{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} • لا نبالغ لو قلنا إنك أينما وجّهتَ ناظريك حول العالم، رأيت ...

{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا}

• لا نبالغ لو قلنا إنك أينما وجّهتَ ناظريك حول العالم، رأيت ألوان البلايا وأنواع الرزايا قد نزلت بالمسلمين وحلت بديارهم، فلا يكاد يخلو صقع من الأرض من مسلم يؤذى في دينه ويبتلى في نفسه أو أهله أو ماله أو ولده أو في ذلك كله، بالقتل أو الأسر أو التهجير أو غيرها من صنوف العذاب التي يلحقها طواغيت العصر عربا وعجما بالمسلمين، فما سبب ذلك؟ وما السبيل للخروج من هذا الواقع المر وقلبه على رؤوس الطواغيت وزبانيتهم؟

إن أحوال المسلمين اليوم لا تخفى، فمن جور الشيوعيين في الصين وتركستان، إلى جرائم البوذيين والهندوس في الهند وبورما وأراكان، مرورا بالنصارى الشرقيين المشربين ببطش الشيوعية، إلى نصارى أمريكا وأوروبا الصليبية الذين ملؤوا العالم كفرا وظلما، ومثلهم اليهود الكافرون ومجازرهم في فلسطين، وليس أقل منهم كفرا وجرما الرافضة والنصيرية وما فعلوه في العراق والشام واليمن ولبنان.. إلى غيرهم من ملل الكفر الذين شنوا الحروب تلو الحروب على بلاد المسلمين، ولا ننسى بالطبع الحكومات والجيوش العربية المرتدة التي جرى تأسيسها لحرب المسلمين وقمعهم وإفساد عقيدتهم وأخلاقهم وإسكاتهم وكبح أي محاولة جادة للتغيير والسير نحو الحق، وليس آخرها جرائم هذه الجيوش بحق مسلمي السودان، فكم قتلوا وكم أسروا وكم طغوا وبغوا في الأرض فكانوا بحق فراعنة العصر في الكفر والإفساد.

ومما يزيد الطين بلة ويجعل المشهد أكثر قتامة، تلك الحركات والكيانات المنحرفة عن التوحيد المائلة إلى الشرك، التي كانت وبالا على المسلمين، وشكلت معول هدم تهدم الإسلام من الداخل بما بثته وصدّرته من مناهج باطلة في التغيير خلافا لمنهاج الكتاب والسنة الذي تستروا خلفه أحيانا، واستعرّوا منه أحايين أخرى، لكنهم لم يتبنوه ولم يطبّقوه أبدا في واقعهم وتجاربهم المتعاقبة على الفشل، بل كانوا حربا على من طبّقه أو سعى لتطبيقه، وسلما على من حاربه، وقد رأيناهم من قبل في العراق ومصر وتونس وليبيا، أينما رفعت راية الشريعة كانوا خصومها وأعداءها، وأينما رفعت رايات الجاهلية كانوا أنصارها وحماتها، فكانوا بذلك حربا على الإسلام حقا.


• المصدر: مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ الأسبوعية العدد "460"
...المزيد

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة • فالذي منع الدّولة الإسلاميّة من امتداد نشاطها خارج ...

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة

• فالذي منع الدّولة الإسلاميّة من امتداد نشاطها خارج العراق في السابق كان التزامها عدم مزاحمة تنظيم القاعدة في ساحة الجهاد العالميّ، على اعتبار أن لهم الأسبقيّة في هذا الميدان على يد الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله، ولكن بإعلان الخلافة الإسلاميّة التي تمثّل جماعة المسلمين في كل العالم، فإن قيادة المسلمين في كل أنحاء العالم في كل شؤون حياتهم ومنها الجهاد العالميّ باتت من واجبات إمام المسلمين، وحقّاً من حقوقه لا ينازعه فيه أحد، فكانت الخطوة الأولى في هذا الشأن العمل على جمع صفّ المسلمين في أنحاء الأرض المختلفة، فاستجاب لدعوة الخلافة الكثير من الجماعات المجاهدة في مشارق الأرض ومغاربها، وانضمّ إليهم المجاهدون، فأعلنت الولايات التابعة للدّولة الإسلاميّة، وقام المجاهدون في كلّ ولاية بقتال من يليهم من الكفار والمرتدّين، بل وأُسّست المفارز الأمنيّة وفُعّلت في بعض الأصقاع البعيدة لتقوم بدورها أيضاً في النكاية بأعداء الله ريثما يفتح الله عليهم بالتّمكين، وفي الوقت نفسه كان العمل يجري للتحضير لإطلاق مرحلة جديدة من الجهاد ضد أعداء الله من الصليبيّين خاصّة، وبتنسيق بين ولايات الدّولة الإسلاميّة المختلفة.

فبعد قيام روسيا بقصف المسلمين في ولايات الشّام، تحرّكت المفارز الأمنيّة في ولاية سيناء لتسقط طائرة ركابهم، وتجبر ما يقارب ٩٠ ألفاً منهم على مغادرة سيناء ومصر فارّين بجلودهم، مع امتناع الطائرات الروسيّة عن دخول المطارات المصريّة إلى أجل غير مسمّى.

وانتقاماً من جرائم رافضة لبنان بحق أهل السنّة في ولايات الشّام والعراق، قامت المفارز الأمنيّة في بيروت بتنفيذ عمليّتي تفجير إحداهما استشهاديّة في قلب (الضاحية الجنوبيّة) التي تمثّل معقل "حزب اللات" الرافضيّ الذي يقود حرب الرافضة على أهل السنّة في الشّام.

أمّا عمليّات المفارز الأمنيّة في ولاية بغداد فلم تتوقف - بفضل اللهة- منذ الغزو الأمريكي، وهي مستمرّة في النكاية في الرافضة الذين يحاربون المسلمين في العراق والشام واليمن، بإذن الله.

وكذلك قامت ولاية عدن سابقاً بمهاجمة مقر قيادة القوّة الخليجيّة التابعة لطواغيت الخليج الذين شاركوا في الحملة الصليبيّة ضد الدّولة الإسلاميّة في الشام والعراق.

وقبيل انطلاق حاملة الطائرات (شارل ديغول) من الموانئ الفرنسيّة لتعزيز الحملة الجويّة الصليبيّة الفرنسيّة ضدّ الدّولة الإسلاميّة - بعد إعلان الرئيس الفرنسيّ (فرانسوا هولاند) مشاركة الحاملة في عمليّات التحالف - قامت المفارز الأمنيّة التابعة للدّولة الإسلاميّة بعمليتها المنسّقة في قلب باريس.

وبذلك أظهر مجاهدو الدّولة الإسلاميّة قدرتهم على العمل كجيش واحد يخوض معركة واحدة على مستوى العالم كلّه.


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة
...المزيد

{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} • وعن أسباب هذا الهوان والذل والاستضعاف، يطول الكلام وتكثر ...

{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا}

• وعن أسباب هذا الهوان والذل والاستضعاف، يطول الكلام وتكثر زواياه، لكننا نتناوله اليوم من زاوية أخرى، فنقول إن الهوان والذل الذي أصاب المسلمين سببه هجرهم مصدر عزتهم وهدايتهم، هجرهم كتاب ربهم، ليس هجر قراءته والترنم به وحفظه وتدشين الحلقات لذلك، بل هجر العمل به وتطبيقه، هجر اليقين بوعده وما جاء به، هجر نقله من السطور والصدور إلى أرض الواقع، ومن ذلك قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}، فهو سبحانه لم يقل: هادنوهم! ولم يقل: سالموهم! بل قال: {قَاتِلُوهُمْ}، وعاتب الله المسلمين كثيرا بقوله: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وساءلهم أكثر من مرة: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}، وتوعدهم لما تقاعسوا عن ذلك بقوله: {إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وبين لهم أنه غني عنهم وإنما يعود النفع عليهم لا عليه جل جلاله فقال: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، وأخبرهم سبحانه بأنه قادر على إنزال النصر بدون جهاد فقال: {ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ}، وإنما شرع سبحانه الجهاد اختبارا وتمحيصا للعباد فقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}، ودلّهم على أن خيري الدنيا والآخرة في الجهاد وإن كرهته النفوس فقال: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، قال ابن كثير: "لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء، والاستيلاء على بلادهم، وأموالهم، وذراريهم، وأولادهم، وهذا عام في الأمور كلها، قد يحب المرء شيئا، وليس له فيه خيرة ولا مصلحة، ومن ذلك القعود عن القتال، قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم".

فبعد كل هذه الآيات الربانية التي دلت على طريق الخلاص؛ {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}؟، ألم يأن للذين آمنوا أن يستشعروا خطاب الله لهم في تلك الآيات؟ ألم يأن لهم أن تتحرك نفوسهم لرد عادية الكفر والظلم، ألم يأن لهم أن يهاجروا ويجاهدوا وينصروا إخوانهم؟ ألم يأن لهم أن يعلموا كم خسروا بتفريطهم في الجهاد؟

ثم ألم يأنِ للذين آمنوا أن يعرفوا أن ضريبة الجهاد أخف من ضريبة تعطيله وهجره، فلا يوجد أدنى مجال للمقارنة بين من سقطوا قتلى - مثلا - في معركة شقحب ضد التتار، ومن أخذهم سيل التتار الجارف حتى وصل إلى الشام! وكيف يقاس ما قدمه المسلمون في حطين مع ما قدموه للصليبيين في حملاتهم إلى بيت المقدس؛ لا لن نقيس، ولن نقارن فلا وجه للمقارنة بحال بين الطاعة والمعصية، بين العزة والمذلة، فالمكاسب أعز وأوفر من ذلك، بل على العكس تماما سنعمد للمقارنة والتذكير بما جرته علينا السلامة والموادعة اللتان أدتا لسقوط الأندلس وسفك الد,ماء وانتهاك الأعراض المسلمة، فذلك قد كان أضعافا مضاعفة عما أوصلنا له الإقدام والجهاد في فتحها يوم كانت تعلوها راية الإسلام.

ألم يأن للذين آمنوا أن يدركوا كل ذلك، فيخلعوا هوان القعود وضعف الفرقة، ويكسبوا عز الجهاد وقوة الجماعة، أيحتاج الأمر مزيدا من الجراحات والمجازر، أم طال العهد فقست القلوب وتحجرت؟!

هكذا دلنا الله تعالى في كتابه على طريق النجاة والخروج من نفق الذل والتيه الذي يعيشه أكثر أهل القبلة اليوم، وليس هناك طرق أخرى، فإما أن تبادر وتمتثل الأمر الإلهي بالجهاد والنفير لتقلب الطاولة على رؤوس الطواغيت وتقلب الواقع رأسا على عقب، أو تقعد وتجبن وتتثاقل وتتخلف عن قافلة الجهاد فتنال بذلك خسارة الدنيا والآخرة، أو تسلك طريق نبيك وصحابته فتفوز كما فازوا وتعز كما عزوا، والجزاء من جنس العمل.

• المصدر: مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ الأسبوعية العدد "460"
...المزيد

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة • خلفيّات التحوّل الاستراتيجي قُبيل إعلان الخلافة ...

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة

• خلفيّات التحوّل الاستراتيجي

قُبيل إعلان الخلافة أصدرت الدّولة الإسلاميّة كلمة صوتيّة للمتحدّث الرسمي لها الشيخ المجاهد أبي محمد العدنانيّ الشاميّ - تقبله الله - تجيب فيها عن بعض التساؤلات حول العلاقة بينها وبين تنظيم القاعدة، وتوضّح فيها الحدود الفاصلة بينهما، ومن بين الأمور التي توضّحت في هذه الكلمة التي كانت بعنوان (عذراً أمير القاعدة)، أسباب حصر الدّولة الإسلاميّة لعمليّاتها بالعراق وحده دوناً عن محيطه الإقليمي الذي يعجّ بالأعداء، أو في المجال الدوليّ الذي كانت الدّولة الإسلاميّة قادرة على العمل فيه بطريقة أو أخرى. فقد أوضح الشيخ العدناني -تقبله الله- حقيقة الأمر في أكثر من موضع من هذه الكلمة الصوتيّة، وممّا جاء فيها:

- «لمّا كانت الدّولة الإسلاميّة جزءا من الجهاد العالميّ، وكان لا بدّ للجهاد العالميّ - تديّناً - من رأس يديره، وكان قادة القاعدة - رحمهم الله - هم رموز الجهاد في هذا العصر وأصحاب السبق والفضل، تركت لهم الدّولة قيادة الجهاد في العالم توقيرا واحتراما وتقديرا وتبجيلا وتكريما وتشريفا وتعزيرا، فلم تتجاوز عليهم أو تخالفهم في سياسة خارج مناطقها، وخاطبتهم خطاب القادة والأمراء».

- «ظلّت الدّولة الإسلاميّة تلتزم نصائح وتوجيهات شيوخ الجهاد ورموزه، ولذلك لم تضرب الدّولة الإسلاميّة الروافض في إيران منذ نشأتها، وتركت الروافض آمنين في إيران، وكبحت جماح جنودها المستشيطين غضبا، رغم قدرتها آنذاك على تحويل إيران لبرك من الدماء».

- «وبسبب القاعدة أيضا لم تعمل الدّولة في بلاد الحرمين، تاركة آل سلول ينعمون بالأمن، مستفردين بعلماء الأمّة هناك وشباب التوحيد الذين مُلِئت بهم السجون.

وبسبب القاعدة لم تتدخل الدّولة في مصر أو ليبيا أو تونس، وظلّت تكظم غيظها وتكبح جماح جنودها على مرّ السنين، والحزن يملأ أركانها وربوعها لكثرة استغاثة المستضعفين بها، والعلمانيّون يُنصّبون طواغيت جدد أشد كفرا من سلفهم في تونس وليبيا ومصر، والدّولة لا تستطيع تحريك ساكن لتوحيد الكلمة حول كلمة التّوحيد، لعدم مخالفة رموز وقادة الجهاد المتمثلين بالقاعدة التي تولّت الجهاد العالميّ وحملت على عاتقها العمل في تلك البلاد».


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة
...المزيد

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة • بعيداً عن الجدل حول أولويّات القتال عند المسلمين في ...

تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة

• بعيداً عن الجدل حول أولويّات القتال عند المسلمين في العصر الحديث بين العدوّ القريب (الذي يُقصد به المُرتدّون) والعدو البعيد (الذي يُقصد به اليهود والنّصارى)، فإنّ الدّولة الإسلاميّة أظهرت مرونة عالية في الممارسة الاستراتيجيّة للصراع مع أعداء الإسلام كافّة.

مصادر استخباراتيّة غربيّة تحدّثت عن الصّدمة التي تلقّتها أجهزتهم بُعيد عمليّة باريس المباركة في الأوّل من صفر، ليس في تكتيك العمليّة فحسب، التكتيك الذي اعتمد على أسلوب الانغماسيّين الذي اشتهرت به كتائب جيش الخلافة والذي يقوم على قاعدة أساسيّة مفادها "استمر بالقتل حتى تُقتل"، ولكن أيضاً في التحوّل الكبير في استراتيجيّة الدّولة الإسلاميّة المتمثّل بالانطلاقة الكبيرة والمدوّية لعمليّاتها الدّوليّة في إطار ما اصطلح على تسميته بالجهاد العالميّ بعد أكثر من عقد من الزمن، رضي فيه المجاهدون أن يسلموا قيادة هذا الجهاد لقيادة تنظيم القاعدة.

فبعد الصّدمة الكبيرة التي تلقّتها أجهزة الاستخبارات الصليبيّة بعد اكتشاف سوء تقديرها لإمكانات الدّولة الإسلاميّة بعد فتح الموصل وسيطرتها على أجزاء واسعة من العراق، في الوقت الذي كانت تقديراتهم تشير إلى أنّ حرب الصحوات في الشّام ستستنزف كلّ طاقاتها، جاءت صدمة عمليّات باريس المباركة، في الوقت الذي ظنّ فيه الصليبيّون أنّ عمليّاتهم الجويّة وتحرّكات حلفائهم على الأرض من شأنها أن تستنزف كلّ طاقات الدّولة الإسلاميّة، وتدفعها إلى الانشغال بالدفاع عن أطرافها المترامية، والتي يحاول أعداؤها التقدّم فيها من كلّ الجهات.

هذه الصّدمة دفعتهم إلى إحصاء العمليّات النوعيّة للمفارز الأمنيّة لدولة الخلافة خارج مناطق تمكينها، ليتبيّن لهم أنّها خلال شهر واحد هزّت ثلاثة من عواصم دول الكفر وهي بغداد وبيروت وباريس، كما نفّذت اختراقاً أمنيّاً في أحد المطارات لتتمكّن من إسقاط طائرة ركّاب روسيّة بعد فترة قليلة من دخول روسيا على خطّ الحرب المباشرة ضد الدّولة الإسلاميّة في الشام، لتكون نتيجة هذه العمليّات مقتل وإصابة ما لا يقل عن ٧٥٠ من رعايا الصليبيّين في باريس وسيناء، وأكثر من ٥٠٠ قتيل وجريح من الرافضة في كل من بغداد وبيروت، ليتيقّن الصليبيّون عندها أنّ هذه العمليّات تمثّل مرحلة جديدة من عمليّات الجهاد العالمي تقوم على توسيع دائرة النّكاية في المشركين عالميّاً، عن طريق المفارز الأمنيّة، في الوقت ذاته الذي يقوم به جيش الخلافة بتوسيع دائرة التمكين إقليميّاً، والحفاظ عليها في المناطق الواقعة تحت حكم الشريعة وجوارها، وبذلك تجمع استراتيجيّة الدّولة الإسلاميّة بين غايتي شوكة النكاية وشوكة التمكين.


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
تحولات الجهاد العالمي بعد إعلان الخلافة
...المزيد

(الرباط والطريق إلى الشهادة) • منذ تجديد الجهاد قبل أكثر من ثلاثين عاما، ذكر أمراء الجهاد أن ...

(الرباط والطريق إلى الشهادة)

• منذ تجديد الجهاد قبل أكثر من ثلاثين عاما، ذكر أمراء الجهاد أن الجهاد لكل شخص يتضمن خطوات على طريق الشهادة، إذ يهاجر المرء أولاً إلى أراضي الجهاد (والهجرة هي الآن إلى دار الإسلام)، ثم يبايع على السمع والطاعة للأمير (والبيعة الآن للخليفة) والاعتصام بالجماعة (وهي الآن الخلافة)، ثم يعد العدة للتدرب في المعسكرات، ثم يرابط صابرا لأشهر ويخدم ساعات غير معدودة في الحراسة، ثم يُقاتِل ويَقتُل من يستطيع من العدو الكافر، ثم في النهاية يفوز بالشهادة، هذه الخطوات مبنية على نصوص من القرآن والسنة تربط هذه الأعمال بعضها ببعض، وعلى الخبرة المكتسبة من العيش في الجهاد يوما بعد يوم، وعلى مشاهدة الشهداء وقوافلهم، ولا شك أن هناك استثناءات في كل حين، كالمهاجر الذي يستشهد في معسكر التدريب أو المرابط الذي يستشهد في أول يوم من رباطه، لكن هذه الخطوات التي ينبغي أن يتمسك بها كل مجاهد حتى يزيد من ثمار جهاده، وإلا كيف يتوقع المرء أنه سيصبر في ساحة المعركة الشرسة وهو لا يستطيع أن يتحمل مشقة الرباط؟

نسأل الله تعالى أن يكرم كل مسلم بنعمة الرباط على ثغور الخلافة وأن يرزقه الصبر المحمود ليكون سببا لثباته حتى يلقى الله جل في علاه.


■ المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 19
السنة السابعة - الثلاثاء 14 جمادى الأولى 1437 هـ

مقال:
فضائل الرباط في سبيل الله
...المزيد

(الرباط وأفضل الجهاد) • عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول ...

(الرباط وأفضل الجهاد)

• عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول هذا الأمر نبوة ورحمة، ثم يكون خلافة ورحمة، ثم يكون ملكا ورحمة، ثم يتكادمون عليها تكادم الحمير، فعليكم بالجهاد، وإن أفضل جهادكم الرباط، وإن أفضل رباطكم عسقلان) [رواه الطبراني بإسناد حسن]. يتكادمون: أي يعض بعضهم بعضا.

هناك روايات مشابهة تبين أن الرباط يكون أفضل الجهاد بعد انتهاء عصر الملوك الرحماء من الخلفاء، أثناء عصر الملوك المسلمين الظلمة، وكان ذلك قبل عصر الطواغيت المرتدين، والذي انتهى -إن شاء الله- بتجديد الخلافة، والله أعلم.

قال الإمام أحمد رحمه الله: "ليس يعدل الجهاد عندي والرباط شيء، والرباط دفع عن المسلمين، وعن حريمهم، وقوة لأهل الثغر ولأهل الغزو، فالرباط أصل الجهاد وفرعه، والجهاد أفضل منه للعناء والتعب والمشقة... أفضل الرباط أشدهم كَلَباً" [المغني].

وعليه، إذا لم يكن هناك حاجة لمزيد من المرابطين (وهو أمر لا يقرره سوى الإمام)، ولم يفضل المرء المعركة على الرباط بسبب قلة صبره أو غروره بعمله، وكان المرء مرابطا في أغلب وقته وسيعود إلى الرباط بعد المعركة، فإن القتال أفضل لما فيه من مخاطر ومشقة، وإلا على المرء أن يعرف أن التفكير في ترك الرباط لا ينبغي للمجاهد الصادق، ويصل هذا الترك إلى كبيرة من الكبائر إن تضمن الإعراض عن الرباط الضروري أو عصيان أوامر الأمراء، بل يصبح خطر التفكير هذا أشد عندما نرى الصليبيين والمرتدين لا يكلّون من التخطيط ومحاولة الهجوم على أراضي الدولة الإسلامية ومناطقها.

(هداية الله وبركته للمرابطين)

قال سفيان بن عيينة رحمه الله: "إذا رأيت الناس قد اختلفوا فعليك بالمجاهدين وأهل الثغور فإن الله يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]" [تفسير ابن أبي حاتم: تفسير القرطبي].

وعزا شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم -رحمهما الله- هذه الحكمة إلى الأوزاعي وابن المبارك والإمام أحمد وغيرهم أيضا [مجموع الفتاوى؛ مدارج السالكين].

وبعد ذكر هذا الأثر عن ابن المبارك والإمام أحمد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وبالجملة إن السكن بالثغور والرباط والاعتناء به أمر عظيم، وكانت الثغور معمورة بخيار المسلمين علما وعملا، وأعظم البلاد إقامة بشعائر الإسلام وحقائق الإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان كل من أحب التبتل للعبادة والانقطاع إلى الله وكمال الزهد والعبادة والمعرفة يدلّونه على الثغور" [جامع المسائل].

وبوّب المنذري -رحمه الله- في كتابه "الترغيب والترهيب" فصلا بـ "ترغيب الغازي والمرابط في الإكثار من العمل الصالح من الصوم والصلاة والذكر ونحو ذلك"، وذكر فيه الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا)، ثم ذكر المنذري أحاديث كثيرة دالة على أن أجر العبادة في الجهاد مضاعف، ثم قال: "والظاهر أن المرابط أيضا هو في سبيل الله، فيضاعف عمله الصالح كما يضاعف عمل المجاهد" [الترغيب والترهيب]، وإن الفرصة للقيام بالأعمال الصالحة في الرباط هي أكبر من الفرصة لذلك في المعركة، فإن المرابط يستطيع أن يصلي ويصوم ويقرأ ويعلم غيره إلى غير ذلك بسهولة، بينما المقاتل مشغول بشدة المعركة، والتي أحيانا تضطره إلى الإفطار في رمضان وتأخير الصلاة الواجبة (جمع تأخير).

وهذه الآية وهي قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]، تبين أن طلب العلم أثناء الرباط مبارك بهداية الله لعبده، والمرابط يستطيع أن يحفظ القرآن ويدرس تفسيره ويحفظ الحديث ويدرس معناه ويدرس التوحيد والإيمان والتفسير والزهد والفقه والسيرة، وعندما يدعو الله أن يمكنه من العمل بعلمه الذي تعلمه، سيجد دعاءه مستجابا، وأن الله تعالى منحه الهداية الموعودة، وأن رباطه -إن شاء الله- سيثبت علمه في قلبه ويبقي أثره على لسانه وجوارحه، وهناك أحاديث تبين أيضا أن الرباط يضاعف بركات العبادات الأخرى التي يقوم بها المرابط في الثغور.


■ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 19
السنة السابعة - الثلاثاء 14 جمادى الأولى 1437 هـ

مقال:
فضائل الرباط في سبيل الله
...المزيد

.................نفس شي ................... هو عليك هين فندق10 كايشي يقع في طريق سرسو عين فقه ...

.................نفس شي ...................
هو عليك هين
فندق10 كايشي يقع في طريق سرسو عين فقه باللافه والاشعارات

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 74 مقال: أضواء على الهجوم المبارك الذي استهدف تجمع المحاكم ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 74
مقال:
أضواء على الهجوم المبارك الذي استهدف تجمع المحاكم الطاغوتية في دمشق

[1/2]

يوما بعد آخر، يُثبت جنود الدولة الإسلامية أنهم -بفضل الله تعالى- يعملون بما يقولون، ويدعون إلى الله -تعالى- بأفعالهم مع أقوالهم، وأنه لا تناقض لديهم بين ما يعتقدونه في جنانهم وما يعملون به بجوارحهم.

