انتهاء صلاحيتكم، فهو إن شاء الله على أيدي المؤمنين، ومصيركم إلى مزابل التاريخ أذلة حقراء تلفكم الحسرات وتشيعكم اللعنات.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 508
السنة السابعة عشرة - الخميس 20 صفر 1447 هـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - النبأ - قصة شهيد: أرعب المرتدين والكفار واشتهر بقطف رؤوسهم "فرقد أبو بكر" ...

الدولة الإسلامية - النبأ - قصة شهيد:


أرعب المرتدين والكفار واشتهر بقطف رؤوسهم
"فرقد أبو بكر" من أعلام الجهاد في العراق -نحسبه والله حسيبه-

مُنذُ أن وَطئِت القوّاتُ الصليبية أرض العراق ودماء الصادقين تهراق في سبيل الله عز وجل، رجال بذلوا النفيس لإعلاء كلمة الله فجادوا بأرواحهم لتمضي عجلة الجهاد في بلاد الرافدين، غرباء لا يعرفهم كثير من الخلق، ولا ضير؛ لأن الله تعالى يعلمهم وحسبهم ذلك، ومن بين تلك الثلة الخيرة الأخ المجاهد فرقد أبو بكر، المكنى "بأبي صباح الوالي".

كانت البداية من جرف الصخر، معقل الأبطال، ومصنع الرجال، عمل الأخ في مفارز الاغتيالات وأبدع بجسارته في عمله، مكنه الله عز وجل من رقاب الكثير من الجواسيس والعملاء المرتدين حتى عرف عند أجهزة الأمن الرافضية، فإذا قطفت رأس أحد عناصرهم يتنادون بينهم: "قتله فرقد!".


• استفراغ للجهد وإتقان للمهام:

في كل يوم يمر يزداد فارسنا حنكة وخبرة، كان ذا بصيرة بمجريات الأمور ونظرة في المآلات قل نظيرها، مقبلا على الجهاد بشغف، إذا أسندت إليه مهمة استفرغ جهده وأعظم البذل في إتقانها، وهمه -رحمه الله- نصرة الحق وإظهار الدين ونصرة الأسرى والأسيرات، ومن كان هذا همه لن يشغله منصب أو مال.

أسر الأخ من قبل الأمريكان وبلطف الله تعالى ومعيته لم يتعرفوا على حقيقة هويته، وبعد مرور ما يقارب العام على سجنه تم الإفراج عنه، فخرج وقد كان خروجه في عام 2008 حين كانت الصحوات في أوج طغيانها وقمة انتفاخها.


• "فأس الخليل"

استأنفَ مسيرته الجهادية بعزيمةٍ أشدّ، وبنفسٍ مُتّقِدة، فبعدَ مدّةٍ قليلة مِن فكاكِ أسرهِ التقى بوالي بغداد الأخ مناف الراوي -تقبله الله-، وعُيّنَ أميرًا عسكريًا لولايةِ الجنوب فأشعلَها بالمُفخخاتِ والعبوات وقامَ بالكثيرِ من الأعمالِ المشتركة مع والي بغداد من أبرزها حملة "فأس الخليل" التي أطلقَها الشيخ أبو عمرٍ البغداديّ -تقبله الله-، ثمّ عُيّنَ بعدَ ذلك واليًا لولايةِ الجنوب فضاعفَ العمل في تِلك المناطق وقطّعَ أوصال الرافضةِ وأعظمَ النكايةَ بهم.

بعدها تمَّ نقل الأخ إلى ولايةِ صلاح الدين لدواعٍ أمنيّة، وكتمَ خبرَ انتقالهِ حتّى عن جنودهِ، فأُثيرَت حوله أسئلة كثيرة وسرعانَ ما جاءَهم الجوابُ سريعًا عندما انفجرت سياراتٌ مُفخّخة في مناطق بَلد، وتكريت، والدجيل في توقيتٍ واحدٍ وقد عُرِف بهذا النوع في العمل.


• رعب للرافضة والمرتدين

كانت سيرتهُ مُرعبة بينَ الروافض حتّى أنّه في أحد الأيام كانَ - تقبّلهُ الله - في بيتِ أحدِ الإخوة، وعندَ خروجهِ مع صاحبِه قامت القوات الرافضية بعملِ إنزالٍ جويّ على البيتِ كمحاولةٍ فاشلة لإلقاءِ القبضِ عليه، فكانوا يتكلّمُون فيما بينهم ويلومُ أحدُهم الآخر: "أما قُلتُ لَك بأنّ فرقد كان هنا؟!، انظر إلى هذا الفراش لا شكَّ كان هنا"، فيردُّ عليه صاحبه: "لا نستطيع الاقتراب منه! والله إنه يرتدي حزامًا ناسفًا" !! .

كانَ من أخطرِ المَطلُوبينَ في العراق للمرتدين والصليبييّن لكنَّ ذلكَ لم يمنعهُ من أداءِ أعمالهِ على أكملِ وجه.

وبالرغمِ مِن شدّتهِ وقَسوتِه على أعداءِ الله، كانَ عطوفًا على إخوانه، يحزنُ لمُصابِهم، ويفرحُ بِسرُورهم، قامَ بفديةِ الكثيرِ مِن الأسرى بالمال، فقد كانَ مخوّلًا من الإمارةِ بفعلِ ما يراهُ صوابًا في إنفاق المال وغير ذلك، وفي عام ٢٠١٢ ترجّلَ الفارسُ في صحراءِ بيجي أثناءَ مُطارَدتهِ لبعضِ آلياتِ المرتدين ساعيًا لأسرِهم.


• رحيل بعد شفاء الغليل

رحلَ عن الدُّنيا بعد أن أشفى غليلَهُ من أعداءِ الله قتلًا وتنكيلًا، وقد أمضى حياته مجاهدًا زاهدًا، جافيًا بنفسهِ عن الملذّات فنسألُ اللهَ أن يجزيَه عنِ الإسلامِ والمسلمينَ خيرَ الجَزاء، ويجعلَ مثواهُ في جنّاتٍ ونهر في مقعدِ صدقٍ عندَ مليكٍ مُقتدِر.

اللهمّ إنّا نشهدُ أنَّ عبدكَ فرقد كانَ مِن خيرةِ الفُرسان الذينَ بذلُوا نفوسهَم من أجلِ رفعةِ دينك وقضى نحبَه على طريقِ أوليائكَ المُصطَفين، وعبادكَ المُتّقين -نحسبُه واللهُ حسيبُه-.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 150
الخميس 24 محرم 1440 ه‍ـ
...المزيد

هديه صلى الله عليه وسلم في كلامه وسكوته وضحكه وبكائه كان صلى الله عليه وسلم أفصح خلق الله، ...

هديه صلى الله عليه وسلم في كلامه وسكوته وضحكه وبكائه

كان صلى الله عليه وسلم أفصح خلق الله، وأعذبهم كلاما، وأسرعهم أداء، وأحلاهم منطقا، حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويسبي الأرواح، ويشهد له بذلك أعداؤه.

• كلامه معدود وسهل الفهم والحفظ

وكان إذا تكلم تكلم بكلام مفصل مبين يعده العاد، ليس بهذٍّ مسرع لا يحفظ، ولا منقطع تخلله السكتات بين أفراد الكلام، بل هديه فيه أكمل الهدي، قالت عائشة: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا، ولكن كان يتكلم بكلام بيّن فصل يحفظه من جلس إليه"، وكان كثيرا ما يعيد الكلام ثلاثا ليعقل عنه، وكان إذا سلم سلم ثلاثا.

• يتكلم بجوامع الكلم بلا فضول ولا تقصير

وكان طويل السكوت لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلام، فصل لا فضول ولا تقصير، وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وإذا كره الشيء عرف في وجهه، ولم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا.

• يضحك تبسما ويتعجب مما يُتعجب منه

وكان جل ضحكه التبسم، بل كله التبسم، فكان نهاية ضحكه أن تبدو نواجذه، وكان يضحك مما يضحك منه، وهو مما يتعجب من مثله ويستغرب وقوعه ويستندر.

• يبكي رحمة وخشوعا وخشية لله وشوقا إليه

وأما بكاؤه صلى الله عليه وسلم فكان من جنس ضحكه لم يكن بشهيق ورفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملا، ويسمع لصدره أزيز.

وكان بكاؤه تارة رحمة للميت، وتارة خوفا على أمته وشفقة عليها، وتارة من خشية الله، وتارة عند سماع القرآن وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال مصاحب للخوف والخشية.

ولما مات ابنه إبراهيم دمعت عيناه وبكى رحمة له وقال: (تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون)، وبكى لما شاهد إحدى بناته ونفسها تفيض، وبكى لما قرأ عليه ابن مسعود سورة النساء وانتهى فيها إلى قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا}، وبكى لما مات عثمان بن مظعون، وبكى لما كسفت الشمس وصلى صلاة الكسوف وجعل يبكي في صلاته، وجعل ينفخ ويقول: (ألم تعِدْني أن لا تعذِّبَهُم وأنا فيهم، ألم تعِدْني أن لا تعذِّبَهُم وهم يستغفِرونَ)، وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته، وكان يبكي أحيانا في صلاة الليل.

[زاد المعاد في هدي خير العباد]
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
29 ربيع الآخر 1447
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً