*ماذا.بعد.رمضان.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/te5bLJ_FwP0
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير فلك جامعة حضرموت: 28/ رمضان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- إن كل شيء يذكرنا بمصيرنا، يذكرنا بآجالنا، يذكرنا بمنتهانا، يذكرنا بسفرنا الطويل، ولقائنا الكبير، يذكرنا بـ: ﴿لِيَومٍ عَظيمٍ يَومَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ﴾، أيام تنقضي سريعًا، وأعوام تمر كأنها غمضة عين، هكذا ما إن نبتدأ في الشيء حتى ننتهي، ما إن نفرح به حتى نحزن عليه، ما إن نُبشِر حتى نودِع، ما إن نستقبل حتى تكون النهاية سريعة وجدا، والله يقول مصورا لمشهد الدنيا بما فيها: ﴿اعلَموا أَنَّمَا الحَياةُ الدُّنيا لَعِبٌ وَلَهوٌ وَزينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَينَكُم وَتَكاثُرٌ فِي الأَموالِ وَالأَولادِ كَمَثَلِ غَيثٍ أَعجَبَ الكُفّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهيجُ فَتَراهُ مُصفَرًّا ثُمَّ يَكونُ حُطامًا...ِ﴾، هذه هي الدنيا بما فيها زرع جاءه غيث فأصبح قويًا على سوقه، ثم ما هي ألا لحظات حتى يأتي حصاده، ثم ينتهي وكأن الأيام لم تأت وهو في قوته وصحته وعافيته وفي أيام حياته وفتوته: ﴿وَاضرِب لَهُم مَثَلَ الحَياةِ الدُّنيا كَماءٍ أَنزَلناهُ مِنَ السَّماءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشيمًا تَذروهُ الرِّياحُ...﴾، هكذا هي ماء ينزل، وغيث يصعد، ويأتي الحاصد فيحصد، وهي كذلك الدنيا بما فيها دنيانا بصحتها بعافيتها بألامها وآمالها بأهلها بأهدافها بانجازاتها بأكلها بشربها بأي شيء صعد عليها، فهي كغيث نزل على زرع فحيي الزرع ثم جاء الحصاد، ورمضان أشبه بهذا، قبل كم آيام وكأنها لحظات كنا نستقبل رمضان، وأيضًا كنا نبشر بدخوله واليوم ودعناه، وكأن تلك الأيام ليست بشيء:
دقات قلب المـرء قائلةً لهُ
إن الحياة دقائقٌ وثواني
الدقيقة واللحظة والثانية وأي شيء كان في هذه الدنيا فهي تذكر بيوم القيامة بالموت قبل ذلك بالأجل المنسي عند كثير من الناس، الذين أصبحوا لا يتذكرون المصير، ولا ينتظرون للمشيب، وكأنه لن يأتيهم يومًا من الأيام، كثير أولئك الذين نسوا وتناسوا أمرهم المحتوم، وحظهم المقسوم، إنه الذي سيأتي على كل الخلائق جميعًا، والفارق بين هذا وهذا إنما هي لحظات من التعمير ثم الرحيل، الجميع على هذا، ورمضان أيها الإخوة إنما يذكرنا بزوالنا ورحيلنا وبوداعنا للحياة الدنيا بما فيها وبما هو عليها…
- إن الأيام والساعات واللحظات تنقضي على الجميع، ولكن شتان بين من أستغلها في الطاعة، ومن قضاها في المعصية، كلها تمر على كل واحد، رمضان مثلاً مر على من قامه وعلى من صامه وعلى من تعرف على ربه فيه وعلى من حقق الهدف الأسمى والأكبر من الصيام الذي هو: التقوى، غُفر فيه لمن غُفر، أُعتق فيه من أُعتق، وفاز فيه من فاز، ونجح فيه من نجح، ذاك قائم يصلي، وهذا ساجد يبكي، وذاك إنسان يرتل كل ليلهِ، وهذا مشغول بطاعة ربه، وهذا لاهٍ غافل، وهذا في السوق والشوارع، وهذا عند الأصحاب والجوال، وذاك وذاك مشغول بما هو مشغول فيه إن لم يكن في شغل شاغل بالعصيان فهو مشغول بالمباحات وبما لا تنفعه ولا ترفعه ولا تدفع عنه شيئًا، شتان بين هذا وذاك…
- ورمضان قد انقضى على الجميع ورمضان قد انتهى عند الجميع الطائع والعاصي، ولكن هل فزنا؟ أم خسرنا؟ هل نجحنا في الإمتحان الأكبر الرباني السنوي أم فشلنا، من المحروم فنعزيه، ومن المقبول فنهنيه، هل استغلينا ما مضى منه من ساعات ولحظات، أم فرطنا وضيعنا، هل غُفرت ذنوبنا، و:"رمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتُنبت الكبائر، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، أربعة أحاديث تتحدث عن المغفرة فهل فزنا ولو بواحد منها؟ هل غُفرت الذنوب؟ أم كان العكس عدم المغفرة، وكان الدعاء من جبريل عليه السلام: " رغم أنف من أدركه رمضان ثم انصرم ولم يغفر له، فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم آمين"، فهل تحققت دعوة جبريل وتأمين الحبيب عليه الصلاة والسلام فيّ وفيك؟ بحيث انصرم رمضان ولم يغفر لنا، ولم يتجاوز عنا، لا صمناه كما ينبغي ولا قمناه كما ينبغي ودخل وخرج وكأنه لا ينبغي، هل أدينا ما فيه من الطاعات والعبادات حتى نستحق المغفرة…
- وأيضًا هناك العروض الربانية في كل ليلة من ليالي رمضان العتق من النيران فهل أُعتقت الرقاب في رمضان، يحتاج لمراجعة كبيرة لأعمالنا لليالينا لأوقاتنا ولحظاتنا في الليل والنهار، ومن أحسن في نهاره أحسن في ليله، ومن أساء في ليله أساء في نهاره أيضا.. فهلا أحسنا في ليلنا ونهارنا فمر عتق ربنا علينا فاعتقنا، وفي كل ليلة لربنا عتقاء من النار، فهل أصبحنا في جملة الكشوفات المرفوعة لرب البرية، إن هذا عُتق وهذا لم يُعتق وهذا كانت له المغفرة وهذا لم يكن له ذلك، وذلك دخل الجنة وعُرضت عليه وتزينت له، أم أن الأيام والليالي والساعات انقضت دون حساب، ودون مراقبة، ودون مراجعة، ودون ومعاتبة، وكأن الأمر لا يعنينا، هل حققنا الثمرة العظمى من الصيام؟،﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، هل حققنا هذا، هل أصبحنا في جملة ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، فهل أصبحنا من جملة هؤلاء في هذا الشهر الذي ما جاء إلا لذلك ﴿لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، لعل ذلك الصائم يتقي، لعل ذلك الصائم بصيامه بقيامه بعباداته بذكره بانشغاله مع ربه لعله ينال التقوى، وبالتالي قطعًا ينال الجنة لأنها للمتقين وجدت، لأنها للمتقين أُعدت، لأن المتقين هم الذين يرثونها، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، وكأن من لم يتق فلا ينال هذه الجنة التي هي مفتاحها التقوى ورمضان مفتاح لنيل التقوى، والتقوى مفتاح لنيل الجنة، فهذه أعمال مرتبة على أعمال أيضًا مرتبة…
- وإنا لا نعرف من اتقى ولا من صدق في عبادته وطاعته بعد رمضان لكن علامة لمن غفر له علامة لمن اعتق من النار علامة من نال التقوى أنه يستمر في طاعة المولى بعد رمضان لا تغيره الأزمان ولا تكدره الأوقات، فهو عابد لربه لا لرمضان ولا للأشهر ولا للأيام بل هو دائمًا يعبد الله جل جلاله موجود لا يحيطه زمان ولا مكان أبدا، وبالتالي فإن ذلك المسلم الحق هو مع الله جاء رمضان خرج رمضان لأن من عبده في رمضان هو نفسه جل جلاله الذي سيعبده في شوال وإلى شعبان هو لا يتغير وحاشاه عز وجل، فإنسان نال التقوى وإنسان حصل على المغفرة من المولى وإنسان عُتق من النيران في شهر رمضان، تراه على الطاعة بعد رمضان علامة القبول أن يستمر، بينما علامة لمن لم ينل هذه الخيرات أن يفتر وأن يتولى عن المساجد والعبادات والطاعات ويودع المسجد والمصحف والقيام والترتيل والاستغفار والذكر ثم ينقلب لمعاصيه ينقلب لأموره وخاصته نفسه…
- وربنا عز وجل جاء عنه في الأثر القدسي أنه قال: "وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أحب إلى ما أكره إلا تحولت عليه مما يحب إلى ما يكره"، وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أحب أي من كرمضان إلى ما أكره من المعاصي بعد رمضان والتولي عن الآيات والمساجد والذكر وعموم الطاعة إلى ما أكره الا تحولت عليه مما يحب من رحمة ومغفرة ورزق وسعادة وصحة وخير في أهل في أي شيء كان، ألا تحولت عليه مما يحب إلى ما يكره، فكن لله كما يريد، يكن لك كما تريد، إن استقمت معه استقام معك، ﴿وَأَلَّوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، من أستقام مع ربه في ساير أيامه فإن الله تبارك وتعالى يستقيم معه في شؤون حياته، ما أن ينادي ما أن يفقر ما أن يصيبه من هموم وغموم ومشاكل وكروب الحياة التي هي كلها على هذه الشاكلة حتى يكون الله معه، لأنه استجاب لله فكان حقًا على الله أن يستجيب له، ﴿وَيَستَجيبُ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَيَزيدُهُم مِن فَضلِهٌِ﴾، أي أن الله يستجيب لهم وهم أيضًا يستجيبون لله فمن أجاب نداء الله أجاب الله نداءه، ومن أتى لعبادة الله أتى الله له ودائمًا وأبدا: " من تقرب إلي شبرًا تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة"…
- نحن المستفيدون من طاعة ربنا، نحن المستفيدون من استمرارنا في عبادتنا في رمضان، نحن المستفيدون من أي خير صعد منا لربنا عز وجل، أما الله فهو غني عن عباداتنا، غني عن طاعاتنا، غني عما يأتي منا، فنحن الذين نستفيد، ألا فمن أحب سفينة الدنيا والأخرى فعليه أن يستمر بطاعة ربه وأن يحافظ على عبادته وطاعاته في رمضان وفي غير رمضان، وقد جاء أن داود عليه السلام لما اقترب أجله نادى ربه فقال: " يا ربي إني أوصيك بولدي سليمان، كن له يا إلهي كما كنت لي، فقال الله: يا داود، قل لولدك سليمان يكن لي كما كنت لي أكن له كما كنت لك"، قل له هو ليستمر في عبادتي وطاعتي والاستقامة على أمري أكن له كما كنت لك أنت، وإن لم يستقم لي كما استقمت لي فلن أستقيم له كما استقمت لك، لأنه ابتعد عني فابتعدت، لأنه تولى عني فتوليت عنه، لأنه لم يعبدني فلم آته، هذا هو الجزاء، فمن أراد أن ينال ما عنده فليستمر في عبادة ربه، فإن كل خير يأتي من العبادة، وإن كل شر من المعصية، ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾،﴿ما أُريدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَما أُريدُ أَن يُطعِمونِ﴾، وكل شيء في الدنيا فهو رزق الله وليس الرزق إنما هو الفلوس والأكل والشرب بل كل شيء هو رزق من الله الدنيا رزق الله، الجنة بما حوت هي رزق الله، كله أرزاق من الله، وكأن من ضمن العبادة لربه ضمن الله له أيضًا بأي شيء كان له من رزق وخير وعافية وصحة وسلامة واي شيء يطلب ذلك العابد من ربه، إن كان كما يحب ربه فإن الله يدوم له كذلك، ألا فلندم لله عز وجل كما يحب لتدوم لنا الحياة كما نحب، وإن تولينا مما يحب إلى ما يكره ستكون العاقبة علينا لا لنا، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إن هم الأعمال يسير، وإن فعل الطاعات قليل، وانكسارنا لربنا في رمضان وفي غيره ليس بشيء، وإنما الهم الأكبر أيها الإخوة إنما هو هم القبول، هم هل الله عز وجل تقبل منا الطاعات، أم حُرمنا القبول ورُدت على وجوهنا فلم ننتفع بشيء منها لا في دنيا ولا في آخرة، وكان حظنا منها التعب والنصب، والبذل والجهدل: "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب"، وهذا الله عز وجل يقول ومن حقه جل جلاله أن يشترط ما شاء ومن حقه أن يرد من شاء: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، لا من كل أحد يتقبل، لا من كل أحد ترتفع الأعمال، لا من كل أحد ترتفع إلى الملك الجبار، لا من كل أحد تأتيه إحصائيات الخلائق، بل، {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، {إِلَيهِ يَصعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصّالِحُ يَرفَعُهُ}، عمل ليس بصالح وإن فعلنا ما فعلنا واجتهدنا ما اجتهدنا حسب معاييرنا ومقاييسنا فإنها لربما تختلف عند ربنا، والأمر واضح صريح جلي ليس بخفي أبداً، بل هذا الله عز وجل يذكر ذلك في كتابه فيقول ومرة أخيرة: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، فمن كان متقيًا لربه تُقبلت أعماله، تجاوز الله تعالى عنه وغفر له كان له ما كان في الدنيا وكان له ما كان من جزاء في الآخرة ولم يحرم توفيقًا ولا صلاحًا ولا استقامة أبدا، وهذا ابن عمر رضي الله عنه كان يقول: إني والله لا أحمل هم الدعاء وإنما أحمل هم الإجابة، دعُائي استقامتي طاعتي عبادتي كل شيء مني لا أحمل همه، أمور عادية، أمور سهلة، لحظات تنقضي، أتعاب ثم يكون الرخاء وتكون الاستراحات، لكن إنما الاستراحة الحقيقية في أن يضع المسلم قدمه في باب الجنة، وفي الحديث الصحيح أن عائشة رضي الله عنها سألت النبي ﷺ عن قول الله ﷻ ﴿وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ﴾ أهم الذين يسرقون ويزنون ويخافون؟ فقال النبي ﷺ:" لا يا ابنت الصديق إنما هم الذين يصومون ويصلون ويزكون ويخافون أن لا يتقبل منهم ثم تلا صلى الله عليه وسلم الآية بعدها: ﴿أُولئِكَ يُسارِعونَ فِي الخَيراتِ وَهُم لَها سابِقونَ﴾، فهل كنا كذلك؟ نخاف أن لا يتقبل منا، هل أصبحنا إذا عملنا عملاً صالحًا لا يهمنا العمل، بل يهمنا هل قبل أم لم يتقبل، ألا فلنراعي هذا جيداً ولنكن كما كان السلف في ستة أشهر تامة يدعون الله أن يتقبل منهم رمضان، الا فالقبول القبول هو مدار كل عمل هو الأهم من كل عمل، فلنحمل في رمضان وفي غير رمضان وبعد كل عبادة وطاعة لنحمل هم القبول أعظم من همنا للعمل…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1 ...المزيد
مساعدة
الإبلاغ عن المادة
تعديل تدوينة
*ماذا.بعد.رمضان.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...
*ماذا.بعد.رمضان.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/te5bLJ_FwP0
*📆 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/te5bLJ_FwP0
*📆 ...المزيد
*خطبة.عيد.الفطر.المبارك.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...
*خطبة.عيد.الفطر.المبارك.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
مصلّى ملعب مدينة روكب/ المكلا
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- ففي هذه الفرحة، وهذه البهجة للمسلمين بعد إكمالهم لمنسك عظيم من مناسك إسلامهم، ولركن عظيم من أركان الدين، الذي يفرح المسلم وحق له ذلك بعد إكماله لتلك العبادة: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلنا مَنسَكًا هُم ناسِكوه}، فقد جعل الله عز وجل لكل أمة من الأمم أعيادا وايامًا يفرحون ويلعبون ويسرحون ويمرحون فيها، وهذا ديننا الإسلامي خصص يومين في السنة للمسلم هما عيداه، ويأتيان بعد جهد وطاعة وعبادة، وكأن الله عز وجل لا يرتضي للمسلم أن يكون فرحه الحقيقي الا إذا عبد ربه الا إذا أطاع الله الا إذا كان في عبادة وخضوع لله عز وجل، فهنا حق له أن يفرح، وما الفرح إلا بطاعة تعالى وها نحن قد أكملنا طاعة من الطاعات فحق لنا أن نفرح، ونتجمع، ونتزين، ونخرج للصعدات في كامل الفرح والبشر والسرور والنظارة والرونق الجميل والملبس الجديد… ونبينا عليه الصلاة والسلام قال في كما في البخاري ومسلم: "لكل أمة عيداً وهذا عيدنا"، ولقد جاء وأهل الجاهلية في المدينة يلعبون في أيام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه فقالوا إنها أيام في الجاهلية نلعب فيها ونعمل كذا...، فوصفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لقد أبدلكم الله خيرًا من ذلك عيد الفطر، وعيد الأضحى"، فتأتي بعد عبادة ومشقة وصالحات وطاعاته ارتفعت من ذلك العبد، فعيد الفطر بعد صيام، وعيد الأضحى بعد حج أو في نهاية المطاف في الحج، فلهذا ليظهر المسلم مرح وفرحه: ﴿قُل بِفَضلِ اللَّهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذلِكَ فَليَفرَحوا هُوَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ﴾، هذا هو الفضل من الله هذه هي رحمة الله تظهر في اجتماع المسلمين في يوم واحد…
- وفي الحديث وإن كان ضعيفا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم وأمرتم بصيام النهار فصمتم وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم فإذا صلوا نادى مناد ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة"، لماذا؟ لأنهم أمروا بصيامهم فصاموا وأمروا بقيامهم فقاموا، فكان حقًا على الله أن يكرمهم وأن يسعدهم، هذا الثواب العظيم والنعمة الكبرى…
- ولكن أيها الإخوة الفضلاء واجب المسلم بعد إكماله للصيام وأي عبادة من العبادات أن يبقى في وجل وفي خوف أن لا يُتقبل منه تلك الأعمال وتلك الصالحات فربنا سبحانه وتعالى يقول، {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، ولو علم الإنسان حق اليقين على أن الله تقبل منه حسنة لكان حقًا عليه أن يفرح كل الفرح؛ لأن الله تقبل منه حسنة، وإذا تقبل الله من عبده حسنة فدليل على تقواه: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، ومعناه أنه حقق هدف الصيام وروحه وأسمى ما فيه وهي التقوى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، وكما قال ابن عمر رضي الله عنه: "لو أعلم أن الله تقبل مني حسنة لكان الموت خير غائب أنتظره"، فليكن المسلم على وجل وخوف من قبول عمله أكثر من همه لعمله، وهم القبول أعظم من هم العمل.
- ثم واجب المسلم أن لا يستكثر طاعته وعباداته وبالتالي إن فعل فكأنه يمن على الله بعباداته وطاعاته وبذلك ترد على وجهه، ﴿وَلا تَمنُن تَستَكثِرُ﴾، بل هي صفة الأعراب ﴿يَمُنّونَ عَلَيكَ أَن أَسلَموا قُل لا تَمُنّوا عَلَيَّ إِسلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيكُم أَن هَداكُم لِلإيمانِ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾، فضلا عن أن الله تعالى قال عن المؤمنين: ﴿وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ﴾، فقلوبهم خائفة خشية لله من أن لا تتقبل تلك الأعمال منهم، وعند الترمذي وابن ماجه عن عائشة قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : ( والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة )أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ قال : " لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات "، هؤلاء هم المؤمنون حقا… أما من يعمل الأعمال الصالحة ويحس بكبريائه، ويمن على ربه، ويذهب لفلان فيستعرض له ماذا قرأ من القرآن وكم قام من الليالي وصام من الأيام وأنفق من الأموال فليس له من الإيمان حبة خردل.. ألا فليكن المسلم خاضعًا مستكينًا لله بعد كل عبادة؛ حتى نضمن بإذن الله عز وجل القبول…
- إن المحروم أيها الكرام من حرمه الله، بل كما قال علي رضي الله عنه: من الفائز فنهنيه ومن المحروم فنعزيه، فالمحروم من حُرم الخير بعد أن فتحت له مناسك الخير بكلها، وجامعة عظيمة من أبواب الخير بشتى أنواعها وسلمت له مفاتيحها فمن دخلها ومن وجد تلك الأبواب، وفتح تلك الأقفال كالعتق من النار ومغفرة ذنوبه، من قام رمضان إيمانًا واحتسابا، من صام رمضان إيمانًا واحتسابا، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابا حتى يغفر له ذنبه، أما استحق دعوة جبريل عليه السلام وتأمين الحبيب صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف من أدركه رمضان ثم انصرف ولم يغفر له فأبعده الله قل آمين فقال صلى الله عليه وسلم آمين"، فياخسارته… من تحققت فيه ثمرة التقوى التي هي الأساس من فرض الصيام: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، فمن تحققت فيه ذلك فحق أن نبشره وأن نهنئه، أما من ضاعت أوقاته في رمضان، ومقصر في تلك الأيام الفاضلة التي أعد الله عز وجل ما لم يعده في غيره من الأشهر الأخرى، ويسّر وسهّل وهيأ رمضان كل تهيئة فغلق النيران وفتح أبواب الجنان، وصفّد الشياطين فسلط الله عز وجل عليهم الأغلال؛ حتى يكفوا عن شرورهم إكرامًا لذلك العبد وليتجهز العبد بالمسير إلى ربه، فمن عبد وصلى وصام حق له أن يفرح، ومن تكاسل وقتل وقته ونسي ربه هناك فحق على الله أن ينساه…
- ثم كم يستبشر المؤمن عندما يرى المساجد مزدحمة ما بين قارئ ومصل وذاكر وخاشع وحتى لو كان مضطجعا في المسجد فهو في صلاة ما انتظرها وما حبسته إلا هي، واضطجاعه في المسجد خير من كلام وخصام وضياع للأوقات في غيره {يَرجونَ رَحمَتَهُ وَيَخافونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحذورًا﴾، فكم فرحنا بهذا كثيرا وبحد لا يوصف، لكن النبأ المحزن والكارثة المبڤيرة والخبر المؤسف ما يرى من تراجع بعد الصيام بعد قيامه وصيامه وبعد تعبه ونصبه وبعد صلاته واستقامته وبعد دعائه وتضرعه يرجع على عقبيه: {قُل أَنَدعو مِن دونِ اللَّهِ ما لا يَنفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعقابِنا بَعدَ إِذ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِي استَهوَتهُ الشَّياطينُ فِي الأَرضِ حَيرانَ لَهُ أَصحابٌ يَدعونَهُ إِلَى الهُدَى...} فيودع الصيام حتى يأتي رمضان ويودع المصحف لأسابيع ويودع المسجد والقيام والذكر وأنواع العبادات في رمضان، وليس والله هذا شأن المؤمن الذي يعبد الله وحده على الدوام لأن الله قيوم لا ينام وموجود في جميع الشهور والأيام: ﴿وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ﴾ أي حتى يأتيك الموت… وإن صح القول فأقول وأستشهد بما قال في الصديق رضي الله عنه: " من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد ذهب، ومن كان يعبد الله فإن الله لا يذهب ولا يولي سبحانه وتعالى"، فيا عابداً لله في رمضان استمر في عبادتك في غير رمضان، فمن عبدته في رمضان هو هو ربنا سبحانه وتعالى: ﴿كُلُّ مَن عَلَيها فانٍ وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكرامِ﴾…
- لماذا الانتكاسة بعد رمـضان، أنكون كما قال الله عز وجل عن أهل قريش: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا...}، فلا يكن المسلم كمثل هذه المرأة المجنونة يقال على أنها كان فيها جنون فكانت تتعب نفسها في الغزل في الصباح حتى المساء وإذا جاء المساء فإنها تفك ذلك الغزل فقال الله لأولئك ولا تكونوا مثل هذه المرأة التي تتعب نفسها الليل بالنهار ثم تتعب نفسها بنقض ما اصلحته، فإذا لا نتعب أنفسنا في العبادات والطاعات في رمضان ثم بعد رمضان نرجع على اعقابنا بعد اذ هدانا الله، ونخرّب ما بنينا ومخرب واحد غلب ألف عمّار كما يقال…
- إن علامة قبول فعل الطاعة المداومة عليها بعدها كما قال ابن عباس وعلامة رد الطاعة أن الإنسان يرجع عن الطاعة بعد أن أطاع الله عز وجل، ومن أراد وأحب أن يدوم الله له كما يحب فليدم ذلك العبد له كما يحب، وفي الأثر أن داود عليه السلام قال لربه سبحانه وتعالى يا ربي أريدك أن تكون لولدي سليمان كما كنت لي فقال الله: يا داود قل لولدك سليمان يكن لي كما كنت لي أكن له كما كنت لك، فالتقصير يبدأ من العبد فمن أحب أن يكون الله عز وجل معه، ويعطيه ما أحب، ويصرف عنه يكره فليدم ذلك العبد لربه، فمن استقام استقيم له ومن خلّط خُلّط عليه: ﴿وَأَن لَوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، فالاستقامة على طاعة ربنا سبحانه وتعالى ضمان لرحمة الله عز وجل علينا وفينا وإلينا ومن حولنا ومن أمامنا ومن خلفنا، لكن إذا تولينا فإنه كما في الأثر القدسي أن الله عز وجل يقول وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أحب إلى ما أكره الا تحولت عليه مما يحب إلى ما يكره، وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أكره إلى ما أحب الا تحولت عليه مما يكره إلى ما يحب، إذاً من تحول من طاعة إلى معصية تحول الله مما يحب العبد إلى ما يبغض ذلك العبد، وإذا كان العكس فالعكس، فلذا من أحب أن يستمر عطاء الله ورحمة الله وهداية الله ومنة الله وكل شيء من الله فكن مع الله فمن كان الله معه كان كل شيء بإذن ربه سبحانه وتعالى معه، وكما قال ابن القيم من وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد…، وصدق الله: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم ﴾، ﴿فَذوقوا بِما نَسيتُم لِقاءَ يَومِكُم هذا إِنّا نَسيناكُم وَذوقوا عَذابَ الخُلدِ بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾، ﴿قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى﴾، ﴿وَقيلَ اليَومَ نَنساكُم كَما نَسيتُم لِقاءَ يَومِكُم هذا وَمَأواكُمُ النّارُ وَما لَكُم مِن ناصِرينَ﴾…
ـ فلا تقل وداعًا للصيام ولا وداعًا للعبادات والصلاة والخير وأهله والطاعة وشأنها ولا تودع تلك الوجوه المرضية التي كنت تراها في المسجد ثم تولي إلى الأسواق في أوقات الصلوات ينادي الأذان وكأنك لا تسمع، كأنك لست من صام وقام وعبد وتعب وانتصب... نسيت ربك فنسيته… فلذلك على العبد أن يعلم على أن نداء الله معه أينما توجه وأينما كان وفي أي شهر وفي أي وقت كان، وخير وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّت، كما في المتفق عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفته عائشة عمله ديمة، يعني لا ينقطع أبداً، بل كان يثبت على العمل وإن كان يسيرا، خير من أن يكثر على العمل وثم ينقطع…
- أيها المسلمون في هذا اليوم العظيم لنتذكر على أن هناك فرحة عظمى وفرحة كبرى في مثل هذه الفرحة الصغرى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول للصائم فرحتان فرحة عند فطره فهذا اليوم في هذا اليوم فرحنا ولكن على المسلم أن يتطلع لما هو أعظم وأكبر فرحة إنها فرحة لقاء ربه، للصائم فرحتان فرحة عند فطره عند لقاء ربه، فلنأمل خيراَ ولنحب لقاء الله ليحب الله لقاءنا أولاً، ولن يحب لقاء الله الا من أعد العده العظمى لأجل أن يصل إلى ذلك المصير الحتمي الإجباري الذي سيصل إليه باختلاف أعمالهم وباختلاف أجناسهم كلنا سائرون إلى ربنا سبحانه وتعالى، فلنتذكر في مثل هذا الموقف وفي هذا الاجتماع يوم العرض الأكبر، ﴿يَومَ هُم بارِزونَ لا يَخفى عَلَى اللَّهِ مِنهُم شَيءٌ لِمَنِ المُلكُ اليَومَ لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ﴾، ﴿يَومَئِذٍ تُعرَضونَ لا تَخفى مِنكُم خافِيَةٌ﴾ يوم يوم الطامة يوم الحاقة،يوم يوم يفر المرء من أخيه ذلك اليوم العظيم،﴿يَومَ تَرَونَها تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَملٍ حَملَها وَتَرَى النّاسَ سُكارى وَما هُم بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَديدٌ﴾، يوم يجتمع الخلائق لربهم سبحانه وتعالى في يوم المحشر منذ آدم عليه السلام الى آخر رجل في الأرض يموت، فإنهم سيجتمعون جميعا اجتماعا عاما عند ملك الملوك سبحانه وتعالى، فلنستحضر ذلك اليوم في كل مجلس جلسناه ومن كان كذلك حقًا سيعد لذلك السفر العظيم عدته واستعداده الكبرى… وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من ذكر هادم اللذات".
- ثم أيضا في هذه الفرحة وفي هذا اللقاء وفي هذا الاجتماع الشرعي الرباني لنتذكر المسلمين جميعًا لنتذكر المحتاجين لنتذكر الجرحى لنتذكر الأسرى لنتذكر الناس الذين هم في قصف ودمار وعذاب وهلاك، نتذكر المرضى، نتذكر الفقراء، نتذكر المحتاجين، نتذكر من يتمنى أن يجتمع مع اهله، من يتمنى أن يخرج من من سرير علاجه ومستشفاه وبيته إلى هذا المصلى وإلى هذا الاجتماع، إن تذكرنا فشكرنا ضمنا بقاء نعم الله لنا: {لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾…
- ثم مثلما تضامنا مع الفقراء والمحتاجين بصدقة الفطرة وأغنيتموهم بعطاياكم وصدقاتكم واستجبتم لنداء الله عز وجل فلم تخرجوا إلى الصلاة الا وقد أعطيتموهم حقهم فنفذتم ما قال رسولكم صلى الله عليه وسلم: " اغنوهم عن السؤال هذا اليوم" لنغني الفقراء ولنغني الأغنياء ولنغني كل مسلم ولنغني كل طائع برحمتنا بحنانا بعطفنا بحبنا بمسامحتنا فلا يكفي والله أن نعطي الشيء بأيدينا وقلوبنا تكره العطاء، والعفو والصفح، فلا يستقيم الحال أبدا والقلب في واد والعمل في واد آخر، الا فمن استقام بلسانه وبيده فليستقم قلبه لربه سبحانه فليكرم المسلمين ولنغنيهم بالتراحم، والتزاور، وصلة الأرحام، والتقارب، والتكافل، والتصالح مع كل مسلم، ليفتح المسلم قلبه قبل يديه وقبل حضنه ليفتح قلبه لكل مسلم…
- وهنا ندائي لمن في قلبه شيء على أخيه المسلم أو جاره أو قريبه أو رحمه أو صديقه أو أي مسلم كان… لقد أتعبت نفسك في قيام وصيام وقرآن… فذاك كله وكل عمل منك غير مرفوع إلى الله تعالى حتى تصفي قلبك على أخيك المسلم : " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال : انظروا هذين حتى يصطلحا "والحديث رواه مسلم.. فالباب مغلق حتى تصلح قلبك وتعفو وتصالح إخوانك… من يحب منا عقلاً ان يداوم في شركته أو في وظيفته ويوقع على ذلك ويأتي في بداية الدوام ويخرج في نهاية الدوام ويعمل أكثر مما يعمل العاملون لكن لا يرفع لمديره شيئًا وبذلك لن يعطيه راتبًا هل يحب هذا العبد ذلك لا والله في دنيانا لا نحب، فذلك أعمالنا الصالحة إذا أردنا أن تقبل فعلينا أن نصالح إخواننا المسلمين أيًا كانوا ولنبتدأ بارحامنا وإن كانوا هم المقصرون المخطئون، وفي الصحيح عند مسلم أن رجلا قال : يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي . فقال : " لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك "، أي الرماد الحار، وأيضا قال صلى الله عليه وسلم: " ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعته رحمه زارها" والرحم تعلقت بعرش رب العالمين سبحانه وتعالى فأرادت من الله طلبًا أن الله عز وجل يأمر لها بصلة الناس لها فقال الله عز وجل: "ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك"، فمن يحب أن يوصله ربه سبحانه وتعالى بكل أنواع الوصل الذي يحبه ذلك العبد فليصل رحمه وبخاصة في مثل هذه الأعياد، وفي مثل هذه المناسبات، فليبتدأ رحمه فإنهم أحق الناس بصحبته، وأحق الناس بعطفه، وأحق الناس بشفقته، وأحق الناس بعفوه، فاعفوا عن الناس جميعًا واعفوا عن رحمكم خاصة، اعفوا عنهم يعفو عنكم الله، سامحوهم يسامحكم الله، اغفروا لهم ليغفر لكم الله، المسامح يسامحه الله، والكريم يكرمه الله، والعفيف يعفه الله، والمتصدق يتصدق الله عليه، والجزاء من جنس العمل كما قال الإمام النووي، عليها مدار الشريعة الإسلامية فمن وصل وصله الله، ومن عفا عفا الله عنه، ومن تكرم لأخيه تكرم الله عليه سبحانه وتعالى، وأي فضل وعظمة وإحسان أن يكون الله هو المكرم وهو المعطي وهو الراحم وهو سبحانه وتعالى العفو الغفور، فلذلك لنصالح الناس حتى تقتضي أعمالنا وحتى يرضى ربنا عنا ويغفر لنا ويرحمنا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
- عباد الله يا من صام يا من قام يا من قرأ ورتل وسجد وبكى… تذكر نعمة الله عليك وفضله ومنته وما بك من نعمه وما دفع عنك من نقمه واشكره يزدك فقد امتن على قريش فقال ﴿الَّذي أَطعَمَهُم مِن جوعٍ وَآمَنَهُم مِن خَوفٍ﴾ وإذا كان رب العالمين يعظ قريشًا بذلك فنحن أولى ونحن أحق، والنعم إذا شُكرت قرت، وإذا كُفرت فرت، والنعمة عروس مهرها الشكر، ألا فلا نكن مع فرحتنا هذه تؤدي بنا إلى هلاك بسبب كفر نعم الله عز وجل، وعدم الاستقامة على أمره كلباس غير شرعي فشباب بحلقات شيطانية ونساء بخروج متعطرات للأسواق والمنتزهات واختلاط وفساد وشر ووبال، وهي من المخالفات الشرعية المنشرة ولقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بخروجهن للصلاة تفلات، فإذا كان هذا إلى الصلاة فأعظم من ذلك أن يخرجن إلى الشواطئ وإلى السواحل وإلى المتنزهات إن كان لابد من خروج، فخروج مسلمة تخاف الله، وبضوابط شرعية، ومن ذلك لا يجوز للمرأة المسلمة أن تخرج مستعطرة ولا أن تخرج متزينة ولا يجوز عبثًا للرجال أيضًا ان يعتدوا على المرأة أو يخالطوها أو طريقها او يزاحموها في مكان مخصص لها في المتنزهات أو في السواحل أو في أي مكان كان، ومن التبيهات ليس لمن يفرح بالعيد أن يحوله إلى هم وغم وكدر وايذاء للمسلمين بسبب إطلاق النيران سواء النيران الحقيقية أو نيران كذلك معنوية بشيء من تلك الألعاب النارية لا يجوز ايذاء المسلمين ورسولنا يقول: " لا يحل لمسلم أن يروع مسلما"، فليتنبه لهذا جيدا…
… والحمد لله رب العالمين...
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁-روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
مصلّى ملعب مدينة روكب/ المكلا
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- ففي هذه الفرحة، وهذه البهجة للمسلمين بعد إكمالهم لمنسك عظيم من مناسك إسلامهم، ولركن عظيم من أركان الدين، الذي يفرح المسلم وحق له ذلك بعد إكماله لتلك العبادة: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلنا مَنسَكًا هُم ناسِكوه}، فقد جعل الله عز وجل لكل أمة من الأمم أعيادا وايامًا يفرحون ويلعبون ويسرحون ويمرحون فيها، وهذا ديننا الإسلامي خصص يومين في السنة للمسلم هما عيداه، ويأتيان بعد جهد وطاعة وعبادة، وكأن الله عز وجل لا يرتضي للمسلم أن يكون فرحه الحقيقي الا إذا عبد ربه الا إذا أطاع الله الا إذا كان في عبادة وخضوع لله عز وجل، فهنا حق له أن يفرح، وما الفرح إلا بطاعة تعالى وها نحن قد أكملنا طاعة من الطاعات فحق لنا أن نفرح، ونتجمع، ونتزين، ونخرج للصعدات في كامل الفرح والبشر والسرور والنظارة والرونق الجميل والملبس الجديد… ونبينا عليه الصلاة والسلام قال في كما في البخاري ومسلم: "لكل أمة عيداً وهذا عيدنا"، ولقد جاء وأهل الجاهلية في المدينة يلعبون في أيام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه فقالوا إنها أيام في الجاهلية نلعب فيها ونعمل كذا...، فوصفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لقد أبدلكم الله خيرًا من ذلك عيد الفطر، وعيد الأضحى"، فتأتي بعد عبادة ومشقة وصالحات وطاعاته ارتفعت من ذلك العبد، فعيد الفطر بعد صيام، وعيد الأضحى بعد حج أو في نهاية المطاف في الحج، فلهذا ليظهر المسلم مرح وفرحه: ﴿قُل بِفَضلِ اللَّهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذلِكَ فَليَفرَحوا هُوَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ﴾، هذا هو الفضل من الله هذه هي رحمة الله تظهر في اجتماع المسلمين في يوم واحد…
- وفي الحديث وإن كان ضعيفا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم وأمرتم بصيام النهار فصمتم وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم فإذا صلوا نادى مناد ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة"، لماذا؟ لأنهم أمروا بصيامهم فصاموا وأمروا بقيامهم فقاموا، فكان حقًا على الله أن يكرمهم وأن يسعدهم، هذا الثواب العظيم والنعمة الكبرى…
- ولكن أيها الإخوة الفضلاء واجب المسلم بعد إكماله للصيام وأي عبادة من العبادات أن يبقى في وجل وفي خوف أن لا يُتقبل منه تلك الأعمال وتلك الصالحات فربنا سبحانه وتعالى يقول، {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، ولو علم الإنسان حق اليقين على أن الله تقبل منه حسنة لكان حقًا عليه أن يفرح كل الفرح؛ لأن الله تقبل منه حسنة، وإذا تقبل الله من عبده حسنة فدليل على تقواه: {إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ﴾، ومعناه أنه حقق هدف الصيام وروحه وأسمى ما فيه وهي التقوى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، وكما قال ابن عمر رضي الله عنه: "لو أعلم أن الله تقبل مني حسنة لكان الموت خير غائب أنتظره"، فليكن المسلم على وجل وخوف من قبول عمله أكثر من همه لعمله، وهم القبول أعظم من هم العمل.
- ثم واجب المسلم أن لا يستكثر طاعته وعباداته وبالتالي إن فعل فكأنه يمن على الله بعباداته وطاعاته وبذلك ترد على وجهه، ﴿وَلا تَمنُن تَستَكثِرُ﴾، بل هي صفة الأعراب ﴿يَمُنّونَ عَلَيكَ أَن أَسلَموا قُل لا تَمُنّوا عَلَيَّ إِسلامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيكُم أَن هَداكُم لِلإيمانِ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾، فضلا عن أن الله تعالى قال عن المؤمنين: ﴿وَالَّذينَ يُؤتونَ ما آتَوا وَقُلوبُهُم وَجِلَةٌ أَنَّهُم إِلى رَبِّهِم راجِعونَ﴾، فقلوبهم خائفة خشية لله من أن لا تتقبل تلك الأعمال منهم، وعند الترمذي وابن ماجه عن عائشة قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : ( والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة )أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ قال : " لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات "، هؤلاء هم المؤمنون حقا… أما من يعمل الأعمال الصالحة ويحس بكبريائه، ويمن على ربه، ويذهب لفلان فيستعرض له ماذا قرأ من القرآن وكم قام من الليالي وصام من الأيام وأنفق من الأموال فليس له من الإيمان حبة خردل.. ألا فليكن المسلم خاضعًا مستكينًا لله بعد كل عبادة؛ حتى نضمن بإذن الله عز وجل القبول…
- إن المحروم أيها الكرام من حرمه الله، بل كما قال علي رضي الله عنه: من الفائز فنهنيه ومن المحروم فنعزيه، فالمحروم من حُرم الخير بعد أن فتحت له مناسك الخير بكلها، وجامعة عظيمة من أبواب الخير بشتى أنواعها وسلمت له مفاتيحها فمن دخلها ومن وجد تلك الأبواب، وفتح تلك الأقفال كالعتق من النار ومغفرة ذنوبه، من قام رمضان إيمانًا واحتسابا، من صام رمضان إيمانًا واحتسابا، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابا حتى يغفر له ذنبه، أما استحق دعوة جبريل عليه السلام وتأمين الحبيب صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف من أدركه رمضان ثم انصرف ولم يغفر له فأبعده الله قل آمين فقال صلى الله عليه وسلم آمين"، فياخسارته… من تحققت فيه ثمرة التقوى التي هي الأساس من فرض الصيام: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، فمن تحققت فيه ذلك فحق أن نبشره وأن نهنئه، أما من ضاعت أوقاته في رمضان، ومقصر في تلك الأيام الفاضلة التي أعد الله عز وجل ما لم يعده في غيره من الأشهر الأخرى، ويسّر وسهّل وهيأ رمضان كل تهيئة فغلق النيران وفتح أبواب الجنان، وصفّد الشياطين فسلط الله عز وجل عليهم الأغلال؛ حتى يكفوا عن شرورهم إكرامًا لذلك العبد وليتجهز العبد بالمسير إلى ربه، فمن عبد وصلى وصام حق له أن يفرح، ومن تكاسل وقتل وقته ونسي ربه هناك فحق على الله أن ينساه…
- ثم كم يستبشر المؤمن عندما يرى المساجد مزدحمة ما بين قارئ ومصل وذاكر وخاشع وحتى لو كان مضطجعا في المسجد فهو في صلاة ما انتظرها وما حبسته إلا هي، واضطجاعه في المسجد خير من كلام وخصام وضياع للأوقات في غيره {يَرجونَ رَحمَتَهُ وَيَخافونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحذورًا﴾، فكم فرحنا بهذا كثيرا وبحد لا يوصف، لكن النبأ المحزن والكارثة المبڤيرة والخبر المؤسف ما يرى من تراجع بعد الصيام بعد قيامه وصيامه وبعد تعبه ونصبه وبعد صلاته واستقامته وبعد دعائه وتضرعه يرجع على عقبيه: {قُل أَنَدعو مِن دونِ اللَّهِ ما لا يَنفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعقابِنا بَعدَ إِذ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِي استَهوَتهُ الشَّياطينُ فِي الأَرضِ حَيرانَ لَهُ أَصحابٌ يَدعونَهُ إِلَى الهُدَى...} فيودع الصيام حتى يأتي رمضان ويودع المصحف لأسابيع ويودع المسجد والقيام والذكر وأنواع العبادات في رمضان، وليس والله هذا شأن المؤمن الذي يعبد الله وحده على الدوام لأن الله قيوم لا ينام وموجود في جميع الشهور والأيام: ﴿وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ﴾ أي حتى يأتيك الموت… وإن صح القول فأقول وأستشهد بما قال في الصديق رضي الله عنه: " من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد ذهب، ومن كان يعبد الله فإن الله لا يذهب ولا يولي سبحانه وتعالى"، فيا عابداً لله في رمضان استمر في عبادتك في غير رمضان، فمن عبدته في رمضان هو هو ربنا سبحانه وتعالى: ﴿كُلُّ مَن عَلَيها فانٍ وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكرامِ﴾…
- لماذا الانتكاسة بعد رمـضان، أنكون كما قال الله عز وجل عن أهل قريش: ﴿وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا...}، فلا يكن المسلم كمثل هذه المرأة المجنونة يقال على أنها كان فيها جنون فكانت تتعب نفسها في الغزل في الصباح حتى المساء وإذا جاء المساء فإنها تفك ذلك الغزل فقال الله لأولئك ولا تكونوا مثل هذه المرأة التي تتعب نفسها الليل بالنهار ثم تتعب نفسها بنقض ما اصلحته، فإذا لا نتعب أنفسنا في العبادات والطاعات في رمضان ثم بعد رمضان نرجع على اعقابنا بعد اذ هدانا الله، ونخرّب ما بنينا ومخرب واحد غلب ألف عمّار كما يقال…
- إن علامة قبول فعل الطاعة المداومة عليها بعدها كما قال ابن عباس وعلامة رد الطاعة أن الإنسان يرجع عن الطاعة بعد أن أطاع الله عز وجل، ومن أراد وأحب أن يدوم الله له كما يحب فليدم ذلك العبد له كما يحب، وفي الأثر أن داود عليه السلام قال لربه سبحانه وتعالى يا ربي أريدك أن تكون لولدي سليمان كما كنت لي فقال الله: يا داود قل لولدك سليمان يكن لي كما كنت لي أكن له كما كنت لك، فالتقصير يبدأ من العبد فمن أحب أن يكون الله عز وجل معه، ويعطيه ما أحب، ويصرف عنه يكره فليدم ذلك العبد لربه، فمن استقام استقيم له ومن خلّط خُلّط عليه: ﴿وَأَن لَوِ استَقاموا عَلَى الطَّريقَةِ لَأَسقَيناهُم ماءً غَدَقًا﴾، فالاستقامة على طاعة ربنا سبحانه وتعالى ضمان لرحمة الله عز وجل علينا وفينا وإلينا ومن حولنا ومن أمامنا ومن خلفنا، لكن إذا تولينا فإنه كما في الأثر القدسي أن الله عز وجل يقول وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أحب إلى ما أكره الا تحولت عليه مما يحب إلى ما يكره، وعزتي وجلالي ما تحول عبدي مما أكره إلى ما أحب الا تحولت عليه مما يكره إلى ما يحب، إذاً من تحول من طاعة إلى معصية تحول الله مما يحب العبد إلى ما يبغض ذلك العبد، وإذا كان العكس فالعكس، فلذا من أحب أن يستمر عطاء الله ورحمة الله وهداية الله ومنة الله وكل شيء من الله فكن مع الله فمن كان الله معه كان كل شيء بإذن ربه سبحانه وتعالى معه، وكما قال ابن القيم من وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد…، وصدق الله: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم ﴾، ﴿فَذوقوا بِما نَسيتُم لِقاءَ يَومِكُم هذا إِنّا نَسيناكُم وَذوقوا عَذابَ الخُلدِ بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾، ﴿قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى﴾، ﴿وَقيلَ اليَومَ نَنساكُم كَما نَسيتُم لِقاءَ يَومِكُم هذا وَمَأواكُمُ النّارُ وَما لَكُم مِن ناصِرينَ﴾…
ـ فلا تقل وداعًا للصيام ولا وداعًا للعبادات والصلاة والخير وأهله والطاعة وشأنها ولا تودع تلك الوجوه المرضية التي كنت تراها في المسجد ثم تولي إلى الأسواق في أوقات الصلوات ينادي الأذان وكأنك لا تسمع، كأنك لست من صام وقام وعبد وتعب وانتصب... نسيت ربك فنسيته… فلذلك على العبد أن يعلم على أن نداء الله معه أينما توجه وأينما كان وفي أي شهر وفي أي وقت كان، وخير وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّت، كما في المتفق عليه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفته عائشة عمله ديمة، يعني لا ينقطع أبداً، بل كان يثبت على العمل وإن كان يسيرا، خير من أن يكثر على العمل وثم ينقطع…
- أيها المسلمون في هذا اليوم العظيم لنتذكر على أن هناك فرحة عظمى وفرحة كبرى في مثل هذه الفرحة الصغرى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول للصائم فرحتان فرحة عند فطره فهذا اليوم في هذا اليوم فرحنا ولكن على المسلم أن يتطلع لما هو أعظم وأكبر فرحة إنها فرحة لقاء ربه، للصائم فرحتان فرحة عند فطره عند لقاء ربه، فلنأمل خيراَ ولنحب لقاء الله ليحب الله لقاءنا أولاً، ولن يحب لقاء الله الا من أعد العده العظمى لأجل أن يصل إلى ذلك المصير الحتمي الإجباري الذي سيصل إليه باختلاف أعمالهم وباختلاف أجناسهم كلنا سائرون إلى ربنا سبحانه وتعالى، فلنتذكر في مثل هذا الموقف وفي هذا الاجتماع يوم العرض الأكبر، ﴿يَومَ هُم بارِزونَ لا يَخفى عَلَى اللَّهِ مِنهُم شَيءٌ لِمَنِ المُلكُ اليَومَ لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ﴾، ﴿يَومَئِذٍ تُعرَضونَ لا تَخفى مِنكُم خافِيَةٌ﴾ يوم يوم الطامة يوم الحاقة،يوم يوم يفر المرء من أخيه ذلك اليوم العظيم،﴿يَومَ تَرَونَها تَذهَلُ كُلُّ مُرضِعَةٍ عَمّا أَرضَعَت وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَملٍ حَملَها وَتَرَى النّاسَ سُكارى وَما هُم بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَديدٌ﴾، يوم يجتمع الخلائق لربهم سبحانه وتعالى في يوم المحشر منذ آدم عليه السلام الى آخر رجل في الأرض يموت، فإنهم سيجتمعون جميعا اجتماعا عاما عند ملك الملوك سبحانه وتعالى، فلنستحضر ذلك اليوم في كل مجلس جلسناه ومن كان كذلك حقًا سيعد لذلك السفر العظيم عدته واستعداده الكبرى… وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من ذكر هادم اللذات".
- ثم أيضا في هذه الفرحة وفي هذا اللقاء وفي هذا الاجتماع الشرعي الرباني لنتذكر المسلمين جميعًا لنتذكر المحتاجين لنتذكر الجرحى لنتذكر الأسرى لنتذكر الناس الذين هم في قصف ودمار وعذاب وهلاك، نتذكر المرضى، نتذكر الفقراء، نتذكر المحتاجين، نتذكر من يتمنى أن يجتمع مع اهله، من يتمنى أن يخرج من من سرير علاجه ومستشفاه وبيته إلى هذا المصلى وإلى هذا الاجتماع، إن تذكرنا فشكرنا ضمنا بقاء نعم الله لنا: {لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ﴾…
- ثم مثلما تضامنا مع الفقراء والمحتاجين بصدقة الفطرة وأغنيتموهم بعطاياكم وصدقاتكم واستجبتم لنداء الله عز وجل فلم تخرجوا إلى الصلاة الا وقد أعطيتموهم حقهم فنفذتم ما قال رسولكم صلى الله عليه وسلم: " اغنوهم عن السؤال هذا اليوم" لنغني الفقراء ولنغني الأغنياء ولنغني كل مسلم ولنغني كل طائع برحمتنا بحنانا بعطفنا بحبنا بمسامحتنا فلا يكفي والله أن نعطي الشيء بأيدينا وقلوبنا تكره العطاء، والعفو والصفح، فلا يستقيم الحال أبدا والقلب في واد والعمل في واد آخر، الا فمن استقام بلسانه وبيده فليستقم قلبه لربه سبحانه فليكرم المسلمين ولنغنيهم بالتراحم، والتزاور، وصلة الأرحام، والتقارب، والتكافل، والتصالح مع كل مسلم، ليفتح المسلم قلبه قبل يديه وقبل حضنه ليفتح قلبه لكل مسلم…
- وهنا ندائي لمن في قلبه شيء على أخيه المسلم أو جاره أو قريبه أو رحمه أو صديقه أو أي مسلم كان… لقد أتعبت نفسك في قيام وصيام وقرآن… فذاك كله وكل عمل منك غير مرفوع إلى الله تعالى حتى تصفي قلبك على أخيك المسلم : " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال : انظروا هذين حتى يصطلحا "والحديث رواه مسلم.. فالباب مغلق حتى تصلح قلبك وتعفو وتصالح إخوانك… من يحب منا عقلاً ان يداوم في شركته أو في وظيفته ويوقع على ذلك ويأتي في بداية الدوام ويخرج في نهاية الدوام ويعمل أكثر مما يعمل العاملون لكن لا يرفع لمديره شيئًا وبذلك لن يعطيه راتبًا هل يحب هذا العبد ذلك لا والله في دنيانا لا نحب، فذلك أعمالنا الصالحة إذا أردنا أن تقبل فعلينا أن نصالح إخواننا المسلمين أيًا كانوا ولنبتدأ بارحامنا وإن كانوا هم المقصرون المخطئون، وفي الصحيح عند مسلم أن رجلا قال : يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي . فقال : " لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك "، أي الرماد الحار، وأيضا قال صلى الله عليه وسلم: " ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعته رحمه زارها" والرحم تعلقت بعرش رب العالمين سبحانه وتعالى فأرادت من الله طلبًا أن الله عز وجل يأمر لها بصلة الناس لها فقال الله عز وجل: "ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك"، فمن يحب أن يوصله ربه سبحانه وتعالى بكل أنواع الوصل الذي يحبه ذلك العبد فليصل رحمه وبخاصة في مثل هذه الأعياد، وفي مثل هذه المناسبات، فليبتدأ رحمه فإنهم أحق الناس بصحبته، وأحق الناس بعطفه، وأحق الناس بشفقته، وأحق الناس بعفوه، فاعفوا عن الناس جميعًا واعفوا عن رحمكم خاصة، اعفوا عنهم يعفو عنكم الله، سامحوهم يسامحكم الله، اغفروا لهم ليغفر لكم الله، المسامح يسامحه الله، والكريم يكرمه الله، والعفيف يعفه الله، والمتصدق يتصدق الله عليه، والجزاء من جنس العمل كما قال الإمام النووي، عليها مدار الشريعة الإسلامية فمن وصل وصله الله، ومن عفا عفا الله عنه، ومن تكرم لأخيه تكرم الله عليه سبحانه وتعالى، وأي فضل وعظمة وإحسان أن يكون الله هو المكرم وهو المعطي وهو الراحم وهو سبحانه وتعالى العفو الغفور، فلذلك لنصالح الناس حتى تقتضي أعمالنا وحتى يرضى ربنا عنا ويغفر لنا ويرحمنا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
- عباد الله يا من صام يا من قام يا من قرأ ورتل وسجد وبكى… تذكر نعمة الله عليك وفضله ومنته وما بك من نعمه وما دفع عنك من نقمه واشكره يزدك فقد امتن على قريش فقال ﴿الَّذي أَطعَمَهُم مِن جوعٍ وَآمَنَهُم مِن خَوفٍ﴾ وإذا كان رب العالمين يعظ قريشًا بذلك فنحن أولى ونحن أحق، والنعم إذا شُكرت قرت، وإذا كُفرت فرت، والنعمة عروس مهرها الشكر، ألا فلا نكن مع فرحتنا هذه تؤدي بنا إلى هلاك بسبب كفر نعم الله عز وجل، وعدم الاستقامة على أمره كلباس غير شرعي فشباب بحلقات شيطانية ونساء بخروج متعطرات للأسواق والمنتزهات واختلاط وفساد وشر ووبال، وهي من المخالفات الشرعية المنشرة ولقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بخروجهن للصلاة تفلات، فإذا كان هذا إلى الصلاة فأعظم من ذلك أن يخرجن إلى الشواطئ وإلى السواحل وإلى المتنزهات إن كان لابد من خروج، فخروج مسلمة تخاف الله، وبضوابط شرعية، ومن ذلك لا يجوز للمرأة المسلمة أن تخرج مستعطرة ولا أن تخرج متزينة ولا يجوز عبثًا للرجال أيضًا ان يعتدوا على المرأة أو يخالطوها أو طريقها او يزاحموها في مكان مخصص لها في المتنزهات أو في السواحل أو في أي مكان كان، ومن التبيهات ليس لمن يفرح بالعيد أن يحوله إلى هم وغم وكدر وايذاء للمسلمين بسبب إطلاق النيران سواء النيران الحقيقية أو نيران كذلك معنوية بشيء من تلك الألعاب النارية لا يجوز ايذاء المسلمين ورسولنا يقول: " لا يحل لمسلم أن يروع مسلما"، فليتنبه لهذا جيدا…
… والحمد لله رب العالمين...
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁-روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
*العشر.الأواخر.فضلها.ومنزلة.ليلة.القدر.فيها.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو ...
*العشر.الأواخر.فضلها.ومنزلة.ليلة.القدر.فيها.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/kVtG-gIGjDc
*📆 تم إلقاؤها بمسجد عمر بن عبد العزيز المكلا روكب: 21/ رمضان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- أيام انقضت، وساعات ذهبت، وليالٍ تولت، وهكذا هي أعمارنا، وكأني بالناس يهنئونني بدخول رمضان وإذا بهم يهنئونني بخواتمه المباركة، وما هي الا أيام الا وهم يقولون عيدٌ مبارك وكل عام وأنتم بخير، وهكذا انقضى رمضان كما بدأ ينصرم ويتولى ويذهب، وكما ذهبت أوائله ستذهب أواخره، والسعيد من وُفّق لطاعة الله في لياليه وإنما هي:
أحلامُ ليلٍ أو كظلٍ زائل
إن اللبيب بمثلها لا يُخدع
- دنيا فانية، وأوقاتٌ ذاهبة لا شيء يبقى، كل شيء يذكرنا بمصيرنا، كل شيء يذكرنا بطريقنا الإجباري، كل شيء يذكرنا بما نحن إليه صائرون وبما هو مصيرٌ حتمي لكل واحد منا ولكل نفس منفوسة ولكل شيء مخلوقة
تمر الأيام بنا الأيام تترى
كأنما نساق والعين تنظر
فهكذا هي ساعاتنا، وهكذا هي أعمالنا، وهكذا هي أيامنا تذهب وتنقضي أمام أعيننا لا شيء هُنا يبقى: ﴿وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكرامِ﴾، ﴿كُلُّ مَن عَلَيها فانٍ﴾، أولئك يفنون، أولئك ينتهون ولا يبقى إلا ربنا ذو الجلال والإكرام جل جلاله…
- إن رمضان أيها الإخوة إنما هو صورة مصغرة لأعمارنا، وإنما أيامه هي ناطقةٌ صامتةٌ بانقضاء آجالنا، وأن هذا الشهر يذكرنا حتمًا بمصيرنا، وأننا جميعًا إلى الله نسير شئنا أم أبينا، وفي الحقيقة أنه ليس برمضان وفقط ما يذكرنا بهذا المصير الحتمي، بل كل نفس فينا، بل وكل لحظة تذكرنا بهذا، ولكننا لا نحسب إلا لشهر رمضان، لا نحسب الا لهذا الوقت وفي هذا الوقت، أما بالنسبة لغيره من أيام وأشهر فإنها تذهب عندنا ونحن لا نفكر ولا نقدر ولا نعتبر الا القليل…
- وإذا كان ابن مسعود رضي الله عنه قد قال: " لا أحزن على شيء إلا على يومٍ نَقُص فيه من أجلي، ولم يزيد فيه من عملي"، وهو ابن مسعود إمام الأمة في الزُهد والعبادة والورع والتقوى وما هو فيه من خير وصلاح، ولكن يقول هذه الكلمات فما هي كلماتنا؟ وما هي همتنا، وحرصنا وعزمنا، وما هو أنيننا لفراق هذا الشهر المبارك…
- إن رمضان بما فيه شاهدٌ لنا أو علينا، و: "كل الناس يغدو" كما في البخاري ومسلم "فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها"، فنحن بين خيارين في كل الشهر إما أن نقدم أنفسنا لربنا في طاعته وهنا عتقها، وإما أن نقدم أنفسنا في معصيته وهنا أوبقناها، فنحن بين خيارين لا ثالث لهما، إما في طاعة وإما في معصية، إما أننا ننوي الخير فنحصل عليه سواء كنا في واجبات من الأعمال، أو كنا في مباحات، فكل هذه تكون في الغدو والرواح إما أن نبيع أنفسنا لربنا، أو أن نبيعها لشيطاننا، فكل الناس يذهب، الجميع يغدو، الجميع يصبح ويمسي ولكن شتان بين أناس استغلوا أوقاتهم في طاعة ربهم، وأفنوا أعمارهم في مرضات مليكهم، وبين أناس لم يقدروا لله واجبًا، ولم يلتزموا بأوامر ربهم تبارك وتعالى، فأصبحوا تدخل عليهم الليالي والأيام لا يكون شيئًا منها لآخرتهم، وتنقضي تلك الفضائل وكأنها ليست بالأمر العظيم، وليست بالأمر الذي كانت عليه في حياة نبيهم صلى الله عليه وسلم؛ فرسولنا صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبشرى، وإن من أعظمها وأجلها وأفضلها وأنقاها هي بشرى دخول هذه الليالي المباركات بشرى يمكن للمسلم أن يختصر سنوات عمره، ويختصر أعماراً كبرى يضيفها إلى عمره الصغير…
- أيها الفضلاء: إذا كان حال رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر من إعلان حالة نفير عام لدخول مثل هذه الليالي والأيام، فما هو حالنا، وما هو نفيرُنا؟ وما هو استعدادنا، وما هي همتنا وعزيمتنا، وكم هي ذنوبنا ومعاصينا إن لم نقل وكبائرنا لكن مع هذا هل اقتربنا أم ابتعدنا، هل استغلينا أم حُرمنا وفاتنا، هل اتبعنا صلى الله عليه وسلم أم ابتعدنا…!
- فإذا كان ما سبق حال رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي ضمن الله له الجنة، والمغفرة، ومع هذا يستنفر نفسه وأهله ومن حوله من أصحابه لقيام العشر، والاهتمام بالعبادات فيها، ورفع الجاهزية الكبرى للقيام وترتيل آيات الملك العلام؛ إذ هذه هي العشر الأواخر من رمضان، فكيف تدخل مثل هذه النفحات والبركات والمنح الإلهية على خير الخلق صلى الله عليه وسلم فهو يغير من حاله وأهل بيته ويعلن حالة نفير عامة في نفسه وأهله أيضا وأصحابه يغير من نفسه يغير أيضًا من منامه ومضجعه، يغير أيضًا من تعبده وقومته، يغير صلى الله عليه وسلم من كل شيء كما قالت عائشة عند الإمام أحمد وغيره أنها قالت: "كان صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين" أي من رمضان "يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا دخلت العشر شد وجد صلى الله عليه وسلم"، تعني أنه يجتهد في العبادة، يرى من يرى من نفسه الجد والصدق والعزم والهمة وهو هو صلى الله عليه وسلم على حاله سائر إلى ربه في كل أحواله، ولكن يرى منه ذلك العمل العظيم، واللفتة الكبيرة في مثل هذه الليالي العظيمة لرسولنا صلى الله عليه وسلم، وفي البخاري ومسلم: "كان إذا دخلت العشر أيقظ أهله، وأحيا ليله، وجد وشد مئزره"، كناية أنه يعتزل نسائه ولا يقترب منهن ولا يقربن إليه عليه الصلاة والسلام، وكأنه يقول أنا فار إلى ربي فرار من الله إلى الله فلا مساس لا أحد يقرب مني ولا أقترب من أحد، بل لما جئن نساؤه صلى الله عليه وسلم إليه جميعًا يعتكفن في رمضان من الرمضانات رأى أن داره كله قد انتقل إلى المسجد فنغصن عليه حياة العبادة والطاعة فقال قولته الشهيرة عليه الصلاة والسلام والحديث في البخاري ومسلم: "آلبر يردن"، أي هل هن يردن الخير والطاعة والعبادة وبالتالي انتقلتن جميعًا إلى المسجد بجوار الاعتكاف، أم أنكن تردن الغيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرب منه ثم تذهبن عليه بلذة الخشوع والقيام والطاعة، فيرى أنه لا جديد قد انتقل الدار الى المسجد، فعطف صلى الله عليه وسلم فرشه وذهب إلى داره ولم يعتكف في تلك السنة وهي السنة الوحيدة له صلى الله عليه وسلم الذي لم يعتكف فيها فقط، ثم قضاه في شوال، أما بقية الأعوام فقد اعتكف عليه الصلاة والسلام، فإذا كان هذا هو حاله فكيف بحالنا، وما هي همتنا، وما هو عزمنا وحرصنا، وما هو اجتهادنا؟ وما هي مسابقتنا ومسارعتنا: {وَفي ذلِكَ فَليَتَنافَسِ المُتَنافِسونَ﴾، في مثل هذه الليالي في مثل هذه الساعات في مثل هذه النفحات نكابد ونجتهد ونعلن الرحيل إلى ملك الخلود جل جلاله للعبادة والطاعة فيها…
- إنها أيام العشر الأخيرة من رمضان وهي أفضل وأعظم أيام رمضان، لا العشر الأوائل أو الأواسط بل العشر الأواخر التي فيها ضمان ليلة القدر تقع فيها وهي خير من الف شهر، وما دامت كذلك فإن الليالي فاضلة، وكل تلك الساعات مباركة، وكل شيء فيها يجب أن يحسب وأن يعد وأن يكون له منزلته الكبيرة، وإن لنا أيها الأخوة في بدايتها عبر وعظة لأنها بداية عشر مباركة وهي أيضًا بداية انقضاء وانصرام لأعمال شهر هو افضل الشهور عند الله تبارك وتعالى…
- ولنا في الخيل عبرة فإنها إذا رأت نفسها قد أوشكت على الفوز بالسباق فإنها تشحذ همتها، وتستعيد نشاطها، وتجعل قوة عظمى من طاقتها وتستنفر كل قواها من أجل الفوز بأمر دنيوي عادي لا تعقل منه شيئًا ولا تنل منه خيرا، فإذا كانت هذه على ما هي من عجماوات لا تعي وليست بمكلفة فما هو حالنا مع ليالينا هذه المباركة؟ مع ليال فيها ليلة هي خير من الف شهر، ليلة مباركة فيها يفرق كل أمر حكيم، إذا كانت الخيول تفعل هذا مع سباقها في أمر تافه دنيوي لا تفقه ولا تعي ولا تأخذ من نصيبها لذلك السباق كبيرا وما صغيرا فما حالنا، وما هو عزمنا، وما هو نشاطنا، وما هي همتنا، وإلى أين نحن ذاهبون…
- أيعقل أن نجعل العشر الأواخر كالأواسط والأوائل، ايعقل أن يكون اعداد المصلين في المساجد في العشر الاوائل أكثر من العشر الأواخر، أيعقل أن يقل اعدادنا واستعدادنا وعزيمتنا وهمتنا في العشر الاواخر، ايعقل أن نزدحم في العشر الأوائل أكثر من ازدحامها في العشر الاواخر والاواسط، ايعقل أن نفر إلى الازواق ونترك العبادات والطاعات في مساجد الله، بينما رسولنا صلى الله عليه وسلم وقد لا ينصرف كليًا من الدنيا وينقطع للاخرى في مساجد الله تبارك وتعالى، ايعقل أن نصلي التراويح بأعداد يسيرة جدا ليست بأعداد المصلين في بداية رمضان، لقد فوجئت أمس الليل عندما اتيت إلى مسجد من المساجد لمحاضرة بعد التراويح فرأيت قلة قليلة من النساء اللاتي كان يزدحمن ان يزدحم المصلى بهم ولكن في البارحة اعداد لا تتجاوز سبعا يسواه، وحالهن هو حال كثير منا للأسف الشديد يذهب نحو الأسواق للتقضي للعيد ولملابس العيد ولهم الدنيا ولهم تافه بل لربما تأتيه سبع وعشرين من رمضان الليلة الفاضلة المباركة وتأتيه ليالي الأوتار وهو مشغول بالتقضي للعيد أو حول رأس من الغنم أكله فنسيه، بينما ليلة هي خير من الف شهر، أي من عمره كله لو افترضنا أنه سيتعمر ثلاث وثمانين سنة فرضًا وجدلا فإنا تلك الليالي والأيام وتلك الساعات من عمره لو افترضناها كلها كانت عبارة عن رزق رغيد وسعادة طيبة وكانت كلها عبارة عن متعة وعن هو أفضل ايام حياته عاشها لثلاث وثمانين سنة في رزقه وصحته وعافيته وغناه وجاهه ووجاهته وكل شيء من أمره، فإنها ليلة واحدة هي خير من تلك السنوات بكلها في ليلة واحدة فقط، وما دمنا لا نعلم هذه الليلة ومتى تكون فالواجب علينا أننا نجتهد في الليالي جميعًا فمن اجتهد فيها وكلها أدرك لا محالة ليلة القدر؛ فليلة القدر فيها لا تنصرف عنها أبداً وبالتالي فقد أدركها حقا، وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول كما في البخاري: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، وإذا كان حاله صلى الله عليه وسلم في ليالي عادية وفي ساعات ليست بكبيرة ولا عظيمة، في أيام الفطر حاله مع ربه ليس كأحوالنا ولا كليالينا ولا كأوقاتنا ولا كساعاتنا، وهذه شاهدة ناطقة هي عائشة رضي الله عنها تقول عندما كان صلى الله عليه وسلم في ليلة من الليالي عندها نائم قال: " يا عائشة ذريني أتعبد لربي، بالرغم أن أوقاته عبادات وكل ساعاته هي كانت على هذا الحال، فقال يا عائشة ذريني أتعبد لربي، فقالت يا رسول الله والله إني لأحب قربة وأحب ما يسرك فاذهب لعبادة ربك، فقام صلى الله عليه وسلم وتوضأ وأحسن ثم بدأ عليه الصلاة في ليلة خلوة مع ربه ومناجاة مع خالقه وتذلل مع إلهه ومليكه، ليلة قالت عنها عائشة فبكى حتى بل حجره عليه الصلاة والسلام وكان جالسًا ثم بكى صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته ثم بكى حتى بل الأرض فلم يزل على هذا حتى دخل عليه بلال وقت الفجر فقال يا رسول الله أتفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال يا بلال أفلا أكون عبداً شكورا"، فإذا كان هذا حاله في ليلة عادية ليست في ليلة القدر ولا ليالي رمضان ولا بليالي العشر ولا بشيء من هذا، فما هي ليالينا في هذه اليالي المباركة وما هي ساعاتنا، وما هي أحوالنا، وكيف هو فعلنا وعملنا، نحن المحتاجون المذنبون المقصرون الذين أسرفنا كثيراً في أمر ربنا تبارك وتعالى وفرطنا طويلاً في ساعات أعمارنا ونمنا كثيراً في كل ليالي الفطر، لربما ها هذه ليال مباركة لا يجوز أن تسوى بغيرها ولا يحل لنا أن نستهتر بها وأن نستهزأ بوجودها وكسننا نقول لربنا لا نحتاج إليها وكأننا نرفض هذه المنح الربانية، وكأننا نرفض هذه الجوائز الإلهية، وكأننا في غنى عنها فننصرف ونقول لا نريد لا نريد، هو حال ذلك الذي لم يقم ليلة القدر أو لم يكن في كل ليالي العشر لأن ليلة القدر مضمونة فيها، الا أيها الإخوة فلنشمر لطاعة ربنا في هذه الليالي، وكل التشمير فيها ولنري لله من أنفسنا خيراً لعلها تنزل ليلة القدر علينا وبالتالي نسعد سعادة لا نشقى بعدها أبدا وفي الحديث الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'إن لربكم نفحات فتعرضوا لنفحات الله، فعسى أحدكم أن تصيبه نفحة من نفحات الله، فلا يشقى بعدها أبدا".
أقول قولي هذا وأستغفر الله
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- أخيراً إن من أحسن في نهاية عمره غفر الله له ما مضى من أيامه، وقد ذكر الإمام ابن حج العسقلاني في فتح الباري أن العبرة بكمال النهايات، لا بنقصان البدايات، فمن كانت نهايته كاملة كانت نواقص أوقاته الأولى مغفورة، فإذا صح إنسان في النهاية وتعرف إلى الله ولو في آخر لحظة من عمره فمات وهو يقول لا إله إلا الله غفرله كل شيء مهما فعل ومهما ارتكب ومهما صنع ما دام وأنه وُفق لأن يقول في آخر لحظة من عمره، فالعبرة بحسن الخاتمة، فلننظر كيف نختم رمضان، وبأي شيء نختمه، فعلينا أيها الإخوة ونحن أوشكنا على الانتهاء من رمضان بما فيه ولم تتبق لنا إلا أيام معدودة فقط فما هي أعمالنا وأحوالنا وأوقاتنا، إن لم نستدرك الآن ما فات سيذهب رمضان وأواخره كما ذهب وأوئلة، ألا فلنحسن فيما بقى من لياليه وهي أعظم لياليه ليغفر لنا ما مضى، من أحسن فيما بقى غفر الله له ما مضى قاعدة متفق بين العلماء، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁-روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/kVtG-gIGjDc
*📆 تم إلقاؤها بمسجد عمر بن عبد العزيز المكلا روكب: 21/ رمضان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- أيام انقضت، وساعات ذهبت، وليالٍ تولت، وهكذا هي أعمارنا، وكأني بالناس يهنئونني بدخول رمضان وإذا بهم يهنئونني بخواتمه المباركة، وما هي الا أيام الا وهم يقولون عيدٌ مبارك وكل عام وأنتم بخير، وهكذا انقضى رمضان كما بدأ ينصرم ويتولى ويذهب، وكما ذهبت أوائله ستذهب أواخره، والسعيد من وُفّق لطاعة الله في لياليه وإنما هي:
أحلامُ ليلٍ أو كظلٍ زائل
إن اللبيب بمثلها لا يُخدع
- دنيا فانية، وأوقاتٌ ذاهبة لا شيء يبقى، كل شيء يذكرنا بمصيرنا، كل شيء يذكرنا بطريقنا الإجباري، كل شيء يذكرنا بما نحن إليه صائرون وبما هو مصيرٌ حتمي لكل واحد منا ولكل نفس منفوسة ولكل شيء مخلوقة
تمر الأيام بنا الأيام تترى
كأنما نساق والعين تنظر
فهكذا هي ساعاتنا، وهكذا هي أعمالنا، وهكذا هي أيامنا تذهب وتنقضي أمام أعيننا لا شيء هُنا يبقى: ﴿وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكرامِ﴾، ﴿كُلُّ مَن عَلَيها فانٍ﴾، أولئك يفنون، أولئك ينتهون ولا يبقى إلا ربنا ذو الجلال والإكرام جل جلاله…
- إن رمضان أيها الإخوة إنما هو صورة مصغرة لأعمارنا، وإنما أيامه هي ناطقةٌ صامتةٌ بانقضاء آجالنا، وأن هذا الشهر يذكرنا حتمًا بمصيرنا، وأننا جميعًا إلى الله نسير شئنا أم أبينا، وفي الحقيقة أنه ليس برمضان وفقط ما يذكرنا بهذا المصير الحتمي، بل كل نفس فينا، بل وكل لحظة تذكرنا بهذا، ولكننا لا نحسب إلا لشهر رمضان، لا نحسب الا لهذا الوقت وفي هذا الوقت، أما بالنسبة لغيره من أيام وأشهر فإنها تذهب عندنا ونحن لا نفكر ولا نقدر ولا نعتبر الا القليل…
- وإذا كان ابن مسعود رضي الله عنه قد قال: " لا أحزن على شيء إلا على يومٍ نَقُص فيه من أجلي، ولم يزيد فيه من عملي"، وهو ابن مسعود إمام الأمة في الزُهد والعبادة والورع والتقوى وما هو فيه من خير وصلاح، ولكن يقول هذه الكلمات فما هي كلماتنا؟ وما هي همتنا، وحرصنا وعزمنا، وما هو أنيننا لفراق هذا الشهر المبارك…
- إن رمضان بما فيه شاهدٌ لنا أو علينا، و: "كل الناس يغدو" كما في البخاري ومسلم "فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها"، فنحن بين خيارين في كل الشهر إما أن نقدم أنفسنا لربنا في طاعته وهنا عتقها، وإما أن نقدم أنفسنا في معصيته وهنا أوبقناها، فنحن بين خيارين لا ثالث لهما، إما في طاعة وإما في معصية، إما أننا ننوي الخير فنحصل عليه سواء كنا في واجبات من الأعمال، أو كنا في مباحات، فكل هذه تكون في الغدو والرواح إما أن نبيع أنفسنا لربنا، أو أن نبيعها لشيطاننا، فكل الناس يذهب، الجميع يغدو، الجميع يصبح ويمسي ولكن شتان بين أناس استغلوا أوقاتهم في طاعة ربهم، وأفنوا أعمارهم في مرضات مليكهم، وبين أناس لم يقدروا لله واجبًا، ولم يلتزموا بأوامر ربهم تبارك وتعالى، فأصبحوا تدخل عليهم الليالي والأيام لا يكون شيئًا منها لآخرتهم، وتنقضي تلك الفضائل وكأنها ليست بالأمر العظيم، وليست بالأمر الذي كانت عليه في حياة نبيهم صلى الله عليه وسلم؛ فرسولنا صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبشرى، وإن من أعظمها وأجلها وأفضلها وأنقاها هي بشرى دخول هذه الليالي المباركات بشرى يمكن للمسلم أن يختصر سنوات عمره، ويختصر أعماراً كبرى يضيفها إلى عمره الصغير…
- أيها الفضلاء: إذا كان حال رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر من إعلان حالة نفير عام لدخول مثل هذه الليالي والأيام، فما هو حالنا، وما هو نفيرُنا؟ وما هو استعدادنا، وما هي همتنا وعزيمتنا، وكم هي ذنوبنا ومعاصينا إن لم نقل وكبائرنا لكن مع هذا هل اقتربنا أم ابتعدنا، هل استغلينا أم حُرمنا وفاتنا، هل اتبعنا صلى الله عليه وسلم أم ابتعدنا…!
- فإذا كان ما سبق حال رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي ضمن الله له الجنة، والمغفرة، ومع هذا يستنفر نفسه وأهله ومن حوله من أصحابه لقيام العشر، والاهتمام بالعبادات فيها، ورفع الجاهزية الكبرى للقيام وترتيل آيات الملك العلام؛ إذ هذه هي العشر الأواخر من رمضان، فكيف تدخل مثل هذه النفحات والبركات والمنح الإلهية على خير الخلق صلى الله عليه وسلم فهو يغير من حاله وأهل بيته ويعلن حالة نفير عامة في نفسه وأهله أيضا وأصحابه يغير من نفسه يغير أيضًا من منامه ومضجعه، يغير أيضًا من تعبده وقومته، يغير صلى الله عليه وسلم من كل شيء كما قالت عائشة عند الإمام أحمد وغيره أنها قالت: "كان صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين" أي من رمضان "يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا دخلت العشر شد وجد صلى الله عليه وسلم"، تعني أنه يجتهد في العبادة، يرى من يرى من نفسه الجد والصدق والعزم والهمة وهو هو صلى الله عليه وسلم على حاله سائر إلى ربه في كل أحواله، ولكن يرى منه ذلك العمل العظيم، واللفتة الكبيرة في مثل هذه الليالي العظيمة لرسولنا صلى الله عليه وسلم، وفي البخاري ومسلم: "كان إذا دخلت العشر أيقظ أهله، وأحيا ليله، وجد وشد مئزره"، كناية أنه يعتزل نسائه ولا يقترب منهن ولا يقربن إليه عليه الصلاة والسلام، وكأنه يقول أنا فار إلى ربي فرار من الله إلى الله فلا مساس لا أحد يقرب مني ولا أقترب من أحد، بل لما جئن نساؤه صلى الله عليه وسلم إليه جميعًا يعتكفن في رمضان من الرمضانات رأى أن داره كله قد انتقل إلى المسجد فنغصن عليه حياة العبادة والطاعة فقال قولته الشهيرة عليه الصلاة والسلام والحديث في البخاري ومسلم: "آلبر يردن"، أي هل هن يردن الخير والطاعة والعبادة وبالتالي انتقلتن جميعًا إلى المسجد بجوار الاعتكاف، أم أنكن تردن الغيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرب منه ثم تذهبن عليه بلذة الخشوع والقيام والطاعة، فيرى أنه لا جديد قد انتقل الدار الى المسجد، فعطف صلى الله عليه وسلم فرشه وذهب إلى داره ولم يعتكف في تلك السنة وهي السنة الوحيدة له صلى الله عليه وسلم الذي لم يعتكف فيها فقط، ثم قضاه في شوال، أما بقية الأعوام فقد اعتكف عليه الصلاة والسلام، فإذا كان هذا هو حاله فكيف بحالنا، وما هي همتنا، وما هو عزمنا وحرصنا، وما هو اجتهادنا؟ وما هي مسابقتنا ومسارعتنا: {وَفي ذلِكَ فَليَتَنافَسِ المُتَنافِسونَ﴾، في مثل هذه الليالي في مثل هذه الساعات في مثل هذه النفحات نكابد ونجتهد ونعلن الرحيل إلى ملك الخلود جل جلاله للعبادة والطاعة فيها…
- إنها أيام العشر الأخيرة من رمضان وهي أفضل وأعظم أيام رمضان، لا العشر الأوائل أو الأواسط بل العشر الأواخر التي فيها ضمان ليلة القدر تقع فيها وهي خير من الف شهر، وما دامت كذلك فإن الليالي فاضلة، وكل تلك الساعات مباركة، وكل شيء فيها يجب أن يحسب وأن يعد وأن يكون له منزلته الكبيرة، وإن لنا أيها الأخوة في بدايتها عبر وعظة لأنها بداية عشر مباركة وهي أيضًا بداية انقضاء وانصرام لأعمال شهر هو افضل الشهور عند الله تبارك وتعالى…
- ولنا في الخيل عبرة فإنها إذا رأت نفسها قد أوشكت على الفوز بالسباق فإنها تشحذ همتها، وتستعيد نشاطها، وتجعل قوة عظمى من طاقتها وتستنفر كل قواها من أجل الفوز بأمر دنيوي عادي لا تعقل منه شيئًا ولا تنل منه خيرا، فإذا كانت هذه على ما هي من عجماوات لا تعي وليست بمكلفة فما هو حالنا مع ليالينا هذه المباركة؟ مع ليال فيها ليلة هي خير من الف شهر، ليلة مباركة فيها يفرق كل أمر حكيم، إذا كانت الخيول تفعل هذا مع سباقها في أمر تافه دنيوي لا تفقه ولا تعي ولا تأخذ من نصيبها لذلك السباق كبيرا وما صغيرا فما حالنا، وما هو عزمنا، وما هو نشاطنا، وما هي همتنا، وإلى أين نحن ذاهبون…
- أيعقل أن نجعل العشر الأواخر كالأواسط والأوائل، ايعقل أن يكون اعداد المصلين في المساجد في العشر الاوائل أكثر من العشر الأواخر، أيعقل أن يقل اعدادنا واستعدادنا وعزيمتنا وهمتنا في العشر الاواخر، ايعقل أن نزدحم في العشر الأوائل أكثر من ازدحامها في العشر الاواخر والاواسط، ايعقل أن نفر إلى الازواق ونترك العبادات والطاعات في مساجد الله، بينما رسولنا صلى الله عليه وسلم وقد لا ينصرف كليًا من الدنيا وينقطع للاخرى في مساجد الله تبارك وتعالى، ايعقل أن نصلي التراويح بأعداد يسيرة جدا ليست بأعداد المصلين في بداية رمضان، لقد فوجئت أمس الليل عندما اتيت إلى مسجد من المساجد لمحاضرة بعد التراويح فرأيت قلة قليلة من النساء اللاتي كان يزدحمن ان يزدحم المصلى بهم ولكن في البارحة اعداد لا تتجاوز سبعا يسواه، وحالهن هو حال كثير منا للأسف الشديد يذهب نحو الأسواق للتقضي للعيد ولملابس العيد ولهم الدنيا ولهم تافه بل لربما تأتيه سبع وعشرين من رمضان الليلة الفاضلة المباركة وتأتيه ليالي الأوتار وهو مشغول بالتقضي للعيد أو حول رأس من الغنم أكله فنسيه، بينما ليلة هي خير من الف شهر، أي من عمره كله لو افترضنا أنه سيتعمر ثلاث وثمانين سنة فرضًا وجدلا فإنا تلك الليالي والأيام وتلك الساعات من عمره لو افترضناها كلها كانت عبارة عن رزق رغيد وسعادة طيبة وكانت كلها عبارة عن متعة وعن هو أفضل ايام حياته عاشها لثلاث وثمانين سنة في رزقه وصحته وعافيته وغناه وجاهه ووجاهته وكل شيء من أمره، فإنها ليلة واحدة هي خير من تلك السنوات بكلها في ليلة واحدة فقط، وما دمنا لا نعلم هذه الليلة ومتى تكون فالواجب علينا أننا نجتهد في الليالي جميعًا فمن اجتهد فيها وكلها أدرك لا محالة ليلة القدر؛ فليلة القدر فيها لا تنصرف عنها أبداً وبالتالي فقد أدركها حقا، وهذا رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول كما في البخاري: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، وإذا كان حاله صلى الله عليه وسلم في ليالي عادية وفي ساعات ليست بكبيرة ولا عظيمة، في أيام الفطر حاله مع ربه ليس كأحوالنا ولا كليالينا ولا كأوقاتنا ولا كساعاتنا، وهذه شاهدة ناطقة هي عائشة رضي الله عنها تقول عندما كان صلى الله عليه وسلم في ليلة من الليالي عندها نائم قال: " يا عائشة ذريني أتعبد لربي، بالرغم أن أوقاته عبادات وكل ساعاته هي كانت على هذا الحال، فقال يا عائشة ذريني أتعبد لربي، فقالت يا رسول الله والله إني لأحب قربة وأحب ما يسرك فاذهب لعبادة ربك، فقام صلى الله عليه وسلم وتوضأ وأحسن ثم بدأ عليه الصلاة في ليلة خلوة مع ربه ومناجاة مع خالقه وتذلل مع إلهه ومليكه، ليلة قالت عنها عائشة فبكى حتى بل حجره عليه الصلاة والسلام وكان جالسًا ثم بكى صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته ثم بكى حتى بل الأرض فلم يزل على هذا حتى دخل عليه بلال وقت الفجر فقال يا رسول الله أتفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال يا بلال أفلا أكون عبداً شكورا"، فإذا كان هذا حاله في ليلة عادية ليست في ليلة القدر ولا ليالي رمضان ولا بليالي العشر ولا بشيء من هذا، فما هي ليالينا في هذه اليالي المباركة وما هي ساعاتنا، وما هي أحوالنا، وكيف هو فعلنا وعملنا، نحن المحتاجون المذنبون المقصرون الذين أسرفنا كثيراً في أمر ربنا تبارك وتعالى وفرطنا طويلاً في ساعات أعمارنا ونمنا كثيراً في كل ليالي الفطر، لربما ها هذه ليال مباركة لا يجوز أن تسوى بغيرها ولا يحل لنا أن نستهتر بها وأن نستهزأ بوجودها وكسننا نقول لربنا لا نحتاج إليها وكأننا نرفض هذه المنح الربانية، وكأننا نرفض هذه الجوائز الإلهية، وكأننا في غنى عنها فننصرف ونقول لا نريد لا نريد، هو حال ذلك الذي لم يقم ليلة القدر أو لم يكن في كل ليالي العشر لأن ليلة القدر مضمونة فيها، الا أيها الإخوة فلنشمر لطاعة ربنا في هذه الليالي، وكل التشمير فيها ولنري لله من أنفسنا خيراً لعلها تنزل ليلة القدر علينا وبالتالي نسعد سعادة لا نشقى بعدها أبدا وفي الحديث الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'إن لربكم نفحات فتعرضوا لنفحات الله، فعسى أحدكم أن تصيبه نفحة من نفحات الله، فلا يشقى بعدها أبدا".
أقول قولي هذا وأستغفر الله
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- أخيراً إن من أحسن في نهاية عمره غفر الله له ما مضى من أيامه، وقد ذكر الإمام ابن حج العسقلاني في فتح الباري أن العبرة بكمال النهايات، لا بنقصان البدايات، فمن كانت نهايته كاملة كانت نواقص أوقاته الأولى مغفورة، فإذا صح إنسان في النهاية وتعرف إلى الله ولو في آخر لحظة من عمره فمات وهو يقول لا إله إلا الله غفرله كل شيء مهما فعل ومهما ارتكب ومهما صنع ما دام وأنه وُفق لأن يقول في آخر لحظة من عمره، فالعبرة بحسن الخاتمة، فلننظر كيف نختم رمضان، وبأي شيء نختمه، فعلينا أيها الإخوة ونحن أوشكنا على الانتهاء من رمضان بما فيه ولم تتبق لنا إلا أيام معدودة فقط فما هي أعمالنا وأحوالنا وأوقاتنا، إن لم نستدرك الآن ما فات سيذهب رمضان وأواخره كما ذهب وأوئلة، ألا فلنحسن فيما بقى من لياليه وهي أعظم لياليه ليغفر لنا ما مضى، من أحسن فيما بقى غفر الله له ما مضى قاعدة متفق بين العلماء، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁-روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
...
*الصدقة.فضلها.وتنبيهات.حولها.ودخول.الدعوة.وكفالة.الدعاة.كضرورة.فيها.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/v0Rw-S0TGd0
*📆 تم إلقاؤها بمسجد عمر بن الخطاب المكلا روكب: 14/رمضان/1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإن رمضان معلم واف وإمام ناصح، ومدرسة كبرى، وجامعة فضلى، رمضان مدرسة ربانية، وجامعة إلهية، رمضان يعلمنا دروسًا لا تحصى، وعبراً لا تُنسى، وإن من أجل وأعظم وأهم تلك الدروس وهذه العبر التي يعلمناها رمضان هي ما أشار اليه ابن عباس رضي الله عنه كما في البخاري ومسلم وهو يوصف النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان في رمضان، وكيف كان تغيّره عليه الصلاة والسلام في هذا الشهر الكريم؛ فلقد كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان فقال: " كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان"، ففي كل العام كان جوادًا صلى الله عليه وسلم ولكن في خصوص رمضان جوده يزداد، جوده عطاؤه سخاؤه إنفاقه يزداد بكثرة عليه الصلاة والسلام، وإذا كان هذا حاله صلى الله عليه وسلم فما حال الناس الذين تقل نفقاتهم في غير رمضان، فكيف بشهر رمضان الذين قد لا يجودون لا بالكثير ولا بالقليل لربما، ولا يدفعون حتى فضول أموالهم لأجل إنقاذ أنفسهم: " اتقوا النار ولو بشق تمرة" كما في البخاري ومسلم، فإذا كان هذا حال من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر عليه الصلاة والسلام فما هو حالي وحالك؟ ما هي همتي وحرصي؛ لأجل أن أنال محبة ربي ورضا الله تبارك وتعالى.
- وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث عن المحبة التي هي أرفع الدرجات، وأعلى المقامات التي يريدها العباد من رب الباريات المحبة التي لا يصل إليها من الألف إلا واحد لا اثنان، ومع هذا فمرتبة المحبة يمكن إن يصل إليها بنفع الناس، بخدمة الناس، بالنظر إلى معاناة الناس، ففي الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس"، الذي ينفع الناس، الذي يسعى لخدمة الآخرين، الذي يسعى لكشف هموم الآخرين أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، لا أكثرهم عبادة وطاعة ولزومًا للمسجد بل أنفع الناس للناس هو أحب الناس إلى رب الناس: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم".
- وأيضا ورد عند البخاري ومسلم: " الساعي على الأرملة والمسكين كالصائم لا يفطر"، المتواصل للصيام الدائم للصيام في جميع أيام العام "كالصائم لا يفطر، وكالقائم لا يفتر"، يقوم الليل كله، فهذا الذي يسعى لخدمة المسكين وفي حاجة المسكين وفي سد رمق ذلك الضعيف والفقير هو أفضل حالاً وأعظم عملاً وأرفع قدراً عند رب العالمين سبحانه وتعالى من ذلك الذي يصوم النهار لا يفطر، ويقوم الليل لا يفتر.
- وعند مسلم: "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة"، في ذلك اليوم، ﴿يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخيهِ﴾،﴿وَأُمِّهِ وَأَبيهِ﴾،﴿وَصاحِبَتِهِ وَبَنيهِ﴾،{يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنيهِ﴾، بكل شيء: {يَومَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ﴾، هناك ينفعك سعيك وعملك وخدمتك للآخرين، وإعفافك للناس وسدك رمق الناس، وكشف كرب الناس، وإزالة الهموم والغموم والمعانات على الضعفاء والفقراء وما تعطيه وتجود به لهؤلاء: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله له في الدنيا وفي الآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا وفي الآخرة، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه"، فالله جل وعلا معك، وهو في عونك، يا من تفك كرب الناس فأبشر الله معك لن تمر بك أزمة مالية ثقافية علمية مجتمعية..
أي شيء كان من الأزمات التي تمر علينا ونحن جميعًا أصحاب أزمات إلا ويكون الله مع ذلك العبد بشرط أن يكون مع الآخرين يتكاتف يعطي ينفق يسأل يكف كرب الناس "والله في عون العبد ما دام العبد".
- وهذا الله تعالى في كل كتابه الكريم عندما نجد الحديث عن الجهاد في سبيل الله لا يبدأ إلا بالجهاد المالي بإخراج المال قبل إخراج النفس في سبيل الله مع أنه يصول ويجول ويقدم رأسه لكن المال أهم، ودليل الصدق لإرادة الجهاد: ﴿انفِروا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدوا بِأَموالِكُم...﴾، وهذا هو شأن القرآن في كل القرآن سوى في آية واحدة قدم النفس على المال، فالمال مقدم في كتاب الله على الجهاد في سبيل الله، وما كان هذا إلا لعظمة الإنفاق في سبيل الله؛ إذ هو بوابة صادقة صحيحة أن يقدم الإنسان نفسه رخيصة في سبيل الله عز وجل.
- إن حماية المسلمين مما تمر به من مشاكل ومدلهمات وأزمات في كل شيء، إنما هي بالنفقة في سبيل الله: ﴿الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم في سَبيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتبِعونَ ما أَنفَقوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ﴾، لا يخافون من أزمات مالية ولا خسائر تجارية ولا من أمراض صحية ولا من مشاكل اجتماعية ولا من أي شيء من نعرات الحياة الدنيوية، لا يخشعون لا يخافون لا يقلقون؛ لأنهم جادوا لله بما عندهم وبما أعطاهم وبما ملكهم تبارك وتعالى وانفقوا من ما لله الذي أعطاهم فاستحقوا الأمان، واستحقوا الجزاء في الدنيا قبل الأخرى.
- ثم ليعلم الغني أن هذا المال ليس ماله بل هو مال الله وهو خليفة عليه وأمانة لديه: ﴿وَآتوهُم مِن مالِ اللَّهِ الَّذي آتاكُم﴾، فإن خان وفرّط وبخل ولم ينفق سيسحبه الله منه يوما…
- وهذا الله ينادينا جميعًا: ﴿مَن ذَا الَّذي يُقرِضُ اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا...َ﴾، إنه الله جل وعلا: ﴿مَن ذَا الَّذي يُقرِضُ اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضعافًا كَثيرَةً ..َ﴾، وهو لا يخلف الميعاد تبارك وتعالى، ووعده مأتيا، فهو تعالى يعد وعدًا لا يُخلف أن يضاعف في ماله، في تجارته، فيما أعطاه الله، فإذا أراد المضاعفة فعليه أن يجود بماله في سبيل الله لأجل أن تتضاعف هذه الأموال وتكبر هذه التجارة وتزداد تلك الفروع ويصبح ذلك الإنسان صاحب المال القليل هو صاحب مال كثير وصاحب تجارة واسعة لأنه وسّع تجارته مع الله فكان حقًا على الله أن يوسع تجارته في الدنيا.
- بل هذا ملكان من السماء يناديان كل صباح كما في البخاري: " اللهم أعطِ منفقًا خلفًا"، انفق اخلف اعطيه وسع على أولئك الذين ينفقون، وهي دعوة ملَك من ملائكة الله الذين لا ترد لهم دعوة، لمن إنها دعوة لذلك الإنسان الذي يتصدق الذي يجود الذي يعطي من ماله، بينما يخسر خسارة كبرى من لا ينفق أن الملكين يدعوان عليه: "واعط ممسكًا تلفًا" يتلف ماله، ويخسر تجارته…
- إن الإنفاق تعليم للنفس، وتهذيب لها: {وَمَن يوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ}، الفلاح بأن تخلص نفسك من شحها من بخلها، أن تعتقها لتدخل الجنة، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر شق تمرة يدخل المسلم الجنة ويباعده عن النار فكيف بمن ينفق أكثر، وأوسع من هذا كله اذا كانت حبه تمرة تدخل صاحبها وتباعده عن النار فكيف بآلاف مؤلفة وملايين أيضًا من النفقة في سبيل الله تبارك وتعالى، كم ستنجي هذا الشخص، ولا نجاة هناك إلا بمثل هذه.
- ولهذا لا يطلب المسلم عند سكرات الموت التأخير إلا لأجل أن يتصدق: {لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحِينَ﴾، من أجل أن أقول هذا الثلث من ما لي من تركتي وقف في سبيل الله للمسجد الفلاني، للحلقة الفلانية، لهذا الداعية الفلاني، لتقام أنشطة دعوية، أو للنفقة على فقير ضعيف مسكين أو على أرملة أو على يتيم أو على أي نفقة ما دامت في سبيل الله لوجه الله يريدها العبد لله تبارك وتعالى فسيندم إن لم يفعل الآن: {لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحينَ﴾.
- وإذا كان ذلك الرجل كما في البخاري ومسلم تصدق على سارق فكتب الله له أجر صدقته، وذلك تصدق على زانية، ثم تصدق على غني فقبل الله منه تلك الصدقات جميعها بالرغم على أنها وقعت في غير محلها لكن لما صدقت نيته فلا علاقة له أين وصلت وإلى يد من وصلت ما دام وأن نيته أراد بها الله والدار الآخرة، وتحرى لمن يعطي، وصاحب الصدقة وصاحب الزكاة مع واجب أن يتحرى لكن أن تحرى أهل الخير فوضعها في أيديهم فقد برئت ذمته منها، وقُبلت صدقته من الله تعالى...
- وإننا أيها الأخوة في زمن بل في بلد يحتاج لمن يتاجرون مع الله لمن يريدون الله، لمن ينقذون أنفسهم من أهوال الدنيا والآخرة، لمن يريدون ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان: "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم"، أمتنا بحاجة لهؤلاء الذين يتاجرون مع ربهم، إذا كان النصراني قد رفع ولسنوات طِوال شعار: أنفق دولارا تنصر مسلمًا، فبأي شيء يواجه هذا التنصير، بل بأي شيء نواجه الإلحاد والعلمنة المستشرية، وبأموال طائلة أرصدت وأعدت من منظمات أجنبية كافرة مجرمة لأجلنا وتضليلنا وإخراجنا من نور نحن فيه إلى ظلمات شتى هم فيها حتى نكون وإياهم على سواء: ﴿وَدّوا لَو تَكفُرونَ كَما كَفَروا فَتَكونونَ سَواءً﴾، ﴿وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهواءَهُم بَعدَ الَّذي جاءَكَ مِنَ العِلمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصيرٍ﴾، أن هذه والله لا يقف أمامها إلا رجال صدق، دفعوا أموالهم لإخراج أمتهم مما هي فيه من جهل وظلام وظلمات دامسة حالكة أصبحت فيها، وبأمواله لينفق على أولئك الذين هم على نور وهدى وعفاف وتقى من دعوة ودعاة، على مساجد الله، على مراكز التحفيظ، على أي سبيل دعوي كان لا أن تكون النفقات حصراً على الأيتام، أو حصراً على الفقراء، أو حصراً على المساجد كما يتصور كثير من الناس يسعى لإشباع اليتيم حتى التخمة، بينما فقير ضعيف متضعف ربما يستلم راتبًا قليلاً زهيداً كما هي رواتب أغلب الناس لا يكفيه حتى لنفقته الخاصة فكيف بنفقة أهله، لا يكفيه هذا الراتب حتى لشراء الرغيف والزيت فكيف بما هو فوق ذلك، كيف بأمراضه، كيف بألامه، وإيجاره… كيف بأسرته كيف بعيده كيف بملابسه كيف بحوائجه الأخرى لا يكفيه، بينما تكدس الأموال لأناس معينين كالأيتام والأرامل مثلاً بالرغم على أنهم يستحقون أحيانًا لكن ليس إلى هذه الدرجة، بل اذكر احد الأخوة أنه قال لي مرة: أن امرأة قالت ليت أن والد أبنائي يتوفاه الله؛ كي يتصدقوا علينا، لأن الناس لا ينفقون إلا على الأيتام ولا يهتمون بالضعفاء والفقراء والمساكين، وأخرى قالت صلح حالنا بعد أن توفي زوجي، يعني زوجها كان شرا عليها ومانعا من التفات الناس لفقرهم، فهل تريد هكذا أن تكون عليه نساء الفقراء…
- كثير أولئك الذين يبادرون لإعمار المساجد، وزخرفتها، والعناية بها، لكن لو قلت له انفق على حلقة التحفيظ، أو على ذلك الداعية الذي لو لم يكن ما اهتدى الناس وعرفوا المسجد، الذي يخرج الناس من الأسواق ومن الملهيات الدنيا إلى المسجد الذي لو أمرته وبنيته وحسنته وجملته لألف عام حتى لن يأتيه الا بجهود ودعوة أولئك الدعاة الصلحاء ومن ذلك حلقات التحفيظ ومراكز الدعوة وأي شيء كان مما يجلب الناس نحو هذه المساجد التي تصبح خاوية إن لم يكن دعاة ليذكروا الناس، فكل ذلك من الزكاة...
- إن أعداء الأمة أيها الناس اليوم ينفقون الكثير والكثير من أجل إخراجنا مما نحن فيه، من أجل إضلالنا، وشيطنتنا، ومسخنا: {إِنَّ الَّذينَ كَفَروا يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّه}، ليخرجونا ما نحن فيه من عبادة وطاعة ونور وصلاة، ليصدوا عن سبيل الله جهارا نهارا، ﴿وَالَّذينَ كَفَروا بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ إِلّا تَفعَلوهُ تَكُن فِتنَةٌ فِي الأَرضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ﴾، فساد وفتنة عمياء صماء بسببنا لأننا تأخرنا عن النفقة في سبيل الله، بينما هم ينفقون كل النفقة لإخراجك من سبيل الله إلى سبيل الشيطان فهل صحينا؟ وهل تنبهنا؟وهل عرفنا الخطر المحدق بنا، والطامة أن تنزل علينا…
- والله أن كثيرا من الدعاة ليتمنى أن يجد الفتات من العيش من كفالة يسيرة ليتفرغ للدعوة إلى الله ليتفرغ لحث الناس على الخير والدين والصلاة، ليتفرغ للتنقل من هذا المسجد إلى ذلك المسجد بالمحاضرات والخواطر والدروس والمواعظ، ليقوم الليل ليحقق مسائل العلم، ويكتب، ويؤلف، أو يقرأ أو يطلع أو يكشف همًا علميًا على الأمة، ومع هذا يخاف إن سهر أن ينام عن عمله ودوامه فيقطع راتبه، نريد ذلك التاجر، والغني أن يقول أنا اكفي فلانًا من الدعوة ليتفرغ للدعوة أو في مركز التحفيظ أو ليعلم الحلقة الفلانية أو ليكون إمامًا على المسجد الفلاني أو متنقلاً في هذه المساجد داعية إلى الله أو خطيبًا أو دارسًا متعلمًا في جامعة إسلامية أو أو أو أي شيء من هذه التي هي من أعظم وأجل وأفضل ما ينفق فيها النفقات بل والزكاوات أيضا، وتوقف فيها الأوقاف، وتهب فيها الهبات، هي من أوجب ما تدفع اليه حتى الزكوات التي لا يتصور كثير من الناس أنها لهم بينما الله في كتابه الكريم جعل النفير النفيرين نفير
للجهاد في سبيل الله ونفير للجهاد الآخر في سبيل الله، وكلها في سبيل لله; ﴿وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفِروا كافَّةً فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم إِذا رَجَعوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرونَ﴾، إذاً ليس النفير إلى الجهاد ومعة السيوف والرصاص، بل النفقة في الجهاد الآخر والأكبر في الميدان العلمي، في ميدان القلم والكتاب، في ميدان القراءة والدعوة، في ميدان الدعوة والمصلحين… هو الجهاد الآخر الذي يغفل عنه كثير من الناس، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- قبل مدة سألت أحد الدعاة الذين كانوا من الخطباء والمرشدين والوعاظ من الذين يتنقلون من مسجد إلى آخر، سألته سؤالاً بعد أن خرج من تلك الدعوة كل الخروج، فقلت له يا فلان ما الذي أخرجك عن هذا الخير، وعن هذه الدعوة، وعن هذا الصلاح الذي كنت فيه وتوليت إلى عمل آخر مختلف تمامًا عما أنت فيه، فقال لي يا شيخ من يجيب لك، من يعطيك، من ينفق عليك، عملنا صحيح ولكن خرجنا إلى سلك كل البعد لأننا ما وجدنا ما نعف أنفسنا ما وجدنا ما يكفي أنفسنا وبالتالي ترك الدعوة وترك كل شيء بالرغم هو خريج علوم شرعية، أليس هذا من العيب الكبير، والإثم العظيم أن نترك هؤلاء المصلحين لمثل هذه…
- من هو ذلك التاجر من هو ذلك المنفق من هو ذلك الغني وصاحب الزكاة والوقف والهبة… الذي يقول: يا فلان أنا لا أصلح إلا للمال، لا أصلح للدعوة، ولا أصلح للخطبة، ولا أصلح للمحاضرة، لا أصلح لإمامة المسجد الفلاني، ولتدريس الحلقة الفلانية، ولا أصلح أيضًا للتحقيق العلمي، أنا إنما أصلح لأنفق مالاً لك للتتفرغ لذلك كله، فأنا سأنفق عليك فاكف هم الأمة هذا الأمر، هم العلم وهم الدعوة وهم الخروج في سبيل الله وهم التنقل في مساجد الله وهم مراكز التحفيظ، وأنا سأكفيك هم المال؛ لعل الله تبارك وتعالى أن يخلف لي خيراً، ويكتب لي ثواب كل حسنة منك وحسنات من يهتدي على يديك إلى يوم القيامة، وفي الحديث الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه رجل من صحابته فيطلب العلم عنده وكان له أخ ينفق عليه ويعطيه ويجتهد في الأرزاق ويعطي هذا الأخ الذي هو عند رسول الله متفرغ لطلب العلم، فجاء إلى النبي فقال يا رسول الله إن فلانا أخي جالس وأنا اسعى في طلب الرزق فاليخرج من عندك ليطلب الرزق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وركز على ما قال، قال: " لعلك ترزق به"، لعل رزقك يأتيك بنفقتك على هذا الداعية، على هذه الحلقة بكفالتك لذلك العالم، ليستطيع أن يتفرغ علميًا أن يتفرغ دعويا…
- وإذا كان الإمام الشافعي أيها الإخوة قد قال: والله لو كلفت أن اشتري بصلة ما فقهت العلم ولا تعلمته، وهي بصلة واحدة أن يشتريها الإمام الشافعي عليه رحمة الله لن يستطيع أن يعلم ولن يستطيع أن يدرس لأنها تنهيه وتلهيه وتبعده عن مسائل العلم وتخرجه إلى هم الرزق، فكيف بهموم وغموم وألام وحوائج وفقر… كثير من دعاتنا، وعلمائنا، ومشايخنا، بل أولئك النواب عنا، ومنهم في ثغرة كبرى يذودون عن إسلامنا ويحموننا وديننا، ومع هذا لا يستطيعون ذلك كون هموم رزقهم تشغلهم عن ذلك، إن لم يدعوا الدعوة والعلم لأجل هم الرزق، فمن يكفيهم هم الرزق من أهل المال والغنى ليكون له أجورهم وأجور من اتبعهم واهتدى على أيديهم وتعلم منهم… وهذا الإمام الشعبي عليه رحمة الله يقول: قالت للخادمة يومًا انتهى الطحين، فأنستني بهذه الكلمة ستين مسألة من مسائل العلم، فكم من مسائل نسيها أولئك الفضلاء والعلماء والدعوة بسبب مثل هذه الفواجع، والهموم…
- وأخيرًا هذا النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري ومسلم يقول: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له"، وأقسم عليها ثلاثًا أن الحديث يتحقق ويكون مئة بالمئة في أولئك الذين يطلبون العلم، أولئك الذين يكفون الناس هم الدعوة إلى الله، في أولئك الذين في مراكز التحفيظ، في أولئك الذين يتفرغون علميًا في جامعات إسلامية ليخرجوا للناس منبر نور، في أولئك العلماء، فكل أولئك ولد صالح يدعو لذلك المنفق والكافل، وهم علم ينتفع به مدى الحياة، وأيضًا فهم صدقة جارية مدى الحياة، وهذا النعمان أبو حنيفة لما رأى أن أبا يوسف تلميذه تريد أمه تخرجه من السلك العلمي للعمل كفله بعد أن قال لأمه كم يدخل عليك؟ قالت درهم في اليوم فقال علي نفقته أعطيك مقدمًا ثلاثين درهمًا في كل شهر مقدمًا ودعيه للعلم فكان أبو يوسف إماما عالما شامخا يذكر حتى اللحظة بل حامل لواء المذهب الحنفي، فخيره وحسناته وكل طاعته وكل خير علمه وعلّمه وكل حرف كتبه هو للذي كفله والمتصدق هو لذلك الكافل لأبي حنيفة، فمن يكفل أولئك الذين يدعون إلى الله ويعلمون الناس الخير ويعطون عطاءات علمية، لأجل أن يكون كل خير وكل حسنة منهم تكون للكافل مثل أجره…
- صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/v0Rw-S0TGd0
*📆 تم إلقاؤها بمسجد عمر بن الخطاب المكلا روكب: 14/رمضان/1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإن رمضان معلم واف وإمام ناصح، ومدرسة كبرى، وجامعة فضلى، رمضان مدرسة ربانية، وجامعة إلهية، رمضان يعلمنا دروسًا لا تحصى، وعبراً لا تُنسى، وإن من أجل وأعظم وأهم تلك الدروس وهذه العبر التي يعلمناها رمضان هي ما أشار اليه ابن عباس رضي الله عنه كما في البخاري ومسلم وهو يوصف النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان في رمضان، وكيف كان تغيّره عليه الصلاة والسلام في هذا الشهر الكريم؛ فلقد كان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان فقال: " كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان"، ففي كل العام كان جوادًا صلى الله عليه وسلم ولكن في خصوص رمضان جوده يزداد، جوده عطاؤه سخاؤه إنفاقه يزداد بكثرة عليه الصلاة والسلام، وإذا كان هذا حاله صلى الله عليه وسلم فما حال الناس الذين تقل نفقاتهم في غير رمضان، فكيف بشهر رمضان الذين قد لا يجودون لا بالكثير ولا بالقليل لربما، ولا يدفعون حتى فضول أموالهم لأجل إنقاذ أنفسهم: " اتقوا النار ولو بشق تمرة" كما في البخاري ومسلم، فإذا كان هذا حال من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر عليه الصلاة والسلام فما هو حالي وحالك؟ ما هي همتي وحرصي؛ لأجل أن أنال محبة ربي ورضا الله تبارك وتعالى.
- وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث عن المحبة التي هي أرفع الدرجات، وأعلى المقامات التي يريدها العباد من رب الباريات المحبة التي لا يصل إليها من الألف إلا واحد لا اثنان، ومع هذا فمرتبة المحبة يمكن إن يصل إليها بنفع الناس، بخدمة الناس، بالنظر إلى معاناة الناس، ففي الحديث الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس"، الذي ينفع الناس، الذي يسعى لخدمة الآخرين، الذي يسعى لكشف هموم الآخرين أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، لا أكثرهم عبادة وطاعة ولزومًا للمسجد بل أنفع الناس للناس هو أحب الناس إلى رب الناس: "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم".
- وأيضا ورد عند البخاري ومسلم: " الساعي على الأرملة والمسكين كالصائم لا يفطر"، المتواصل للصيام الدائم للصيام في جميع أيام العام "كالصائم لا يفطر، وكالقائم لا يفتر"، يقوم الليل كله، فهذا الذي يسعى لخدمة المسكين وفي حاجة المسكين وفي سد رمق ذلك الضعيف والفقير هو أفضل حالاً وأعظم عملاً وأرفع قدراً عند رب العالمين سبحانه وتعالى من ذلك الذي يصوم النهار لا يفطر، ويقوم الليل لا يفتر.
- وعند مسلم: "من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة"، في ذلك اليوم، ﴿يَومَ يَفِرُّ المَرءُ مِن أَخيهِ﴾،﴿وَأُمِّهِ وَأَبيهِ﴾،﴿وَصاحِبَتِهِ وَبَنيهِ﴾،{يَوَدُّ المُجرِمُ لَو يَفتَدي مِن عَذابِ يَومِئِذٍ بِبَنيهِ﴾، بكل شيء: {يَومَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ﴾، هناك ينفعك سعيك وعملك وخدمتك للآخرين، وإعفافك للناس وسدك رمق الناس، وكشف كرب الناس، وإزالة الهموم والغموم والمعانات على الضعفاء والفقراء وما تعطيه وتجود به لهؤلاء: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله له في الدنيا وفي الآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا وفي الآخرة، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه"، فالله جل وعلا معك، وهو في عونك، يا من تفك كرب الناس فأبشر الله معك لن تمر بك أزمة مالية ثقافية علمية مجتمعية..
أي شيء كان من الأزمات التي تمر علينا ونحن جميعًا أصحاب أزمات إلا ويكون الله مع ذلك العبد بشرط أن يكون مع الآخرين يتكاتف يعطي ينفق يسأل يكف كرب الناس "والله في عون العبد ما دام العبد".
- وهذا الله تعالى في كل كتابه الكريم عندما نجد الحديث عن الجهاد في سبيل الله لا يبدأ إلا بالجهاد المالي بإخراج المال قبل إخراج النفس في سبيل الله مع أنه يصول ويجول ويقدم رأسه لكن المال أهم، ودليل الصدق لإرادة الجهاد: ﴿انفِروا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدوا بِأَموالِكُم...﴾، وهذا هو شأن القرآن في كل القرآن سوى في آية واحدة قدم النفس على المال، فالمال مقدم في كتاب الله على الجهاد في سبيل الله، وما كان هذا إلا لعظمة الإنفاق في سبيل الله؛ إذ هو بوابة صادقة صحيحة أن يقدم الإنسان نفسه رخيصة في سبيل الله عز وجل.
- إن حماية المسلمين مما تمر به من مشاكل ومدلهمات وأزمات في كل شيء، إنما هي بالنفقة في سبيل الله: ﴿الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم في سَبيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتبِعونَ ما أَنفَقوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ﴾، لا يخافون من أزمات مالية ولا خسائر تجارية ولا من أمراض صحية ولا من مشاكل اجتماعية ولا من أي شيء من نعرات الحياة الدنيوية، لا يخشعون لا يخافون لا يقلقون؛ لأنهم جادوا لله بما عندهم وبما أعطاهم وبما ملكهم تبارك وتعالى وانفقوا من ما لله الذي أعطاهم فاستحقوا الأمان، واستحقوا الجزاء في الدنيا قبل الأخرى.
- ثم ليعلم الغني أن هذا المال ليس ماله بل هو مال الله وهو خليفة عليه وأمانة لديه: ﴿وَآتوهُم مِن مالِ اللَّهِ الَّذي آتاكُم﴾، فإن خان وفرّط وبخل ولم ينفق سيسحبه الله منه يوما…
- وهذا الله ينادينا جميعًا: ﴿مَن ذَا الَّذي يُقرِضُ اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا...َ﴾، إنه الله جل وعلا: ﴿مَن ذَا الَّذي يُقرِضُ اللَّهَ قَرضًا حَسَنًا فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضعافًا كَثيرَةً ..َ﴾، وهو لا يخلف الميعاد تبارك وتعالى، ووعده مأتيا، فهو تعالى يعد وعدًا لا يُخلف أن يضاعف في ماله، في تجارته، فيما أعطاه الله، فإذا أراد المضاعفة فعليه أن يجود بماله في سبيل الله لأجل أن تتضاعف هذه الأموال وتكبر هذه التجارة وتزداد تلك الفروع ويصبح ذلك الإنسان صاحب المال القليل هو صاحب مال كثير وصاحب تجارة واسعة لأنه وسّع تجارته مع الله فكان حقًا على الله أن يوسع تجارته في الدنيا.
- بل هذا ملكان من السماء يناديان كل صباح كما في البخاري: " اللهم أعطِ منفقًا خلفًا"، انفق اخلف اعطيه وسع على أولئك الذين ينفقون، وهي دعوة ملَك من ملائكة الله الذين لا ترد لهم دعوة، لمن إنها دعوة لذلك الإنسان الذي يتصدق الذي يجود الذي يعطي من ماله، بينما يخسر خسارة كبرى من لا ينفق أن الملكين يدعوان عليه: "واعط ممسكًا تلفًا" يتلف ماله، ويخسر تجارته…
- إن الإنفاق تعليم للنفس، وتهذيب لها: {وَمَن يوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ}، الفلاح بأن تخلص نفسك من شحها من بخلها، أن تعتقها لتدخل الجنة، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر شق تمرة يدخل المسلم الجنة ويباعده عن النار فكيف بمن ينفق أكثر، وأوسع من هذا كله اذا كانت حبه تمرة تدخل صاحبها وتباعده عن النار فكيف بآلاف مؤلفة وملايين أيضًا من النفقة في سبيل الله تبارك وتعالى، كم ستنجي هذا الشخص، ولا نجاة هناك إلا بمثل هذه.
- ولهذا لا يطلب المسلم عند سكرات الموت التأخير إلا لأجل أن يتصدق: {لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحِينَ﴾، من أجل أن أقول هذا الثلث من ما لي من تركتي وقف في سبيل الله للمسجد الفلاني، للحلقة الفلانية، لهذا الداعية الفلاني، لتقام أنشطة دعوية، أو للنفقة على فقير ضعيف مسكين أو على أرملة أو على يتيم أو على أي نفقة ما دامت في سبيل الله لوجه الله يريدها العبد لله تبارك وتعالى فسيندم إن لم يفعل الآن: {لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحينَ﴾.
- وإذا كان ذلك الرجل كما في البخاري ومسلم تصدق على سارق فكتب الله له أجر صدقته، وذلك تصدق على زانية، ثم تصدق على غني فقبل الله منه تلك الصدقات جميعها بالرغم على أنها وقعت في غير محلها لكن لما صدقت نيته فلا علاقة له أين وصلت وإلى يد من وصلت ما دام وأن نيته أراد بها الله والدار الآخرة، وتحرى لمن يعطي، وصاحب الصدقة وصاحب الزكاة مع واجب أن يتحرى لكن أن تحرى أهل الخير فوضعها في أيديهم فقد برئت ذمته منها، وقُبلت صدقته من الله تعالى...
- وإننا أيها الأخوة في زمن بل في بلد يحتاج لمن يتاجرون مع الله لمن يريدون الله، لمن ينقذون أنفسهم من أهوال الدنيا والآخرة، لمن يريدون ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعثمان: "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم"، أمتنا بحاجة لهؤلاء الذين يتاجرون مع ربهم، إذا كان النصراني قد رفع ولسنوات طِوال شعار: أنفق دولارا تنصر مسلمًا، فبأي شيء يواجه هذا التنصير، بل بأي شيء نواجه الإلحاد والعلمنة المستشرية، وبأموال طائلة أرصدت وأعدت من منظمات أجنبية كافرة مجرمة لأجلنا وتضليلنا وإخراجنا من نور نحن فيه إلى ظلمات شتى هم فيها حتى نكون وإياهم على سواء: ﴿وَدّوا لَو تَكفُرونَ كَما كَفَروا فَتَكونونَ سَواءً﴾، ﴿وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلَا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُم قُل إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعتَ أَهواءَهُم بَعدَ الَّذي جاءَكَ مِنَ العِلمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا نَصيرٍ﴾، أن هذه والله لا يقف أمامها إلا رجال صدق، دفعوا أموالهم لإخراج أمتهم مما هي فيه من جهل وظلام وظلمات دامسة حالكة أصبحت فيها، وبأمواله لينفق على أولئك الذين هم على نور وهدى وعفاف وتقى من دعوة ودعاة، على مساجد الله، على مراكز التحفيظ، على أي سبيل دعوي كان لا أن تكون النفقات حصراً على الأيتام، أو حصراً على الفقراء، أو حصراً على المساجد كما يتصور كثير من الناس يسعى لإشباع اليتيم حتى التخمة، بينما فقير ضعيف متضعف ربما يستلم راتبًا قليلاً زهيداً كما هي رواتب أغلب الناس لا يكفيه حتى لنفقته الخاصة فكيف بنفقة أهله، لا يكفيه هذا الراتب حتى لشراء الرغيف والزيت فكيف بما هو فوق ذلك، كيف بأمراضه، كيف بألامه، وإيجاره… كيف بأسرته كيف بعيده كيف بملابسه كيف بحوائجه الأخرى لا يكفيه، بينما تكدس الأموال لأناس معينين كالأيتام والأرامل مثلاً بالرغم على أنهم يستحقون أحيانًا لكن ليس إلى هذه الدرجة، بل اذكر احد الأخوة أنه قال لي مرة: أن امرأة قالت ليت أن والد أبنائي يتوفاه الله؛ كي يتصدقوا علينا، لأن الناس لا ينفقون إلا على الأيتام ولا يهتمون بالضعفاء والفقراء والمساكين، وأخرى قالت صلح حالنا بعد أن توفي زوجي، يعني زوجها كان شرا عليها ومانعا من التفات الناس لفقرهم، فهل تريد هكذا أن تكون عليه نساء الفقراء…
- كثير أولئك الذين يبادرون لإعمار المساجد، وزخرفتها، والعناية بها، لكن لو قلت له انفق على حلقة التحفيظ، أو على ذلك الداعية الذي لو لم يكن ما اهتدى الناس وعرفوا المسجد، الذي يخرج الناس من الأسواق ومن الملهيات الدنيا إلى المسجد الذي لو أمرته وبنيته وحسنته وجملته لألف عام حتى لن يأتيه الا بجهود ودعوة أولئك الدعاة الصلحاء ومن ذلك حلقات التحفيظ ومراكز الدعوة وأي شيء كان مما يجلب الناس نحو هذه المساجد التي تصبح خاوية إن لم يكن دعاة ليذكروا الناس، فكل ذلك من الزكاة...
- إن أعداء الأمة أيها الناس اليوم ينفقون الكثير والكثير من أجل إخراجنا مما نحن فيه، من أجل إضلالنا، وشيطنتنا، ومسخنا: {إِنَّ الَّذينَ كَفَروا يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّه}، ليخرجونا ما نحن فيه من عبادة وطاعة ونور وصلاة، ليصدوا عن سبيل الله جهارا نهارا، ﴿وَالَّذينَ كَفَروا بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ إِلّا تَفعَلوهُ تَكُن فِتنَةٌ فِي الأَرضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ﴾، فساد وفتنة عمياء صماء بسببنا لأننا تأخرنا عن النفقة في سبيل الله، بينما هم ينفقون كل النفقة لإخراجك من سبيل الله إلى سبيل الشيطان فهل صحينا؟ وهل تنبهنا؟وهل عرفنا الخطر المحدق بنا، والطامة أن تنزل علينا…
- والله أن كثيرا من الدعاة ليتمنى أن يجد الفتات من العيش من كفالة يسيرة ليتفرغ للدعوة إلى الله ليتفرغ لحث الناس على الخير والدين والصلاة، ليتفرغ للتنقل من هذا المسجد إلى ذلك المسجد بالمحاضرات والخواطر والدروس والمواعظ، ليقوم الليل ليحقق مسائل العلم، ويكتب، ويؤلف، أو يقرأ أو يطلع أو يكشف همًا علميًا على الأمة، ومع هذا يخاف إن سهر أن ينام عن عمله ودوامه فيقطع راتبه، نريد ذلك التاجر، والغني أن يقول أنا اكفي فلانًا من الدعوة ليتفرغ للدعوة أو في مركز التحفيظ أو ليعلم الحلقة الفلانية أو ليكون إمامًا على المسجد الفلاني أو متنقلاً في هذه المساجد داعية إلى الله أو خطيبًا أو دارسًا متعلمًا في جامعة إسلامية أو أو أو أي شيء من هذه التي هي من أعظم وأجل وأفضل ما ينفق فيها النفقات بل والزكاوات أيضا، وتوقف فيها الأوقاف، وتهب فيها الهبات، هي من أوجب ما تدفع اليه حتى الزكوات التي لا يتصور كثير من الناس أنها لهم بينما الله في كتابه الكريم جعل النفير النفيرين نفير
للجهاد في سبيل الله ونفير للجهاد الآخر في سبيل الله، وكلها في سبيل لله; ﴿وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفِروا كافَّةً فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم إِذا رَجَعوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرونَ﴾، إذاً ليس النفير إلى الجهاد ومعة السيوف والرصاص، بل النفقة في الجهاد الآخر والأكبر في الميدان العلمي، في ميدان القلم والكتاب، في ميدان القراءة والدعوة، في ميدان الدعوة والمصلحين… هو الجهاد الآخر الذي يغفل عنه كثير من الناس، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- قبل مدة سألت أحد الدعاة الذين كانوا من الخطباء والمرشدين والوعاظ من الذين يتنقلون من مسجد إلى آخر، سألته سؤالاً بعد أن خرج من تلك الدعوة كل الخروج، فقلت له يا فلان ما الذي أخرجك عن هذا الخير، وعن هذه الدعوة، وعن هذا الصلاح الذي كنت فيه وتوليت إلى عمل آخر مختلف تمامًا عما أنت فيه، فقال لي يا شيخ من يجيب لك، من يعطيك، من ينفق عليك، عملنا صحيح ولكن خرجنا إلى سلك كل البعد لأننا ما وجدنا ما نعف أنفسنا ما وجدنا ما يكفي أنفسنا وبالتالي ترك الدعوة وترك كل شيء بالرغم هو خريج علوم شرعية، أليس هذا من العيب الكبير، والإثم العظيم أن نترك هؤلاء المصلحين لمثل هذه…
- من هو ذلك التاجر من هو ذلك المنفق من هو ذلك الغني وصاحب الزكاة والوقف والهبة… الذي يقول: يا فلان أنا لا أصلح إلا للمال، لا أصلح للدعوة، ولا أصلح للخطبة، ولا أصلح للمحاضرة، لا أصلح لإمامة المسجد الفلاني، ولتدريس الحلقة الفلانية، ولا أصلح أيضًا للتحقيق العلمي، أنا إنما أصلح لأنفق مالاً لك للتتفرغ لذلك كله، فأنا سأنفق عليك فاكف هم الأمة هذا الأمر، هم العلم وهم الدعوة وهم الخروج في سبيل الله وهم التنقل في مساجد الله وهم مراكز التحفيظ، وأنا سأكفيك هم المال؛ لعل الله تبارك وتعالى أن يخلف لي خيراً، ويكتب لي ثواب كل حسنة منك وحسنات من يهتدي على يديك إلى يوم القيامة، وفي الحديث الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه رجل من صحابته فيطلب العلم عنده وكان له أخ ينفق عليه ويعطيه ويجتهد في الأرزاق ويعطي هذا الأخ الذي هو عند رسول الله متفرغ لطلب العلم، فجاء إلى النبي فقال يا رسول الله إن فلانا أخي جالس وأنا اسعى في طلب الرزق فاليخرج من عندك ليطلب الرزق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وركز على ما قال، قال: " لعلك ترزق به"، لعل رزقك يأتيك بنفقتك على هذا الداعية، على هذه الحلقة بكفالتك لذلك العالم، ليستطيع أن يتفرغ علميًا أن يتفرغ دعويا…
- وإذا كان الإمام الشافعي أيها الإخوة قد قال: والله لو كلفت أن اشتري بصلة ما فقهت العلم ولا تعلمته، وهي بصلة واحدة أن يشتريها الإمام الشافعي عليه رحمة الله لن يستطيع أن يعلم ولن يستطيع أن يدرس لأنها تنهيه وتلهيه وتبعده عن مسائل العلم وتخرجه إلى هم الرزق، فكيف بهموم وغموم وألام وحوائج وفقر… كثير من دعاتنا، وعلمائنا، ومشايخنا، بل أولئك النواب عنا، ومنهم في ثغرة كبرى يذودون عن إسلامنا ويحموننا وديننا، ومع هذا لا يستطيعون ذلك كون هموم رزقهم تشغلهم عن ذلك، إن لم يدعوا الدعوة والعلم لأجل هم الرزق، فمن يكفيهم هم الرزق من أهل المال والغنى ليكون له أجورهم وأجور من اتبعهم واهتدى على أيديهم وتعلم منهم… وهذا الإمام الشعبي عليه رحمة الله يقول: قالت للخادمة يومًا انتهى الطحين، فأنستني بهذه الكلمة ستين مسألة من مسائل العلم، فكم من مسائل نسيها أولئك الفضلاء والعلماء والدعوة بسبب مثل هذه الفواجع، والهموم…
- وأخيرًا هذا النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري ومسلم يقول: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له"، وأقسم عليها ثلاثًا أن الحديث يتحقق ويكون مئة بالمئة في أولئك الذين يطلبون العلم، أولئك الذين يكفون الناس هم الدعوة إلى الله، في أولئك الذين في مراكز التحفيظ، في أولئك الذين يتفرغون علميًا في جامعات إسلامية ليخرجوا للناس منبر نور، في أولئك العلماء، فكل أولئك ولد صالح يدعو لذلك المنفق والكافل، وهم علم ينتفع به مدى الحياة، وأيضًا فهم صدقة جارية مدى الحياة، وهذا النعمان أبو حنيفة لما رأى أن أبا يوسف تلميذه تريد أمه تخرجه من السلك العلمي للعمل كفله بعد أن قال لأمه كم يدخل عليك؟ قالت درهم في اليوم فقال علي نفقته أعطيك مقدمًا ثلاثين درهمًا في كل شهر مقدمًا ودعيه للعلم فكان أبو يوسف إماما عالما شامخا يذكر حتى اللحظة بل حامل لواء المذهب الحنفي، فخيره وحسناته وكل طاعته وكل خير علمه وعلّمه وكل حرف كتبه هو للذي كفله والمتصدق هو لذلك الكافل لأبي حنيفة، فمن يكفل أولئك الذين يدعون إلى الله ويعلمون الناس الخير ويعطون عطاءات علمية، لأجل أن يكون كل خير وكل حسنة منهم تكون للكافل مثل أجره…
- صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
*أوقاتنا.في.رمضان.كيف.تستدرك.مافات.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد ...
*أوقاتنا.في.رمضان.كيف.تستدرك.مافات.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/f3phQqazZeQ
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الصديق المكلا روكب: 7/رمضان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- ماذا لو أن رجلاً صلى الفجر في وقت العشاء، أو عكس الأمر فصلى العشاء في وقت الفجر، أو أنه أفطر قبل المغرب، أو أنه صام رمضان بكله في شوال أو في غيره من الأشهر غير رمضان، ماذا لو أن معتمرًا رأى أن يقف بعرفة في وقت عمرته ويحسبها حجه وعرفة هي عرفة موجودة في كل وقت وفي كل حين فوقف في عمرته وحسبها حجه وبالتالي لم يعد للحج أبدا، ماذا تقولون فيه؟ هل قُبلت أعماله، هل قُبلت صلواته، هل قُبل صومه، هل قبلت حجته، هل هذا الإنسان من الإسلام في شيء؟، لا وكلا والف لا إن أعماله تلك ليست بشيء، فصلاته باطلة، وصومه باطل، وحجته أيضًا باطلة، أجمع على ذلك الصغار والكبار من المسلمين العقلاء والحقراء حتى أتفه الناس من المسلمين يعلمون هذا جيداً، بل يرى بعض الفقهاء كالشافعية أن لو كبّر للإحرام قبل وقت الصلاة ثم دخل وقت الصلاة بعد أن أكمل تكبيرة الإحرام فصلاته باطلة، نعم نعم هكذا أيها الفضلاء، إن ذلك كله دليل لعظمة شيء ذلك الشيء الذي عظمه الإسلام قدسه نزهه مجده أعلى من شأنه رفع من درجته جعله في مرتبة عليا من السمو، حتى خصه بسور في كتاب الله جل جلاله وأقسم به كثيراً في القرآن الكريم، "العصر، والفجر، والليل إذا يغشى، والشمس وضحاها، والضحى" وهكذل كثير تجدون من سور القرآن على هذا المنوال بل سوراً تسمى بالأوقات، إنه الوقت إنه الزمن إنها الثواني، إنها الدقائق، إنها اللحظات، إنها كل شيء في حياتنا، أنفاسنا أعمارنا حياتنا قيمتنا كل شيء يعني فينا هي الأوقات، أعظم وأجل وأحسن وأهم شيء على الإطلاق نحتفظ به هي الأنفاس أغلى من الذهب وأغلى من كل شيء، لأن كل شيء يمكن أن يستعاد الا الوقت فلا يمكن أن يُستعاد، لا يمكن أبداً أن يُعاد، ولا والله لو اجتمع من في السماوات ومن في الأرض سوى الله جل جلاله على أن يعيدوا النفس واللحظة والثانية التي مرت قبل الآن لن يستطيعوا أبدا لو أنفقوا كل شيء، واستغرقوا كل شيء وعملوا بحذقهم وفطنتهم وكياستهم وتكنولوجياتهم وأي شيء فيهم لن يستطيعوا أن يستعيدوا ثانية مرت أبداً مهما بذلوا، هذا هو الوقت وقدره العظيم، هذه هي اللحظات هذه هي الثواني المكرمات عند رب البريات جل جلاله…
- الوقت يعني الحياة الوقت يعني انقطاع للدنيا ولا نذهب إلى دار اخرى، الوقت هو الذي يمكن به أن ندخل به الجنة أو ندخل النار، الوقت ذلك المسؤول عنه بين يدي الله جل جلاله عن أربع كل إنسان يُسأل وليس كل مسلم فحسب، عن أربع ويكون للوقت أوفر الحظ والنصيب من هذه الاسئلة بل نصف الأسئلة تذهب للوقت: "لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه"، سؤالان للوقت لعظمته، لأهميته، لقيمته، لما له عند الله وقطعًا عقلاً شرعًا نقلاً عرفًا عادة لا يمكن لأحد ولن يجيب أحد على هذه الأسئلة إلا من استغل الوقت، الا من عرف قيمة هذه الأنفاس، إلا من اهتم بعمره، الا من حسب لكل ثانية تمر، لا يمكن لأحد أن يجيب إجابة صحيحة صادقة تدخله الجنة تبيض وجهه في ذلك اليوم إلا ذلك الإنسان الذي عرف قيمة الأوقات في الدنيا، إلا من استغل الثواني، إلا من اهتم بشؤون نفسه ولم يفرط في وقته أبدا…
- إن الوقت أيها الأخوة وأتحدث عن الوقت في كل وقت في رمضان وفي غير رمضان عن كل نفس فينا فكيف بأزمان فاضلة جعلها الله لنا، واختصنا بها، ومنحنا إياها كهدية ربانية، ومنحة سماوية، الوقت هو ذلك المغبون فيه كما في البخاري، كثير من الناس مغبون فيه خاسر ضائع محسود عليه، لكنه مضيع لوقته…
- يجعل كثير من الناس لرياضته لكرة القدم لكلامه لأصدقائه للعبه للهوه لنومه لأكله لشربه لأسواقه لحياته الدنيا كل الوقت، بينما لو حصرت الوقت الذي استغرقه لطاعة ربه، بل لحياته الحقيقية: ﴿يَقولُ يا لَيتَني قَدَّمتُ لِحَياتي﴾، أي أن كل حياة قبل ذلك فليست بحياة وإن سميت في أعراف الناس حياة لكنها ليست حياته؛ لأنه لم يقدم لها شيئًا، عمره الحقيقي ذهب في دنياه ذهب عند هذا وذاك، الساعة اللحظات الأيام بل سنوات تمضي على كثير منا لم يصنع مستقبل حياته، لم ينجز إنجازًا يبيض وجهه في الدنيا وفي الآخرة، كثير أولئك هم البطالون هم المسوفون هم المتقاعسون، من أهملوا أوقاتهم ولا يعرفون حرماتها أبدا، كثير هم أولئك الناس الذين اضاعوا كل شيء فيهم، ولم يصنعوا مستقبل حياتهم، لا حياتهم الدنيا ولا الأخرى، كثير هم أولئك الناس الذين أضاعوا أعمارهم في القيل والقال وكثرة السؤال والتسكع في الشوارع وعند الآخرين، ولا يعرفون مساجد الله ولا ترتيل آيات الله ولم يستغلوا أوقاتهم حتى لما فيه نفع أنفسهم وأوطانهم وأمتهم، لم يعرفوا قدر الثانية وقدر الأزمان وقدر كل شيء أبداً…
- هذا الحسن البصري رحمه الله يقول عن سلف مضى عن من اهتموا بأوقاتهم أعظم اهتمام، وأجل اهتمام، يقول لهم مخاطبًا: "أدركت أقوامًا - أي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبار التابعين- أدركت أقوامًا كانوا أشد حرصًا على أوقاتهم منكم على دنانيركم ودراهمكم"، كانوا أكثر حرصًا على أوقاتهم منا على دنانيرنا وعلى أموالنا وعلى حياتنا أيًا كان فيها من عظائم، هو يخاطب أولئك الناس العظماء الذين صنعوا مجد أمتهم، وحضارة أوطانهم… لكنه يقول ذلك لهم، ماذا لو أن الحسن البصري الآن وجِد في زماننا وتحدث عنا وخاطبنا وقال لنا هذه الكلمات، ماذا عساه أن يقول لأولئك الذين أضاعوا ليلهم بنهارهم، ماذا عساه أن يقول لأولئك الذين قتلوا أوقاتهم وأضاعوا كل شيء فيهم، ماذا يقول لأولئك الذين جعلوا الرياضة أو جعلوا الفن او جعلوا الهاتف او جعلوا التلفون أو المسلسلات أو الأصدقاء أو الشوارع أو البوفيات أو المقاهي والمنتزهات أو شاشات العرض في الشوارع والممرات أو هنا وهناك جعلوا لها أعظم وأكثر الأوقات، ماذا يقول لأولئك الذين ذهبت ساعاتهم وهم يشاهدون المباريات، وعلى الشوارع يتسكعون هنا وهناك، ماذا يكون لي ولك وقد أضعنا كل فرصة في حياتنا ولم نغتنم أوقاتنا، ماذا يقول لنا إذاً أيها الأخوة وكم أضعنا، وكم لهونا، وكم ذهبت أعمارنا ونحن لم نقدرها حق قدرها…
- لا أقول هذا عن الشباب بل أخاطب حتى كبار السن ربما يأتيني ظرف أحيانًا فأمر السوق في السنة أو في الشهر فاستحي عندما أنظر لكبار السن من مثله يجب وليس ينبغي وفقط بل يجب أن يكون بمسبحته وسجادته وبمصحفه وفي المسجد، لكني أجده واستحي وهو على أرصفة الشوارع يلعب ضمنه، أو يلعب من تلك الألعاب الحقيقي أو في الجوال وكأنه شباب لا يعرف قدر وقته، ولا يعرف على أن ملك الموت أقرب إليه من أي أحد كائنا من كان، لم يقدّر وقته لم يعرف عظمة ما هو فيه وما كتب له: {أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ فَذوقوا فَما لِلظّالِمينَ مِن نَصيرٍ}، يقول الله هذا لأهل النار كأعظم جواب وأفحم جواب عليهم بعد أن يقولوا: {وَهُم يَصطَرِخونَ فيها رَبَّنا أَخرِجنا نَعمَل صالِحًا غَيرَ الَّذي كُنّا نَعمَل}قال {أَوَلَم نُعَمِّركُم..} فقط يكفي هذه الإجابة الصارمة: التعمير البقاء في الحياة هو الجواب الكافي، عمرك أين قضيته، ساعاتك أين ذهبت، ثوانيك أين راحت، ولن ننسى السؤالين السابقين عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، يستهين كثير منا بأوقاتهم، يستهين الشيبان والصغار والكبار الذكور والإناث في مجتمعاتنا بأوقاتهم ولم يعرفوا بعد قدرها ولم يعطوها حقها ولم يعظموها حق عظمتها، فنستحق الضياع من الله جل جلاله وكل الضياع لأننا أضعنا أعمارنا وأوقاتنا، لأننا لم نهتم بهذه فكان الضياع علينا…
- أيها المؤمنون عباد الله: إن "من علامة المقت إضاعة الوقت" كما قال ابن القيم عليه رحمة الله من علامة المقت إضاعة الوقت أي من علامة غضب الله على العبد أن يضيع وقته وأن ينشغل في غير ما فيه فائدة له في دنياه وأخراه، من علامة الخسران من علامة الضياع من علامة الإعراض من الله للعبد أن يشغل وقته في غير طاعته، وأن يلهيه في غير مسجده، وأن يقضيه في غير عبادته، وأن يذهب هنا وهناك ولا يقدر وقته حق قدرها، أن ينزعج من إطالة صلاة التراويح لأقل من ساعة، ونصف صفحة إلى صفحة في الركعة بينما لا ينزعج لو وقف ساعة يكلم صديقه..
- علامة لغضب الله على العبد أن تراه في رمضان في القيل والقال، أن تراه في رمضان في المسجد متكلما وفي المؤخرة متحدثًا أو نائمًا ولمصحفه حتى في رمضان هاجراً، وإن جاء للمسجد جاء مؤذيًا، وإن خرج منه خرج عاصيًا، أُناس كثير هم هؤلاء لا يعرفون لرمضان حرمة ولا لأزمانهم عظمة لم يقدروا حق أي شيء هو لله صرفوا كل شيء فيهم لأجل دنياهم لأجل توافه حياتهم لم يعرفوا الله حق المعرفة، ولا والله لو أن مذنبًا في عمره كله أو أبعد من ذلك لو أن كافراً عاش مئة سنة هو عمره كله سنة في اخر ثانية عمره قال لا اله الا الله محمد رسول الله لدخل الجنة بثانية بلحظات أعرفتم قدر اللحظات، أعرفتم قدر وأهمية الأوقات ثانية لحظة دقيقة من عمر الإنسان يمكن أن يدخل بها الجنة، فكم أضعنا من جنات، وكم أدخلتنا أوقاتنا في دركات، لحظات من أعمالنا يمكن أن ترفع منازلنا عند ربنا، وأخرى تخفضنا، ما هو نصيبي ونصيب فلان وفلان مما ترك الله لنا من عمر، ما الذي فعلنا فيه؟.
- عمرنا الحقيقي هو ما استغليناه في طاعة الله جل جلاله، ولا والله لو أن متعمراً تعمر الف سنة، لكن من الف سنة لم يصل الا يومًا في خمس دقائق لكانت الالف هي عذاب عليه هي نار هي جهنم هو غضب الله عليه في الدنيا والأخرى ولم يستفد من تلك الألف إلا الخمس الدقائق التي صلى، فالعمر الحقيقي لي ولك هو ما قضيناه في طاعة الله، أما ما قضيناه في غير ذلك فهو عذاب وحساب علينا، ربما نعيش فيه كما يعيش أعزكم الله إن لم نقدر حق قدر الوقت عشنا كما تعيش أي كائنات حية، إن لم نعرف للوقت قيمة وعظمة عشنا كما يعيشون ومتنا كما تموت تلك الكائنات، وكنا مخلوق من مخلوقات الله جل جلاله، انظروا إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل لنبينا عليه الصلاة والسلام في ثلاث وعشرين سنة يحيي أمة ويصنع أمة هي خير الأمم على الإطلاق في ثلاثه وعشرين سنة عمره الحقيقي عليه الصلاة والسلام يفعل الأفاعيل فيها، الليل والنهار مشغول بأمر أمته فصنع هذه الأمة التي أعتز بأني وأنت أحد أفرادها، هذه الأمة من صُنع رجل واحد في ثلاث وعشرين سنة، فكم هو عمري وعمرك الآن، وماذا فعلنا وقدمنا وبأي شيء نصرنا ديننا؟ تعلمون على أن رجلاً من الأمة بل من صحابة رسول الله عمره في الإسلام خمس سنوات فقط يهتز لموته عرش الرحمن جل وعلا، وكن معي الآن أقول لك: عمرك الآن كم، وماذا قدمت ماذا صنعت ما هو الشيء الذي تقدر ترفع رأسك به وتقول الحمدلله والله فعلت كذا وكذا ومستعد أقدم على الله تعالى به، لا نقول أن يهتز لموتنا عرش الرحمن، بل نحن أتفه وأحقر من هذا، بل ماذا صنعنا لأمتنا، ماذا صنعنا لأنفسنا، ماذا صنعنا لأوطاننا، ماذا صنعنا لحياتنا الأخرى، كم عاش عمر بن عبدالعزيز في الخلافة قرابة سنتين وشهرين أو أقل من ذلك يُقال وثلاثون يومًا فقط، وكيف فعل وكيف غيّر سياسة أمة بأكملها، بل حولها من قرن هي القرن الثاني وأعادها لقرن الصديق والفاروق بسنوات قليلات معدودات، فالعبرة أيها الإخوة بمن صدق مع الله و"ليست العبرة بالسابق ولكن العبرة بالصادق" فمن صدق حق الصدق، من عرف كيف يستغل أوقات له وعمره هو ذلك الإنسان الناجح المقتدي بنبيه بصحابة رسوله صلى الله عليه وسلم بل بعظماء الأمة الذي يقال عنهم لو وزعت مصنفاتهم وخذ مثلا ابن الجوزي عليه رحمة الله مثلاً فضلا عن النووي ذلك الشاب الصغير، لو وزعت مصنفاته على عمره وعلى أيامه لكان كل يوم يؤلف مجلد مجلد يعني من وهو صغير طفل رضيع حتى مات، فكيف بمثل الإمام النووي الذي مات شابا ويكفيه المجموع الذي هو أعظم مؤلف في الإسلام ماذا عنه وقد مات في ثلاث وأربعين سنة، فضلا عن كتابه رياض الصالحين أو الأذكار الذي لا يخلو منه دار كما كان يقال بع الدار واشتري الأذكار، هؤلاء العظماء الذين قدروا أوقاتهم وعرفوا قيمتها صنعوا مجد أمتهم وخلدو تاريخًا بالذهب لأسمائهم، وأرادوا الله والدار الآخرة، فكان الناس أيضًا يريدونهم، فماذا صنعنا؟ لنتساءل كثيراً عن هذا، وما الوقت الذي قضيناه لربنا، لمساجدنا لكتاب ربنا جل جلاله لحياتنا الأخرى ما الذي عملنا؟ ما الذي صنعناه؟ ما الدقائق واللحظات التي قضيناها لذلك اليوم العظيم: ﴿يَومَ تَبيَضُّ وُجوهٌ وَتَسوَدُّ وُجوهٌ﴾.
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- كم وكم أضعنا من أوقات، كم استنزفنا من ساعات، ربما موظف يعمل في وظيفته على أساس أنه يداوم ست ساعات لكن تجد الإنجاز في الست الساعات إنما هي خمس دقائق إلى عشر دقائق إلى ساعة واحدة بالكثير، والباقي لهاتفه لكلامه لزياراته لكشحته أمام الموظفين وقل عن غيره عن أوقاتنا في بيوتنا، عن أوقاتنا في مساجدنا في شوارعنا في كل شيء منا، كم استنزفنا من أوقات، وكم ضاعت علينا من أعمار، وكم راحت علينا من ثوان وأنفاس، وهذا ابن مسعود يقول "لا أحزن على شيء إلا على يوم غربت شمسه نقص فيه من أجلي ولم يزدد فيه من عملي"، وهذا ابن مسعود فكيف بنا، وماذا عنا، وماذا عسانا نقول لا يوما بل لا نحزن إلا على سنوات…، وإذا كان أهل الجنة في الجنة كما في الحديث الصحيح لا يندمون إلا على ساعة مرت لم يذكروا الله فيها فكيف بأهل النار، وعلى ماذا سيندمون….
- ألا فلنستغل ما بقي من أعمارنا، والعبرة بالصادق لا بالسابق، فلنستردها حق الاسترداد بالصدق مع الله من الآن، ولنعرف قدر الوقت ولو كان من الآن؛ فيمكن يمكن أن نصنع عظمة، وهذا العز بن عبد السلام صانع فخر الأمة بل يسمى بسلطان العلماء، بل أكثر من هذا بايع الأمراء الذين يستحقون كل بيع، السلطان العز بن عبد السلام رحمه الله بل ورضي عنه لم يطلب العلم الا بعد الخمسين، كان جاهلاً إنسانًا عاديًا لا يعرف كوعه من بوعه لكنه عرف قدر وقته فانتبه له بعد الخمسين فكان صانع الأمة وأيضًا من بائع الأمراء وأيضًا سلطان العلماء، هذا العز ابن عبد السلام وهي قصتي وقصتك وقصة كل أحد منا أضاع وقته قبل يمكن أن يصنع شيئًا لنفسه لحياته لأمته لوطنه لآخرته لجنته لكل شيء يمكن أن يصنعه ولو بدقائق ولو بلحظات ولو بثوان ولو بساعات معدودات، فلا يعرف ما الذي يكتب الله له خيره، وما الذي يكتب الله له أثره، وما الذي يدخله الجنة…
- ونحن في رمضان أيها الإخوة ورمضان شهرٌ فاضل عظيم حبيب إلى ربنا جل جلاله، فواجبنا ولو أن نستغل طاعات رمضان ولو أن نستغل الفرص والمنح التي وهبنا الله تبارك وتعالى في هذا الشهر الكريم ولا نعرض عن الله فيه، ولا نقبل عطيته، ومنحته، ثم بالتالي سيعرض عنا كل العام، ولا ينصرم منا كما انصرمت أوائله، ومن الطبيعي على من لم يحتفط من أوقاته في خير وطاعة فإن رمضان سيضيع عليه لأن السيئات تتداعى والحسنات تتداعى، ألا فلنداعِ حسناتنا وليس العكس، فلنعمل خيرا، ولنفعل شيئًا لا لأحد بل لأنفسنا: ﴿وَما تُقَدِّموا لِأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾، ﴿فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ وَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾، فلنفعل ما يجب علينا فعله، ولنقدر للوقت حق قدره؛ حتى نلاقي الله تبارك وتعالى ونحن نحسن الجواب على تلك الأسئلة عن الأوقات: ﴿وَقِفوهُم إِنَّهُم مَسئولونَ﴾، ومن الأسئلة تلك: " عن فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه".
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/f3phQqazZeQ
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الصديق المكلا روكب: 7/رمضان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- ماذا لو أن رجلاً صلى الفجر في وقت العشاء، أو عكس الأمر فصلى العشاء في وقت الفجر، أو أنه أفطر قبل المغرب، أو أنه صام رمضان بكله في شوال أو في غيره من الأشهر غير رمضان، ماذا لو أن معتمرًا رأى أن يقف بعرفة في وقت عمرته ويحسبها حجه وعرفة هي عرفة موجودة في كل وقت وفي كل حين فوقف في عمرته وحسبها حجه وبالتالي لم يعد للحج أبدا، ماذا تقولون فيه؟ هل قُبلت أعماله، هل قُبلت صلواته، هل قُبل صومه، هل قبلت حجته، هل هذا الإنسان من الإسلام في شيء؟، لا وكلا والف لا إن أعماله تلك ليست بشيء، فصلاته باطلة، وصومه باطل، وحجته أيضًا باطلة، أجمع على ذلك الصغار والكبار من المسلمين العقلاء والحقراء حتى أتفه الناس من المسلمين يعلمون هذا جيداً، بل يرى بعض الفقهاء كالشافعية أن لو كبّر للإحرام قبل وقت الصلاة ثم دخل وقت الصلاة بعد أن أكمل تكبيرة الإحرام فصلاته باطلة، نعم نعم هكذا أيها الفضلاء، إن ذلك كله دليل لعظمة شيء ذلك الشيء الذي عظمه الإسلام قدسه نزهه مجده أعلى من شأنه رفع من درجته جعله في مرتبة عليا من السمو، حتى خصه بسور في كتاب الله جل جلاله وأقسم به كثيراً في القرآن الكريم، "العصر، والفجر، والليل إذا يغشى، والشمس وضحاها، والضحى" وهكذل كثير تجدون من سور القرآن على هذا المنوال بل سوراً تسمى بالأوقات، إنه الوقت إنه الزمن إنها الثواني، إنها الدقائق، إنها اللحظات، إنها كل شيء في حياتنا، أنفاسنا أعمارنا حياتنا قيمتنا كل شيء يعني فينا هي الأوقات، أعظم وأجل وأحسن وأهم شيء على الإطلاق نحتفظ به هي الأنفاس أغلى من الذهب وأغلى من كل شيء، لأن كل شيء يمكن أن يستعاد الا الوقت فلا يمكن أن يُستعاد، لا يمكن أبداً أن يُعاد، ولا والله لو اجتمع من في السماوات ومن في الأرض سوى الله جل جلاله على أن يعيدوا النفس واللحظة والثانية التي مرت قبل الآن لن يستطيعوا أبدا لو أنفقوا كل شيء، واستغرقوا كل شيء وعملوا بحذقهم وفطنتهم وكياستهم وتكنولوجياتهم وأي شيء فيهم لن يستطيعوا أن يستعيدوا ثانية مرت أبداً مهما بذلوا، هذا هو الوقت وقدره العظيم، هذه هي اللحظات هذه هي الثواني المكرمات عند رب البريات جل جلاله…
- الوقت يعني الحياة الوقت يعني انقطاع للدنيا ولا نذهب إلى دار اخرى، الوقت هو الذي يمكن به أن ندخل به الجنة أو ندخل النار، الوقت ذلك المسؤول عنه بين يدي الله جل جلاله عن أربع كل إنسان يُسأل وليس كل مسلم فحسب، عن أربع ويكون للوقت أوفر الحظ والنصيب من هذه الاسئلة بل نصف الأسئلة تذهب للوقت: "لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه"، سؤالان للوقت لعظمته، لأهميته، لقيمته، لما له عند الله وقطعًا عقلاً شرعًا نقلاً عرفًا عادة لا يمكن لأحد ولن يجيب أحد على هذه الأسئلة إلا من استغل الوقت، الا من عرف قيمة هذه الأنفاس، إلا من اهتم بعمره، الا من حسب لكل ثانية تمر، لا يمكن لأحد أن يجيب إجابة صحيحة صادقة تدخله الجنة تبيض وجهه في ذلك اليوم إلا ذلك الإنسان الذي عرف قيمة الأوقات في الدنيا، إلا من استغل الثواني، إلا من اهتم بشؤون نفسه ولم يفرط في وقته أبدا…
- إن الوقت أيها الأخوة وأتحدث عن الوقت في كل وقت في رمضان وفي غير رمضان عن كل نفس فينا فكيف بأزمان فاضلة جعلها الله لنا، واختصنا بها، ومنحنا إياها كهدية ربانية، ومنحة سماوية، الوقت هو ذلك المغبون فيه كما في البخاري، كثير من الناس مغبون فيه خاسر ضائع محسود عليه، لكنه مضيع لوقته…
- يجعل كثير من الناس لرياضته لكرة القدم لكلامه لأصدقائه للعبه للهوه لنومه لأكله لشربه لأسواقه لحياته الدنيا كل الوقت، بينما لو حصرت الوقت الذي استغرقه لطاعة ربه، بل لحياته الحقيقية: ﴿يَقولُ يا لَيتَني قَدَّمتُ لِحَياتي﴾، أي أن كل حياة قبل ذلك فليست بحياة وإن سميت في أعراف الناس حياة لكنها ليست حياته؛ لأنه لم يقدم لها شيئًا، عمره الحقيقي ذهب في دنياه ذهب عند هذا وذاك، الساعة اللحظات الأيام بل سنوات تمضي على كثير منا لم يصنع مستقبل حياته، لم ينجز إنجازًا يبيض وجهه في الدنيا وفي الآخرة، كثير أولئك هم البطالون هم المسوفون هم المتقاعسون، من أهملوا أوقاتهم ولا يعرفون حرماتها أبدا، كثير هم أولئك الناس الذين اضاعوا كل شيء فيهم، ولم يصنعوا مستقبل حياتهم، لا حياتهم الدنيا ولا الأخرى، كثير هم أولئك الناس الذين أضاعوا أعمارهم في القيل والقال وكثرة السؤال والتسكع في الشوارع وعند الآخرين، ولا يعرفون مساجد الله ولا ترتيل آيات الله ولم يستغلوا أوقاتهم حتى لما فيه نفع أنفسهم وأوطانهم وأمتهم، لم يعرفوا قدر الثانية وقدر الأزمان وقدر كل شيء أبداً…
- هذا الحسن البصري رحمه الله يقول عن سلف مضى عن من اهتموا بأوقاتهم أعظم اهتمام، وأجل اهتمام، يقول لهم مخاطبًا: "أدركت أقوامًا - أي صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبار التابعين- أدركت أقوامًا كانوا أشد حرصًا على أوقاتهم منكم على دنانيركم ودراهمكم"، كانوا أكثر حرصًا على أوقاتهم منا على دنانيرنا وعلى أموالنا وعلى حياتنا أيًا كان فيها من عظائم، هو يخاطب أولئك الناس العظماء الذين صنعوا مجد أمتهم، وحضارة أوطانهم… لكنه يقول ذلك لهم، ماذا لو أن الحسن البصري الآن وجِد في زماننا وتحدث عنا وخاطبنا وقال لنا هذه الكلمات، ماذا عساه أن يقول لأولئك الذين أضاعوا ليلهم بنهارهم، ماذا عساه أن يقول لأولئك الذين قتلوا أوقاتهم وأضاعوا كل شيء فيهم، ماذا يقول لأولئك الذين جعلوا الرياضة أو جعلوا الفن او جعلوا الهاتف او جعلوا التلفون أو المسلسلات أو الأصدقاء أو الشوارع أو البوفيات أو المقاهي والمنتزهات أو شاشات العرض في الشوارع والممرات أو هنا وهناك جعلوا لها أعظم وأكثر الأوقات، ماذا يقول لأولئك الذين ذهبت ساعاتهم وهم يشاهدون المباريات، وعلى الشوارع يتسكعون هنا وهناك، ماذا يكون لي ولك وقد أضعنا كل فرصة في حياتنا ولم نغتنم أوقاتنا، ماذا يقول لنا إذاً أيها الأخوة وكم أضعنا، وكم لهونا، وكم ذهبت أعمارنا ونحن لم نقدرها حق قدرها…
- لا أقول هذا عن الشباب بل أخاطب حتى كبار السن ربما يأتيني ظرف أحيانًا فأمر السوق في السنة أو في الشهر فاستحي عندما أنظر لكبار السن من مثله يجب وليس ينبغي وفقط بل يجب أن يكون بمسبحته وسجادته وبمصحفه وفي المسجد، لكني أجده واستحي وهو على أرصفة الشوارع يلعب ضمنه، أو يلعب من تلك الألعاب الحقيقي أو في الجوال وكأنه شباب لا يعرف قدر وقته، ولا يعرف على أن ملك الموت أقرب إليه من أي أحد كائنا من كان، لم يقدّر وقته لم يعرف عظمة ما هو فيه وما كتب له: {أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ فَذوقوا فَما لِلظّالِمينَ مِن نَصيرٍ}، يقول الله هذا لأهل النار كأعظم جواب وأفحم جواب عليهم بعد أن يقولوا: {وَهُم يَصطَرِخونَ فيها رَبَّنا أَخرِجنا نَعمَل صالِحًا غَيرَ الَّذي كُنّا نَعمَل}قال {أَوَلَم نُعَمِّركُم..} فقط يكفي هذه الإجابة الصارمة: التعمير البقاء في الحياة هو الجواب الكافي، عمرك أين قضيته، ساعاتك أين ذهبت، ثوانيك أين راحت، ولن ننسى السؤالين السابقين عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، يستهين كثير منا بأوقاتهم، يستهين الشيبان والصغار والكبار الذكور والإناث في مجتمعاتنا بأوقاتهم ولم يعرفوا بعد قدرها ولم يعطوها حقها ولم يعظموها حق عظمتها، فنستحق الضياع من الله جل جلاله وكل الضياع لأننا أضعنا أعمارنا وأوقاتنا، لأننا لم نهتم بهذه فكان الضياع علينا…
- أيها المؤمنون عباد الله: إن "من علامة المقت إضاعة الوقت" كما قال ابن القيم عليه رحمة الله من علامة المقت إضاعة الوقت أي من علامة غضب الله على العبد أن يضيع وقته وأن ينشغل في غير ما فيه فائدة له في دنياه وأخراه، من علامة الخسران من علامة الضياع من علامة الإعراض من الله للعبد أن يشغل وقته في غير طاعته، وأن يلهيه في غير مسجده، وأن يقضيه في غير عبادته، وأن يذهب هنا وهناك ولا يقدر وقته حق قدرها، أن ينزعج من إطالة صلاة التراويح لأقل من ساعة، ونصف صفحة إلى صفحة في الركعة بينما لا ينزعج لو وقف ساعة يكلم صديقه..
- علامة لغضب الله على العبد أن تراه في رمضان في القيل والقال، أن تراه في رمضان في المسجد متكلما وفي المؤخرة متحدثًا أو نائمًا ولمصحفه حتى في رمضان هاجراً، وإن جاء للمسجد جاء مؤذيًا، وإن خرج منه خرج عاصيًا، أُناس كثير هم هؤلاء لا يعرفون لرمضان حرمة ولا لأزمانهم عظمة لم يقدروا حق أي شيء هو لله صرفوا كل شيء فيهم لأجل دنياهم لأجل توافه حياتهم لم يعرفوا الله حق المعرفة، ولا والله لو أن مذنبًا في عمره كله أو أبعد من ذلك لو أن كافراً عاش مئة سنة هو عمره كله سنة في اخر ثانية عمره قال لا اله الا الله محمد رسول الله لدخل الجنة بثانية بلحظات أعرفتم قدر اللحظات، أعرفتم قدر وأهمية الأوقات ثانية لحظة دقيقة من عمر الإنسان يمكن أن يدخل بها الجنة، فكم أضعنا من جنات، وكم أدخلتنا أوقاتنا في دركات، لحظات من أعمالنا يمكن أن ترفع منازلنا عند ربنا، وأخرى تخفضنا، ما هو نصيبي ونصيب فلان وفلان مما ترك الله لنا من عمر، ما الذي فعلنا فيه؟.
- عمرنا الحقيقي هو ما استغليناه في طاعة الله جل جلاله، ولا والله لو أن متعمراً تعمر الف سنة، لكن من الف سنة لم يصل الا يومًا في خمس دقائق لكانت الالف هي عذاب عليه هي نار هي جهنم هو غضب الله عليه في الدنيا والأخرى ولم يستفد من تلك الألف إلا الخمس الدقائق التي صلى، فالعمر الحقيقي لي ولك هو ما قضيناه في طاعة الله، أما ما قضيناه في غير ذلك فهو عذاب وحساب علينا، ربما نعيش فيه كما يعيش أعزكم الله إن لم نقدر حق قدر الوقت عشنا كما تعيش أي كائنات حية، إن لم نعرف للوقت قيمة وعظمة عشنا كما يعيشون ومتنا كما تموت تلك الكائنات، وكنا مخلوق من مخلوقات الله جل جلاله، انظروا إلى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل لنبينا عليه الصلاة والسلام في ثلاث وعشرين سنة يحيي أمة ويصنع أمة هي خير الأمم على الإطلاق في ثلاثه وعشرين سنة عمره الحقيقي عليه الصلاة والسلام يفعل الأفاعيل فيها، الليل والنهار مشغول بأمر أمته فصنع هذه الأمة التي أعتز بأني وأنت أحد أفرادها، هذه الأمة من صُنع رجل واحد في ثلاث وعشرين سنة، فكم هو عمري وعمرك الآن، وماذا فعلنا وقدمنا وبأي شيء نصرنا ديننا؟ تعلمون على أن رجلاً من الأمة بل من صحابة رسول الله عمره في الإسلام خمس سنوات فقط يهتز لموته عرش الرحمن جل وعلا، وكن معي الآن أقول لك: عمرك الآن كم، وماذا قدمت ماذا صنعت ما هو الشيء الذي تقدر ترفع رأسك به وتقول الحمدلله والله فعلت كذا وكذا ومستعد أقدم على الله تعالى به، لا نقول أن يهتز لموتنا عرش الرحمن، بل نحن أتفه وأحقر من هذا، بل ماذا صنعنا لأمتنا، ماذا صنعنا لأنفسنا، ماذا صنعنا لأوطاننا، ماذا صنعنا لحياتنا الأخرى، كم عاش عمر بن عبدالعزيز في الخلافة قرابة سنتين وشهرين أو أقل من ذلك يُقال وثلاثون يومًا فقط، وكيف فعل وكيف غيّر سياسة أمة بأكملها، بل حولها من قرن هي القرن الثاني وأعادها لقرن الصديق والفاروق بسنوات قليلات معدودات، فالعبرة أيها الإخوة بمن صدق مع الله و"ليست العبرة بالسابق ولكن العبرة بالصادق" فمن صدق حق الصدق، من عرف كيف يستغل أوقات له وعمره هو ذلك الإنسان الناجح المقتدي بنبيه بصحابة رسوله صلى الله عليه وسلم بل بعظماء الأمة الذي يقال عنهم لو وزعت مصنفاتهم وخذ مثلا ابن الجوزي عليه رحمة الله مثلاً فضلا عن النووي ذلك الشاب الصغير، لو وزعت مصنفاته على عمره وعلى أيامه لكان كل يوم يؤلف مجلد مجلد يعني من وهو صغير طفل رضيع حتى مات، فكيف بمثل الإمام النووي الذي مات شابا ويكفيه المجموع الذي هو أعظم مؤلف في الإسلام ماذا عنه وقد مات في ثلاث وأربعين سنة، فضلا عن كتابه رياض الصالحين أو الأذكار الذي لا يخلو منه دار كما كان يقال بع الدار واشتري الأذكار، هؤلاء العظماء الذين قدروا أوقاتهم وعرفوا قيمتها صنعوا مجد أمتهم وخلدو تاريخًا بالذهب لأسمائهم، وأرادوا الله والدار الآخرة، فكان الناس أيضًا يريدونهم، فماذا صنعنا؟ لنتساءل كثيراً عن هذا، وما الوقت الذي قضيناه لربنا، لمساجدنا لكتاب ربنا جل جلاله لحياتنا الأخرى ما الذي عملنا؟ ما الذي صنعناه؟ ما الدقائق واللحظات التي قضيناها لذلك اليوم العظيم: ﴿يَومَ تَبيَضُّ وُجوهٌ وَتَسوَدُّ وُجوهٌ﴾.
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- كم وكم أضعنا من أوقات، كم استنزفنا من ساعات، ربما موظف يعمل في وظيفته على أساس أنه يداوم ست ساعات لكن تجد الإنجاز في الست الساعات إنما هي خمس دقائق إلى عشر دقائق إلى ساعة واحدة بالكثير، والباقي لهاتفه لكلامه لزياراته لكشحته أمام الموظفين وقل عن غيره عن أوقاتنا في بيوتنا، عن أوقاتنا في مساجدنا في شوارعنا في كل شيء منا، كم استنزفنا من أوقات، وكم ضاعت علينا من أعمار، وكم راحت علينا من ثوان وأنفاس، وهذا ابن مسعود يقول "لا أحزن على شيء إلا على يوم غربت شمسه نقص فيه من أجلي ولم يزدد فيه من عملي"، وهذا ابن مسعود فكيف بنا، وماذا عنا، وماذا عسانا نقول لا يوما بل لا نحزن إلا على سنوات…، وإذا كان أهل الجنة في الجنة كما في الحديث الصحيح لا يندمون إلا على ساعة مرت لم يذكروا الله فيها فكيف بأهل النار، وعلى ماذا سيندمون….
- ألا فلنستغل ما بقي من أعمارنا، والعبرة بالصادق لا بالسابق، فلنستردها حق الاسترداد بالصدق مع الله من الآن، ولنعرف قدر الوقت ولو كان من الآن؛ فيمكن يمكن أن نصنع عظمة، وهذا العز بن عبد السلام صانع فخر الأمة بل يسمى بسلطان العلماء، بل أكثر من هذا بايع الأمراء الذين يستحقون كل بيع، السلطان العز بن عبد السلام رحمه الله بل ورضي عنه لم يطلب العلم الا بعد الخمسين، كان جاهلاً إنسانًا عاديًا لا يعرف كوعه من بوعه لكنه عرف قدر وقته فانتبه له بعد الخمسين فكان صانع الأمة وأيضًا من بائع الأمراء وأيضًا سلطان العلماء، هذا العز ابن عبد السلام وهي قصتي وقصتك وقصة كل أحد منا أضاع وقته قبل يمكن أن يصنع شيئًا لنفسه لحياته لأمته لوطنه لآخرته لجنته لكل شيء يمكن أن يصنعه ولو بدقائق ولو بلحظات ولو بثوان ولو بساعات معدودات، فلا يعرف ما الذي يكتب الله له خيره، وما الذي يكتب الله له أثره، وما الذي يدخله الجنة…
- ونحن في رمضان أيها الإخوة ورمضان شهرٌ فاضل عظيم حبيب إلى ربنا جل جلاله، فواجبنا ولو أن نستغل طاعات رمضان ولو أن نستغل الفرص والمنح التي وهبنا الله تبارك وتعالى في هذا الشهر الكريم ولا نعرض عن الله فيه، ولا نقبل عطيته، ومنحته، ثم بالتالي سيعرض عنا كل العام، ولا ينصرم منا كما انصرمت أوائله، ومن الطبيعي على من لم يحتفط من أوقاته في خير وطاعة فإن رمضان سيضيع عليه لأن السيئات تتداعى والحسنات تتداعى، ألا فلنداعِ حسناتنا وليس العكس، فلنعمل خيرا، ولنفعل شيئًا لا لأحد بل لأنفسنا: ﴿وَما تُقَدِّموا لِأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾، ﴿فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ وَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾، فلنفعل ما يجب علينا فعله، ولنقدر للوقت حق قدره؛ حتى نلاقي الله تبارك وتعالى ونحن نحسن الجواب على تلك الأسئلة عن الأوقات: ﴿وَقِفوهُم إِنَّهُم مَسئولونَ﴾، ومن الأسئلة تلك: " عن فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه".
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
*مدرسة.رمضان.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. ...
*مدرسة.رمضان.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/BRFQ2ozqgTI
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك: 29/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- سويعات قليلات تفصلنا عن ذلك اللقاء الكبير، عن ذلك الموعد العظيم، عن ذلك النداء الجليل، عن نداء يخترق السماء والأرض، عن نداء عظيمٌ معظم من قبل الله عز وجل: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾، عن نداء ملكوتي قدسي إلهي كبير، يسمعه المؤمنون، ويستجيب له الموحدون، يذعن له الخاضعون الذليلون، ذلك النداء هو نداء أول ليلة من رمضان، نداء: " يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر اقصر'، ذلك النداء الذي يجعله الله عز وجل في قلوب وعقول المؤمنين، بل حتى عموم المسلمين فيذعنون ويستجيبون ويسارعون ويبادرون لهذا الموعد، يستجيبون لنداء ربهم تلقائيًا يرون على أن أنفسهم هوت مساجد الله، وعلى أن قلوبهم اشتاقت لآيات الله، وعلى أن أسماعهم أيضًا أرادت أن تستمتع وتنصت وتخضع لتلك الآيات المرتلة من أئمة الصلوات سواء في المفروضات أو في النوافل من العبادات…
- أيها المؤمنون هذا النداء من الله عز وجل ليس بنداء عادي، ليس بنداء بسيط سهل يسير، ولهذا نرى على أن نتائجه الكبرى تأتي سراعًا فمباشرة يبدأ ذلك المسلم بصومه، يبدأ ذلك المسلم بالإتيان لمساجد الله للسهر كثيراً عند ترتيل كتاب رب العالمين سبحانه وتعالى، والقيام ليلا، وفي النهار بالصيام، وهذه الطاعات قلما يأتيها في غير رمضان، بل لربما من الناس وما أكثرهم من لا يعرف الصوم الا في رمضان، وبالتالي هو يستجيب لهذا النداء تلقائيًا، بل أعظم من هذا كله نداؤه جل جلاله في آيات الصيام وفي أول آية تفرض فيها مسألة الصيام وهي النداء الذي فتحه الله بـ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾، واذا سمعتها كما قال ابن مسعود: "إذا سمعت ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾ فارع لها سمعك فإنه إما أمر تؤمر به أو نهي تنهى عنه"، إما أن تؤمر بشيء من الله ويناديك لتستجيب لندائه كما أنك تستجيب لنداء والدك ووالدتك فكذلك بالنسبة لنداء ربك جل جلاله الذي له الطاعة الكاملة فهو يناديك ينادي كل مؤمن على وجه الأرض ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾، نداء إشفاق، نداء رحمة، نداء لطف بالناس، نداء تودد من رب العالمين سبحانه وتعالى وإنه لمن أعظم الكرامات واجل وازكى وأحسن الأمنيات التي يتمناها ذلك المسلم الذي يريد ربه عز وجل هو أن يدخل ضمن المؤمنين، ضمن المستجيبين، ضمن المبادرين، أن يناديني ويناديك وينادي فلانًا وفلانة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، كل مسلم منهم مكتوب صيام مفروض عليه صيام وبالتالي من أمن برب العالمين سبحانه وتعالى سيستجيب ونجد الإيمان الحقيقي الظاهر ينتج لنا صيامًا عند عموم المسلمين الا فيما ندر وهذا أمر رائع هائل عظيم يبعث بالأمل والاطمئنان والراحة والسكينة على أن اغلب المسلمين بنسب ساحقة يصومون ويستجيبون لنداء رب العالمين سبحانه وتعالى…
- إنهم في موعد لدورة عظيمة ومدرسة هائلة كبرى ربانية هي ثلاثون أو قليل من ذلك تسعة وعشرون يومًا، هذه المدرسة ليست بمدرسة عادية بل مدرسة ابتدأها الله بنداء الإيمان، وختمها بثمرة الصيام (التقوى)، ومعنى ذلك من دخل المدرسة الرمضانية وخرج منها دون أن يحقق الهدف الأسمى وهي التقوى فإنه لم يدرس، فإنه لم يفز، فإنه راسب، فإنه فاشل، فإنه غير ناجح، فإن النداء ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾ لم يكن يستحق ذلك النداء وإن صام وإن زعم أنه صائم، ولذلك قال لنا صلى الله عليه وسلم: "رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب"، ونعوذ بالله أن نكون من أولئك…
- *رائع كل الروعة أن نرى أغلب المسلمين يصومون وأيضًا أروع من هذا على أننا نجد كثيرًا منهم يتحرزون حتى على الأشياء البسيطة يستفتون في أمور هينة فيأتي سائل ويسأل ما حكم بزاقة الصائم؟ هل إذا جمعه في فمه فابتلعه يفطر الصائم؟ جميل هذه الحيطة، جميل هذا الورع، ويسأل عن عود الأراك، والإبرة، تجده مريضا مشفقا عليه، أصابه مرض لربما لم يصب به في خلال العام لكنه لا يستسلم لذلك المرض فيفطر رمضان، بل فوق هذا يسأل عن حكم الإبرة، جميل كل جمال أن يقع المسلمون في ورع كبير كهذا في احتياط لدينهم كهذه الحيطة، حتى في مسائل تأخذ من أرواحهم كأمراض ولكنهم لا يمكن أن يتعدوا الصيام، وبالتالي يسألون وتجد أن كثيرا من الأسئلة ترد حول هذه الأمور البسيطة الأمور السهلة، الأمور العادية هي من ناحية جميلة، ولكن الأجمل منها أن يستمر هذا الورع وهذه الحيطة وهذه المدرسة الإيمانية الربانية في غير رمضان، فكيف يسأل مسلم عن حكم ابتلاع ريقه وهو صائم لكنه بعيد عن الصلوات في رمضان وغير رمضان، لكنه مقصر في أفعال الواجبات لكنه ينتهك المحرمات، ماذا يفعل به ورعه هذا وهو يأتي ما حرم الله، ما يفعل ورعه هذا به وهو لا يأتي ما فرض الله، هذا ورع يجب أن يكون دائمَا وأبداً أن يكون للمسلم هذا الزاد من الورع في غير رمضان أكثر منه في رمضان، أن يستمر، بل هو علامة أن نتحقق بنداء الإيمان، أن يستمر أن يبقى وأن نحمله معنا لغير رمضان، لأن نتيجة رمضان إنما تظهر بعد رمضان، من استفاد من مدرسة رمضان سيحمله إلى ما بعد رمضان، ومن لم يستفد من مدرسة رمضان الكبرى فإنه سينسى من أول ليلة يدخل فيها الفطر، فينسى المسجد، وينسى العبادات، وينسى الطاعات، وينسى القربات، ونحن قبل أول ليلة من رمضان أحدثكم عن هذا قبل أن يقتحم علينا رمضان فيدخل ويخرج ونحن على ما نحن عليه لا جديد نتعب أنفسنا بصيام ونتعب أنفسنا بقيام، فلا فادنا لا صيام ولا قيام والسبب من عند أنفسنا: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...﴾، حتى يغيروا ما بأنفسهم ليس بطونهم وجوارحهم وما ظهر منهم، بل ليس المسجد ويخرج من المسجد وهو لا زال كما دخل بل أن يحدث تغييراً جليلاً ذلك المؤمن يحدث التغيير الحق من نفسه أولاً إلى حياته فرمضان مدرسة عظمى ختامها ثمرتها عظمتها تكون في آخر الآية، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾*.
- أن تصلوا إلى مرتبة التقوى وماذا يعني أيها الإخوة أن نصل إلى مرتبة التقوى؟ معنى أن نصل إلى مرتبة التقوى أننا وصلنا إلى جنة رب العالمين سبحانه وتعالى، لأنه قال: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذينَ اتَّقَوا بِمَفازَتِهِم لا يَمَسُّهُمُ السّوءُ وَلا هُم يَحزَنونَ}، والآيات كثيرة جداً في كتاب الله فمن تحقق بالتقوى ودخل رمضان وهو يريد أن يرفع شعار التقوى، وخرج رمضان وقد تحققت التقوى في نفسه فإنه سيفوز بجنة ربه عز وجل حتمًا، ولهذا جُعلت الجنة مفتحة أبوابها في رمضان وغلقت أبواب النيران أيضًا وجعل للصائمين بابًا خاصًا وهو باب الريان أقول قولي هذا وأستغفر
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إننا بحاجة ماسة ونحن قادمون على شهر رمضان المبارك، بحاجة ماسة لأن نغير ما بقلوبنا، وأن نقبل بحق على ربنا، وأن تكون لنا نيات صالحات في رمضان، وإنما يفوز الفائزون ويصل الواصلون بنواياهم، ولهذا قال الامام احمد عليها رحمة الله:" انوي الخير فإنكم ما زلتم في خير ما نويتم الخير"، فمن نوى الخير فهو في خير، من استمر في نية الخير فإنه باق على ما هو عليه، مكتوب له عمله وإن لم يعمل الخير، ولذلك: " إنما الاعمال بالنيات"، فمن نوى خيراً فإن الله يكتب له ذلك، ومن نوى شراً فإن الله يكتب عليه ذلك إذا تحقق به وأراده فعلاً، فرمضان شهرٌ للخيرات فلنحرص على تلك الخيرات فيه، ولنخطط لها؛ فإن من لم يخطط لخيراته فإن غيره سيخطط لدماره، من لم يخطط لوجود الصالحات في شهر رمضان أخذه الأخرون إلى مشانقهم، ومخططاتهم، ومستهلكاتهم، وجهوزاتهم المعدة سنوات لربما ولأشهر أحيانًا من مسلسلات من مسابقات من تخطيط هائل فأعداء الشر ونواب الشيطان الرجيم في خلال شهر رمضان يبثون سمومهم وينوبون بكل حماس عن سيدهم، فمن خطط لمصحفه ولمسجده ولآيات ربه وللتفكر على سطح منزله وللخلوة بربه في غرفته وتكون له حظه من دمعات وصدقات وخلوات وخيرات لا يعلمها الا ربه عز وجل فإنه هو الناجح هو الذي سيدخل عليه رمضان بنداء الإيمان ثم يخرج منه رمضان بثمرة التقوى، وبالتالي هو مستمر في ذلك في غير رمضان، أما من دخل رمضان وليست له نية الا أن يصوم مع الصائمين، وأن يقوم -إن قام- مع القائمين ثم يخرج رمضان على هذا فإنه سيدخل ويخرج كما دخل دون فائدة غير فائدة تجويع البطون وظمأ الحناجر فقط ثم الخروج بلا فائدة، فيا أيها الإخوة في أول يوم قبل أن يدخل رمضان فإن الواجب أن ننوي الخير وأن ننوي عمل الخير وپأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم، {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...}، وقال لنبيه عن أسرى بدر: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِمَن في أَيديكُم مِنَ الأَسرى إِن يَعلَمِ اللَّهُ في قُلوبِكُم خَيرًا يُؤتِكُم خَيرًا مِمّا أُخِذَ مِنكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، فمن علم ربه من نفسه خيرا بإرادة الخير في شهر الخير فإن الله ييسر له عمل الخير، ومن علم الله من نفسه شراً وأنه لا يريد الخير وإن جاء الخير بدون نية مسبقة لإرادة الخير فإن الله يقيده ولا يسهل له ولا ييسر له ويبقى ذلك الإنسان مع العوام يصلي كما يصلون ويصوم كما يصومون ويدخل كما دخلوا ويخرج كما خرجوا، إمعة من الناس كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا إمعة تقولون : إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا فلا تظلموا"، لا تتأثروا بالمجتمع من حولكم هذا ينظر للمسلسلات وذاك يتابع الحلقات وهذا يضيع الأوقات وذاك يترك الصلوات وهذا يتأخر عن الجماعات لا عمل لي ولا شغل لي بالآخرين بل شغلي شغل نفسي، وسأدخل قبري وحدي ويحاسبني الله بمفردي، فلا أكون إمعة بل ثابتا إن أحسنوا أحسنت وإن أساءوا فإني لا اسيء بل أحسن دائمًا وأبدا، ولا أعرف الا الإحسان: {وَأَحسِنوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنينَ﴾، وما أعظم الإحسان في شهر الإحسان، وإن أجل الإحسان أن نعرف الله حق المعرفة بعبادتنا له، لنتحقق بأمر التقوى ثمرة الصيام، ومفتاح الجنان، ورضا الرحمن… صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله; ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/BRFQ2ozqgTI
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك: 29/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- سويعات قليلات تفصلنا عن ذلك اللقاء الكبير، عن ذلك الموعد العظيم، عن ذلك النداء الجليل، عن نداء يخترق السماء والأرض، عن نداء عظيمٌ معظم من قبل الله عز وجل: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾، عن نداء ملكوتي قدسي إلهي كبير، يسمعه المؤمنون، ويستجيب له الموحدون، يذعن له الخاضعون الذليلون، ذلك النداء هو نداء أول ليلة من رمضان، نداء: " يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر اقصر'، ذلك النداء الذي يجعله الله عز وجل في قلوب وعقول المؤمنين، بل حتى عموم المسلمين فيذعنون ويستجيبون ويسارعون ويبادرون لهذا الموعد، يستجيبون لنداء ربهم تلقائيًا يرون على أن أنفسهم هوت مساجد الله، وعلى أن قلوبهم اشتاقت لآيات الله، وعلى أن أسماعهم أيضًا أرادت أن تستمتع وتنصت وتخضع لتلك الآيات المرتلة من أئمة الصلوات سواء في المفروضات أو في النوافل من العبادات…
- أيها المؤمنون هذا النداء من الله عز وجل ليس بنداء عادي، ليس بنداء بسيط سهل يسير، ولهذا نرى على أن نتائجه الكبرى تأتي سراعًا فمباشرة يبدأ ذلك المسلم بصومه، يبدأ ذلك المسلم بالإتيان لمساجد الله للسهر كثيراً عند ترتيل كتاب رب العالمين سبحانه وتعالى، والقيام ليلا، وفي النهار بالصيام، وهذه الطاعات قلما يأتيها في غير رمضان، بل لربما من الناس وما أكثرهم من لا يعرف الصوم الا في رمضان، وبالتالي هو يستجيب لهذا النداء تلقائيًا، بل أعظم من هذا كله نداؤه جل جلاله في آيات الصيام وفي أول آية تفرض فيها مسألة الصيام وهي النداء الذي فتحه الله بـ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾، واذا سمعتها كما قال ابن مسعود: "إذا سمعت ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾ فارع لها سمعك فإنه إما أمر تؤمر به أو نهي تنهى عنه"، إما أن تؤمر بشيء من الله ويناديك لتستجيب لندائه كما أنك تستجيب لنداء والدك ووالدتك فكذلك بالنسبة لنداء ربك جل جلاله الذي له الطاعة الكاملة فهو يناديك ينادي كل مؤمن على وجه الأرض ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾، نداء إشفاق، نداء رحمة، نداء لطف بالناس، نداء تودد من رب العالمين سبحانه وتعالى وإنه لمن أعظم الكرامات واجل وازكى وأحسن الأمنيات التي يتمناها ذلك المسلم الذي يريد ربه عز وجل هو أن يدخل ضمن المؤمنين، ضمن المستجيبين، ضمن المبادرين، أن يناديني ويناديك وينادي فلانًا وفلانة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾، كل مسلم منهم مكتوب صيام مفروض عليه صيام وبالتالي من أمن برب العالمين سبحانه وتعالى سيستجيب ونجد الإيمان الحقيقي الظاهر ينتج لنا صيامًا عند عموم المسلمين الا فيما ندر وهذا أمر رائع هائل عظيم يبعث بالأمل والاطمئنان والراحة والسكينة على أن اغلب المسلمين بنسب ساحقة يصومون ويستجيبون لنداء رب العالمين سبحانه وتعالى…
- إنهم في موعد لدورة عظيمة ومدرسة هائلة كبرى ربانية هي ثلاثون أو قليل من ذلك تسعة وعشرون يومًا، هذه المدرسة ليست بمدرسة عادية بل مدرسة ابتدأها الله بنداء الإيمان، وختمها بثمرة الصيام (التقوى)، ومعنى ذلك من دخل المدرسة الرمضانية وخرج منها دون أن يحقق الهدف الأسمى وهي التقوى فإنه لم يدرس، فإنه لم يفز، فإنه راسب، فإنه فاشل، فإنه غير ناجح، فإن النداء ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا﴾ لم يكن يستحق ذلك النداء وإن صام وإن زعم أنه صائم، ولذلك قال لنا صلى الله عليه وسلم: "رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والنصب"، ونعوذ بالله أن نكون من أولئك…
- *رائع كل الروعة أن نرى أغلب المسلمين يصومون وأيضًا أروع من هذا على أننا نجد كثيرًا منهم يتحرزون حتى على الأشياء البسيطة يستفتون في أمور هينة فيأتي سائل ويسأل ما حكم بزاقة الصائم؟ هل إذا جمعه في فمه فابتلعه يفطر الصائم؟ جميل هذه الحيطة، جميل هذا الورع، ويسأل عن عود الأراك، والإبرة، تجده مريضا مشفقا عليه، أصابه مرض لربما لم يصب به في خلال العام لكنه لا يستسلم لذلك المرض فيفطر رمضان، بل فوق هذا يسأل عن حكم الإبرة، جميل كل جمال أن يقع المسلمون في ورع كبير كهذا في احتياط لدينهم كهذه الحيطة، حتى في مسائل تأخذ من أرواحهم كأمراض ولكنهم لا يمكن أن يتعدوا الصيام، وبالتالي يسألون وتجد أن كثيرا من الأسئلة ترد حول هذه الأمور البسيطة الأمور السهلة، الأمور العادية هي من ناحية جميلة، ولكن الأجمل منها أن يستمر هذا الورع وهذه الحيطة وهذه المدرسة الإيمانية الربانية في غير رمضان، فكيف يسأل مسلم عن حكم ابتلاع ريقه وهو صائم لكنه بعيد عن الصلوات في رمضان وغير رمضان، لكنه مقصر في أفعال الواجبات لكنه ينتهك المحرمات، ماذا يفعل به ورعه هذا وهو يأتي ما حرم الله، ما يفعل ورعه هذا به وهو لا يأتي ما فرض الله، هذا ورع يجب أن يكون دائمَا وأبداً أن يكون للمسلم هذا الزاد من الورع في غير رمضان أكثر منه في رمضان، أن يستمر، بل هو علامة أن نتحقق بنداء الإيمان، أن يستمر أن يبقى وأن نحمله معنا لغير رمضان، لأن نتيجة رمضان إنما تظهر بعد رمضان، من استفاد من مدرسة رمضان سيحمله إلى ما بعد رمضان، ومن لم يستفد من مدرسة رمضان الكبرى فإنه سينسى من أول ليلة يدخل فيها الفطر، فينسى المسجد، وينسى العبادات، وينسى الطاعات، وينسى القربات، ونحن قبل أول ليلة من رمضان أحدثكم عن هذا قبل أن يقتحم علينا رمضان فيدخل ويخرج ونحن على ما نحن عليه لا جديد نتعب أنفسنا بصيام ونتعب أنفسنا بقيام، فلا فادنا لا صيام ولا قيام والسبب من عند أنفسنا: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...﴾، حتى يغيروا ما بأنفسهم ليس بطونهم وجوارحهم وما ظهر منهم، بل ليس المسجد ويخرج من المسجد وهو لا زال كما دخل بل أن يحدث تغييراً جليلاً ذلك المؤمن يحدث التغيير الحق من نفسه أولاً إلى حياته فرمضان مدرسة عظمى ختامها ثمرتها عظمتها تكون في آخر الآية، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقونَ﴾*.
- أن تصلوا إلى مرتبة التقوى وماذا يعني أيها الإخوة أن نصل إلى مرتبة التقوى؟ معنى أن نصل إلى مرتبة التقوى أننا وصلنا إلى جنة رب العالمين سبحانه وتعالى، لأنه قال: ﴿وَسارِعوا إِلى مَغفِرَةٍ مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ عَرضُهَا السَّماواتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقينَ﴾، ﴿تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾، ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذينَ اتَّقَوا بِمَفازَتِهِم لا يَمَسُّهُمُ السّوءُ وَلا هُم يَحزَنونَ}، والآيات كثيرة جداً في كتاب الله فمن تحقق بالتقوى ودخل رمضان وهو يريد أن يرفع شعار التقوى، وخرج رمضان وقد تحققت التقوى في نفسه فإنه سيفوز بجنة ربه عز وجل حتمًا، ولهذا جُعلت الجنة مفتحة أبوابها في رمضان وغلقت أبواب النيران أيضًا وجعل للصائمين بابًا خاصًا وهو باب الريان أقول قولي هذا وأستغفر
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إننا بحاجة ماسة ونحن قادمون على شهر رمضان المبارك، بحاجة ماسة لأن نغير ما بقلوبنا، وأن نقبل بحق على ربنا، وأن تكون لنا نيات صالحات في رمضان، وإنما يفوز الفائزون ويصل الواصلون بنواياهم، ولهذا قال الامام احمد عليها رحمة الله:" انوي الخير فإنكم ما زلتم في خير ما نويتم الخير"، فمن نوى الخير فهو في خير، من استمر في نية الخير فإنه باق على ما هو عليه، مكتوب له عمله وإن لم يعمل الخير، ولذلك: " إنما الاعمال بالنيات"، فمن نوى خيراً فإن الله يكتب له ذلك، ومن نوى شراً فإن الله يكتب عليه ذلك إذا تحقق به وأراده فعلاً، فرمضان شهرٌ للخيرات فلنحرص على تلك الخيرات فيه، ولنخطط لها؛ فإن من لم يخطط لخيراته فإن غيره سيخطط لدماره، من لم يخطط لوجود الصالحات في شهر رمضان أخذه الأخرون إلى مشانقهم، ومخططاتهم، ومستهلكاتهم، وجهوزاتهم المعدة سنوات لربما ولأشهر أحيانًا من مسلسلات من مسابقات من تخطيط هائل فأعداء الشر ونواب الشيطان الرجيم في خلال شهر رمضان يبثون سمومهم وينوبون بكل حماس عن سيدهم، فمن خطط لمصحفه ولمسجده ولآيات ربه وللتفكر على سطح منزله وللخلوة بربه في غرفته وتكون له حظه من دمعات وصدقات وخلوات وخيرات لا يعلمها الا ربه عز وجل فإنه هو الناجح هو الذي سيدخل عليه رمضان بنداء الإيمان ثم يخرج منه رمضان بثمرة التقوى، وبالتالي هو مستمر في ذلك في غير رمضان، أما من دخل رمضان وليست له نية الا أن يصوم مع الصائمين، وأن يقوم -إن قام- مع القائمين ثم يخرج رمضان على هذا فإنه سيدخل ويخرج كما دخل دون فائدة غير فائدة تجويع البطون وظمأ الحناجر فقط ثم الخروج بلا فائدة، فيا أيها الإخوة في أول يوم قبل أن يدخل رمضان فإن الواجب أن ننوي الخير وأن ننوي عمل الخير وپأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم، {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...}، وقال لنبيه عن أسرى بدر: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِمَن في أَيديكُم مِنَ الأَسرى إِن يَعلَمِ اللَّهُ في قُلوبِكُم خَيرًا يُؤتِكُم خَيرًا مِمّا أُخِذَ مِنكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، فمن علم ربه من نفسه خيرا بإرادة الخير في شهر الخير فإن الله ييسر له عمل الخير، ومن علم الله من نفسه شراً وأنه لا يريد الخير وإن جاء الخير بدون نية مسبقة لإرادة الخير فإن الله يقيده ولا يسهل له ولا ييسر له ويبقى ذلك الإنسان مع العوام يصلي كما يصلون ويصوم كما يصومون ويدخل كما دخلوا ويخرج كما خرجوا، إمعة من الناس كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا إمعة تقولون : إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا فلا تظلموا"، لا تتأثروا بالمجتمع من حولكم هذا ينظر للمسلسلات وذاك يتابع الحلقات وهذا يضيع الأوقات وذاك يترك الصلوات وهذا يتأخر عن الجماعات لا عمل لي ولا شغل لي بالآخرين بل شغلي شغل نفسي، وسأدخل قبري وحدي ويحاسبني الله بمفردي، فلا أكون إمعة بل ثابتا إن أحسنوا أحسنت وإن أساءوا فإني لا اسيء بل أحسن دائمًا وأبدا، ولا أعرف الا الإحسان: {وَأَحسِنوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحسِنينَ﴾، وما أعظم الإحسان في شهر الإحسان، وإن أجل الإحسان أن نعرف الله حق المعرفة بعبادتنا له، لنتحقق بأمر التقوى ثمرة الصيام، ومفتاح الجنان، ورضا الرحمن… صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله; ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
*إدراك.قدر.الزمان.أهم.واجب.قبل.رمضان.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد ...
*إدراك.قدر.الزمان.أهم.واجب.قبل.رمضان.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/KnUNoi3kFr4
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 15/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- تمر بنا الأيام تترى كأنما
نُساق إلى الآجال والعين تنظر
فلا ذاهب هذا المشيب الذي بدا
ولا عــائــد ذاك الـشباب المؤمّل
فالأيام تمضي سريعًا نلاحق الساعات، نلاحق الأزمان لا نصدق أن الجمعة قد أتت، ولا نصدق أن الشهر قد انقضى، ولا نصدق أيضًا أن السنة قد انطوت، أيام تتلاحق وتتسارع وكأنها أكذوبة، وكأنها لا شيء، وكأنها عجلة من كلام فارغ ليس بشيء، نرى تلك الأيام وكأنها أحلام نراها تنقضي سريعًا ولا تعود أبداً، نرى هذه الأيام التي لا نصدق على أنها قد انقضت لسنين وكأنها عبارة عن أسابيع فقط، بذلك يصدق قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، (يعني كالأسبوع)، وتكون الجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كضرمة نار"، أيام سريعة متلاحقة متوالية على ذلك الإنسان، لا يُصدق على أن تلك السنين والأيام قد انقضت بهذه السرعة الهائلة، والأعجوبة الغربية فاليوم طالب الجامعة في بداية دراسته أربع سنوات أو خمس سنوات ثم وكأنها لحظات حتى يقال لي فلان تخرج… انقضت سريعة، كيف تمر بنا هذه الأيام؟كيف تمر بنا هذه الشهور والدهور؟ أن من كان عمره العام الماضي مثلاً عشرين سنة فاليوم قد أصبح ابن الواحد والعشرين، ومن كان أجله هو خمسين سنة فقد نقص من أجله بقدر ما دخلت عليه من أيام، هذه الأيام تنذر بخطر شديد، تنذر بهول عظيم، قدوم إلى الله قدوم إلى الموت قدوم إلى ما لا عودة منه أبدا، قدوم نحو جنة أو نار، قدوم نحو لا أموال ولا أولاد ولا جاه ولا سلطات ولا دنيا ولا هذا وذاك ينفع، قدوم نحو لا شيء يعلو فوق صوت الإله: {وَخَشَعَتِ الأَصواتُ لِلرَّحمنِ فَلا تَسمَعُ إِلّا هَمسًا﴾، لا لاأحد لا لأصحاب الجاه ولا السياسة ولا السلطات ولا هذا ولا ذاك، {وَخَشَعَتِ الأَصواتُ لِلرَّحمنِ فَلا تَسمَعُ إِلّا هَمسًا﴾، ﴿يَومَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفاعَةُ إِلّا مَن أَذِنَ لَهُ الرَّحمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَولًا﴾.
- فهل أعد هذا الإنسان عدته الحقيقية للقاء في ذلك اليوم العظيم، اليوم الهائل: ﴿أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُم مَبعوثونَ لِيَومٍ عَظيمٍ يَومَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ﴾، يوم العرض الأكبر على الله:﴿يَومَ لا يَنفَعُ مالٌ وَلا بَنونَ إِلّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ سَليمٍ﴾، فهل هذا الإنسان أعد عدته في هذه الأيام التي تنقضي سريعا: ﴿فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ وَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾؛ فهذه الأيام تمر علينا جميعًا لكن شتان بين فريق استغل هذه اللحظات في طاعة الله وهي ذاهبة ذاهبة قطعًا، وفريق آخر استغلها في معصية الله فهي أيضًا ذاهبة على الجميع، ﴿كُلَّ يَومٍ هُوَ في شَأنٍ﴾ فإما أن يكون شأنك مع ربك هي العبادة والطاعة والتقرب من الله، أو أن يكون الشأن بينك وبين الله العصيان والذنوب وتنقضي تلك الساعات عليّ وعليك وعلى فلان وعلى كل الناس، ولكن هذا استغلها في طاعة الله وبالتالي هي التي ترفعه وذاك استغلها في معصية الله فهي التي تخفضه، وسنفتضح هناك يوم العرض الأكبر، يوم أن تثقل الموازين إما بخير وإما بغير ذلك: ﴿وَنَضَعُ المَوازينَ القِسطَ لِيَومِ القِيامَةِ فَلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًاوَإِن كانَ مِثقالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ أَتَينا بِها وَكَفى بِنا حاسِبينَ}، فلا يظلم عند الله احد ونحن نظلمنا أنفسنا بإفراطنا في أوقاتنا…
- فهل استغلينا الطاعات والنفحات وتقربنا إلى ربنا عز وجل في هذه الساعات، وهذا إذا كانت أيها الإخوة ساعات معروفة لدينا، ساعات نحددها نحن، سنوات نبرمجها نحن، فكيف وهو الله، وهو ربنا عز وجل الذي يتولى هذا، هو الذي يأخذ منا ما شاء، ويترك ما شاء، يهب لمن يشاء، ويأخذ ممن يشاء، فهل عرفنا هذا؟ هل تذكّرنا؟ هل فطنّا لهذا؟ من يأمن على أن سنين عمره لن تذهب، وعلى أنه يتحكم بملك الموت، وبالتالي لن يأخذ روحه، لن يستطيع أن يقضي عليه، من منا يستطيع هذا، لا أحد أبدا مهما بلغ وملك، وبالتالي فلا ندري متى سنؤخذ من الدنيا، وتنتهي صلاحيتنا فيها، ومتى ستؤخذ منا الأعمار، ومتى ستؤخذ منا الأرواح، لا ندري والله، وبالتالي فالواجب على كل إنسان أن يعرف قدر وقته، وعظمة هذا الوقت، وفضيلة الوقت، وليعلم علم يقين على أن كل لحظة أمهله الله فيها هي خير، هي بركة، هي نفحة، هي كرامة من الله عز وجل أن يترك الدنيا لنتعمر فيها ويأخذ منا آخرين، ويسلب منا أقارب وأرحام وأصدقاء ومعاريف هي والله بركة ما بعدها بركة، هو الله فضل ما بعده فضل، منحة ما بعدها منحة لمن يعرف، لمن يقدّر، لمن عنده بصيرة وتعقل، أن يمهل الله إنسانًا يومًا حتى يومً واحدًا حتى لحظة واحدة؛ ما أبركها، وأعظمها، وأجلها يوم تكون لله عز وجل، وأضرب لذلك مثالًا: تخيلوا لو أن رجلاً تعمر مئة سنة في معاصي الله، كافر لا يعرف الله، ثم في لحظة من اللحظات يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ماذا سيكون قدر هذه اللحظات أمام مئة سنة؟ لا شيء، تلك السنوات انقضت وانتهت؛ ببركة لحظة، نعم لحظة واحدة من لحظات عمره، فخير وبركة أن يمهلني الله لنعيش ولو للحظات ما دمنا قدرنا هذه اللحظات، خير وبركة ونعمة وفضل ومنة من الله أن يعمرنا الله للحظات من أجل أن نطيعه، من أجل أن نقترب إليه من أجل أن نعود إليه، {وَهُم يَصطَرِخونَ فيها رَبَّنا أَخرِجنا نَعمَل صالِحًا غَيرَ الَّذي كُنّا نَعمَل أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ فَذوقوا فَما لِلظّالِمينَ مِن نَصيرٍ﴾، قال الله بكل بساطة جواب واضح شاف لكل من عنده عقل {أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ...}، فإنسان عمّره الله، إنسان أمهله الله، إنسان أجّله الله، إنسان أكرمه الله بزيادة في عمره ولو للحظات هو مدان من الله عليها، محاسب بما ترك الله له في الدنيا ليترعرع على ظهرها، إنسان أخره الله ولو للحظات هي بركة ونفحة وعظمة أيما عظمة، واذكر قبل أن أنهي خطبتي الأولى وأؤكد على ما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم فقد جاء في الأحاديث الصحيحة كما رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد وسواهم أن رجلين قدِما إلى رسول الله صلى عليه وسلم من بلي ( قبيلة اسمها هكذا)، فكان أحدهما أشد أجتهاداً وطاعة وتقربًا من الآخر، رجلان أسلما أحدهما أشد تقربـًا وعبادة وصلاحًا من الآخر من صاحبه الذي أسلم معه في يوم واحد، ثم فوق هذا فقد جاءت غزوة فذهبا معًا لها، فاستُشهد فيها أكثر عبادة وصلاح واستقامة وإيمانًا وقربًا، ثم بعد سنة مات الآخر الذي هو أقل عبادة وطاعة وتقربًا مات بعد سنة، فرأى أبو طلحة رضي الله عنه رأى وكأنه في بوابة الجنة، وإذا بملك من الجنة يخرج في ينادي على من مات آخرًا أي من كان أقل صلاحًا وعبادة وطاعة ينادي عليه بأن يدخل الجنة أولاً، ثم خرج فنادى في الثاني الذي كان أكثر عبادة وصلاحًا واستقامة وتقربًا واستُشهد في سبيل الله فوق ذلك، فتعجب أبو طلحة وتعجب الصحابة وكانوا يتكلمون عن هذه القصة فذهبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فقال ومما تعجبون، ما هو العجب؟ أين العجب في القصة، فقالوا يا رسول الله كأنهم يقولون واضح هذا تقرب إلى الله أكثر ومات شهيداً في سبيل الله بينما هذا تقرب إلى الله أقل ومات على فراشه فدخل الجنة قبل هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألم يعمّر هذا بعده سنة فأدرك رمضان، (وهنا القصة) وصلى كذا صلوات، وفعل كذا وكذا..."، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل العجب والاستغراب لأن الأعمار تؤدي إلى تقرب كبير يسبق صاحبه من تقدم قبله ما دام وانه أحسن الطاعة في هذا العمر، فهل أحسنّا، هل استقمنا؟ هل أفادنا عمرنا؟ أم هو وبال علينا، وخسارة أيما خسارة، وزيادة عذاب؟ هل أدركنا عظمة إمهال الله لنا… فلنحسن الطاعة والعبادة في أوقاتنا وفي أعمالنا لنسبق من قبلنا، أقول قولي وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
ـ إذا كان أيها الأخوة الكرام هذا الحديث الماضي في أعمال عادية، وفي أوقات ليست بذهبية، بل هي من الأوقات التي تمر علينا كأي أوقات فكيف وإذا بمختصرات، أن يختصر الله عز وجل لنا الأزمان في زمن، أن الله يختصر لنا السنوات في سنة، أن يختصر الله لنا مئات وآلاف الساعات بل الأشهر في ليلة، لا أطيل لكنه رمضان هذا هو اللغز العجيب العظيم الذي وهبنا الله إياه، وجعله نفحة من نفحاته، بركة من بركات الله، أن تختصر عمراً بالأعمار الكبرى في ليلة واحدة هي خير من ألف شهر، لكن والله وبالله وتالله لن يعرفها ولن يعبد الله فيها ولن يقدرها حق قدرها ولن يحسن عبادته فيها إنسان كان طول العام بعيدًا عن الله: {أُولئِكَ الَّذينَ لَم يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلوبَهُم..﴾، لم نفي لا يمكن لأنسان عاص مرتكس منتكس، إنسان لم يعرف ربه حق المعرفة لا في رمضان ولا في غيره، أن يستغل رمضان أن يعرف قدر ليلة القدر أن يعبد الله حق عبادته فيها، أو في كل رمضان، لا يمكن لا يوفق لا يعطى لا يمهل، ولهذا ترون على أن كثيرا من الناس يدخل رمضان وهو فلان، ثم يخرج رمضان وهو فلان، لا جديد لا جديد أبداً، هو هو الذي كان بعيداً عن الله قبل رمضان هو أيضًا بعيد عن الله بعد رمضان، لم يغيره لم يتحول لم يعرف لم يقدر حق قدر رمضان لهذه المحطة التي نعبي فيها إيمانًا، زهُداً، تقربًا، نشحن أنفسنا بإيمانيات الصالحات لأنه أشبه بجامعة للخيرات، بمدرسة كبرى للتعلم، بدورة مكثفة إيمانية عظمى، لا من أحد بل من الله جل جلاله، رمضان قادم إلينا أنوي الخير تجدوه، أنسان لم ينل الخير لا يعرف قدر رمضان لا يعرف قدر الأوقات لا يعرف قدر الإمهال من الله له، لا يمكن أن يستغل اللحظات وستمر عليه ما سيأتي كما مر عليه ما مضى أيضًا، ألا لنراعي ما وهب الله، فلنحافظ على ما أنعم الله الذي عرض علينا الأمانات فقبلناها وفرطنا: ﴿إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَرضِ وَالجِبالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها وَأَشفَقنَ مِنها وَحَمَلَهَا الإِنسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلومًا جَهولًا﴾، وإن أعظم وأجل أمانة على الأطلاق هي أمانة الطاعات، هي أمانة التقربات، هي أمانة الساعات التي يتركها الله عز وجل لنا ويهبنا الله إياها ثم نتركها تذهب بدون أي عبادة منا، وبالتالي هي شاهدة علينا، سيألنا الله عنها، ولماذا لم نطعه فيها، ولا عذر لنا: {أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ}…
ألا فلنحسن الله فيها، ولنعبده حق عبادته خلالها، ولتُرفع إليها صالحات تبيض وجوهنا يوم نلقاه، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/KnUNoi3kFr4
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 15/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- تمر بنا الأيام تترى كأنما
نُساق إلى الآجال والعين تنظر
فلا ذاهب هذا المشيب الذي بدا
ولا عــائــد ذاك الـشباب المؤمّل
فالأيام تمضي سريعًا نلاحق الساعات، نلاحق الأزمان لا نصدق أن الجمعة قد أتت، ولا نصدق أن الشهر قد انقضى، ولا نصدق أيضًا أن السنة قد انطوت، أيام تتلاحق وتتسارع وكأنها أكذوبة، وكأنها لا شيء، وكأنها عجلة من كلام فارغ ليس بشيء، نرى تلك الأيام وكأنها أحلام نراها تنقضي سريعًا ولا تعود أبداً، نرى هذه الأيام التي لا نصدق على أنها قد انقضت لسنين وكأنها عبارة عن أسابيع فقط، بذلك يصدق قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، (يعني كالأسبوع)، وتكون الجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كضرمة نار"، أيام سريعة متلاحقة متوالية على ذلك الإنسان، لا يُصدق على أن تلك السنين والأيام قد انقضت بهذه السرعة الهائلة، والأعجوبة الغربية فاليوم طالب الجامعة في بداية دراسته أربع سنوات أو خمس سنوات ثم وكأنها لحظات حتى يقال لي فلان تخرج… انقضت سريعة، كيف تمر بنا هذه الأيام؟كيف تمر بنا هذه الشهور والدهور؟ أن من كان عمره العام الماضي مثلاً عشرين سنة فاليوم قد أصبح ابن الواحد والعشرين، ومن كان أجله هو خمسين سنة فقد نقص من أجله بقدر ما دخلت عليه من أيام، هذه الأيام تنذر بخطر شديد، تنذر بهول عظيم، قدوم إلى الله قدوم إلى الموت قدوم إلى ما لا عودة منه أبدا، قدوم نحو جنة أو نار، قدوم نحو لا أموال ولا أولاد ولا جاه ولا سلطات ولا دنيا ولا هذا وذاك ينفع، قدوم نحو لا شيء يعلو فوق صوت الإله: {وَخَشَعَتِ الأَصواتُ لِلرَّحمنِ فَلا تَسمَعُ إِلّا هَمسًا﴾، لا لاأحد لا لأصحاب الجاه ولا السياسة ولا السلطات ولا هذا ولا ذاك، {وَخَشَعَتِ الأَصواتُ لِلرَّحمنِ فَلا تَسمَعُ إِلّا هَمسًا﴾، ﴿يَومَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفاعَةُ إِلّا مَن أَذِنَ لَهُ الرَّحمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَولًا﴾.
- فهل أعد هذا الإنسان عدته الحقيقية للقاء في ذلك اليوم العظيم، اليوم الهائل: ﴿أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُم مَبعوثونَ لِيَومٍ عَظيمٍ يَومَ يَقومُ النّاسُ لِرَبِّ العالَمينَ﴾، يوم العرض الأكبر على الله:﴿يَومَ لا يَنفَعُ مالٌ وَلا بَنونَ إِلّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ سَليمٍ﴾، فهل هذا الإنسان أعد عدته في هذه الأيام التي تنقضي سريعا: ﴿فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ وَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾؛ فهذه الأيام تمر علينا جميعًا لكن شتان بين فريق استغل هذه اللحظات في طاعة الله وهي ذاهبة ذاهبة قطعًا، وفريق آخر استغلها في معصية الله فهي أيضًا ذاهبة على الجميع، ﴿كُلَّ يَومٍ هُوَ في شَأنٍ﴾ فإما أن يكون شأنك مع ربك هي العبادة والطاعة والتقرب من الله، أو أن يكون الشأن بينك وبين الله العصيان والذنوب وتنقضي تلك الساعات عليّ وعليك وعلى فلان وعلى كل الناس، ولكن هذا استغلها في طاعة الله وبالتالي هي التي ترفعه وذاك استغلها في معصية الله فهي التي تخفضه، وسنفتضح هناك يوم العرض الأكبر، يوم أن تثقل الموازين إما بخير وإما بغير ذلك: ﴿وَنَضَعُ المَوازينَ القِسطَ لِيَومِ القِيامَةِ فَلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًاوَإِن كانَ مِثقالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ أَتَينا بِها وَكَفى بِنا حاسِبينَ}، فلا يظلم عند الله احد ونحن نظلمنا أنفسنا بإفراطنا في أوقاتنا…
- فهل استغلينا الطاعات والنفحات وتقربنا إلى ربنا عز وجل في هذه الساعات، وهذا إذا كانت أيها الإخوة ساعات معروفة لدينا، ساعات نحددها نحن، سنوات نبرمجها نحن، فكيف وهو الله، وهو ربنا عز وجل الذي يتولى هذا، هو الذي يأخذ منا ما شاء، ويترك ما شاء، يهب لمن يشاء، ويأخذ ممن يشاء، فهل عرفنا هذا؟ هل تذكّرنا؟ هل فطنّا لهذا؟ من يأمن على أن سنين عمره لن تذهب، وعلى أنه يتحكم بملك الموت، وبالتالي لن يأخذ روحه، لن يستطيع أن يقضي عليه، من منا يستطيع هذا، لا أحد أبدا مهما بلغ وملك، وبالتالي فلا ندري متى سنؤخذ من الدنيا، وتنتهي صلاحيتنا فيها، ومتى ستؤخذ منا الأعمار، ومتى ستؤخذ منا الأرواح، لا ندري والله، وبالتالي فالواجب على كل إنسان أن يعرف قدر وقته، وعظمة هذا الوقت، وفضيلة الوقت، وليعلم علم يقين على أن كل لحظة أمهله الله فيها هي خير، هي بركة، هي نفحة، هي كرامة من الله عز وجل أن يترك الدنيا لنتعمر فيها ويأخذ منا آخرين، ويسلب منا أقارب وأرحام وأصدقاء ومعاريف هي والله بركة ما بعدها بركة، هو الله فضل ما بعده فضل، منحة ما بعدها منحة لمن يعرف، لمن يقدّر، لمن عنده بصيرة وتعقل، أن يمهل الله إنسانًا يومًا حتى يومً واحدًا حتى لحظة واحدة؛ ما أبركها، وأعظمها، وأجلها يوم تكون لله عز وجل، وأضرب لذلك مثالًا: تخيلوا لو أن رجلاً تعمر مئة سنة في معاصي الله، كافر لا يعرف الله، ثم في لحظة من اللحظات يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ماذا سيكون قدر هذه اللحظات أمام مئة سنة؟ لا شيء، تلك السنوات انقضت وانتهت؛ ببركة لحظة، نعم لحظة واحدة من لحظات عمره، فخير وبركة أن يمهلني الله لنعيش ولو للحظات ما دمنا قدرنا هذه اللحظات، خير وبركة ونعمة وفضل ومنة من الله أن يعمرنا الله للحظات من أجل أن نطيعه، من أجل أن نقترب إليه من أجل أن نعود إليه، {وَهُم يَصطَرِخونَ فيها رَبَّنا أَخرِجنا نَعمَل صالِحًا غَيرَ الَّذي كُنّا نَعمَل أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ فَذوقوا فَما لِلظّالِمينَ مِن نَصيرٍ﴾، قال الله بكل بساطة جواب واضح شاف لكل من عنده عقل {أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذيرُ...}، فإنسان عمّره الله، إنسان أمهله الله، إنسان أجّله الله، إنسان أكرمه الله بزيادة في عمره ولو للحظات هو مدان من الله عليها، محاسب بما ترك الله له في الدنيا ليترعرع على ظهرها، إنسان أخره الله ولو للحظات هي بركة ونفحة وعظمة أيما عظمة، واذكر قبل أن أنهي خطبتي الأولى وأؤكد على ما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم فقد جاء في الأحاديث الصحيحة كما رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد وسواهم أن رجلين قدِما إلى رسول الله صلى عليه وسلم من بلي ( قبيلة اسمها هكذا)، فكان أحدهما أشد أجتهاداً وطاعة وتقربًا من الآخر، رجلان أسلما أحدهما أشد تقربـًا وعبادة وصلاحًا من الآخر من صاحبه الذي أسلم معه في يوم واحد، ثم فوق هذا فقد جاءت غزوة فذهبا معًا لها، فاستُشهد فيها أكثر عبادة وصلاح واستقامة وإيمانًا وقربًا، ثم بعد سنة مات الآخر الذي هو أقل عبادة وطاعة وتقربًا مات بعد سنة، فرأى أبو طلحة رضي الله عنه رأى وكأنه في بوابة الجنة، وإذا بملك من الجنة يخرج في ينادي على من مات آخرًا أي من كان أقل صلاحًا وعبادة وطاعة ينادي عليه بأن يدخل الجنة أولاً، ثم خرج فنادى في الثاني الذي كان أكثر عبادة وصلاحًا واستقامة وتقربًا واستُشهد في سبيل الله فوق ذلك، فتعجب أبو طلحة وتعجب الصحابة وكانوا يتكلمون عن هذه القصة فذهبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فقال ومما تعجبون، ما هو العجب؟ أين العجب في القصة، فقالوا يا رسول الله كأنهم يقولون واضح هذا تقرب إلى الله أكثر ومات شهيداً في سبيل الله بينما هذا تقرب إلى الله أقل ومات على فراشه فدخل الجنة قبل هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألم يعمّر هذا بعده سنة فأدرك رمضان، (وهنا القصة) وصلى كذا صلوات، وفعل كذا وكذا..."، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل العجب والاستغراب لأن الأعمار تؤدي إلى تقرب كبير يسبق صاحبه من تقدم قبله ما دام وانه أحسن الطاعة في هذا العمر، فهل أحسنّا، هل استقمنا؟ هل أفادنا عمرنا؟ أم هو وبال علينا، وخسارة أيما خسارة، وزيادة عذاب؟ هل أدركنا عظمة إمهال الله لنا… فلنحسن الطاعة والعبادة في أوقاتنا وفي أعمالنا لنسبق من قبلنا، أقول قولي وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
ـ إذا كان أيها الأخوة الكرام هذا الحديث الماضي في أعمال عادية، وفي أوقات ليست بذهبية، بل هي من الأوقات التي تمر علينا كأي أوقات فكيف وإذا بمختصرات، أن يختصر الله عز وجل لنا الأزمان في زمن، أن الله يختصر لنا السنوات في سنة، أن يختصر الله لنا مئات وآلاف الساعات بل الأشهر في ليلة، لا أطيل لكنه رمضان هذا هو اللغز العجيب العظيم الذي وهبنا الله إياه، وجعله نفحة من نفحاته، بركة من بركات الله، أن تختصر عمراً بالأعمار الكبرى في ليلة واحدة هي خير من ألف شهر، لكن والله وبالله وتالله لن يعرفها ولن يعبد الله فيها ولن يقدرها حق قدرها ولن يحسن عبادته فيها إنسان كان طول العام بعيدًا عن الله: {أُولئِكَ الَّذينَ لَم يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلوبَهُم..﴾، لم نفي لا يمكن لأنسان عاص مرتكس منتكس، إنسان لم يعرف ربه حق المعرفة لا في رمضان ولا في غيره، أن يستغل رمضان أن يعرف قدر ليلة القدر أن يعبد الله حق عبادته فيها، أو في كل رمضان، لا يمكن لا يوفق لا يعطى لا يمهل، ولهذا ترون على أن كثيرا من الناس يدخل رمضان وهو فلان، ثم يخرج رمضان وهو فلان، لا جديد لا جديد أبداً، هو هو الذي كان بعيداً عن الله قبل رمضان هو أيضًا بعيد عن الله بعد رمضان، لم يغيره لم يتحول لم يعرف لم يقدر حق قدر رمضان لهذه المحطة التي نعبي فيها إيمانًا، زهُداً، تقربًا، نشحن أنفسنا بإيمانيات الصالحات لأنه أشبه بجامعة للخيرات، بمدرسة كبرى للتعلم، بدورة مكثفة إيمانية عظمى، لا من أحد بل من الله جل جلاله، رمضان قادم إلينا أنوي الخير تجدوه، أنسان لم ينل الخير لا يعرف قدر رمضان لا يعرف قدر الأوقات لا يعرف قدر الإمهال من الله له، لا يمكن أن يستغل اللحظات وستمر عليه ما سيأتي كما مر عليه ما مضى أيضًا، ألا لنراعي ما وهب الله، فلنحافظ على ما أنعم الله الذي عرض علينا الأمانات فقبلناها وفرطنا: ﴿إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَرضِ وَالجِبالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها وَأَشفَقنَ مِنها وَحَمَلَهَا الإِنسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلومًا جَهولًا﴾، وإن أعظم وأجل أمانة على الأطلاق هي أمانة الطاعات، هي أمانة التقربات، هي أمانة الساعات التي يتركها الله عز وجل لنا ويهبنا الله إياها ثم نتركها تذهب بدون أي عبادة منا، وبالتالي هي شاهدة علينا، سيألنا الله عنها، ولماذا لم نطعه فيها، ولا عذر لنا: {أَوَلَم نُعَمِّركُم ما يَتَذَكَّرُ فيهِ مَن تَذَكَّرَ}…
ألا فلنحسن الله فيها، ولنعبده حق عبادته خلالها، ولتُرفع إليها صالحات تبيض وجوهنا يوم نلقاه، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
*كيف.تستقبل.رمضان.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...
*كيف.تستقبل.رمضان.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/dUph9VlJJRk
*📆 تم إلقاؤها بمسجد بانوير المكلا شحير: 22/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فقد جرت حكمة الله جل جلاله، أن يفضل ما شاء، بما شاء، وكيف شاء، وفي الوقت الذي يشاء، هذه حكمة الله عز وجل: ﴿وَرَبُّكَ يَخلُقُ ما يَشاءُ وَيَختارُ ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ﴾، فهو الذي يختار جل جلاله بما شاء، وكيف شاء، ولهذا تجدون أن الله عز وجل قد فضّل من البقاع مكة المكرمة على سائر البقاع، ومن البشر فضل الأنبياء، ومن الأنبياء الرسل، ومن الرسل فضل أولي العزم، ومن أولي العزم فضل نبينا صلى الله عليه وسلم، وأيضًا من الأزمان لقد فضل الله عز وجل أزمانًا على أزمان حتى في اليوم الواحد؛ فقد فضّل السحر على أربع وعشرين ساعة تمر خلال اليوم والليلة، وفضّل الجمعة على الأسبوع، وفضل من السنة شهرًا قادم إلينا، ضيف زائر من الله عز وجل لنا، ضيف نازل بوادينا، ضيف حبيب إلى ربنا، من أحسن ضيافته، وأحسن استقباله عاد إلى الله مادحًا له، مثنيًا عليه، شاكرًا له ثم سيكرمه ربه جل وعلا الذي أرسله، و:﴿هَل جَزاءُ الإِحسانِ إِلَّا الإِحسانُ﴾، فمن أحسن استقبال رمضان أحسن الله إليه، ومن أجزل ضيافته أجزل الله عطيته، ومن أحبه أحبه الله، وعلى قدر الضيف يكون الاستعداد فكيف والضيف هو ضيف إلهي، ورحمة سماوية، ومنة ربانية، فهل قدرناه حق قدره، وعرفنا منزلته عند ربه، وعظمناه كما هو الواجب علينا تجاهه…!.
- هذا الشهر بمثابة جامعة كبرى لأنواع الخيرات، وأعظم الكرامات، وأجزل الأعطيات، لقد جعله الله عز وجل جامعة مانعة شاملة فيها يجد المؤمن الذي يريد الله والدار الآخرة، كلما يريد من كرامات وهبات، المؤمن الذي يريد أن يقطع مسافات كبرى إلى ربه، المؤمن الذي يريد أن يختصر بونا شاسعًا وزمنًا كبيرا بينه وبين مولاه، إنه محطة إلهية، ومدرسة عظمى لا مدرسة بشرية، ولا مدرسة دنيوية، بل هي نفحة إلهية ربانية سماوية، أرادها الله و:﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾، جعل فيها ما جعل، أعد فيها ما أعد، فضلها بما فضل، إنه رمضان..: ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ وَمَن كانَ مَريضًا أَو عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيّامٍ أُخَرَ يُريدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ العُسرَ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرونَ﴾.
- هذا الشهر الكريم الذي ما إن يدخل حتى ينادي مناد من السماء من قِبل الله عز وجل أن: "يا باغي الخير أقبل"، تعال، اقدم على ربك، ائت إليه، تضرع بين يديه، اقبل على ربك عز وجل ليقبل الله عليك، "ويا باغي الشر أقصر" خفف، هون، احترم، تأدب، قدّر؛ فأنت لا تقدر غير الله، أنت لا تقصر من ذنوبك ومعاصيك لأحد سوى الله، أنت ملزم من الله بأن تنكسر بأن تخفف بأن تهون، ولهذا ما أن يسمع المؤمنون ذلك الخطاب الرباني بأذان قلوبهم إلا وتجد المساجد مكتظة بالمصلين، وتجد الناس تغيرت قلوبهم، وأذعنت أرواحهم لربهم، وخشعت أصواتهم لخالقهم، وصامت بطونهم لمولاهم، وفاضت أعينهم لمليكهم، وسجدت جباههم لفاطرهم، وأصبحوا يتركون كثيراً من أعمالهم وأشغالهم تلقائيًا، يحبون المساجد، يقبلون على القرآن، يقومون، يصومون، يتلون، يرتلون، يسبحون ويستغفرون، ويقدمون ما يقدمون، كل ذلك استجابة لنداء الرب جل جلاله، شاءوا أم أبوا، لستجابة لذلك النداء الإلهي: "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر"، يا من تريد الخير، إنك في شهر رمضان شهر معظم، شهر مفضل، شهر مبارك، لا من أحد بل من الله عز وجل الواحد الأحد…
- وإن من أعظم تفضيل في هذا الشهر أن فيه ليلة هي خير من ألف شهر، هي خير من عمر إنسان بكل سنواته، بكل لحظاته، بكل ثوانيه، ليلة واحدة تختصر للمؤمن سنوات، بل عشرات السنوات، ما أجمل ذلك! ما أعظم هذا!، ما أجمل وأرق هذا: أن يُقبل مسلم على ربه في ليلة واحدة وكأنه عبد الله في قرابة أربع وثمانين سنة، ما أعظم وأفضل وأجل وأجمل عطية هي عطية الله الذي يعطي بلا حساب، وإن لربكم كما في الحديث الذي حسنه الألباني: "إن لربكم أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لنفحات الله؛ فإنه من تصيبه نفحة من نفحات الله لا يشقى بعدها أبدا"، لا شقاء لا في الدنيا ولا في الآخرة، خير بركة سعادة صحة طول عمر أولاد رزق مال بنون كل شيء يريده ذلك الإنسان، لا يشقى فيه أبدا، {وَلَم أَكُن بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾، لا يشقى لا في طلب دنيا ولا في طلب آخرة، لا يشقى مع الله، ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾، لكن هذا لم يعرض عن الله بل أقبل على الله في وقت القبول، أتى إلى الله في وقت الصدق، دخل على الله في وقت النفحات، أقبل على الله في وقت البركات، وأي ذلك أعظم من ليلة خير من ألف شهر: ﴿لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ﴾.
ـ هذا هو الإنسان الذي عظم شعائر الله: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾، {وَمَن يُعَظِّم حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّه}ِ، وإن من أعظم وأجل حرمات الله وأعظم وأجل شعائر الله هو شهر رمضان، فمن فضّله فإنه يفضلّ ما فضّل الله، من عبد الله فيه فإنه يتقرب إلى الله في أفضل الأيام، من أقبل على الله فيه فإن الله يقبل عليه أفضل مما يقبل عليه في غيره، من قدم على اله قدم الله عليه، من تقرب إلى الله تقرب الله منه، من أتى ربه أتاه، وهذا الحديث القدسي في البخاري ومسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث عن ربه أنه قال: "من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة"، هذا ولو كان في غير رمضان فكيف برمضان شهر القبول، إن من أقبل على الله، أقبل الله عليه، وماذا يعني أن يقبل الله على العبد؟ معناه تسخر له الحياة، تسخر له الدنيا، تسخر له مرضاة الله، لا شيء يطلبه من ربه الا ويأتيه، لا مرض ينزل عليه، لا كرب، لا هم، لا غم
لا ألم، لا شقاء لا شيء من هذا يأتي عليه إلا ويُفرج، الا ويرفع، إلا ويتدخل الرب جل جلاله من فوق سبع سماوات ليرفع ذلك عن عبده الصالح: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب" كما رواه البخاري.
- إن شهر رمضان شهر قبول على الله، شهر دخول، شهر التسجيل، شهر فتح باب خير للدنيا والآخرة، لسعادة أبدية سرمدية، قادم إلينا أيها الأخوة، ضيف هو أعظم ضيف على الإطلاق على مدار العام، فأقبل على الله؛ فإن الله أفرح بتوبة العبد من أن يفقد إنسان دابته في أرض صحراء قاحلة، وعليها طعامه وشرابه فينتظر تحت ظل شجرة للموت أن يأتيه من الجوع والعطش على تلك الصحراء القاحلة التي لا يوجد فيها أنيس ولا جليس ولا ماء ولا مرعى ولا شيء من ذلك، فتقبل عليه دابته عليها طعامه وشرابه فيفرح أشد الفرح لأنها أعادت إليه الحياة لأنها أقبلت عليه بالدنيا، لأنها أنقذته في أحرج موقف له حتى أنه يخطئ من شدة الفرح ليعبر عن شكره لربه فيقول: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" يخطئ من شدة الفرح كما في البخاري ومسلم، وفرح الله لا حاجة إلينا ولكن رأفة ورحمة بنا، ولطفًا بنا لنقبل عليه…
- رمضان قادم إلينا أيها الأحبة ذلك الضيف الكريم من الله، الذي هو شهر القرآن، ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ...}، شهر إحياء ميلاد القرآن إن جازت التسمية، القرآن العظيم الذي لو لم يكن لما كنا، ولم يكن نبيه صلى الله وسلم أصلا، ولكنا الآن كما كنا في جاهلية عمياء ظلماء صماء بكماء لا تحسن شيئًا أبدا، لما كنا الا كما كنا في تناحر وتخاصم وشقاق ما عرفنا الله ولا عرفنا غير نعجتنا وغير مائنا وسقائنا وخيمتنا، أعراب أجلاف بدو رحل لا يعرفون ربًا، ولا يعرفون دينًا، ولا يعرفون شعيرة، ولا يعرفون شيئًا من ذلك حتى جاء القرآن، وفي كل عام يأتي القرآن متجدداً مُجدداً لتلك الأيام الخالية: ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ...}، إحياء، مدارسة، تعبداً، قراءة، وترتيلاً، أيضًا عملاً وهو الأهم وفي الصحيح: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، لا أقول ألف لام ميم حرف، بل ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف، والحرف بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعين ضعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة والله يضاعف لمن يشاء"، بل في البخاري ومسلم يستثير النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بسؤال: "أيحب أحدكم أن يغدو إلى العقيق أو إلى بطحان فيأتي منه بناقتين كوماوين زهراوين من غير إثم ولا قطيعة رحم"، وهن أجمل نوق العرب، كآخر موديل من سياراتنا الآن، والعقيق أو إلى بطحان مسافة أمتار يخرج من بيته إليها ثم يعود فيأتي بسيارتين كأفخم أنواع سياراتنا الآن، قال الصحابة: كلنا يحب ذلك يا رسول الله قال: " لأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيقرأ أو يعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين وثلاث، خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل"، فبقدر قراءتك لآيات كتاب الله في مسجدك، تكون الفضائل والمكرمات لك، والعطايا الجسام، والهبات والمنح من الله لا من الناس…
- قادم إلينا رمضان وهو شهر الصبر و: {إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسابٍ﴾.
- قادم إلينا رمضان وهو شهر القيام، "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، والحديث في البخاري ومسلم وزاد البخاري: "ما تقدم من ذنبه وما تأخر".
- قادم إلينا شهر رمضان شهر الصوم و: "من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا" أي سبعين سنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم.
- قادم إلينا شهر رمضان شهر التراويح: "ومن قام مع إمامه حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة' كما في صحيح مسلم.
- قادم إلينا شهر رمضان شهر المغفرة، وفي المتفق عليه; "ورمضان إلى رمضان كفاراتٌ لما بينهن إذا اُجتنبت الكبائر"، و:"رغم أنف من أدرك رمضان ثم انصرم ولم يغفر له"، و: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه.
ـ قادم إلينا شهر باب الريان: " إن في الجنة بابا يقل له الريان يدخل منه الصائمون لا يدخل منه غيرهم" متفق عليه.
ـ قادم إلينا شهر الأخلاق، والكف عن القيل والقال، وغشيان الحرام، وفي الصحيح: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وفي آخر: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد فليقل: "إني صائم، إني صائم، إني صائم".
ـ قادم إلينا أيها الأحبة شهر إجابة الدعاء وفي الصحيح: "للصائم دعوة لا ترد".
- شهر رمضان ذلك القادم إلينا ببركاته ونفحاته وعطاياه هو شهر الإقبال على الله بكل ما تعنيه الكلمة من إقبال، شهر النوافل، شهر الفرائض وفي البخاري: "ما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي"، وهنا اللغز الذي يجب أن يُتداول في رمضان، أما الفرائض فكلنا إن شاء الله مؤديها إن لم يكن بنسبة ساحقة بالمئات فيكون بالتسعينات من الناس لكن الأهم هو تكملة الحديث: "وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فأذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به"، ما اعظمها! ما اجملها! الله عز وجل تسمع بسمعه، وترى برؤيته، وتمشي كذلك وتنطلق وكل شيء، "وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فأذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه"، نون توكيد المثقلة المشددة لأعطينه، "ولأن استعاذني لأعيذنه"، حاز جميع الفضائل في الدنيا و الآخرة، وانتهت وزالت وابتعدت تلك المكروهات عنه وفي الدنيا وفي الآخرة، بتقربه إلى الله، ومن لم يقترب من الله في رمضان فلن يقترب من الله في غيره، من لم يقبل على في هذا الشهر الكريم فلا تنتظر منه أن يقبل عليه في غيره، من لم يعرف الله، من لم يتعرف على الله، ومن لم يزدد من النوافل في رمضان فلا تنتظر له في غيره، من لم يعبد الله، من لم يعرف مساجد الله، من فاتته تكبيرة الإحرام، من لم يقرأ القرآن، من لم يعمل بأحكامه، ويرتل آياته، ويستمتع بخطابه، ويتذوق حلواته في رمضان فمتى، من لم يفعل هذا ولا ذاك في رمضان فبعيد محال عادة أن يقبل على الله في غيره؛ لأنه شهر هيأه الله بكل المهيئات، حتى أنه قيّد الشياطين، وأغلق باب النيران، فتح باب الجنان، وهدى القلوب إليه، وحبب طاعته لها، ويسر مرضاته لأصحابها، فإنسان لم يقبل على الله وهذه الأمور موجودة لن يقبل على الله ما دام وأنها معدومة، أقول قولي هذا وأستغفر الله…
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إن شهر رمضان أكثر من أن نتكلم عنه، وأكثر من أن نحدثكم به، وأكثر من أن نححي ما فيه من فضائل ومكرمات، ولكن أيها الاخوة ساعات قليلة تفصلنا عن هذا الشهر الكريم، ألا فالله الله في الإقبال على الله، في الإتيان بكل طاعات الله نستطيعها، في الاقتراب أكثر وأكثر من الله، في الفوز بهذه البركات والنفحات، بأن لا تفوتنا هذه الفضائل والمكرمات، الله الله بأن نأتي إلى مساجد الله، نقرأ آيات الله نرتل ما فيها نعلم ما فيها، الله الله في أن نستغل أوقات رمضان فيما فيه خير، الله الله لا تفوتنا تلك الفرصة السانحة التي لا تعوض، الله الله في أن نعرف قدر رمضان نقدره حق قدره، ونعرف عظمته، أن نحافظ على هذه الأمانة الكبرى، وهذه الشعيرة العظمى التي وهبنا الله عز وجل إياها، أن نرعاها حق رعايتها، الله الله لأن نستغل ليله ونهاره، وأن نحصن أنفسنا ألسنتنا أسماعنا لنتخلق بأخلاقه، أن نتخرج من هذه الجامعة الإلهية بأعظم الأوسمة…
- رمضان قادم إلينا فلنقدم عليه اولاً بقلوبنا، لنقدم عليه بقلوب طاهرة صافية ناوية للخيرات، تريد الخير تقبل على الله، وتطلب منه أن يوفقها لخيراته: ﴿ إِن يَعلَمِ اللَّهُ في قُلوبِكُم خَيرًا يُؤتِكُم خَيرًا مِمّا أُخِذَ مِنكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، وإياك لنحذر جميعًا من أن نكون من أولئك الناس الذين تقبل عليهم الأيام والليالي والمكرمات فلا يبالي بها وكأنها غير موجودة، وأولئك يصدق عليهم قول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتنَتَهُ فَلَن تَملِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيئًا أُولئِكَ الَّذينَ لَم يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلوبَهُم لَهُم فِي الدُّنيا خِزيٌ وَلَهُم فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظيمٌ﴾، نعوذ بالله من ذلك، أولئك أناس حرمهم الله، أشقاهم الله، أعماهم الله، ثقلت عليهم الخيرات، اشتدت عليهم، صعُبت، رأوها بعيدة محالة كبيرة لا يمكن أن يقربوها بينه وبينها مسافات شاسعات لا يستطيعون الوصول إليها، أما الحرام فليس بينهم وبينه شيء، بل هو قريب إليهم، حبيب إلى قلوبهم، ما إن يريدوه حتى يهتكوه، ما أن يطلبوه حتى يأتوه، ما أن يفكروا فيه حتى يروه أمامهم، ذلك إنسان محروم، إنسان بعيد، إنسان شقي، إنسان لا ينظر بنظر الله، لا يرى بنور الله، لا يسمع بسمع الله، إنسان يسمع بسمع الشيطان، يرى بالشيطان، ينطلق مع الشيطان، أعرض عنه الرحمن وتولاه الشيطان: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾.
- وأخيرًا: أنت بين خيارين، خاصة في شهر رمضان بين خيارين إما أن تكون في صف الرحمن، وبالتالي أنت تقبل على الله بأنواع الطاعات، أو أن تكون في طريق وسبيل وطاعة الشيطان وبالتالي ويل لك ثم ويل لك…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/dUph9VlJJRk
*📆 تم إلقاؤها بمسجد بانوير المكلا شحير: 22/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فقد جرت حكمة الله جل جلاله، أن يفضل ما شاء، بما شاء، وكيف شاء، وفي الوقت الذي يشاء، هذه حكمة الله عز وجل: ﴿وَرَبُّكَ يَخلُقُ ما يَشاءُ وَيَختارُ ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ﴾، فهو الذي يختار جل جلاله بما شاء، وكيف شاء، ولهذا تجدون أن الله عز وجل قد فضّل من البقاع مكة المكرمة على سائر البقاع، ومن البشر فضل الأنبياء، ومن الأنبياء الرسل، ومن الرسل فضل أولي العزم، ومن أولي العزم فضل نبينا صلى الله عليه وسلم، وأيضًا من الأزمان لقد فضل الله عز وجل أزمانًا على أزمان حتى في اليوم الواحد؛ فقد فضّل السحر على أربع وعشرين ساعة تمر خلال اليوم والليلة، وفضّل الجمعة على الأسبوع، وفضل من السنة شهرًا قادم إلينا، ضيف زائر من الله عز وجل لنا، ضيف نازل بوادينا، ضيف حبيب إلى ربنا، من أحسن ضيافته، وأحسن استقباله عاد إلى الله مادحًا له، مثنيًا عليه، شاكرًا له ثم سيكرمه ربه جل وعلا الذي أرسله، و:﴿هَل جَزاءُ الإِحسانِ إِلَّا الإِحسانُ﴾، فمن أحسن استقبال رمضان أحسن الله إليه، ومن أجزل ضيافته أجزل الله عطيته، ومن أحبه أحبه الله، وعلى قدر الضيف يكون الاستعداد فكيف والضيف هو ضيف إلهي، ورحمة سماوية، ومنة ربانية، فهل قدرناه حق قدره، وعرفنا منزلته عند ربه، وعظمناه كما هو الواجب علينا تجاهه…!.
- هذا الشهر بمثابة جامعة كبرى لأنواع الخيرات، وأعظم الكرامات، وأجزل الأعطيات، لقد جعله الله عز وجل جامعة مانعة شاملة فيها يجد المؤمن الذي يريد الله والدار الآخرة، كلما يريد من كرامات وهبات، المؤمن الذي يريد أن يقطع مسافات كبرى إلى ربه، المؤمن الذي يريد أن يختصر بونا شاسعًا وزمنًا كبيرا بينه وبين مولاه، إنه محطة إلهية، ومدرسة عظمى لا مدرسة بشرية، ولا مدرسة دنيوية، بل هي نفحة إلهية ربانية سماوية، أرادها الله و:﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾، جعل فيها ما جعل، أعد فيها ما أعد، فضلها بما فضل، إنه رمضان..: ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَليَصُمهُ وَمَن كانَ مَريضًا أَو عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيّامٍ أُخَرَ يُريدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُريدُ بِكُمُ العُسرَ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرونَ﴾.
- هذا الشهر الكريم الذي ما إن يدخل حتى ينادي مناد من السماء من قِبل الله عز وجل أن: "يا باغي الخير أقبل"، تعال، اقدم على ربك، ائت إليه، تضرع بين يديه، اقبل على ربك عز وجل ليقبل الله عليك، "ويا باغي الشر أقصر" خفف، هون، احترم، تأدب، قدّر؛ فأنت لا تقدر غير الله، أنت لا تقصر من ذنوبك ومعاصيك لأحد سوى الله، أنت ملزم من الله بأن تنكسر بأن تخفف بأن تهون، ولهذا ما أن يسمع المؤمنون ذلك الخطاب الرباني بأذان قلوبهم إلا وتجد المساجد مكتظة بالمصلين، وتجد الناس تغيرت قلوبهم، وأذعنت أرواحهم لربهم، وخشعت أصواتهم لخالقهم، وصامت بطونهم لمولاهم، وفاضت أعينهم لمليكهم، وسجدت جباههم لفاطرهم، وأصبحوا يتركون كثيراً من أعمالهم وأشغالهم تلقائيًا، يحبون المساجد، يقبلون على القرآن، يقومون، يصومون، يتلون، يرتلون، يسبحون ويستغفرون، ويقدمون ما يقدمون، كل ذلك استجابة لنداء الرب جل جلاله، شاءوا أم أبوا، لستجابة لذلك النداء الإلهي: "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر"، يا من تريد الخير، إنك في شهر رمضان شهر معظم، شهر مفضل، شهر مبارك، لا من أحد بل من الله عز وجل الواحد الأحد…
- وإن من أعظم تفضيل في هذا الشهر أن فيه ليلة هي خير من ألف شهر، هي خير من عمر إنسان بكل سنواته، بكل لحظاته، بكل ثوانيه، ليلة واحدة تختصر للمؤمن سنوات، بل عشرات السنوات، ما أجمل ذلك! ما أعظم هذا!، ما أجمل وأرق هذا: أن يُقبل مسلم على ربه في ليلة واحدة وكأنه عبد الله في قرابة أربع وثمانين سنة، ما أعظم وأفضل وأجل وأجمل عطية هي عطية الله الذي يعطي بلا حساب، وإن لربكم كما في الحديث الذي حسنه الألباني: "إن لربكم أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لنفحات الله؛ فإنه من تصيبه نفحة من نفحات الله لا يشقى بعدها أبدا"، لا شقاء لا في الدنيا ولا في الآخرة، خير بركة سعادة صحة طول عمر أولاد رزق مال بنون كل شيء يريده ذلك الإنسان، لا يشقى فيه أبدا، {وَلَم أَكُن بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾، لا يشقى لا في طلب دنيا ولا في طلب آخرة، لا يشقى مع الله، ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى﴾، لكن هذا لم يعرض عن الله بل أقبل على الله في وقت القبول، أتى إلى الله في وقت الصدق، دخل على الله في وقت النفحات، أقبل على الله في وقت البركات، وأي ذلك أعظم من ليلة خير من ألف شهر: ﴿لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ﴾.
ـ هذا هو الإنسان الذي عظم شعائر الله: ﴿ذلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِن تَقوَى القُلوبِ﴾، {وَمَن يُعَظِّم حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيرٌ لَهُ عِندَ رَبِّه}ِ، وإن من أعظم وأجل حرمات الله وأعظم وأجل شعائر الله هو شهر رمضان، فمن فضّله فإنه يفضلّ ما فضّل الله، من عبد الله فيه فإنه يتقرب إلى الله في أفضل الأيام، من أقبل على الله فيه فإن الله يقبل عليه أفضل مما يقبل عليه في غيره، من قدم على اله قدم الله عليه، من تقرب إلى الله تقرب الله منه، من أتى ربه أتاه، وهذا الحديث القدسي في البخاري ومسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث عن ربه أنه قال: "من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعًا، ومن تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة"، هذا ولو كان في غير رمضان فكيف برمضان شهر القبول، إن من أقبل على الله، أقبل الله عليه، وماذا يعني أن يقبل الله على العبد؟ معناه تسخر له الحياة، تسخر له الدنيا، تسخر له مرضاة الله، لا شيء يطلبه من ربه الا ويأتيه، لا مرض ينزل عليه، لا كرب، لا هم، لا غم
لا ألم، لا شقاء لا شيء من هذا يأتي عليه إلا ويُفرج، الا ويرفع، إلا ويتدخل الرب جل جلاله من فوق سبع سماوات ليرفع ذلك عن عبده الصالح: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب" كما رواه البخاري.
- إن شهر رمضان شهر قبول على الله، شهر دخول، شهر التسجيل، شهر فتح باب خير للدنيا والآخرة، لسعادة أبدية سرمدية، قادم إلينا أيها الأخوة، ضيف هو أعظم ضيف على الإطلاق على مدار العام، فأقبل على الله؛ فإن الله أفرح بتوبة العبد من أن يفقد إنسان دابته في أرض صحراء قاحلة، وعليها طعامه وشرابه فينتظر تحت ظل شجرة للموت أن يأتيه من الجوع والعطش على تلك الصحراء القاحلة التي لا يوجد فيها أنيس ولا جليس ولا ماء ولا مرعى ولا شيء من ذلك، فتقبل عليه دابته عليها طعامه وشرابه فيفرح أشد الفرح لأنها أعادت إليه الحياة لأنها أقبلت عليه بالدنيا، لأنها أنقذته في أحرج موقف له حتى أنه يخطئ من شدة الفرح ليعبر عن شكره لربه فيقول: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" يخطئ من شدة الفرح كما في البخاري ومسلم، وفرح الله لا حاجة إلينا ولكن رأفة ورحمة بنا، ولطفًا بنا لنقبل عليه…
- رمضان قادم إلينا أيها الأحبة ذلك الضيف الكريم من الله، الذي هو شهر القرآن، ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ...}، شهر إحياء ميلاد القرآن إن جازت التسمية، القرآن العظيم الذي لو لم يكن لما كنا، ولم يكن نبيه صلى الله وسلم أصلا، ولكنا الآن كما كنا في جاهلية عمياء ظلماء صماء بكماء لا تحسن شيئًا أبدا، لما كنا الا كما كنا في تناحر وتخاصم وشقاق ما عرفنا الله ولا عرفنا غير نعجتنا وغير مائنا وسقائنا وخيمتنا، أعراب أجلاف بدو رحل لا يعرفون ربًا، ولا يعرفون دينًا، ولا يعرفون شعيرة، ولا يعرفون شيئًا من ذلك حتى جاء القرآن، وفي كل عام يأتي القرآن متجدداً مُجدداً لتلك الأيام الخالية: ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ...}، إحياء، مدارسة، تعبداً، قراءة، وترتيلاً، أيضًا عملاً وهو الأهم وفي الصحيح: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، لا أقول ألف لام ميم حرف، بل ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف، والحرف بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها إلى سبعين ضعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة والله يضاعف لمن يشاء"، بل في البخاري ومسلم يستثير النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بسؤال: "أيحب أحدكم أن يغدو إلى العقيق أو إلى بطحان فيأتي منه بناقتين كوماوين زهراوين من غير إثم ولا قطيعة رحم"، وهن أجمل نوق العرب، كآخر موديل من سياراتنا الآن، والعقيق أو إلى بطحان مسافة أمتار يخرج من بيته إليها ثم يعود فيأتي بسيارتين كأفخم أنواع سياراتنا الآن، قال الصحابة: كلنا يحب ذلك يا رسول الله قال: " لأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيقرأ أو يعلم آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين وثلاث، خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل"، فبقدر قراءتك لآيات كتاب الله في مسجدك، تكون الفضائل والمكرمات لك، والعطايا الجسام، والهبات والمنح من الله لا من الناس…
- قادم إلينا رمضان وهو شهر الصبر و: {إِنَّما يُوَفَّى الصّابِرونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسابٍ﴾.
- قادم إلينا رمضان وهو شهر القيام، "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"، والحديث في البخاري ومسلم وزاد البخاري: "ما تقدم من ذنبه وما تأخر".
- قادم إلينا شهر رمضان شهر الصوم و: "من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا" أي سبعين سنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم.
- قادم إلينا شهر رمضان شهر التراويح: "ومن قام مع إمامه حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة' كما في صحيح مسلم.
- قادم إلينا شهر رمضان شهر المغفرة، وفي المتفق عليه; "ورمضان إلى رمضان كفاراتٌ لما بينهن إذا اُجتنبت الكبائر"، و:"رغم أنف من أدرك رمضان ثم انصرم ولم يغفر له"، و: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه.
ـ قادم إلينا شهر باب الريان: " إن في الجنة بابا يقل له الريان يدخل منه الصائمون لا يدخل منه غيرهم" متفق عليه.
ـ قادم إلينا شهر الأخلاق، والكف عن القيل والقال، وغشيان الحرام، وفي الصحيح: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وفي آخر: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد فليقل: "إني صائم، إني صائم، إني صائم".
ـ قادم إلينا أيها الأحبة شهر إجابة الدعاء وفي الصحيح: "للصائم دعوة لا ترد".
- شهر رمضان ذلك القادم إلينا ببركاته ونفحاته وعطاياه هو شهر الإقبال على الله بكل ما تعنيه الكلمة من إقبال، شهر النوافل، شهر الفرائض وفي البخاري: "ما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي"، وهنا اللغز الذي يجب أن يُتداول في رمضان، أما الفرائض فكلنا إن شاء الله مؤديها إن لم يكن بنسبة ساحقة بالمئات فيكون بالتسعينات من الناس لكن الأهم هو تكملة الحديث: "وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فأذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به"، ما اعظمها! ما اجملها! الله عز وجل تسمع بسمعه، وترى برؤيته، وتمشي كذلك وتنطلق وكل شيء، "وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فأذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه"، نون توكيد المثقلة المشددة لأعطينه، "ولأن استعاذني لأعيذنه"، حاز جميع الفضائل في الدنيا و الآخرة، وانتهت وزالت وابتعدت تلك المكروهات عنه وفي الدنيا وفي الآخرة، بتقربه إلى الله، ومن لم يقترب من الله في رمضان فلن يقترب من الله في غيره، من لم يقبل على في هذا الشهر الكريم فلا تنتظر منه أن يقبل عليه في غيره، من لم يعرف الله، من لم يتعرف على الله، ومن لم يزدد من النوافل في رمضان فلا تنتظر له في غيره، من لم يعبد الله، من لم يعرف مساجد الله، من فاتته تكبيرة الإحرام، من لم يقرأ القرآن، من لم يعمل بأحكامه، ويرتل آياته، ويستمتع بخطابه، ويتذوق حلواته في رمضان فمتى، من لم يفعل هذا ولا ذاك في رمضان فبعيد محال عادة أن يقبل على الله في غيره؛ لأنه شهر هيأه الله بكل المهيئات، حتى أنه قيّد الشياطين، وأغلق باب النيران، فتح باب الجنان، وهدى القلوب إليه، وحبب طاعته لها، ويسر مرضاته لأصحابها، فإنسان لم يقبل على الله وهذه الأمور موجودة لن يقبل على الله ما دام وأنها معدومة، أقول قولي هذا وأستغفر الله…
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- إن شهر رمضان أكثر من أن نتكلم عنه، وأكثر من أن نحدثكم به، وأكثر من أن نححي ما فيه من فضائل ومكرمات، ولكن أيها الاخوة ساعات قليلة تفصلنا عن هذا الشهر الكريم، ألا فالله الله في الإقبال على الله، في الإتيان بكل طاعات الله نستطيعها، في الاقتراب أكثر وأكثر من الله، في الفوز بهذه البركات والنفحات، بأن لا تفوتنا هذه الفضائل والمكرمات، الله الله بأن نأتي إلى مساجد الله، نقرأ آيات الله نرتل ما فيها نعلم ما فيها، الله الله في أن نستغل أوقات رمضان فيما فيه خير، الله الله لا تفوتنا تلك الفرصة السانحة التي لا تعوض، الله الله في أن نعرف قدر رمضان نقدره حق قدره، ونعرف عظمته، أن نحافظ على هذه الأمانة الكبرى، وهذه الشعيرة العظمى التي وهبنا الله عز وجل إياها، أن نرعاها حق رعايتها، الله الله لأن نستغل ليله ونهاره، وأن نحصن أنفسنا ألسنتنا أسماعنا لنتخلق بأخلاقه، أن نتخرج من هذه الجامعة الإلهية بأعظم الأوسمة…
- رمضان قادم إلينا فلنقدم عليه اولاً بقلوبنا، لنقدم عليه بقلوب طاهرة صافية ناوية للخيرات، تريد الخير تقبل على الله، وتطلب منه أن يوفقها لخيراته: ﴿ إِن يَعلَمِ اللَّهُ في قُلوبِكُم خَيرًا يُؤتِكُم خَيرًا مِمّا أُخِذَ مِنكُم وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾، وإياك لنحذر جميعًا من أن نكون من أولئك الناس الذين تقبل عليهم الأيام والليالي والمكرمات فلا يبالي بها وكأنها غير موجودة، وأولئك يصدق عليهم قول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتنَتَهُ فَلَن تَملِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيئًا أُولئِكَ الَّذينَ لَم يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلوبَهُم لَهُم فِي الدُّنيا خِزيٌ وَلَهُم فِي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظيمٌ﴾، نعوذ بالله من ذلك، أولئك أناس حرمهم الله، أشقاهم الله، أعماهم الله، ثقلت عليهم الخيرات، اشتدت عليهم، صعُبت، رأوها بعيدة محالة كبيرة لا يمكن أن يقربوها بينه وبينها مسافات شاسعات لا يستطيعون الوصول إليها، أما الحرام فليس بينهم وبينه شيء، بل هو قريب إليهم، حبيب إلى قلوبهم، ما إن يريدوه حتى يهتكوه، ما أن يطلبوه حتى يأتوه، ما أن يفكروا فيه حتى يروه أمامهم، ذلك إنسان محروم، إنسان بعيد، إنسان شقي، إنسان لا ينظر بنظر الله، لا يرى بنور الله، لا يسمع بسمع الله، إنسان يسمع بسمع الشيطان، يرى بالشيطان، ينطلق مع الشيطان، أعرض عنه الرحمن وتولاه الشيطان: ﴿وَمَن يَعشُ عَن ذِكرِ الرَّحمنِ نُقَيِّض لَهُ شَيطانًا فَهُوَ لَهُ قَرينٌ﴾.
- وأخيرًا: أنت بين خيارين، خاصة في شهر رمضان بين خيارين إما أن تكون في صف الرحمن، وبالتالي أنت تقبل على الله بأنواع الطاعات، أو أن تكون في طريق وسبيل وطاعة الشيطان وبالتالي ويل لك ثم ويل لك…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
*❈- الحساب الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر:*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رقم وتساب:*
https://wsend.co/967967714256199
https://wa.me/967714256199
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2 ...المزيد
*شهر.شعبان.حِكَمٌ.وأحكام.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد العالمي لعلماء ...
*شهر.شعبان.حِكَمٌ.وأحكام.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/LrPFcGGg77o
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 8/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإن العبد الصالح المنقطع لربه، المنشغل بمولاه، لا يصده عنه صاد، ولا يرده عنه راد، لا يقف شيئًا أمامه أبدا، لايمكن لأحد أن يعترض ذلك المكان الذي يريده، وذلك الهدف الذي يتوجه له، ويرى على أن كل اعتراض له ليس بشيء؛ لأنه انقطع لمولاه، لأنه يتجه لربه، لأنه يريد حبيبه جل جلاله: ﴿لا أَبرَحُ حَتّى أَبلُغَ مَجمَعَ البَحرَينِ أَو أَمضِيَ حُقُبًا﴾، إنه يسلك كل سبيل، وكل طريق، وكل ما يؤدي إلى ربه عز وجل، ويستسهل بذلك الصعاب، والمشاق، ولا يقترف بشيء أبدا…
- بل يجد متعة وأنسا، يقوم الليل لا يفتر، يصوم النهار لا يفطر، لا يتأوه من شيء، ولا يرى على أن شيئًا من هذه ثقيل عليه، ومصيبة نزلت به، بل الأمور سهلة ويسيرة وليست بشيء؛ لأنه يريد ربه تبارك وتعالى وبالتالي فكل شيء دونه لا شيء، ومن عرف الغاية هانت عليه الوسيلة، وهانت عليه التضحية، ذاك في الحقيقة إنسان عرف الله، هو إنسان اتجه إلى الله، هو إنسان اغتنم مكرمات الله، هو إنسان عرف أين الله، هو إنسان وجد الله فما فقده أبدا، ذلك الإنسان المتصل بمولاه المنشغل بحبيبه جل جلاله كل شيء عنده يسير وكل شيء عنده سهل، وكل شيء ذلول لأنه اتجه نحو من يسهل كل شيء، ولا يصعب عليه أي شيء، من بيده ملكوت السماوات والأرض، وإذا كان الناس يقطعون ما يقطعون من الدنيا من محابهم وأشغالهم وأعمالهم ودنياهم وهم يرتجزون ويفتخرون ويعتزون ويرون على أن هذه الأمور عادية سهلة يسيرة، بينما غيرهم يراها ثقيلة وصعبة وجليلة، لكنهم لما رأوا أن حبهم في ذلك الشيء ومتعتهم له استصغروا ذلك الشيء، واستسهلوه، وسهل عليهم جدا، فكيف بطائعٍ لربه كيف بعارفٍ لمولاه:
إذا كان حب العالمين من الورى
على مثل ليلى وسلمى يذهب العقل واللبى
فماذا يقول العابد الذي
سمت نفسه شوقًا إلى العالم الأعلى
- إذا كان هؤلاء يحبون ويعتزون ويفتخرون ويقضون الليل والنهار والأنفس والأعمار لمحابهم، ويرون على أن هذه التوافه توصلهم إلى ما يريدون وإلى ما يحبون وبالتالي لو انقطعت أنفاسهم وأعمارهم وأوقاتهم لأجلها ليست بشيء، ترى مثلاً قيس بن الملوح مجنون ليلى يجن على ليلاه لأنه أحبها لأنه رآها أنها كل شيء، وبالتالي لو انقطعت نفسه وانتهى عمره، وفني جسده وقلبه وكل شيء فأنه ليس بشيء حتى أنه لما رأى الكعبة لم يتذكر شيئًا الا أنه تذكر من أحبها ومن عشقها ومن أحبها في مهده وصباه، هذا وهو في الكعبة، يرى أن كل شيء يمثل ليلاه حتى الكعبة
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهم
- وللعلم فما ذهب به والده للكعبة إلا باقتراح الناس وأصحاب الخبرة والعلاج الذين قالوا يمكن علاجه لنسيان ليلى بالحج والعمرة فذهب به والده، لكن هيهات هيهات وقد قال
أحب لحبها السودان حتى
أحب لحبها سود الكلاب
فهي لما كانت سوداء كان يحب كل أسود، بل لما أخذه والده إلى منى، سمع رجلا ينادي على ابنته يا ليلى وكان اسم ابنته اسمها ليلى فجن جنون قيس هذا، وزاد طربه وشوقه لليلاه بالرغم هو في العلاج والمشاعر المقدسة لكن كل شيء لا شيء مادام قلبه خاليا عن كل شيء سوى ليله، فخر عند ذاك مغشيا عليه فأنشد
وداع دعى إذ نحن بالخيف من منى
فهيّج مكنون الفؤاد ولم يدري
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما
أطار بليلى طائرًا كان في صدري - سقت ما سقت لأؤكد قضية كبرى أشرت لها في المقدمة أنه إذا كان هؤلاء يتعلقون بتوافه زائلة، ودنيا فانية، ويجهدون أنفسهم، ويسخرون حياتهم، وأوقاتهم وكل شيء لأجل ذلك فكيف بمن يريد رضا الله جل جلاله، من يريد جنة عرضها السماوات والأرض، من يريد حياة باقية، ومتعة خالدة، وسعادة دائمة لا في الدنيا وحسب لا والآخرة معا.
- أيها الإخوة: كيف يتعلق العباد بتوافه حياتهم، وينقطعون لأجلها، وينسون ربهم الأعلى، ويمكن أن يتركوا فرائض الله لأجلها، بينما الله عز وجل يتناسونه، بينما الله تبارك وتعالى لا يتذكرونه، بينما الله عز وجل يكون أواخر اهتماماتهم، وآخر ما ينصرفون إليه إن انصرفوا إليه، وإلا فهم غائبون، إن ذلك الإنسان الذي عرف الله لا يمكنه أن يفضل شيئًا سواه، ولا يمكن أن يقدم غيره، ولا يمكن أبداً أن يبتدأ بشيء قبل ربه وعبادته مهما كان ذلك الشيء عنده عظيمـًا ويثمر في الدنيا وينتج له ويقتطع به دهوراً، فإن الله عنده قبل كل شيء وبالتالي هو يسابق الليل والنهار، هو منقطع للجبار لا يفوته فضل، ولا يذهب عنه فاضل، بل شعاره دائمًا وأبدا: {وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى﴾، هو شعاره يسابق الخلائق إلى الخالق، وينسى هموم حياته، ودنياه لأجل ربه ومولاه، هذا هو الناجح حقًا الذي سيكسب خيري الدنيا والأخرة، أما إنسان لم يعرف الله حق المعرفة وإن عرفه يومًا انقطع عنه شهورا، وإن تعرف عليه دهراً انقطع عنه دهورا، ما الذي فقد، وأي مصيبة نزلت به، وأي كارثة عمت عليه…
- ذلك إنسان مقطوع الصلةِ عن السماء وأصبح للأرض منسوبًا كادحًا فادحًا لا يجد الا النكد طول حياته أبدا: ﴿مَن كانَ يَظُنُّ أَن لَن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ فَليَمدُد بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ ليَقطَع فَليَنظُر هَل يُذهِبَنَّ كَيدُهُ ما يَغيظُ﴾، هذا إنسان قد أصبح الغيظ وأصبح الحزن والعيشة والضنك عليه دائمًا وابدا، ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرتَني أَعمى وَقَد كُنتُ بَصيرًا قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى وَكَذلِكَ نَجزي مَن أَسرَفَ وَلَم يُؤمِن بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبقى﴾، ذلك الإنسان الذي يعرض عن الآيات وتمر عليه النفحات والمكرمات ثم هو لا يعرف، ولا يغترف، ولا يلتفت إليها، ولا يغتنم ما فيها، هو إنسان منقطع عن الله، هو إنسان لم يعرف الله، هو إنسان لم يعرف توحيد الله، هو إنسان لم يتعرف على عظمة الله، هو إنسان جهل ربه، وأشغلته هواه ودنياه، ضاع مع نفسه وشيطانه، وانتكس وارتكس، وإذا شيك فلا انتقش، إنه إنسان ضاق صدره بمولاه، وكلما من شأنه العودة إليه والقرب منه، وفتح صدره لدنياه وتوافه الحياة: ﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهدِيَهُ يَشرَح صَدرَهُ لِلإِسلامِ وَمَن يُرِد أَن يُضِلَّهُ يَجعَل صَدرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجعَلُ اللَّهُ الرِّجسَ عَلَى الَّذينَ لا يُؤمِنونَ﴾.
- ذلك الأنسان الذي يريد الله والدار الأخرة لا يمكن أن تمر عليه النفحات والبركات والمُكرمات من الله عز وجل دون استغلال، وإن أعظم مُكرمة على الإطلاق تمر على العبد في كل يومه وليلته محافظته على وقته، وصرف كل لحظاته في عبادة ربه وطاعته، وهناك مُكرمات وفضائل قليل من يغتنمها ويعرفها، ولهذا السلف كانوا يتجهون إلى الله عز وجل كثيرا إذا رأوا أن ذلك الباب قد اختلى، وذلك الباب قد أصبح فارغًا من الناس يدخلون إلى الله منه، قال أحدهم بحثت عن الله في كل باب فوجدت كل بابٍ إلى الله ملأى، قال فبحثت عنه من باب الذُل والانكسار فوجدت ذلك الباب فارغًا ليس فيه أحد، فكانوا يتقنصون ويتفرسون ويلتفتون إلى أماكن فيها فراغ، إلى أماكن فيها خلوة، إلى أماكن يجدون الله فيها أكثر مما يجدونه في غيرها، إلى مواضع هي مواضع نفحة لو وجدها ذلك العبد لانطلق بها نحو الدنيا بما فيها، ولو فُتح له ما فتح منها لكانت سعادته الأبدية؛ لأنها بركة لحظة يوفر عليه ساعات بل سنوات بل دهور وأعوام، إذا صدق العبد مع الله عز وجل في ذلك…
- وهذا شعبان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم أكثره ولما سئُل عليه الصلاة والسلام عن ذلك سأله الحب ابن الحب أسامة بن زيد يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟
قال: "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم"، الموضع خالٍ موضع إن وُجد فيه أُناس فهم بالقلائل، وبذلك يغتنم فيختلي بالخالق جل جلاله، وينقطع نحوه: "ذاك شهرٌ يغفل الناس عنه بين رمضان ورجب وتُرفع فيه الأعمال وأحب أن يُرفع إلى الله عملي وأنا صائم"، سببان يجعلان الحبيب صلى الله عليه وسلم يحرص على صيام شعبان، أول شيء أنه شهر يغفل الناس عنه، فلا يكثرون من الصيام فيه، ولا كثير من العبادات، بل إنما يلتفتون إلى الأسواق عادة عند كثير من الناس الذين اهتموا ببطونهم، بملاحقة الأسواق، وتلوين المشتريات لأجل بطونهم في رمضان، وأمورهم الشخصية على حساب ربهم وواجبنا نحوه، فلم يلتفتوا نحو عبادتهم وطاعتهم الحقيقية وسبب الوصول إلى رب العالمين جل جلاله…
- فذلك السبب الأول الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف للعبادة الصيام في شعبان حتى قالت عائشة رضي الله عنها وكذلك أم سلمة: "كان صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر شعبان ولم أره يصوم في شهر من الشهور أكثر مما نراه يصوم في شعبان كان يصومه كله بل لا يفطر منه الا قليلا"، وفي رواية عند مسلم: " ما رأيت رسول الله اتم شهراً تامًا غير شعبان" يعني بدون رمضان، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يهتم اهتمامًا بصيام هذا الشهر العظيم الذي هو مقدمة وممهدة وتعود للمسلم، الشهر الحبيب إلى الله من جميع الشهور على الإطلاق في السنة كلها كما قال عنه ابن الجوزي هو كيوسف حبيب إلى يعقوب، فكذلك رمضان حبيب إلى الله عز وجل وبالتالي فنرى أن الحبيب عليه الصلاة والسلام يحرص على صومه يكثر من الصيام فيه، يكثر العبادة، وهكذا السلف الصالح كانت تكتر عندهم كلمات اللهم بلغنا رمضان، ويقولون ايضًا دعاء ونداء ورجاء كما قال المعلى بن الفضل أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وستة أشهر أن يتقبله منهم، و اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان والحديث ضعيف لكنهم كانوا يدعون به..
- فهذا الشهر يعد اختصاراً كبيراً وهائلاً للوصول إلى الله، للوصول إلى رب العالمين سبحانه وتعالى، للوصول إلى رضا الله، فإذا كان العبد يرجو ما يرجو من مُكرمةٌ عند الله فإنه يغتنم مثل هذا الشهر وهذه الأوقات خاصة وأنه شهر فيه تُرفع الأعمال وأحب أن يرفع عملي إلى الله وأنا صائم وهناك الرفع اليومي، والرفع الشعباني، والرمضاني الذي هو في ليلة القدر، وايضًا وأن شعبان قد اختصه الله برفع أعمال العباد والحديث صحيح وأيضًا فإنه قد ورد في حديثٍ حسن أن الله تبارك وتعالى يغفر لجميع خلقه في ليلة النصف من شعبان وهو الحديث الوحيد الذي حُسن من أحاديث فضل النصف من شعبان، ينظر الى الناس جميعًا فيغفر لهم جميعًا الا لمشرك أو لمشاحن، الا المشرك لا يؤمن بالله ولا يؤمن بوجوده تعالى، وآخر قُرن به وتساوى معه وهو إنسان بينه وبين آخر شحناء وبغضاء وخصام وحسد فالقلب مملوء بذلك كله وبالتالي محجوب عن مغفرة الله، محجوب عن نظر الله، محجوب عن رفع أعماله إلى الله عز وجل، الا فلننقي قلوبنا ولنصفها ولنحرص على صيام هذا الشهر أو اكثره وإن لم يكن يوم بيوم أو اكثر ما فيه فإنه لا ينقطع المسلم عن صيام الاثنين والخميس، وعن صيام أيام البيض، وفي البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل رجلاً: "هل صمت من سُرر شعبان شيئًا؟" يعني من وسطه أو قيل إنه من آخره فقال لا يا رسول الله قال فإذا ففطرت فصم يومين مكانه"، مكان السرر من شعبان وهو منتصف شعبان، ثالث عشر، ورابع عشر، وخامس عشر من شعبان.
- فليحرص المسلم ولو على أن يصوم الاثنين والخميس وعلى أن يصوم ايام البيض وليتنبه جيدا للبدء في الصيام من الآن قبل دخول نصف شعبان؛ فإنه قد ورد في حديث مختلف فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصيام ابتداء من منتصف شعبان، "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا"، فلا تصوموا، وهذا محتمل إذا كان المسلم يعتقد فضلاً زائداً على آخر شعبان، وعلى ما بعد المنتصف، فهنا يصدق عليه الحديث، أما من لا يعتقد فضلاً زائداً على ما بعد المنتصف فلا بأس أن يبتدأ الصيام من المنتصف على الراجح؛ لأن "النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن أن يتقدم المسلم رمضان بصيام يوم أو يومين"، رواه البخاري ومسلم، وهذا دليل على جواز الصيام في كل شعبان إلا قبل رمضان بيوم أو يومين فيترك من لم تكن عادته لو وافق يوم عادة له كاثنين وخميس، وهو أصح من الأول، ولكن ينبغي للمسلم أن يحرص كل الحرص على تطبيق الأحاديث بكلها وعلى العمل برمتها وبالتالي يبتدأ الصيام من الآن ولو لكل اثنين وخميس من شعبان حتى يعمل بسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ويرفع عمله إلى ربه وهو صائم، وأيضًا يغتنم هذه البركة من الله عز وجل بركة غفلة الناس عن الله بينما هو مشغول بمولاه، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- فإن من التنبيهات المهمات التي ينبغي أن يتنبه لها الناس في شهر شعبان على أن من بقت عليه أيام أو عليها أيام من رمضان الماضي لم تصمه أو لم يصمها تلك الأيام فإن الواجب عليه أو عليها أن يبادر بالصيام قبل أن يدخل رمضان فإن ذلك متفق على تحريمه؛ لأن الله تبارك وتعالى قد جعل عدة من أيام أخر والأيام الأخر هي كل العام حتى يأتي رمضان، ولهذا كانت عائشة رضي الله عنها تفرغ شعبان لقضاء ما عليها من صيام في رمضان كما في الحديث في البخاري ومسلم، لأنها تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم أكثر شعبان، وبالتالي هي توافق رغبته عليه الصلاة والسلام، فلا يحتاج إليها في نهار فهي صائمة وهو صائم، فمن كان عليه أو عليها صيام من رمضان ماض فالواجب المبادرة الحتمية لصيامه ولا يحل تأخيره لما بعد رمضان أو يدخل رمضان ولا زال عليه، ولهذا يذهب الجمهور مع إثمه يذهبون إلى وجوب القضاء عليه فور رمضان، ثم أيضًا عليه الكفارة لأنه ارتكب اثمًا وارتكب معصية، فينبغي للمسلم أن يحرص على ان يكمل ما عليه من صيام ولا يتهاون فيه أبدا.
- ونتنبه لمسألة أخيرة وخطيرة وهي أن في شهر شعبان تكثر البدع والمخالفات، وخاصة من زيارة قبر نبي الله هود وهو كذب وزور فلا يوجد أي قبر لنبي معروف الآن إلا قبر نبينا صلى الله عليه وسلم، وكذلك من البدع إحياء ليلة النصف من شعبان، ومنها من كذلك الاحتفالات والزين وصلاة الرغائب وصلوات مختلفة وحاجات وصلوات يحدثونها في شعبان أو انهم يكثرون من عبادة وطاعة في أيام بعينها أو في ليالٍ بعينها في شعبان، وكل هذا غير وارد أبداً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخير الأمور هي ما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن الله تبارك وتعالى قد قال، {اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينًا...ٌ}، فهو تام وكامل ونعمة ومرضي من الله وأي شيءً بعد هذا إلا مخالفة صريحة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام
وخير أمور الدين ما كان سنة
وشر الأمور المحدثات البدائع
﴿فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ}.
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/LrPFcGGg77o
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 8/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإن العبد الصالح المنقطع لربه، المنشغل بمولاه، لا يصده عنه صاد، ولا يرده عنه راد، لا يقف شيئًا أمامه أبدا، لايمكن لأحد أن يعترض ذلك المكان الذي يريده، وذلك الهدف الذي يتوجه له، ويرى على أن كل اعتراض له ليس بشيء؛ لأنه انقطع لمولاه، لأنه يتجه لربه، لأنه يريد حبيبه جل جلاله: ﴿لا أَبرَحُ حَتّى أَبلُغَ مَجمَعَ البَحرَينِ أَو أَمضِيَ حُقُبًا﴾، إنه يسلك كل سبيل، وكل طريق، وكل ما يؤدي إلى ربه عز وجل، ويستسهل بذلك الصعاب، والمشاق، ولا يقترف بشيء أبدا…
- بل يجد متعة وأنسا، يقوم الليل لا يفتر، يصوم النهار لا يفطر، لا يتأوه من شيء، ولا يرى على أن شيئًا من هذه ثقيل عليه، ومصيبة نزلت به، بل الأمور سهلة ويسيرة وليست بشيء؛ لأنه يريد ربه تبارك وتعالى وبالتالي فكل شيء دونه لا شيء، ومن عرف الغاية هانت عليه الوسيلة، وهانت عليه التضحية، ذاك في الحقيقة إنسان عرف الله، هو إنسان اتجه إلى الله، هو إنسان اغتنم مكرمات الله، هو إنسان عرف أين الله، هو إنسان وجد الله فما فقده أبدا، ذلك الإنسان المتصل بمولاه المنشغل بحبيبه جل جلاله كل شيء عنده يسير وكل شيء عنده سهل، وكل شيء ذلول لأنه اتجه نحو من يسهل كل شيء، ولا يصعب عليه أي شيء، من بيده ملكوت السماوات والأرض، وإذا كان الناس يقطعون ما يقطعون من الدنيا من محابهم وأشغالهم وأعمالهم ودنياهم وهم يرتجزون ويفتخرون ويعتزون ويرون على أن هذه الأمور عادية سهلة يسيرة، بينما غيرهم يراها ثقيلة وصعبة وجليلة، لكنهم لما رأوا أن حبهم في ذلك الشيء ومتعتهم له استصغروا ذلك الشيء، واستسهلوه، وسهل عليهم جدا، فكيف بطائعٍ لربه كيف بعارفٍ لمولاه:
إذا كان حب العالمين من الورى
على مثل ليلى وسلمى يذهب العقل واللبى
فماذا يقول العابد الذي
سمت نفسه شوقًا إلى العالم الأعلى
- إذا كان هؤلاء يحبون ويعتزون ويفتخرون ويقضون الليل والنهار والأنفس والأعمار لمحابهم، ويرون على أن هذه التوافه توصلهم إلى ما يريدون وإلى ما يحبون وبالتالي لو انقطعت أنفاسهم وأعمارهم وأوقاتهم لأجلها ليست بشيء، ترى مثلاً قيس بن الملوح مجنون ليلى يجن على ليلاه لأنه أحبها لأنه رآها أنها كل شيء، وبالتالي لو انقطعت نفسه وانتهى عمره، وفني جسده وقلبه وكل شيء فأنه ليس بشيء حتى أنه لما رأى الكعبة لم يتذكر شيئًا الا أنه تذكر من أحبها ومن عشقها ومن أحبها في مهده وصباه، هذا وهو في الكعبة، يرى أن كل شيء يمثل ليلاه حتى الكعبة
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا
إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهم
- وللعلم فما ذهب به والده للكعبة إلا باقتراح الناس وأصحاب الخبرة والعلاج الذين قالوا يمكن علاجه لنسيان ليلى بالحج والعمرة فذهب به والده، لكن هيهات هيهات وقد قال
أحب لحبها السودان حتى
أحب لحبها سود الكلاب
فهي لما كانت سوداء كان يحب كل أسود، بل لما أخذه والده إلى منى، سمع رجلا ينادي على ابنته يا ليلى وكان اسم ابنته اسمها ليلى فجن جنون قيس هذا، وزاد طربه وشوقه لليلاه بالرغم هو في العلاج والمشاعر المقدسة لكن كل شيء لا شيء مادام قلبه خاليا عن كل شيء سوى ليله، فخر عند ذاك مغشيا عليه فأنشد
وداع دعى إذ نحن بالخيف من منى
فهيّج مكنون الفؤاد ولم يدري
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما
أطار بليلى طائرًا كان في صدري - سقت ما سقت لأؤكد قضية كبرى أشرت لها في المقدمة أنه إذا كان هؤلاء يتعلقون بتوافه زائلة، ودنيا فانية، ويجهدون أنفسهم، ويسخرون حياتهم، وأوقاتهم وكل شيء لأجل ذلك فكيف بمن يريد رضا الله جل جلاله، من يريد جنة عرضها السماوات والأرض، من يريد حياة باقية، ومتعة خالدة، وسعادة دائمة لا في الدنيا وحسب لا والآخرة معا.
- أيها الإخوة: كيف يتعلق العباد بتوافه حياتهم، وينقطعون لأجلها، وينسون ربهم الأعلى، ويمكن أن يتركوا فرائض الله لأجلها، بينما الله عز وجل يتناسونه، بينما الله تبارك وتعالى لا يتذكرونه، بينما الله عز وجل يكون أواخر اهتماماتهم، وآخر ما ينصرفون إليه إن انصرفوا إليه، وإلا فهم غائبون، إن ذلك الإنسان الذي عرف الله لا يمكنه أن يفضل شيئًا سواه، ولا يمكن أن يقدم غيره، ولا يمكن أبداً أن يبتدأ بشيء قبل ربه وعبادته مهما كان ذلك الشيء عنده عظيمـًا ويثمر في الدنيا وينتج له ويقتطع به دهوراً، فإن الله عنده قبل كل شيء وبالتالي هو يسابق الليل والنهار، هو منقطع للجبار لا يفوته فضل، ولا يذهب عنه فاضل، بل شعاره دائمًا وأبدا: {وَعَجِلتُ إِلَيكَ رَبِّ لِتَرضى﴾، هو شعاره يسابق الخلائق إلى الخالق، وينسى هموم حياته، ودنياه لأجل ربه ومولاه، هذا هو الناجح حقًا الذي سيكسب خيري الدنيا والأخرة، أما إنسان لم يعرف الله حق المعرفة وإن عرفه يومًا انقطع عنه شهورا، وإن تعرف عليه دهراً انقطع عنه دهورا، ما الذي فقد، وأي مصيبة نزلت به، وأي كارثة عمت عليه…
- ذلك إنسان مقطوع الصلةِ عن السماء وأصبح للأرض منسوبًا كادحًا فادحًا لا يجد الا النكد طول حياته أبدا: ﴿مَن كانَ يَظُنُّ أَن لَن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ فَليَمدُد بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ ليَقطَع فَليَنظُر هَل يُذهِبَنَّ كَيدُهُ ما يَغيظُ﴾، هذا إنسان قد أصبح الغيظ وأصبح الحزن والعيشة والضنك عليه دائمًا وابدا، ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرتَني أَعمى وَقَد كُنتُ بَصيرًا قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى وَكَذلِكَ نَجزي مَن أَسرَفَ وَلَم يُؤمِن بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبقى﴾، ذلك الإنسان الذي يعرض عن الآيات وتمر عليه النفحات والمكرمات ثم هو لا يعرف، ولا يغترف، ولا يلتفت إليها، ولا يغتنم ما فيها، هو إنسان منقطع عن الله، هو إنسان لم يعرف الله، هو إنسان لم يعرف توحيد الله، هو إنسان لم يتعرف على عظمة الله، هو إنسان جهل ربه، وأشغلته هواه ودنياه، ضاع مع نفسه وشيطانه، وانتكس وارتكس، وإذا شيك فلا انتقش، إنه إنسان ضاق صدره بمولاه، وكلما من شأنه العودة إليه والقرب منه، وفتح صدره لدنياه وتوافه الحياة: ﴿فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهدِيَهُ يَشرَح صَدرَهُ لِلإِسلامِ وَمَن يُرِد أَن يُضِلَّهُ يَجعَل صَدرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجعَلُ اللَّهُ الرِّجسَ عَلَى الَّذينَ لا يُؤمِنونَ﴾.
- ذلك الأنسان الذي يريد الله والدار الأخرة لا يمكن أن تمر عليه النفحات والبركات والمُكرمات من الله عز وجل دون استغلال، وإن أعظم مُكرمة على الإطلاق تمر على العبد في كل يومه وليلته محافظته على وقته، وصرف كل لحظاته في عبادة ربه وطاعته، وهناك مُكرمات وفضائل قليل من يغتنمها ويعرفها، ولهذا السلف كانوا يتجهون إلى الله عز وجل كثيرا إذا رأوا أن ذلك الباب قد اختلى، وذلك الباب قد أصبح فارغًا من الناس يدخلون إلى الله منه، قال أحدهم بحثت عن الله في كل باب فوجدت كل بابٍ إلى الله ملأى، قال فبحثت عنه من باب الذُل والانكسار فوجدت ذلك الباب فارغًا ليس فيه أحد، فكانوا يتقنصون ويتفرسون ويلتفتون إلى أماكن فيها فراغ، إلى أماكن فيها خلوة، إلى أماكن يجدون الله فيها أكثر مما يجدونه في غيرها، إلى مواضع هي مواضع نفحة لو وجدها ذلك العبد لانطلق بها نحو الدنيا بما فيها، ولو فُتح له ما فتح منها لكانت سعادته الأبدية؛ لأنها بركة لحظة يوفر عليه ساعات بل سنوات بل دهور وأعوام، إذا صدق العبد مع الله عز وجل في ذلك…
- وهذا شعبان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم أكثره ولما سئُل عليه الصلاة والسلام عن ذلك سأله الحب ابن الحب أسامة بن زيد يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟
قال: "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم"، الموضع خالٍ موضع إن وُجد فيه أُناس فهم بالقلائل، وبذلك يغتنم فيختلي بالخالق جل جلاله، وينقطع نحوه: "ذاك شهرٌ يغفل الناس عنه بين رمضان ورجب وتُرفع فيه الأعمال وأحب أن يُرفع إلى الله عملي وأنا صائم"، سببان يجعلان الحبيب صلى الله عليه وسلم يحرص على صيام شعبان، أول شيء أنه شهر يغفل الناس عنه، فلا يكثرون من الصيام فيه، ولا كثير من العبادات، بل إنما يلتفتون إلى الأسواق عادة عند كثير من الناس الذين اهتموا ببطونهم، بملاحقة الأسواق، وتلوين المشتريات لأجل بطونهم في رمضان، وأمورهم الشخصية على حساب ربهم وواجبنا نحوه، فلم يلتفتوا نحو عبادتهم وطاعتهم الحقيقية وسبب الوصول إلى رب العالمين جل جلاله…
- فذلك السبب الأول الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف للعبادة الصيام في شعبان حتى قالت عائشة رضي الله عنها وكذلك أم سلمة: "كان صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر شعبان ولم أره يصوم في شهر من الشهور أكثر مما نراه يصوم في شعبان كان يصومه كله بل لا يفطر منه الا قليلا"، وفي رواية عند مسلم: " ما رأيت رسول الله اتم شهراً تامًا غير شعبان" يعني بدون رمضان، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يهتم اهتمامًا بصيام هذا الشهر العظيم الذي هو مقدمة وممهدة وتعود للمسلم، الشهر الحبيب إلى الله من جميع الشهور على الإطلاق في السنة كلها كما قال عنه ابن الجوزي هو كيوسف حبيب إلى يعقوب، فكذلك رمضان حبيب إلى الله عز وجل وبالتالي فنرى أن الحبيب عليه الصلاة والسلام يحرص على صومه يكثر من الصيام فيه، يكثر العبادة، وهكذا السلف الصالح كانت تكتر عندهم كلمات اللهم بلغنا رمضان، ويقولون ايضًا دعاء ونداء ورجاء كما قال المعلى بن الفضل أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وستة أشهر أن يتقبله منهم، و اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان والحديث ضعيف لكنهم كانوا يدعون به..
- فهذا الشهر يعد اختصاراً كبيراً وهائلاً للوصول إلى الله، للوصول إلى رب العالمين سبحانه وتعالى، للوصول إلى رضا الله، فإذا كان العبد يرجو ما يرجو من مُكرمةٌ عند الله فإنه يغتنم مثل هذا الشهر وهذه الأوقات خاصة وأنه شهر فيه تُرفع الأعمال وأحب أن يرفع عملي إلى الله وأنا صائم وهناك الرفع اليومي، والرفع الشعباني، والرمضاني الذي هو في ليلة القدر، وايضًا وأن شعبان قد اختصه الله برفع أعمال العباد والحديث صحيح وأيضًا فإنه قد ورد في حديثٍ حسن أن الله تبارك وتعالى يغفر لجميع خلقه في ليلة النصف من شعبان وهو الحديث الوحيد الذي حُسن من أحاديث فضل النصف من شعبان، ينظر الى الناس جميعًا فيغفر لهم جميعًا الا لمشرك أو لمشاحن، الا المشرك لا يؤمن بالله ولا يؤمن بوجوده تعالى، وآخر قُرن به وتساوى معه وهو إنسان بينه وبين آخر شحناء وبغضاء وخصام وحسد فالقلب مملوء بذلك كله وبالتالي محجوب عن مغفرة الله، محجوب عن نظر الله، محجوب عن رفع أعماله إلى الله عز وجل، الا فلننقي قلوبنا ولنصفها ولنحرص على صيام هذا الشهر أو اكثره وإن لم يكن يوم بيوم أو اكثر ما فيه فإنه لا ينقطع المسلم عن صيام الاثنين والخميس، وعن صيام أيام البيض، وفي البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل رجلاً: "هل صمت من سُرر شعبان شيئًا؟" يعني من وسطه أو قيل إنه من آخره فقال لا يا رسول الله قال فإذا ففطرت فصم يومين مكانه"، مكان السرر من شعبان وهو منتصف شعبان، ثالث عشر، ورابع عشر، وخامس عشر من شعبان.
- فليحرص المسلم ولو على أن يصوم الاثنين والخميس وعلى أن يصوم ايام البيض وليتنبه جيدا للبدء في الصيام من الآن قبل دخول نصف شعبان؛ فإنه قد ورد في حديث مختلف فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصيام ابتداء من منتصف شعبان، "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا"، فلا تصوموا، وهذا محتمل إذا كان المسلم يعتقد فضلاً زائداً على آخر شعبان، وعلى ما بعد المنتصف، فهنا يصدق عليه الحديث، أما من لا يعتقد فضلاً زائداً على ما بعد المنتصف فلا بأس أن يبتدأ الصيام من المنتصف على الراجح؛ لأن "النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن أن يتقدم المسلم رمضان بصيام يوم أو يومين"، رواه البخاري ومسلم، وهذا دليل على جواز الصيام في كل شعبان إلا قبل رمضان بيوم أو يومين فيترك من لم تكن عادته لو وافق يوم عادة له كاثنين وخميس، وهو أصح من الأول، ولكن ينبغي للمسلم أن يحرص كل الحرص على تطبيق الأحاديث بكلها وعلى العمل برمتها وبالتالي يبتدأ الصيام من الآن ولو لكل اثنين وخميس من شعبان حتى يعمل بسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم ويرفع عمله إلى ربه وهو صائم، وأيضًا يغتنم هذه البركة من الله عز وجل بركة غفلة الناس عن الله بينما هو مشغول بمولاه، أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- فإن من التنبيهات المهمات التي ينبغي أن يتنبه لها الناس في شهر شعبان على أن من بقت عليه أيام أو عليها أيام من رمضان الماضي لم تصمه أو لم يصمها تلك الأيام فإن الواجب عليه أو عليها أن يبادر بالصيام قبل أن يدخل رمضان فإن ذلك متفق على تحريمه؛ لأن الله تبارك وتعالى قد جعل عدة من أيام أخر والأيام الأخر هي كل العام حتى يأتي رمضان، ولهذا كانت عائشة رضي الله عنها تفرغ شعبان لقضاء ما عليها من صيام في رمضان كما في الحديث في البخاري ومسلم، لأنها تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم أكثر شعبان، وبالتالي هي توافق رغبته عليه الصلاة والسلام، فلا يحتاج إليها في نهار فهي صائمة وهو صائم، فمن كان عليه أو عليها صيام من رمضان ماض فالواجب المبادرة الحتمية لصيامه ولا يحل تأخيره لما بعد رمضان أو يدخل رمضان ولا زال عليه، ولهذا يذهب الجمهور مع إثمه يذهبون إلى وجوب القضاء عليه فور رمضان، ثم أيضًا عليه الكفارة لأنه ارتكب اثمًا وارتكب معصية، فينبغي للمسلم أن يحرص على ان يكمل ما عليه من صيام ولا يتهاون فيه أبدا.
- ونتنبه لمسألة أخيرة وخطيرة وهي أن في شهر شعبان تكثر البدع والمخالفات، وخاصة من زيارة قبر نبي الله هود وهو كذب وزور فلا يوجد أي قبر لنبي معروف الآن إلا قبر نبينا صلى الله عليه وسلم، وكذلك من البدع إحياء ليلة النصف من شعبان، ومنها من كذلك الاحتفالات والزين وصلاة الرغائب وصلوات مختلفة وحاجات وصلوات يحدثونها في شعبان أو انهم يكثرون من عبادة وطاعة في أيام بعينها أو في ليالٍ بعينها في شعبان، وكل هذا غير وارد أبداً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخير الأمور هي ما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن الله تبارك وتعالى قد قال، {اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينًا...ٌ}، فهو تام وكامل ونعمة ومرضي من الله وأي شيءً بعد هذا إلا مخالفة صريحة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام
وخير أمور الدين ما كان سنة
وشر الأمور المحدثات البدائع
﴿فَليَحذَرِ الَّذينَ يُخالِفونَ عَن أَمرِهِ أَن تُصيبَهُم فِتنَةٌ أَو يُصيبَهُم عَذابٌ أَليمٌ}.
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
*كيف.فضحت.الحرب.الروسية.الأوكرانية.شعارات.الغرب.الزائفة.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق ...
*كيف.فضحت.الحرب.الروسية.الأوكرانية.شعارات.الغرب.الزائفة.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/CyohDT63pEU
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 1/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإننا نعيش في عالم مليء بالتناقضات، والعجائب، والمدلهمات، نعيش في عالم مرتبك، في عالم هو أشبه بغابة كبيرة اسمها الأرض، لا يعيش فيها إلا الأقوياء، إلا الأسود، إلا الغني الذي يلتهم الضعيف، والمسكين، والرعديد ومن دونه، والصحيح الذي يقتل المريض، والشابع الذذ يفترس الجائع…
- نعيش في عالم لا ندري بما نصفه، في عالم التناقضات، وفي عالم العجائب، والغرائب، والأهوال، والمصائب، والأكاذيب، والأغاليط، وكل الألاعيب، والحيل الشيطانية، في عالم يُصدَق الكاذب، ويُكذب الصادق، ويُخون الأمين، ويُؤتمن الخائن، الفاجر، يرتفع فيه السفيه والواطي، ويُنتكس فيه ويضعف ذلك المرتفع الذي يجب أن يعتلي…
- وبذلك تحققت نبوة الحبيب عليه الصلاة والسلام الذي وصف هذه الأحوال والسنوات بأنها سنون خداعات وهي كذلك مخادعات حقا، " سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ ". قِيلَ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : " الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ ".
- بينما نحن نعيش في القرن الواحد والعشرين إن صدقوا، في هذا القرن الذي امتلأ بالحديد، والبنايات، والتكنولوجيا، والحسابات، والأموال، وتكدس كل ما هو جميل في هذا القرن والعصر، أو هذه بالأصح الغابة الكبرى التي هي الأرض، لكن لا تخبرني عن هذا كله، هذا مجرد حطام وركام في ركام ليس بشيء، حديد بعضها فوق بعض، فاحذر أن تخبرني أننا في القرن الواحد والعشرين، احذر ثم احذر، لا تقل إننا في عصر السرعة والحضارة والتطور والتكنولوجيا…؛ إنها -يا عزيزي- ركام في ركام، وحديد بعضه فوق بعض، وسخافات وجاهليات معاصرة… قرن جاهلي وعالم أبكم أصم أعمى إلا عن حقوق بعض بعض الشعوب غير المسلمة…
- لا تحدثني عن حقوق الإنسان والطفل والمرأة والديمقراطية والإنسانية والإعلام والمنظمات الدولية، لا تحدثني عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لا تحدثني عن منع أسلحة الدمار الشامل واتفاقيات المناخ وجنيف والقانون الدولي الإنساني..لا تحدثني عن الرياضة وقوانينها، والإعلام وعدم الانحياز، لا تحدثني يا صديقي عن أي شيء من هذا أبدا…
- مللت سئمت بطرت شبعت أصابني الغثيان والأرق والتعب والنصب لكثرة الدندنة العالمية حول هذه الشعارات الباطلة المستهلكة الزائفة الكاذبة التي صُنعت لأفراد وجماعات وشعوب بعينها ولمصالحها وخدمتها ونطبل بعدها كالبغبغاوات نغرف بما لا نعرف
- لقد انتهت تلك الطلسمات وهذه الحيل الباطلات والشعارات الزائفات الكاذبات بما رأينا ونرى ونشاهد صباح مساء في حرب أوكرانيا وروسيا وكيف بدا للعالم أجمع أن تلك الشعارات والأنظمة والقوانين…وكل شيء انتهى وانتهت تحت أقدام الأوربيين، وأصبحت لا تعنيهم شيئًا عندما كانت لا تخدم مصالحهم…
- نُسفنا، أحُرقنا، دمُرنا، هُلكنا، مُتنا، جُعنا، سُفكت دمائُنا، أُحتلت أراضينا، سُجنا، سُلخنا، كل شيء واقع فينا كمسلمين، والعالم الغربي يتفرج علينا بكل وقاحة، فإذا ما أُصيب واحد منهم قامت الدنيا ولم تقعد، وكفروا بكل شعار رددوه لمئات السنوات، وكل مبدأ احتضنوه لقرون، وكل قوانين آمنوا بها لدهور، وجعلوا ذلك كله تحت أقدامهم كلاسياسية في الرياضة، ولا في الفن، وعدم الانحياز، والنأي بالنفس عن الصراعات، والامتناع عن تزويد فرقاء الحرب بالسلاح، وشعار الإرهاب، ومنع التطوع للقتال… وما لا يحصى…
ـ كل هذا بان لنا أكثر وأكثر وأظهره لنا جليًا هذا الأسبوع المنصرم بل والأسابيع والسنوات القادمة إن شاء الله ستظهر لنا مدى زيف هذه الشعارات، ومدى كذب هذه المقولات، ومدى نفاق هذا العالم الأصم الأبكم الأخرص، نعرف حقًا ما يكون تحت الكواليس، وما هو في الخبايا والخفايا، وما هو في أروقة لا تظهر، وغرف مغلقة لا تبدو للعلن، رأيناها بأم أعيننا حقيقة في حرب روسيا مع أوكرانيا في الحرب التي أظهرت الغرب على صفيحة ظاهرة، وعلى كف عفريت، وعلى الحقيقة التي خُلق عليها، ويحيا عليها، ويناضل عليها، ويعيش بها، ويموت من أجلها، على الحرب الدامية والكاذبة الزائفة التي تدعي الحقوق، تدعي حقوق الإنسان، وتدعي النصرة لهذا الإنسان، والدعم النفسي، والغذائي، والأمني، والمعنوي، والسياسي له، وتدعي حقوقه، وحريته، وكذا المساواة، والعدالة، والعيش الكريم…، ما معنى هذه الشعارات السابقة لسنوات مضت والتي دُغدغنا بها، والتي لُعبنا، وسلبنا، واستعطفونا بها، وباسمها ومن خلالها، بينما في الحقيقة هي كذب وزيف، ووضعوها تحت أقدامهم لمّا كانت هذه الشعارات لا تخدم مصالحهم، ولا تخدم سياساتهم، ولا تخدم شيئًا مما هم عليه، رأيناها جليًا في الأسبوع الماضي…
- لقد رأيناهم يبكون ويولولون ويصرخون وينادون ويستغيثون من أولهم إلى آخرهم من أجل دم رجل أو رجلين، من أجل أول قطرة دم تسفك على أرض أوكرانيا بيد روسيا، سمعنا حتى من زعيم العالمية الجديدة والنظام العالمي الأمريكي الجديد الأمين العام للأمم المتحدة غريفتش الذي الأصل أن يكون مع الجميع لكن لا لقد سمعناه ينادي بوتين: "بحق الإنسانية أوقف الحرب الآن"، بينما هي روسيا وبوتين نفسه من سفك دماء السوريين، من جعل المحرقات والمهلكات والبكاء والعويل والصراخ في كل بيت سوري، واستخدم سياسة الأرض المحروقة في أرض سوريا الحبيبة، في الأرض المباركة، في أرض الشام التي دعا لها رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولم نسمع الأمم المتحدة تقول بحق الإنسانية أوقف الحرب الآن… أم أن الإنسانية والإنسان هو كل إنسان غير المسلم، وأن الإنسانية وحدها الغربية الأوربية والعيون الزرقاء والبشرة البيضاء والقرود المتطورة حسب زعيمهم داروين…
ـ بالله سل درعا وقصورها، وحماة وآثارها، واللاذقية ومبانيها، وحمص وجمال ابنيتها وأروقتها الشاهدة لقرون طويلة على أن العالم هو من هنا بدأ ومن هنا ينتهي، روسيا نفسها التي طغت وأبادت وأحرقت ونسفت وقتلت وفجرت وأهلت الحرث والنسل في سوريا وعاثت فيها فسادا، روسيا هي نفسها التي كانت ترمي بالصواريخ وتزرع الالغام وترمي بالبراميل المتفجرة وتستعمل كل الأسلحة الفتاكة، والغازات السامة في أرض سوريا، وفي كل لحظة يموت الأطفال، وتصرخ النساء، ويبكي الرجال، وكل تلك وأعظم هي جرائم روسيا في حربها العبثية على سوريا المسلمة فأين الأمم المتحدة وزعيمها لم يقل بحق الإنسانية أوقف الحرب الآن، لماذا فقط في أوكرانيا تتحرك الأمم المتحدة البائرة الفاجرة العاهرة لإنقاذ أبناء دينها وجلدتها وبقضها وقضيضها وحديدها وكلما تملك لكنها لم تفعل شيئا في سوريا المسلمة…
- إننا لم نر الأمم المتحدة في حروبنا إلا متخاذلة قاتلة متآمرة فاجرة تشب الزيت على النار، ونزيد الطين بلة، وتعمّق الصراعات، وتحمي المجرمين والقتلة الظالمين، أين تلك الشعارات التي يعلنونها الليل والنهار كذبًا وزوراً وزيفًا ونفاقًا، أين الإنسان الذي يحمونه، والذي ينادون بحريته، وكرامته، وإنسانيته، أين هو، أم أن الأنسان هو الأوروبي وحده، أم أن الإنسان هو صاحي العيون الزرقاء، والوجه الأبيض أو القرد المتحول المتطور كما قال ربهم داروين، أما نحن فلا إنسانية ولسنا من الناس…
ـ أين حقوق الإنسان حينما طافت طائرات تصوير ضخمة روسية الصنع، وكاميرات هي أرقى الكاميرات تصور بكل الأبعاد ظهرت لنا على أطلال حماة وحمص ودرعا تصورها بعد أن صارت ركاما في ركام بفعل طائراتهم المجرمة وبراميلهم المتفجرة صوروا بها تلك المآسي ليقهرونا وليرونا جرائمهم وعبثهم… وليتحدونا بها…
- بل ظهر الجندي الروسي من على قبر خالد بن الوليد وكأنه يبول على قبر خالد، وكأنه يتحدى العرب الخونة العملاء، وكأنه يقول ها نحن نبول على قوتكم وشجاعتكم ومصدر فخركم وقوتكم وعزتكم خالد بن الوليد، بل يظهر على قبة المسجد الأموي والذي كان قبلة المسلمين السياسية آنذاك وأعظم مسجد بني على الإطلاق في جماله وضخامته وحسن منظره، لكنهم دمروه وأبادوه ثم ظهر جنود الروس يتصورون على أروقته ليقهرونا، والعالم أجمع والكاميرات لا تكذب، ولا زال النت عندنا شاهد عيان على ذلك، فأين الأمم المتحدة ومنظماتها ومجلس رعبها وأمين عامها الصهيوني الخائن… من كل ذلك، وأين الغرب الكاهن المتغطرس المدعي لحقوق الإنسان والمتباكي على قطرات دم نصرانية سقطت في أوكرانيا بينما ملايين المسلمين قتلوا خلال الأعوام المنصرمة دون أن ترمض للغرب شعرة..
- أقف هنا عن سوريا والحديث عن مآسيها، وجراحاتها الغائرة، لكن ماذا عن الشيشان؟ وماذا عن البوسنة والهرسك؟ أليست هذه المدن الأربع كلها دمرتها روسيا؟ أليست هذه المدن بكاملها احرقتها روسيا؟ أليس هم أولئك الذين فعلوا بالإنسانية المسلمة ما فعلوه؟ فأين نداءات الغرب، وأين عويل الأمم، وأين دعم المنظمات الدولية، وأين الأموال والسلاح التي بذلوها علنًا وجهراً، رأينا علنًا نشرات الأخبار مكتوب شاهد للعيان على أن الاتحاد الأوروبي ولأول مرة في تاريخه يمون بالسلاح الخطير لمناطق تشهد نزاعًا لأنه دم أوربي إنسان بينما الباقي حشرات، لأنه أوروبي أزرق، بينما الآخر أسود، لأنه أوروبي متطور من قرد بينما الآخر ابن آدم، لأن ذلك أبرص أصفر أوروبي آخر بينما هذا ليس بإنسان أصلا… أقاموا الدنيا لأجله ولم يقعدوها، وحاربوا روسيا عن بكرة أبيهم وفي كل شيء حتى الفيفا ورياضتها أقحموها في السياسة وكانت تعاقب كل من أدخل الرياضة في السياسة خاصة إن كان من المسلمين، واليوم تخلت عن هذا المبدأ لأجل الدم الأوكراني الذي أراقته روسيا، حتى القطط الروسية حاربوها فمنعوا تصديرها رسميا، وفصلوا روسيا عن العالم الاقتصادي سوفت، وعاقبوا آلاف الشركات الروسية فضلا عن الأفراد، وعزلوا روسيا عن العالم كلها، وحاربوها في كل شيء، وأصدروا قرارات في غمضة عين بتسليح أوكرانيا ودعمها ماليا وسياسيا واقتصاديا وفي كل شيء بينما لم يفعلوا شيئًا البتة في حروب المسلمين، مع أن روسيا التي غزت أوكرانيا هي روسيا التي غزت وأبادت سوريا والشيشان والبوسنة والهرسك…
ـ لو انتهينا من مجازر روسيا وأتينا إلى مجازر أمريكا ما الذي فعلته أمريكا في أرض العراق؟ ما الذي فعلته أمريكا في البصرة؟ ما الذي فعلته أمريكا في الفلوجة، وفي مناطق السنة بالعراق، لقد أبادت قتلت دمرت لم تستطع العراق بعدها أن تنهض ولن تستطيع، وتعلمون جميعا أن أمريكا دخلت العراق باسم أسلحة الدمار الشامل، وأقسم بالذي لا إله إلا هو لقد شهد العالم بكله على أنها أكذوبة، بل كل العالم، حتى أمريكا نفسها قالت ليس في العراق أسلحة دمار شامل، ولم نجد شيئا، إنما أرادوا أن ينتزعوا من أهل السنة العراق، ويقتلوا صدام حسين المدافع والحارس للسنة آنذاك، ثم ليسلموا بعد ذلك العراق إلى يد إيران، لأجل أن يسلموا العراق للصديق الحميم والحليف الباطن القريب لأمريكا إيران… أين الإنسانية هناك؟
ـ ما الذي فعلته أمريكا راعية الإرهاب، وقاتلة المسلمين، الفاجرة العاهرة في أرض الصومال المسلمة، وفي أفغانستان… ما الذي فعلته أمريكا في كل مكان في أرض الإسلام، أليست هي التي تدعم أوكرانيا الآن، تمولها تبكي عليها يعلن الكونجرس الأمريكي في لحظة على أنه يعلن النفير العام من أجل أوكرانيا، بل وكل المؤسسات الأمريكية والأوربية كذلك دون استثناء، حتى الشركات الإعلامية من تويتر وفيسبوك ويوتيوب… توحد كبير وإجماع كبير لما كان هذا لنصرة أبناء جلدتهم، وإخوانهم في الدين النصراني الصهيوني، لكن بالنسبة لنا تجتمع الأمم المتحدة ومجلس رعبها الكاذب الفاجر الخائن لمدة شهر وأكثر ثم تخرج بلا شيء، حتى إدانة أو كلام لا لا شيء فرحوا المسلمين المساكين الذين يفرحون بأي شيء منكم ولو بشجب وإدانة لا لا أبدا أبدا أبدا لا يمكن، وإن تجملوا أرسلوا مبعوثًا خائنًا، ارسلوا مبعوثًا عميلاً، ارسلوا مبعوثًا فاجراً، ارسلوا مبعوثًا ناطقا عنهم، ومنفذا لسياستهم، يشعل النار المشتعلة، ويذكي الصراعات، ويعمّق الخلافات، ويزيد الطين بلة فيما بيننا وفرطوا وشتتوا وعمقوا الخصام الموجود عندنا، وقسمونا إلى دويلات شتى داخل الدويلة الواحدة…
ـ ولو تعدينا جرائم روسيا في الدول الأربع سوريا وقبل ذلك الشيشان والبوسنة والهرسك، ثم جرائم أمريكا في الصومال والعراق وأفغانستان، فماذا عن دول العالم الآخر التي أيضًا لها حظها من الجرائم والفظائع بلا رقيب ولا حسيب ومنها أمريكا وأوربا عموما ما الذي فعلته في بلدنا الحبيب، اليمن السعيد الذي حولته إلى أتعس بلد على وجه الأرض حسب تقاريرهم… يمننا التي دُمرت وقُصفت وأْبيدت وأُهلكت وجاعت وهلكت وماتت وولت… ولا مغيث ولا مجيب الا أن الأمم المتحدة ضدنا مشكورة قد قالت على أن اليمن أصبح أفقر دولة على وجه الأرض، لكن يا ترى ما الذي فعلتم أيها المجرمون الأوغاد حيال هذا التقرير، هل أوقفتم الحرب، هل رفعتم أيديكم عنا لنجد كل حل، هل ابتعدتم عنا لنحل قضايانا ومشاكلنا، أم عمقتم الخلاف، وفرقتم بيننا، ومزقتم دولتنا، وأضعفتم جيشنا، وأهلكتم شعبنا، وضربتم علينا حصارا عالميا ضاريا تحت ما أسميتموه البند السابع، ماذا فعلتم غير أنكم أعطيتم الضوء الأخضر للعملاء ليهلكونا بأسلحتكم، ويطيلوا معاناتنا تحت رعايتكم، ويذيقوا شعبنا كل قهر، وموت، وهم، وغم وحزن، وألم على مرأى ومسمع من حضراتكم، قولوا لي، أخبروني، حدثوني ما الذي فعلتم…
- لكن في المقابل ما الذي فعلتموه عندما أصيبت أوكرانيا، كيف حاربتم روسيا وعلى كل الأصعدة، وفي كل شيء، وكنتم يدا واحدة ضدها وفي كل شيء، ونسيتم كل شعار زائف استخدموه ضدنا، حتى لقد احتفيتم بكل لاجئي أوكرانيا بدعوى التشابه في الصورة حتى قال رئيس بلغاريا السيارات تشبه سيارات أوروبا، لكن أين دماؤنا التي ما تشبه دماؤكم، ولا تشبه لونكم…أين اللاجئون السوريون الذين ماتوا على أسوار أوروبا ومنعتموهم من الدخول، حتى العملاء العربان لم يعطوهم تصاريح دخول ولما كانت أوكرانيا منحوهم كل صلاحية، وكل ترحاب…وأكرمتموهم حق الكرامة، وكأنهم ضيوف حلوا في أرضكم وعلى بيوتكم، بينما نحن ما نحن، سل العالم عنا ما نحن هل نحن بشر؟ هل نحن حجر؟ هل نحن حشرات؟ ماذا نحن إذن عندكم…
ـ لا زلت والله أتذكر ذلك الطفل السوري الذي مات غرقًا على شاطئ أوروبا التي تدعي حقوق الطفل والمرأة والإنسان... لازلنا يا أوروبا نتذكر ذلك الشاب السوري الذي مات دهسًا تحت أقدامكم، ولازلنا نتذكر العرب الذين لجأوا إليكم فصددتموهم عنكم، لا زلنا نتذكر يا أوروبا العرب الذين اضطرتهم ظروف النزوج واللجوء فقدموا إليكم فأغلقتم الحدود في وجوههم، وذاقوا الأمرين في بلدانكم، وحاربتموهم في كل شيء، لا زلنا يا أوربا نتذكر أولئك المساكين الذين جاءو إليكم على البحار واغرقتموهم بفعل إجرامكم، وعلى مرأى ومسمع من خفر سواحلكم ولم ينقذوهم إن لم يغرقوهم… نحن لا ننسى مأسينا، ومن أذاقنا المر والويلات ثم يتذرع باسم الحقوق والحريات والعدالة والمساواة…
ـ وأخيرًا إن نسيت ما نسيت هنا من جراحاتنا الغائرة بفعل تدخلات الغرب الجائرة، وأسلحتهم القاتلة، وإذكائهم لصراعاتنا العابثة، فلن أنسى شعب الإيغور المسلم، والروهنجا في ماينمار، وعن الأقلية المسلمة في الهند الذين يفعل بهم البوذيون الأفاعيل، لن ننسى تلك الإبادات الجماعية لهؤلاء جميعا، ومحارق الموت لآلاف مؤلفة من المسلمين بينما أوربا والغرب يتفرج، ويستمتع، لن ننسى المشردين المسلمين الروهنجا ومذبحتهم العظمى التي شهدها القرن العشرن والواحد والعشرون بل هي المحرقة الكبرى بحسب تقارير أممية رسمية، ومع هذا ما الذي فعلوه لرئيسة وزراء ميانمار تلك المرأة الفاجرة القاتلة لآلاف المسلمين لقد سلمت لها أوروبا وأمريكا جائزة نوبل للسلام، جائزة نوبل للسلام سلام ماذا؟ لأنها قتلت لأنها دمرت، لأنها أحرقت، لأنها فجرت، واعتدت وبغت وذبحت الأطفال والنساء والشيوخ والشباب والكل هنا، عن أي سلام تتحدثون، وعلى أي شعب تضحكون، وعلى أي أمة تلعبون، وعلى أي نغمات ترقصون، كم من أغاليط أصبحنا نعيش ونمسي عليها، لقد أظهرت اوروبا وأمريكا والغرب عموما جليًا أخلاقهم الدنيئة الوسخة القذرة، ووجههم الحقيقي الذي يجب أن نعرفه من عشرات السنين، وقبل أن أختم خطبتي في إنسانية أوربا الزائفة أذكركم بتلك الصور التي نراها على وسائل التواصل حيث يحمل الأوكرانيون من منازلهم التي نزحوا عنها قططهم وكلابهم، ثم يصورون للعالم ذلك ليكذبوا عليه أنهم عندهم إنسانية ورحمة، أي أنسانية يتغنون بها وهم الذين أحرقونا وأماتونا، وأبادوا مجتمعاتنا، وسووا مدننا بالتراب، وحرمونا الحياة، وسلبوا كل جميل فينا، وأعادونا مئات السنين للوراء، من أحق الكلب والقط أم نحن…!.
أقول قولي هذا واستغفروا الله
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- الجراحات كثيرة، والمآسي عميقة، والبكاء، والعويل، والصراخ، والجوع، والنداء، والاستغاثات في كل بيت، وفي كل مكان في أوطاننا العربية والمسلمة، لكن لا نسمع شيئًا، لا نسمع عن أولئك الذين يملكون القوة والقدرة إلا تحركات القتال والدمار، وخراب الأوطان، وهلاك الإنسان، والدعم بالمال والسلاح لكل قاتل جبان خوان، لا نسمع عن أولئك الذين بأيديهم والله ألف حل، وبأيديهم والله كل حل، وبأيديهم أن يحلوا قضايانا في لحظات، لكن يستمتعون بدمارنا، وهلاكنا، وسحقنا، وإطالة عذابنا بينما لا يسمحون لهذا في بلدانهم ولو لحظة، والذي نفسي بيده لو قال الرئيس الأمريكي في هذه اللحظة لصاحبنا المسافر عبد ربه اوقف الحرب الآن والذي لا إله إلا هو لأوقفها اللحظة، إنهم موظفون في يد غيرهم، ليس لنا قرار، ولا نملك إرادة، وليست لنا سلطة، قراراتنا من غيرنا، موتنا من حياتنا، هلاكنا من بقائنا، جوعنا وفقرنا من شبعنا وسعادتنا يقرر كل ذلك أعداؤنا بل وأشد وأجرم البشر في أرضنا فماذا ننتظر إذن…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/CyohDT63pEU
*📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 1/شعبان /1443هـ.*
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإننا نعيش في عالم مليء بالتناقضات، والعجائب، والمدلهمات، نعيش في عالم مرتبك، في عالم هو أشبه بغابة كبيرة اسمها الأرض، لا يعيش فيها إلا الأقوياء، إلا الأسود، إلا الغني الذي يلتهم الضعيف، والمسكين، والرعديد ومن دونه، والصحيح الذي يقتل المريض، والشابع الذذ يفترس الجائع…
- نعيش في عالم لا ندري بما نصفه، في عالم التناقضات، وفي عالم العجائب، والغرائب، والأهوال، والمصائب، والأكاذيب، والأغاليط، وكل الألاعيب، والحيل الشيطانية، في عالم يُصدَق الكاذب، ويُكذب الصادق، ويُخون الأمين، ويُؤتمن الخائن، الفاجر، يرتفع فيه السفيه والواطي، ويُنتكس فيه ويضعف ذلك المرتفع الذي يجب أن يعتلي…
- وبذلك تحققت نبوة الحبيب عليه الصلاة والسلام الذي وصف هذه الأحوال والسنوات بأنها سنون خداعات وهي كذلك مخادعات حقا، " سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ ". قِيلَ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : " الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ ".
- بينما نحن نعيش في القرن الواحد والعشرين إن صدقوا، في هذا القرن الذي امتلأ بالحديد، والبنايات، والتكنولوجيا، والحسابات، والأموال، وتكدس كل ما هو جميل في هذا القرن والعصر، أو هذه بالأصح الغابة الكبرى التي هي الأرض، لكن لا تخبرني عن هذا كله، هذا مجرد حطام وركام في ركام ليس بشيء، حديد بعضها فوق بعض، فاحذر أن تخبرني أننا في القرن الواحد والعشرين، احذر ثم احذر، لا تقل إننا في عصر السرعة والحضارة والتطور والتكنولوجيا…؛ إنها -يا عزيزي- ركام في ركام، وحديد بعضه فوق بعض، وسخافات وجاهليات معاصرة… قرن جاهلي وعالم أبكم أصم أعمى إلا عن حقوق بعض بعض الشعوب غير المسلمة…
- لا تحدثني عن حقوق الإنسان والطفل والمرأة والديمقراطية والإنسانية والإعلام والمنظمات الدولية، لا تحدثني عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، لا تحدثني عن منع أسلحة الدمار الشامل واتفاقيات المناخ وجنيف والقانون الدولي الإنساني..لا تحدثني عن الرياضة وقوانينها، والإعلام وعدم الانحياز، لا تحدثني يا صديقي عن أي شيء من هذا أبدا…
- مللت سئمت بطرت شبعت أصابني الغثيان والأرق والتعب والنصب لكثرة الدندنة العالمية حول هذه الشعارات الباطلة المستهلكة الزائفة الكاذبة التي صُنعت لأفراد وجماعات وشعوب بعينها ولمصالحها وخدمتها ونطبل بعدها كالبغبغاوات نغرف بما لا نعرف
- لقد انتهت تلك الطلسمات وهذه الحيل الباطلات والشعارات الزائفات الكاذبات بما رأينا ونرى ونشاهد صباح مساء في حرب أوكرانيا وروسيا وكيف بدا للعالم أجمع أن تلك الشعارات والأنظمة والقوانين…وكل شيء انتهى وانتهت تحت أقدام الأوربيين، وأصبحت لا تعنيهم شيئًا عندما كانت لا تخدم مصالحهم…
- نُسفنا، أحُرقنا، دمُرنا، هُلكنا، مُتنا، جُعنا، سُفكت دمائُنا، أُحتلت أراضينا، سُجنا، سُلخنا، كل شيء واقع فينا كمسلمين، والعالم الغربي يتفرج علينا بكل وقاحة، فإذا ما أُصيب واحد منهم قامت الدنيا ولم تقعد، وكفروا بكل شعار رددوه لمئات السنوات، وكل مبدأ احتضنوه لقرون، وكل قوانين آمنوا بها لدهور، وجعلوا ذلك كله تحت أقدامهم كلاسياسية في الرياضة، ولا في الفن، وعدم الانحياز، والنأي بالنفس عن الصراعات، والامتناع عن تزويد فرقاء الحرب بالسلاح، وشعار الإرهاب، ومنع التطوع للقتال… وما لا يحصى…
ـ كل هذا بان لنا أكثر وأكثر وأظهره لنا جليًا هذا الأسبوع المنصرم بل والأسابيع والسنوات القادمة إن شاء الله ستظهر لنا مدى زيف هذه الشعارات، ومدى كذب هذه المقولات، ومدى نفاق هذا العالم الأصم الأبكم الأخرص، نعرف حقًا ما يكون تحت الكواليس، وما هو في الخبايا والخفايا، وما هو في أروقة لا تظهر، وغرف مغلقة لا تبدو للعلن، رأيناها بأم أعيننا حقيقة في حرب روسيا مع أوكرانيا في الحرب التي أظهرت الغرب على صفيحة ظاهرة، وعلى كف عفريت، وعلى الحقيقة التي خُلق عليها، ويحيا عليها، ويناضل عليها، ويعيش بها، ويموت من أجلها، على الحرب الدامية والكاذبة الزائفة التي تدعي الحقوق، تدعي حقوق الإنسان، وتدعي النصرة لهذا الإنسان، والدعم النفسي، والغذائي، والأمني، والمعنوي، والسياسي له، وتدعي حقوقه، وحريته، وكذا المساواة، والعدالة، والعيش الكريم…، ما معنى هذه الشعارات السابقة لسنوات مضت والتي دُغدغنا بها، والتي لُعبنا، وسلبنا، واستعطفونا بها، وباسمها ومن خلالها، بينما في الحقيقة هي كذب وزيف، ووضعوها تحت أقدامهم لمّا كانت هذه الشعارات لا تخدم مصالحهم، ولا تخدم سياساتهم، ولا تخدم شيئًا مما هم عليه، رأيناها جليًا في الأسبوع الماضي…
- لقد رأيناهم يبكون ويولولون ويصرخون وينادون ويستغيثون من أولهم إلى آخرهم من أجل دم رجل أو رجلين، من أجل أول قطرة دم تسفك على أرض أوكرانيا بيد روسيا، سمعنا حتى من زعيم العالمية الجديدة والنظام العالمي الأمريكي الجديد الأمين العام للأمم المتحدة غريفتش الذي الأصل أن يكون مع الجميع لكن لا لقد سمعناه ينادي بوتين: "بحق الإنسانية أوقف الحرب الآن"، بينما هي روسيا وبوتين نفسه من سفك دماء السوريين، من جعل المحرقات والمهلكات والبكاء والعويل والصراخ في كل بيت سوري، واستخدم سياسة الأرض المحروقة في أرض سوريا الحبيبة، في الأرض المباركة، في أرض الشام التي دعا لها رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولم نسمع الأمم المتحدة تقول بحق الإنسانية أوقف الحرب الآن… أم أن الإنسانية والإنسان هو كل إنسان غير المسلم، وأن الإنسانية وحدها الغربية الأوربية والعيون الزرقاء والبشرة البيضاء والقرود المتطورة حسب زعيمهم داروين…
ـ بالله سل درعا وقصورها، وحماة وآثارها، واللاذقية ومبانيها، وحمص وجمال ابنيتها وأروقتها الشاهدة لقرون طويلة على أن العالم هو من هنا بدأ ومن هنا ينتهي، روسيا نفسها التي طغت وأبادت وأحرقت ونسفت وقتلت وفجرت وأهلت الحرث والنسل في سوريا وعاثت فيها فسادا، روسيا هي نفسها التي كانت ترمي بالصواريخ وتزرع الالغام وترمي بالبراميل المتفجرة وتستعمل كل الأسلحة الفتاكة، والغازات السامة في أرض سوريا، وفي كل لحظة يموت الأطفال، وتصرخ النساء، ويبكي الرجال، وكل تلك وأعظم هي جرائم روسيا في حربها العبثية على سوريا المسلمة فأين الأمم المتحدة وزعيمها لم يقل بحق الإنسانية أوقف الحرب الآن، لماذا فقط في أوكرانيا تتحرك الأمم المتحدة البائرة الفاجرة العاهرة لإنقاذ أبناء دينها وجلدتها وبقضها وقضيضها وحديدها وكلما تملك لكنها لم تفعل شيئا في سوريا المسلمة…
- إننا لم نر الأمم المتحدة في حروبنا إلا متخاذلة قاتلة متآمرة فاجرة تشب الزيت على النار، ونزيد الطين بلة، وتعمّق الصراعات، وتحمي المجرمين والقتلة الظالمين، أين تلك الشعارات التي يعلنونها الليل والنهار كذبًا وزوراً وزيفًا ونفاقًا، أين الإنسان الذي يحمونه، والذي ينادون بحريته، وكرامته، وإنسانيته، أين هو، أم أن الأنسان هو الأوروبي وحده، أم أن الإنسان هو صاحي العيون الزرقاء، والوجه الأبيض أو القرد المتحول المتطور كما قال ربهم داروين، أما نحن فلا إنسانية ولسنا من الناس…
ـ أين حقوق الإنسان حينما طافت طائرات تصوير ضخمة روسية الصنع، وكاميرات هي أرقى الكاميرات تصور بكل الأبعاد ظهرت لنا على أطلال حماة وحمص ودرعا تصورها بعد أن صارت ركاما في ركام بفعل طائراتهم المجرمة وبراميلهم المتفجرة صوروا بها تلك المآسي ليقهرونا وليرونا جرائمهم وعبثهم… وليتحدونا بها…
- بل ظهر الجندي الروسي من على قبر خالد بن الوليد وكأنه يبول على قبر خالد، وكأنه يتحدى العرب الخونة العملاء، وكأنه يقول ها نحن نبول على قوتكم وشجاعتكم ومصدر فخركم وقوتكم وعزتكم خالد بن الوليد، بل يظهر على قبة المسجد الأموي والذي كان قبلة المسلمين السياسية آنذاك وأعظم مسجد بني على الإطلاق في جماله وضخامته وحسن منظره، لكنهم دمروه وأبادوه ثم ظهر جنود الروس يتصورون على أروقته ليقهرونا، والعالم أجمع والكاميرات لا تكذب، ولا زال النت عندنا شاهد عيان على ذلك، فأين الأمم المتحدة ومنظماتها ومجلس رعبها وأمين عامها الصهيوني الخائن… من كل ذلك، وأين الغرب الكاهن المتغطرس المدعي لحقوق الإنسان والمتباكي على قطرات دم نصرانية سقطت في أوكرانيا بينما ملايين المسلمين قتلوا خلال الأعوام المنصرمة دون أن ترمض للغرب شعرة..
- أقف هنا عن سوريا والحديث عن مآسيها، وجراحاتها الغائرة، لكن ماذا عن الشيشان؟ وماذا عن البوسنة والهرسك؟ أليست هذه المدن الأربع كلها دمرتها روسيا؟ أليست هذه المدن بكاملها احرقتها روسيا؟ أليس هم أولئك الذين فعلوا بالإنسانية المسلمة ما فعلوه؟ فأين نداءات الغرب، وأين عويل الأمم، وأين دعم المنظمات الدولية، وأين الأموال والسلاح التي بذلوها علنًا وجهراً، رأينا علنًا نشرات الأخبار مكتوب شاهد للعيان على أن الاتحاد الأوروبي ولأول مرة في تاريخه يمون بالسلاح الخطير لمناطق تشهد نزاعًا لأنه دم أوربي إنسان بينما الباقي حشرات، لأنه أوروبي أزرق، بينما الآخر أسود، لأنه أوروبي متطور من قرد بينما الآخر ابن آدم، لأن ذلك أبرص أصفر أوروبي آخر بينما هذا ليس بإنسان أصلا… أقاموا الدنيا لأجله ولم يقعدوها، وحاربوا روسيا عن بكرة أبيهم وفي كل شيء حتى الفيفا ورياضتها أقحموها في السياسة وكانت تعاقب كل من أدخل الرياضة في السياسة خاصة إن كان من المسلمين، واليوم تخلت عن هذا المبدأ لأجل الدم الأوكراني الذي أراقته روسيا، حتى القطط الروسية حاربوها فمنعوا تصديرها رسميا، وفصلوا روسيا عن العالم الاقتصادي سوفت، وعاقبوا آلاف الشركات الروسية فضلا عن الأفراد، وعزلوا روسيا عن العالم كلها، وحاربوها في كل شيء، وأصدروا قرارات في غمضة عين بتسليح أوكرانيا ودعمها ماليا وسياسيا واقتصاديا وفي كل شيء بينما لم يفعلوا شيئًا البتة في حروب المسلمين، مع أن روسيا التي غزت أوكرانيا هي روسيا التي غزت وأبادت سوريا والشيشان والبوسنة والهرسك…
ـ لو انتهينا من مجازر روسيا وأتينا إلى مجازر أمريكا ما الذي فعلته أمريكا في أرض العراق؟ ما الذي فعلته أمريكا في البصرة؟ ما الذي فعلته أمريكا في الفلوجة، وفي مناطق السنة بالعراق، لقد أبادت قتلت دمرت لم تستطع العراق بعدها أن تنهض ولن تستطيع، وتعلمون جميعا أن أمريكا دخلت العراق باسم أسلحة الدمار الشامل، وأقسم بالذي لا إله إلا هو لقد شهد العالم بكله على أنها أكذوبة، بل كل العالم، حتى أمريكا نفسها قالت ليس في العراق أسلحة دمار شامل، ولم نجد شيئا، إنما أرادوا أن ينتزعوا من أهل السنة العراق، ويقتلوا صدام حسين المدافع والحارس للسنة آنذاك، ثم ليسلموا بعد ذلك العراق إلى يد إيران، لأجل أن يسلموا العراق للصديق الحميم والحليف الباطن القريب لأمريكا إيران… أين الإنسانية هناك؟
ـ ما الذي فعلته أمريكا راعية الإرهاب، وقاتلة المسلمين، الفاجرة العاهرة في أرض الصومال المسلمة، وفي أفغانستان… ما الذي فعلته أمريكا في كل مكان في أرض الإسلام، أليست هي التي تدعم أوكرانيا الآن، تمولها تبكي عليها يعلن الكونجرس الأمريكي في لحظة على أنه يعلن النفير العام من أجل أوكرانيا، بل وكل المؤسسات الأمريكية والأوربية كذلك دون استثناء، حتى الشركات الإعلامية من تويتر وفيسبوك ويوتيوب… توحد كبير وإجماع كبير لما كان هذا لنصرة أبناء جلدتهم، وإخوانهم في الدين النصراني الصهيوني، لكن بالنسبة لنا تجتمع الأمم المتحدة ومجلس رعبها الكاذب الفاجر الخائن لمدة شهر وأكثر ثم تخرج بلا شيء، حتى إدانة أو كلام لا لا شيء فرحوا المسلمين المساكين الذين يفرحون بأي شيء منكم ولو بشجب وإدانة لا لا أبدا أبدا أبدا لا يمكن، وإن تجملوا أرسلوا مبعوثًا خائنًا، ارسلوا مبعوثًا عميلاً، ارسلوا مبعوثًا فاجراً، ارسلوا مبعوثًا ناطقا عنهم، ومنفذا لسياستهم، يشعل النار المشتعلة، ويذكي الصراعات، ويعمّق الخلافات، ويزيد الطين بلة فيما بيننا وفرطوا وشتتوا وعمقوا الخصام الموجود عندنا، وقسمونا إلى دويلات شتى داخل الدويلة الواحدة…
ـ ولو تعدينا جرائم روسيا في الدول الأربع سوريا وقبل ذلك الشيشان والبوسنة والهرسك، ثم جرائم أمريكا في الصومال والعراق وأفغانستان، فماذا عن دول العالم الآخر التي أيضًا لها حظها من الجرائم والفظائع بلا رقيب ولا حسيب ومنها أمريكا وأوربا عموما ما الذي فعلته في بلدنا الحبيب، اليمن السعيد الذي حولته إلى أتعس بلد على وجه الأرض حسب تقاريرهم… يمننا التي دُمرت وقُصفت وأْبيدت وأُهلكت وجاعت وهلكت وماتت وولت… ولا مغيث ولا مجيب الا أن الأمم المتحدة ضدنا مشكورة قد قالت على أن اليمن أصبح أفقر دولة على وجه الأرض، لكن يا ترى ما الذي فعلتم أيها المجرمون الأوغاد حيال هذا التقرير، هل أوقفتم الحرب، هل رفعتم أيديكم عنا لنجد كل حل، هل ابتعدتم عنا لنحل قضايانا ومشاكلنا، أم عمقتم الخلاف، وفرقتم بيننا، ومزقتم دولتنا، وأضعفتم جيشنا، وأهلكتم شعبنا، وضربتم علينا حصارا عالميا ضاريا تحت ما أسميتموه البند السابع، ماذا فعلتم غير أنكم أعطيتم الضوء الأخضر للعملاء ليهلكونا بأسلحتكم، ويطيلوا معاناتنا تحت رعايتكم، ويذيقوا شعبنا كل قهر، وموت، وهم، وغم وحزن، وألم على مرأى ومسمع من حضراتكم، قولوا لي، أخبروني، حدثوني ما الذي فعلتم…
- لكن في المقابل ما الذي فعلتموه عندما أصيبت أوكرانيا، كيف حاربتم روسيا وعلى كل الأصعدة، وفي كل شيء، وكنتم يدا واحدة ضدها وفي كل شيء، ونسيتم كل شعار زائف استخدموه ضدنا، حتى لقد احتفيتم بكل لاجئي أوكرانيا بدعوى التشابه في الصورة حتى قال رئيس بلغاريا السيارات تشبه سيارات أوروبا، لكن أين دماؤنا التي ما تشبه دماؤكم، ولا تشبه لونكم…أين اللاجئون السوريون الذين ماتوا على أسوار أوروبا ومنعتموهم من الدخول، حتى العملاء العربان لم يعطوهم تصاريح دخول ولما كانت أوكرانيا منحوهم كل صلاحية، وكل ترحاب…وأكرمتموهم حق الكرامة، وكأنهم ضيوف حلوا في أرضكم وعلى بيوتكم، بينما نحن ما نحن، سل العالم عنا ما نحن هل نحن بشر؟ هل نحن حجر؟ هل نحن حشرات؟ ماذا نحن إذن عندكم…
ـ لا زلت والله أتذكر ذلك الطفل السوري الذي مات غرقًا على شاطئ أوروبا التي تدعي حقوق الطفل والمرأة والإنسان... لازلنا يا أوروبا نتذكر ذلك الشاب السوري الذي مات دهسًا تحت أقدامكم، ولازلنا نتذكر العرب الذين لجأوا إليكم فصددتموهم عنكم، لا زلنا نتذكر يا أوروبا العرب الذين اضطرتهم ظروف النزوج واللجوء فقدموا إليكم فأغلقتم الحدود في وجوههم، وذاقوا الأمرين في بلدانكم، وحاربتموهم في كل شيء، لا زلنا يا أوربا نتذكر أولئك المساكين الذين جاءو إليكم على البحار واغرقتموهم بفعل إجرامكم، وعلى مرأى ومسمع من خفر سواحلكم ولم ينقذوهم إن لم يغرقوهم… نحن لا ننسى مأسينا، ومن أذاقنا المر والويلات ثم يتذرع باسم الحقوق والحريات والعدالة والمساواة…
ـ وأخيرًا إن نسيت ما نسيت هنا من جراحاتنا الغائرة بفعل تدخلات الغرب الجائرة، وأسلحتهم القاتلة، وإذكائهم لصراعاتنا العابثة، فلن أنسى شعب الإيغور المسلم، والروهنجا في ماينمار، وعن الأقلية المسلمة في الهند الذين يفعل بهم البوذيون الأفاعيل، لن ننسى تلك الإبادات الجماعية لهؤلاء جميعا، ومحارق الموت لآلاف مؤلفة من المسلمين بينما أوربا والغرب يتفرج، ويستمتع، لن ننسى المشردين المسلمين الروهنجا ومذبحتهم العظمى التي شهدها القرن العشرن والواحد والعشرون بل هي المحرقة الكبرى بحسب تقارير أممية رسمية، ومع هذا ما الذي فعلوه لرئيسة وزراء ميانمار تلك المرأة الفاجرة القاتلة لآلاف المسلمين لقد سلمت لها أوروبا وأمريكا جائزة نوبل للسلام، جائزة نوبل للسلام سلام ماذا؟ لأنها قتلت لأنها دمرت، لأنها أحرقت، لأنها فجرت، واعتدت وبغت وذبحت الأطفال والنساء والشيوخ والشباب والكل هنا، عن أي سلام تتحدثون، وعلى أي شعب تضحكون، وعلى أي أمة تلعبون، وعلى أي نغمات ترقصون، كم من أغاليط أصبحنا نعيش ونمسي عليها، لقد أظهرت اوروبا وأمريكا والغرب عموما جليًا أخلاقهم الدنيئة الوسخة القذرة، ووجههم الحقيقي الذي يجب أن نعرفه من عشرات السنين، وقبل أن أختم خطبتي في إنسانية أوربا الزائفة أذكركم بتلك الصور التي نراها على وسائل التواصل حيث يحمل الأوكرانيون من منازلهم التي نزحوا عنها قططهم وكلابهم، ثم يصورون للعالم ذلك ليكذبوا عليه أنهم عندهم إنسانية ورحمة، أي أنسانية يتغنون بها وهم الذين أحرقونا وأماتونا، وأبادوا مجتمعاتنا، وسووا مدننا بالتراب، وحرمونا الحياة، وسلبوا كل جميل فينا، وأعادونا مئات السنين للوراء، من أحق الكلب والقط أم نحن…!.
أقول قولي هذا واستغفروا الله
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
- الجراحات كثيرة، والمآسي عميقة، والبكاء، والعويل، والصراخ، والجوع، والنداء، والاستغاثات في كل بيت، وفي كل مكان في أوطاننا العربية والمسلمة، لكن لا نسمع شيئًا، لا نسمع عن أولئك الذين يملكون القوة والقدرة إلا تحركات القتال والدمار، وخراب الأوطان، وهلاك الإنسان، والدعم بالمال والسلاح لكل قاتل جبان خوان، لا نسمع عن أولئك الذين بأيديهم والله ألف حل، وبأيديهم والله كل حل، وبأيديهم أن يحلوا قضايانا في لحظات، لكن يستمتعون بدمارنا، وهلاكنا، وسحقنا، وإطالة عذابنا بينما لا يسمحون لهذا في بلدانهم ولو لحظة، والذي نفسي بيده لو قال الرئيس الأمريكي في هذه اللحظة لصاحبنا المسافر عبد ربه اوقف الحرب الآن والذي لا إله إلا هو لأوقفها اللحظة، إنهم موظفون في يد غيرهم، ليس لنا قرار، ولا نملك إرادة، وليست لنا سلطة، قراراتنا من غيرنا، موتنا من حياتنا، هلاكنا من بقائنا، جوعنا وفقرنا من شبعنا وسعادتنا يقرر كل ذلك أعداؤنا بل وأشد وأجرم البشر في أرضنا فماذا ننتظر إذن…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
*فلسطين.قضيتنا.الكبرى.أسبوع.القدس.العالمي.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو ...
*فلسطين.قضيتنا.الكبرى.أسبوع.القدس.العالمي.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/NB1E3d11UF0
📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 24/رجب /1443هـ.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإنه مهما تقطعت بنا السبل، وتفرقت بنا الطرق، وأصبحنا قبائل شتى، وغدت تلك الكوارث والمآسي تنزل على الأمة تترى، فإن قضية واحدة، هي قضية مركزية للأمة جمعاء، لا يمكن أن تتنازل عنها، أو أن تتخلف عن قضيتها، ولا يمكن أن تبيعها لو فنيت وبادت وانتهت وزالت، قضية هي قضية محل إجماع إسلامي عظيم، لا يمكن لمسلم أبدا أن لا يجعلها أولويته القصوى، ومن كان الإسلام في قلبه حقيقة لا يمكن أن يتركها أن يتخلى عنها أن يتنازل عن شيء منها أبدا، محل وفاق محل إجماع، مهما اختلفنا على أشياء، ومهما تناحرنا على أمور، ومهما تخاصمنا على قضايا، مهما سالت الدماء، مهما زهقت الأرواح، مهما جعنا فقرنا هلكنا سُحقنا دُمرنا متنا… فُعل بنا ما فعل، فإن قضية هي قضية المسلمين الأولى على الإطلاق حية في قلوبنا، هي باقية في أفئدتنا، هي على أسماعنا وأبصارنا، هي فوق رؤوسنا…
ـ إنها قضية فلسطين التي طالما تناسيناها، قضية فلسطين التي طالما انشغلنا عنها، قضية فلسطين التي طالما وقعنا في تأخر عنها، قضية فلسطين التي طال عنها حديثنا بسبب مأسينا، قضية فلسطين في أسبوعها العالمي هذا الأسبوع الذي يحييه المسلمون في كل عام، وأتذكر اليوم في قضية فلسطين في أسبوعها العالمي الكبير الذي تجتمع فيه الأرواح والذي تجتمع فيه الجنود المجندة من أبناء الإسلام لينصروا قضيتهم، ليتوحدوا من أجل مجد أمتهم، ومن أجل قدسيه عظمى عندهم…
- قضية فلسطين هي قضية الأنبياء جميعـًا، وقضية الأديان كلها، وقضية الإنسانية بعمومها، قبل أن تكون قضية كل مسلم، فلسطين التي هي مسرى رسولنا عليه الصلاة والسلام، التي هي أيضـًا مجمع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، التي لم يجتمع الأنبياء في لحظة من اللحظات، في أي بلد، وعلى أي قطر، ولا في أي مسجد، ولا على أي تراب أبدا مثل ما اجتمع الأنبياء جميعًا على مائدة فلسطين، وداخل المسجد الأقصى المبارك، ذلك الأسيف الحزين المغتصب المنتهب هناك في فلسطين المحتلة، وعلى ترابها الطاهر، وأشجار الزيتون البهية، وخضرتها الجميلة، وأشجارها العريقة، ومنظرها الخلاب، وشوارعها التي تأخذ بالألباب، هناك اجتمع الأنبياء لقضية عالمية كبرى إلى يوم الدين، قضية نؤمن بها كما نؤمن بوجودنا هي أن يسلموا الراية الفلسطينية لحماية الأرض المقدسة المباركة إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أن يسلموا أرض الأقصى بترابها بزيتونها بأشجارها بأحجارها بأبشارها… بكل مقدس فيها، أن يسلموه لنا كعهدة عندنا، كأمانة في رقابنا، كمقدس نحافظ عليه كما نحافظ على أنفسنا، فقبل صلى الله عليه وسلم ذلك نيابة عن أمته، وصلّى بهم إماما عليه الصلاة والسلام، وكأنه عليه الصلاة والسلام يقول ها أنا ذا قد أخذت الأمانة وأسلمتها لأمتي…
ـ وبعد ست سنوات فقط من وفاته صلى الله عليه وسلم، والتحاقه بالرفيق الأعلى عليه الصلاة والسلام يفتحها الفاروق رضي الله عنه، ويسلم النصارى له فلسطين لمن قالوا باتفاقهم آنذاك، إننا نجد في التوراة أن لا نسلم مفاتح الأقصى إلا لرجل اسمه عمر، فلا نعطيها إلا له عهداً عهدناه في التوراة، وهو ثابت في التاريخ لا نزاع فيه البتة، وأن زوروه في العصر الحديث، لكن أولئك الرهبان البطارقة سلموا الأمانة والعهدة التي معهم وتوارثوها من أنبيائهم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يخرج عمر رضي الله عنه لمعركة ولا لغزوة ولا لقتال ولا لسرية ولا لأي شيء أبدا خارج المدينة الا لأجل مفاتح الأقصى ليستلمه فقط، وذهب ليستلم الراية ويوقع اتفاق عالمي كبير وعهدة لا زلنا نحافظ عليها في متاحفنا بالعهدة العمرية…
ـ واليوم نسائل أنفسنا: أين العهدة العمرية؟
وأين الأمانة التي وضعها الأنبياء جميعا في رقابنا، وأتمنونا عليها، وقبلها نبينا صلى الله عليه وسلم ثقة منه بأمته، ثم ماذا فعلنا بتلك الأمانة، والعهدة…؟ نسائل أنفسنا اليوم بعدما كدنا أن نتنازل عن قضية مركزية كبرى بسبب الأعراب، و: ﴿الأَعرابُ أَشَدُّ كُفرًا وَنِفاقًا وَأَجدَرُ أَلّا يَعلَموا حُدودَ ما أَنزَلَ اللَّهُ عَلى رَسولِهِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ﴾، قضية فلسطين قضية ليست فردية، ولا جماعية على كل جماعة، ولا حزبية، ولا سياسية، ولا اجتماعية، ولا ثقافية... بل هي أوسع من الجميع، وأكبر من الكل، وأعظم من من هذه جميعًا…
ـ قضية فلسطين عندنا كقضية لا إله إلا الله محمد رسول الله، قضية نحيا لأجلها، ونكافح، وننافح، ونصاول… ونموت أيضًا من أجلها، قضية فلسطين على قلوبنا وأرواحنا، وإن تشاغلنا عنها، وإن ابتعدنا، وإن وقع ما وقع؛ بسبب مشاكلنا الداخلية المفتعلة لأجل نسيانها، لكنها مع ذلك ستظل مركزية لدى كل مسلم يخفق قلبه بلا إله إلا الله، قضية فلسطين في الحقيقة هي التي يجب أن تُخلد، ويجب أن تبقى حية في ضمائرنا، وعلى سائر حياتنا، ويجب أن نعلم جيداً على أن أي تنازل عن شبر من أشبارها وعن أي قطعة من أرضها، وعن أي شيء فيها، هو معناه تنازل عن ديننا، عن مبادئنا، عن قيمنا، عن إسلامنا، عن كل شيء فينا…
ـ فلسطين المباركة التي عظمها الله جل جلاله فسماها في كتابه: "الأرض المقدسة"، و:"الأرض التي باركنا فيها"… بركة في كل شيء حتى ترابها، وأحجارها، وأشجارها، وأرزاقها، وأبشارها، ومأكلها، ومشربها... وكل شيء فيها… فلسطين التي عاش فيها الأنبياء الذين نحن أولى بهم جميعا ممن يزعمون كذبا اتباعهم: ﴿إِنَّ أَولَى النّاسِ بِإِبراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذينَ آمَنوا وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤمِنينَ﴾، عاش فيها إبراهيم وأبناؤه ونسله إسحاق ويعقوب ويوسف ولوط وداود وسليمان وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام وغيرهم… فضلا عن علماء وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيار الأمة ممن لا زالت مقابرهم شاهدة حاضرة ناطقة عن الإسلام والمسلمين… بل لم تكن لأمة فيه تاريخ كتاريخ أمتنا منذ أول لحظات بناء بيت المقدس الذي هو ثاني مسجد بني على الأرض كما في صحيح مسلم فكان لأمتنا فيه تاريخها الأمجد والأعرق والأعظم…
- فلسطين أرض الأنبياء، ومنابر الأولياء، ومقابر العظماء والشهداء، فلسطين مسرى رسولنا صلى الله عليه وسلم، ووصيته لنا: (ائتوا القدس وصلوا فيها)، وشوقنا لمسجدها بأن الصلاة فيه بخمسين ألف صلاة، وقال: "لاتشد الرحال إلا لثلاثة مساجد، المسجد الحرام، والأقصى، ومسجدي هذا"، إنها فلسطين ملتقى الأولين والآخرين منذ آدم حتى آخر رجل في الأمة فهي أرض المحشر والمنشر… فضلا عن أنها قبلتنا الأولى بل والأنبياء قبلنا…
ـ فلسطين أيها الفضلاء الموحّدون أحباب فلسطين والأقصى ظلت لدى المسلمين فترة كبيرة، ولكنها اغُتصبت وانُتهبت وانُتزعت من المسلمين لفترة قليلة، ثم عندما وجد الروح الإسلامي الحي لها، ولاستردادها بقيادة زنكي ثم تلميذه صلاح الدين الأيوبي الذي حررها بعد ذلك، وقل عن قطز أيضًا وشعاره وإسلاماه، فكان النصر حليفه بعد أن رأى وتيقن على أن لا نصر إلا بتمسك بمبدأ وإسلاماه، لا وأمريكاه، ولا ولا يا أمم متحدة، أو مجلس أمن، أو روسيا، أو الدول العظمى إجراما… ولا هنا وهناك، بل وإسلاماه، وارباه و الله، هذه الشعارات التي خلَدت عند أولئك، وتربوا وربوا عليها غيرهم حرروا بها الأقصى، وفازوا وانتصروا وأخذوها من أولئك الذين فعلوا ما فعلوا في الأقصى، ولم يأخذوها إلا بقوة السلاح، كما أنها لم تؤخذ إلا بقوة السلاح، ولا والذي نفسي بيده إنها لن تؤخذ اليوم الا بما أُخذت أيضًا بالأمس بالتربية الإسلامية، والتعبئة الجهادية، والعدة اللازمة في كل شيء، وبقوة السلاح (بالجهاد)، الجهاد الحق لا الجهاد الأمريكي، أو الجهاد الاشتراكي الروسي، ولا أي جهاد مفتعل كاذب مشوه باطل مدفوع مأجور رخيص، بل جهاد إسلامي كما عرفه النبي صلى الله عليه وسلم، وكما شرعه هو عليه الصلاة والسلام….
- وإن أولئك الحثالة الذين قال عنهم كشك رحمه الله: لو تفل المسلمون جميعـًا تفلتًا لأغمروا الأسرائيليين وأغرقوهم؛ لأننا أمة فيها ملياري مسلم أو قريب من ذلك، أما أولئك فبالملايين، وفوق هذا فإن الله يقول: {لَا يُقاتِلونَكُم جَميعًا إِلّا في قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَو مِن وَراءِ جُدُرٍبَأسُهُم بَينَهُم شَديدٌ تَحسَبُهُم جَميعًا وَقُلوبُهُم شَتّى ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَعقِلونَ.﴾، وقال عنها أحد القادة للمقاومة الفلسطينية المباركة كنا لا نعلم ما تأويل الآية، فقد وصفت لا يقاتلونكم جميعـًا الا في قرى محصنة، قال أما في قرى محصنة فقد رأينا وشاهدنا، لكن من وراء جدر لم نر ولم نشاهد حتى بُني الجدار العازل العنصري الكبير ليحظر أرض فلسطين وغزة بالذات المحاصرة، الدولة الأطول حصاراً أو البقعة الأطول حصاراً والأصغر أيضًا امتداداً، ومع هذا تحققت الآية: {لا يُقاتِلونَكُم جَميعًا إِلّا في قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَو مِن وَراءِ جُدُرٍ بَأسُهُم بَينَهُم شَديدٌ تَحسَبُهُم جَميعًا وَقُلوبُهُم شَتّى ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَعقِلونَ}، هكذا يقول ربنا عز وجل أيها العربان قلوب اليهود متفرقة متخاصمة متناطحة متقاتلة غير مجتمعة أبدا وإن رأيتموها اجتمعت، فلماذا الخوف؟ ولماذا الذعر؟ ولماذا المهابة؟ ولماذا التسليم؟ ولماذا التنازل؟ ولماذا بيع أوقاف المسلمين ومقدساتهم…؟ لماذا التنازل عن مبادئ، وعن دين، وعن قدسيات، وعن أوقاف المسلمين، وعن أمانة رسول الله صلى عليه وسلم، هذه هي قضية فلسطين الكبرى التي يجب أن تبقى خالدة تالدة في أذهاننا، وعلى قلوبنا، وعلى أرضنا، وواقعنا، وفي نفوسنا، ونربي عليها أطفالنا، وأجالينا، لأجلها نموت، ونحيا، ونهلك ونباد…
أقول قولي هذا وأستغفر الله
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
ـ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد طمأنا وبشرنا وأخبرنا وأعلمنا بأمر عظيم وكأنه يعنينا في عصرنا وفي وقتنا وفي عهدنا وفيما نشاهد، يقول صلى الله عليه وسلم كما في البخاري ومسلم وهو عند غيرهم أيضًا كحديث شبه متواتر أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، ولا من ناوأهم، ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة، وهم على ذلك، قيل يا رسول - كما في روايات- يا رسول الله أين هم؟ قال هم في بيت المقدس وعلى أكناف بيت المقدس "، وانظر للألفاظ النبوية: لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم… وهم ظاهرون حتى تقوم الساعة وهم على ذلك، يجاهدون يقاتلون يصاولون يدافعون يموتون نيابة عن الأمة جمعاء، ومع هذا سيجدون التخاذل سيجدون البيع، سيجدون المنحط السفيه التعيس يساوم في فلسطين يبيعها، يسلمها، يصنف المقاومة الشجاعة المناضلة الجسورة المباركة التي مدحها النبي صلى الله عليه وسلم سيصنفها في قائمته الحمقاء بأنها أرهاب، كأن النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا الآن عن هؤلاء العملاء الذين غرسهم الأعداء في أمتنا…لكنه عليه الصلاة يعنيهم الآن كمقاومة فلسطينية، كأنه يحدثهم، كأنه يطمئنهم، كأنه يخبرهم صلى الله عليه وسلم ويقول لهم اطمئنوا، لا تخافوا، لا تفزعوا أبداً لن يضروكم، ولن يضركم تخاذلهم وجبنهم وسفههم وطيشهم…
ـ أولئك المجاهدون الأبطال، المقاتلون المناضلون الشجعان، لا يقاتلون على الأقصى وفقط، ولا عن فلسطين، ولا عن ترابها، ولا عن أشكالها وأحجارها، بل هم ينوبون عني وعنك وعن الأمة جمعاء، هم يقومون بفرضية وجبت علينا جميعًا، فهم ينوبون عنا، ويسقطون عنا التكليف، يرفعون عنا الإثم، ويرفعون عنا أمر الجهاد الإلزامي على كل مسلم… فنكافئهم بنصرتنا، بدعائنا، بمالنا، بحنين قلوبنا، بإعلامنا، بكتاباتنا، بمنشوراتنا، بأي شيء نستطيعه هو جهاد حقيقي معهم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم﴾…
- وفي الأخير: فإن فلسطين تمثل امتحانًا إسلاميًا كبيرًا وعظيما… أن نكون أو لا نكون، أن نظل متمسكين بدين الله جل جلاله أو لا نكون…
إن قضية فلسطين ميزت المسلم الحق، من المنافق البحت، من الخائن العميل، من البائع الرعديد…
في موقف فلسطين نحن أمام طريقين، وفسطاطين، إما فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وذاك يعني نصرة فلسطين والحياة حياتها والموت موتها… أو فسطاط نفاق لا إيمان فيه ومعناه خيانتها وبيعها…والتنازل عنها… وفتح باب عداء مع مقاومتها الباسلة
﴿الَّذينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَد جَمَعوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزادَهُم إيمانًا وَقالوا حَسبُنَا اللَّهُ وَنِعمَ الوَكيلُ فَانقَلَبوا بِنِعمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضلٍ لَم يَمسَسهُم سوءٌ وَاتَّبَعوا رِضوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذو فَضلٍ عَظيمٍ إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيطانُ يُخَوِّفُ أَولِياءَهُ فَلا تَخافوهُم وَخافونِ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ وَلا يَحزُنكَ الَّذينَ يُسارِعونَ فِي الكُفرِ إِنَّهُم لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيئًا يُريدُ اللَّهُ أَلّا يَجعَلَ لَهُم حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُم عَذابٌ عَظيمٌ﴾، لا أطيل وقد أطلت، والإخوة في الشمس منذ صعدت المنبر، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/NB1E3d11UF0
📆 تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 24/رجب /1443هـ.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
- فإنه مهما تقطعت بنا السبل، وتفرقت بنا الطرق، وأصبحنا قبائل شتى، وغدت تلك الكوارث والمآسي تنزل على الأمة تترى، فإن قضية واحدة، هي قضية مركزية للأمة جمعاء، لا يمكن أن تتنازل عنها، أو أن تتخلف عن قضيتها، ولا يمكن أن تبيعها لو فنيت وبادت وانتهت وزالت، قضية هي قضية محل إجماع إسلامي عظيم، لا يمكن لمسلم أبدا أن لا يجعلها أولويته القصوى، ومن كان الإسلام في قلبه حقيقة لا يمكن أن يتركها أن يتخلى عنها أن يتنازل عن شيء منها أبدا، محل وفاق محل إجماع، مهما اختلفنا على أشياء، ومهما تناحرنا على أمور، ومهما تخاصمنا على قضايا، مهما سالت الدماء، مهما زهقت الأرواح، مهما جعنا فقرنا هلكنا سُحقنا دُمرنا متنا… فُعل بنا ما فعل، فإن قضية هي قضية المسلمين الأولى على الإطلاق حية في قلوبنا، هي باقية في أفئدتنا، هي على أسماعنا وأبصارنا، هي فوق رؤوسنا…
ـ إنها قضية فلسطين التي طالما تناسيناها، قضية فلسطين التي طالما انشغلنا عنها، قضية فلسطين التي طالما وقعنا في تأخر عنها، قضية فلسطين التي طال عنها حديثنا بسبب مأسينا، قضية فلسطين في أسبوعها العالمي هذا الأسبوع الذي يحييه المسلمون في كل عام، وأتذكر اليوم في قضية فلسطين في أسبوعها العالمي الكبير الذي تجتمع فيه الأرواح والذي تجتمع فيه الجنود المجندة من أبناء الإسلام لينصروا قضيتهم، ليتوحدوا من أجل مجد أمتهم، ومن أجل قدسيه عظمى عندهم…
- قضية فلسطين هي قضية الأنبياء جميعـًا، وقضية الأديان كلها، وقضية الإنسانية بعمومها، قبل أن تكون قضية كل مسلم، فلسطين التي هي مسرى رسولنا عليه الصلاة والسلام، التي هي أيضـًا مجمع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، التي لم يجتمع الأنبياء في لحظة من اللحظات، في أي بلد، وعلى أي قطر، ولا في أي مسجد، ولا على أي تراب أبدا مثل ما اجتمع الأنبياء جميعًا على مائدة فلسطين، وداخل المسجد الأقصى المبارك، ذلك الأسيف الحزين المغتصب المنتهب هناك في فلسطين المحتلة، وعلى ترابها الطاهر، وأشجار الزيتون البهية، وخضرتها الجميلة، وأشجارها العريقة، ومنظرها الخلاب، وشوارعها التي تأخذ بالألباب، هناك اجتمع الأنبياء لقضية عالمية كبرى إلى يوم الدين، قضية نؤمن بها كما نؤمن بوجودنا هي أن يسلموا الراية الفلسطينية لحماية الأرض المقدسة المباركة إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أن يسلموا أرض الأقصى بترابها بزيتونها بأشجارها بأحجارها بأبشارها… بكل مقدس فيها، أن يسلموه لنا كعهدة عندنا، كأمانة في رقابنا، كمقدس نحافظ عليه كما نحافظ على أنفسنا، فقبل صلى الله عليه وسلم ذلك نيابة عن أمته، وصلّى بهم إماما عليه الصلاة والسلام، وكأنه عليه الصلاة والسلام يقول ها أنا ذا قد أخذت الأمانة وأسلمتها لأمتي…
ـ وبعد ست سنوات فقط من وفاته صلى الله عليه وسلم، والتحاقه بالرفيق الأعلى عليه الصلاة والسلام يفتحها الفاروق رضي الله عنه، ويسلم النصارى له فلسطين لمن قالوا باتفاقهم آنذاك، إننا نجد في التوراة أن لا نسلم مفاتح الأقصى إلا لرجل اسمه عمر، فلا نعطيها إلا له عهداً عهدناه في التوراة، وهو ثابت في التاريخ لا نزاع فيه البتة، وأن زوروه في العصر الحديث، لكن أولئك الرهبان البطارقة سلموا الأمانة والعهدة التي معهم وتوارثوها من أنبيائهم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يخرج عمر رضي الله عنه لمعركة ولا لغزوة ولا لقتال ولا لسرية ولا لأي شيء أبدا خارج المدينة الا لأجل مفاتح الأقصى ليستلمه فقط، وذهب ليستلم الراية ويوقع اتفاق عالمي كبير وعهدة لا زلنا نحافظ عليها في متاحفنا بالعهدة العمرية…
ـ واليوم نسائل أنفسنا: أين العهدة العمرية؟
وأين الأمانة التي وضعها الأنبياء جميعا في رقابنا، وأتمنونا عليها، وقبلها نبينا صلى الله عليه وسلم ثقة منه بأمته، ثم ماذا فعلنا بتلك الأمانة، والعهدة…؟ نسائل أنفسنا اليوم بعدما كدنا أن نتنازل عن قضية مركزية كبرى بسبب الأعراب، و: ﴿الأَعرابُ أَشَدُّ كُفرًا وَنِفاقًا وَأَجدَرُ أَلّا يَعلَموا حُدودَ ما أَنزَلَ اللَّهُ عَلى رَسولِهِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ﴾، قضية فلسطين قضية ليست فردية، ولا جماعية على كل جماعة، ولا حزبية، ولا سياسية، ولا اجتماعية، ولا ثقافية... بل هي أوسع من الجميع، وأكبر من الكل، وأعظم من من هذه جميعًا…
ـ قضية فلسطين عندنا كقضية لا إله إلا الله محمد رسول الله، قضية نحيا لأجلها، ونكافح، وننافح، ونصاول… ونموت أيضًا من أجلها، قضية فلسطين على قلوبنا وأرواحنا، وإن تشاغلنا عنها، وإن ابتعدنا، وإن وقع ما وقع؛ بسبب مشاكلنا الداخلية المفتعلة لأجل نسيانها، لكنها مع ذلك ستظل مركزية لدى كل مسلم يخفق قلبه بلا إله إلا الله، قضية فلسطين في الحقيقة هي التي يجب أن تُخلد، ويجب أن تبقى حية في ضمائرنا، وعلى سائر حياتنا، ويجب أن نعلم جيداً على أن أي تنازل عن شبر من أشبارها وعن أي قطعة من أرضها، وعن أي شيء فيها، هو معناه تنازل عن ديننا، عن مبادئنا، عن قيمنا، عن إسلامنا، عن كل شيء فينا…
ـ فلسطين المباركة التي عظمها الله جل جلاله فسماها في كتابه: "الأرض المقدسة"، و:"الأرض التي باركنا فيها"… بركة في كل شيء حتى ترابها، وأحجارها، وأشجارها، وأرزاقها، وأبشارها، ومأكلها، ومشربها... وكل شيء فيها… فلسطين التي عاش فيها الأنبياء الذين نحن أولى بهم جميعا ممن يزعمون كذبا اتباعهم: ﴿إِنَّ أَولَى النّاسِ بِإِبراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذينَ آمَنوا وَاللَّهُ وَلِيُّ المُؤمِنينَ﴾، عاش فيها إبراهيم وأبناؤه ونسله إسحاق ويعقوب ويوسف ولوط وداود وسليمان وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام وغيرهم… فضلا عن علماء وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيار الأمة ممن لا زالت مقابرهم شاهدة حاضرة ناطقة عن الإسلام والمسلمين… بل لم تكن لأمة فيه تاريخ كتاريخ أمتنا منذ أول لحظات بناء بيت المقدس الذي هو ثاني مسجد بني على الأرض كما في صحيح مسلم فكان لأمتنا فيه تاريخها الأمجد والأعرق والأعظم…
- فلسطين أرض الأنبياء، ومنابر الأولياء، ومقابر العظماء والشهداء، فلسطين مسرى رسولنا صلى الله عليه وسلم، ووصيته لنا: (ائتوا القدس وصلوا فيها)، وشوقنا لمسجدها بأن الصلاة فيه بخمسين ألف صلاة، وقال: "لاتشد الرحال إلا لثلاثة مساجد، المسجد الحرام، والأقصى، ومسجدي هذا"، إنها فلسطين ملتقى الأولين والآخرين منذ آدم حتى آخر رجل في الأمة فهي أرض المحشر والمنشر… فضلا عن أنها قبلتنا الأولى بل والأنبياء قبلنا…
ـ فلسطين أيها الفضلاء الموحّدون أحباب فلسطين والأقصى ظلت لدى المسلمين فترة كبيرة، ولكنها اغُتصبت وانُتهبت وانُتزعت من المسلمين لفترة قليلة، ثم عندما وجد الروح الإسلامي الحي لها، ولاستردادها بقيادة زنكي ثم تلميذه صلاح الدين الأيوبي الذي حررها بعد ذلك، وقل عن قطز أيضًا وشعاره وإسلاماه، فكان النصر حليفه بعد أن رأى وتيقن على أن لا نصر إلا بتمسك بمبدأ وإسلاماه، لا وأمريكاه، ولا ولا يا أمم متحدة، أو مجلس أمن، أو روسيا، أو الدول العظمى إجراما… ولا هنا وهناك، بل وإسلاماه، وارباه و الله، هذه الشعارات التي خلَدت عند أولئك، وتربوا وربوا عليها غيرهم حرروا بها الأقصى، وفازوا وانتصروا وأخذوها من أولئك الذين فعلوا ما فعلوا في الأقصى، ولم يأخذوها إلا بقوة السلاح، كما أنها لم تؤخذ إلا بقوة السلاح، ولا والذي نفسي بيده إنها لن تؤخذ اليوم الا بما أُخذت أيضًا بالأمس بالتربية الإسلامية، والتعبئة الجهادية، والعدة اللازمة في كل شيء، وبقوة السلاح (بالجهاد)، الجهاد الحق لا الجهاد الأمريكي، أو الجهاد الاشتراكي الروسي، ولا أي جهاد مفتعل كاذب مشوه باطل مدفوع مأجور رخيص، بل جهاد إسلامي كما عرفه النبي صلى الله عليه وسلم، وكما شرعه هو عليه الصلاة والسلام….
- وإن أولئك الحثالة الذين قال عنهم كشك رحمه الله: لو تفل المسلمون جميعـًا تفلتًا لأغمروا الأسرائيليين وأغرقوهم؛ لأننا أمة فيها ملياري مسلم أو قريب من ذلك، أما أولئك فبالملايين، وفوق هذا فإن الله يقول: {لَا يُقاتِلونَكُم جَميعًا إِلّا في قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَو مِن وَراءِ جُدُرٍبَأسُهُم بَينَهُم شَديدٌ تَحسَبُهُم جَميعًا وَقُلوبُهُم شَتّى ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَعقِلونَ.﴾، وقال عنها أحد القادة للمقاومة الفلسطينية المباركة كنا لا نعلم ما تأويل الآية، فقد وصفت لا يقاتلونكم جميعـًا الا في قرى محصنة، قال أما في قرى محصنة فقد رأينا وشاهدنا، لكن من وراء جدر لم نر ولم نشاهد حتى بُني الجدار العازل العنصري الكبير ليحظر أرض فلسطين وغزة بالذات المحاصرة، الدولة الأطول حصاراً أو البقعة الأطول حصاراً والأصغر أيضًا امتداداً، ومع هذا تحققت الآية: {لا يُقاتِلونَكُم جَميعًا إِلّا في قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَو مِن وَراءِ جُدُرٍ بَأسُهُم بَينَهُم شَديدٌ تَحسَبُهُم جَميعًا وَقُلوبُهُم شَتّى ذلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَعقِلونَ}، هكذا يقول ربنا عز وجل أيها العربان قلوب اليهود متفرقة متخاصمة متناطحة متقاتلة غير مجتمعة أبدا وإن رأيتموها اجتمعت، فلماذا الخوف؟ ولماذا الذعر؟ ولماذا المهابة؟ ولماذا التسليم؟ ولماذا التنازل؟ ولماذا بيع أوقاف المسلمين ومقدساتهم…؟ لماذا التنازل عن مبادئ، وعن دين، وعن قدسيات، وعن أوقاف المسلمين، وعن أمانة رسول الله صلى عليه وسلم، هذه هي قضية فلسطين الكبرى التي يجب أن تبقى خالدة تالدة في أذهاننا، وعلى قلوبنا، وعلى أرضنا، وواقعنا، وفي نفوسنا، ونربي عليها أطفالنا، وأجالينا، لأجلها نموت، ونحيا، ونهلك ونباد…
أقول قولي هذا وأستغفر الله
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
ـ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد طمأنا وبشرنا وأخبرنا وأعلمنا بأمر عظيم وكأنه يعنينا في عصرنا وفي وقتنا وفي عهدنا وفيما نشاهد، يقول صلى الله عليه وسلم كما في البخاري ومسلم وهو عند غيرهم أيضًا كحديث شبه متواتر أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، ولا من ناوأهم، ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة، وهم على ذلك، قيل يا رسول - كما في روايات- يا رسول الله أين هم؟ قال هم في بيت المقدس وعلى أكناف بيت المقدس "، وانظر للألفاظ النبوية: لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم… وهم ظاهرون حتى تقوم الساعة وهم على ذلك، يجاهدون يقاتلون يصاولون يدافعون يموتون نيابة عن الأمة جمعاء، ومع هذا سيجدون التخاذل سيجدون البيع، سيجدون المنحط السفيه التعيس يساوم في فلسطين يبيعها، يسلمها، يصنف المقاومة الشجاعة المناضلة الجسورة المباركة التي مدحها النبي صلى الله عليه وسلم سيصنفها في قائمته الحمقاء بأنها أرهاب، كأن النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا الآن عن هؤلاء العملاء الذين غرسهم الأعداء في أمتنا…لكنه عليه الصلاة يعنيهم الآن كمقاومة فلسطينية، كأنه يحدثهم، كأنه يطمئنهم، كأنه يخبرهم صلى الله عليه وسلم ويقول لهم اطمئنوا، لا تخافوا، لا تفزعوا أبداً لن يضروكم، ولن يضركم تخاذلهم وجبنهم وسفههم وطيشهم…
ـ أولئك المجاهدون الأبطال، المقاتلون المناضلون الشجعان، لا يقاتلون على الأقصى وفقط، ولا عن فلسطين، ولا عن ترابها، ولا عن أشكالها وأحجارها، بل هم ينوبون عني وعنك وعن الأمة جمعاء، هم يقومون بفرضية وجبت علينا جميعًا، فهم ينوبون عنا، ويسقطون عنا التكليف، يرفعون عنا الإثم، ويرفعون عنا أمر الجهاد الإلزامي على كل مسلم… فنكافئهم بنصرتنا، بدعائنا، بمالنا، بحنين قلوبنا، بإعلامنا، بكتاباتنا، بمنشوراتنا، بأي شيء نستطيعه هو جهاد حقيقي معهم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُركُم وَيُثَبِّت أَقدامَكُم﴾…
- وفي الأخير: فإن فلسطين تمثل امتحانًا إسلاميًا كبيرًا وعظيما… أن نكون أو لا نكون، أن نظل متمسكين بدين الله جل جلاله أو لا نكون…
إن قضية فلسطين ميزت المسلم الحق، من المنافق البحت، من الخائن العميل، من البائع الرعديد…
في موقف فلسطين نحن أمام طريقين، وفسطاطين، إما فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وذاك يعني نصرة فلسطين والحياة حياتها والموت موتها… أو فسطاط نفاق لا إيمان فيه ومعناه خيانتها وبيعها…والتنازل عنها… وفتح باب عداء مع مقاومتها الباسلة
﴿الَّذينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَد جَمَعوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزادَهُم إيمانًا وَقالوا حَسبُنَا اللَّهُ وَنِعمَ الوَكيلُ فَانقَلَبوا بِنِعمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضلٍ لَم يَمسَسهُم سوءٌ وَاتَّبَعوا رِضوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذو فَضلٍ عَظيمٍ إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيطانُ يُخَوِّفُ أَولِياءَهُ فَلا تَخافوهُم وَخافونِ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ وَلا يَحزُنكَ الَّذينَ يُسارِعونَ فِي الكُفرِ إِنَّهُم لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيئًا يُريدُ اللَّهُ أَلّا يَجعَلَ لَهُم حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُم عَذابٌ عَظيمٌ﴾، لا أطيل وقد أطلت، والإخوة في الشمس منذ صعدت المنبر، صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
*هذا.حالنا.عندما.غابت.الرحمة.فينا.cc* #خطب_مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي. عضو الاتحاد ...
*هذا.حالنا.عندما.غابت.الرحمة.فينا.cc*
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/G7_H96tMZB8
🗓️- تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 17/رجب/1443هـ.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
فكم سمعنا من كوارث، وويلات، ومدلهمات، وخطوب، وشدائد دخيلة على بلدنا، وعلى مجتمعاتنا الإسلامية، أمور تحدث يندى لها الجبين، ويفزع منها المؤمنون الوجلون، أمور لا تصدق في الحقيقة سمعناها، أو شاهدناها، أو حُدثنا بها، فذلك الوالد الذي يقتل ولده ابن العامين، وذبحـًا، وبآلة لا يحش بها إلا الزرع، ولم يستعملها مجرم سواه قبله، وذلك الآخر الذي يحرق أولاده حرقـًا، وذاك الذي يقتل زوجته بالزيت المغلي أيضًا، والآخر الذي يرمي ولده في بئر، وكل هذا وأكثر منه في بلد الإيمان والحكمة، أخبار مفزعة، وكوارث عظيمة، وشديدة، وهي والذي نفسي بيده لتنذر بخطر شديد، وأمر جليل، وعقوبة لا تبقي ولا تذر: ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾.
ـ وإني هنا لا أتحدث عن القتل المستمر والدماء التي تجري في كل الجبهات وفي ميادين القتال، نتحدث عن المسالمين، نتحدث عن الأطفال، نتحدث عن النساء، نتحدث عن الناس الذين لا ناقة لهم ولا جمل لا في حرب، ولا في قتل، ولا في جيش، ولا في شيء من ذلك أبدا، بل نتحدث عن أولئك الصغار الذين ذبحوا لا يعرفون لماذا ذبُحوا، عن أولئك المساكين، عن اولئك العطشى الذين ماتوا ظمـًأ وجوعًا وبردًا وانتحارًا وحرقًا وذبحًا وسلخًا وقصفًا… في بلد الإيمان والحكمة، لا رحمة، لا تعاطف، لا تواد، لا شجب، لا إدانة، لا صراخ، لا قول قف، لا قول يكفي، شبعنا، سأمنا، هلكنا، قُتلنا، دُمرنا، شُردنا… لا شيء من ذلك يحدث، الكل ساكت، والمجرمون يذبحون، وينهبون، ويقتلون، ويسلخون بصمت… وبكل حرية، وأريحية…!.
ـ إنها والله لتحدث على مرأى ومسمع منا، وتنقلها لنا وسائل الإعلام كل لحظة، وأصبحت أمور واضحة للعلن، لقد رأيت ورأيتم ذلك الطفل الذي لم يُذبح بطريقة عادية، بل ذُبح بما يذبح به الحشائش من الأرض والشجر، لم يُذبح حتى بكرامة، لم يُذبح حتى بخوف، لا من ظالم، ولا من كافر، ولا من جبروت، بل من أبيه، أي فحشاء ومنكر وجبروت وعظمة وغلظة وفجور وكفر أيما كفر، وهل لمسلم يدعي الإسلام أن يفعل مثل هذه الموبقات…
- أو قل عن الآخر الذي جاءني سائل، وأرسل لي بعض صور ذلك الطفل الصغير الذي لم يبلغ الحلم بعد لكن قتله أبوه بطلق ناري في رقبته فمات من لحظته، وللعلم فقد قتل أبوه قبل ذلك أحد إخوانه ويدعي كذبـًا أنه عن خطأ، بينما هو قاتل بالعمد مراراً وتكراراً، وسيعيدها وأيضًا في ظل صمت الكل؛ فالقاتل، المجرم، الظالم، السارق، الناهب، السفيه، الملعون، الحقير، مُطلق حر على وجه الأرض إذا لم يكن يمشي محميا من المجرمين أمثاله، وعادة فهؤلاء السرق القتلة المجرمون يمشون بالحراسات، وأناس يرافقونهم بالسيارات، والجيش أو ما يدعونه كذبا بالأمن يحمون أولئك، بينما ذلك الفقير المسكين الضعيف البريء النزيه الخائف لربه مطارد مشرد، لا يجد ما يشبع بطنه، ولا ما يروي نفسه، ولا ما يهدئ من روعه، يمسي فيهم صباحه، ويصبح فيهم مساه، يفطر فيفكر في غداه، ويتغدى ثم قد يتعشى وقد لا يفعل عادة، فضلا عن نومه، وأمراضه، وهمومه، وغمومه، وأحزانه…
ـ قُلبت الموازين، وتغيرت الأحوال، وضعف الإيمان، أو انعدم إلا ما رحم الرحمن، كيف يتحدث عنا أننا في إسلام، ونقرأ القرآن بينما نحن ننحر الإسلام بأفعالنا، بصمتنا، بسكوتنا على جرائم كبرى في واقعنا دون قلب يحن، ويأن، ولسان يشجب وينكر، بعدم توادنا وتراحمنا، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في البخاري ومسلم: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم"، ثلاث كلمات مترادفات قريبات من بعض: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، فالمسلمون جميعـًا كمثل الجسد الواحد، لا يمكن أن يتخلى عن جسده، وينام عن مرض يده، أو أي جراحات في جسده باعتبار أن لا علاقة له، ولا شأن له به، فيداوي نفسه، مرّض نفسك، اذهب وحدك، اسهر وحدك، لا لا بل تتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، من أجل شيء بسيط في الجسد يتألم الجسد كله، هؤلاء هم المؤمنون لا من يدعون الإيمان، هؤلاء هم المسلمون لا من يدعون الإسلام، هؤلاء من عرفوا الله لا من ادعوا معرفة الله، هؤلاء المحسنون الذين يراقبون الله لا من يدعون ذلك كذبـًا وزورًا على عباد الله، هؤلاء أناس سماهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين: " مثل المؤمنين"، فأين نحن من هؤلاء، ومن هذا التوحد والاعتصام، والحب، والإخاء، والتراحم، والتعاطف الذي دلنا عليه حبيبنا صلى الله عليه وسلم…!
ـ ألا نريد رحمة الله أن تنزل بنا، ألا نرجو ذلك صباح مساء، ألم يقل رسولنا صلى الله عليه وسلم فيما نعلم ونحفظ جميعـًا " الراحمون يرحمهم الرحمن عز وجل"، والجزاء من جنس العمل؛ فمن يرحم الناس يرحمه رب الناس، من يشفق على الناس يشفق الله عليه، من يعطف على الناس يعطف الله عليه، من يراعي ظروف الناس يراعي الله ظروفه، من ينظر ويتفقد أحوال الناس فإن الله يتفقد احواله، من يفرج عن الناس يفرج الله عنه، من يفك عن معسر، أو ينظر في حاجة مسلم، أو يسعى في خدمة مؤمن، كل ذلك يجازيه الله به وأعظم، وأفضل وأجزل: {إنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}، ثم ماذا سنسد من كرب الناس، ونفرج عنهم ونيسر ونعطي…لهم؟ ماذا سنفعل أمام ما سيفعل الله جل جلاله لنا؛ جزاء بما فعلنا، ما الذي سأسدده من دين فلان عشرة وعشرين ومئة ألف، وماذا سيعطيني الله من الدنيا، وخزائنها كلها بيده جل جلاله، ما الذي سأفرج من كرب الآخرين فيفرج الله من كروبي الدائمة والمستمرة، بل أنا في كرب منذ أن وجدت في هذه الدنيا، سأفك عن الناس بينما الله يفك عني وأنا في أسر دائم، ما الذي سأفعل للناس أمام ما يقابلني الله جل جلاله وما سيفعل لي جزاء عملي، ألا نلاحظ، ونتفكر في هذا، ونعتبر بهذا، ونعرف قدر ما نحفظ ونعلم، وبالتالي نندفع فنعمل…
ـ "الراحمون يرحمهم الرحمن" وهو في البخاري ومسلم، وأيضـًا في البخاري ومسلم "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله"، وكلها أحاديث صحيحة، واضحة، بينة، بل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفي عن الإسلام من لم يرحم الناس فقال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا"، ليس من الإسلام، ليس من الدين، ليس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ليس من الأمة، بل يقول صلى الله عليه وسلم: " لا ينزع الله الرحمة إلا من شقي"، وذلك الشقي هو صاحب النار ومن أهلها: ﴿فَأَمَّا الَّذينَ شَقوا فَفِي النّارِ لَهُم فيها زَفيرٌ وَشَهيقٌ﴾، فلا ينزع الله رحمته إلا من قلب شقي تعيس، ينظر يرى يسمع يفرح إذا أُصيب مسلم بمصيبة، بألم، بدمار، بقتل، بفقر، بمرض، بكرب، بغم، بهم، بحزن… يفرح، يستبشر، يسكت، لا يعنيه هذا كله، وكأن ذلك ليس بمسلم أصلا، أي إسلام لهذا، أي دين له، أي رب يعبده… !
ـ وهذا الله جل في علاه رحمان راحم رحيم رحمة… ونكرر وجوبـًا في كل ركعة من صلاتنا وإذا لم نفعل لا تقبل، هل تفكرنا فيها نرددها مرتين: ﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، ثم نعيدها أيضـًا في سورة الفاتحة كركن من أركان الصلاة أعني سورة الفاتحة وما فيها من آيتي الرحمة ﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، ابتدأ بها كتابه، ثم كررها في نفس السورة: ﴿الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، فهل نبتدئ بها دنيانا، مشاريعنا، أول ايامنا، أواخر أيامنا، هل عملنا بها، هل أشعنا الرحمة، والتراحم، والتعاطف فينا، هل نرحم هذا وذاك، نرحم أنفسنا أولاً لننقذها من النار، هل ادركنا لماذا كررها الله في أول سورة من كتابه، وفرضها في كل ركعة من صلواتنا؛ لندرك معنى الرحمة التي نحتاجها من الله، والتي يجب أن تشيع في الخلق جميعا لا البشر وفقط، ولولها لما حنّت، وعطفت، ورحمت، وأرضعت أم وليدها أيا كانت تلك الأم…
- والذي نفسي بيده لو وجدت الرحمة في قلوبنا، في ضمائرنا، وعشنا بها، ترعرت فينا، الفتنا لمن حولنا ما وُجد ذلك الجائع، وذلك الظامئ، وذلك الفقير المريض، وذلك الإنسان التعيس في الحياة، والذي لا يجد مأوى ينام إنما على أرصفة الشواع، لما وُجد من لا يعرف قوته، ولا يعرف شبعه، ولا يعرف مسكنه، ولا هدوأه، ولا سعادته، ولا السلامة من مدلهمات الحياة… لو عمت الرحمة فينا لرحمنا الله عز وجل؛ فالراحمون يرحم الرحمن عز وجل، ألا فلنجعل هذا شعارنا الدائم والباقي إذا أردنا القدوة برب العالمين جل جلاله، وإذا أردنا أن تتنزل علينا الرحمة منه عز وجل فعلينا أن نرحم الصغار والكبار، أن نرحم الأبناء والبنات، أن نرحم المسلمين، أن نرحم الفقراء، أن نرحم الضعفاء، أن نرحم العطشى، أن نرحم الجوعى، أن نرحم أولئك الذين يئنون من الديون والأمراض في المستشفيات هنا وهناك لا يجدون من يلتفت لهم، لا يجدون من يعتني بهم، لا يجدون من ينظر في حوائجهم، ونحن في بلد الإيمان والحكمة بنص حديث من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، فأين الإيمان، وأين الرحمة، وأين الألفة، وأين التواد، وأين التعاطف، لو وجد هذا في نفوسنا ما قتل ذلك المجرم القاتل ولده، ولا ما اعتدى ذلك الظالم الخائن على زوجته، ولا ما انتشرت الرذائل في مجتمعاتنا، ولا تطاول السفهاء على ديننا، ولما كان الفقراء على أرصفة شوارعنا، ولن يوجد المرضى الذين يموتون ألما، ولن يوجد القتل، والدمار، والتشريد، والهلاك…
والغلاء والمجاعات والقتل والدمار الكائن كل هذا وأكثر في وطننا بل وأمتنا…
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
ـ فإني نظرت في أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مراراَ وتكراراً منذ زمن، فوجدت بونًا شاسعًا، وبعدًا واسعًا، وفرقًا كبيرًا وعظيمًا، ووجدت خندقًا واسعًا فيما بين مسلم يرجو الله والدار الآخرة، وبين مسلم لا يريد إلا نفسه ودنياه: ﴿مَن كانَ يُريدُ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها نُوَفِّ إِلَيهِم أَعمالَهُم فيها وَهُم فيها لا يُبخَسونَ أُولئِكَ الَّذينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلَّا النّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعوا فيها وَباطِلٌ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، ﴿مَن كانَ يُريدُ العاجِلَةَ عَجَّلنا لَهُ فيها ما نَشاءُ لِمَن نُريدُ ثُمَّ جَعَلنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصلاها مَذمومًا مَدحورًا﴾…
-والأحاديث التي أعني هي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حدثنا عن امرأة زانية من بني اسرائيل، لكنها في مرة من المرات عطشت، ظمئت، فنزلت إلى بئر لتشرب منه، فلما شربت وارتوت، صعدت لتذهب فرأت كلبًا بذلك البئر فلم تجد ما تسقي ذلك الكلب، وهو كلب، كلب، فنزلت إلى البئر، وملأت موقها، حذاءها، خفها، نعلها، ثم صعدت إلى الكلب وسقته وذهبت، فنظر الله لها فادخلها الجنة، وفي رواية فغفر الله لها، أي زناها، وخطاياها، وجرائمها، ومصائبها، وكبائرها، وذنوبها، ومعاصيها وما تقدم من سنوات ليس بالمئة بل كانوا يتعمرون آلاف السنين أعني من سبقونا، والحديث في البخاري ومسلم: " بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فغفر لها".
ـ هذا حديث واحد، أما الآخر فهو عند مسلم أن رجلاَ كان يمشي في طريق المسلمين فوجد شيئـًا يؤذيهم من شوكة لا تساوي أصبعا واحدة فأزال الشوك من طريق المسلمين فغفر الله له فأ دخله الجنة، وهو شوك شوك فقط…
- وفي الجهة المقابلة على الجانب الآخر هناك امرأة مجرمة عمدت إلى هرة فحبستها لم تطعمها ولم تسقها فماتت جوعًا وظمًأ فنظر الله لها فأدخلها النار بسبب هرتها..
-وأيضًا في جانب أخير وكلها في البخاري ومسلم أو عند أحدهما، أن امرأة جاءت إلى عائشة رضي الله عنها فطلبتها صدقة فلم تجد عائشة غير ثلاث تمرات في غرفتها فتصدقت بها عائشة رضي الله عنها على المرأة فقسمت المرأة الثلاث الثمرات واحدة لها واثنتين لبنتها، فبدأت المرأة لتأكل تمرتها، وقد التهمت احدى البنات التمرة التي معها في يدها، فطلبت أمها تمرتها، فقسمت الام التمرة إلى نصفين ووزعتها بين ابنتيها وبقت بلا تمرة. فأعجبها عائشة هذا المنظر فحكت للنبي صلى الله عليه وسلم هذا فقال لها صلى الله عليه وسلم: " لقد رحمها الله وادخلها الجنة، برحمتها لابنتيها"؟ تمرة لهذه ولهذه دخلت الجنة…
ـ وأقول اذا كانت تلك البغي الزانية المجاهرة ببغيهادخلت الجنة لأنها آزالت همًا وغمًا وكربًا وعطشًا وظمًأ على كلب، وذلك الرجل الذي أزال غصن شوك من طريق المسلمين، وتلك المرأة التي دخلت النار بسبب هرة، وهذه التي دخلت الجنة بسبب تمرة، فماذا نقول من ينقذ المسلمين، من يسعى في حوائج المسلمين، من يفك كرب المسلمين، من يفرج عن المؤمنين، من يسقي، من يشبع، من يلتفت، من يرعى، من يعطف، من يرحم، من يزور، من يسأل عن احوال أقاربه، وجيرانه، والمسلمين حوله، ويلتفت إلى الضعفاء، ويرحم الفقراء، لينقذه الله، ليدخله الله الجنة، ليفرج الله عنه، ليكشف عنه… وفي المقابل ما العذاب الشديد، والإثم العظيم لمن تسبب في قتل، ودمار، وفقر، وعذاب… المسلمين، تلك هرة فقط حبستها فماتت فكيف بنفس مسلمة…!.
ـ وقبل أن أختم خطبتي أوجه رسالة لأولئك الأغنياء، ولأصحاب المسؤوليات الكبرى في الدولة المعدومة أعني اليمن، والحكومة المسافرة… هذه الرسالة أوجهها لا مني بل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي دعاء منه صلى الله عليه وسلم على من ولي من أمر الأمة شيئًا فشق عليهم: " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فشفق عليه"، فإذا أراد المسئولون أن يلطف الله بهم، أن يرحمهم الله، أن يدخلهم الله الجنة، أن ينقذهم مما هم فيه، فعليهم أن يرحموا الناس، ولا يناموا على آهات الناس، وعلى أسقام الناس، وأمراضهم، وإبادتهم، وعلى جوع، وعلى فقر الناس ليتقوا الله في أنفسهم، لا يكفي المسئول أن يأخذ مسئولية ثم يسافر إلى الخارج أو ينام في فندق أو يركب سيارة أو يذهب هنا وهناك، ولا يعنيه شؤون الناس، أو يفتح محلاً أو مؤسسة او مكسبَا ثم لا يداوم ولا يرى ولا ينظر إليه، ايًا كانت تلك المسئولية من صغيرها إلى كبيرها وأي ولاية كانت، فمن أراد أن يرفق الله به فليرفق بمن بين يديه، ومن أراد أن يشق الله عليه فليشفق على من ولا الله أمره، "اللهم من ولي من أمر اكأمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه"…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
#خطب_مكتوبة
👤للشيخ/عبدالله رفيق السـوطي.
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/G7_H96tMZB8
🗓️- تم إلقاؤها بمسجد الخير المكلا فلك جامعة حضرموت: 17/رجب/1443هـ.
الخــطبة الأولــى: ↶
ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.
أمــــــا بــــعـــــد عـــبــاد الــــلـــه:
فكم سمعنا من كوارث، وويلات، ومدلهمات، وخطوب، وشدائد دخيلة على بلدنا، وعلى مجتمعاتنا الإسلامية، أمور تحدث يندى لها الجبين، ويفزع منها المؤمنون الوجلون، أمور لا تصدق في الحقيقة سمعناها، أو شاهدناها، أو حُدثنا بها، فذلك الوالد الذي يقتل ولده ابن العامين، وذبحـًا، وبآلة لا يحش بها إلا الزرع، ولم يستعملها مجرم سواه قبله، وذلك الآخر الذي يحرق أولاده حرقـًا، وذاك الذي يقتل زوجته بالزيت المغلي أيضًا، والآخر الذي يرمي ولده في بئر، وكل هذا وأكثر منه في بلد الإيمان والحكمة، أخبار مفزعة، وكوارث عظيمة، وشديدة، وهي والذي نفسي بيده لتنذر بخطر شديد، وأمر جليل، وعقوبة لا تبقي ولا تذر: ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾.
ـ وإني هنا لا أتحدث عن القتل المستمر والدماء التي تجري في كل الجبهات وفي ميادين القتال، نتحدث عن المسالمين، نتحدث عن الأطفال، نتحدث عن النساء، نتحدث عن الناس الذين لا ناقة لهم ولا جمل لا في حرب، ولا في قتل، ولا في جيش، ولا في شيء من ذلك أبدا، بل نتحدث عن أولئك الصغار الذين ذبحوا لا يعرفون لماذا ذبُحوا، عن أولئك المساكين، عن اولئك العطشى الذين ماتوا ظمـًأ وجوعًا وبردًا وانتحارًا وحرقًا وذبحًا وسلخًا وقصفًا… في بلد الإيمان والحكمة، لا رحمة، لا تعاطف، لا تواد، لا شجب، لا إدانة، لا صراخ، لا قول قف، لا قول يكفي، شبعنا، سأمنا، هلكنا، قُتلنا، دُمرنا، شُردنا… لا شيء من ذلك يحدث، الكل ساكت، والمجرمون يذبحون، وينهبون، ويقتلون، ويسلخون بصمت… وبكل حرية، وأريحية…!.
ـ إنها والله لتحدث على مرأى ومسمع منا، وتنقلها لنا وسائل الإعلام كل لحظة، وأصبحت أمور واضحة للعلن، لقد رأيت ورأيتم ذلك الطفل الذي لم يُذبح بطريقة عادية، بل ذُبح بما يذبح به الحشائش من الأرض والشجر، لم يُذبح حتى بكرامة، لم يُذبح حتى بخوف، لا من ظالم، ولا من كافر، ولا من جبروت، بل من أبيه، أي فحشاء ومنكر وجبروت وعظمة وغلظة وفجور وكفر أيما كفر، وهل لمسلم يدعي الإسلام أن يفعل مثل هذه الموبقات…
- أو قل عن الآخر الذي جاءني سائل، وأرسل لي بعض صور ذلك الطفل الصغير الذي لم يبلغ الحلم بعد لكن قتله أبوه بطلق ناري في رقبته فمات من لحظته، وللعلم فقد قتل أبوه قبل ذلك أحد إخوانه ويدعي كذبـًا أنه عن خطأ، بينما هو قاتل بالعمد مراراً وتكراراً، وسيعيدها وأيضًا في ظل صمت الكل؛ فالقاتل، المجرم، الظالم، السارق، الناهب، السفيه، الملعون، الحقير، مُطلق حر على وجه الأرض إذا لم يكن يمشي محميا من المجرمين أمثاله، وعادة فهؤلاء السرق القتلة المجرمون يمشون بالحراسات، وأناس يرافقونهم بالسيارات، والجيش أو ما يدعونه كذبا بالأمن يحمون أولئك، بينما ذلك الفقير المسكين الضعيف البريء النزيه الخائف لربه مطارد مشرد، لا يجد ما يشبع بطنه، ولا ما يروي نفسه، ولا ما يهدئ من روعه، يمسي فيهم صباحه، ويصبح فيهم مساه، يفطر فيفكر في غداه، ويتغدى ثم قد يتعشى وقد لا يفعل عادة، فضلا عن نومه، وأمراضه، وهمومه، وغمومه، وأحزانه…
ـ قُلبت الموازين، وتغيرت الأحوال، وضعف الإيمان، أو انعدم إلا ما رحم الرحمن، كيف يتحدث عنا أننا في إسلام، ونقرأ القرآن بينما نحن ننحر الإسلام بأفعالنا، بصمتنا، بسكوتنا على جرائم كبرى في واقعنا دون قلب يحن، ويأن، ولسان يشجب وينكر، بعدم توادنا وتراحمنا، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في البخاري ومسلم: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم"، ثلاث كلمات مترادفات قريبات من بعض: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، فالمسلمون جميعـًا كمثل الجسد الواحد، لا يمكن أن يتخلى عن جسده، وينام عن مرض يده، أو أي جراحات في جسده باعتبار أن لا علاقة له، ولا شأن له به، فيداوي نفسه، مرّض نفسك، اذهب وحدك، اسهر وحدك، لا لا بل تتداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، من أجل شيء بسيط في الجسد يتألم الجسد كله، هؤلاء هم المؤمنون لا من يدعون الإيمان، هؤلاء هم المسلمون لا من يدعون الإسلام، هؤلاء من عرفوا الله لا من ادعوا معرفة الله، هؤلاء المحسنون الذين يراقبون الله لا من يدعون ذلك كذبـًا وزورًا على عباد الله، هؤلاء أناس سماهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين: " مثل المؤمنين"، فأين نحن من هؤلاء، ومن هذا التوحد والاعتصام، والحب، والإخاء، والتراحم، والتعاطف الذي دلنا عليه حبيبنا صلى الله عليه وسلم…!
ـ ألا نريد رحمة الله أن تنزل بنا، ألا نرجو ذلك صباح مساء، ألم يقل رسولنا صلى الله عليه وسلم فيما نعلم ونحفظ جميعـًا " الراحمون يرحمهم الرحمن عز وجل"، والجزاء من جنس العمل؛ فمن يرحم الناس يرحمه رب الناس، من يشفق على الناس يشفق الله عليه، من يعطف على الناس يعطف الله عليه، من يراعي ظروف الناس يراعي الله ظروفه، من ينظر ويتفقد أحوال الناس فإن الله يتفقد احواله، من يفرج عن الناس يفرج الله عنه، من يفك عن معسر، أو ينظر في حاجة مسلم، أو يسعى في خدمة مؤمن، كل ذلك يجازيه الله به وأعظم، وأفضل وأجزل: {إنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}، ثم ماذا سنسد من كرب الناس، ونفرج عنهم ونيسر ونعطي…لهم؟ ماذا سنفعل أمام ما سيفعل الله جل جلاله لنا؛ جزاء بما فعلنا، ما الذي سأسدده من دين فلان عشرة وعشرين ومئة ألف، وماذا سيعطيني الله من الدنيا، وخزائنها كلها بيده جل جلاله، ما الذي سأفرج من كرب الآخرين فيفرج الله من كروبي الدائمة والمستمرة، بل أنا في كرب منذ أن وجدت في هذه الدنيا، سأفك عن الناس بينما الله يفك عني وأنا في أسر دائم، ما الذي سأفعل للناس أمام ما يقابلني الله جل جلاله وما سيفعل لي جزاء عملي، ألا نلاحظ، ونتفكر في هذا، ونعتبر بهذا، ونعرف قدر ما نحفظ ونعلم، وبالتالي نندفع فنعمل…
ـ "الراحمون يرحمهم الرحمن" وهو في البخاري ومسلم، وأيضـًا في البخاري ومسلم "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" "من لا يرحم الناس لا يرحمه الله"، وكلها أحاديث صحيحة، واضحة، بينة، بل هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفي عن الإسلام من لم يرحم الناس فقال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا"، ليس من الإسلام، ليس من الدين، ليس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ليس من الأمة، بل يقول صلى الله عليه وسلم: " لا ينزع الله الرحمة إلا من شقي"، وذلك الشقي هو صاحب النار ومن أهلها: ﴿فَأَمَّا الَّذينَ شَقوا فَفِي النّارِ لَهُم فيها زَفيرٌ وَشَهيقٌ﴾، فلا ينزع الله رحمته إلا من قلب شقي تعيس، ينظر يرى يسمع يفرح إذا أُصيب مسلم بمصيبة، بألم، بدمار، بقتل، بفقر، بمرض، بكرب، بغم، بهم، بحزن… يفرح، يستبشر، يسكت، لا يعنيه هذا كله، وكأن ذلك ليس بمسلم أصلا، أي إسلام لهذا، أي دين له، أي رب يعبده… !
ـ وهذا الله جل في علاه رحمان راحم رحيم رحمة… ونكرر وجوبـًا في كل ركعة من صلاتنا وإذا لم نفعل لا تقبل، هل تفكرنا فيها نرددها مرتين: ﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، ثم نعيدها أيضـًا في سورة الفاتحة كركن من أركان الصلاة أعني سورة الفاتحة وما فيها من آيتي الرحمة ﴿بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، ابتدأ بها كتابه، ثم كررها في نفس السورة: ﴿الرَّحمنِ الرَّحيمِ﴾، فهل نبتدئ بها دنيانا، مشاريعنا، أول ايامنا، أواخر أيامنا، هل عملنا بها، هل أشعنا الرحمة، والتراحم، والتعاطف فينا، هل نرحم هذا وذاك، نرحم أنفسنا أولاً لننقذها من النار، هل ادركنا لماذا كررها الله في أول سورة من كتابه، وفرضها في كل ركعة من صلواتنا؛ لندرك معنى الرحمة التي نحتاجها من الله، والتي يجب أن تشيع في الخلق جميعا لا البشر وفقط، ولولها لما حنّت، وعطفت، ورحمت، وأرضعت أم وليدها أيا كانت تلك الأم…
- والذي نفسي بيده لو وجدت الرحمة في قلوبنا، في ضمائرنا، وعشنا بها، ترعرت فينا، الفتنا لمن حولنا ما وُجد ذلك الجائع، وذلك الظامئ، وذلك الفقير المريض، وذلك الإنسان التعيس في الحياة، والذي لا يجد مأوى ينام إنما على أرصفة الشواع، لما وُجد من لا يعرف قوته، ولا يعرف شبعه، ولا يعرف مسكنه، ولا هدوأه، ولا سعادته، ولا السلامة من مدلهمات الحياة… لو عمت الرحمة فينا لرحمنا الله عز وجل؛ فالراحمون يرحم الرحمن عز وجل، ألا فلنجعل هذا شعارنا الدائم والباقي إذا أردنا القدوة برب العالمين جل جلاله، وإذا أردنا أن تتنزل علينا الرحمة منه عز وجل فعلينا أن نرحم الصغار والكبار، أن نرحم الأبناء والبنات، أن نرحم المسلمين، أن نرحم الفقراء، أن نرحم الضعفاء، أن نرحم العطشى، أن نرحم الجوعى، أن نرحم أولئك الذين يئنون من الديون والأمراض في المستشفيات هنا وهناك لا يجدون من يلتفت لهم، لا يجدون من يعتني بهم، لا يجدون من ينظر في حوائجهم، ونحن في بلد الإيمان والحكمة بنص حديث من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، فأين الإيمان، وأين الرحمة، وأين الألفة، وأين التواد، وأين التعاطف، لو وجد هذا في نفوسنا ما قتل ذلك المجرم القاتل ولده، ولا ما اعتدى ذلك الظالم الخائن على زوجته، ولا ما انتشرت الرذائل في مجتمعاتنا، ولا تطاول السفهاء على ديننا، ولما كان الفقراء على أرصفة شوارعنا، ولن يوجد المرضى الذين يموتون ألما، ولن يوجد القتل، والدمار، والتشريد، والهلاك…
والغلاء والمجاعات والقتل والدمار الكائن كل هذا وأكثر في وطننا بل وأمتنا…
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
ـ الــخـــطــبة الثانــــية: ↶
ـ الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...وبعد ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾…
ـ فإني نظرت في أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مراراَ وتكراراً منذ زمن، فوجدت بونًا شاسعًا، وبعدًا واسعًا، وفرقًا كبيرًا وعظيمًا، ووجدت خندقًا واسعًا فيما بين مسلم يرجو الله والدار الآخرة، وبين مسلم لا يريد إلا نفسه ودنياه: ﴿مَن كانَ يُريدُ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها نُوَفِّ إِلَيهِم أَعمالَهُم فيها وَهُم فيها لا يُبخَسونَ أُولئِكَ الَّذينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلَّا النّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعوا فيها وَباطِلٌ ما كانوا يَعمَلونَ﴾، ﴿مَن كانَ يُريدُ العاجِلَةَ عَجَّلنا لَهُ فيها ما نَشاءُ لِمَن نُريدُ ثُمَّ جَعَلنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصلاها مَذمومًا مَدحورًا﴾…
-والأحاديث التي أعني هي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حدثنا عن امرأة زانية من بني اسرائيل، لكنها في مرة من المرات عطشت، ظمئت، فنزلت إلى بئر لتشرب منه، فلما شربت وارتوت، صعدت لتذهب فرأت كلبًا بذلك البئر فلم تجد ما تسقي ذلك الكلب، وهو كلب، كلب، فنزلت إلى البئر، وملأت موقها، حذاءها، خفها، نعلها، ثم صعدت إلى الكلب وسقته وذهبت، فنظر الله لها فادخلها الجنة، وفي رواية فغفر الله لها، أي زناها، وخطاياها، وجرائمها، ومصائبها، وكبائرها، وذنوبها، ومعاصيها وما تقدم من سنوات ليس بالمئة بل كانوا يتعمرون آلاف السنين أعني من سبقونا، والحديث في البخاري ومسلم: " بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فغفر لها".
ـ هذا حديث واحد، أما الآخر فهو عند مسلم أن رجلاَ كان يمشي في طريق المسلمين فوجد شيئـًا يؤذيهم من شوكة لا تساوي أصبعا واحدة فأزال الشوك من طريق المسلمين فغفر الله له فأ دخله الجنة، وهو شوك شوك فقط…
- وفي الجهة المقابلة على الجانب الآخر هناك امرأة مجرمة عمدت إلى هرة فحبستها لم تطعمها ولم تسقها فماتت جوعًا وظمًأ فنظر الله لها فأدخلها النار بسبب هرتها..
-وأيضًا في جانب أخير وكلها في البخاري ومسلم أو عند أحدهما، أن امرأة جاءت إلى عائشة رضي الله عنها فطلبتها صدقة فلم تجد عائشة غير ثلاث تمرات في غرفتها فتصدقت بها عائشة رضي الله عنها على المرأة فقسمت المرأة الثلاث الثمرات واحدة لها واثنتين لبنتها، فبدأت المرأة لتأكل تمرتها، وقد التهمت احدى البنات التمرة التي معها في يدها، فطلبت أمها تمرتها، فقسمت الام التمرة إلى نصفين ووزعتها بين ابنتيها وبقت بلا تمرة. فأعجبها عائشة هذا المنظر فحكت للنبي صلى الله عليه وسلم هذا فقال لها صلى الله عليه وسلم: " لقد رحمها الله وادخلها الجنة، برحمتها لابنتيها"؟ تمرة لهذه ولهذه دخلت الجنة…
ـ وأقول اذا كانت تلك البغي الزانية المجاهرة ببغيهادخلت الجنة لأنها آزالت همًا وغمًا وكربًا وعطشًا وظمًأ على كلب، وذلك الرجل الذي أزال غصن شوك من طريق المسلمين، وتلك المرأة التي دخلت النار بسبب هرة، وهذه التي دخلت الجنة بسبب تمرة، فماذا نقول من ينقذ المسلمين، من يسعى في حوائج المسلمين، من يفك كرب المسلمين، من يفرج عن المؤمنين، من يسقي، من يشبع، من يلتفت، من يرعى، من يعطف، من يرحم، من يزور، من يسأل عن احوال أقاربه، وجيرانه، والمسلمين حوله، ويلتفت إلى الضعفاء، ويرحم الفقراء، لينقذه الله، ليدخله الله الجنة، ليفرج الله عنه، ليكشف عنه… وفي المقابل ما العذاب الشديد، والإثم العظيم لمن تسبب في قتل، ودمار، وفقر، وعذاب… المسلمين، تلك هرة فقط حبستها فماتت فكيف بنفس مسلمة…!.
ـ وقبل أن أختم خطبتي أوجه رسالة لأولئك الأغنياء، ولأصحاب المسؤوليات الكبرى في الدولة المعدومة أعني اليمن، والحكومة المسافرة… هذه الرسالة أوجهها لا مني بل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي دعاء منه صلى الله عليه وسلم على من ولي من أمر الأمة شيئًا فشق عليهم: " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فشفق عليه"، فإذا أراد المسئولون أن يلطف الله بهم، أن يرحمهم الله، أن يدخلهم الله الجنة، أن ينقذهم مما هم فيه، فعليهم أن يرحموا الناس، ولا يناموا على آهات الناس، وعلى أسقام الناس، وأمراضهم، وإبادتهم، وعلى جوع، وعلى فقر الناس ليتقوا الله في أنفسهم، لا يكفي المسئول أن يأخذ مسئولية ثم يسافر إلى الخارج أو ينام في فندق أو يركب سيارة أو يذهب هنا وهناك، ولا يعنيه شؤون الناس، أو يفتح محلاً أو مؤسسة او مكسبَا ثم لا يداوم ولا يرى ولا ينظر إليه، ايًا كانت تلك المسئولية من صغيرها إلى كبيرها وأي ولاية كانت، فمن أراد أن يرفق الله به فليرفق بمن بين يديه، ومن أراد أن يشق الله عليه فليشفق على من ولا الله أمره، "اللهم من ولي من أمر اكأمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه"…
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ لقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾…
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:
❈- الصفحة العامة فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty2
❈- الحساب الخاص فيسبوك:
https://www.facebook.com/Alsoty1
❈- القناة يوتيوب:
https://www.youtube.com//Alsoty1
❈- حساب تويتر:
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
❈- المدونة الشخصية:
https://Alsoty1.blogspot.com/
❈- حساب انستقرام:
https://www.instagram.com/alsoty1
❈- حساب سناب شات:
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
❈- إيميل:
[email protected]
❈- قناة الفتاوى تليجرام:
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
❈- رقم الشيخ وتساب:
https://wa.me/967714256199 ...المزيد
معلومات
✾- مجاز في الفتوى، والتدريس، والدعوة من فضيلة مفتي الديار اليمنية القاضي/ محمد بن إسماعيل العمراني. ❖- زكّاه أبرز وأشهر العلماء، منهم مفتي اليمن، ورئيس هيئة علماء اليمن رئيس جامعة الإيمان، ونائبه، وغيرهم.... ❀- حصل على إجازات مختلفة، عامة، وخاصة من كبار العلماء، وفي شتّى العلوم الشرعية منها: إجازة في القراءات السبع، وإجازة خاصة برواية حفص عن عاصم، والكتب الستة، والعقيدة، والإيمان، واللغة، والفقه، وأصول الفقه، والتفسير، والحديث، والمصطلح، والتوحيد، والتجويد، والسيرة، والنحو، والصرف، والتصريف، وعلم البلاغة( معان، وبيان، وبديع)، والتاريخ، والآداب، والأدب، والمنطق، والحساب، والأذكار، والأدعية، والأخلاق، والفلك… ✦- له إجازات في المذاهب الأربعة، وإجازات في جميع مصنفات بعض العلماء كمصنفات ابن الجوزي، والسيوطي، والخطيب البغدادي، وابن حجر العسقلاني، والبيهقي.. ✺- أستاذ بجامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، وجامعة الإيمان، وجامعة العلوم والتكنلوجيا بالمكلا. ❃- نال عضوية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عام 2019م. ┈┉┅━━ ❀ ❃ ✾ ❈ ❀━━ ┅┉┈ ❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي: ❈- الصفحة العامة فيسبوك: https://www.facebook.com/Alsoty2 ❈- الحساب الخاص فيسبوك: https://www.facebook.com/Alsoty1 ❈- القناة يوتيوب: https://www.youtube.com//Alsoty1 ❈- حساب تويتر: https://mobile.twitter.com/Alsoty1 ❈- المدونة الشخصية: https://Alsoty1.blogspot.com/ ❈- حساب انستقرام: https://www.instagram.com/alsoty1 ❈- حساب سناب شات: https://www.snapchat.com/add/alsoty1 ❈- إيميل: [email protected] ❈- قناة الفتاوى تليجرام: http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik ❈- رقم الشيخ وتساب: https://wa.me/967714256199
أكمل القراءةالمواد المحفوظة 5
- دين لا تحافظ عليه وقت رخائك لن تعود إليه وقت شدتك، ولن ينفعك وقت ضرك.
- سورة عبس (1)
- النهي عن الاصطفاف بين السواري في الصلاة
- 🔹- ﻻ ﻳﺤﻞ ﻷﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺮﻗﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﺒﻌﺜﻮﺍ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻓﻲ ﻧﻔﻮﺱ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ؛ ﻛﻲ ﻳﺴﺘﻤﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻮﺍﺑﻬﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺟﻠﺴﺎﺕ، ...
- ❁- النار أقرب إليك من شراك نعلك، والجنة شبه ذلك، فعش بين خوفك ورجائك، وسيحدد دخولك لأحدهما عملك.