وأن الأحكام الشرعية لديهم غايتها العمل بها، لا مجرد التباهي بمعرفتها، أو مجرد الصدع بها في وجوه الأعداء، فمن حُكم له بالإسلام كان له الأمن والولاء، ولا يناله الأذى إلا بحكم شرعي يجيزه عليه، ومن حُكم عليه بشرك أو كفر كان عليه الحرب والعداء، ولا يأمن على نفسه وماله إلا أن يعود إلى حكم الإسلام فيه.

ومن أبرز الأدلة على ذلك، العمليات التي ينفذها جنود الخلافة في كل مكان، إظهارا لتوحيدهم وبراءة من الشرك وأهله، والتي استهدفت أصنافا شتى من المشركين، حتى وإن لم يقاتلوها، ولكن لردتهم عن دين الله -تعالى- بالأقوال والأفعال، وإرهابا لإخوانهم كي يتوبوا إلى الله، ويرجعوا إلى الإسلام قبل القدرة عليهم، كما في هجومهم على القبوريين من الصوفية والرافضة المتجمعين لعبادة الأموات في العراق وباكستان وغيرها، وكذلك في الهجوم على المحكّمين لشريعة الطاغوت والمتحاكمين إليها، كما حدث في بلوشستان، وكما حدث مؤخرا في دمشق، عاصمة النظام النصيري.

• من بدّل دينه فاقتلوه

سارعت فصائل الصحوات المرتدة إلى التبرؤ من الهجوم الذي وقع على تجمع محاكم الطاغوت في مدينة دمشق، الذي يسمونه كذبا "قصر العدل"، وأبدوا فيه أسفهم على مقتل وإصابة العشرات من إخوانهم، مؤكِّدين أنهم لا يستهدفون "المدنيين" في هجماتهم، ومتهمين النظام النصيري بتنفيذ الهجوم لتشويه سمعة "الثوار" بزعمهم، خاصة أن الهجوم جاء في ذكرى ثورتهم الجاهلية، وقبيل انعقاد جولة جديدة من المفاوضات بينهم وبين النظام النصيري في جنيف.

الصحوات المرتدون ما زالوا يميِّزون بين الكفار على أساس حملهم للسلاح من عدمه، فيعلنون أنهم لا يقاتلون من المشركين إلا من يحمل السلاح ويقاتلهم واقعا، ويَدَعون المشرك الذي لم يحمل السلاح بعد مهما كان كفره وشركه بالله العظيم، بل لا يستحون من الإعلان صراحة أن قتالهم للنصيرية والروافض ليس لشركهم، وإنما فقط بسبب قتالهم في صف الطاغوت بشار، وأنهم إن تركوا صف النظام فهم إخوانهم، وإن بقوا على ردّتهم واستمروا على عقيدتهم وأقوالهم وأفعالهم الشركية، في الوقت الذي يعلنون فيه صراحة عداوتهم لجنود الدولة الإسلامية لإقامتهم الدين وتحكيمهم شريعة رب العالمين، كما قال -تعالى- في إخوانهم: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 8].

أما في شريعة رب الأرض والسموات، فإن المرتد عن دين الله يُقتل، ولو كان سبب الحكم عليه بالردة كلمة كفر واحدة فحسب، أو إشارة مكفرة (استهزاء بالدين مثلا)، إلا أن يعود عن ردته ويتوب إلى الله العظيم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من بدّل دينه فاقتلوه) [رواه البخاري]، أما حمل السلاح والقتال فهو زيادة في الكفر وتغليظ في الردة، لا المبيح للقتل، فلا فرق بين مرتد "مدني" وآخر "عسكري" من حيث الحكم عليهما بالكفر وإباحة الدم، كما أنه لا فرق بين كافر أصلي "مدني" وآخر "عسكري" من حيث الحكم عليهما بالكفر وإباحة الدم.

بل إن الكافر الأصلي قد يعصم دمه وماله بمعاهدة المسلمين والدخول في ذمتهم، وإن بقي على كفره، كما في حال الكفار من أهل الكتاب، قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]، وهذا بخلاف المرتد، فلا يعصم دمه إلا بتوبة، ولا يُقرّ على ردّته بجزية.

وعليه فإن المرتدين وإن لم يحملوا السلاح، يبقون مباحي الدماء سواء كانوا داخل دار الإسلام أو خارجها، وهم أهداف مشروعة للمجاهدين بقتلهم وسلب أموالهم أينما ثقفوهم، ومنهم هؤلاء المرتدون الذين استهدفهم مجاهدو الدولة الإسلامية في مجمّع محاكم النظام النصيري في مدينة دمشق، الذي يسمّونه "قصر العدل" زورا وبهتانا.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 74
الخميس 2 رجب 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111art
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 74 - قصة شهيد: أبو أنس الأنصاري السيناوي (تقبله الله) من الذين تبوَّؤوا الدار ...

صحيفة النبأ العدد 74 - قصة شهيد:

أبو أنس الأنصاري السيناوي (تقبله الله)
من الذين تبوَّؤوا الدار والإيمان كما نحسبه

[2/2]
• توحيد واتّباع ..:
كان آية في الولاء والبراء نحسبه والله حسيبه ولا نزكيه على الله، يبحث عن الحق بدليله، ولا تأخذه في الله لومة لائم.
بدأ يبحث ويفتش عن المجاهدين حتى التحق بجماعة أنصار بيت المقدس، وصار من الأوائل فيها، ومذ بدأ الجهاد في سيناء وهو لبنة من لبناته، لم يدخر غاليا ولا نفيساً، بل سخَّر في سبيل نصرة الدين كل ما يملك، وكل ما له عليه سلطان.
فقد كان -رحمه الله- أحد أفراد تنظيم التوحيد والجهاد في سيناء، ثم كتب الله عليه الأسر فترة من الزمن، ثم فرَّج الله -تعالى- عنه فعاد إلى الجهاد والعمل، ثم كتب الله عليه الأسر، ثم كان من الهاربين من السجون في أيام "الثورة" في مصر، وفي طريق هروبه قُبض عليه مع بعض إخوانه وقيد إلى السجن مرة أخرى، ثم كتب الله له الخروج من سجن الطواغيت ليُتِمَّ طريقه في الجهاد رغم أنوفهم، فلم يغيِّر ولم يبدِّل، وكان أشد ثباتاً على منهجه، وأحرص على جهاد المرتدين واليهود.
ولما كانت غدرة الجولاني، ومؤامرة القاعدة، كان من المنافحين عن الدولة الإسلامية، الداعين إلى بيعة أمير المؤمنين، وصدَّق فعلُه قولَه فكان من أوائل المنضمين في سيناء إلى ركب الخلافة المبارك، فما أحرصه على طلب الحق، وما أشده فيه، وما أشد صبره عليه.
كان -رحمه الله- حريصا على الصلاة والجُمَع والجماعات كأشد ما يكون الحرص، كما كان حريصا على النداء للصلاة، فكان صاحب أول أذان للفجر فيمن حوله.
كان يسأل عن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأمور كلها، ليعمل به، حريصاً على نصح إخوانه، فإن عرف في بعضهم خطأ، أو معصية، أو شبهة، كان يدعوهم إلى جلسات يحضرها بعض طلبة العلم، فيسألهم ليتعلم، ويعلم إخوانه، ليصحح أخطاءهم بلا إحراج، فما أحسن خلقه، يعرف كيف يعامل إخوانه، ومتى يكلمهم ومتى يذكرهم لتنفع الذكرى، بإذن الله.
• ربّ رجل بأمّة من الرجال ..:
أوكل إليه الأمراء أعمالا كثيرة، حتى أنهم بعد مقتله احتاجوا لعديد من الإخوة لسد الفراغ الذي تركه، فلقد كان صاحب مهارات كثيرة مهمة، وله بين إخوانه من المودة والحب ما جعل بعضهم يقول: كنت إذا لقيته ظننته لا يعامل أحداً مثلي من شدة رفقه ولينه ووده وحرصه على قضاء أموري.
كان الأمراء يمنعونه من المشاركة في بعض الغزوات، وفي بعضها يأمرونه بأن يكون في الصفوف الخلفية، لأهمية ما يقوم به من أعمال وقلة من يسدها، فكان يسمع ويطيع لهم تقربا إلى الله رغم حرصه على الشهادة، وخوفه أن يموت بغير قتلة في سبيل الله، وكان يقول: إن يعلم الله في قلبي الخير والصدق سيكتب لي القتل أينما كنت، وأسأل الله موطن شهادة ترضيه.
وكانت قتلته من أعجب ما يكون، فهو الذي كان يشدد على إخوانه إذا جاء الطيران الحربي أن يكونوا في المنخفضات، وأن لا يتحركوا، وأن يكونوا خلف السواتر كي لا تصيبهم الشظايا، فلما حانت ساعته كان له غير هذا، فقد روى من كان معه أنه اعتلى ربوة من الرمل وجلس على ركبتيه ومد قامته، يرصد الطيران، وما هي إلا لحظة ويسقط صاروخ بقربه، فتصيبه شظية في رأسه وأخرى في يده وثالثة في رجله، فكُسِر عظمه، وقُطِّع لحمه، وأُهريق دمه، وفاضت روحه، ليودع الدنيا تاركا خلفه في القلوب لوعة الفراق، وشوق اللقاء، وفي صف الجهاد نورا على الدرب ونارا على أعداء الله .
رحمك الله يا أبا أنس، لقد أتعبت من بعدك يا صاحب الهمة العالية، بكتك نقاط الرباط يا محب الرباط وفقدك أفراده، بكتك المجالس فأنت أنيسها، ما دخل إخوانك مكان إيواء إلا ولك فيه بصمة، وما تحركوا في مكان إلا ولك فيه جولة، فرحمك الله رحمة واسعة وأسكنك الفردوس الأعلى، مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا.
* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 74
الخميس 2 رجب 1438 ه‍ـ

لقراءة القصة كاملة.. تواصل معنا تيليجرام:
@wmc111art
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 74 الافتتاحية: أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 74
الافتتاحية:
أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا


• كما تتشابه صفات الطواغيت في كل وقت، فإنهم يتشابهون في معاملتهم لأهل التوحيد، وإن كانوا يتفاوتون في مدى إجرامهم، ومدى تنكيلهم بالمسلمين.

وقد ذكر الله -تعالى- في القرآن الكريم أمثلة عديدة من جرائم هؤلاء الطغاة التي اقترفوها ليصدّوا الناس عن دين الله، ويعبِّدوهم لأنفسهم من دون رب العالمين، كما في قصص أنبياء الله الأولين، نوحٍ وصالحٍ وهودٍ مع الملأ من أقوامهم، وإبراهيم مع الملك الكافر الظالم الذي رماه في النار، وأصحاب الأخدود مع الطاغية المتجبر قاتل الغلام، وفرعون ذي الأوتاد مع بني إسرائيل.
ووصف -جل جلاله- ما كان يُحلّه فرعون ببني إسرائيل من عذاب، بالبلاء العظيم، فقال مذكرا إياهم، وممتناً عليهم بإنجائهم منه: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} [البقرة: 49].

وقد كان هذا العذاب الذي صُبَّ على بني إسرائيل، قبل بعثة موسى -عليه السلام- فيهم، فلما آمنوا به واتبعوه، وأغضبوا الطاغية المتجبر عليهم بذلك، لم يكن بيد عدو الله مزيد من عذاب فيصبه عليهم ويفتنهم به عن دينهم، قال تعالى: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 127]، ولذلك قال أهل الإيمان من بني إسرائيل لرسول الله لما دعاهم إلى الاستعانة بالله والصبر على أذى فرعون لهم: {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129].

واليوم تشتد فتنة المشركين من الصليبيين والمرتدين على أهل الإيمان في الدولة الإسلامية، وكلما طال على أعداء الله الأمد، وازدادت عليهم تكاليف حملتهم على أهل الإيمان، دون أن يتمكنوا من حسم المعركة، وإزالة حكم الشريعة من الأرض، زادوا من بطشهم بأهل السنة، وحرصوا على إيقاع أكبر الأذى فيهم، ولا يفرقون في ذلك بين مجاهد في سبيل الله وقاعد عن الجهاد، ولا بين صغير وكبير، أو ذكر وأنثى، فكلهم في حساباتهم أعداء لهم، يستحقون القتل والعذاب، لأنهم خرجوا عن حكمهم الطاغوتي إلى حكم رب الأرباب.

ولا يزال الصليبيون يستَخْفون بأتباعهم، وأوليائهم المنافقين، فبعد كل جريمة يرتكبونها يخرجون ليلقوا باللائمة على أوليائهم، ليبعدوا عن أنفسهم التهمة، ويخدعوا السذج المغفلين أن معركتهم هي مع جنود الدولة الإسلامية فقط، وأنهم لا يتقصَّدون إيقاع العذاب بعامة المسلمين.

لذلك نجدهم كلما دَمَّروا مدينة من مدن المسلمين، ودفنوا أهلها تحت أنقاض بيوتهم، خرجوا على الإعلام كاذبين يتهمون حلفاءهم من الـ PKK المرتدين أو الروافض بأنهم أخطؤوا في توجيه طائراتهم، كما فعلوا في منبج والموصل وغيرها.

إن من يعرف الواقع ويرجع بالتاريخ قليلا أو كثيرا، يعلم يقينا أن جرائم المشركين والصليبيين بحق أهل الإسلام لم تنقص قبل إقامة الدولة الإسلامية عنها بعد قيامها، وأن جرائمهم بحق المسلمين خارج أراضي الدولة الإسلامية لا تقل عن تلك الواقعة على رعاياها، بل إن أي إحصائية لأعداد الضحايا تُثبت أن عدد من قُتل من أهالي الموصل على أيدي الصليبيين والروافض قبل قيام الخلافة هم عشرات أضعاف من قُتلوا منهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وأن من قُتل على يد الطاغوت النصيري وحلفائه في مدن الشام التي يحكمها الصحوات المرتدون بالقوانين الجاهلية لا يقلون عمَّن قُتل من المسلمين الذين يعيشون تحت حكم الشريعة بالقصف الصليبي والنصيري في المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية.

والمسلم الذي يحيا تحت حكم الشريعة في الدولة الإسلامية يضع نصب عينيه دائما قول سلفه من المسلمين من أتباع موسى -عليه السلام- له: {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} [الأعراف: 129]، فيعلم أنه مُعرَّض لأذى المشركين ما دام على إسلامه، وأنه إن يؤذى وهو عزيز يقيم دين الله ويُحكِّم شريعته، خير له من أن يؤذى وهو ذليل مستكين تحت حكم الطواغيت، وليعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، والعاقبة للمتقين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 74
الخميس 2 رجب 1438 ه‍ـ
...المزيد
يتم الآن تحديث اوقات الصلاة ...
00:00:00 يتبقى على
24 شوال 1446
الفجر 00:00 الظهر 00:00 العصر 00:00 المغرب 00:00 العشاء 00:00

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً