مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

كيف لم يعد يشوقنا وعد ربنا في سورة النحل إذ يقول {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍۢ} [النحل من الآية:96]. بكل صراحة، حين تتذكر شخير الساعة الخامسة فجرًا، في مقابل هدير السابعة صباحًا، فأخبرني هل تستطيع أن تمنع ذهنك من أن يتذكر قول الله تعالى {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} [الأعلى:16-17]؟ وإذا تأملت هذا الشغف بحطام الدنيا، والتفريط في أعظم أمور الآخرة، فتذكر {وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌۭ لِّمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحًۭا} [القصص من الآية 80].

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

ضم هذه النظائر إلى بعضها: مدح الله لإسماعيل بأمره أهله بالصلاة، وأمر لقمان لابنه بالصلاة، وأمر الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بإن يأمر أهله بالصلاة، ثم تذكر هذه اللامبالاة المتبلدة التي صارت تغزو بيوتنا للأسف.
 

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

لحظة صدمة تقع دومًا حين يتذكر المؤمن لحظة لقاء الله، وقرب هذه اللحظة. وقد أشار القرآن إلى مفارقة مؤلمة، وهي شدة قرب لقاء الله، مع كون الإنسان يغفل كثيرًا عن هذه الحقيقة، لقاء لله قريب ولكن ولا زلنا غافلين، كما قال الله تعالى {ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍۢ مُّعْرِضُونَ} [الأنبياء:1].

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

في أوائل سورة الذاريات لما ذكر الله أهوال يوم القيامة، توقف السياق القرآني، ثم بدأت تلوح بذكر فريق حصد السعادة الأبدية، واستطاع الوصول إلى جنات وعيون، تأمل كيف تشرح الآيات سبب وصول ذلك الفريق إلى الجنات والعيون {إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍۢ وَعُيُونٍ . ءَاخِذِينَ مَآ ءَاتَىٰهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ قَبْلَ ذَ‌ ٰلِكَ مُحْسِنِينَ . كَانُوا۟ قَلِيلًۭا مِّنَ ٱلَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:15-17]. تأمل كيف كان سبب سعادتهم أن نومهم بالليل قليل! إذن أين يذهب باقي ليلهم؟ إنه يذهب بالسهر مع الله جل وعلا.

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

كلما استطاع المسلم التخلص من الضباب الكثيف الذي يصنعه الانهماك في الدنيا، ومنح نفسه ساعة تأمل في لحظة صفاء، وتذكر قرب لقاء الله، فإنه سيتفاجأ بحيوية جديدة تدب في نفسه، سيشعر كأنما قام قلبه باستحمام إيماني يزيل عنه العوالق والأوضار، وستتغير نظرته لكثير من الأمور.

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

من استحضار لقاء الله هل يستطيع أن يتجاهل دماء إخوانه النازفة في كثير من بلدان المسلمين؟ هل تستطيع أن تنسى مسوؤليتك أمام الله وأنت تتذكر صور الأشلاء واستغاثات الثكالى وأنين الأطفال في كثير من بلدان المسلمين المنكوبة؟!

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

تخيل ما شئت من مراحل وصفات لقسوة القلب، ثم استمع إلى التصوير القرآني {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعْدِ ذَ‌ ٰلِكَ فَهِىَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةًۭ ۚ وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلْأَنْهَـٰرُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ} [البقرة من الآية:74]، كم من مقارنة موجعة! إن القلب إذا قسا خسر القدرة على الاتصال بالله سبحانه وتعالى، ومناجاته، والتشرف بالانطراح بين يديه. وهذه اللحظات التي يتقلب فيها القلب بين يدي الله هي من أرقى وأجمل وألذ لحظات الدنيا.

 

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

كيف تقع قسوة القلب؟ كيف ينزف القلب إيمانه؟! الحقيقة أن قسوة القلب هي نتيجة طبيعية للمعاصي والخطايا بشكل عام، ولكن لا أعرف سببًا يجفف القلب ويقسيه مثل الغفلة عن ذكر الله، ولا أعرف سببًا يحيي القلب وينيره فورًا مثل ذكر الله، وقد جاءت الإشارة في كتاب الله إلى هذه العلاقة بين بعد العهد عن الذكر وقسوة القلب {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا۟ كَٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَٰسِقُونَ} [الحديد:16].

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

كلما تذكرت كارثة الخامسة والسابعة صباحًا، وأحسست بشغفنا وإنهماكنا بما يفوق حرصنا على الله ورسوله والدار الآخرة، شعرت وكأن تاليًا يتلو علي من بعيد قوله تعالى في سورة التوبة {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَ‌تُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَ‌فْتُمُوهَا وَتِجَارَ‌ةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْ‌ضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّـهِ وَرَ‌سُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَ‌بَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّـهُ بِأَمْرِ‌هِ} (التوبة من الآية 24)، ماذا بقي من شأن الدنيا لم تشمله هذه الآية العظيمة؟!

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

بكل اختصار "آية" من كتاب الله كادت تذهب بلبي وأنا أقرؤها، فكل ما أعرف من رحمة الأبوة والأمومة بأطفالهم فإنه سيذهب بها هول لحظة مشاهدة النار يوم القيامة، فيتمنى الأب العطوف والأم الحنون أن يتخلصوا من هذه النار حتى ولو أرسوا فلذات أكبادهم إليها، يقول الحق تبارك تعالى في مشهد مرعب: {يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِى مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍۭ بِبَنِيهِ} [المعارج من الآية:11]. هل تتخيل أننا سنقابل في ساعة قريبة نارًا عظيمة مخيفة تطيش أمام زفيرها عقولنا. يا الله يا فرجنا إذا غلقت الأبوابّ اللهم سلامة!

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

ووصف النبي صلى الله عليه وسلم سلوك المنافق في تعامله مع الصلاة فقال

«تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني االشيطان، قام فنقرها أربعًا، لا يذكر الله فيها إلا قليلًا» (رواه مسلم).

ألا يخشى المسلم المتكاسل في الصلاة، المستثقل لها، المستعجل دومًا في أدائها، أن يكون طيلة حياته إنما كان يمارس صلاة المنافق! كم ستكون صدمة فاجعة إذا رأى صلاته عند لقاء الله محسوبة عليه صلاة المنافقين فتكون وبالًا وهو يظنها النجاة؟!

مقتبسات من كتاب رقائق القرآن

هل نحن حين نتلو القرآم نستحضر أن من مقاصد القرآن عميق استحضار اليوم الآخر في النفوس؟ حين ننشغل بدنيانا ونغفل عن هذا اليوم القادم، فنحن لا نغفل عن يوم عادي أو يوم مهم فقط، إننا نغفل عن يوم وصفه الله تعالى {إِنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْمًۭا ثَقِيلًۭا} [الإنسان:27]. إنه الرحمن -جل وعلا- تخشع له الأصوات في ذلك اليوم المهول {يَوْمَئِذٍۢ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِىَ لَا عِوَجَ لَهُۥ ۖ وَخَشَعَتِ ٱلْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًۭا} [طه:108].

معلومات

بكالوريوس شريعة- ماجستير سياسة شرعية-جامعة الإمام- ماجستير قانون تجاري دولي-جامعة إسكس-بريطانيا.

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً