قصة شهيد: أبو الزبير العراقي مسعر حرب وقائد ركب أبو الزبير العراقي، أركان جاسم محمد العزاوي، ...

قصة شهيد:
أبو الزبير العراقي
مسعر حرب وقائد ركب

أبو الزبير العراقي، أركان جاسم محمد العزاوي، تقبله الله، ولد في سنة 1401 من الهجرة في ولاية ديالى، بين بساتين قرية السادة الواقعة شمال شرقي بعقوبة، تلك القرية التي ذلّ فيها الصليبيون، وتمزقت على ثراها أجسادهم، أمضى فيها أركان سنين نشأته وفتوّته، ثم انتقل إلى بعقوبة فعمل فيها نجارا، طالبا من الله بذلك الرزق وقوت العيش، له ولعائلته.

(١/٢)
وعقب دخول الصليبيين أرض العراق سنة 1423هـ، تفرغ أركان للجهاد وحمل السلاح، وترك كل ما يشغله عن هذه الفريضة العظيمة، وكان عمله ومن معه أشبه بالعمل الفردي في قتال الصليبيين والمرتدين، حتى بايع الشيخ أبا مصعب الزرقاوي -تقبله الله- في أواخر عام 1424هـ، فكان بذلك من الأوائل في هذا الركب المبارك.

عمِلَ فارسنا أميراً لإحدى المفارز العسكرية في قاطع بعقوبة مع الشيخ أبي داود -تقبله الله- سنة 1425هـ، فكانت هذه السنة وبالاً على المرتدين وأسيادهم في بعقوبة ونواحيها، وكانت أبرز العمليات فيها عملية مديرية الشرطة في بعقوبة، التي قُتل فيها العشرات من متطوعي الشرطة الرافضية بعملية استشهادية، ثم حميَ وطيس الحرب فكان له الدور البارز في إضرام نارها، فجاءت عملية مركز شرطة المفرق في بعقوبة، العملية التي أثخنت في أعداء الله، فأبلى أبو الزبير في تلك المرحلة بلاء حسنا.

ثم عمل أميرا عسكريا لمنطقة السادة بأمر من الشيخ أبي جابر -تقبله الله- وما ذاك إلا لأنه الأدرى بشعابها وأهلها، وعُرِف هنالك بأبي عمر.

وفي 1426هـ، كُلّف أميرا عسكريا على قاطع شهربان، فبَرَز دوره في العمليات النوعية التي كسرت عظم الصليبيين، وساهمت في تطهير قرى شهربان من رجس الرافضة المشركين، ومنها قرى (أبو كرمة وزهرة وعبد الحميد)، وكانت العمليات الاستشهادية التي أشرف عليها تحصد رؤوس الصليبيين والمرتدين في السادة، ومنها عملية (جسر الجورجية) المباركة.

ولما قامت دولة العراق الإسلامية كان بطلنا من رجالها ومن أُسُس بنائها في ولاية ديالى، وشدد وطأته مع إخوانه على الصليبيين وعملائهم في بساتين شهربان وأذاقوهم مرّا علقما.

إلى أن أنجب الصليبيون مولودهم التعيس صحوات الردة والدياثة في نهاية سنة 1427 للهجرة، فكان لزاما على جنود الدولة الإسلامية أن يقفوا في وجه هذه الموجة الهوجاء، فكُلّف الشيخ أميراً عسكريا على المناطق التي تسيطر عليها صحوات الردة، ومن بينها مدينة بعقوبة، فكان بحقٍّ رجلَ تلك المرحلة، إذ عملت اللاصقات والعبوات وزمجرت، وقطفت رؤوس الردة هناك، ومكّن الله المجاهدين في تلك الفترة من قتل العشرات من رؤوس الصحوات وعناصرهم.

وفي أواخر عام 1428هـ أُسر الشيخ وأودع في سجن بوكا الذي يُديره الصليبيون، فمكث سنة وثمانية أشهر، ليبدأ فصلا جديدا من الإعداد والتحضير لمرحلة أخرى من الجهاد، فدرس العقيدة والتجويد والفقه على يد الشيخ أبي حفص العراقي -تقبله الله- والي كركوك، كما صب جل اهتمامه على دراسة العلوم العسكرية، وأخذ كثيرا من الدروس النظرية في تطوير الأسلحة والمتفجرات، كما كان مدربا بدنيا للإخوة هناك.

خرج من الأسر في منتصف 1431هـ، ليعود إلى ساحات القتال من جديد، إذ أصبح أميرا أمنيا لقاطع شهربان، وفي إحدى العمليات الأمنية أُسر مرة أخرى ولكنه أودع في سجون المرتدين، وكتب الله له الخروج بعد شهرين مع عدد من إخوانه.

وفي بداية سنة 1434هـ، اختير أبو البراء (كنيته حينها) أميرا عسكريا عاما لولاية ديالى، فعمل على استنزاف الحكومة الرافضية، وأشرف على العمليات النوعية فيها، ومنها عملية مديرية الأفواج، وعملية مركز شرطة هبهب، وعمليات الاقتحام في العظيم، ثم اختير نائباً للشيخ أبي عبد الله العزي -تقبله الله- والي ديالى.

ولم تحل المسؤوليات التي كان يتحملها ولا شدة انشغاله دون مباشرة القتال بنفسه، فكان يقود إخوانه بنفسه في كثير من الغزوات ويقتحم المهالك أمامهم، وفي إحدى الغزوات في قاطع العظيم كان هو الأمير العام، فحاصر هو ومن معه جمعا من المرتدين في إحدى المقرات العسكرية، فاقتحم عليهم المقر وحده واشتبك مع المرتدين لبعض الوقت، وإخوانه على الأسوار ينظرون إلى شجاعة أميرهم وإقدامه، وما هي إلا دقائق حتى وقع انفجار داخل المقر وجلت له القلوب، وجهشت له النفوس بالبكاء، وكلهم يقول: قُتل أبو البراء، وإذ به يعود مقطوع اليد ممزق الثياب جريح الجسد، في مشهد أدهش أمراءه وقادته، لما وجدوه من فرط شجاعته وإقدامه، وبسبب شدة الإصابة ابتعد عن الساحة فترة من الزمن للعلاج، إذ قد امتلأ جسده بالجراح، لكنه كان حريصا على العودة إليها ليشارك في أهم مراحل هذه الحقبة الجهادية.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 54
الخميس 10 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 54 الافتتاحية: دروس الثبات في ملحمة سرت في غمرة انشغال الناس بالحملة على ...

صحيفة النبأ العدد 54
الافتتاحية:
دروس الثبات في ملحمة سرت

في غمرة انشغال الناس بالحملة على الموصل، والتحضيرات للهجوم على الرقة، نراهم يتشاغلون عن الملحمة التي تدور رحاها في ولاية طرابلس، حيث يخوض جنود الخلافة في مدينة سرت واحدة من أعظم معارك الإسلام منذ مائتي يوم أو تزيد، وهم راسخون في الأرض رسوخ الجبال، ينكؤون في عدو يفوقهم في العدد والعدة بعشرات المرات، فلم تنزل لهم راية، ولم ينل منهم عدوهم بناءً في المدينة إلا بعد أن يدفع ثمن الوصول إليه باهضا من الدماء والسلاح، ثم يقف عاجزا عن الدخول إليه خشية أن تمزقه العبوات، أو تفتك به الكمائن.

ولما عجز عنهم مرتدو الصحوات وهم ألوف عديدة، ولم ينفعهم طيران حكومة الوفاق المرتدة، لم يجدوا بدّا من الاستنجاد بأسيادهم الصليبيين، فأمدّوهم بالسلاح والمال، وأنجدوهم بالأطباء والمستشفيات، وقادوهم بالمستشارين، وحشدوا لنصرتهم البوارج وحاملات الطائرات، ونصروهم بالغارات الجوية، فلم يغن ذلك عن جمعهم شيئا، ولم يستطيعوا حسم المعركة ضد ثلة من الموحدين الذين جعلوا أرواحهم دون دينهم، ووضعوا الفوز بالجنة نصب أعينهم، ولم يبالوا بالحصار، ولا بأهوال القصف وحجم الدمار، بل توكلوا على الله، وتبرؤوا من حولهم وقوتهم إلى حول الله وقوته، هو مولاهم ونعم النصير.
لقد قدّم جنود الخلافة في سرت للأمة كلها دروسا في الثبات قل أن تتكرر في التاريخ، وأظهروا من شدّة البأس أمثلة عزّ أن يوجد لها مثيل، وشرحوا بأعمالهم دروسا في الولاء والبراء لا تُعرف في غير هذه المواقف، وأبانوا نماذج في الصبر على البلاء، والسمع والطاعة لأهل السبق والأمراء حقّ أن يضرب بها المثال، ويشار إليها بالبنان، فيتعلّم منها المؤمنون، وينزجر عن مخالفتها مرضى القلوب والمنافقون.

وكشف الله بهم حقيقة أعداء الدولة الإسلامية من مرتدي الصحوات، الذين لم يطل بهم المقام حتى أبانوا سبب حربهم على الموحدين، بأنها حرب بالنيابة عن الصليبيين، الذين فرِقوا من رؤية جمع المرابطين قبالة ديارهم، لا يفصلهم عنها إلا مياه البحر التي عبرها أجدادهم من قبل، وهم يعدّون العدّة ليعيدوا الكرّة، ولكن إلى قلب أوروبا وعقر دار الصليب في روما، فخرج عليهم الصحوات ليجعلوا نحورهم دون نحور الصليبيين، ويقدّموا أرواحهم فداءً لراية المشركين، ففضحهم الله، وأظهر كفرهم، حتى لم يجد المجادلون عن المرتدين ما يدفعون به عنهم، وما يلبِّسون به على الناس في شأنهم.

كما قدّموا مثلا للجماعة المسلمة في قيامها بالدين حق قيام في كل الظروف، بتبرئهم من المبدلين لشرع الله، وبجهادهم حتى مكّنهم الله في الأرض، فشكروا الله على هذه النعمة بتحكيمهم الشريعة، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصابروا على ذلك، لم ترهبهم تهديدات الصليبيين، ولا حشود المرتدين، فلما ابتُلوا صبروا، ولما عُودوا في الدين انتصروا، لم يغيروا ولم يبدلوا، وما زالوا على ما كانوا عليه، نحسبهم كذلك والله حسيبهم.

فلله درّكم يا جنود الدولة الإسلامية في ولاية طرابلس وسائر الولايات الليبية، لقد أثبتّم للعالم أجمع أن جنود الخلافة في كل مكان يتشابهون في الأقوال والفعال، كما يتشابهون في المنهج والاعتقاد، فقد أخذوا من المنبع ذاته، وشربوا من الساقية ذاتها، ودانوا لله بالدين ذاته، ومضوا إلى رضوان ربهم على الصراط المستقيم ذاته.
ولله درّكم، لقد أتعبتم من بعدكم بحسن سيرتكم، وقوة عزيمتكم، وإنا لنحسبكم قد أعذرتم إلى ربّكم بما قدّمتموه، وأرضيتموه سبحانه بطيب ما فعلتموه، وبشدة ما أثخنتم في المرتدين، الكارهين لشرعه، المبدلين لحكمه، الموالين لأعدائه، المحاربين لأوليائه.

فأروا الله ما يرضيه عنكم، ويرفع مقامكم عنده، جل جلاله، بمزيد من الثبات، ومزيد من الإقدام على الموت في سبيله، ومزيد من الإثخان في أعدائه، ومزيد من السمع والطاعة لأمرائكم الذين نحسبهم من أحرص الناس على دين الله وعليكم، ونسأل الله أن يقرّ أعيننا وأعينكم وأعين سائر المسلمين بنصر من عنده، ينصر به عباده الموحدين في كل مكان، إنه على كل شيء قدير.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 54
الخميس 10 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

من قصص النصر بعد الصبر بيَّن الله -عز وجل- للأمة شروط نصرها على أعدائها وأسبابه ليدوم لها العز ...

من قصص النصر بعد الصبر

بيَّن الله -عز وجل- للأمة شروط نصرها على أعدائها وأسبابه ليدوم لها العز والظفر، إن هي عملت بما علمت، ومن تلكم الأسباب الصبر والثبات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45]، وذكر سبحانه أن الفئة القليلة الصابرة من المؤمنين تغلب الجمع الكثير من الكافرين بإذن الله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [الأنفال: 65].

وشواهد سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسير أتباعه وتاريخ المسلمين تدلل على أن الصبر والمصابرة يحققان الجزء الأكبر من النصر.
ففي معركة الأحزاب (5 هـ)، حين اجتمع على المسلمين مشركو العرب مع من حالفهم من اليهود، وحاصروا مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى صار الحال كما وصفه الله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 10-12]، ومع ذلك لم يُوهَن عزم المسلمين وثباتهم، فرابطوا على ثغور مدينتهم، لم تزعزعهم أراجيف المنافقين، بل كانوا موقنين بوعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن العاقبة لهم، وأنهم فاتحو مدائن الشام والعراق، ومحطمو عروش كسرى وقيصر، قال تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].

وبهذا الإيمان والتسليم امتنّ الله تعالى عليهم بنصره، وهزم عدوهم، ولكن بعد أن محّصهم وفضح المنافقين، ثم توالت بعد ذلك الفتوحات حتى توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السنة الحادية عشرة للهجرة.

وفيها كانت ردة العرب الجماعية، التي لم توهن عزم الصديق -رضي الله عنه- وأصحابه، فصبر لها وثبت، وعزم على تنفيذ أمر الله بجهاد المرتدين مهما بلغت عدتهم وكثر جمعهم.

ففي اليمامة (11 هـ)، كانت المعركة مع أكبر تجمع ردة في ذلك الوقت بقيادة مسيلمة الكذاب، ولم تكن بالمعركة اليسيرة بل لاقى المسلمون فيها أنواع الشدة حتى كاد المرتدون أن يزيحوا المسلمين عن مواقعهم، قال ابن الأثير: «واشتد القتال، ولم يلق المسلمون حربا مثلها قط، وانهزم المسلمون، وخلص بنو حنيفة إلى مجّاعة [أسير عند المسلمين] وإلى خالد، فزال خالد عن الفسطاط».

ثم أعاد المسلمون ترتيب صفوفهم وبدأ الصحابة -رضي الله عنهم- وأهل القرآن منهم خاصة يحثون الناس على طلب الشهادة ويحذرونهم عاقبة الهزيمة، قال ابن الأثير: «ثم إن المسلمين تداعوا، فقال ثابت بن قيس: بئس ما عودتم أنفسكم يا معشر المسلمين! اللهم إني أبرأ إليك مما يصنع هؤلاء، يعني أهل اليمامة، وأعتذر إليك مما يصنع هؤلاء، يعني المسلمين، ثم قاتل حتى قُتل... وقال أبو حذيفة: يا أهل القرآن، زيّنوا القرآن بالفعال! وحمل خالد في الناس حتى ردوهم إلى أبعد مما كانوا».

وصبر الفريقان وكثر القتل فيهم وكثرت الجراحات، قال ابن الأثير: «واشتد القتال وتذامرت بنو حنيفة، وقاتلت قتالا شديدا، وكانت الحرب يومئذ تارة للمسلمين وتارة للكافرين، وقُتل سالم، وأبو حذيفة، وزيد بن الخطاب، وغيرهم من أولي البصائر» ولذا كان لا بد من تمايز الصفوف، ومعرفة من أين يؤتى المسلمون، قال ابن الأثير: «فلما امتازوا قال بعضهم لبعض: اليوم يُستحى من الفرار»، وهكذا دارت رحى معركة شرسة من معارك هذه الأمة، كان لا بد فيها من بذل النفوس حتى يُبلَّغ الدين كاملا غير منقوص.

قال ابن الأثير: «وكثر القتلى في الفريقين لا سيما في بني حنيفة، فلم يزالوا كذلك حتى قُتل مسيلمة. واشترك في قتله وحشي مولى جبير بن مطعم، ورجل من الأنصار»، وبقتل هذا الدجال أنهى المسلمون هذه الملحمة ورُزقوا النصر بعد أن صبروا لها وثبتوا.
وكان من نتائج حرب المرتدين التفرغ لقراع دولتي الفرس والروم، وإخضاع ما بأيديهم لحكم الإسلام.

ففي اليرموك (13 هـ) حشَّد الروم مئتين وأربعين ألف مقاتل، وكان عدد جند المسلمين أربعين ألفا، فجموع الروم في أعدادها تهول من كان في قلبه ضعف، حتى أنَّ أحد المسلمين التفت إلى خالد -رضي الله عنه- فقال: «ما أكثر الروم وأقل المسلمين! فقال خالد: ما أكثر المسلمين وأقل الروم، إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان» [ابن الأثير: الكامل].

وبلغ من صبر المسلمين وثباتهم رغم كثرة الجراح أنهم تبايعوا على الموت، قال ابن الأثير: «فقال عكرمة يومئذ: قاتلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل موطن، ثم أفر اليوم؟! ثم نادى: من يبايع على الموت؟ فبايعه الحارث بن هشام وضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم، فقاتلوا قدام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعا جراحا، فمنهم من برأ ومنهم من قُتل»، وبعد هذا الصبر والثبات منَّ الله عليهم بالنصر والتمكين وتضعضع الروم فولوا منهزمين لا يلوون على شيء وكان بعدها فتح دمشق وغيرها من مدائن الشام.

وفي سنة (14 هـ) جهز الفاروق -رضي الله عنه- الجيوش للقاء الفرس، وأمّر عليهم سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- وكان مما أوصاه به قبل مسيره كما نقل الطبري: «احفظ وصيتي فإنك تقدم على أمر شديد كريه لا يخلص منه إلا الحق، فعوّد نفسك ومن معك الخير، واستفتح به، واعلم أن لكل عادة عتادا، فعتاد الخير الصبر».

وكان لا بد من هذه الوصية وخصوصا مع الفارق الكبير بين أعداد المسلمين وأعدائهم من الفرس المجوس، فجميع من شهد القادسية من المسلمين بضعة وثلاثون ألفا، هذا بعد اكتمال عدد المسلمين وقدوم المدد لهم، أما أعداد الفرس فجاوزت المائتي ألف مقاتل، مجهزين بالفيلة السلاح النوعي في ذلك العصر، [تاريخ الطبري].

وجرت معركة حامية الوطيس على مدى عدة أيام صبر فيها المسلمون أيّما صبر، ويطول المقام بذكر تفصيلات ملاحمها، لكن حسبك أن اليوم الأول منها شهد مقتل وإصابة خمسمئة رجل من قبيلة أسد وحدها، قال ابن الأثير: «فلما رأى الفرس ما يلقى الناس والفيلة من أسد رموهم بحدهم وحملوا عليهم وفيهم ذو الحاجب، والجالينوس. والمسلمون ينتظرون التكبيرة الرابعة من سعد، فاجتمعت حلبة فارس على أسد ومعهم تلك الفيلة، فثبتوا لهم، وكبّر سعد الرابعة... وأصيب من أسد تلك العشية خمسمائة، وكانوا ردءا للناس، وكان عاصم حامية للناس، وهذا اليوم الأول، وهو يوم أرماث».

ومضت ثلاثة أيام والمسلمون بين كر وفر، وتصدٍ للفيلة، ثابتين صابرين يرقبون وعد الله بالنصر والتمكين.

وبات المسلمون ليلة اليوم الرابع وهم في أشد حال، إذ لم يستطيعوا فيها النوم وكان عليهم مع إشراق الصبح أن ينهدوا من جديد لعدوهم ويتحاملوا على أنفسهم رغم ما أصابهم، قال ابن الأثير: «فسار القعقاع في الناس فقال: إن الدائرة بعد ساعة لمن بدأ القوم، فاصبروا ساعة واحملوا، فإن النصر مع الصبر»، وما هي إلا ساعات بعد ذلك حتى أنزل الله -عز وجل- نصره وهزم عدوه، بعد أن بذل المسلمون ما بذلوا وصبروا أمام جيش إمبراطورية يفوقهم بأضعاف عدة وعددا، قال ابن الأثير: «وقُتل من المسلمين قبل ليلة الهرير ألفان وخمسمائة، وقُتل ليلة الهرير ويوم القادسية ستة آلاف»، ثم قُتل قائد الفرس رستم، ولحق المسلمون بالمجوس يقتلون ويغنمون، وكانت تلك المعركة باب المسلمين إلى بقية مدائن العراق، بل حتى إلى المدائن عاصمة الفرس المجوس.

وإذا ذهبنا نتتبع انتصارات المسلمين على جموع الكافرين لمّا حققوا شرط الثبات والصبر لطال بنا المقام، ولكن حسبنا التذكير بعين جالوت (658 هـ) يوم أراد التتار دخول مصر بعدما أخضعوا كل البلاد لسلطانهم فثبت أمامهم المسلمون وصبروا فنصرهم الله تعالى وأهلك عدوهم، ثم ساروا بعد ذلك ليخرجوا التتار من مدن الشام فمكنهم الله من رقابهم، ولعين جالوت أخوات كثر سطر التاريخ ملاحمها، وأنبأنا بحال أهلها.

واليوم يعود أعداء الله بما جمعوا من خيلهم ورجلهم ليحاربوا دولة الإسلام ويطفئوا نورها، ولكن أنّى لهم ذلك بإذن الله، فيا جند الخلافة في الموصل وحلب وسرت وغيرها من ولايات دولة الإسلام الصبر الصبر، والمصابرة المصابرة، وإنما النصر صبر ساعة.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 53
الخميس 3 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

قصة شهيد: أبو محمد السهلي صبر فظفر هذه قصة بطل من أبطال الإسلام، الذين صدقوا ما عاهدوا الله ...

قصة شهيد:

أبو محمد السهلي
صبر فظفر

هذه قصة بطل من أبطال الإسلام، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، كما نحسبه، فما انحرف عن وجهته، ولا تراجع عن مطلبه في أن يُعقر جواده ويهراق دمه فيكون من أعظم الشهداء درجة عند الله، وكلما تأخر عن تحقيق أمنيته ازداد إصرارا على تحقيقها، حتى أكرمه الله بالانضمام إلى جماعة المسلمين، فقُتل تحت راية أهل التوحيد في هذا الزمان، راية الدولة الإسلامية.


إنه (ثامر بن محمد بن عبيدان السهلي) تقبله الله، من أرض القصيم الودود الولود، الرجل الذي أغواه الشيطان بضع سنين فجذبه إلى ملذات الدنيا، حتى هداه الله فعاد يبحث عن طريق الاستقامة، ويتحرى صالح الأعمال ليكفّر بها عن سيئاته التي تاب منها.

فلما علم أن الجهاد هو أفضل الأعمال عزم على القيام به، فولّى وجهه شطر العراق مع اثنين من أصحابه ليلحق بالمجاهدين هناك، ويشاركهم في مقارعة الغزو الأمريكي الصليبي، فباع سيارته، وحمل معه 100 ألف ريال ليعين بها المجاهدين، ومضى مهاجرا إلى الله لا يبغي الرجوع، ولكن الطواغيت من آل سعود وجنودهم كانوا له بالمرصاد، فاعتُقل هو وصاحباه في معبر حديثة على الحدود مع دويلة الأردن، لتبدأ بذلك محنة السجن التي أظهرت صلابة معدنه، وصفاء جوهره، وما زادته إلا إيمانا وتسليما.

كان سجن مديرية المباحث في بريدة أول محطات جهاده لطواغيت الجزيرة، دخله عام 1427 هـ، وفيه خالط الموحّدين الصابرين، فازداد علمه بالولاء والبراء، وطبّقه واقعا عمليا في سلوكه ومعاملته مع جنود الطاغوت، فكان لا يخاف في الله لومة لائم، يتصدى للسجانين وإدارتهم رغم ما يلقاه من أذى على يديهم، فعذبوه وجلدوه، حتى اسودَّ ظهره من أثر عصيهم وسياطهم.

نُقل بعدها إلى سجن الملز في الرياض منتصف العام 1428 هـ، ليغادره في نهاية العام إلى سجن الحائر، حيث أمضى فيه شهرين أو ثلاثة، ليعيده المرتدون معاقبا إلى سجن الملز، حيث صبوا عليه ألوان العذاب صبّا، وآذوه وإخوانه أشد الإيذاء، دون أن تلين له عزيمة، أو ينكسر له شموخ، أو تهون له كرامة، بل كان يمعن في تحدّي جنود الطاغوت وإسماعهم ما يكرهون، فيجتمعون عليه ويوسعونه ضربا حتى يقع على الأرض من الإعياء، ثم يعود لما كان، كيلا يفرحوا بهزيمته أو يستبشروا بانكساره، حتى أيس منه المرتدون، وصار كبراؤهم يشتكون منه، ومن مشاكله في السجن، ولم يتوقف عن ذلك إلا بعد أن رقّ لحال إخوانه الذين ينالهم انتقام جند الطاغوت كلما غضبوا منه وأيسوا من تأثير العقوبات فيه.

لبث أبو محمد في السجن بضع سنين، حتى أخرجه الله منه عام 1434 هـ، وبدل أن ينشغل بإصلاح دنياه، والتعويض عما فاته منها كما يفعل المنتكسون، عاد ليبحث عن غايته القديمة، وينقب عن الطريق إلى ساحات الجهاد، ولما كانت الطريق إلى العراق صعبة خطرة في ذلك الوقت، لم يبق أمامه من بدٍّ سوى البحث عن الشهادة في أرض اليمن، حيث كان تنظيم القاعدة ينشط حينها، ولم تكن عقيدة التنظيم ومنهجه قد وضعت على المحك، فيظهر زيف شعاراته، ويستبين سبيل قادته الضالّين المبدّلين، فمضى أبو محمد مهاجرا إلى الله من جديد ينوي الشهادة في سبيل الله، ويتحرى الراية التي سيموت تحتها.

فوصل -تقبله الله- إلى اليمن في العام 1435 هـ، ولما اختار وضع اسمه في قوائم الاستشهاديين، أخذه المشرفون إلى مضافة مغلقة بقي فيها أياما عديدة، حتى جاؤوه يوما وأبلغوه بموعد عمليته الاستشهادية.

فتجهز لها واستعد، ومضى إلى هدفه مضيا مودّعا لهذه الحياة، مقبلا على الآخرة، وكان الهدف حاجزا للمرتدين في منطقة نشيمة في مدينة شبوة، وقدّر الله أن لا ينجح في التنفيذ على هدفه، فانسحب من الموقع، ولم يجد أحدا في أثره يدلّه على طريق العودة، فاجتهد في تذكره حتى بلغ مأمنه.

ولم تمض فترة طويلة حتى سمع هيعة للحرب أخرى، فقام ولبّى، يبتغي الموت مظانّه، ومضى بسيارته المفخخة إلى هدف جديد، وهو ثكنه عسكرية في محور (عتق)، وهو يسأل الله أن يكرمه بالشهادة في غزوته هذه، ولم يَدُرْ في خلده أن ربّه سبحانه ربما أخره عن نيلها في هذا الموقف ليزيد من أجره ويرفع من مقامه، فاكتشف المرتدون أمره، واضطر للانسحاب من الموقع مجددا وسلّمه الله من الأسر.

انسحب تنظيم القاعدة من شبوة بأمر من قادتهم المخذولين لتجنب الصدام مع المرتدين، فاستقر أبو محمد السهلي معهم لفترة من الزمن في حضرموت، وهو على أمله القديم، أن يرزقه الله القتل في سبيله، ويوفقه لتنفيذ عملية استشهادية تمزق المرتدين وتعظم فيهم النكاية.
فلمّا دُعي إلى محاولته الجديدة في حضرموت، فرح واستبشر مظنة أن ينال الشهادة فيها، بعد أن حيل بينه وبينها بقدر الله من قبل، ثم ودّع إخوانه يوم العملية، وركب سيارته إلى مكان الهدف، ليُفاجَأ هناك بأنّ رصد الموقع كان قديما، وأن هناك حاجزا قد استجد في الموقع يعيق دخوله إلى البوابة التي تؤدي إلى المرتدين، فعاد أدراجه، وحاول المشرفون على العملية إصلاح خطئهم بزرع عبوة ناسفة لتفجير الحاجز، وفتح طريق العبور للاستشهادي، فلما انفجرت العبوة انطلق أبو محمد ليعبر الحاجز ويقتحم البوابة، وكانت المصيبة أن علقت سيارته في الحاجز لأن التفجير لم يدمّره بشكل كامل، فوقع في مرمى نيران المرتدين، الذين استهدفوا السيارة، وأصابوه بجراح في فخذه وكتفه، ولكن إصابته لم تمنعه من سحب سيارته إلى الخلف تحت وابل الرصاص، فمكث في مركز للعلاج حتى آخر العام 1435 هـ.

في ذلك الوقت كانت أخبار الدولة الإسلامية تملأ الآفاق، وكان إعلان الخلافة حدثا يهز العالم كله، ويهزّ قلوب أكثر الموحدين، التي خفقت في مشارق الأرض ومغاربها فرحا وسرورا بذلك، فانطلقوا يرسلون البيعات، معلنين السمع والطاعة لأمير المؤمنين وخليفة المسلمين الشيخ أبي بكر البغدادي، حفظه الله.

وكان أبو محمد السهلي -تقبله الله- ممن بلغه الأمر، وسمع بالخبر، فعزم على أن يطيع الله تعالى فيلتزم الجماعة، كيف لا وهو الذي طالما تحّرى الحق، وبذل الغالي والنفيس في سبيل بلوغه، وصبر على الأذى فيه، فاحتال لأمره، وورّى على يهود الجهاد بإبداء رغبته في تقديم النصيحة لمن بايع الدولة الإسلامية ليأمن مكر يهود الجهاد، وينجي نفسه من سجنهم الذي أعتدوه لمن عرفوا غايته الحميدة.

يسرّ الله له الوصول إلى إخوانه في ولاية اللواء الأخضر، فكان يستعجل البيعة حتى جاءه مَن قَبِلها مِنه، فصار جنديا من جنود الخلافة، دون أن ينسى أو يتراجع عن هدفه الذي ثبت عليه، فازداد إصرارا على تنفيذ العملية الاستشهادية، وقد صار يعتقد أن الله أخره عن تنفيذها، لينال ثوابها في هذا الركب المبارك، وتكون نتيجتها العاجلة أو الآجلة تمكينا لهذا الدين، لا إزهاقا للنفس في مشاريع الضلالة التي يسوّقها يهود الجهاد، ويضيعوا في سبيلها الدماء والجهود، ليسلموا ثمارها للديموقراطيين والصحوات.

صبر أبو محمد على تأخر عمليته، وفرح إخوانه بمكوثه معهم، كما فرحوا بقدومه عليهم، فهو البشوش الذي لا تفارقه الابتسامة، السخي الكريم الذي لا يبخل بماله، السهل اللين الذي لا يضنّ بجهد في خدمة المجاهدين، فيطبخ لهم، ويقوم على شؤونهم، وهو ملازم لكتاب الله يقرؤه، محافظ على صيام داود، عليه السلام، فيصوم يوما ويفطر يوما، وهو على ذلك منذ أيام سجنه، حتى حان موعد رحيله.

فلما وجد المجاهدون هدفا ثمينا، ألحّ عليهم أن يكون له فيه نصيب، فيسّر الله له ذلك، فدفع ثمن سيارته من جيبه، ليكون ممن خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء، ثم ركب مركوبه الذي ألفه من قبل، ومضى يشق طريقه بين صفوف المرتدين، ليعقر جواده في وسط جمع للمرتدين في عدن، ويُفجِّر سيارته في «فندق القصر» مقر إقامة الطاغوت خالد بحاح، فيحرق المرتدين بناره، ويمزّقهم بعصفه، ويهدّ بنيانهم بقصفه، فنال ما تمنّى، وكانت خاتمة سِفره سعدا، كما نحسب، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 53
الخميس 3 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله ) بعنوان: ...

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين
أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )

بعنوان: هذا ما وعدنا الله ورسوله

(٦/٦)
وإلى جنود الخلافة في خراسان وبنغلادش وإندونيسيا والقوقاز والفلبين واليمن والجزيرة وسيناء ومصر والجزائر وتونس وليبيا والصومال وغرب أفريقيا، اعلموا أنكم اليوم دعائم الإسلام في الأرض، وأوتاد الخلافة فيها، أذهلتم أمم الكفر بجهادكم وصبركم وثباتكم، علّمتم الناس كيف تكون مسالك النصر بحسن الاجتماع، وامتثال الطاعة، وتكوين جماعة المسلمين الكبرى في واقع استمرأ الجاهلية الجهلاء بكثرة الفرقة والبقاء على الشتات، ولقد أغظتم باجتماعكم وجهادكم أمم الكفر كما كان غيظهم بقيام الخلافة سواء، وعليه فإنهم سيسعون لإطفاء نور الله بينكم ببث أسباب الفرقة والاختلاف، فاصبروا وصابروا ولا تخافوا، واثبتوا ولا تفروا عند إرادة القتال، فإذا صبرتم فإن الله يؤيدكم وينصركم ويثبت أقدامكم، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، واعلموا أنه إن قتل بعض قادتكم، فإن الله مخلفا لكم مثله أو خيرا منه، والله لن يضيعكم، فلا تحزنوا، إن الله معنا.

ويا أيها المجاهدون الصابرون على البأساء والضراء في سرت، لقد لقنتم الأعداء من صبركم دروسا، وكتبتم لمقامات المجد والثبات بدمائكم الطاهرة طروسا، كانت أوروبا الصليبية ولا تزال تطمع بأن تغزو مهد الخلافة وحصن الإسلام في العراق والشام، حتى زلزلتم أمنها بنشأتكم، وقلبتم موازين سياساتها بجهادكم، فصرتم العقبة الكأداء والصخرة الصلبة التي تكسرت عندها إرادتهم، وتحطمت بها مشاريعهم، إن عدوكم يألم كما تألمون، ولكنكم ترجون من ربكم ما لا يرجون، فإياكم أن تبرحوا مقاعد قتالكم ومواطن رباطكم، فلقد أوشك عدوكم أن يمل أو يدفع فيفل.
ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر إخواننا المسلمين عامة بأنه إن ضاقت السبل وتقطعت الطرق بالهجرة إلى أرض العراق والشام، فقد جعل الله لهم سبيلا واسعة للهجرة إلى تلك الولايات المباركة ليقيموا هنالك صرحا من صروح الإسلام ويحوزوا فضل السبق في نصرة دين الله وإعلاء كلمته، قال تعالى: {يا عبادي الّذين آمنوا إنّ أرْضي واسعةٌ فإيّاي فاعْبدون} [العنكبوت: 56].

وإلى إخواننا القابضين على الجمر الذين ابتلاهم الله بالأسر، إنا على قدر ما نحن فيه من منازلة ضخمة لأعداء الله، فإننا والله ما نسيناكم ولن ننساكم، كيف وأنتم أرقنا الدائم وهمنا الذي لا يبرح، نسأل الله أن يجعل فك أسركم على أيدينا، وكسر سجونكم بأسلحتنا وحديدنا، وما ذلك على الله بعزيز، فعليكم بالتضرع إلى الله ببلائكم، وتذكروا أن الله يصنعكم ليوم تنصرون فيه دينكم ودولتكم، وإني أحرضكم على الدعاء العظيم لإخوانكم في الدولة الإسلامية أن يهيئ الله لهم من أمرهم رشدا، وأن يجعل معونته الحسنى لهم مددا، ويغنيهم به عمن سواه، فك الله أسركم وكشف كربكم، وجبر كسركم، وقوّى عزمكم، وجعل لكم فرجا ومخرجا.

أيها المسلمون في كل مكان، إني معزيكم ومعزي المجاهدين عامة بمقتل الشيوخ والقادة، وعلى رأسهم الشيخ أبو محمد العدناني والشيخ أبو محمد الفرقان، رحمهم الله، وأعلى في الفردوس مسكنهم، فقد كانوا لنا من خيرة الوزراء، وصالح الأمراء، إلى ما شرفهم الله به من حسن السابقة وقديم الفضل، والجد في تشييد صرح الخلافة، وحكم الله في الأرض، حتى قضوا نحبهم، وأوفوا ما بذمتهم، نحسبهم كذلك والله حسيبهم، إلا أننا نبشركم -بفضل الله ومنّه- أن الخلافة ما تعثرت بمقتلهم فضلا عن أن تقف عجلة الجهاد بفقدهم، بل إن تلكم الأجساد الطاهرة ما هي إلا قرابين نقدمها بين يدي الله طلبا لمرضاته واستجلابا للنصر المبين والفتح القريب، بإذن الله، فلقد علمنا في كتاب الله أن استشهاد القادة والصالحين هو الباب الأقرب للتمكين في الأرض، وثواب الدنيا والآخرة، قال الله تعالى عن حال الأنبياء وأتباعهم: {وكأيّنْ منْ نبيٍّ قاتل معه ربّيّون كثيرٌ فما وهنوا لما أصابهمْ في سبيل اللّه وما ضعفوا وما اسْتكانوا واللّه يحبّ الصّابرين * وما كان قوْلهمْ إلّا أنْ قالوا ربّنا اغْفرْ لنا ذنوبنا وإسْرافنا في أمْرنا وثبّتْ أقْدامنا وانْصرْنا على الْقوْم الْكافرين * فآتاهم اللّه ثواب الدّنْيا وحسْن ثواب الْآخرة واللّه يحبّ الْمحْسنين} [آل عمران: 146-148].

اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم، اللهم عليك بالكفرة المجرمين الذين يصدون عن سبيلك، ويكذّبون رسلك، ويحاربون أولياءك، اللهم أعنا عليهم بسنين كسني يوسف، اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا، اللهم فرق جمعهم، وشتت شملهم، اللهم من أرادنا وأراد ديننا وجهادنا بسوء، فاجعل دائرة السوء تدور عليه، حتى يهلك نفسه بيديه، اللهم امكر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا، ويسر الهدى لنا، وانصرنا على من بغى علينا، أنت مولانا، نعم المولى ونعم النصير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

• للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله ) بعنوان: ...

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين
أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )

بعنوان: هذا ما وعدنا الله ورسوله

(٥/٦)
أيها المجاهدون، قال نبيكم، صلى الله عليه وسلم: (إنكم منصورون ومصيبون ومفتوح لكم فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله وليأمر بالمعروف ولينه عن المنكر) [رواه أحمد والترمذي وغيرهما عن ابن مسعود].

وها أنتم اليوم قد أورثكم الله هذه الأرض المباركة، وحمّلكم أمانة حفظها والدفاع عنها والثبات على إقامة حكم الله فيها، فاحذروا أن يستزلكم الشيطان بانحياز عن أرض أو انسحاب من ثغر، بل اصبروا وصابروا ورابطوا واثبتوا، ولا تردوا موارد الذل بعد أن أعزكم الله، ولا تستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، ولا تهبطوا بعد الرفعة إلى مراتب الدون والضعة، واعلموا أن ثمن بقائكم في أرضكم بعزكم أهون بألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلكم، قال تعالى: {قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 16]، وقال صلى الله عليه وسلم: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفُتّان) [رواه مسلم عن سلمان الفارسي].

فإن خرجتم من أرض بذنوبكم، فأرجعوها بتوبتكم وتقواكم ربكم، فإنه حقيق أن يكون لكم ذلك، تذكروا أن عدوكم إن كان يقاتل في سبيل الطاغوت، فأنتم تقاتلون في سبيل الله العظيم، وإن كانوا يقاتلون من أجل كلمة الكفر، فأنتم تقاتلون من أجل كلمة الله، وإن كانوا يقاتلون من أجل عرض من الدنيا قليل، فأنتم تقاتلون من أجل ثواب عظيم وتجارة تنجيكم من عذاب أليم، وإن كانوا يقاتلون وفي صدروهم الخنا والكفران، فأنتم تقاتلون وفي صدوركم الإيمان والقرآن، وإن كانوا يقاتلون وعاقبتهم النار، فأنتم تقاتلون والعاقبة جوار الرحمن وجنة عرضها السماوات والأرض، إن شاء الله، فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون؟ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]؛ هذا ما وعدنا الله ورسوله.

ثم إني أحذركم النزاع والخلاف بينكم في علومكم وأعمالكم، وأنتم في عدوة واحدة، توحّدون ربكم وتجاهدون عدوكم وتسعون لإعلاء كلمة الله في الأرض، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 45-46]؛ فالنزاع مدعاة للفشل وتسلط العدو، والاختلاف سبب للشر ووقوع العداوة بينكم، ولا تكونوا كالذين خلوا من قبلكم من الأمم، أخذوا بحظ وتركوا حظا فجعل الله العداوة والبغضاء بينهم، قال تعالى: {فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة: 14].

وإياكم والاختلاف على أمرائكم، اسمعوا لهم قربة، وأطيعوا لهم عبادة، ما لم يأمروكم بمعصية، واعلموا أن خلافكم إياهم من أمر الجاهلية، وإنما أعزكم الله بالإسلام والجماعة والسمع والطاعة، {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103]؛ وتذكروا وتأملوا قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11].


• للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله ) بعنوان: ...

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين
أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )

بعنوان: هذا ما وعدنا الله ورسوله

(٤/٦)
أيها المجاهدون في سبيل الله، اعلموا أنكم اليوم درع الإسلام وحصنه المتين، فإياكم إياكم -يرحمكم الله- أن يؤتى الإسلام والمسلمون من قبلكم، فإن سنن الله لا تحابي أحدا، والله -تبارك وتعالى- استعملكم وأورثكم، لينظر كيف تعملون، فاستعملوا تقوى الله وطاعته في ابتغاء نصره ووعده، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال: 29]؛ وتجنبوا معصيته ومخالفة أمره، فإن عاقبة ذلك وخيمة على جميعكم، وإني تالٍ عليكم وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهما- ومن معه من الأجناد، حيث قال: «فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدّة على العدوّ، وأقوى المكيدة في الحرب، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشدّ احتراسا من المعاصي منكم من عدوّكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوّهم، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوّهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة، لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدّتنا كعدّتهم، فإذا استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا ننصر عليهم بفضلنا، لم نغلبهم بقوتنا، واعلموا أن عليكم في مسيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون، فاستحيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إن عدوّنا شر منا فلن يسلّط علينا وإن أسأنا، فربّ قوم سُلّط عليهم شر منهم، كما سُلّط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفّار المجوس، فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا، واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوّكم، أسأل الله ذلك لنا ولكم»، انتهى كلامه، رضي الله عنه.

أيها المجاهدون، قال نبيكم، صلى الله عليه وسلم: (إنكم منصورون ومصيبون ومفتوح لكم فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله وليأمر بالمعروف ولينه عن المنكر) [رواه أحمد والترمذي وغيرهما عن ابن مسعود].

وها أنتم اليوم قد أورثكم الله هذه الأرض المباركة، وحمّلكم أمانة حفظها والدفاع عنها والثبات على إقامة حكم الله فيها، فاحذروا أن يستزلكم الشيطان بانحياز عن أرض أو انسحاب من ثغر، بل اصبروا وصابروا ورابطوا واثبتوا، ولا تردوا موارد الذل بعد أن أعزكم الله، ولا تستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، ولا تهبطوا بعد الرفعة إلى مراتب الدون والضعة، واعلموا أن ثمن بقائكم في أرضكم بعزكم أهون بألف مرة من ثمن انسحابكم عنها بذلكم، قال تعالى: {قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 16]، وقال صلى الله عليه وسلم: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفُتّان) [رواه مسلم عن سلمان الفارسي].

فإن خرجتم من أرض بذنوبكم، فأرجعوها بتوبتكم وتقواكم ربكم، فإنه حقيق أن يكون لكم ذلك، تذكروا أن عدوكم إن كان يقاتل في سبيل الطاغوت، فأنتم تقاتلون في سبيل الله العظيم، وإن كانوا يقاتلون من أجل كلمة الكفر، فأنتم تقاتلون من أجل كلمة الله، وإن كانوا يقاتلون من أجل عرض من الدنيا قليل، فأنتم تقاتلون من أجل ثواب عظيم وتجارة تنجيكم من عذاب أليم، وإن كانوا يقاتلون وفي صدروهم الخنا والكفران، فأنتم تقاتلون وفي صدوركم الإيمان والقرآن، وإن كانوا يقاتلون وعاقبتهم النار، فأنتم تقاتلون والعاقبة جوار الرحمن وجنة عرضها السماوات والأرض، إن شاء الله، فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون؟ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]؛ هذا ما وعدنا الله ورسوله.

• للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله ) بعنوان: ...

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين
أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )

بعنوان: هذا ما وعدنا الله ورسوله

(٣/٦)
يا أهل السنة في العراق، أفي كل مرة لا تعقلون؟ استمرأتم الذلة والمهانة حتى رتعتموها، وتهتم كما تاه بنو إسرائيل من قبلكم، أَوَما ترون الرافضة كل يوم يسومونكم سوء العذاب، يغزون بلادكم بحجة محاربة الدولة الإسلامية، ثم لا يبرحون حتى يقتلوا رجالكم، ويأسروا نساءكم وذراريكم تارة، ويشردونهم تارة أخرى؟ أَوَما ترون العراق تفرغ مدنها من أهل السنة، وتحشى بأرذل خلق الله وشر من وطئ الحصى؟ انظروا إلى راياتهم وهم يقاتلونكم، اسمعوا شعاراتهم وهم يحيطون ببلادكم، تأمّلوا في صنيعهم حين يخرجونكم من أرضكم، واسمعوا نداءاتهم وهم يصرخون بالدعوة إلى غزو أراضي السنة كلها من عراقكم إلى شامكم إلى نجدكم بل إلى يمنكم.

يا أهل السنة، لقد مارس زعماؤكم في المنطقة أحط وأحقر صور الخيانة عرفها التأريخ، فباعوا القضية، وسلموا أمركم وأرضكم لعدوكم، فها هي مناطقكم يقتسمها الملحد الكافر والمشرك الرافضي والنصيري الحاقد، في مشهد باطني خبيث مكشوف، يراه ويسمع به العالم أجمع، وها هي حلب تواجه أعتى وأشرس حملة نصيرية بدعم مجوسي روسي كافر، يهدفون من خلالها إلى إقامة كيان نصيري بديل وسط خيانة الفصائل المرتدة المنشغلة بقتال الدولة الإسلامية والساعية لإزاحة حكم الله من الأرض في سبيل مصالح أسيادهم وداعميهم من دول الكفر.

وما تزال خطط الروم وما يزال مكرهم جاريا ساريا، حتى في جزيرة محمد، صلى الله عليه وسلم، لتسليط الرافضة على أطرافها، في ظل إفساد كبير تعمل عليه حكومة آل سلول لعلمنة البلاد، والسعي في إكفار أهلها، ونشر الرذيلة بينهم، والإطاحة بما يُمكن أن يُعد من رسوم الشرع وأهله، ولم يقتصروا على ذلك فحسب، بل شاركوا مشاركة عسكرية حقيقية مع أمم الكفر لحرب الإسلام والسنة في العراق والشام، فهم رأس كل بلية، وسبب كل رزية.

فيا رجال الجزيرة، يا أحفاد الصحابة، أعيدوا عليهم الكرة تلو الكرة، دونكم أعداء الله، دونكم أمنهم وعسكرهم وشرطهم، دونكم أزلامهم وأصحاب أقلامهم، دونكم أمراؤهم ووزراؤهم وأبواق إعلامهم، وتذكروا وصية نبيكم، صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) [رواه مالك وغيره].

يا أهل السنة، إنه ما بقي لكم بعد الله إلا دولة الخلافة تصون دينكم وتحفظ بيضتكم وتقوي شوكتكم، تحيون فيها أعزاء أو تموتون شرفاء، من غير أن يجرأ على مس كرامتكم فيها رافضي ذليل، أو نصيري خبيث، أو ملحد حقير.

أيها المسلمون الموحدون في مشارق الأرض ومغاربها، لقد ظلت تركيا العلمانية المرتدة خلال مدة جهادنا وصراعنا مع أحلاف الكفر خاسئة خانسة، تطل بقرن وتستخفي بقرن، تسعى لتحقيق مصالحها وأطماعها في شمال العراق وأطراف الشام، ثم ترتد خشية أن يصلاها المجاهدون في عقر دارها بجحيم عملياتهم ولهيب معركتهم، ثم إنها فكَّرت وقدَّرت ونظرت، ثم عبست وبسرت واستكبرت، ودخلت في حربنا كما تدخل الضباع المبتورة مستندة مستظلة بطائرات تحالف الصليب، مستغلة انشغال المجاهدين بحرب أمم الكفر ودفاعهم عن أرض الإسلام، وظنت أنها آمنة من أن ينزل بساحتها أبناء التوحيد وأسود الجهاد، ألا إنه من مأمنه يؤتى الحذر.

أيها الموحدون، لقد دخلت تركيا اليوم في دائرة عملكم ومشروع جهادكم، فاستعينوا بالله، واغزوها، واجعلوا أمنها فزعا، ورخاءها هلعا، ثم أدرجوها في مناطق صراعكم الملتهبة.

ويا أجناد الخلافة في أرض الشام، ها قد جاءكم الجندي التركي الكافر، وإنما دم أحدهم كدم الكلب خسةً ورداءةً، فأروهم بطشكم، واصلوهم بنار غضبكم، وخذوا بثأر دينكم وتوحيدكم من إخوان الشياطين وقدوة المرتدين وحلفاء الملحدين، فلن يغلب شركهم توحيدكم، ولا نفاقهم إيمانكم، وإن الله مع المتقين، هذا ما وعدنا الله ورسوله.

لقد غدا الإخوان المرتدون رأس حربة مسمومة يحملها الصليبيون لحرب الخلافة، فلم يقتصر كفر هذه الفرقة الغاوية على شركها بالله في الدساتير والتشريعات الباطلة، ومنازعة الله في حكمه، وموافقة أمم الكفر على كفرهم، حتى صارت طائفة لا دين لها، أشبه بالزنادقة والباطنية، بل إنها غدت ذراعا عسكريا وثيقا في منظومة التحالف الصليبي على الإسلام وأهله، لا غنى لهم عنه على الأرض، {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202]، فانظروا إلى العراق والشام وليبيا وتونس وغيرها من البلدان، فإنكم لا تجدون فيهم إلا مشركا مشاركا بالقوانين والتشريعات الكافرة، أو مصاففا موالفا للجيوش الصليبية أو الرافضية أو العلمانية الملحدة، مقاتلا مناكفا للمجاهدين في سبيل الله الساعين لإقامة حكم الله في الأرض، فهم بحق إخوان الشياطين والعميل العامل للصليبيين، قاتلهم الله أنّى يؤفكون.


• للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله ) بعنوان: ...

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين
أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )

بعنوان: هذا ما وعدنا الله ورسوله

(٢/٦)
يا معشر المهاجرين والأنصار، امضوا على بصيرتكم، واصبروا على عزيمتكم صبرا على الغُصص، فكأن قد اندمل شعث الشتات، والتأمت كلمة الخير والعدل، ودفع الحق الباطل، فإن لهذا اليوم ما بعده، والصبر خير في الأمور عواقبا، قال تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: 45]، وقال جل وعلا: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال: 7-8].

يا جنود الخلافة، إذا وقفتم صوب طائرات أمريكا وحلفائها، فقفوا ثابتين متوكلين على من بيده ملكوت السموات والأرض، الذي ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم، وقولوا: «حسبنا الله ونعم الوكيل»، فإنها كلمة قالها إبراهيم حين ألقي في النار، وقالها محمد -صلى الله عليه وسلم- حين قال له الناس: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173]، واعلموا أنه لو أطبقت السماء على الأرض، لجعل الله للمؤمنين منها متنفسا.

فيا كتائب الانغماسيين، ويا قوافل الاستشهاديين، ويا سرايا الاقتحاميين، يا طلاب الشهادة والحسنى وزيادة، يا سعاة إلى الجنان والرضوان، انطلقوا على بركة الله، فإن الحرب حربكم، حوّلوا ليل الكافرين نهارا، وخرّبوا ديارهم دمارا، واجعلوا دماءهم أنهارا، فإن ذلك هو الحظ الأوفر، والفوز الأكبر، بصحبة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا، وليكن لسان حال أحدكم: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ} [طه: 84]، فجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا، لقد أذقتم الكافرين الأهوال، ومرغتم أنوفهم بالأوحال، فَدَيناكم بأنفسنا، لقد كنتم وما زلتم بعد الله نعم الظهر والسند، ونعم الساعد والمدد.

يا أهل السنة في العراق، أفي كل مرة لا تعقلون؟ استمرأتم الذلة والمهانة حتى رتعتموها، وتهتم كما تاه بنو إسرائيل من قبلكم، أَوَما ترون الرافضة كل يوم يسومونكم سوء العذاب، يغزون بلادكم بحجة محاربة الدولة الإسلامية، ثم لا يبرحون حتى يقتلوا رجالكم، ويأسروا نساءكم وذراريكم تارة، ويشردونهم تارة أخرى؟ أَوَما ترون العراق تفرغ مدنها من أهل السنة، وتحشى بأرذل خلق الله وشر من وطئ الحصى؟ انظروا إلى راياتهم وهم يقاتلونكم، اسمعوا شعاراتهم وهم يحيطون ببلادكم، تأمّلوا في صنيعهم حين يخرجونكم من أرضكم، واسمعوا نداءاتهم وهم يصرخون بالدعوة إلى غزو أراضي السنة كلها من عراقكم إلى شامكم إلى نجدكم بل إلى يمنكم.

يا أهل السنة، لقد مارس زعماؤكم في المنطقة أحط وأحقر صور الخيانة عرفها التأريخ، فباعوا القضية، وسلموا أمركم وأرضكم لعدوكم، فها هي مناطقكم يقتسمها الملحد الكافر والمشرك الرافضي والنصيري الحاقد، في مشهد باطني خبيث مكشوف، يراه ويسمع به العالم أجمع، وها هي حلب تواجه أعتى وأشرس حملة نصيرية بدعم مجوسي روسي كافر، يهدفون من خلالها إلى إقامة كيان نصيري بديل وسط خيانة الفصائل المرتدة المنشغلة بقتال الدولة الإسلامية والساعية لإزاحة حكم الله من الأرض في سبيل مصالح أسيادهم وداعميهم من دول الكفر.

وما تزال خطط الروم وما يزال مكرهم جاريا ساريا، حتى في جزيرة محمد، صلى الله عليه وسلم، لتسليط الرافضة على أطرافها، في ظل إفساد كبير تعمل عليه حكومة آل سلول لعلمنة البلاد، والسعي في إكفار أهلها، ونشر الرذيلة بينهم، والإطاحة بما يُمكن أن يُعد من رسوم الشرع وأهله، ولم يقتصروا على ذلك فحسب، بل شاركوا مشاركة عسكرية حقيقية مع أمم الكفر لحرب الإسلام والسنة في العراق والشام، فهم رأس كل بلية، وسبب كل رزية.

فيا رجال الجزيرة، يا أحفاد الصحابة، أعيدوا عليهم الكرة تلو الكرة، دونكم أعداء الله، دونكم أمنهم وعسكرهم وشرطهم، دونكم أزلامهم وأصحاب أقلامهم، دونكم أمراؤهم ووزراؤهم وأبواق إعلامهم، وتذكروا وصية نبيكم، صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) [رواه مالك وغيره].


• للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله ) بعنوان: ...

تفريغ كلمة صوتية لمولانا أمير المؤمنين
أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ( تقبله الله )

بعنوان: هذا ما وعدنا الله ورسوله

(١/٦)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:

يقول الله تعالى: {ولَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
حقا، إنه وعد الله الذي وعد، وخبره الذي صدق، فها هو العالم الكافر اليوم قد حشر ونادى، وتحالف وتحزّب، وجمعَ كل كيده وتألّب؛ كيدَه وشركاءَه وأحلافَه وأولياءَه لحرب الإسلام وأهله، وكيدِ المؤمنين ودينهم بكل ما يملكونه من كيد، وما يقدرون عليه من آلة حربية وعسكرية، جوية أو برية أو بحرية، كل هذا للسعي حثيثا لإطفاء نور الله وعداوة لدينه ومنهاجه في الأرض، وخوفا وهلعا من أن تعود لأهل الإسلام والسنة خلافتهم وقوتهم، ويعود لهم التمكين والظهور كما كان أول مرة.

إن هذه المعركة المستعرة والحرب الشاملة والجهاد الكبير الذي تخوضه دولة الإسلام اليوم ما تزيدنا -إن شاء الله- إلا إيمانا ثابتا ويقينا راسخا بأن ذلك كله ما هو إلا تقدمة للنصر المكين وإرهاصا للفتح المبين الذي وعد الله عباده، فإنا نظرنا في كتاب الله وفي تاريخ جهاد هذه الأمة الطويل لعدوها، فرأينا أن الآية البينة على قرب هلاك عدونا وزواله هو يوم شروعهم وإيذانهم بحرب الله ورسوله ودينه، وإيذائهم عباده وأولياءه، والسعي لإخراجهم من الأرض التي لله، يورثها من يشاء من عباده، يقول الله تبارك وتعالى: {وإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 76].

إن بداية نصرنا وأشرفه وأعظمه هو في غاية ما يكون عليه عدونا من التجمع والتحزب والتفاخر والتكاثر، فهناك يدفع الله عن عباده، وتتجلى لهم آثار قوته وعزته وجبروته، قال الله تعالى: {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 53-68]؛ وقال سبحانه: {حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110].

عباد الله، إن الإيمان لا يتم تمامه في نفس جماعة المسلمين حتى تتعرض وتستعد لمجاهدة الناس في أمر هذا الإيمان، ومواجهة أهل الباطل بجميع قواهم، وهي تتعرض في ذلك الجهاد وتلك المجاهدة لمطارق الابتلاء ومرارة الأذى، وتصبر معه على النصر والهزيمة، ويصيبها من الخوف والزلزال، ثم تثبت ولا ترتاب، وتستقيم ولا تلتفت، وتمضي في طريق إيمانها الراشد، إن شاء الله، ولولا هذه الأحزاب وهذا الجهاد، لضعف الإيمان وما زاد، وفسدت القلوب وما صلحت، ولرأينا النفوس تأسن، والهمم تسترخي، والإيمان يذبل، وهكذا يكون الحال حينما نبتلى بالرخاء، {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251].

لقد أرصد أعداء الله من اليهود والنصارى والملاحدة والرافضة والمرتدين وأمم الكفر جمعاء إعلامهم وأموالهم وجيوشهم وعتادهم لحرب المسلمين والمجاهدين في ولاية نينوى بعد أن رأوها قاعدة من قواعد الإسلام ومنارة من مناراته تحت ظل الخلافة، فأرقهم حياة المسلمين فيها أعزة آمنين، وأرهقهم أن تحقق للناس فيها مثالا لحكم الإسلام يرونه ويعيشونه ويستفيئون ظلاله وينعمون بخيره وبركته، وهذا غاية ما يخشونه ويخافونه لأنه سبيل امتداد نفوذ الإسلام واتساع رقعته ودخول الناس فيه.

فيا أهل نينوى عامة، ويا أيها المجاهدون خاصة، الله الله في دين الله، إياكم والضعف عن جهاد عدوكم ودفعه، فإن ذلك ينقض عرى الإسلام ويطفئ نور الحق.


• للإستماع للكلمة الصوتية، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت مع بداية الحملة الصليبية على بلاد المسلمين المسلوبة، التي كان ...

وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت


مع بداية الحملة الصليبية على بلاد المسلمين المسلوبة، التي كان الهدف منها ترسيخ حكم الطاغوت فيها ومنع الموحّدين من إقامة الدين وتحكيم الشرع، أطلق الأحمق المطاع جورج بوش مشروعا موازيا لتبديل دين الناس، وتغيير أصول الإسلام وفروعه، ليصبح متوافقا مع الرؤية الأمريكية الجاهلية للعالم، التي أطلقوا عليها مسمى «النظام العالمي الجديد»، ولتحقيق ذلك لم يجد خيرا من الإخوان المرتدين ليجعل منهم النموذج الذي يدفع الناس إليه ليتّبعوه إن أرادوا رضى أمريكا، فهم قد جرّبوهم، وخبروا فساد معتقدهم وولاءهم لأعداء الدين في مواطن من الأرض عديدة.

ولما كان أتباع الطاغوت أربكان في تركيا هم أكثر مدارس الإخوان المرتدين انحطاطا، وأشدهم انتكاسا في حمأة الشرك، والولاء للمشركين، وقع الاختيار على أحد تلاميذه أردوغان ليمثل هذا النموذج، وذلك لأن التلميذ سبق أستاذه بمراحل في سلوك منهج الديموقراطية والرضى بالعلمانية، فنصبوه رئيسا، وصنعوا له الهالة التي يحتاجها لخداع سفهاء الناس، وكلّفوه بإدارة بعض الملفات في المنطقة، فكان له الدور الكبير مع طواغيت الدول العربية في إنجاز مشروع الصحوات في العراق الذي أعان الصليبيين على إخفاء عار الهزيمة، وساعدهم في تثبيت أركان الحكومة الرافضية في بغداد.

ومنذ بدايات الجهاد في الشام، سعى أردوغان وأجهزة مخابراته إلى جر الفصائل المقاتلة وربطها به، ليرتبطوا عن طريقه بالدول الصليبية التي استثمرتهم لقتال الدولة الإسلامية، وأمرتهم بترك قتال النظام النصيري، حتى صارت أرتالهم تترك جبهات القتال معه، وتتوجه -تحت رعاية جيش الطاغوت أردوغان وبتمويل من حكومته- لقتال الموحدين.

وقد كان أردوغان ودولته الخبيثة يستخْفُون بحربهم على الدولة الإسلامية، ويستترون وراء الفصائل المرتدة التي صُنعت على أعينهم، وغُذِّيت بدعمهم وتمويلهم، وذلك خوفا من أن يقبل الموحدون على تركيا، فيشعلوها حربا لا تخمد نيرانها حتى تُلحق حدودها بغيرها من حدود (سايكس - بيكو) التي أزالها المجاهدون بأيديهم، فلما اشتد القتال بين الدولة الإسلامية وبين التحالف الصليبي وجنوده المرتدين، كشف طاغوت الأتراك عن دوره المعدّ ومهمّته المرسومة، ففتح أجواء بلاده لطائرات الصليب، وفتح حدوده لإمداد الملاحدة في عين الإسلام، وفتح مخازن أسلحته لمرتدي الصحوات في حلب، ولما طُلب منه المزيد، وفّى ولبّى، فزجّ بجيشه في ساحة المعركة ضد جنود الخلافة، وأطلق طائراته لتقصف مواقعهم، وأمر مدفعيته لتدك قرى المسلمين ومدنهم، ومازال يتوعد بالمزيد، وهو يحسب أن ما فعله سيقيه شر ما صنع، ومَن أمِن العقاب أساء الأدب.

لم يتعظ أردوغان وحكومته الزائلة بغيرهم من الحكومات المرتدة التي سلط الله عليها جنود الدولة الإسلامية، فهدّوا بنيانها، ودكّوا أركانها، كما فعلوا مع الروافض من قبل، ولم يتعظوا بأوليائهم الصليبيين الذي صال المجاهدون في مدنهم وجالوا، وجعلوا من أسواقهم وملاهيهم ساحات حرب مفتوحة، كما فعلوا في باريس وبروكسل من قبل، ولم يعوا بعد معنى أن تطلق الدولة الإسلامية نداء للمسلمين بأن يقاتلوا أعداءها بما استطاعوا، فيستجيب لندائها العشرات من جنود الله الأخفياء، وينشروا الرعب في مشارق الأرض ومغاربها بسكاكينهم، وأحزمتهم، وسياراتهم، وبكل ما وقعت عليه أيديهم من سلاح، وما مكّنهم الله به من وسيلة.

وإن حكومة تركيا اليوم بدخولها الحرب المعلنة ضد الدولة الإسلامية إنما تحز عنقها بسكينها، وتقطع أوردتها بيدها، وتشنق نفسها بحبالها، وتخرب بيتها بنفسها، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت.

فيا جنود الخلافة في تركيا، يا من حال بينكم وبين الهجرة إلى دار الإسلام مرتدو «الـجندرمة»، عليكم بطاغوت تركيا وأتباعه المرتدين، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين، وأبدؤوا بأئمة الكفر وأوتاد الطاغوت فيها، عليكم بالشرط والقضاة والعساكر، عليكم بعلماء الطاغوت وأنصار حزب أردوغان وغيرها من الأحزاب المرتدة، ولا تنسوا في غمرة حربكم على هؤلاء أن تقتلوا رعايا دول الصليب حيث ثقفتموهم هناك، وأن تشردوا بهم من خلفهم، وتثأروا بقتلهم من جرائمهم بحق إخوانكم.

وإلى كل المرابطين على الثغور مع الجيش التركي وأوليائه، اثبتوا في وجوههم، وليروا منكم غلظة، عسى الله أن يكف بأسهم بكم، والله أشد بأسا وأشد تنكيلا.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 53
الخميس 3 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة الصحيفة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

دولة الإسلام.. نصف عقد من الثبات والإقدام نصفُ عقدٍ مضَى على قيامِها فأعجزَ البيانَ أن يصفَ ...

دولة الإسلام.. نصف عقد من الثبات والإقدام

نصفُ عقدٍ مضَى على قيامِها فأعجزَ البيانَ أن يصفَ البذلَ والعطاءَ والتضحيةَ والفداءَ، نصفُ عقدٍ مضَى ثابتةٍ على نهجِها ومسيرِها، نصفُ عقدٍ مضَى وأبناءُ الخلافةِ في رقيّ وتقدّم نحوَ الغايةِ الأسمَى، نصفُ عقدٍ مضَى لم يَضرها من خالَفَها ولا منْ خذَلَها، نصفُ عقدٍ مضَى وعدوها الأذلُ الأشقى خنسَ مُعترفًا ومقرا ببقائِها وحقيقةِ تمددِهَا، نصفُ عقدٍ مضَى ولا زالت وفودُ الموحدينَ المجاهدينَ الصادقينَ تُقبلُ مبايعة طاعةً لله ترجُو رحمةَ الله وتوفيقَه بلزوم الجماعةِ وتحقيقِ الاعتصامِ الذي أمرَ بهِ المولى سبحانَه


إصدار الصوتي
مؤسسة الدرع السني

للإستماع، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً