اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم 2/2 اعلم أيها الموحد أنك إن ضاقت بك فتن الكفار وضاق عليك الحصار، ...

اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم

2/2
اعلم أيها الموحد أنك إن ضاقت بك فتن الكفار وضاق عليك الحصار، وأنت لم تعرف حالك عند أعداء الملة والدين ولم تكن على قدر المسؤولية فإنك على وشك السقوط وتحقيق هدفهم الأول في النيل من دينك وتوحيدك لله رب العالمين، فاستعن بالله ولا تعجز، وتزود من التقوى فهي سلاحك الذي لا ينفد، وسيفك الذي لا ينبو.

فحافظ على أذكار الصباح والمساء والحروز التي تتقي بها الأعداء فمن لاذ بحمى الله وقوته فلا غالب له، واستثمر وقتك في كل ما يغيظ الكفار، وينال منهم، ويضعفهم، ويوهن عزيمتهم، ويوقع بهم أعظم النكايات، ولا تغفل عن تجديد إيمانك وتوحيدك وقتال الطواغيت وجنودهم دائما، واجعل هذا ديدنك في نفسك وأهلك، تذاكر مع إخوانك وتعلم، وتواص معهم بالحق والصبر على لأواء الطريق حتى بلوغ الراحة في اجتماعٍ خالدٍ ونعمة لا تزول، فموضع سوط المجاهد في الجنة خير من الدنيا وما عليها فما بالك بجنة عرضها السماوات والأرض، واعلم أنك مقبل على فتن وابتلاءات لا يثبت فيها إلا من رسخ إيمانه وثبت يقينه وصبره وحسن توكله، قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله- عن الجهاد: "فيه سنام التوكل وسنام الصبر، فإن المجاهد أحوج الناس إلى الصبر والتوكل، ولهذا قال تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 41 - 42] وَقَالَ: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]" [مجموع الفتاوى].

وتذكر يا معادي الأمم الأمر العظيم الذي خرجت من أجله، فما خرجت إلا لتحقيق العبودية لله -سبحانه- واستنقاذ الناس من عبودية الطواغيت، وإخراجهم من الظلمات إلى النور بإذن الله سبحانه، فإن قتلت فميتة كريمة ومنزلة رفيعة، ومنزلتك في الجنة التي أعدها الله لك ما هي إلا لأنك عاديت أمم الكفر وكفرت بطواغيتهم وآمنت بالله ربا وإلها وأقمت شرعه رغم أنوفهم، فأتيت بالجهاد وطلب الاستشهاد بينةً واضحةً على صدق دعواك بتوحيد الله -تعالى- والكفر بالأنداد الباطلة، فأغلى ما يقدم العبد لربه -سبحانه- هو نفسه وماله.

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "وأعظم مراتب الإخلاص: تسليم النفس والمال للمعبود كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111]، والجنة اسم للدار التي حوت كل نعيم، أعلاه النظر إلى الله إلى ما دون ذلك مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مما قد نعرفه وقد لا نعرفه كما قال الله -تعالى- فيما رواه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)" [مجموع الفتاوى].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم 1/2 أيها المجاهد الصابر المحتسب، كُتبت لك هذه الكلمات لتعرف قدرك ...

اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم

1/2
أيها المجاهد الصابر المحتسب، كُتبت لك هذه الكلمات لتعرف قدرك وقيمتك عند عدو الله وعدوك، فقد اجتمعت عليك الأمم من كل الأجناس والأعراق من العرب والعجم.

فمن أنت أيها الجبل الأشم، من أنت لترسو لأجلك بارجات الصليبيين في البحار، وتجوب سماءك طائرات الكفار، وتصول على أرضك حشود الفجار.

من أنت أيها المعتز بدينه وتوحيده لتجتمع عليك كل هذه الحشود وتحاصرك في عزيز ملكته، أرض تحكم بشرع الله تذود عن حماها. لقد سموت بعزة الله وقوته وشرعه العظيم، وساء ذلك الكفار حسدا من عند أنفسهم لما أنت عليه من التوحيد.

فلو ملكت الأرض ولم يكن لدولتك حكم بشرع الله لما ألقوا لك بالا ولكنَّ توحيدك هو ما يغيظهم، قال الله سبحانه: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109]، فسعوا بدافع هذا الحسد المقيت لقتالك، فكان قتالهم لأجل دينك الذي حملته في قلبك وجوارحك، قال الله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217].

لو ملكت أسلحة الدمار الشامل ولم تملك هذا الدين العظيم لتركوك كما تركوا دولا امتلكته أو تسعى لامتلاكه، ولكنهم علموا أن دينك الذي ينتشر تحت شديد قتالك لطواغيتهم وأجنادهم هو أعظم من كل سلاح عندهم، فلم ولن يمهلوك لحظة واحدة ولن ينفك عنك قتالهم وعداوتهم، فإما سلطانهم في الأرض وفتنة الشرك التي يسعون لنشرها، وإما سلطان الله وهيمنة دينه على الأرض.
فاصدق مع الله في جهادك يا معادي الأمم، واخشه ولا تخش أحدا غيره، فيأس الكفار من دينك متحقق لا محالة، قال الله سبحانه: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 3].

أيها الموحد الغريب، إنك هدف مهما كانت منزلتك، سواء كنت جنديا أو أميرا، فقيرا أو غنيا، لأن علة استهدافك هو دينك الذي علم الكفار أنك أخذته كله، ولم تؤمن ببعض وتكفر ببعض، لتلتقي معهم في منتصف الطريق.

وكذلك هو حالك أيتها الموحدة الصابرة، لأنك عفيفة تكثِّرين نسل المجاهدين وتربِّين أبناءك على التوحيد وجهاد الكفار، فيزيد غيظهم دينك وطهارتك، فلا عجب أن تكوني بذاتك هدفا للكفار.
فنحن في صراع طويل مع الكفار، والفوز والنصر للمتقين لا محالة فقد قال الله تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]، وقال سبحانه: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 173]، فأنت غالب في الدنيا بالظهور والغلبة على الكفار، أو منصور بقتلة في سبيل الله تنال بها النعيم المقيم عند الرب الكريم، وأعداؤك في حسرة دائمة، ودافع الغيظ يجعلهم يستنفدون طاقاتهم ليصدوا عن سبيل الله بإنفاق الأموال وبالقتال أو بغيره من عروض الدنيا الفانية وزخرفها الزائل.

فيا أيها العزيز الأبي في زمن الملاحم، امض ولا تلتفت وراءك فأنت ما خُلقت من أجل عرض فانٍ، بل خُلقت لتعبد الله وحده وتفوز بالجنان والروض الحسان، فحقق معنى العبودية لله بتحيكم شرعه والكفر بأنظمة طواغيت العالم وأديانهم وحشودهم، واصدع بكل عزة وافتخار بدين الله الذي كتب الله له الهيمنة على كل الأديان، فأنت من أجل ذلك هدفهم الوحيد وغايتهم الأولى.
فهل عرفت قدرك عند أعدائك؟ هل علمت مقدار تقصيرك في أداء واجبك حين تضيع وقتك والكفار يستثمرون أوقاتهم لحربك؟

هل علمت مقدار تقصيرك في حق نفسك حين تهمل سلاح التزود بالتقوى وأمم الكفر تطور أسلحتها كل يوم لتنال منك؟

هل علمت مقدار تقصيرك عندما تركت الأذكار والأدعية التي تتقي بها كيد شياطين الإنس والجن وهم قد سخروا لك الجواسيس والمنافقين، والسحرة والشياطين؟

هل علمت مقدار تقصيرك إن صرفت أكثر وقتك للدنيا التي يفترض أنك تركتها لأهلها ومضيت إلى ربك تبتغي إحدى الحسنيين؟

هل علمت مقدار تقصيرك وذنبك إن فرَّقت صف المجاهدين وقلوبهم ولم تسمع وتطع لأميرك بالمعروف ولم تطع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ فإنَّ من أطاع الأمير فقد أطاع الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم. فانظر إلى أمم الكفر قد أطاعوا معبودهم أمريكا ورموك عن قوس واحدة، واجتمعوا على ذلك.

هل علمت مقدار تقصيرك إن لم تسع للاستزادة بالعلم الذي يوصلك إلى الله -تعالى- وتنقذ به نفسك وأهلك من النار؟

واعلم حقيقة الخسارة، فإنها ليست فوات دار واسعة أو مركبة فارهة أو مال وحليلة، أو زواج حسناء جميلة، بل هي ما قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } [الزمر: 15].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

6/6

وإلى إخوة العقيدة والإيمان، في أوروبا وأمريكا وروسيا وأستراليا وغيرها
وإلى الأشاوس مجندلة العدا، أبناء أهل السنة من جنود الخلافة في أرض فارس، بارك الله صنيعكم بأعداء الملة والدين، لقد شفيتم الصدور وأدخلتم على المسلمين السرور، وأوقعتم بالمشركين ما كانوا يحذرون، فواصلوا الضربات فإن بيت دولة المجوس أوهن من بيت العنكبوت.

وإلى إخوة العقيدة والإيمان، في أوروبا وأمريكا وروسيا وأستراليا وغيرها، لقد أعذر إخوانكم في أرضكم، فثبوا على إثرهم واقتدوا بصنيعهم واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف.

ويا إخواننا الأسرى في كل مكان، والله ما نسيناكم يوما ولن ننساكم ولكم حق علينا، فاصبروا واثبتوا ولا تقولوا إلا خيرا، فـ (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله -تعالى- إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط) [رواه الترمذي]، وأكثروا من الدعاء في هذا الشهر المبارك بأن يجعل لكم اللطيف الخبير فرجا ومخرجا، واسألوه أن يمن على إخوانكم المجاهدين بالنصر والثبات والتمكين، ولن ندخر -بإذن الله- جهدا لاستنقاذكم.

ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

5/6

عسى أن تلقى مولاك وهو راض عنك
يا جندي الخلافة، تأمل واعتبر بما يجري حولك من أحداث وتفكر، ثم انظر، فما هي -والله- إلا ميتة واحدة وقتلة واحدة، فكن عزيزا بدينك مستمسكا بإيمانك، عسى أن تلقى مولاك وهو راض عنك وأنت مقبل غير مدبر، واحذر يا جندي الخلافة، احذر مجالس الفتن واجتنبها، والزم وصية نبيك -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني) [متفق عليه].

اغتنموا ما بقي من هذا الشهر الفضيل
ولا يفوتنا في هذا المقام، أن نذكِّر إخواننا المجاهدين وأهل الإسلام عامة، باغتنام ما تبقى من هذا الشهر الفضيل، الذي قال الله فيه، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، فإن من نعم الله -تبارك وتعالى- على عباده المؤمنين أن بلغهم موسم الخير هذا، لتزكو نفوسهم وتطهر مما علق بها من الأدران، فتكون خالصة نقية، فيبادروا بالأعمال الصالحات، ويغتنموا أيامه المعدودات.
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب النار، وصُفِّدت الشياطين) [متفق عليه]، فهنيئا لمن حل عليه وقد أسلم وجهه لله وهو محسن، متبع ملة إبراهيم حنيفا، هنيئا لمن عمل بشرائع الإسلام كلها، هنيئا لمن ثبت على الحق وأخذ الكتاب بقوة، هنيئا لمن أجاب داعي الله وآمن برسله وجاهد أعداءه وصدق بموعوده.

يا ليوث الموصل والرقة وتلعفر
فيا جنود الخلافة القابضين على الجمر الصابرين الثابتين على العهد، الذين علموا أن هذه الدار ما هي إلا دار ابتلاء وامتحان، كما قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31].

اعلموا -يرحمكم الله- أنكم اليوم كتيبة الإسلام وطليعته في وجه أحلاف الكفر، فبثباتكم وتجلدكم وتصبركم، عز للإسلام ونصر للمسلمين ودولتهم، فأروا الله من أنفسكم خيرا.

ويا ليوث الموصل والرقة وتلعفر، يا شامة العز والفخار وغيظ الفجار، بارك الله تلك السواعد المتوضئة والوجوه النيرة، فاحملوا على الروافض والمرتدين وشدوا عليهم شدة رجل واحد، فما ذل من التجأ إلى خالقه ومولاه، وما عز من استجار بسواه، فأنتم تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، وتبذلون الأنفس قربة لله، نحسبكم والله حسيبكم، فجددوا النوايا وأصلحوا الطوايا، واصبروا على ألم الجراح والطعان، وصابروا وراغموا أولياء الشيطان، واتقوا الله فإنها خير العدة في الحرب وأفضل المكيدة لعلكم تفلحون، وإنما النصر صبر ساعة، ثم تكون لكم العاقبة، بإذن الله.

ويا جنود الخلافة في ولايات دجلة والبادية وصلاح الدين وديالى وكركوك، وبغداد شمالها والجنوب، ويا جنود الإسلام في الفلوجة والأنبار والفرات، إياكم أن تمضينَّ عليكم ليالي هذا الشهر الفضيل، إلا وقد أذقتم قطعان الرفض والمرتدين صنوف القتل والدمار، وها هم اليوم قد حلوا بساحتكم، فلا خير في عيش يجوس فيه أحفاد المجوس خلال ديار حكمتموها بشرع الله، فأحكموا الكمائن والعبوات، وافلقوا الهام ضربا بالقناصات، وأبيدوا جموعهم عصفا بالمفخخات.
ويا جنود الخلافة في ولايات حلب والخير والبركة وحمص وحماة ودمشق، يا أحفاد خالد وأبي عبيدة، يا أبطال الإسلام وليوث الإقدام، دونكم النصيرية وملاحدة الأكراد وصحوات الردة في الشام، ثبوا عليهم وثبة الأسد الغضاب، وادخلوا عليهم من كل باب، ولا يفوتنكم حظكم من هذا الشهر فأقبلوا على ربكم مخبتين له طائعين منيبين، وتعرضوا للشهادة واطلبوها، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].

ويا جنود الإسلام في ولايات سيناء ومصر وخراسان واليمن وغرب إفريقية والصومال وليبيا وتونس والجزائر وكل مكان، واصلوا جهادكم والزموا ثغوركم ورباطكم، ولا تمهلوا أعداء الله ساعة من نهار، واسعوا جاهدين لإقامة شرع الله وحكمه في الأرض، فغاية جهادنا أن يكون الدين كله لله وأن تحكم الأرض كل الأرض بشرع الله.

ويا أبناء الخلافة في شرق آسيا، نبارك لكم فتح مدينة ماراوي، فالله الله بالثبات وشكر النعمة التي امتن الله بها عليكم، فاستعينوا بالله على عدوكم، فهو كافيكم، وهو حسبكم نعم المولى ونعم النصير.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

4/6

إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ..

ثم ذكر -تعالى- قول طائفة ممن كانوا في عسكر المسلمين من المنافقين في معركة الأحزاب: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} [الأحزاب: 13]، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد عسكر بالمسلمين عند جبل سَلْعٍ وجعل الخندق بينه وبين العدو، فقالت طائفة منهم، لا مقام لكم هنا لكثرة العدو فارجعوا إلى المدينة، وقيل لا مقام لكم على دين محمد فارجعوا إلى دين الشرك، وقيل لا مقام لكم على القتال فارجعوا إلى الاستئمان والاستجارة بهم.

ثم ذكر -سبحانه- حال المنافقين في تلك الغزاة ومقالهم في أكثر من موطن، فتارة يقولون :أنتم الذين أشرتم علينا بالمقام هنا والثبات بهذا الثغر إلى هذا الوقت، وإلا فلو كنا سافرنا قبل هذا لما أصابنا هذا. وتارة يقولون: أنتم مع قلتكم وضعفكم، تريدون أن تكسروا العدو وقد غركم دينكم، كما قال الله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 49]، وتارة يقولون: أنتم مجانين لا عقل لكم، تريدون أن تهلكوا أنفسكم والناس معكم. وتارة يقولون أنواعا من الكلام المؤذي الشديد، وبعد أن ذكر –سبحانه- حال المنافقين والثابتين من المؤمنين في سورة الأحزاب، حَثَّ عباده المؤمنين على التأسي والاقتداء برسوله -صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الأحداث، فقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، فأخبر -سبحانه- أن الذين يبتلون بالعدو كما ابتلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهم فيه أسوة حسنة حيث أصابهم مثل ما أصابه، فليتأسوا به في التوكل والصبر، ولا يظنوا أن هذه نقم لصاحبها وإهانة له، فإنه لو كان كذلك ما ابتلي بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير الخلائق، بل بها تنال الدرجات العالية، وبها يكفِّر الله الخطايا لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا، قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تأويل هذه الآية: "هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله وأحواله، ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الأحزاب، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه عز وجل، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين، ولهذا قال –تعالى- للذين تضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، أي: هلَّا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله؟ ولهذا قال: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}"، انتهى كلامه رحمه الله.

ولقد صرف الله الأحزاب عام الخندق بما أرسل عليهم من ريح الصبا، وبما فرَّق به بين قلوبهم حتى شتت شملهم ولم ينالوا خيرا، كما في قوله سبحانه: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25].

فنسأله -سبحانه- أن يصرف الأحزاب عن دولة الخلافة، كما صرفها عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، رضوان الله عليهم.

أربَّ البيت عفوك والمتابا
وألهمنا بعزتك الصوابا
وألبسنا بفضلك تاج نصر
وألبس جمع كفرهم العذابا
فقد خشعت جوانح كل فرد
وأحنينا لعزتك الرقابا


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

3/6

أحزاب كأحزاب يثرب
وفي هذه الأحداث اليوم، تحزب هذا العدو من صليبيين وملاحدة ورافضة وغيرهم من المرتدين، وأقبلوا بطائراتهم وبارجاتهم وما يملكون من قوة، يقصدون ديار المسلمين والاستيلاء عليها، وقد أحاطوا بها من كل جانب كما قال ربنا في شأن الأحزاب: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: 10 - 11]، قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تأويل هذه الآية: "يقول -تعالى- مخبرا عن ذلك الحال، حين نزلت الأحزاب حول المدينة، والمسلمون محصورون في غاية الجهد والضيق، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرهم، أنهم ابتلوا واختبروا وزلزلوا زلزالا شديدا، فحينئذ ظهر النفاق، وتكلم الذين في قلوبهم مرض بما في أنفسهم، أما المنافق فنجم نفاقه، والذي في قلبه شبهة ضَعُفَ حاله فتنفس بما يجده من الوسواس في نفسه، لضعف إيمانه وشدة ما هو فيه من ضيق الحال". انتهى كلامه رحمه الله.

ولقد ذهب الناس اليوم كل مذهب، وظن الخوَّارون المتحيِّرون ظنَّ السوء، فهذا يظن أنه لا يقف أمام الأحزاب أحد من المجاهدين ويباد أهل الإسلام، وهذا يظن أنهم لو وقفوا لكسروهم كسرةً وأحاطوا بهم إحاطة السوار بالمعصم، وهذا يظن أن أرض العراق والشام وغيرها من ديار الإسلام، لم تعد مأوى للمسلمين ولم تبق تحت دولة الإسلام، فيحدِّث نفسه بالفرار إلى ديار الكفر، وهذا يظن أن ما أخبره به أهل الآثار النبوية وأهل التحديث من المبشرات، ما هي إلا أماني كاذبة وخرافات لاغية.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

2/6

قد كان لكم آية
ففي معركة بدر، قصَّ علينا ربنا حال نبينا -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام مع عدوهم فقال: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِہِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [آل عمران: 13]، وقص علينا حصارهم لبني النضير فقال: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2]، فأمرنا -سبحانه- أن نعتبر بأحوال من سبقنا في هذه الأمة وما قبلها من الأمم، ثم ذكر -جل وعلا- في غير موضع من كتابه، أن سنته في الأمم سنة مطردة وعادته مستمرة، قال تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الفتح: 22 - 23]، فينبغي على كل مجاهد في دولة الإسلام، أن يعتبر بسنة الله وأيامه في عباده، لا سيما في مثل هذه الحملة الغاشمة على دار الإسلام وأرض الخلافة، فقد أطل النفاق برأسه وكشَّر الكفر عن أنيابه، وظنَّ المنافقون والذين في قلوبهم مرض، أنَّ ما وعدهم الله ورسوله إلا غرورا، وأنْ لن ينقلب حزب الله ورسوله إلى أهليهم أبدا، وزين ذلك في قلوبهم وظنوا ظن السوء وكانوا قوما بورا، وإن وجه الاعتبار من هذه الحوادث العظيمة، أنه كما ابتلي المسلمون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الأحزاب، وقد أنزل الله فيها سورة تضمنت ذكر هذه الغزاة، التي نصر الله فيها حزبه الأمين، وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده بغير قتال، بل بثبات المؤمنين بإزاء عدوهم، كذلك الحال اليوم في الرقة والموصل وتلعفر، شبيه بتلك الحال سواء بسواء، ولقد انقسم الناس اليوم كانقسامهم عام الخندق، إذ إن المسلمين في غزوة الأحزاب تحزب عليهم عامة المشركين الذين حولهم، وجاءوهم بجموعهم إلى المدينة ليستأصلوهم، فاجتمعت قريش وحلفاؤها من بني أسد وأشجع وفزارة وغيرهم من قبائل نجد، واجتمعت أيضا اليهود من قريظة والنضير، فإن بني النضير كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أجلاهم قبل ذلك، كما ذكره الله -تعالى- في سورة الحشر، فجاؤوا في الأحزاب إلى قريظة وهم معاهدون للنبي -صلى الله عليه وسلم- ومجاورون له قريبا من المدينة، فلم يزالوا بهم حتى نقضت قريظة العهد ودخلوا في الأحزاب، فاجتمعت هذه الأحزاب العظيمة وقد فاقوا المسلمين أضعافا كثيرة في العدد والعدة، فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- الذرية من النساء والصبيان في آطام المدينة، وجعل ظهرهم إلى جبل سَلْعٍ وجعل بينه وبين العدو خندقا، والعدو قد أحاط بهم من العالية والسافلة وكان عدوا شديد العداوة، لو تمكن من المؤمنين لكانت نكايته فيهم أعظم النكايات.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

1/6

الحمد لله القائل في كتابه العزيز: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله الله بالسيف بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فأقام به الحجة وأوضح به المحجة ونصر به الملة الحنيفية، وجاهد في سبيل الله حتى استقام به الدين، فصلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:

فإن من سنة الله -تعالى- التي لا تتبدل ولا تتغير، ابتلاؤه لعباده المؤمنين كما أخبر -سبحانه- بقوله: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 2 - 3].

وقال تعالى: {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 4].

فكان لا بد للمؤمن أن يوطن نفسه للابتلاء، وقد جاء في الحديث القدسي الذي يرويه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن ربه تعالى: (ألا إن ربي أمرني أن أعلِّمكم ما جهلتم، مما علَّمني يومي هذا، كلُّ مالٍ نحلتُه عبداً حلالٌ، وإني خلقتُ عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحَرَّمتْ عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرَتْهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض، فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلتُ عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان، وإن الله أمرني أن أُحرِّق قريشا، فقلت: رب إذاً يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة، قال: استخرجهم كما استخرجوك، واغزُهم نُغزِك، وأنفق فسننفق عليك، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك) [رواه مسلم].

ولن تجد لسنّة الله تبديلاً
وما هذه الابتلاءات التي تمر بها الدولة الإسلامية اليوم، من اجتماع ملل الكفر عليها وتحزب الأحزاب إلا مصداق لذلك الوعد، فلا نقول إلا كما قال سلفنا الصالح من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رأوا الأحزاب: {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].

وقد أنزل الله في سورة البقرة: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214]، فبين الله -سبحانه- منكِرا على من ظن خلاف ذلك، أنهم لا يدخلون الجنة إلا بعد أن يبتلوا مثل هذه الأمم قبلهم، بالبأساء: وهي الحاجة والفاقة، و بالضراء: وهي الوجع والمرض، وبالزلزال: وهي زلزلة العدو، فلما جاء الأحزاب عام الخندق فرأوهم، قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وعلموا أن الله قد ابتلاهم بالزلزال، وأتاهم مَثَل الذين خلوا من قبلهم، وما زادهم إلا إيمانا وتسليما لحكم الله وأمره. وهذه حال المسلمين الصادقين اليوم، كما كانت هي حال المسلمين الصادقين في كل زمان، وإن هذه الفتنة التي ابتلي بها المسلمون في دولة الخلافة، مع هؤلاء الكفرة المفسدين الصائلين على شريعة الإسلام، قد جرى مثيل لها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابتلى الله بها نبيه والمؤمنين، وأنزل -سبحانه وتعالى- في تلك الأحداث سورا واضحات وآيات بينات، وزخرت كتب السنة بذكر كثير منها، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "إن نصوص الكتاب والسنة اللَّذين هما دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، يتناولان عمومَ الخلق، وعهودُ الله في كتابه وسنة رسوله تنال آخر هذه الأمة كما نالت أولها، وإنما قصَّ الله علينا قصص من قبلنا من الأمم لتكون عبرة لنا، فنشبِّه حالنا بحالهم ونقيس أواخر الأمم بأوائلها، فيكون للمؤمن من المتأخرين شَبَهٌ بما كان للمؤمن من المتقدمين"، انتهى كلامه رحمه الله.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

استعينوا بالله واصبروا • أصبحت الحرب على الدولة الإسلامية واحدة من أهم ثوابت الدول الصليبية في ...

استعينوا بالله واصبروا


• أصبحت الحرب على الدولة الإسلامية واحدة من أهم ثوابت الدول الصليبية في إدارتهم للملفات السياسية بين الدول الكافرة، فكل أمر قد يؤثر على هذه الحرب أو يشغل عنها فهو مرفوض مهما كانت أهميته بالنسبة لهذه الدولة الكافرة أو تلك.
فأمريكا الصليبية تمنع حلفاءها من أي صدام أو تنازع، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى انشغال هؤلاء الحلفاء بالحرب فيما بينهم، عن مهمتهم الأكبر ووظيفتهم الأهم وهي قتال الدولة الإسلامية، وقد بات هذا الأمر عامل إرباك لهذه الدول، وهي ترى مصالحها تتأثر، وأعداءها يحققون المكاسب على حسابها، وهي عاجزة عن الرد عليهم، أو لجم تحركاتهم، بانتظار أن تضع الحرب أوزارها بين الدولة الإسلامية وأعدائها.

فيما باتت بعض الأطراف التي فهمت هذه اللعبة جيدا تسعى لاستثمار الوقت فيها بأقصى ما تستطيع، فتسعى لوضع يدها على أكبر قدر ممكن من المكاسب، مستغلة عجز أعدائها عن الإتيان بأي حركة، خوفا من المعارضة الأمريكية.

وهذا ما نجده اليوم مثالا واضحا خلال الصراع المتصاعد بين طواغيت دول الخليج، الذين يريد كل منهم فرض إرادته على الآخرين، وينافسهم على الحظوة لدى الصليبيين، ويسعى جهده ليثبت أنه الأكثر نفعا للصليبيين في حربهم على الدولة الإسلامية.

فمنذ الأيام الأولى لخروج هذا الصراع للعلن هرع كلا الطرفين المتصارعين إلى الولايات المتحدة يطلب منها العون على خصمه، فكان الجواب الأمريكي الجازم، أنها تتقبل أي درجة من درجات الصراع بينهم، ما لم تؤثر على خطة حربها ضد الدولة الإسلامية، خاصة وأن أغلب الطائرات التي تقصف المسلمين في العراق والشام، تنطلق من الأراضي التي يسيطر عليها أولئك الطواغيت.

وكذلك رأينا أحد وزراء الدول الأوروبية الذي حضر إلى الخليج للوساطة بين أولئك الطواغيت، يذكرهم بوظيفتهم الحقيقية، وواجبهم الأول، ويقولها صريحة أن عليهم أن لا يقدموا أي شيء على قتال الدولة الإسلامية، فهو الهدف الأول لأسيادهم الصليبيين اليوم.

ومثل هذا نراه جليا في منع أمريكا للصراعات بين كل من طواغيت تركيا، والـ PKK المرتدين، وكذلك بين الحكومة الرافضية في بغداد ومرتدي إقليم كردستان، وذلك تحت شرط معلن، بأنها لن تقبل أي صراع قد يؤثر على سير الحرب ضد الدولة الإسلامية، وأن عليهم انتظار أن تضع هذه الحرب أوزارها، ليتمكنوا من فتح ملفات خلافاتهم، وإدارة صراعاتهم بالطريقة المناسبة.

وها قد مرت -بفضل الله- ثلاثة أعوام على هذه الحرب، التي يعترف قادة الصليبيين بعجزهم عن تحديد أمد زمني لانتهائها، وهو الأمر الذي يضغط كثيرا على أعصاب بعض حلفاء أمريكا، وهم يعلمون أنه كلما طال أمد هذه الحرب، فإن أعداءهم سيصبحون أقوى، وسيكون من الصعب استعادة ما حققوه من مكاسب من أيديهم، ويوما بعد يوم يفرغ صبر هؤلاء الأعداء، ويصبحون أكثر قابلية لتجاوز الممانعة الأمريكية، خاصة إذا تجاوزت مكاسب خصومهم، وتصرفاتهم المعادية لهم، خطوطا حمراء، يصعب عليهم تحمل نتائج تجاوزها، ويعرفون صعوبة إعادتهم عنها فيما بعد.
ولذلك فإن كل يوم آخر يثبت فيه المجاهدون في حربهم ضد التحالف الصليبي، من شأنه أن يزيد -بإذن الله- من حدة الصراع بين حلفاء أمريكا، ويقرب من حالة الاحتراب بينهم، فيكف الله بذلك أذاهم عن المؤمنين، ويشغل الدول الصليبية بحل هذه النزاعات، ويفتح أمام الموحدين أبوابا جديدة للعمل في مناطق أخرى من العالم، تزيد من تشتت الصليبيين، وتنهك حلفاءهم الطواغيت.

إن أي تحالف في العالم لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، وإن الزمن هو أحد أهم العوامل في تفكيك التحالفات، وإن زيادة التكاليف على بعض أطراف أي حلف من شأنها أن تدفعه إلى الانسحاب منه، وكذلك فإن الصراع بين أعضاء الحلف، وشعور كل منهم أن الآخر يستغل هذا التحالف لصالحه، من شأنه أن يذهب بقيمته في أعينهم، ويدفع كلا منهم على تفضيل العمل لمصالحه الخاصة، خارج هذا التحالف.

وإن إطالة أمد هذه الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي وأتباعه، بالإضافة إلى الاستمرار في توجيه الضربات الموجعة لأعضاء هذا التحالف، من شأنها أن تؤدي -بإذن الله- إلى خلخلة صفوفه، وسعي بعض أطرافه إلى الخروج منه، تخلصا من تكاليفه الباهظة، وطلبا للسلم والعافية.

ولا يكون ذلك بعد الاستعانة بالله، إلا بمزيد من الصبر والمصابرة، والجهاد والمثابرة، حتى يفصل الله بيننا وبين القوم الكافرين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. للمزيد من المواد
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

استعينوا بالله واصبروا • أصبحت الحرب على الدولة الإسلامية واحدة من أهم ثوابت الدول الصليبية في ...

استعينوا بالله واصبروا


• أصبحت الحرب على الدولة الإسلامية واحدة من أهم ثوابت الدول الصليبية في إدارتهم للملفات السياسية بين الدول الكافرة، فكل أمر قد يؤثر على هذه الحرب أو يشغل عنها فهو مرفوض مهما كانت أهميته بالنسبة لهذه الدولة الكافرة أو تلك.
فأمريكا الصليبية تمنع حلفاءها من أي صدام أو تنازع، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى انشغال هؤلاء الحلفاء بالحرب فيما بينهم، عن مهمتهم الأكبر ووظيفتهم الأهم وهي قتال الدولة الإسلامية، وقد بات هذا الأمر عامل إرباك لهذه الدول، وهي ترى مصالحها تتأثر، وأعداءها يحققون المكاسب على حسابها، وهي عاجزة عن الرد عليهم، أو لجم تحركاتهم، بانتظار أن تضع الحرب أوزارها بين الدولة الإسلامية وأعدائها.

فيما باتت بعض الأطراف التي فهمت هذه اللعبة جيدا تسعى لاستثمار الوقت فيها بأقصى ما تستطيع، فتسعى لوضع يدها على أكبر قدر ممكن من المكاسب، مستغلة عجز أعدائها عن الإتيان بأي حركة، خوفا من المعارضة الأمريكية.

وهذا ما نجده اليوم مثالا واضحا خلال الصراع المتصاعد بين طواغيت دول الخليج، الذين يريد كل منهم فرض إرادته على الآخرين، وينافسهم على الحظوة لدى الصليبيين، ويسعى جهده ليثبت أنه الأكثر نفعا للصليبيين في حربهم على الدولة الإسلامية.

فمنذ الأيام الأولى لخروج هذا الصراع للعلن هرع كلا الطرفين المتصارعين إلى الولايات المتحدة يطلب منها العون على خصمه، فكان الجواب الأمريكي الجازم، أنها تتقبل أي درجة من درجات الصراع بينهم، ما لم تؤثر على خطة حربها ضد الدولة الإسلامية، خاصة وأن أغلب الطائرات التي تقصف المسلمين في العراق والشام، تنطلق من الأراضي التي يسيطر عليها أولئك الطواغيت.

وكذلك رأينا أحد وزراء الدول الأوروبية الذي حضر إلى الخليج للوساطة بين أولئك الطواغيت، يذكرهم بوظيفتهم الحقيقية، وواجبهم الأول، ويقولها صريحة أن عليهم أن لا يقدموا أي شيء على قتال الدولة الإسلامية، فهو الهدف الأول لأسيادهم الصليبيين اليوم.

ومثل هذا نراه جليا في منع أمريكا للصراعات بين كل من طواغيت تركيا، والـ PKK المرتدين، وكذلك بين الحكومة الرافضية في بغداد ومرتدي إقليم كردستان، وذلك تحت شرط معلن، بأنها لن تقبل أي صراع قد يؤثر على سير الحرب ضد الدولة الإسلامية، وأن عليهم انتظار أن تضع هذه الحرب أوزارها، ليتمكنوا من فتح ملفات خلافاتهم، وإدارة صراعاتهم بالطريقة المناسبة.

وها قد مرت -بفضل الله- ثلاثة أعوام على هذه الحرب، التي يعترف قادة الصليبيين بعجزهم عن تحديد أمد زمني لانتهائها، وهو الأمر الذي يضغط كثيرا على أعصاب بعض حلفاء أمريكا، وهم يعلمون أنه كلما طال أمد هذه الحرب، فإن أعداءهم سيصبحون أقوى، وسيكون من الصعب استعادة ما حققوه من مكاسب من أيديهم، ويوما بعد يوم يفرغ صبر هؤلاء الأعداء، ويصبحون أكثر قابلية لتجاوز الممانعة الأمريكية، خاصة إذا تجاوزت مكاسب خصومهم، وتصرفاتهم المعادية لهم، خطوطا حمراء، يصعب عليهم تحمل نتائج تجاوزها، ويعرفون صعوبة إعادتهم عنها فيما بعد.
ولذلك فإن كل يوم آخر يثبت فيه المجاهدون في حربهم ضد التحالف الصليبي، من شأنه أن يزيد -بإذن الله- من حدة الصراع بين حلفاء أمريكا، ويقرب من حالة الاحتراب بينهم، فيكف الله بذلك أذاهم عن المؤمنين، ويشغل الدول الصليبية بحل هذه النزاعات، ويفتح أمام الموحدين أبوابا جديدة للعمل في مناطق أخرى من العالم، تزيد من تشتت الصليبيين، وتنهك حلفاءهم الطواغيت.

إن أي تحالف في العالم لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، وإن الزمن هو أحد أهم العوامل في تفكيك التحالفات، وإن زيادة التكاليف على بعض أطراف أي حلف من شأنها أن تدفعه إلى الانسحاب منه، وكذلك فإن الصراع بين أعضاء الحلف، وشعور كل منهم أن الآخر يستغل هذا التحالف لصالحه، من شأنه أن يذهب بقيمته في أعينهم، ويدفع كلا منهم على تفضيل العمل لمصالحه الخاصة، خارج هذا التحالف.

وإن إطالة أمد هذه الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي وأتباعه، بالإضافة إلى الاستمرار في توجيه الضربات الموجعة لأعضاء هذا التحالف، من شأنها أن تؤدي -بإذن الله- إلى خلخلة صفوفه، وسعي بعض أطرافه إلى الخروج منه، تخلصا من تكاليفه الباهظة، وطلبا للسلم والعافية.

ولا يكون ذلك بعد الاستعانة بالله، إلا بمزيد من الصبر والمصابرة، والجهاد والمثابرة، حتى يفصل الله بيننا وبين القوم الكافرين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. للمزيد من المواد
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 84: مقال: إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 84:
مقال:

إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين

2/2
• الفتح ابتلاء بالخير.. فطوبى لمن شكر

وقد وجدنا في زماننا هذا من أهل الضلال من يكرر سؤال أسلافه لأهل التوحيد، طالبا من جنود الدولة الإسلامية أن يُروه من الآيات المحسوسة كي يؤمن بصحة رايتها، وصواب منهجها، ولعل أشهر الآيات التي طلبها أولئك المضلون أن يروا للدولة الإسلامية التمكين في الأرض، والظفر بالأعداء، فلم يلتفت أمراء الدولة الإسلامية وعلماؤها لهذه الدعاوى الفارغة، واستمروا في دعوتهم وجهادهم، معلنين للعالم كله، أن آية صحة منهجهم موافقته لكتاب ربهم وسنة نبيهم محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأن آية صدق إيمانهم بهذا الدين، مطابقة أقوالهم لفعالهم، بأن يجاهدوا أعداء الله حتى يمكنهم الله في الأرض، فيقيموا حكم الله فيها.

فلما جاء أمر الله، ورأى الضالون بأعينهم ما كانوا يطلبون رؤيته من تمكين في الأرض للدولة الإسلامية، نكصوا على أعقابهم، وقالوا ما هذا إلا مؤامرة أمريكية، أو خطة إيرانية رافضية، وشابهوا بذلك أسلافهم من أهل الضلال، الذين إن جاءهم ما يطلبون ازدادوا كفرا، كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [النمل: 13]، بل خرج أحد المرتدين، لينقض شروطه السابقة، ويقول: حتى لو فتحت الدولة الإسلامية القدس، فإنه لن يتراجع عن عدائه لها، وتحريضه على قتالها.

بينما رأى جنود الدولة الإسلامية فيما مُكّنوا فيه من الأرض، وما فتح لهم من البلاد، نعمة ينبغي شكرها بطاعة الله -تعالى- فيها، كما قال سليمان -عليه السلام- لما رأى آية من آيات ربه التي أنعم بها عليه: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 16]، فأقاموا الدين كاملا، وحكموا الشريعة كما أمر الله سبحانه، وجددوا الخلافة، ووحدوا جماعة المسلمين، ودعوا الناس إلى التوحيد، ونبذ الشرك، وكفَّروا المشركين بمختلف مللهم، وقاتلوهم، فكانت أفعالهم آية على صدق أقوالهم، وكانت إقامتهم للدين آية على صحة منهجهم، واستقامة طريقتهم، نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

• المحنة ابتلاء بالشر .. فطوبى لمن صبر

واليوم يعود أهل الضلال إلى منهاجهم القديم، ليستدلوا لأنفسهم ومن يسمع لهم، على اتهامهم للدولة الإسلامية بالزيغ والضلال، ولجنودها بالظلم والطغيان، بما يراه الناس من تحشد أمم الكفر كلها لحربها، واجتماعهم على قتالها، وانحسار رقعة تمكينها، وقتل جنودها وأمرائها، حتى يقول قائلهم: لو كانت الدولة الإسلامية على حق لما جرى لها ما جرى، عقب الفتح والتمكين، والجماعة والخلافة.

ونسي هؤلاء الضالون المضلون، أن هذه حال أصحاب دعوة الحق في كل زمان، أن يبتليهم الله بأعدائهم ثم تكون لهم العاقبة، كما قال موسى -عليه السلام- لقومه، إذ وعدهم أن العاقبة لهم، بالتمكين في الأرض، وهم في أوج محنتهم: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]، وهو ما أقر به الكافر هرقل عظيم الروم، حين سأله فأجابه فقال له بعد ذلك: "سألتك: هل قاتلتموه فزعمت أنكم قاتلتموه، فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا ينال منكم وتنالون منه، وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة" [متفق عليه]، فلا ينظر إلى حال الموحدين ساعة ابتلائهم بالشر، كما لا ينظر إلى حالهم ساعة ابتلائهم بالخير، ولا يستدل لهم أو عليهم بسجالات الحروب، وتقلبات الأيام، ولا سواء، فقتلانا في الجنة وقتلى الكافرين في النار.

بل إننا -بفضل الله- نستدل على صحة منهج الدولة الإسلامية، وصدق دعوتها بالولاء لله ورسوله والمؤمنين والبراءة من المشركين والمرتدين، وقتالهم، وإقامة شرع الله في أرضه، وثبات جنودها وأمرائها على ذلك، ورفضهم لأي مداهنة في دين الله، وشدة عداء الكفار بكل أصنافهم للدولة الإسلامية، وصراعهم المستميت للقضاء عليها، وتقديم ذلك على كل أولوياتهم وأهدافهم الأخرى، كما قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120]، وكما قال سبحانه: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217]، والحمد لله رب العالمين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 84
الخميس 13 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 84: مقال: إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 84:
مقال:

إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين

من يراجع سير الأنبياء والمرسلين من لدن نوح -عليه السلام- إلى عهد داود وسليمان -عليهما السلام- يجد سفرا من الابتلاءات التي مر بها أهل التوحيد، على أيدي المشركين، والكفار المعاندين، الذين ساموهم قتلا، وتعذيبا، وتهجيرا، وكانوا فوقهم قاهرين، إلى أن يُحِلَّ الله عذابه على الذين كفروا، فينجو المسلمون من ذلك العذاب بتوحيدهم، وإيمانهم بالله الواحد القهار.

ومن يراجع حوارات الأنبياء -عليهم السلام- مع الطغاة المتجبرين، لا يجد فيها نبيا من الأنبياء، أو رسولا من المرسلين، يستشهد على صدق دعوته وصحّة منهجه، بمدى انتشارها بين الناس، وبكثرة الأتباع والمؤمنين، أو التمكين في الأرض، بل نجدهم غالبا ما يردّون عن أنفسهم شبهات الملأ الكافرين الذين يطعنون في دعوتهم بأنها لم تجتذب إلا الضعفاء والمساكين، بل من الأنبياء المرسلين من لم يتبعه إلا الرجل والرجلان، ومنهم من لم يتبعه أحد مطلقا، رغم صدق دعوتهم، وطاعتهم لربهم، وصحة منهجهم في الدعوة، والعمل لتمكين دين الله في الأرض، كما قال عليه الصلاة والسلام: "عرضت عليَّ الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد" [رواه مسلم].

• أهل الضلال يشترطون الآيات.. ويكفرون بها

لقد بين الله -تعالى- في كتابه العزيز أن الاستدلال على صحة الطريق، بالملك والسلطان، والثروة والجاه، إنما هو منهج الطواغيت الكافرين بالله العظيم، وإنه لا يعتقد بهذه الأمور دليلا على صدق الدعاوى إلا القوم الفاسقون، الذين يسهل على الطواغيت خداعهم، والاستخفاف بعقولهم، قال تعالى: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ * فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف: 51 - 54].

وبيَّن -سبحانه- أن من صفات أهل الضلال أن يشترطوا على الدعاة إلى الحق أن يأتوهم بالمعجزات والخوارق كي يؤمنوا بدينهم، كما قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [البقرة: 118]، وكانت هذه الآيات التي يطلبونها تختلف بين وقت وآخر، بحسب تفاوت أزمانهم، فمنهم من أراد رؤية الله -تعالى- جهرة، ومنهم من طلب أن يكلمه -سبحانه- ويعرض عليه الإيمان به، ومنهم من طلب أن يُفجِّر لهم من الأرض ينبوعا، أو ينزل عليهم من السماء مائدة، أو غير ذلك من الأمور المادية التي تدركها الحواس، حتى تطمئن نفوسهم لصحة هذا الدين، وهداية هذا الطريق، وذلك أنهم قوم لا يؤمنون بالغيب، ولا يأخذون دينهم من كلام ربهم، وسنن رسلهم، وهكذا هم الزائغون عن أمر الله -تعالى- في كل وقت وحين.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 84
الخميس 13 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً