الأحدث إضافة

حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن يلتحق ...

حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

5/5
• هل من كلمة توجهونها للمسلمين عموما، والمستنفرين إلى الجهاد في سبيل الله خصوصا؟

إن خير ما نوصيهم به وأنفسنا تقوى الله -تعالى- في السرِّ والعلن، وخير ما نذكرهم به في هذا الخصوص قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 10 - 13].

أما إخواننا المستنفرون، فإننا نخُصُّهم بالتذكير بوجوب إخلاص النية في الجهاد في سبيل الله، ولا يصُدَّنَّهم عن ذلك إلزام الإمام لهم به، فإنما أراد أمير المؤمنين -حفظه الله- من ذلك خيرهم في دينهم ودنياهم، ليُرضوا ربهم، ويحفظوا دينهم وأنفسهم وأعراضهم وأموالهم.

وفي الختام نقول لهم قول الله -تعالى- لعباده: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [العنكبوت: 5 - 7]، والحمد لله رب العالمين.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

(حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن يلتحق ...

(حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

4/5
• لماذا ألزمت الدولة الإسلامية اليوم المسلمين بالنفير في سبيل الله تعالى؟

لقد سبق وذكرت بعض الأسباب التي تبيح للإمام هذا الأمر أو توجبه عليه، وأهمها أن يكون جيش المسلمين في حاجة إلى ذلك، أو خوفا على ديار المسلمين من أن يدخلها المشركون، فيعيثوا فيها فسادا، كما نراه اليوم في بعض البلاد التي دخلوها، والتي بذل فيها المجاهدون أقصى ما يستطيعون للدفاع عنها، حتى فنَوا في بعض المناطق عن بكرة أبيهم وهم يأبون الانحياز وترك المشركين يستولون عليها دون قتال، مثلما حدث في الموصل وسرت وغيرها من ديار المسلمين.

وإننا نجِدُ اليوم أمامنا فرصة كبيرة لتحصين ما بَقِيَ بأيدينا من الديار، بل واسترداد ما استولى عليه المرتدون، ثم الكَرَّة عليهم وفتح ما بأيديهم من البلدان، ولكن هذا الأمر مرهون -بعد توفيق الله- بتوفُّر العدد والعدة اللازمة لذلك، وفي الوقت نفسه نجد أكثر المسلمين غافلين عما يجري من حولهم، فانشغلوا عن آخرتهم، ولم تسلم لهم دنياهم، بل أفسدها العدو عليهم، ولذلك فإن من الواجب اليوم أن يخرج من المسلمين ما يكفي لتعزيز الثغور، والشد من أزر المرابطين، وتقوية عزائم المجاهدين، وهذا كله هو غاية إعلان النفير الإلزامي على فئة من المسلمين.

وأقول فئة من المسلمين، لأن هذا النفير الذي صدر التعميم بخصوصه محصور بطائفة من الناس لا كلهم، وهم المقيمون في ولاية الخير، ممن تترواح أعمارهم بين 20 و30 عاما، وهو اختيار يخضع لاجتهاد الإمام والنواب عنه، وقد يتغير بتغير الأحوال، وبحسب تقدم العدو وانحساره عن بلاد المسلمين.

ولا يخفى عن أحد أن الروافض والنصيريِّة يحشدون كل قوتهم للهجوم على ولاية الخير، وجنود الدولة الإسلامية يتصدَّون لهم، ويُعظمون فيهم النكاية بفضل الله، ولكن الأمر يحتاج أكثر من جهد المُطَّوِّعين من المجاهدين، ولذلك فقد استنفر الإمام أهل ولاية الخير عدة مرات، فنفر من شيبها وشبابها الكثير -والحمد لله- استجابة لاستنفار أمير المؤمنين، ولكن لم تُسد حاجة الثغر بذلك، فوجب أن نُخرج لهذه الحاجة من يسدها من الرجال ولو بالإلزام، وهو خير لهم من أن تسقط ديارهم في أيدي النصيريِّة، فيهلكوهم، وينتهكوا الأعراض، ويسلبوا الأموال، بل ويسلبوهم دينهم عندما يلزمونهم بالخدمة في جيشهم كما حدث في كل المدن والمناطق التي سيطروا عليها.

• الآن، ما هي سياستكم في التعامل مع المستنفرين، من أجاب النفير منهم، ومن تولّى وظل قاعدا عن الجهاد؟

بالنسبة للطائفة المستنفرة من المسلمين، فإنهم مدعُوُّون الآن لزيارة مكاتب المستنفرين المنتشرة في عموم أرجاء الولاية، لبيان حالهم للإخوة العاملين فيها، فمن كان من أهل الأعذار قدَّم عذره للجنة مختصة بذلك، فيُقبل عذره إن كان صادقا فيما يدّعيه مما يُعذر به القاعد عن الجهاد، وإن كان أهلا للالتحاق بالجهاد فإنه يُرْجأُ إلى حين إخطاره بالموعد الخاص به للالتحاق بالدورات الشرعية والعسكرية التي تؤهله للقتال في سبيل الله، أو يؤجل لفترة محددة من الزمن إن كان لديه عذر شرعي في التأخر عن النفير.

فمن التحق بالنفير، فإن مدة خدمته بما فيها التأهيل الشرعي والتدريب العسكري ستكون بحدود 4 أشهر، يعامل خلالها معاملة بقية جنود الدولة الإسلامية في النواحي كلها تقريبا، ويبقى كذلك حتى تنتهي مدة نفيره المقرّرة، ويُخيَّر بعدها بين التطوّع في جندية الدولة الإسلامية وعدمها، فإن هداه الله للبقاء في صفوف المجاهدين، جرى ضمّه إليهم، دون إلزامه بإعادة الدورات الشرعية والعسكرية، وصار حالهم كحالهم، وإن أبى، فله العودة إلى حياته التي كان عليها قبل نفيره، ونسأل الله أن يتقبل منه.

أما من تولّى عن إجابة النفير من غير أولي الأعذار، فإنهم يُلزمون بذلك وإن كَرِهوا، ويتم إلحقاهم بالمستنفرين رغما عنهم، وتعزيرهم على قعودهم وتوَلِّيهم عن أداء ما توجب عليهم من الجهاد، وتخَلُّفهم عن طاعة إمامهم وولي أمرهم.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

(حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن يلتحق ...

(حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

4/5
• لماذا ألزمت الدولة الإسلامية اليوم المسلمين بالنفير في سبيل الله تعالى؟

لقد سبق وذكرت بعض الأسباب التي تبيح للإمام هذا الأمر أو توجبه عليه، وأهمها أن يكون جيش المسلمين في حاجة إلى ذلك، أو خوفا على ديار المسلمين من أن يدخلها المشركون، فيعيثوا فيها فسادا، كما نراه اليوم في بعض البلاد التي دخلوها، والتي بذل فيها المجاهدون أقصى ما يستطيعون للدفاع عنها، حتى فنَوا في بعض المناطق عن بكرة أبيهم وهم يأبون الانحياز وترك المشركين يستولون عليها دون قتال، مثلما حدث في الموصل وسرت وغيرها من ديار المسلمين.

وإننا نجِدُ اليوم أمامنا فرصة كبيرة لتحصين ما بَقِيَ بأيدينا من الديار، بل واسترداد ما استولى عليه المرتدون، ثم الكَرَّة عليهم وفتح ما بأيديهم من البلدان، ولكن هذا الأمر مرهون -بعد توفيق الله- بتوفُّر العدد والعدة اللازمة لذلك، وفي الوقت نفسه نجد أكثر المسلمين غافلين عما يجري من حولهم، فانشغلوا عن آخرتهم، ولم تسلم لهم دنياهم، بل أفسدها العدو عليهم، ولذلك فإن من الواجب اليوم أن يخرج من المسلمين ما يكفي لتعزيز الثغور، والشد من أزر المرابطين، وتقوية عزائم المجاهدين، وهذا كله هو غاية إعلان النفير الإلزامي على فئة من المسلمين.

وأقول فئة من المسلمين، لأن هذا النفير الذي صدر التعميم بخصوصه محصور بطائفة من الناس لا كلهم، وهم المقيمون في ولاية الخير، ممن تترواح أعمارهم بين 20 و30 عاما، وهو اختيار يخضع لاجتهاد الإمام والنواب عنه، وقد يتغير بتغير الأحوال، وبحسب تقدم العدو وانحساره عن بلاد المسلمين.

ولا يخفى عن أحد أن الروافض والنصيريِّة يحشدون كل قوتهم للهجوم على ولاية الخير، وجنود الدولة الإسلامية يتصدَّون لهم، ويُعظمون فيهم النكاية بفضل الله، ولكن الأمر يحتاج أكثر من جهد المُطَّوِّعين من المجاهدين، ولذلك فقد استنفر الإمام أهل ولاية الخير عدة مرات، فنفر من شيبها وشبابها الكثير -والحمد لله- استجابة لاستنفار أمير المؤمنين، ولكن لم تُسد حاجة الثغر بذلك، فوجب أن نُخرج لهذه الحاجة من يسدها من الرجال ولو بالإلزام، وهو خير لهم من أن تسقط ديارهم في أيدي النصيريِّة، فيهلكوهم، وينتهكوا الأعراض، ويسلبوا الأموال، بل ويسلبوهم دينهم عندما يلزمونهم بالخدمة في جيشهم كما حدث في كل المدن والمناطق التي سيطروا عليها.

• الآن، ما هي سياستكم في التعامل مع المستنفرين، من أجاب النفير منهم، ومن تولّى وظل قاعدا عن الجهاد؟

بالنسبة للطائفة المستنفرة من المسلمين، فإنهم مدعُوُّون الآن لزيارة مكاتب المستنفرين المنتشرة في عموم أرجاء الولاية، لبيان حالهم للإخوة العاملين فيها، فمن كان من أهل الأعذار قدَّم عذره للجنة مختصة بذلك، فيُقبل عذره إن كان صادقا فيما يدّعيه مما يُعذر به القاعد عن الجهاد، وإن كان أهلا للالتحاق بالجهاد فإنه يُرْجأُ إلى حين إخطاره بالموعد الخاص به للالتحاق بالدورات الشرعية والعسكرية التي تؤهله للقتال في سبيل الله، أو يؤجل لفترة محددة من الزمن إن كان لديه عذر شرعي في التأخر عن النفير.

فمن التحق بالنفير، فإن مدة خدمته بما فيها التأهيل الشرعي والتدريب العسكري ستكون بحدود 4 أشهر، يعامل خلالها معاملة بقية جنود الدولة الإسلامية في النواحي كلها تقريبا، ويبقى كذلك حتى تنتهي مدة نفيره المقرّرة، ويُخيَّر بعدها بين التطوّع في جندية الدولة الإسلامية وعدمها، فإن هداه الله للبقاء في صفوف المجاهدين، جرى ضمّه إليهم، دون إلزامه بإعادة الدورات الشرعية والعسكرية، وصار حالهم كحالهم، وإن أبى، فله العودة إلى حياته التي كان عليها قبل نفيره، ونسأل الله أن يتقبل منه.

أما من تولّى عن إجابة النفير من غير أولي الأعذار، فإنهم يُلزمون بذلك وإن كَرِهوا، ويتم إلحقاهم بالمستنفرين رغما عنهم، وتعزيرهم على قعودهم وتوَلِّيهم عن أداء ما توجب عليهم من الجهاد، وتخَلُّفهم عن طاعة إمامهم وولي أمرهم.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

(حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن يلتحق ...

(حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

3/5
• البعض يزعم أن إلزام المسلمين بالجهاد في سبيل الله ليس من سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفائه الراشدين، ويظن أنه من ابتداع الطواغيت الحاكمين لبلاد المسلمين اليوم، الذين يسوقون الشباب راضين أو مرغمين ليخدموا في جيوشهم الكافرة، فما حقيقة الأمر؟

هذا من الجهل بالدين، ومن التكلم بغير علم في تاريخ المسلمين، فإن كان الأصل في صحابة النبي -رضوان الله عليهم- أنهم لا يتأخرون عن الجهاد في سبيل الله حتى لو لم يكن واجبا عليهم، فهذا لا يعني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يلزمهم بالقتال في بعض المواطن، التي أشهرها غزوة تبوك التي استنفر لها كل المسلمين، فلم يتأخر عنها إلا من تقدّم بعذر، فقبِل منهم علانيتهم، وترك أمرهم إلى الله تعالى، فهو العليم بسرائرهم، أما من تخلف عن الخروج إلى الغزوة، فإنه -عليه الصلاة والسلام- عزّرهم بما كان أشد عليهم من الضرب والحبس، فأمر المسلمين بمقاطعتهم، حتى تاب الله عليهم، رغم أنها كانت من أشق غزوات النبي عليه الصلاة والسلام، فالعدو مخوف، والمسافة بعيدة، والوقت في أحر الصيف.

وكذلك فإننا نجد في تاريخ خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، ما يدل على إلزامهم الناس بالخروج للجهاد في سبيل الله تعالى، حين يحتاج المسلمون لذلك، فهذا الفاروق عمر -رضي الله عنه- يرسل إلى أمراء الأمصار، يحضهم على إخراج الناس لنجدة المجاهدين في حربهم مع الفرس، وقال لهم كما روى الطبري وابن الأثير: "ولاتدعوا في ربيعة أحدا، ولا في مضر، ولا حلفائهم أحدا، من أهل النجدات أو فارسا، إلا اجتلبتموه، فإن جاء طائعا وإلا حشرتموه" أي مكرها.

وعلى هذا مضى أمر الدول الإسلامية من زمن الصحابة حتى يومنا هذا، فكان الأئمة، والأمراء، والسلاطين، يخرجون للجهاد في سبيل الله، ويُخرجون للجهاد حاجته، وألزم كثير منهم الناس بذلك ولو مكرهين، وعلماء المسلمين بينهم، لا ينكرون عليهم، ولا يرون في ذلك بأسا، بل ونجد في كلام بعضهم تحريضا للأمراء على ذلك.
ولكننا اليوم في زمان غربة من الدين، لذلك فإن كثيرا من الناس يستغربون أحكامه، وهذا ما شاهدناه مرارا خلال السنوات الماضية من عمر الدولة الإسلامية، التي جدد الله بها ما اندرس من الدين، وأحيى بها كثيرا من السنن المتروكة، والناس لجهلهم أو لأهوائهم يظنون هذه الأمور بدعا من الدين ما أنزل الله بها من سلطان، ولذلك نجدهم كما كانوا يستغربون أن يأتيهم من يلزمهم بالصلاة، واللحية، وبحجاب نسائهم، فإنهم اليوم يستغربون أن يأتيهم من يلزمهم بالجهاد في سبيل الله تعالى، وهم يحسبون أن الجهاد نافلة من النوافل، لا تجب في حقهم بحال.

وما ذكرته أنت بخصوص "التجنيد الإجباري" الذي يفرضه الطواغيت على من يحكمونه من الناس مثال جيد على مدى اختلال الموازين عند أغلب الناس، فهم يخضعون لحكم الطواغيت في ذلك، ويذهبون طائعين مذعنين لينتسبوا إلى الجيوش الكافرة، ويخرجوا بذلك عن دين الإسلام، بل ويقاتلوا المسلمين في سبيل الطاغوت، ولا أحد يستنكر ذلك، أو ينهى عنه، بل نجد علماء السوء المرتدين يحُضُّون عليه، ويصورونه زورا جهادا في سبيل الله، واليوم نجد هؤلاء أنفسهم يستنكرون أن يُلزِم خليفةُ المسلمين رعيته بالجهاد في سبيل الله، ويقولون أن الجهاد لا إلزام فيه، وما إلى ذلك من الأقاويل.

والخلاصة أن إلزام المسلمين بالجهاد في سبيل الله عند الحاجة إلى ذلك هو عمل صالح، يُؤجر فيه الإمام إن أمر به، ويُؤجر فيه المستنفَر إن لبَّى طاعةً لله ورسوله وطاعة لولاة أمره، أما إلزام الناس بالانتساب إلى جيوش الطواغيت، أو القتال فيها، فهو كفر، يكفر من يأمر الناس بذلك أو يجيزه، ويكفر من يستجيب لهذا الأمر فيلتحق بالجيوش الكافرة، ولو كان يكره الطواغيت ويعاديهم، ويزعم حب المسلمين والولاء لهم.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

(حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن يلتحق ...

(حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

3/5
• البعض يزعم أن إلزام المسلمين بالجهاد في سبيل الله ليس من سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفائه الراشدين، ويظن أنه من ابتداع الطواغيت الحاكمين لبلاد المسلمين اليوم، الذين يسوقون الشباب راضين أو مرغمين ليخدموا في جيوشهم الكافرة، فما حقيقة الأمر؟

هذا من الجهل بالدين، ومن التكلم بغير علم في تاريخ المسلمين، فإن كان الأصل في صحابة النبي -رضوان الله عليهم- أنهم لا يتأخرون عن الجهاد في سبيل الله حتى لو لم يكن واجبا عليهم، فهذا لا يعني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يلزمهم بالقتال في بعض المواطن، التي أشهرها غزوة تبوك التي استنفر لها كل المسلمين، فلم يتأخر عنها إلا من تقدّم بعذر، فقبِل منهم علانيتهم، وترك أمرهم إلى الله تعالى، فهو العليم بسرائرهم، أما من تخلف عن الخروج إلى الغزوة، فإنه -عليه الصلاة والسلام- عزّرهم بما كان أشد عليهم من الضرب والحبس، فأمر المسلمين بمقاطعتهم، حتى تاب الله عليهم، رغم أنها كانت من أشق غزوات النبي عليه الصلاة والسلام، فالعدو مخوف، والمسافة بعيدة، والوقت في أحر الصيف.

وكذلك فإننا نجد في تاريخ خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، ما يدل على إلزامهم الناس بالخروج للجهاد في سبيل الله تعالى، حين يحتاج المسلمون لذلك، فهذا الفاروق عمر -رضي الله عنه- يرسل إلى أمراء الأمصار، يحضهم على إخراج الناس لنجدة المجاهدين في حربهم مع الفرس، وقال لهم كما روى الطبري وابن الأثير: "ولاتدعوا في ربيعة أحدا، ولا في مضر، ولا حلفائهم أحدا، من أهل النجدات أو فارسا، إلا اجتلبتموه، فإن جاء طائعا وإلا حشرتموه" أي مكرها.

وعلى هذا مضى أمر الدول الإسلامية من زمن الصحابة حتى يومنا هذا، فكان الأئمة، والأمراء، والسلاطين، يخرجون للجهاد في سبيل الله، ويُخرجون للجهاد حاجته، وألزم كثير منهم الناس بذلك ولو مكرهين، وعلماء المسلمين بينهم، لا ينكرون عليهم، ولا يرون في ذلك بأسا، بل ونجد في كلام بعضهم تحريضا للأمراء على ذلك.
ولكننا اليوم في زمان غربة من الدين، لذلك فإن كثيرا من الناس يستغربون أحكامه، وهذا ما شاهدناه مرارا خلال السنوات الماضية من عمر الدولة الإسلامية، التي جدد الله بها ما اندرس من الدين، وأحيى بها كثيرا من السنن المتروكة، والناس لجهلهم أو لأهوائهم يظنون هذه الأمور بدعا من الدين ما أنزل الله بها من سلطان، ولذلك نجدهم كما كانوا يستغربون أن يأتيهم من يلزمهم بالصلاة، واللحية، وبحجاب نسائهم، فإنهم اليوم يستغربون أن يأتيهم من يلزمهم بالجهاد في سبيل الله تعالى، وهم يحسبون أن الجهاد نافلة من النوافل، لا تجب في حقهم بحال.

وما ذكرته أنت بخصوص "التجنيد الإجباري" الذي يفرضه الطواغيت على من يحكمونه من الناس مثال جيد على مدى اختلال الموازين عند أغلب الناس، فهم يخضعون لحكم الطواغيت في ذلك، ويذهبون طائعين مذعنين لينتسبوا إلى الجيوش الكافرة، ويخرجوا بذلك عن دين الإسلام، بل ويقاتلوا المسلمين في سبيل الطاغوت، ولا أحد يستنكر ذلك، أو ينهى عنه، بل نجد علماء السوء المرتدين يحُضُّون عليه، ويصورونه زورا جهادا في سبيل الله، واليوم نجد هؤلاء أنفسهم يستنكرون أن يُلزِم خليفةُ المسلمين رعيته بالجهاد في سبيل الله، ويقولون أن الجهاد لا إلزام فيه، وما إلى ذلك من الأقاويل.

والخلاصة أن إلزام المسلمين بالجهاد في سبيل الله عند الحاجة إلى ذلك هو عمل صالح، يُؤجر فيه الإمام إن أمر به، ويُؤجر فيه المستنفَر إن لبَّى طاعةً لله ورسوله وطاعة لولاة أمره، أما إلزام الناس بالانتساب إلى جيوش الطواغيت، أو القتال فيها، فهو كفر، يكفر من يأمر الناس بذلك أو يجيزه، ويكفر من يستجيب لهذا الأمر فيلتحق بالجيوش الكافرة، ولو كان يكره الطواغيت ويعاديهم، ويزعم حب المسلمين والولاء لهم.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

(حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن يلتحق ...

(حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

2/5
• ما دور الدولة الإسلامية في تطبيق هذا الحكم الشرعي، سواء كان الجهاد جهاد طلب لفتح الأرض والتمكين فيها لدين الله تعالى، أم كان جهاد دفع للمشركين عن ديار المسلمين؟

إن من واجبات الإمام المسلم الذي يُمثِّل الدولة الإسلامية ويتولى أمرها وأمر رعيتها أن يحمل الناس على أداء الواجبات، وترك المحرمات، كما أن حماية البيضة، وجهاد أعداء الدين هو من واجباته أيضا، وهذا الواجب لا يمكن أن يقوم به لوحده، وإنما يحتاج للقيام به أن يعينه عليه المسلمون، فينفروا للقتال إذا استنفرهم لذلك، فكان استنفار الإمام لفردٍ من المسلمين أو جماعة منهم، مما يوجب عليهم النفير، ولو كان النفير غير متعينٍ عليهم بالأصل، فإذا لم يستجيبوا لاستنفاره لهم، جاز له إلزامهم بالخروج، وتعزير من تولَّى أو تأخر، وذلك لأسباب كثيرة، أهمها أن ذلك داخل في نهيهم عن المنكر، بتركهم أمرا واجبا عليهم القيام به.

بل إن هذا يكون واجبا على الإمام في بعض الحالات، كأن يترتب على عدم خروج الناس أو بعضٍ منهم لجهاد الأعداء احتمال انهزام جيش المسلمين، لقلة عدد، أو افتقار إلى بعض الخبرات والإمكانيات التي يمتلكها القاعدون عن الجهاد، فهُنا يجب على الإمام أن يُلزم من يُحتاج إليه لسد الثغر بالنفير والجهاد، وإن قصَّر في ذلك يكون آثما، إذا علم أن الواجب المفروض عليه من حفظ دار الإسلام، وحماية أنفس المسلمين وأموالهم وأعراضهم لا يتم إلا بإخراج نفر من المسلمين أو كلهم لذلك، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وهكذا فإن الإمام يحرِّض المؤمنين على الجهاد، لما فيه الخير في دنياهم وآخرتهم، ويستنفرهم إلى القتال إن احتاج لذلك، فإن لم تُسد الحاجة بمن نفروا طواعية، فإنه يُخرج من المسلمين ما يكفي لذلك ولو بإجبارهم وإلزامهم، وتعزير من يشاء من المتخلفين بما هو كافٍ ليرتدع عن معصيته، ويكون عبرة لغيره.

وبالمثل فإن من الواجب على الإمام أن يُنفق من بيت مال المسلمين ما يكفي من المال للقيام بفريضة الجهاد، وحماية بلاد المسلمين، وفي الوقت نفسه، يحثُّ المسلمين على الإنفاق في سبيل الله طلبا للخير لهم، فإن قلَّ ماله عن كفاية المطلوب، فإن له أن يستقرض المسلمين، ويأمرهم بالبذل في سبيل الله، فإن لم يكف ذلك كله، فإن له أن يأخذ من أموال المسلمين ولو بغير رضا نفوسهم حتى يكتفي بيت مال المسلمين لسد حاجة الجيش والثغور، ولا يأخذ أكثر من هذا الحد، وهذا الجواز يتحول إلى الوجوب في بعض الحالات كما ذكرنا سابقا.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

(حوار) أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين: استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي ومن يلتحق ...

(حوار)

أمير مكتب المُطَّوِّعة والمستنفَرين:
استنفار المؤمنين اليوم للجهاد واجب شرعي
ومن يلتحق بالنفير يعامل معاملة جنود الدولة الإسلامية

2/5
• ما دور الدولة الإسلامية في تطبيق هذا الحكم الشرعي، سواء كان الجهاد جهاد طلب لفتح الأرض والتمكين فيها لدين الله تعالى، أم كان جهاد دفع للمشركين عن ديار المسلمين؟

إن من واجبات الإمام المسلم الذي يُمثِّل الدولة الإسلامية ويتولى أمرها وأمر رعيتها أن يحمل الناس على أداء الواجبات، وترك المحرمات، كما أن حماية البيضة، وجهاد أعداء الدين هو من واجباته أيضا، وهذا الواجب لا يمكن أن يقوم به لوحده، وإنما يحتاج للقيام به أن يعينه عليه المسلمون، فينفروا للقتال إذا استنفرهم لذلك، فكان استنفار الإمام لفردٍ من المسلمين أو جماعة منهم، مما يوجب عليهم النفير، ولو كان النفير غير متعينٍ عليهم بالأصل، فإذا لم يستجيبوا لاستنفاره لهم، جاز له إلزامهم بالخروج، وتعزير من تولَّى أو تأخر، وذلك لأسباب كثيرة، أهمها أن ذلك داخل في نهيهم عن المنكر، بتركهم أمرا واجبا عليهم القيام به.

بل إن هذا يكون واجبا على الإمام في بعض الحالات، كأن يترتب على عدم خروج الناس أو بعضٍ منهم لجهاد الأعداء احتمال انهزام جيش المسلمين، لقلة عدد، أو افتقار إلى بعض الخبرات والإمكانيات التي يمتلكها القاعدون عن الجهاد، فهُنا يجب على الإمام أن يُلزم من يُحتاج إليه لسد الثغر بالنفير والجهاد، وإن قصَّر في ذلك يكون آثما، إذا علم أن الواجب المفروض عليه من حفظ دار الإسلام، وحماية أنفس المسلمين وأموالهم وأعراضهم لا يتم إلا بإخراج نفر من المسلمين أو كلهم لذلك، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وهكذا فإن الإمام يحرِّض المؤمنين على الجهاد، لما فيه الخير في دنياهم وآخرتهم، ويستنفرهم إلى القتال إن احتاج لذلك، فإن لم تُسد الحاجة بمن نفروا طواعية، فإنه يُخرج من المسلمين ما يكفي لذلك ولو بإجبارهم وإلزامهم، وتعزير من يشاء من المتخلفين بما هو كافٍ ليرتدع عن معصيته، ويكون عبرة لغيره.

وبالمثل فإن من الواجب على الإمام أن يُنفق من بيت مال المسلمين ما يكفي من المال للقيام بفريضة الجهاد، وحماية بلاد المسلمين، وفي الوقت نفسه، يحثُّ المسلمين على الإنفاق في سبيل الله طلبا للخير لهم، فإن قلَّ ماله عن كفاية المطلوب، فإن له أن يستقرض المسلمين، ويأمرهم بالبذل في سبيل الله، فإن لم يكف ذلك كله، فإن له أن يأخذ من أموال المسلمين ولو بغير رضا نفوسهم حتى يكتفي بيت مال المسلمين لسد حاجة الجيش والثغور، ولا يأخذ أكثر من هذا الحد، وهذا الجواز يتحول إلى الوجوب في بعض الحالات كما ذكرنا سابقا.



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 93 الافتتاحية: يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 93
الافتتاحية:
يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ


إن المتتبع لحال كثير من المنتكسين والمنهزمين اليوم، يجدهم يزيدون على جريمة توليتهم للدبر، وهروبهم إلى فسطاط المشركين، أن يطعنوا في المجاهدين، ويفضحوا ما اطلعوا عليه من عوراتهم، ويتبرؤوا من كل ما أصابهم من انكسارات، بأن يُعلن كل منهم أن رأيه في هذه المسألة كان كذا، فلما خالفه المجاهدون وأطاعوا رأي غيره حدث كذا، في تكرار لأقوال المنافقين وأفعالهم في كل زمان وحين.

ففي غزوة أحد، ولَّى رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول الدبر ومعه ثلث الجيش، غضبا لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يأخذ برأيه في وضع خطة المعركة، وقال قولته المشهورة: "أطاعهم وعصاني"، التي جعلها مبرّرا لترك القتال، والتسبب بإضعاف جيش المسلمين وهو على وشك الدخول في معركة كبيرة، وتعريضه للهلاك على يد عدوه، بل وزاد وإخوانه على ذلك بتخذيل المجاهدين عن القتال، والزعم أن لن تكون معركة بين المسلمين والمشركين.

فلما انتهت المعركة بخسارة كبيرة للمسلمين، ومقتل العشرات من الصحابة الكرام، التي كان من أسبابها إضعاف المنافقين لجيش المسلمين، خرج المنافقون من جديد ليعلنوا أن سبب هذه المقتلة الكبيرة في صفوف المسلمين، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يأخذ برأيهم، فكان جواب الله -تعالى- لهم في قوله: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154]، وكذلك في قوله جل جلاله: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 168].

وهكذا فإننا نرى كثيرا من مرضى القلوب، وأهل الريب والشك، يُكثرون من الطعن في المجاهدين وأمرائهم، وليس لهم من مطعن إلا أنه لم يُؤخذ برأيهم في هذه المسألة، أو لم يستشرهم أحد في تلك المسألة، وذلك من شدة إعجابهم بأنفسهم، واعتدادهم بآرائهم.

فيحسب أحدهم أن المسلمين يجب أن لا يقطعوا أمرا ولا يعقدوا حكما إلا بحضوره، ولو لم يكن من أهل الحل والعقد، وإن استشير في قضية فمن الواجب أن تكون مشورته بمثابة الأمر الواجب على الجميع تنفيذه، وإن لم يكن من ولاة الأمر، فإن لم يحدث ذلك، فهذا لوحده مبرر كافٍ في دينه للتولي يوم الزحف، والقعود عن القتال، وتخذيل المسلمين عنه، بل وتحريضهم على معصية أمرائهم، ثم الانتظار والترقب لمعرفة نتائج الأمر الذي خُولِف فيه، وأكثر ما يهمه أن يثبت للناس صواب رأيه، ونفاد بصيرته، ولو كان ذلك يتضمن هلاك المسلمين الذين عصوه، ولم يقيموا له وزنا، ليقول بعد انكسار المسلمين مقولة إخوانه من المنافقين في كل عصر: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} [آل عمران: 168].

وإن كان للمسلمين الفتح تجده منتقصا من حسن فعال المجاهدين، عائبا في أمرائهم بما لا يعيبهم، أو بما يُغفر لهم، وذلك خشية أن يُكتب لهم بهذا الفتح عند الناس درجة لا يجد غير نفسه مؤهلا لها، أو ينسد أمامه باب من أبواب الطعن فيهم، والنهي عن طاعتهم واتباعهم ولو في المعروف.
إن هذا النمط من مرضى القلوب ليس لهم في صفوف المسلمين قرار، فإن ضاقت الأرض، أو اهتزت السفينة، فإنهم يسارعون في الفرار، بل ويلحق كثير منهم بالمشركين الكفار، ليجلس بين أحضانهم، ويأكل من قصعتهم، ويتكئ على أريكتهم، وينطلق في هجاء الموحدين وذمِّهم والتخذيل عن نصرتهم، والانتقاص من أفعالهم، والشماتة في انكسارهم.

أما أهل الإيمان، فإنهم يرجون من كل أفعالهم وجه الله تعالى، فإن نصحوا نصحوا بالمعروف، وإن أُمروا بالمعروف أطاعوا في المنشط والمكره، لا يرجون جاها ولا إمارة، بل كل منهم آخذ بعنان فرسه، أشعث، أغبر، يجاهد في سبيل الله حيث أُمِر، وفي أي ثغر كُلِّف بالقيام عليه، كما قال عليه الصلاة والسلام: (طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شَفَع لم يُشَفَّعْ) [رواه البخاري].



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 93 الافتتاحية: يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 93
الافتتاحية:
يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ


إن المتتبع لحال كثير من المنتكسين والمنهزمين اليوم، يجدهم يزيدون على جريمة توليتهم للدبر، وهروبهم إلى فسطاط المشركين، أن يطعنوا في المجاهدين، ويفضحوا ما اطلعوا عليه من عوراتهم، ويتبرؤوا من كل ما أصابهم من انكسارات، بأن يُعلن كل منهم أن رأيه في هذه المسألة كان كذا، فلما خالفه المجاهدون وأطاعوا رأي غيره حدث كذا، في تكرار لأقوال المنافقين وأفعالهم في كل زمان وحين.

ففي غزوة أحد، ولَّى رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول الدبر ومعه ثلث الجيش، غضبا لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يأخذ برأيه في وضع خطة المعركة، وقال قولته المشهورة: "أطاعهم وعصاني"، التي جعلها مبرّرا لترك القتال، والتسبب بإضعاف جيش المسلمين وهو على وشك الدخول في معركة كبيرة، وتعريضه للهلاك على يد عدوه، بل وزاد وإخوانه على ذلك بتخذيل المجاهدين عن القتال، والزعم أن لن تكون معركة بين المسلمين والمشركين.

فلما انتهت المعركة بخسارة كبيرة للمسلمين، ومقتل العشرات من الصحابة الكرام، التي كان من أسبابها إضعاف المنافقين لجيش المسلمين، خرج المنافقون من جديد ليعلنوا أن سبب هذه المقتلة الكبيرة في صفوف المسلمين، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يأخذ برأيهم، فكان جواب الله -تعالى- لهم في قوله: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154]، وكذلك في قوله جل جلاله: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 168].

وهكذا فإننا نرى كثيرا من مرضى القلوب، وأهل الريب والشك، يُكثرون من الطعن في المجاهدين وأمرائهم، وليس لهم من مطعن إلا أنه لم يُؤخذ برأيهم في هذه المسألة، أو لم يستشرهم أحد في تلك المسألة، وذلك من شدة إعجابهم بأنفسهم، واعتدادهم بآرائهم.

فيحسب أحدهم أن المسلمين يجب أن لا يقطعوا أمرا ولا يعقدوا حكما إلا بحضوره، ولو لم يكن من أهل الحل والعقد، وإن استشير في قضية فمن الواجب أن تكون مشورته بمثابة الأمر الواجب على الجميع تنفيذه، وإن لم يكن من ولاة الأمر، فإن لم يحدث ذلك، فهذا لوحده مبرر كافٍ في دينه للتولي يوم الزحف، والقعود عن القتال، وتخذيل المسلمين عنه، بل وتحريضهم على معصية أمرائهم، ثم الانتظار والترقب لمعرفة نتائج الأمر الذي خُولِف فيه، وأكثر ما يهمه أن يثبت للناس صواب رأيه، ونفاد بصيرته، ولو كان ذلك يتضمن هلاك المسلمين الذين عصوه، ولم يقيموا له وزنا، ليقول بعد انكسار المسلمين مقولة إخوانه من المنافقين في كل عصر: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} [آل عمران: 168].

وإن كان للمسلمين الفتح تجده منتقصا من حسن فعال المجاهدين، عائبا في أمرائهم بما لا يعيبهم، أو بما يُغفر لهم، وذلك خشية أن يُكتب لهم بهذا الفتح عند الناس درجة لا يجد غير نفسه مؤهلا لها، أو ينسد أمامه باب من أبواب الطعن فيهم، والنهي عن طاعتهم واتباعهم ولو في المعروف.
إن هذا النمط من مرضى القلوب ليس لهم في صفوف المسلمين قرار، فإن ضاقت الأرض، أو اهتزت السفينة، فإنهم يسارعون في الفرار، بل ويلحق كثير منهم بالمشركين الكفار، ليجلس بين أحضانهم، ويأكل من قصعتهم، ويتكئ على أريكتهم، وينطلق في هجاء الموحدين وذمِّهم والتخذيل عن نصرتهم، والانتقاص من أفعالهم، والشماتة في انكسارهم.

أما أهل الإيمان، فإنهم يرجون من كل أفعالهم وجه الله تعالى، فإن نصحوا نصحوا بالمعروف، وإن أُمروا بالمعروف أطاعوا في المنشط والمكره، لا يرجون جاها ولا إمارة، بل كل منهم آخذ بعنان فرسه، أشعث، أغبر، يجاهد في سبيل الله حيث أُمِر، وفي أي ثغر كُلِّف بالقيام عليه، كما قال عليه الصلاة والسلام: (طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شَفَع لم يُشَفَّعْ) [رواه البخاري].



المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 93
الخميس 17 ذو القعدة 1438 ه‍ـ
...المزيد

شخصيات قد تهتم بمتابَعتها

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً